قلم رصاص
اشترى قلم رصاص .. خلط الطين بالماء .. رسم خطوطا متساوية .. أشرقت الشمس، فتعانقت الخطوط.. شكلت إناءً فارغاً .. ألقى بداخلها بعض ذكرياتٍ آلمته، فبكى بصوتٍ مرتفع .. حينها.. خرجت من الإناء بعض الكلمات المبعثرة.. صفعته على وجهه، اعترض بشده.. نظر إلى أصابع يده المبتورة ..
امسك بطرف جلبابه الملطخ بالطين .. نطق بالشهادتين.. اهتز الإناء.. خرجت منه بعض الذكريات تنزف دماً.. ارتفعت درجة حرارة الغرفة.. تحول لون الإناء.. زادت سرعة المروحة.. يسمع نبضات قلبه.. يده المبتورة ترتعش.. سقط فوق الأرض.. التفت بعض الذكريات على عنقه.. انهمرت الدموع من عينيه .. اختلطت دموع الفرح مع الحزن.. شكلت أسلحه حارقه..
عادت الذكريات مسرعة إلى الإناء.. تنفس بعمق.. لحظات من السكون والصمت.. انفتح الشباك من شدة الهواء.. تحرك الإناء داخل الغرفة مذعورا.. ارتفع الإناء عاليا.. اصطدم برأسه.. مزق ملابسه.. تسلل ضوء الشمس إلى الغرفة.. نظر إلى ظله.. الإناء يتدحرج على الظل.. تصدر منه أصوات غير مفهومة.. جلس على الأرض.. امسك بيده حذاءه المتهالك.. رسم خطوطا متعرجة ومتباعدة .. جلس على الخط الأول.. أختلط بكاؤه مع مواء القطة .. وضع يده المبتورة على رأسه.. اختفت منها حاسة اللمس.. ظهرت على وجهه علامات التعجب.. انتقل إلى الخط الثاني.. سقط على الأرض من ضربات الأحذية على رأسه.. وفي الخط التالي غاب عن وعيه.. اقترب الإناء من جسده العاري.. شكل له أصابع من الطين .. تغير لونها من حرارة الشمس .. عانق الطين شعر رأسه الأبيض .. الإناء يضحك .. قفزت من الشباك قطة مذعورة .. اقتربت منه .. اختفى الإناء بأحد أركان الغرفة المظلمة.. نظرت القطة إلى جسده العاري .. أخرجت لسانها في لهفة .. انهمرت الدماء من يده الأخرى .. هربت القطه .. اقترب الإناء منه .. اخذ يشرب من دمه حتى ارتوى.. انتفخ بطنه عن المألوف .. انفجر كالبركان .. استيقظ القلم بعد صمت طويل .. ضربه على رأسه .. غابت الشمس .. نطق القلم قائلا : سني مكسور وجسدي بلا خشب.
***
نعيم الأسيوطي
صباح الثلاثاء
6 / 10 / 2009
تعليق