ماذا لو كنت مكانه ؟
شذى ياسر عيسى
في ذات يوم ربيعي جميل جاءت صديقة ريحان لزيارتها الى المنزل ، و جلستا في حديقة المنزل يتبادلان أطراف الحديث تارة ، ويلعبن او ينشدن تارة أخرى .
وكانت والدة ريحان تطل عليهما من فترة لأخرى ، اما لتقدم لهن شيئا ليشربنه أو فقط لتطمئن عليهما .
وبعد أن أنهت اعمال المنزل خرجت والدة ريحان الى حديقة المنزل لتسقي الاشجار و الورود .
مر من أمام المنزل جارهم أبو سالم ، كان يسير معتمدا على عصاه يتحسس الطريق ، فقد كان ضريرا لا يرى .
تعثر الجار بحجر صغير كان على الأرض ووقع ، حينها ضحكت ريحان وصديقتها بصوت عال ٍ ، وقالت ريحان لصديقتها ، كثيرا ما يقع هذا الرجل ، إن الأولى به أن يبقى داخل منزله و لايغادر ، عوض ان يبقى أضحوكة لغيره .
سمعت الأم حديث ريحان ، ولم يرق لها الأمر ، لكنها لم تشأ أن تضايقها إن نصحتها أو انتقدت تصرفها .
بعد قليل جاء حمزة أخو ريحان الصغير الى حديقة المنزل ، ورحب بالضيفة ، و هي كثيرا ما تاتي لزيارتهم وحمزة يستمتع باللعب معها ومع اخته ريحان .
فقال لهما دعونا نلعب معا .
فكر الثلاثة بلعبة جميلة وكلما اختار أحدهم لعبة لم يوافق الاخر ، هنا قالت والدة ريحان : أنا لدي لعلبة جميلة .
احضرت والدة ريحان وشاحا ، و قالت : فكرة اللعبة أن يغمض أحدكم عينيه ، و يحاول الامساك بالاخرين الذين سيهتفون بصوت عال ليسمع أين هم .
تحمس الثلاثة للعبة و قال حمزة انا من سأغمض عيني أولا ، ثم جاء دور ريحان ، وبينما هي تتبع الصوت , تعثرت فوقعت على الارض .
أخذت ريحان تصرخ وتبكي من الألم ، تدخلت الام بسرعة ، لم تكن سوى رضة بسيطة ، ولكنها كانت مؤلمة .
سألت الصديقة ريحان ، كيف كانت اللعبة ؟ فأجابها حمزة جميلة ومتتعة ، و لكن ريحان قالت : بل قل كان شعور قاس ، الا ترى ما حولك .
ثم تأملت في الحديقة ، وقالت :تخيل انك محروم من رؤية هذه الأشجار وهذه الزهور الجميلة ، بل تصور أنك لا تستطيع أن ترى والدتك واخوتك و أحب الناس اليك .
أردف حمزة ، نعم كجارنا أبو سالم ، عندها سكتت ريحان وتبدلت ملامحها ، جارنا ، ياه كم كنت جاهلة و قاسية ، كيف كنت أسخر منه قبل قليل ، عوض أن أحمد الله على نعمة البصر ، ياه يا امي يالها من لعبة ، كان لابد ان اشعر بمرارة فقدان البصر ، كي اعرف قيمة هذه النعمة العظيمة .
جميل يابنيتي أن نتعلم من اخطاءنا ثم أمسكت بيد ابنتها ورفعتها عن الأرض وقالت : و الاجمل ان نقف بعد ان نقع ، و نبتسم عوض ان نبكي لاننا تعلمنا شيئا ماكنا لنتعلمه لو لم نقع .
و أكملت صديقة ريحان ، و أنا ايضا سعيدة لانني تعلمت درسا جديدا ، كم احب زيارتكم ياريحان فدائما لديكم شيء ممتع ومفيد .
تعليق