أحدثكم عن صديقي (ولن أذكر اسمه لأسباب أمنية بحتة)، والذي يسمونه (الإذاعة) لأنه يقضي النهار متنقلاً بين المقاهي والمحال التجارية يبث ّ الأخبار والمنوعات ولا يمانع أن يُفتي في بعض المسائل (الفقهية) بل وحتى يغني إذا لزم الأمر.
صديقي لا يختلف كثيرًا عن إذاعاتنا وفضائياتنا يسب ويشتم ويلعن مرة ً في الحكام وأخرى في الشعوب ولا تستغربوا إذا ما غيّر موقفه بين دكان وآخر ومقهى وأخرى فينهال بعد الذم والهجاء ثناءً على ذات الأشخاص و (الكيانات) فيحولهم بقدرة فائقة من شياطين إلى قديسين! كل ذلك بحسب المصلحة التي يفرضها المكان و (الجمهور).
جاءني في يوم ممطر وقد تورّم خدّه الأيسر فقلت: يا لطيف! ما هذا؟ هل تعرضت لحادث ما؟!
قال: كلا ..، كلا ..، لا تهتمّ .. إنها زوجتي والقضية عائلية بسيطة...
تبيّن أنه يعود للدار ليكمل برامج إذاعته المستهلكة مع زوجته وبناته المسكينات ويستمر بثه حتى أثناء التهامه طعامه بشراهة، ثم يحتسي الشاي على طريقته المزعجة التي يحرص فيها على إصدار أصواته المعتادة ثم يقوم وهو يمسح على بطنه متوجهًا لسريره لينام....
في سريره يبدأ الفصل الآخر للحكاية، حيث يبدأ بالشخير الذي يسمعه سابع جار وقد يقطعه ليهمهم بكلمات لا تفهمها زوجته فيعلو صوته وهو (يبث) لغة نومه التي لا تنتمي لأية لغة مصنفة عالميًا.
في ذلك اليوم المشهود نفد صبر الزوجة فصاحت به: (فلاااااااان)
قفز فزعًا مذعورًا ليجد قبضة زوجته وقد هوت عليه لتلطمه على خدّه اليسر ...
- يا رجل! أفي النهار إذاعة وفي الليل محطة تشويش؟
*أقسم لكم أن هذا الرجل ليس أنا فصدقوني.

.
تعليق