عَبَّاسِـيَّةٌ ما بين السَطْرَين
بغدادُ تغمسُ عينها في ليلة السفر الثقيلهْ
تحيا وتغمض قلبها لتنام في الغرف القتيلهْ
بغدادُ يوم العرس لا أعمامها جاؤوا ولا أخوالها
عذراءُ تُطرق يوم زفتها كزنبقة نحيلهْ
مبتورة آلأنساب تحت نخيلها
مقصوصة الأحلام واليد والجديلهْ
ويتيمة قد تدَّعيها ألفُ ألفُ عشيرة وقبيلهْ
بغداد تُبكينا وتضحك
فليسامحْها الذي منح العراق فراتَهُ ورجاله
ونخيلهْ!
تُدْلي بشمعتها وهذا الطقس عاصفة تراقص ذئبة
ذرفتْ عليها ريقها لتُزيلَ عن قدم الرشيد سبيلها
وسبيلهْ
قد يقطفون ظلالها
ليؤجل العبّاس عن شجر الفرات رحيلها ورحيلهْ
بغدادنا في لحمها المحروق – ثوب زفافها –
ستظلُّ في عرف الحسين حبيبة وجميلهْ
دَجْليَّة تبكي على كتف الشآمْ!!
&&&
بغدادُ طفلتنا التي أكل ابتسامتها الكبارُ
وشهر فرحتها صيامْ
طفْحٌ جداري يُصدّع وقتها
وقذيفة شقراءُ تنتحل آنتحابْ
تنتابها من كفِّ أعراب الغرابْ
بغداد تفطر ظلمة وعشاؤها قمران في طعم
الغيابْ!
بغداد واحدةُ الأحدْ
بغداد تغسل بالدموعِ فُراتها, ولدجلة الأمجاد
تحبُل بالوَلدْ!
هل أبكت الفرد الصَمَد؟
فلتسألوا نهرًا يعلِّق يتمه الكاوي على بدن
الزِحامْ!!
بغداد تغزل عُرْيَها لتقوم من ثوب الرُكامْ
ولزندها هبط الكلامُ على الكلامِ على الكلامْ
ذبحوا بها عثمانها خوفا عليها
قتلوا لها أطفالها خوفا عليها
هدموا الجدار لكي تفارق صورة الجزّار غابر
كاهليها
شربوا الفراتَ ومثّلوا بتمورها خوفًا عليها
وأخاف من خوف الطغاة عليها!!
أخشى على هذا السلام من السلامْ!
فحبيبتي تُشفى من الطاعون غوصًا في الجذامْ!!
مَنْ يطعم الحمام إن ماتت يديْ؟
من يطعم الحمامْ؟
يا سيّدي الإمامْ؟!
قد يخرج المسجدُ من أبوابهِ أو يعلن الحربَ
السلامْ!
قد تنزح الخيول عن صهيلها ويستوي في جرحه
الحسامْ!
بحرٌ يميط عن خبايا ملحه اللثامْ
يا سيدي الإمامْ
ما وضّأ الطغاة أيَّ درهم
جاعت على ازدحامها مآدب اللئامْ!
ضريرةٌ سنابلي وجوعُها يبحث عن أفواهِه
من يُطعم الحمام إنْ جاعت يديْ يا سيدي الإمامْ؟
&&&
هل أقلعتْ سجائري عن رئتي؟
واقتحمتْ مواجعي قارورةً وأقفلت سدّادةً كي لا
تعيْ
أنّي معيْ.
غمستُ كِسرة البخار في صحون نارها فآحترقت
قمصاني.
وبردها أحصاني
في ما يضيع من ثرى أوطاني.
عثمان أهلاً مرة أخرى وجهلاً بالكرى
هديةً للسادة النيامْ.
وبابك العالي يغض الشمس عن إيماني
ليقتل الإسلام بالإسلامْ.
من يا ترى قد يُطعم الحمام إن شُلَّتْ يديْ
يا سيدي الإمام؟
&&&
بغدادنا نهران أو ناران أو سطران بينهما رمادْ
مقبرة مقتولة تحْاصر الجيادْ
حديقة تسيل عن حروفها البلادْ
فظهرها الى رماح أهلها ووجهها يغالب الجرادْ.
بغدادنا كمهرة ملجومة ما بين لكزتينْ
ودربها دربان – واحدٌ لقلبنا وواحدٌ لأَين!
وخلفها أبناؤهَا – نارانِ أو...
أمامها غزاتها – سطران أو...
ويسأل الرشيد غير جاهلٍ:
من منهمو العلوج والأوغادْ؟!
لحزننا اثنتان منكِ أختنا بغداد
واحدة قمحيَّة وظلها يراقص الزؤانْ
بغدادنا اثنتانْ
واحدة صُبحيَّة, وأختها تواجه الغاراتِ بالأذانْ
هل تستغيثُ فكرة مقصوفة بقُرطبهْ؟
هل تستجيرُ بمن تراود روحُه أرض العروبة كلها
عن مصطبهْ؟
أو تستجيرُ بأمة يغتالها الحكّامْ؟
يا سيدي الإمامْ!
من يقنع النسور بالمخالب المعلَّبَهْ؟
من يقمع الهديل في منقارنا؟
من بايع الأظافر المُستجلبهْ؟
وطولُنا أكذوبةٌ
وعرضنا ألعوبةٌ
وقيمة ارتفاعنا فقاعة مكعَّبهْ!
يا سيدي الإمام
للقلب بغدادانْ
واحدة يغتالها طاعونها وأختها تنخو على طاعونها الزكامْ !
&&&
صمت العروبة من خشبْ
دشداشة فضفاضة ومقصَّبه
وخناجرٌ مسمومة ومذهـبهْ
وحناجرٌ "لمناضل" حُرٍّ شجَبْ!
ومبايع كأبي لهبْ
ورويئس كزرافة تقعي لتشرب ماء وجه قتيلتي.
ظلفٌ على فستانها
ظلف يصدُّ من اغتصبْ!
صمت العروبة من خشبْ!
أين الأعاجم والأعاربُ – أهلُها – من دينها؟
أين العربْ؟!
فظلامها كثٌّ وشمعة قلبها تحيا على ريح الظلامْ
ووجودها رثٌّ ونخلة روحها تعلو الى رحم
الوحامْ
وذهابها غثٌّ وسمنة دربها أرَقٌ على نوم النيامْ
فمتى سيندلع السلامْ؟
يا من يفئ زمانكم لهوامش الأعوامْ!!
&&&
يا طفلة العبّاس هل أبكيكِ أم أبكيني؟
أم أنه قبل القطاف عابرٌ تشريني؟
هذا أوان الصمتِ والدمع المراق
فالقول ما قال العراقْ
والصمت ما قال العراق!
ودمعة النهرين والمآذن المجرَّبهْ..
والحب والبغضاء والسلامْ
يا سيدي,
يا سيدي,
يا سيدي الإمامْ!!!
تعليق