تحديق
بقلم : مجدي السماك
حدقت إليها بعمق.. نظرة واحدة فقط لا غير، طويلة كانت.. ربما امتدت إلى ساعة أو أسبوع أو سنة، أو حتى إلى قرن بأكمله.. لكنها في النهاية ليست سوى نظرة، وقلبي على ما أقول شهيد، وقلبها أيضا يشهد. ما زلت أحاول أن أراني منتشيا في عينيها عند بداية كل دقة قلب.. لأعرف حين أضحك كيف أصير، أو كيف لا أصير.. أو حين أحزن كيف أكون. وهل أنا ما زلت كما أنا أمسك بقاياي بين يديّ وأمشي إلى روحي لأغسل جسدي بماء الصبح، أو بقبس أثيري بثه صدرك القابع في صدري.. فأتطهر من كل ذنوب الأرض الواقفة كالشوك على جسدي الصغير الموغل عميقا في صدرك. وخالق هذا الجسد ما انفك يشهد على عشق قلبي لك وليّ، ويعلم أنه لم يركع يوما لزنديق، ولم يسجد لأمير.. أو حتى لأي سلطان رجيم.
يا أميرتي! يا مليكتي! لمّ أنت ما زلت تبتعدين عنّي فيك وتهربين منّي إليك بعيدا في ضلوعك المتوهجة ببقايا كلمات مشتعلة قيلت عند أول قبر لشهيد.. تعالي انظري إلى وجهي، إلى نصف وجهي، إلى نصف نصف وجهي.. فعليه كتبت أجمل آيات من روحك، من اسمك.. وصارت في أقدس تكوين.
انظري نحوي.. وسأنظر نحوك.. ونظل معا هكذا ننظر إلى أن تقوم القيامة بعد قليل.. أو تتكسر النظرات على النظرات.. أو تذوب في العبرات العبرات.. تكلمي لأتكلم، فمع الشفاه لا تتهدل شفاه.. وبالعيون تحيا العيون.
أنا نصفين.. هذا صحيح يا مولاتي. قد يموت نصف ويحيا آخر، وقد يموت نصفاي.. لكن روحي تتشعب فيك وتغتسل ببحر عينيك، وكلماتي ابللها بحروفك المصكوكة من دمي الجاري في عروقك.. وأرطبها بصوتك المنحوت في حنجرتي، وبها تتكلمين.
سأحفر لجسدي فوق الأرض قبرا.. فتحت الأرض قبري أبدا لن يكون.. وأنا هنا.. هنا.. هنا.. قرب هذا البحر.. عند أول حجر كنعاني زرع في قاع الأرض.. وعند أول حرف سماوي النطق وملائكي التشكيل.. هنا.. هنا لا بد أن أكون.
سيدتي.. يا سيدة سيدات وسادة الكون.. أنا لم أقتل في يوم وردة مغسولة بماء الطهر.. ولكني يا سيدتي اقتل ماء يلوث طهر الورد. فوجهك يا سيدتي دائما أراه وضاء في خطواتي، بوصلة توجهني إلى أول حلم بعيد ذهب ولم يأت، وعلى نغمات نورك ما زلت امشي وامشي.. وآخر تميمة ما زلت أحفظها لتحفظني، ارفعها لترفعني، وتنفعني : أعوذ بالله من السلطان الرجيم.
أنا هنا، ولي جدود هنا، ولي حدود أيضا هنا. ولست أنا يا مولاتي من رفع باسم الرب حد السيف فوق حدود الفردوس. حدودي يا مولاتي هي آخر نقطة في الأفق القصي تصل إليها ضحكاتي. لا ذنب لي إن ضحك لي المدى أو ذابت في الضحكات الضحكات.
بقلم : مجدي السماك
حدقت إليها بعمق.. نظرة واحدة فقط لا غير، طويلة كانت.. ربما امتدت إلى ساعة أو أسبوع أو سنة، أو حتى إلى قرن بأكمله.. لكنها في النهاية ليست سوى نظرة، وقلبي على ما أقول شهيد، وقلبها أيضا يشهد. ما زلت أحاول أن أراني منتشيا في عينيها عند بداية كل دقة قلب.. لأعرف حين أضحك كيف أصير، أو كيف لا أصير.. أو حين أحزن كيف أكون. وهل أنا ما زلت كما أنا أمسك بقاياي بين يديّ وأمشي إلى روحي لأغسل جسدي بماء الصبح، أو بقبس أثيري بثه صدرك القابع في صدري.. فأتطهر من كل ذنوب الأرض الواقفة كالشوك على جسدي الصغير الموغل عميقا في صدرك. وخالق هذا الجسد ما انفك يشهد على عشق قلبي لك وليّ، ويعلم أنه لم يركع يوما لزنديق، ولم يسجد لأمير.. أو حتى لأي سلطان رجيم.
يا أميرتي! يا مليكتي! لمّ أنت ما زلت تبتعدين عنّي فيك وتهربين منّي إليك بعيدا في ضلوعك المتوهجة ببقايا كلمات مشتعلة قيلت عند أول قبر لشهيد.. تعالي انظري إلى وجهي، إلى نصف وجهي، إلى نصف نصف وجهي.. فعليه كتبت أجمل آيات من روحك، من اسمك.. وصارت في أقدس تكوين.
انظري نحوي.. وسأنظر نحوك.. ونظل معا هكذا ننظر إلى أن تقوم القيامة بعد قليل.. أو تتكسر النظرات على النظرات.. أو تذوب في العبرات العبرات.. تكلمي لأتكلم، فمع الشفاه لا تتهدل شفاه.. وبالعيون تحيا العيون.
أنا نصفين.. هذا صحيح يا مولاتي. قد يموت نصف ويحيا آخر، وقد يموت نصفاي.. لكن روحي تتشعب فيك وتغتسل ببحر عينيك، وكلماتي ابللها بحروفك المصكوكة من دمي الجاري في عروقك.. وأرطبها بصوتك المنحوت في حنجرتي، وبها تتكلمين.
سأحفر لجسدي فوق الأرض قبرا.. فتحت الأرض قبري أبدا لن يكون.. وأنا هنا.. هنا.. هنا.. قرب هذا البحر.. عند أول حجر كنعاني زرع في قاع الأرض.. وعند أول حرف سماوي النطق وملائكي التشكيل.. هنا.. هنا لا بد أن أكون.
سيدتي.. يا سيدة سيدات وسادة الكون.. أنا لم أقتل في يوم وردة مغسولة بماء الطهر.. ولكني يا سيدتي اقتل ماء يلوث طهر الورد. فوجهك يا سيدتي دائما أراه وضاء في خطواتي، بوصلة توجهني إلى أول حلم بعيد ذهب ولم يأت، وعلى نغمات نورك ما زلت امشي وامشي.. وآخر تميمة ما زلت أحفظها لتحفظني، ارفعها لترفعني، وتنفعني : أعوذ بالله من السلطان الرجيم.
أنا هنا، ولي جدود هنا، ولي حدود أيضا هنا. ولست أنا يا مولاتي من رفع باسم الرب حد السيف فوق حدود الفردوس. حدودي يا مولاتي هي آخر نقطة في الأفق القصي تصل إليها ضحكاتي. لا ذنب لي إن ضحك لي المدى أو ذابت في الضحكات الضحكات.
24-09-2008
تعليق