أزِفَ الرّحيلٌ فـفـارق الأصحابا = واتـركْ يَــرَاع الشّعــرِ والأحـبـابــا
واهجر ديارا كنت فيها قانعا = وإدِ الـهــوى.لا تـذكـر الأســبـابـــا
واحمل بقايا من فؤادٍ مثقل = ولتبكِ عـمـــرا قــد أحـيــل ســـربــــا
لمّا رحلتَ تركتني في عزلةٍ = وسُئِلــتُ عـنـكَ فـلـمْ أردّ جــــوابـــا
وحمامةٍ بيضاء كانت في يدي = صارت من الحـزن الشديد غرابــا
إنّي رحلت ولا أريد ملامةً = إنّـــــي مـضيت ولا أريـد عـتـابـــا
إنّي ذهـبتُ ولا أريد حضارة = وأريـد أهــــل الـبـدوِ والأعـــرابــا


لا شيء يقتل مثل نظرته اذا = ألـقى ســهـامـا نـحـونـا فأصــابـــا
سلني أنا فأنا المُـقتّلُ لوعةً = أنا شــيـخُ حُبّ للصّبــا قـد آبـــــا
أفنيت عمري في هواهم والهوى = حِـمـلٌ، وظهري قد ذوى احديدابـا
وشربت دوما من وصالٍ مرّة = ومن الـتـجافـــي، فانظر الأكـوابــا
لكنّني -مع كلّ هذا-عاشـقٌ = يهوى ويحسب للحبيب حسـابــــــا
إن كان أغضبني حبيبي مرّةً = فـلـكـم رضـيـت إذا أتــى وأنــابــــا
فأضمُّـهُ وكأنّ صدري لوحةٌ = قـد عــانـقــت ألـوانهــا الأهـدابــا
ومسحت دمعته بكفّ واثق = ورسمــتٌ بـسـمـتـه فنلتُ ثوابــا
وعطشت إذ ألفيته متأمّلا = فرشفت من كأس الشفاه شرابـــا
وإذا أراد النومَ أجلسني بجـا = نِـبـِهِ أنـاظـرُ وجَههُ الـجــذّابـــــــا
حتى إذا ما نامَ أرجعُ باسماً = أنّــي فـتـحــتُ بـــدربـه الأبـوابـــــا
ومؤمّلاً للقائه في لهفةٍ = علّي أخَـفّــفُ باللــقــاءِ مٌــصابــا
يا ربّ فارحمني فإنّي مسرفٌ = إن عـدتُ فـي قـلبِ الترابِ ترابـَـــا