قساوة الأقدار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نادية البريني
    أديب وكاتب
    • 20-09-2009
    • 2644

    قساوة الأقدار

    "والدك في انتظارك في غرفة المكتب ،هيّا عجّلي بالدّخول إليه".
    توقّفت الحروف في حنجرتي.لذت بالصّمت.إنّني أعرف مسبقا سبب الدّعوة لكنّني لا أريد المواجهة الآن.لا أريد أن يوأد حلمي.
    سبقتني والدتي تمهّد لي الطّريق كدأبها كلّ مرّة.دخلت الغرفة بهدوئها المعتاد وأنوثتها المسالمة.
    وجدناه ينفث الدّخان في عصبيّة ووجنتاه المحمرّتان توحيان بانفجار مرتقب.
    عليّ أن أتماسك في مثل هذه المواقف.أعرف والدي جيّدا.أعرفه أكثر من أيّ شخص آخر.
    وقفت في حذر شديد أنتظر بدء المحاكمة.
    انسحبت أمّي في هدوء.ساد صمت ثقيل لبعض الوقت استغرقته في ترتيب حججي للدّفاع عن نفسي.لن أعيش في جلبابه،ستصدر روايتي الأولى "حلم أنثى"،سترى النّورلتعلن تمرّد أنثى حالمة اضطهد قلبها لكن لن يضطهد قلمها.
    كان لا يزال في صمته لكنّ لهيب العصبيّة خبا بل تحوّل إلى هدوء مميت.
    رفعت بصري إليه فكان وقع ما رأيته موجعا ،دموع تنحدر من مآقيه.
    لم أره سابقا على هذه الحالة.ازداد توتّري وكثرت هواجسي.
    كان حصنا منيعا لا تتسرّب إلينا أسراره لكنّني الآن أرى شرخا أصاب أحد جدرانه فتعرّى بعض ما بداخله.
    كيف يهتزّ أمامي هذا الكيان المتماسك القويّ؟
    اعترتني رجفة قويّة.
    كثيرا ما تذمّرت من قسوته وشكوت تسلّطه علينا.لم نكن نملك القدرة على مواجهته حتّى في صغائر الأمور بل نعيش تحت سطوة أمره ونهيه.
    لم أستطع أمام هذا الصّمت الرّهيب أن أفوه بكلمة.كنت أنتظر ودقّات قلبي تتسارع في سباق محموم.
    أربكتني رؤية دموعه أنا التّي لم أشهد غير قوّته.
    لا شكّ أنّه كغيره من النّاس ينتابه الضّعف لكن كان يبدو باستمرار متماسكا.
    خرجت كلماته في نبرة غير معهودة هي مزيج من المرارة والحنوّ"أعلم أنّ ما سأذكره موجع لكنّك ابنتي البكر وملاذي.أنت قادرة على أن تتفهّمي الأمر وتتدبّري كلّ شيء.
    حططت رحالي لبعض الوقت وها أنا الآن أستعدّ للمغادرة.إنّها نهاية الرّحلة.
    الأمر مفزع لا شكّ غير أنّني لم أعد قادرا على مواراته.تألّمت كثيرا،نازعت النّفس وضعفها والجراح وسقمها ،جنّبتكم مرارة الحيرة والانتظار على أمل أن تكون نتائج الفحوصات إيجابيّة لكن..."
    تزلزلت الغرفة تحت قدميّ.فقدت توازني وتهالكت على المقعد مهدودة الأوصال.
    اشتعلت الحرائق داخل هيكل نفسي الجريحة.عجزت أمام وقع الصّدمة الموجعة أن أقول شيئا.
    "ربّما أقسو عليك الآن وأنا أحمّلك أعباء نفسي وجسدي وبيتي مثلما قسوت عليك فيما مضى.
    اضطهدت قلبك المفعم بالحبّ.كنت أبحث لك عن الأفضل والأجمل.لم أكن أريدك أن تشقي لكنّني عذّبتك بقراري المجحف.
    أطعتني في صمت،رضخت لأنانيّة أب رأى الأمر من زاوية واحدة.
    أضطهد هذا القلب الصّغير مجدّدا وأنا أبثّه لاعج همّي.أعرف أنّك طريّة العود ،رقيقة المشاعرلكن ثقتي كبيرة في رباطة جأشك وقدرتك على تحمّل المسؤوليّة التي أنيطها بعهدتك.
    اليوم صارحني الطّبيب بكلّ شيء...باتت أنفاسي معدودة بعد أن فتك بي المرض الخبيث.لقد لوّث دمي ".
    تدحرج بي الخبر إلى هوّة سحيقة وقرارة سوداء.ارتسم أمام ناظريّ هول الفجيعة ،صراخ وعويل،تأبين...
    استفقت على حركة والدي يضمّني إليه بشدّة.أيقظتني حرارة أنفاسه.
    لماذا أخفى عنّي دفء هذه المشاعر وراء غلاف القّوة والبأس؟
    احتجت في أوقات ضعفي وانكساري إلى هذا الحضن المفعم بحنان الأبوّة ورقّة الشّعور.
    بات عليّ الآن أن أرتدي لباس القوّة لألملم جروحه.إنّه في حاجة إليّ.لا بدّ من التّجلّد والصّبر.
    لكن هل أستطيع أن أتحامل على نفسي وأنا أرى الموت يدبّ دبيبا ليختطف أبي؟
    ما أقسى هذا الامتحان الذي وضعتني فيه الأقدار...
    لكن لا بدّ أن أتجلّد من أجله ومن أجل أمّي وأخويّ الصّغيرين.
    طبعت قبلة حارّة على جبينه ومسحت بقايا دموع علقت بمآقيه وأنا أردّد " لا عدمناك أبي ،لا عدمناك .اللّه وحده عليم بالغيب"

    بقلم نادية
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    بأسلوب رصين ، و كلمات تتفجر بها حنايا أنثى ، ذاقت الظلم المعهود
    من أب ، و على مدى عمرها ، جاءت لحظات ضعفه لتحدث دهشة
    هى تجلت فى ابرازها ، و تثبيت بعض حدودها التى لم تكن ضيقه القبضة
    بل كانت تفترش عمرا مضى ، و عمرا قادما بلا شك .. و لكن .. هنا ..
    عندما يغزوه الضعف برغمه ، يكون أنقى و أرق من أم .. أو صديقة أو
    صديق حميم .. فأين كان يخبىء كل هذا الحنان ، و هذه المشاعر الرفيقة ؟
    يخبئها بين أنياب قسوة ، فهل كانت قسوة مفتعلة هى ؟
    لا .. ما كنت مفتعلة ، و لكنها النفس الإنسانية فى قوتها و ضعفها !!
    أحببت أن تكون الدهشة هى الخاتمة ، لا أن تمرى عليها مر الكرام .. تكون
    هى الشىء الفاصل بين عمر منتهك ، و عمر أصرت فيه البطلة أن تخرج من جلباب الأب ، وتتمرد عليه حتى لو كان فى كامل قيظه وجبروته !!

    كانت قصة رائعة ، و تمنيتها أروع ببعض التأمل !!

    صدفت جملتين هنا
    لا أدرى صحتهما

    يوأد حلمى ( لم تكن الهمزة أبدا هنا على الألف فأين تكون أذن .. على الواو أم على النبرة ؟)
    ووجنتاه المحمرتان ( الواو هنا أليست واوا للعطف، و إن كانت عطفا فأين المعطوف عليه ؟ )

    أبلغ تحياتى نادية الرائعة ، و أنتظر رواية هذه الأنثى !!
    sigpic

    تعليق

    • العربي الثابت
      أديب وكاتب
      • 19-09-2009
      • 815

      #3
      الأستاذة المبدعة نادية
      لغتك سيدتي أقحمتني بشكل مباغت في تفاصيل حدث تاريخي يعني الشيء الكثيربالنسبة للبطلة،كنت بارعة في وضع تفاصيل اللحظة على منضدة الفحص...
      الأب كان يختزن الألم تحت قناع سميك من القسوة والإستبداد ،وكان يحجبه عن نفسه وراء ضباب دخان سجائره...لكن اللحظة الحاسمة حلت،وسقط القناع وظهرت الدموع متوهجة وحارقةعلى مقلتيه وهو ينفجر بالوصية الأخيرة...
      حكاية ذات بعد انساني عميق،تعلمنا معنى العطاء في لحظةالشدة...
      كنت أنظر نهاية تعمق أكثر هذا البعد.
      تحايا عطرة الأستاذة نادية...ودمت متألقة.


      العربي الثابت
      ـــ المغــــرب ــ
      التعديل الأخير تم بواسطة العربي الثابت; الساعة 11-12-2009, 22:35.
      اذا كان العبور الزاميا ....
      فمن الاجمل ان تعبر باسما....

      تعليق

      • مصطفى الصالح
        لمسة شفق
        • 08-12-2009
        • 6443

        #4
        مخاطبات هائجة من الداخل الى الداخل

        سرد قوي يجذب القاريء

        قصة واقعية مهمة

        يعطيكي العافية

        تحياتي
        [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

        ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
        لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

        رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

        حديث الشمس
        مصطفى الصالح[/align]

        تعليق

        • مجدي السماك
          أديب وقاص
          • 23-10-2007
          • 600

          #5
          تحياتي

          تحياتي
          الرائعة نادية البريني
          قصة رائعة جدا. فيها جمال لغوي جذاب.
          مودتي
          عرفت شيئا وغابت عنك اشياء

          تعليق

          • نادية البريني
            أديب وكاتب
            • 20-09-2009
            • 2644

            #6
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            أستاذي الفاضل ربيع
            أنتظر نقدك لقصّي الذي يفتح لي مغالق أحتاج إليها في إنشاء الخطاب
            أشرت إلى أنّك كنت تتنتظرالدّهشة في الخاتمة لكن تعمّدت أن أختم العمل بهذا السّكون بعد التمرّد تقديسا لقيمة الأبوّة رغم ما اعتراها من قسوة .أجلّت البطلة رغم رغبتها في التّحدّي هذه القيمة الفاضلة.هكذا ارتأيت المسألة وأرجو أن أكون قد وفّقت.
            أمّا بشأن الملاحظتين اللّغويّتين فرسم الهمزة فعلا خاطئ لأنّ القاعدة تقول إذا كانت الهمزة المتوسّطة مفتوحة وما قبلها حركة طويلة ترسم على السّطر .لا بأس تسرّبت إليّ أخطاء التّلاميذ في هذين الأسبوعين لفرط إصلاح اختباراتهم في المقال الإنشائيّ.
            أمّا الواو فهي ليست واو العطف بل هي واو الحال"وجدناه ينفث الدّخان في عصبيّة ووجنتاه توحيان بانفجار مرتقب" ينفث الدّخان في عصبيّة حال مركّب إسنادي فعلي ووجنتاه توحيان بانفجار مرتقب حال مركّب إسنادي إسمي.
            دمت بخير أخي العزيزربيع
            لا عدمت إطلالتك على نصوصي

            تعليق

            • عائده محمد نادر
              عضو الملتقى
              • 18-10-2008
              • 12843

              #7
              الزميلة القديرة
              نادية البريني
              تركت الكيبور وصفقت لنصك
              رائع نادية
              نص يفوح بكل ذاك الحنان المخبأ تحت أضلاع أب
              وابنة رائعة بكل تلك القوة التي تمتلكها
              سرد شيق وفيه شجن
              صياغة متماسكة جدا
              أحييك سيدتي
              تحياتي ومودتي لك
              الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

              تعليق

              • نادية البريني
                أديب وكاتب
                • 20-09-2009
                • 2644

                #8
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                أخي الفاضل عربي الثّابت
                لا تدري مقدار سعادتي بملاحظاتك القيّمة حول نصّي.بنقدك ونقد بقيّة الأعضاء يتدعّم عطائي.
                أرجو أن يتواصل تفاعلك مع نصوصي.
                دمت بخير وسنة هجريّة مباركة إن شاء اللّه

                تعليق

                • نادية البريني
                  أديب وكاتب
                  • 20-09-2009
                  • 2644

                  #9
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  تحيّة تقدير أخي الكريم مصطفى
                  شكرا لتواجدك في صفحتي
                  كلماتك شهادة أعتزّ بها
                  أدام الله تعاوننا
                  دمت بكلّ الخير

                  تعليق

                  • رشا عبادة
                    عضـو الملتقى
                    • 08-03-2009
                    • 3346

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة
                    "والدك في انتظارك في غرفة المكتب ،هيّا عجّلي بالدّخول إليه".
                    توقّفت الحروف في حنجرتي.لذت بالصّمت.إنّني أعرف مسبقا سبب الدّعوة لكنّني لا أريد المواجهة الآن.لا أريد أن يوأد حلمي.

                    مساؤك طيب يا سيدتي الطيبة"برشا برشا يا مدلل" إسمحي لي أن اغوص"غوص متأخر بدم قصتكِ، فهى برأي إستطاعت ان تروى عن الف الف أنثى بعض مما يعانونه بالمجتمع
                    فى بداية القصة أحببت هذا التمهيد فيما لونته بالأحمر وكأنكِ تحقنين أوردة القارىء متعمدة، بمصل إعتراض قادم
                    حتى ان ملامحي ذاتها رسمت" تكشيرة كبيرة، وكأن لسان حالي يقول"أخ أكيد عايزها ابوها عشان يقولها لا وممنوع وبلاش"! بغض النظر عن موضوع المنع، الا انكِ نجحتي بتوجيه قلب القارىء وإعداده نفيسيا لرفض ما!!
                    ثم تابعتيه برسم تفاصيل الصورة، الوجه والدخان وتقدم الأم، كلها مفردات وحركات تؤكد فكرة تعسف معتاد ورفض ربما يكون جرىء وكبير للمرة الأولى
                    سبقتني والدتي تمهّد لي الطّريق كدأبها كلّ مرّة.دخلت الغرفة بهدوئها المعتاد وأنوثتها المسالمة.
                    وجدناه ينفث الدّخان في عصبيّة ووجنتاه المحمرّتان توحيان بانفجار مرتقب.
                    عليّ أن أتماسك في مثل هذه المواقف.أعرف والدي جيّدا.أعرفه أكثر من أيّ شخص آخر.
                    هنا بالتحديد تركتي لنا مساحة حرية تخيل ملامحكِ دون ان ترسميها وربما تركتي لنا حرية تخيل ردة فعلك فرأيتكِ ترتجفين بصمت محاولة امتصاص غضبه، ملامحكِ الجامدة غلاف ممزق تحاولين رتقه، حتى لايتعرى خوفكِ أمام الرفض الذى تتوقعينه!؟
                    مع إستمرارك فى تدريج الحدث القادم على نفس القالب من توقع خطر قادم
                    وقفت في حذر شديد أنتظر بدء المحاكمة.
                    انسحبت أمّي في هدوء.ساد صمت ثقيل لبعض الوقت استغرقته في ترتيب حججي للدّفاع عن نفسي.لن أعيش في جلبابه،ستصدر روايتي الأولى "حلم أنثى"،سترى النّورلتعلن تمرّد أنثى حالمة اضطهد قلبها لكن لن يضطهد قلمها.
                    حتى إختياركِ لعنوان الرواية أراه جاء موفقا جدا يا عزيزتي فهو وحده يضمن لب القصة" حلم وقضبان، وإختناق وأمل وتحرر وتمرد وإنطلاق، وربط الحلم بالأنثى كان كفيلاً بالحفاظ على إظهار رقة هذة الإبنة وحبها لوالدها رغم شكواها، الا ان ما يظهر على السطح غير ما ستفرضه الحقائق القادمة.
                    ونأتي للجزء القادم
                    حينما تأتي المفارقة بين ما كان يتوقعه القارىء من رفض او عراك او إعتراض
                    وبين تغير ملامح الأب وبكاءه!
                    كان لا يزال في صمته لكنّ لهيب العصبيّة خبا بل تحوّل إلى هدوء مميت.
                    رفعت بصري إليه فكان وقع ما رأيته موجعا ،دموع تنحدر من مآقيه.
                    لم أره سابقا على هذه الحالة.ازداد توتّري وكثرت هواجسي.
                    كان حصنا منيعا لا تتسرّب إلينا أسراره لكنّني الآن أرى شرخا أصاب أحد جدرانه فتعرّى بعض ما بداخله.
                    كيف يهتزّ أمامي هذا الكيان المتماسك القويّ؟
                    اعترتني رجفة قويّة.
                    كثيرا ما تذمّرت من قسوته وشكوت تسلّطه علينا
                    .لم نكن نملك القدرة على مواجهته حتّى في صغائر الأمور بل نعيش تحت سطوة أمره ونهيه.
                    لم أستطع أمام هذا الصّمت الرّهيب أن أفوه بكلمة.كنت أنتظر ودقّات قلبي تتسارع في سباق محموم.
                    أربكتني رؤية دموعه أنا التّي لم أشهد غير قوّته.

                    هنا بالفقرة السابقة بدأتي الكشف رويدا رويدا عن تفاصيل الدهشة التى نجحتي بتوصيل القارىء لها، وبدأ العتاب واللوم، بدأت الحقائق الأعمق فى الظهور على السطح حقيقة هذا الرابط الأبوي بينكما والتي لم تنتبه له البطلة هنا فى خضم إعتراضات لم تكن تدرك انها وان كانت تقيدها فهى كانت منه ظنا انه يرعاها ويحميها" وهذة الفكرة تحديدا يا عزيزتي أكثر ما احببته وتأثرت به.
                    الا انني أظني أنكِ يا جميلة ربما اسهبتي نوعا ما بوصف رؤيتك له
                    للمرة الأولى على هذا الوضع

                    وربما انى كقارئة هنا أحست وكأن لسان حالي يقول بلهفة" ها يا استاذة نادية ايوة خلاص عرفنا ليه كان بيبكي طيب" ههه ربما انه حب الإستطلاع يا عزيزتي وتسرعه الذي تملكني هنا فرحت اتمني لو أنكِ ركضتي اسرع واسرع حتى اصل لأسباب بكاء هذا الجبل"الأب" للمرة الأولى
                    لا شكّ أنّه كغيره من النّاس ينتابه الضّعف لكن كان يبدو باستمرار متماسكا.
                    خرجت كلماته في نبرة غير معهودة هي مزيج من المرارة والحنوّ"أعلم أنّ ما سأذكره موجع لكنّك ابنتي البكر وملاذي.أنت قادرة على أن تتفهّمي الأمر وتتدبّري كلّ شيء.
                    حططت رحالي لبعض الوقت وها أنا الآن أستعدّ للمغادرة.إنّها نهاية الرّحلة.
                    الأمر مفزع لا شكّ غير أنّني لم أعد قادرا على مواراته.تألّمت كثيرا،نازعت النّفس وضعفها والجراح وسقمها ،جنّبتكم مرارة الحيرة والانتظار على أمل أن تكون نتائج الفحوصات إيجابيّة لكن..."
                    لكن ... يا ااالله تمنيتها هنا اكثر قوة يا سيدتي
                    تمنيت لو تدمجين هذا الوجع الذي يعتمل داخلكِ مع كل نبرة، تمنيت ان تكون نبراته أكثر ضعفاً، كى تساعدني بإخراج تلك الدمعة التى تعمتل بقلبي
                    لكن اتدرين انكِ رغم امنياتي هذة كنتِ اقدر مني على رسم الصورة
                    نعم رجل بطباعه التى ذكرتيها بالتأكيد لن يبدو بصورة أكثر حزنا من هذا ، فهومن من يتألمون بصمت وشموخ ويموتون وهم واقفيين
                    هنا يبدأ الوجه الآخر للأب بالظهور للمرة الأولى لإبنته، مشاعر مختلطة انتابتني هنا
                    ارتبكت مع البطلة بصمت
                    صرحخة مكتومة ربما
                    رغبة فى تقبيل قدميه
                    رغبة بالإبتسام لوجه الجميل
                    رغبة محرجة ومترددة فى الإرتماء بين ذراعيه، ومسح دموعه
                    لاأعرف !
                    تزلزلت الغرفة تحت قدميّ.فقدت توازني وتهالكت على المقعد مهدودة الأوصال.
                    اشتعلت الحرائق داخل هيكل نفسي الجريحة.عجزت أمام وقع الصّدمة الموجعة أن أقول شيئا.
                    نعم هنا بدأت الدمعة بالخروج، هذا الإحساس المريع بالفقد، وكأننا نفقد ظهورنا
                    تخيلي يا عزيزتي لو سرنا هكذا بلا ظهر وفقرات
                    كائن لين، يقف ليقع ويقع ليقع!! باب من الرعب فتح على مصراعيه، لايمكن لحود التخيلات مهما كانت الأحداث مطمئنة ان ترسمه
                    لهذا دار داخلي تساؤل عجيب كوني من من تذوقوا طعم الفراق السريع المفاجىء بلا بدايات او مرض او تمهيد
                    هكذا فجأة يسقط ظهري ووتتكسح اقدامي وتخلخل فقراتي
                    لم يخبرني احد كى استعد او ابحث عن دواء او جبس او رباط ضاغط او حتى لأبكي مسبقاً!
                    ترى يا عزيزتي ايهما أرحم" الموت المفاجىء ام الموت الذى نطلبه احيانا للبعض رحمة بهم من آلام المرض!!؟؟
                    هل تملكين إجابة!؟
                    "ربّما أقسو عليك الآن وأنا أحمّلك أعباء نفسي وجسدي وبيتي مثلما قسوت عليك فيما مضى.
                    اضطهدت قلبك المفعم بالحبّ.كنت أبحث لك عن الأفضل والأجمل.لم أكن أريدك أن تشقي لكنّني عذّبتك بقراري المجحف.
                    أطعتني في صمت،رضخت لأنانيّة أب رأى الأمر من زاوية واحدة.
                    أضطهد هذا القلب الصّغير مجدّدا وأنا أبثّه لاعج همّي.أعرف أنّك طريّة العود ،رقيقة المشاعرلكن ثقتي كبيرة في رباطة جأشك وقدرتك على تحمّل المسؤوليّة التي أنيطها بعهدتك.
                    اليوم صارحني الطّبيب بكلّ شيء...باتت أنفاسي معدودة بعد أن فتك بي المرض الخبيث.لقد لوّث دمي ".

                    هنا أحببت إعترافه هذا الإعتراف الذى دوما ما يضن به الأباء علينا الا بتلك اللحظات الأخيرة من المرض او المواقف المحزنة
                    يحاولون به تضميد قسوة ما،
                    ولا أعرف لماذا
                    لماذا دوما ما ينتظرون حتى تتر النهاية ليعلنوا ثقتهم فينا
                    ليقولوا نعم انتم تستحقون الثقة
                    لماذا يخلق بعضهم هذا الحاجز المرير الذى منع بطلة القصة حتى هذة الحظة من الإرتماء بأحضان والدها وتقبيل قدميه وهى تبكي طفلة وتردد"أحبك أبي ، لاترحل او حتى تطمأنه"
                    هذا الحاجز الذي يظنون انه يمكن كسره بلحظه، بعد ان استغرقوا بناءه أعوام طويلة
                    تدحرج بي الخبر إلى هوّة سحيقة وقرارة سوداء.ارتسم أمام ناظريّ هول الفجيعة ،صراخ وعويل،تأبين...
                    استفقت على حركة والدي يضمّني إليه بشدّة.أيقظتني حرارة أنفاسه.
                    لماذا أخفى عنّي دفء هذه المشاعر وراء غلاف القّوة والبأس؟
                    احتجت في أوقات ضعفي وانكساري إلى هذا الحضن المفعم بحنان الأبوّة ورقّة الشّعور.

                    كنتِ رائعة بتلك الفقرة السابقه هى ذاتها نفس التسأولات التى اعتملت داخلي
                    بات عليّ الآن أن أرتدي لباس القوّة لألملم جروحه.إنّه في حاجة إليّ.لا بدّ من التّجلّد والصّبر.
                    لكن هل أستطيع أن أتحامل على نفسي وأنا أرى الموت يدبّ دبيبا ليختطف أبي؟
                    ما أقسى هذا الامتحان الذي وضعتني فيه الأقدار...
                    لكن لا بدّ أن أتجلّد من أجله ومن أجل أمّي وأخويّ الصّغيرين.
                    طبعت قبلة حارّة على جبينه ومسحت بقايا دموع علقت بمآقيه وأنا أردّد " لا عدمناك أبي ،لا عدمناك .اللّه وحده عليم بالغيب"

                    بقلم نادية
                    نعم اله وحده عليم بالغيب
                    لاأعرف يا عزيزتي
                    هل ادركتي معي انا والبطلة هذا الجمود فى التعبير عن مشاعرها نحو ابيها؟؟
                    حتى رهبة الموت
                    لم تستطع ان تذيب الحاجز بأكمله وان كانت حركته من مكانه معتمدة على قيم أخلاقيه عن تحمل المسؤلية والصبر والإيمان بالقضاء والقدر
                    لاأعلم بقدر ما أحببتها واستشعرت بكل غضبها
                    بقدر ما احست انى اريد لكزها قائلة
                    "ابكي بين يديه اكثر، قبلي قدميه يا بلهاء، ابدئي أنتي بضمه، لاتتركيه يستجدي عطفك او يستشعر برود عاطفتكِ
                    لا تقابلي فعله بنفس رد الفعل!!؟؟
                    ولكنها ... معذورة
                    دائرة القدر حينما تحيط بنا
                    تطحننا جميعا نحن"حَب الحياة"
                    وتنثرنا بالدنيا بالهواء
                    يتجمع بعضنا هنا ويتجمع نصفنا هناك
                    على الرصيف
                    او تحت شجرة
                    او على أحد المقاعد
                    أو نذاب بمياه البحار والمحيطات
                    بكل الأماكن، المخرج واحد والمؤلف واحد
                    ولكل رحلة حكمة لايعلمها سوى الله
                    لكن دوما ما أظنها حكمة أجمل
                    فهو جل شأنه، خلقنا وهو أرحم بنا حتى من امهاتنا
                    إسمتعت وتألمت وتساءلت
                    بين سطور قصتكِ وقسوة أقدارنا يا عزيزتي
                    لكني بالنهاية خرجت بإيمان جميل ورضا أكبر وصبر أطول
                    وحكمة أنتظر مثل الكثيرين ثمارها الطيبة
                    تحياتي يا طيبة، من القلب والعقل
                    وسامحيني على التواجد المتأخر" انتى عارفة اختك القصيرة كسولة والنت أكسل مني"
                    " أعترف بأني لا أمتلك كل الجمال، ولكني أكره كل القبح"
                    كلــنــا مــيـــدان التــحــريـــر

                    تعليق

                    • نادية البريني
                      أديب وكاتب
                      • 20-09-2009
                      • 2644

                      #11
                      أخي مجدي
                      تكرمني دوما بمرورك الواعي الذي يدفعني قدما إلى تجويد عملي
                      لاحرمني اللّه من إطلالتك على نصوصي
                      دمت بخير أيّها المبدع

                      تعليق

                      • محمد سلطان
                        أديب وكاتب
                        • 18-01-2009
                        • 4442

                        #12
                        لا حول و لا قوة إلا الله ... للمرة الثانية أكتب و يضيع ...


                        ياااااااااااالله ,,

                        معذرة سيدتي ,,
                        و الله لن أتركه حتى يتم و لو بالإكراه ... و حااااااااااالاً

                        الله يلعن النت و سنينه ..
                        صفحتي على فيس بوك
                        https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                        تعليق

                        • محمد سلطان
                          أديب وكاتب
                          • 18-01-2009
                          • 4442

                          #13
                          الوالدة الأديبة و الرائعة الأم :

                          نادية البريني

                          بعد سلام الله و عام هجري / ميلادي سعيد ..
                          أتمناه لكم و للأسرة الكريمة ببالغ المحبة و الألفة ..

                          قساوة الأقدارعنوان استهل تحته تقسيم حواري بين قلبين ..
                          و أقول حواري و أنا ألاحظ هذا دائماً في مجمل ما قرأت لك حتى الآن :
                          ( المصير .. ورائعة الشهر الماضي تربة مخضبة ..
                          و إن كان الحوار في قصة ضياع كان منعدماً لكونها سرد على روح الأجواء .. ) ..
                          و هنا اتضحت فنيتك الرصينة
                          و تأكدت من خلال الحوار الداخلي و الخارجي ..
                          حتيمة الموت و انتظاره و السمة المؤكدة ..
                          فهي الحقيقة التي لا مجال فيها أي ريب أو تشكيك ..
                          حتى و إن كان هذا الجسد خبأ و غلف سماته الربانية
                          التي خلقها فيه و حتى و إن تظاهر بعكسها ..
                          أو اتضحت عليه في بداية حياته الأسرية مظاهر القسوة و التسلط ..
                          إن أنه يبقى في النهاية أب جدير بالإحترام و الحب . .
                          بلغت الحميمية بينه و بين المسكينة البكر و ملاذه الأول ..
                          رغم تواجد الأم الخفي التي ظهرت في السطور كومضٍ في لقطة سريعة ..
                          وكان لابد أن يضعها الكاتب هنا في الأساس
                          أو لو افترضنا جدلاً أن تصبح هي بطلة القصة ..
                          بدلاً من أن تتحمل بكرتها كل هول الفاجعة
                          التي أقعدتها و لا تتخيل ما هب فجأة ..
                          وكيف لهذا الجسور أن يصبح بغتة ضعيفا مجردا
                          من معالم الدكتاتورية المرتسمة .. و المزدانة خلف ساتر الأبوة ..؟!
                          القصة فاقت حد الألم في تلك المواجهة
                          أو المحاكمة التي هيأتها الكاتبة للقارئ
                          منذ البداية على أن أمر جلل قد حدث ..
                          بالنسبة لي تخيلت الإبنة فعلت مصيبة
                          لكن سريعاً ما زال هذا التخيل و تبدل بآخر ..
                          حينما جاء اسم الرواية الأولى " حلم أنثى "
                          و هنا ضاعت مني الرؤى و انتظرت حتى الحقيقة المريرة .. لمرض و موت مرتقب ..
                          لكن في النهاية رأيت أن دس الرواية لم يأت من فراغ
                          " فهو حلم كل أنثى " تأمل العيش تحت عرين ذكرها بأمان و طمأنينة ..
                          سواء كان زوج أو أب ينتظر خروج الروح و تحقق القرار الإلهي ..
                          و ربما جاءت النهاية هادئة
                          لكن كانت مسكنة بروح النص لم تفرغ منه
                          وأحببت اللغة وبعض الإنتقالات من فقرة إلى أخرى
                          و زج فقرة داخل سياق الحوار بفنية رائعة ..

                          غاليتي نادية البريني .. قرأت و استمتعت ..
                          كل سنة و أنت بألف خير أستاذتي و والدتي الجميلة
                          محمد
                          صفحتي على فيس بوك
                          https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                          تعليق

                          • نادية البريني
                            أديب وكاتب
                            • 20-09-2009
                            • 2644

                            #14
                            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                            الغالية عائدة
                            أعتزّ كثيرا بتواجدك في صفحتي وبشهادتك حول قصّي
                            هي قصّة الأنثى التي تحاصرها سلطة المجتمع الذّكوريّ لكنّها تحاول التّمرّد فتقع أسيرة ضعف الأب بعد قوّة.
                            لا عدمت إطلالتك على أعمالي
                            كوني بخير ولا تتغيّبي كثيرا فنحن نحتاج إليك

                            تعليق

                            • م. زياد صيدم
                              كاتب وقاص
                              • 16-05-2007
                              • 3505

                              #15
                              ** الراقية الاديبة نادية......

                              هو البلاء.. من عند الخالق .. ليرى صبر عباده .. لهذا فحتى الان لا علاج له.. نعم. هى الاقدار المكتوبة. لاحول لنا بها ولا قوة..

                              تحايا عبقة بالرياحين.........
                              أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
                              http://zsaidam.maktoobblog.com

                              تعليق

                              يعمل...
                              X