ميهاي إيمينيسكو (1850- 1889)
الشاعر الذي غير الشعر الروماني تغيرا جذريا . ويعتقد المتخصصون أنه ليس له مثيل ولا خليفة في الأدب الروماني ـ إذ لم ينجح أحد الشعراء الذين سبقوه أو خلفوه في تأليف قصائد تصل إلى رقة أسلوب إيمينيسكو، إذ أنه يعكس غروب مرحلة ومطلع حقبة زمنية جديدة ، وقد لُقِبته الأوساط الثقافية في البلاد - بشاعر رومانيا الأكبر .
قرب الحور المنفرد كثيرا ما مررت ..
كل من في جواره عرفوني ..
ما عاداك أنت لم تعرفيني ..
نحو الشباك المضيء
كم تعلقت أنظاري ..
عالم بأجمعه قد أدرك
إلا أنتِ لم تدركي ..
كم مرة انتظرت وشوشة لاستجابتك
أن أُمنح يوم من الحياة
يكفيني يوم واحد ولو ساعة ترافقنا
فأسمع نبرة صوتك ثم أموت
كانت تلك قصيدة ميهاي إيمينسكو بعنوان " قرب الحور المنفرد "
ولد الشاعر في الخامس عشر من يناير كانون الثاني عام 1850 وتوفي في الخامس عشر من يونيو حزيران عام 1998 ويعد أكبر شاعر روماني على الإطلاق . كان رومانسيا فتطلع إلى المطلق تلوع بالطبيعة تعطش للمعرفة المطلقة ولكل هذه الاتجاهات جذورها المتينة في الكلاسيكية .
ولكنه كان قد درس الفلسفة واستوحي من أفكار بعض الفلاسفة الألمان من أمثال أيمانويل كانت وأرتورشوبنهاور. فاستوحي من أفكار شوبنهاورعن وضع العبقري في المجتمع ونشأة الكون . عمله الأدبي ضخم جدا فإلى جانب قصائده العديدة ألف الشاعر قصصا ومسرحيات ورواية واحدة . لم يحظ بالاعتراف بل كان بين معاصريه من انتقص وقلل من شأنه .
قضى ميهاي إيمينسكو سنوات طفولته في قريته الأصلية إبوتشيتي في الواقعة في شمال شرقي رومانيا في منطقة مولدوفا . وكان وهو صبي يطوف الغابات والمروج المطلة على النهر فظلت تلك المناظر حية في ذاكرته ليخلدها في قصائده لاحقا
آه ابق ..
ابق عندي
لَكَمْ أحببتك
أشواقك كلها أنا وحدي أعرفها ..
أنا وحدي أعرف كيف استمع إليها ..
في ظلمة الظل
تبدو لي أميرا ينظر بعينين سوداوين إلى أعماق المياه ..
عبر هدير الأمواج والأعشاب المائلة
أجعلك تسمع في الخفاء سير القطعان ..
أراك وقد اختطفك السحر
فتترنم بصوت رخيم في بريق المياه ..
هكذا قالت الغابة بهدوء وهي تميل أغصانها علي ..
هه .. صفرت لندائها وخرجت إلى الحقل ضاحكا ..
و اليوم حتى لو رجعت إليها لا أستطيع فهمها ..
أين أنت يا أيتها الطفولة ..
بغاباتك وبكل ما فيك ..
وهذه قصدية ميهاي إيمينيكسو بعنوان أوراق الأشجار تتهادى في الخريف
أوراق الأشجار تتهادى وهي تتساقط في الخريف
أزيز صراصر الليل يرن في الأذن تحت العارضة
و الريح الحزينة تدق زجاج النافذة بيد مرتعشة ..
أما أنت فقابعة أمام الموقد تنتظرين النعاس ليملأ الجفون
وها هي الرجفة تفاجئك من غفوة النوم على إيقاع صوت قدميْ قادم ..
إيذان بان الحبيب آت ليلف خصرك الأهيف ويكون أمام وجهك مرآة
تنظرين فيها صورتك الحالمة الباسمة
لقصائده الغزلية مكانة بارزة بين أشعاره . سطرها أيمينسكو بين أعوام 1874 و1876 معبرا عن عطشه إلى الحب المطلق الأبدي - الحب العذري السامي الذي يوحد العاشقين كما لاحظت الناقدة زوي دوميتريسكو بوشولنكا في إحدى دراساتها المخصصة للشاعر الكبير فقالت إن العديد من قصائده الغزلية تصور العاشق وهو في انتظار حبيبته في مكان جميل قد يكون غابة أو مرجا أخضر ، مليئة بالزهور الزاهية يسمع فيه هدير المياه ولكن اللقاء لا يتم فيبقى العاشق وحيدا حزينا . كما تبرزه قصيدته بعنوان البحيرة
بحيرة الغابات الخضراء
كم تملؤها زهور اللوتس الصفراء ..
تنبض راسمة دوائر بيضاء ..
أسير على ضفتها وكأني أسمع وكأني أنتظر أن تأتي حبيبتي من بين القصب
وتنساب على صدري ..
فليفلت المجذاف من يدي
فنعوم مسحورين تحت ضياء القمر اللطيف
فلتهمس الريح عبر القصب
فلنسمع خرير المياه الخفيف ..
لكنها لا تأتي ولن تأتي ..
فأبقى وحدي أتعذب
أتنهد
عبثا أتأمل البحيرة الزرقاء
وزهور اللوتس الصفراء ..
قال النقاد إن ميهاي إيمينيسكو كان أول شاعركبير في الأدب الروماني منذ بدايته وساهم في تطوير اللغة الشعرية وتحديث اللغة الرومانية بصورة عامة . ولكن بعضا من معاصريه وحتى الشعراء منهم قللوا من شأنه . فكان الناقد والأديب تيتو مايوريسكو والذي كان أيضا صديقا للشاعر أول من أدرك عبقريته فقال :
الشاعر يولد شاعرا ولكن الشاعرالحقيقي ينفرد بحبه اللامتناهي للفكر والإحساس والعاطفة المتولدة منهما . وهذا ما يفسرالانطباع العميق الذي يتركه شعرإيمينيسكو على الجميع . فقد شعر الجميع وكل واحد على طريقته الخاصة بما كان الشاعر نفسه قد شعر به قبله . إلا أن الشاعر وجد لتلك المشاعر الكلمات المناسبة التي لم يكن غيره قادرا على إيجادها بنفسه
.
قصيدته المعنونة طيور ناعسة
الطيور الناعسة تتجمع في الجحور ..
تختبئ بين الأغصان الرقيقة
الينابيع وحدها تتنهد بينما تصمت الغابة السوداء ..
حتى الزهور تنام في الحديقة
نامي بسلام .
نقل عن اذاعة صوت رومانيا
الشاعر الذي غير الشعر الروماني تغيرا جذريا . ويعتقد المتخصصون أنه ليس له مثيل ولا خليفة في الأدب الروماني ـ إذ لم ينجح أحد الشعراء الذين سبقوه أو خلفوه في تأليف قصائد تصل إلى رقة أسلوب إيمينيسكو، إذ أنه يعكس غروب مرحلة ومطلع حقبة زمنية جديدة ، وقد لُقِبته الأوساط الثقافية في البلاد - بشاعر رومانيا الأكبر .
قرب الحور المنفرد كثيرا ما مررت ..
كل من في جواره عرفوني ..
ما عاداك أنت لم تعرفيني ..
نحو الشباك المضيء
كم تعلقت أنظاري ..
عالم بأجمعه قد أدرك
إلا أنتِ لم تدركي ..
كم مرة انتظرت وشوشة لاستجابتك
أن أُمنح يوم من الحياة
يكفيني يوم واحد ولو ساعة ترافقنا
فأسمع نبرة صوتك ثم أموت
كانت تلك قصيدة ميهاي إيمينسكو بعنوان " قرب الحور المنفرد "
ولد الشاعر في الخامس عشر من يناير كانون الثاني عام 1850 وتوفي في الخامس عشر من يونيو حزيران عام 1998 ويعد أكبر شاعر روماني على الإطلاق . كان رومانسيا فتطلع إلى المطلق تلوع بالطبيعة تعطش للمعرفة المطلقة ولكل هذه الاتجاهات جذورها المتينة في الكلاسيكية .
ولكنه كان قد درس الفلسفة واستوحي من أفكار بعض الفلاسفة الألمان من أمثال أيمانويل كانت وأرتورشوبنهاور. فاستوحي من أفكار شوبنهاورعن وضع العبقري في المجتمع ونشأة الكون . عمله الأدبي ضخم جدا فإلى جانب قصائده العديدة ألف الشاعر قصصا ومسرحيات ورواية واحدة . لم يحظ بالاعتراف بل كان بين معاصريه من انتقص وقلل من شأنه .
قضى ميهاي إيمينسكو سنوات طفولته في قريته الأصلية إبوتشيتي في الواقعة في شمال شرقي رومانيا في منطقة مولدوفا . وكان وهو صبي يطوف الغابات والمروج المطلة على النهر فظلت تلك المناظر حية في ذاكرته ليخلدها في قصائده لاحقا
آه ابق ..
ابق عندي
لَكَمْ أحببتك
أشواقك كلها أنا وحدي أعرفها ..
أنا وحدي أعرف كيف استمع إليها ..
في ظلمة الظل
تبدو لي أميرا ينظر بعينين سوداوين إلى أعماق المياه ..
عبر هدير الأمواج والأعشاب المائلة
أجعلك تسمع في الخفاء سير القطعان ..
أراك وقد اختطفك السحر
فتترنم بصوت رخيم في بريق المياه ..
هكذا قالت الغابة بهدوء وهي تميل أغصانها علي ..
هه .. صفرت لندائها وخرجت إلى الحقل ضاحكا ..
و اليوم حتى لو رجعت إليها لا أستطيع فهمها ..
أين أنت يا أيتها الطفولة ..
بغاباتك وبكل ما فيك ..
وهذه قصدية ميهاي إيمينيكسو بعنوان أوراق الأشجار تتهادى في الخريف
أوراق الأشجار تتهادى وهي تتساقط في الخريف
أزيز صراصر الليل يرن في الأذن تحت العارضة
و الريح الحزينة تدق زجاج النافذة بيد مرتعشة ..
أما أنت فقابعة أمام الموقد تنتظرين النعاس ليملأ الجفون
وها هي الرجفة تفاجئك من غفوة النوم على إيقاع صوت قدميْ قادم ..
إيذان بان الحبيب آت ليلف خصرك الأهيف ويكون أمام وجهك مرآة
تنظرين فيها صورتك الحالمة الباسمة
لقصائده الغزلية مكانة بارزة بين أشعاره . سطرها أيمينسكو بين أعوام 1874 و1876 معبرا عن عطشه إلى الحب المطلق الأبدي - الحب العذري السامي الذي يوحد العاشقين كما لاحظت الناقدة زوي دوميتريسكو بوشولنكا في إحدى دراساتها المخصصة للشاعر الكبير فقالت إن العديد من قصائده الغزلية تصور العاشق وهو في انتظار حبيبته في مكان جميل قد يكون غابة أو مرجا أخضر ، مليئة بالزهور الزاهية يسمع فيه هدير المياه ولكن اللقاء لا يتم فيبقى العاشق وحيدا حزينا . كما تبرزه قصيدته بعنوان البحيرة
بحيرة الغابات الخضراء
كم تملؤها زهور اللوتس الصفراء ..
تنبض راسمة دوائر بيضاء ..
أسير على ضفتها وكأني أسمع وكأني أنتظر أن تأتي حبيبتي من بين القصب
وتنساب على صدري ..
فليفلت المجذاف من يدي
فنعوم مسحورين تحت ضياء القمر اللطيف
فلتهمس الريح عبر القصب
فلنسمع خرير المياه الخفيف ..
لكنها لا تأتي ولن تأتي ..
فأبقى وحدي أتعذب
أتنهد
عبثا أتأمل البحيرة الزرقاء
وزهور اللوتس الصفراء ..
قال النقاد إن ميهاي إيمينيسكو كان أول شاعركبير في الأدب الروماني منذ بدايته وساهم في تطوير اللغة الشعرية وتحديث اللغة الرومانية بصورة عامة . ولكن بعضا من معاصريه وحتى الشعراء منهم قللوا من شأنه . فكان الناقد والأديب تيتو مايوريسكو والذي كان أيضا صديقا للشاعر أول من أدرك عبقريته فقال :
الشاعر يولد شاعرا ولكن الشاعرالحقيقي ينفرد بحبه اللامتناهي للفكر والإحساس والعاطفة المتولدة منهما . وهذا ما يفسرالانطباع العميق الذي يتركه شعرإيمينيسكو على الجميع . فقد شعر الجميع وكل واحد على طريقته الخاصة بما كان الشاعر نفسه قد شعر به قبله . إلا أن الشاعر وجد لتلك المشاعر الكلمات المناسبة التي لم يكن غيره قادرا على إيجادها بنفسه
.
قصيدته المعنونة طيور ناعسة
الطيور الناعسة تتجمع في الجحور ..
تختبئ بين الأغصان الرقيقة
الينابيع وحدها تتنهد بينما تصمت الغابة السوداء ..
حتى الزهور تنام في الحديقة
نامي بسلام .
نقل عن اذاعة صوت رومانيا
تعليق