رؤية نقدية في قصيدة الشاعر مهند حسن الشاوي ( أحزان الأرض )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جميلة الكبسي
    شاعرة وأديبة
    • 17-06-2009
    • 798

    رؤية نقدية في قصيدة الشاعر مهند حسن الشاوي ( أحزان الأرض )

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحقيقة أن تناول نصٍ ما برؤية نقدية أمرا ليس سهلا .. خاصة وأننا في مكان يزخر بأقلام رفيعة الشأن في كل مجال يخط حرفا هنا .. ومايزيد الأمر صعوبة أن نكون في حضرة شاعر مختلف كـ الشاعر مهند حسن الشاوي ذلك الشاعر الذي يحرص دائما ــ وبشكلٍ ملفت ــ على التجديد مع المحافظة على روح الأصالة في القصيدة العمودية .. هذا ماقرأته بوضوح في كل متصفحٍ يحمل توقيعه عندما بحثت عن كتاباته في القوقل لأتناول جرعة كافية من شعره قبل الشروع بكتابة شيء من رؤاي حول قصيدته الموسومة بــ ( أحزان الأرض ) . وهي إحدى أولى القصائد التي نشرها هنا .. وتجدونها على هذا الرابط ..
    http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=41945

    منذ تاريخ نشرها وأنا أقضي معها وقتا طويلا .. ولا أنكر أني قضيت معها أوقاتا ممتعة كلما شعرت بعمق ورسوخ الصورة الشعرية عند الإنتقال من بيت لآخر .. لكني أيضا توقفت كثيرا عند البيت الأخير الذي لم أرضَ عن الكثير من الرؤى حوله .. حتى استقرت نفسي على تأويلٍ ختمت به مابدأته .. لآتيكم به .. وهي أولا وأخيرا رؤية شخصية أتمنى أن تقنع ذائقتكم الأدبية الرفيعة .. وأن يجد بها الشاعر وجها آخر لتلك الروح التي أبدعت وسمحت لإبداعها أن يكون ملكا للجميع ..

    يتبع
    *
    * *
    * * *

    " أنا من لا تمل الأمل "

    * * *
    * *
    *
  • جميلة الكبسي
    شاعرة وأديبة
    • 17-06-2009
    • 798

    #2
    يعجز الشعراء أحياناً عن إيجاد لغة يجارون بها العالم المحسوس
    الذي يعيشون فيه.. فتراهم يميلون الى خلق عالم من اللغة التي يتقنون حد العشق لــينسجمَ وآفاقــاً يتمنون أن يعيشوها .
    (وهذا ما نجده في قصيدة الشاعر مهند حسن الشاوي (أحزان الأرض)) فــلو تأملنا مدخل القصيدة جيداً لوجدنا أنها قد بدأت بتساؤلٍ .. ينم عن
    الحيرة والتشتت الروحي لدى الشاعر قبل استقراره على ملامح
    عالم يحاول خلقه ..


    مَا ذَلِكَ النَّابِضُ الْمَأسُوْرُ .. في جَسَدِي ؟!
    أَرْضٌ مِنَ الحُزْنِ أَمْ بَحْرٌ مِنَ الكَمَـدِ ؟!



    ( مخاض ) يحاول أن يحصر ذلك الألم الساكن في القلب لاحتوائه
    فكريا ثم يبدأ بخلق عالمٍ في اللاوعي .. الشاعر الآن يحاول أن
    يمنطق وجود هذا العالم من خلال إعطائه بعض الدعائم التي
    ستساعد على نشأته ، وقد حصره بين مخلوقين لكل منهما
    خصائصه اللغوية والطبيعية .. فالأرض ذلك اللفظ المؤنث الرمز
    للعطاء اللامحدود بالرغم من خيبات الأمل التي تنمى بها هذه الأرض
    ممن تهبهم غدق العطاء من ظاهرها وباطنها .. ومن يهب بلاحدود
    يكون كالأم ؟ فهي رمز العطاء المطلق .
    وقد وسمها الشاعر بالحزن وليس أي حزن إنه حزن عريق متأصل
    بأصالة الخيبات وتكرارها .. حزن يسير بها نحو صبر صامت
    طويل الأمد .. ولما جعل الشاعر من الأرض إحدى دفتي احتمال ،
    جعل في الدفة الأخرى احتمالا آخر .. وهو البحر بلفظه المذكر
    وبكل مايحتوي من خير زاخر وغموض وغضب وبطش وحنان ..
    واختار أن تكون ماهيته قريبة من شخصيته ، لائقة بها ... فالكمد
    أو الشقاء صفة يتصف بها الأقوياء لقوة بأسهم ، وصلابتهم حين
    يشتد مصابهم فيتجلدوا ويكبتوا الألم ليغدو كمداً، كما أشارت كتب اللغة أنه الحزن المكتوم.. نستطيع أن نقول إذن أن الشاعر يحاول خلق عالم
    حدد مداه بين مخلوقين عظيمين كل له ميزاته التي رأى من
    خلالها أنها ستساعده في احتواء الرؤية النهائية ... فكانت هذه
    الخطوة الأولى ،،




    قَدْ ظَلَّ يَجْهَشُ طُوْلَ اللَّيْلِ .. فـي جَلَـدٍ
    حَتَّى تَذَكَّرْتُ مَا لَمْ يُبْقِ لِـي جَلَـدِي !!

    ذِكْرَى مِنَ الأَمْسِ .. مَاضٍ كَانَ يَحْفَظُهَا
    لَعَلَّهَا – بَعْدُ – لَنْ تَبْقَـى الـى الأَبَـدِ ..




    بعد أن رسّخ الشاعر دعائم ذلك العالم ، وحدّ حدوده، بدأ يخبرنا
    عن سكانه وحالهم وأعمالهم .. فإذا بقلبه الساكن الوحيد .. وهذه
    هي الحال الأمثل التي يريدها ، فقد جعل هذا الكون وأعده لينسجم
    مع تمنيات قلب فشل في مخاطبة الآخر .. ولو نظرنا في قوله :
    (قد ظل يجهش ...) سنجد تقدير ضمير الفاعل يعود على ذلك
    النابض المأسور( القلب ) ثم في الشطر الثاني يقول : ( حتى
    تذكرتُ .... ) فعاد بالضمير على المتكلم .. فالشاعرهنا شخّص
    القلب وجعل منه جليسا يبكي عنده الذكرى فيشاركه التذكر .. وهذا
    يبرهن على عمق الشعور بالوحدة .. وهي الصفة الأبرز في ملامح
    سكان ذلك العالم .

    ثم يدخل في تماه مطلق فيعيشه مع كونه الخاص حتى يأخذ بالتحدث
    مع قلبه ككائن مستقل يشاركه ذلك الموقف تارة ، ويصفُ نفسه
    وما هيجته ذكريات ذلك الجليس تارة أخرى . وأما الذكريات فهي
    موروثه من الأمس والذي لايتوقع أن يطول أمدها ربما تحسبا
    لاقتراب النهاية الأسوأ أو تفاؤلا بشروق شمس أمل ..

    ثم يتابع في تشخيص أفراد ذلك العالم الذين اختار معيتهم .



    ومن عادة الإنسان أن يحاول الركون الى اعتقاد يمضي به نحو السكينة والأمان
    ومفاده أن هناك قوة خفية تحميه وترعاه .. ليشعر بالأمان .. فيزاول حياته باطمئنان .. ينام براحة مثلا ، ويغفل عن أشياء كثيرة فهو
    يشعر دائما أن هناك من يعتني به ... فالطفل مثلا يلوذ بأمان والديه
    ، والعبد المؤمن بربه وهكذا ، وفي هذا العمل الوجداني الإنساني
    لدينا هذا المصداق :


    لَوْ كَانَ للبَحْرِ كَفٌّ .. كَانَ .. صَافَحَنِـي
    وَقَالَ : دَعْ عَنْكَ هذا الحُزْنَ ، يَا وَلَـدِي

    لَوْ كَانَ لِلأَرْضِ عَيْنَـانِ .. احْتَضَنْتُهُمَـا
    وَصِحْتُ : أُمَّاهُ .. هذَا مَا جَنَتْهُ يَـدِي ؟!



    وهنا يظهر هذا البعد الإنساني الجميل .. وذلك الطفل الذي يسكن
    روح الشاعر .. فلابد لذلك العالم من راعٍ يمثل بالنسبة له يد الأمان
    .. وقداستخدم أداة الشرط ( لو) .. كمدخل لصورة سيبدأ الآن
    بنسجها : لو كان للبحر كفٌ ..... ( جوابها ) كان (صافحني ) فعلٌ
    ماضٍ حقيقُ الوقوعِ في خيال الشاعر .. ثم يسترسل برسم الصورة
    فينطق البحر ( دع عنك هذا الحزن ياولدي) ومن اللفظ تتجلى القوة
    الأكبر التي يحتمي بها الشاعر (ياولدي ) قوة الأب ..وإن كان
    لدينا
    افتراضٌ آخر فالإنسان الكبير بالسن عادة يخاطب الصغير فيقول له
    ياولدي تلطفا .. وهوبهذه الحال ليس معنياً بحمايته .. ومايفند هذه
    الرؤية الأخيرة تماما هو البيت التالي .. والذي بدأه بنفس الطريقة
    بـ ( لو ) باعتبار أنه مازال يرسم الخطوط الأولى للوحة .. ولم
    يبلغ فيها حد العمق بعد .. فأتى بالمقابل ( لوكان للأرض عينان..... ) أسلوب
    شرطي مجددا .. وهو هنا يتوق لعينٍ تحنو فيحتضنها باكيا شاكيا
    ... وفي الحقيقة العين لاتحتضن ، وكان الشاعر يستطيع أن يضمن
    المعنى (الصدر) وهو المشهور أكثر بالحنان ، والموصوف
    بالاحتضان ، ولكنه حمّل العينين صفة ليست لها في الطبيعة
    لاتساع مداها وأفقها الروحي وكأنه يتمنى أن يصرخ ملء الدنيا
    وجعا.. وكذلك العين تحكي وتحاكي المتحدث ، فالإنسان
    عندمايخاطب آخر، ينظر إلى عينيه بالرغم من أن الصوت يصدر
    عن اللسان والشفتين وهذا لِمَا للعين من تأثيرأكيد في دعم الشعور
    في لحظة التكلم من حيث صدق القول وكذبه أوعمقه وركاكته
    والشاعر هنا بحاجة لهذا الصادق المصدّق ..
    أما قوله : (احتضنتهما ) فهنا يظهر بعدٌ آخر لقوة الرغبة في
    الاحتضان والبوح والشكوى العميقة .. وقد نجد هذا من خلال
    التركيز على ماجاء في لفظٌ يحمل تكثيفا لغويا .. فنحن أمام لفظة
    واحدة مكونة من (فعل وفاعل ومفعول به ) .. كما أن فعل
    الجواب (احتضن ) جاء ماضيا .. لأن الشاعر هنا قد بدأ بالفعل
    يستغرق في لوحته الشعرية ، وبدأ يتوحد مع الفكرة ويتماهى
    ويدعم هذا بدؤهُ للشطر الثاني أيضا بفعلٍ ماضٍ يدعم سابقه ويعزز
    زمنه ويؤكد حدوثه ... فيقول : ( وصحتُ ) .. ثم (أماه ) وهذا
    يؤكد ماذكر عن إحساس الشاعر بأبوة البحر في البيت السابق ، فقد
    جاء باللفظ المقابل وهو الشريك الذي لا تمام لاكتمال هذا العالم إلا
    به .. ولكنه اكتفى من أبوة البحر بهذا الدور ، أن يكون ركيزة لابد
    منها لعالم خياله ، ولكنه لم يوجه له خطابا أو يشركه في شأن
    البوح .. فنراه يسترسل مخاطبا أمه الأرض فهي القلب الأقرب
    الذي يحتاج .. ويتسائل مستنكرا .. (هذا ماجنته يدي؟! ) استفهام
    استنكاري عمّا آل إليه من حال عن وقتٍ مضى كان يظن أن
    المجنى منه خيرا لمّا أعطت يده الخير ... فيأتيه الرد .. وكأنه
    يثبت حقيقة من خلال هذا الاستفهام التقريري الذي لاينتظر إجابة
    ، وهي أن الخير بين الناس لايجزى بالخير دائما ..



    قَالَتْ لِيَ الأَرْضُ ، وَاهْتَزَّتْ جَوَانِبُهَـا :
    إنَّا غَرِيْبَانِ .. مَنْفِيَّـانِ .. فـي بَلَـدِ ..

    هَذِي يَدِي .. حِيْنَ كَـانَ التِّيْـنُ يَمْلَؤُهَـا
    قَدْ كَانَتْ النَّاسُ مِنْ حَوْلِي بِـلا عَـدَدِ ..

    لَكِنَّنِـي .. بعدمـا اسْتَنْبَتُّهَـا .. أَثَــلاً
    قَدِ الْتَفَتُّ .. فَلَمْ أَعْثُـرْ عَلَـى أَحَـدِ !!




    وهنا يبدأ الشاعر برحلة استغراقٍ في لوحته الفنية .. ليصب جام
    شعوره فيها ويضع خطوطه الرئيسية وبصمته الفنية المختلفة ...
    ويــبدأ حوارا مع الأرض بعد أن اكتملت شخصيتها الفنية ولعل
    خطاب الشاعر للأرض ومبادلتها معه الحوار ، تعكس مدى توحد
    وتماهي عناصر اللوحة الشعرية حتى صارت كينونة واحدة في
    لحظة استغراق عميقة ، وبدأت تخاطبه كـ تبادل عاطفي بين
    شخصين . بدأت فورا بمواساته ، (إناغريبان منفيان في بلدِ ) فلست
    وحدك غريبا وحيدا بل أنا مثلك .. ثم تحكي قصتها ، عندما كان
    الخير لديّ كثيرا كان الناس من حولي كثر .. ولما انقضى هذا
    الخير وتبدل الحال ...
    { قد التفتُ فلم أعثر على أحد } ) ولو توقفنا قليلا للنظر في
    مقابلة ضمنية بين النبتتين المذكورتين هنا { التين والأثل }
    لوجدنا أن التين رمز للخير الذي كان .. باعتبارها ثمرة
    تؤكل والأثل رمز للمآل والحال الذي آلت إليه تلك الشخصية
    الشاكية وهي الأرض واختار الأثل المرتبط بالجدب فهي
    شجرة غير مثمرة ويوحي شكلها بالحزن لصغر أوراقها
    ونحول أغصانها .. وهي كذلك معمرة وتعيش طويلا وهذا
    يتناسب مع حالة اليأس التي يعيشها الشاعر فهو يرى أن أمد
    حزنه قد طال .. ولعلنا نقرأ شيئا من الندم في نفس الشاعر
    لاختياره شجرة التين ، ولو ربطنا هذا الإحساس ببعض من
    بوح إيليا أبوماضي في قصيدته ( التينة الحمقاء ) لوجدنا
    مسلكا نفسيا يدعم وصف تلك الفترة الزمنية المرتبطة
    بالرخاء أوالسعادة ، بـ الحمق أو الغباء .. والتي كان من
    نتاج هذا الغباء أن كانت الخسارة التي تأثل الحزن في نفس
    الشاعر على إثرها .




    فَقُلْتُ : لا بَـأْسَ ، إنْ صَـدُّوْا ؛ فَإنَّهُـمُ
    رَاحُوْا – عَنِ الماءِ – يَلْتَـذُّوْنَ بِالزَّبَـدِ


    غَدَاً يَعُـوْدُوْنَ .. إنْ جَفَّـتْ حَنَاجِرُهُـمْ
    وَأَيْقَنُوْا المَوْتَ .. وَانْحَلَّتْ عُرَى الأَمَـدِ


    غَدَاً سَتَصْفَرُّ هَذِي الأَرْضُ – إنْ رَجَعُوْا
    غَدَاً – وَسَوْفَ تَمُوْتُ الأَرْضُ بَعْـدَ غَـدِ



    يستمر الإنسجام الروحي وتواصل البوح .. فقد أخذ
    الاستغراق في رسم اللوحة الشعرية كل مأخذ ، حتى ذابت
    الأنا الشاعرة في الكل وصارت مجرد لون يشكل اللوحة
    ضمن عدة ألوان لامفاضلة في اللحظة الراهنة لأحدها على
    الآخر .. ثم يجيب الأرض بدوره مواسيا تماما كما بدأت
    هي معه مواساتها ..



    فَقُلْتُ : لا بَـأْسَ ، إنْ صَـدُّوْا ؛ فَإنَّهُـمُ
    رَاحُوْا – عَنِ الماءِ – يَلْتَـذُّوْنَ بِالزَّبَـدِ



    { راحوا عن الماء } قدم الماء لأهميته وحقيقته وضرورته ..
    كما قال { يلتذون بالزبدِ } واللذة متعة سريعة زائلة مثل
    انبهارهم بتلك الرغوة ... وقد ورد في القاموس في معاني
    اللذّ : ( واللَّذُّ: النَّوْمُ . واللَّذيذُ : الخَمْرُ، واللَّذْلاذُ : السَّريعُ
    الخَفيفُ في عَمَلِهِ ) فهي إذا متعة زائلة لن تلبث أن تنتهي
    فيستيقظوا ويعودوا للحقيقة .. ولكن متى ؟ ويأتي الرد :
    عندما يظمأون للماء ويعرفون قدر الرواء .. وكأن الشاعر
    هنا يقرأ خسارة أحبابه اللذين رحلوا .. ولكنه أيضا مازال
    يؤمل عودتهم ..



    غَدَاً يَعُـوْدُوْنَ .. إنْ جَفَّـتْ حَنَاجِرُهُـمْ
    وَأَيْقَنُوْا المَوْتَ .. وَانْحَلَّتْ عُرَى الأَمَـدِ



    (يعودون) ... فعل مضارع منهمكٌ برسم حال العود وهي
    الحال التي تختزل الخطوط النهائية للوحة .. {جفت ، أيقنوا
    ، انحلت} ثلاثة أفعال ماضية تؤكد استقرار حال الندم بعد
    مرأى الخسارة في هيئة هذه العودة ..



    غَدَاً سَتَصْفَرُّ هَذِي الأَرْضُ – إنْ رَجَعُوْا
    غَدَاً – وَسَوْفَ تَمُوْتُ الأَرْضُ بَعْـدَ غَـدِ



    ثم نصل الى الخاتمة الموسومة بالأمل .. فــنجده قد ربط اصفرار
    الأرض فرحا برجوع أحبته .. وذكر لفظ (غدا) مرتين
    تأكيدا على شدة يقينه بوقوع هذا الغد وضرورة حدوثه ..
    ولما جاء فعل الموت في الشطر الثاني معطوفا على فعل
    الاصفرار بالشطر الأول ، وكلا الفعلين مرتبطين بلفظ
    الأرض فقد وجب الوقوف تأملا فهل تنافر المعنى ؟
    الحقيقة وجد هنا تطابق لفظي واختلاف معنوي لوجود الجناس التام .. فقد وردت الأولى بمعنى الأرض المتعارف عليها وهي من ستصفر فرحا لعودة الأحبة .. أما الثانية فقد وردت بمعنى الرعدة التي تصيب الجسد لمرض أوحزن أوخوف
    وهي ماستموت وتنتهي بعودة الأحبة .. وقد ورد في
    الصحاح .. (والأرض: النَفْضَةُ والرعدةُ. قال ابن
    عباس رضي الله عنه وقد زُلزِلت الأرضُ: "أزُلْزِلَتِ الأرضُ
    أم بي أَرْضٌ") .. فكأنه يقول أن هذه الرعدة التي اعترته
    لحزن الفراق ستنتهي عندما يعود أحبته ..
    أما لو نظرنا
    لعلاقة الاصفرار بما يكنى به عادة ، فسنجد أن للاصفرار قراءة يائسة
    أحيانا .. فقد يصفر وجه المرء ألما أوخوفا ، وأيضا أوراق
    الأشجار تصفر قبل تساقطها في الخريف .. ومنه أيضا قول
    شاعرٍ :


    لاتركنن إلى الفراقِ
    فإنه مرّ المذاقِ

    فالشمس عند غروبها
    تصفر من ألم الفراق


    ولكن للاصفرار وجه آخر من السرورنجده ماثل في الكثير
    من المواضع كقوله تعالى : {بقرة صفراء تسر الناظرين}
    وكذلك في بعض الموروث العربي اللغوي حيث كانوا
    يسمون سود الإبل (صفرا) .. وهذا بالتأكيد يوافق روح
    التفاؤل التي هتفت قبل الختام ..



    وأخيرا فإن للنص الإبداعي روح واحدة تخط وألف روح تقرأ
    ولأن هذه إحداها فهي أهل للقصور وإن حرصت على التمام

    محبتي
    *
    * *
    * * *

    " أنا من لا تمل الأمل "

    * * *
    * *
    *

    تعليق

    • د. سعد العتابي
      عضو أساسي
      • 24-04-2009
      • 665

      #3
      رؤية نقدية مميزة
      وحالمة بافق من الدلالة عريض
      الله اكبر وعاشت العروبة
      [url]http://www.facebook.com/home.php?sk=group_164791896910336&ap=1[/url]

      تعليق

      • محمد رندي
        مستشار أدبي
        • 29-03-2008
        • 1017

        #4
        الشاعرة العذبة والناقدة المبهجة ، العزيزة جميلة الكبسي ..
        ـ هي قراءة الوعي للوعي ، والجمال للجمال ، والمعنى للمعنى .
        ـ أشكرك على هذا العمق في سبر أغوار نص أصيل وثري ، ربما هي المرة الأولى التي أقف فيها عند عتبات جمال مهند حسن الشاوي من خلال هذا النص الذي يستحق فعلا كل الجهد الذي بذلت في قراءته ، هو إختيار أكثر من موفق يعكس قبل كل شيئ ذوقك الرفيع ، ويؤكد قدرتك على تمييز كل ماهو راق وأصيل .
        كل الشكر والود والتقدير
        sigpic

        تعليق

        • جميلة الكبسي
          شاعرة وأديبة
          • 17-06-2009
          • 798

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة د. سعد العتابي مشاهدة المشاركة
          رؤية نقدية مميزة
          وحالمة بافق من الدلالة عريض
          [align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]

          دكتور سعد العتابي
          سعيدة جدا بمرورك وتفاعلك مع جهدي المتواضع
          وأن منحتني شيئا من وقتك
          فشكرا تليق
          [/align]
          [/cell][/table1][/align]
          *
          * *
          * * *

          " أنا من لا تمل الأمل "

          * * *
          * *
          *

          تعليق

          • جميلة الكبسي
            شاعرة وأديبة
            • 17-06-2009
            • 798

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة محمد رندي مشاهدة المشاركة
            الشاعرة العذبة والناقدة المبهجة ، العزيزة جميلة الكبسي ..
            ـ هي قراءة الوعي للوعي ، والجمال للجمال ، والمعنى للمعنى .
            ـ أشكرك على هذا العمق في سبر أغوار نص أصيل وثري ، ربما هي المرة الأولى التي أقف فيها عند عتبات جمال مهند حسن الشاوي من خلال هذا النص الذي يستحق فعلا كل الجهد الذي بذلت في قراءته ، هو إختيار أكثر من موفق يعكس قبل كل شيئ ذوقك الرفيع ، ويؤكد قدرتك على تمييز كل ماهو راق وأصيل .
            كل الشكر والود والتقدير
            [align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]
            أستاذي القدير محمد رندي
            قد نقرأ قصيدة أونصا أدبيا ما ويعجبنا ، لكننا عندما نتوقف عند تفاصيله
            ونبحر في أعماقه نشعر أننا أمام بحر من العطاء زاخر ، وماهذا إلا لأننا
            خاطبنا روحا أبدعت ،، وإني أشبه القصيدة الجميلة بـ امرأة حسناء
            قد تنظر إليها فتعجبك وربما تبهرك للوهلة الأولى
            ولكنك إن تحدثت إليها إما أن تجد تفكيرا ثريا يزيدها جمالا
            أو عقيما يثنيك عنها
            الحقيقة أن هذا ماتعلمته من عدد من القراءات التي سآتيك بها تباعا
            فشكرا لتفاعلك وتشجيعك
            مرورك من هنا شرفني ورضاك أبلغ حرفي مناه
            دمت والجمال
            [/align][/cell][/table1][/align]
            *
            * *
            * * *

            " أنا من لا تمل الأمل "

            * * *
            * *
            *

            تعليق

            • يوسف أبوسالم
              أديب وكاتب
              • 08-06-2009
              • 2490

              #7
              هذه واحدة من القراءات النقدية العميقة
              التي تنبىء عن وجه إبداعي آخر لشاعرتنا الرقيقة
              جميلة الكبسي
              وهو الإبداع النقدي
              والنقد له منهجه ومدارسه الكثيرة ..ولا نريد أن ننسب هذه الدراسة لمدرسة ما
              لكنني فقط أشير إلى أن النقد هنا يتضمن كثيرا من
              القراءة الإنطباعية
              وهو أمر يبعد الدراسة إلى حد ما عن النقد الأكاديمي المتخصص
              وهذا ما نقرأه عادة وما تستوعبه المنتديات الأدبية
              وكذلك هذا ما نريده هنا حتى لا نقع أسرى تخصصية النقد وتوجهه بالضرورة للخاصة من المتلقين .
              ومنذ المقدمة ...التي أعتقد أنها تشكل مفتاحا لهذه الدراسة ...
              فالناقدة تقول في المقدمة الأولى
              أنها لمست النزوع إلى التجديد في شعر المبدع مهند الشاوي
              مع الحفاظ على عمودية القصيدة
              ..وكنت أرغب في الوقوف مفصلا من الناقدة على بعض تفاصيل التجديد في هذه القصيدة لتوضيحها للمتلقى بصورة أكثر إضاءة
              وفي المقدمة الثانية تقول
              إن الشعراء يخلقون عالما من المطلق المعنوي ليعادل المطلق المحسوس
              من خلال صورهم ولغتهم الخاصة
              وهذا ما أعتبره المسار الذي سارت عليه الناقدة في رؤيتها النقدية ووقفت عنده بصورة جيدة
              لكن لي ملاحظات أرجو أن تتقبلها الناقدة بصدر رحب مكما تقول أن هذه قراءة أو رؤية نقدية شخصية
              فمن حقنا وحق النص أن نقرأ بعض تفاصيله وصوره برؤية أخرى
              أهم ما لفت نظري في الدراسة منذ بدايتها أن الناقدة بدأت مباشرة بمستهل القصيدة
              ولم تشر إلى عنوانها وتحلله نقديا
              فالعنوان عادة ما يكون هو القصيدة شديدة التكثيف ..والذي يمكن من خلاله أن نفهم فكرة القصيدة ..وأن لا نسترسل في القراءات بعيدا عن الفكرة الأساسية التي نطق بها العنوان ومتن القصيدة بصورة واضحة جلية
              فالعنوان هو ( أحزان الأرض ) والفكرة تتركز في أحزان الأرض التي هجرها أصحابها طلبا لشهوة المادة في حين كانت في أمس الحاجة لهم
              وربما أتفق في كثير من تفاصيل قراءة الناقدة الشاعرة جميلة الكبسي لهذه القصيدة وطريقة سبر أغوار صورها
              لكنني أختلف معها في قراءتها للخاتمة ..وللون الأصفر والخاتمة هي

              فَقُلْتُ : لا بَـأْسَ ، إنْ صَـدُّوْا ؛ فَإنَّهُـمُ
              رَاحُوْا – عَنِ الماءِيَلْتَـذُّوْنَ بِالزَّبَـدِ

              غَدَاًيَعُـوْدُوْنَ .. إنْ جَفَّـتْ حَنَاجِرُهُـمْ
              وَأَيْقَنُوْا المَوْتَ .. وَانْحَلَّتْ عُرَى الأَمَـدِ

              غَدَاًسَتَصْفَرُّ هَذِي الأَرْضُ – إنْ رَجَعُوْا
              غَدَاً – وَسَوْفَ تَمُوْتُالأَرْضُ بَعْـدَ غَـدِ
              وتكاد الخاتمة الجميلة هذه تلخص فكرة القصيدة بكاملها وارتباطها الجذري بالعنوان
              فقد حزنت الأرض ( العنوان ) لأن أحبتها فارقوها طلبا للمال أو العيش الرغد كما ظنوا أو اعتقدوا ( يلتذون بالزبد )
              وأنهم سوف يعودون .......ولكن متى
              ( غداً ) هنا هي مطلق زمني لا تعبر عن وقت محدد ولكن الشاعر هدف من استعمال هذه اللفظة إلى اقتراب عودتهم ولم يكن الشاعر عاجزا أبدا عن استعمال لفظة بديلة لو كان يقصد بعدا زمنيا آخر
              إذن سيعودون .....في أمد قريب
              بعد أن يصيبهم الإحباط ويقتربون من النهاية ...الحتمية ( وأيقنوا الموت )
              وسيعودون وهنا المفصل الهام
              بعد فوات الأوان
              ويندمون ولات حين ندم
              ووما يدلل على هذا المعنى ...أنهم سيعودون غدا وسوف تموت الأرض بعد غد
              وهنا تبرز فكرة عبثية العودة وأنها كانت متأخرة عن موعدها بكثير وأنها جاءت بعد فوات الأوان
              ولن ترحب الأرض بعودتهم ....لأنهم عقروها وخانوها وهجروها طلبا للزبد
              فسوف تصفر عند عودتهم ....وسوف يصيبها القحط وتموت
              والإشارة هنا أن عودتهم لن تجلب الخير للأرض
              ولكنها ستزيد من حزنها وتموت أو تكاد
              ومن هنا يأتي اختلافي مع قراءة الناقدة جميلة ....التي اعتبرت أن العودة ستريح الأرض وتجعلها تفرح بعودتهم وهم خونتها..
              ولكي تقارب الناقدة من قراءتها للخاتمة ..جاءت بتفاسير لمعنى الإصفرار الذي لا جدال في أنه لون الشحوب والقحط ...والموت
              وفي كل الأحوال
              فإن تعدد القراءات أمرٌ يثري النص أولا ويضمنه أبعادا جديدة..ويحمله أكثر من تأويل وهذه ميزة القراءات النقدية الجادة ...وميزة النصوص الحيوية
              ذلك أن النص الذي لا تتعدد قراءاته هو نص جامد ميت .
              وشكرا للشاعرة الناقدة جميلة الكبسي على هذه الإختيار وهذه القراءة
              وتقديري للجميع


              تعليق

              • صادق حمزة منذر
                الأخطل الأخير
                مدير لجنة التنظيم والإدارة
                • 12-11-2009
                • 2944

                #8
                الشاعرة والناقدة جميلة الكبسي ..


                لقد أعطى تشريحك النقدي للقصيدة لونا آخر ونكهة أخرى ربما ابتعد قليلا أو كثيرا عن الريتم الحسي للقصيدة وللشاعر في مفاصل عدة وربما كان هذا إحساس الشاعر/ الناقد لديك .


                ولكنني أجد أن الأغنى كان هو هذا الطرح الذي اهتم بموضوع التغرب من قبل الشاعر والناقدة والمعلقين وخصوصا الأستاذ يوسف أبو سالم حيث أن القراءات انطلقت بمجملها من هذا المضمون وبالطبع لا بد أن يغلب التجسيد العاطفي للكلمة والموسيقا والقافية ولا شك أن الحزن كان سيد العواطف و أقواها عموما و عند العرب خصوصا ومن المهم أن نميز هنا أن الحزن كان حواريا واتخذ طابع المحاكمة التي تحمل صورة الإنذار المبكر أو ربما الندم على فرصة ضاعت .. ولكنها كانت دعوة للوقوف مع الذات .. دعوة مفتوحة تتسع لكثير من المشاركين .


                ........

                تحيتي للناقدة وللشاعر ولجميع المشاركين




                تعليق

                • جميلة الكبسي
                  شاعرة وأديبة
                  • 17-06-2009
                  • 798

                  #9
                  أستاذي القدير يوسف أبوسالم تحية إجلال وإكبار من تلميذة
                  لاتنكر فضلك وحلمك في تعليمها وتوجيهها .. أسعدتني بهذا الرد المفصل
                  فاسمح لي أن أتناوله مقطعا مقطعا حتى يتسنى لي الوقوف على كافة ملاحظاتك وما أشرت إليه حضرتك .

                  ********


                  هذه واحدة من القراءات النقديةالعميقة

                  التي تنبىء عن وجه إبداعي آخر لشاعرتنا الرقيقة
                  جميلة الكبسي
                  وهو الإبداع النقدي
                  والنقد له منهجه ومدارسه الكثيرة ..ولانريد أن ننسب هذه الدراسة لمدرسة ما
                  لكنني فقط أشير إلى أن النقد هنا يتضمنكثيرا من

                  القراءة الإنطباعية


                  بالتأكيد أن كل القراءات النقدية هي قراءات انطباعية بالدرجة الأولى
                  فكل قارئ يقرأ القصيدة بعين نفسيته وتكوينه الفكري وما الناقد إلا
                  قارئ فضولي نهم يبحث في العمق ، وكل له أسبابه . فهناك من يبحث
                  عن عثرة شاعر وأيضا له أسبابه فقد يكون حاقدا وقد يكون محبا لتمام
                  الجمال والمعرفة ، وهذا فيصله الحرف ليس سواه .. فلم يعد المتلقي
                  ساذجا ليتقبل كل مايعرض عليه .. فللحرف مصداقية تشي بالصدق
                  شاء صاحبه أم أبى .. أنا عن نفسي لا أتناول إلا النصوص التي
                  تملأ نفسي بالجمال ... وأترك باقي المهام النقدية لسواي
                  ولايهمني أن يقال عني ناقدة إن اعتبر البعض أن هذا خلالا في
                  نظرتي النقدية

                  ******



                  وهو أمر يبعد الدراسة إلى حد ما عن النقدالأكاديمي المتخصص

                  وهذا ما نقرأه عادة وما تستوعبه المنتدياتالأدبية

                  وكذلك هذا ما نريده هنا حتى لا نقع أسرى تخصصية النقد وتوجهه بالضرورةللخاصة من المتلقين .

                  ******

                  القراءة الإنطباعية أو دراسة المعنى ليس مبحثا بعيدا أو منفصلا عن الدراسة الأكاديمية هو جزء منها وأحد أوجهها المتعددة .. ولاأعرف الحقيقة لماذا رأيته بعيدا إلى حدٍ ما ..
                  ********





                  ومنذ المقدمة ...التي أعتقد أنها تشكل مفتاحا لهذه الدراسة ...

                  فالناقدة تقول في المقدمة الأولى
                  أنها لمست النزوع إلى التجديد في شعرالمبدع مهند الشاوي
                  مع الحفاظ على عمودية القصيدة

                  ..وكنت أرغب في الوقوف مفصلا من الناقدة على بعض تفاصيل التجديد في هذهالقصيدة لتوضيحها للمتلقى بصورة أكثر إضاءة

                  *******


                  لم أفعل هذا بالطبع لأنها ستكون نظرة جزئية لنظرة جزئية وبالتالي ستكون مجحفة بحقه كشاعر كبير .. لكن أعدك أن أفعل وقريبا جدا من خلال رؤية عامة للتجديد في شعر مهند حسن الشاوي .
                  ( أنت تؤمر يا باشا )

                  ******



                  وفي المقدمة الثانية تقول

                  إنالشعراء يخلقون عالما من المطلق المعنوي ليعادل المطلق المحسوس
                  منخلال صورهم ولغتهم الخاصة
                  وهذا ما أعتبره المسار الذي سارت عليه الناقدة في رؤيتهاالنقدية ووقفت عنده بصورة جيدة
                  لكن لي ملاحظات أرجو أن تتقبلها الناقدةبصدر رحب مكما تقول أن هذه قراءة أو رؤية نقدية شخصية
                  فمن حقنا وحق النص أن نقرأ بعض تفاصيله وصوره برؤيةأخرى

                  *******


                  بالتأكيد من حقك هذا ، والنص الذي لانستطيع أن نتعاطاه بأكثر من رؤية ، هو في الحقيقة نص عقيم أحادي النظرة .. وأنت هنا تقول أني أحسنت الاختيار .

                  ******



                  أهم ما لفت نظري في الدراسة منذ بدايتها أن الناقدة بدأت مباشرة بمستهلالقصيدة
                  ولم تشر إلىعنوانهاوتحلله نقديا
                  فالعنوان عادة ما يكون هو القصيدة شديدة التكثيف ..والذي يمكن من خلالهأن نفهم فكرة القصيدة ..وأن لا نسترسل في القراءات بعيدا عن الفكرة الأساسية التينطق بها العنوان ومتن القصيدة بصورة واضحةجلية
                  فالعنوان هو ( أحزان الأرض ) والفكرة تتركز فيأحزان الأرض التي هجرها أصحابها طلبا لشهوة المادة في حين كانت في أمس الحاجة لهم

                  ********

                  أعتقد أني قلت أن هذه رؤية من عدة رؤى .. فأنا لم أتحدث عن وزن القصيدة وقافيتها .. والموسيقى ، وحركة الأفعال ، وحركة الضمائر ، ومجالات بلاغية كثيرة نستطيع أن نتوقف عندها ، بالتأكيد نستطيع أن نقيم كتابا على أساس قصيدة ناجحة لامقالا نقديا فقط .

                  ******



                  وربما أتفق في كثير من تفاصيل قراءة الناقدة الشاعرة جميلة الكبسي لهذهالقصيدة وطريقة سبر أغوار صورها
                  لكنني أختلف معها في قراءتها للخاتمة ..وللون الأصفر والخاتمة هي

                  فَقُلْتُ : لا بَـأْسَ ، إنْصَـدُّوْا ؛ فَإنَّهُـمُ
                  رَاحُوْا – عَنِالماءِيَلْتَـذُّوْنَبِالزَّبَـدِ


                  غَدَاًيَعُـوْدُوْنَ .. إنْ جَفَّـتْحَنَاجِرُهُـمْ
                  وَأَيْقَنُوْاالمَوْتَ .. وَانْحَلَّتْ عُرَىالأَمَـدِ


                  غَدَاًسَتَصْفَرُّ هَذِي الأَرْضُ – إنْرَجَعُوْا
                  غَدَاً – وَسَوْفَتَمُوْتُالأَرْضُبَعْـدَ غَـدِ

                  وتكاد الخاتمة الجميلة هذه تلخص فكرة القصيدة بكاملهاوارتباطها الجذري بالعنوان
                  فقد حزنت الأرض ( العنوان ) لأنأحبتها فارقوها طلبا للمال أو العيش الرغد كما ظنوا أو اعتقدوا ( يلتذون بالزبد )
                  وأنهم سوف يعودون .......ولكن متى
                  ( غداً ) هنا هي مطلق زمني لا تعبر عن وقت محدد ولكن الشاعرهدف من استعمال هذه اللفظة إلى اقتراب عودتهم ولم يكن الشاعر عاجزا أبدا عن استعماللفظة بديلة لو كان يقصد بعدا زمنيا آخر
                  إذن سيعودون .....في أمدقريب
                  بعد أن يصيبهم الإحباط ويقتربون من النهاية ...الحتمية ( وأيقنوا الموت )
                  وسيعودون وهنا المفصل الهام
                  بعدفوات الأوان
                  ويندمون ولات حين ندم
                  ووما يدلل على هذا المعنى ...أنهمسيعودون غدا وسوف تموت الأرض بعد غد
                  وهنا تبرز فكرة عبثية العودة وأنها كانتمتأخرة عن موعدها بكثير وأنها جاءت بعد فواتالأوان
                  ولن ترحب الأرض بعودتهم ....لأنهم عقروها وخانوها وهجروها طلباللزبد
                  فسوف تصفر عند عودتهم ....وسوف يصيبها القحط وتموت
                  والإشارة هنا أن عودتهم لن تجلب الخيرللأرض
                  ولكنها ستزيد من حزنها وتموت أوتكاد
                  ومن هنا يأتي اختلافي مع قراءة الناقدة جميلة ....التي اعتبرت أن العودةستريح الأرض وتجعلها تفرح بعودتهم وهمخونتها..
                  ولكي تقارب الناقدة من قراءتها للخاتمة ..جاءت بتفاسير لمعنى الإصفرارالذي لا جدال في أنه لون الشحوب والقحط ...والموت

                  ********


                  لقد ذكرت في بداية كلامي أني توقفت كثيرا عند النهاية التي ذكرت فيها
                  ماذهبت أنت إليه كإحتمال وارد وقوي .. وبقيت لفترة طويلة أظن أن
                  النهاية جاءت مفتوحة فالشاعر يعيش بين الخوف والرجاء .. ولكني
                  بصراحة لم أستطع أن أقتنع أن شاعرا بحجم مهند حسن الشاوي ..
                  يكتب قصيدة كـ للمسرى درب آخر
                  http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=43688
                  وقصيدة صمت وبوح
                  http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=42735
                  وغيرهن الكثير من القصائد المنتشرة في المنتديات الأخرى مثل :
                  فصول أنثى
                  http://www.al7akaia.com/forums/showthread.php?t=7329


                  وشرائق القز
                  http://www.al7akaia.com/forums/showthread.php?t=6156
                  من غير المنطقي أن لا يلاحظ شاعر كهذا أنه كرر كلمة الأرض مرتين في بيت واحد وبمعنىً واحد .. خاصة أنه كرر كلمة ( غد ) أيضا .. وإذا كان هذا ما رآه حقا فإني أراه معيبا حتى وإن كان شاعرا مبتدءً .. فمابالك بشاعر نراه مجددا !!
                  لكني لا أنكر أني بقيت مع رؤيتك زمنا طويلا حتى عثرت على صيد ثمين . فالمدة الزمنية طويلة بين تاريخ نشر قصيدة (أحزان الأرض )
                  وتاريخ نشر هذا المقال .

                  *******




                  وفي كل الأحوال
                  فإن تعدد القراءات أمرٌ يثري النص أولا ويضمنه أبعاداجديدة..ويحمله أكثر من تأويل وهذه ميزة القراءات النقدية الجادة ...وميزة النصوصالحيوية
                  ذلك أن النص الذي لا تتعدد قراءاته هو نص جامد ميت .
                  وشكرا للشاعرة الناقدةجميلة الكبسيعلى هذهالإختيار وهذه القراءة
                  وتقديري للجميع

                  **********


                  أخيراً ، أستاذي القدير يوسف أبوسالم أريد أن أقول كلمة حق فأنت
                  أستاذي على كافة الأصعدة .. أنا بصدق لا أجد كلمات أشكرك بها على
                  هذا التفاعل .. وتأكد أن لاشيء يسعدني كنقاش موضوعي رفيع
                  المستوى مع فكر خلاق كـ فكرك
                  أمنياتي بمعيتك وتوجيهك لاتنتهي
                  تقبل شكري الجزيل
                  ومحبتي التي تعرف
                  *
                  * *
                  * * *

                  " أنا من لا تمل الأمل "

                  * * *
                  * *
                  *

                  تعليق

                  • جميلة الكبسي
                    شاعرة وأديبة
                    • 17-06-2009
                    • 798

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة صادق حمزة منذر مشاهدة المشاركة
                    الشاعرة والناقدة جميلة الكبسي ..


                    لقد أعطى تشريحك النقدي للقصيدة لونا آخر ونكهة أخرى ربما ابتعد قليلا أو كثيرا عن الريتم الحسي للقصيدة وللشاعر في مفاصل عدة وربما كان هذا إحساس الشاعر/ الناقد لديك .


                    ولكنني أجد أن الأغنى كان هو هذا الطرح الذي اهتم بموضوع التغرب من قبل الشاعر والناقدة والمعلقين وخصوصا الأستاذ يوسف أبو سالم حيث أن القراءات انطلقت بمجملها من هذا المضمون وبالطبع لا بد أن يغلب التجسيد العاطفي للكلمة والموسيقا والقافية ولا شك أن الحزن كان سيد العواطف و أقواها عموما و عند العرب خصوصا ومن المهم أن نميز هنا أن الحزن كان حواريا واتخذ طابع المحاكمة التي تحمل صورة الإنذار المبكر أو ربما الندم على فرصة ضاعت .. ولكنها كانت دعوة للوقوف مع الذات .. دعوة مفتوحة تتسع لكثير من المشاركين .


                    ........


                    تحيتي للناقدة وللشاعر ولجميع المشاركين
                    تحية تليق بك أيها المبدع ومرحبا كبيرة بحجم سعادتي بتوقفك هنا وإكرامك لي بردك الجميل
                    قلت في البداية ، أني ابتعدت قليلا أوكثيرا عن الريتم الحسي .. الحقيقة لم أفهم فليتك تفصل لعلي أستفيد ، خاصة أن بين يدي قراءات أخرى أتمنى أن تكون أفضل جودة من هذه .
                    فإذا قلنا أن القصيدة الشعرية عموما عبارة عن ترجمة لفظية لمجموعة من الأحاسيس والمشاعر التي فرضت نفسها على
                    الشاعر .. وإذا قلنا أني لم أركز في قراءتي كتركيزي على هذا
                    الجانب فأي بعد قصدته كثيرا كان أو قليلا ؟!!
                    أما ردي على باقي تعليقك فقد تضمنه ردي على تعليق الأستاذ يوسف أبوسالم
                    شكرا مرة أخرى لأنك هنا
                    ومازلت أنتظر منك إيضاحا
                    احترامي وجل تقديري
                    *
                    * *
                    * * *

                    " أنا من لا تمل الأمل "

                    * * *
                    * *
                    *

                    تعليق

                    • مهتدي مصطفى غالب
                      شاعروناقد أدبي و مسرحي
                      • 30-08-2008
                      • 863

                      #11
                      دراسة متقنة لقصيدة تستحق القراءة و الدرس
                      لكما مودتي و تقديري
                      ليست القصيدة...قبلة أو سكين
                      ليست القصيدة...زهرة أو دماء
                      ليست القصيدة...رائحة عطر أو نهر عنبر
                      ليست القصيدة...سمكة .... أو بحر
                      القصيدة...قلب...
                      كالوردة على جثة الكون

                      تعليق

                      • يوسف أبوسالم
                        أديب وكاتب
                        • 08-06-2009
                        • 2490

                        #12
                        في الواقع
                        كنت أنوي الرد المفصل على
                        ما ورد في رد الناقدة جميلة الكبسي
                        التي دافعت فيه عن وجهات نظرها وقراءتها
                        ولكنني وجدتني سأدافع بدوري عن قراءتي ووجهة نظري
                        لذلك هاهما وجهتا النظر مطروحتان لمزيد من القراءات والحوارات
                        وبانتظار حوارات متفاعلة أخرى
                        للجميع إحترامي
                        التعديل الأخير تم بواسطة يوسف أبوسالم; الساعة 29-12-2009, 08:24.

                        تعليق

                        • جميلة الكبسي
                          شاعرة وأديبة
                          • 17-06-2009
                          • 798

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة مهتدي مصطفى غالب مشاهدة المشاركة
                          دراسة متقنة لقصيدة تستحق القراءة و الدرس


                          لكما مودتي و تقديري
                          [align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]
                          الشاعر المبدع الجميل مهتدي مصطفى غالب
                          شرفت بمرورك من هنا ووقوفك على ما كتبت فشكرا تليق
                          ليس غريبا أن يكون لشاعر بقدرك اهتماما نقديا فالنقد توأم الشعر
                          وأنت أهل لهما
                          مجددا أرحب بك وبمتابعتك
                          امتناني وجل تقديري
                          [/align]
                          [/cell][/table1][/align]
                          *
                          * *
                          * * *

                          " أنا من لا تمل الأمل "

                          * * *
                          * *
                          *

                          تعليق

                          • جميلة الكبسي
                            شاعرة وأديبة
                            • 17-06-2009
                            • 798

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة يوسف أبوسالم مشاهدة المشاركة
                            في الواقع

                            كنت أنوي الرد المفصل على
                            ما ورد في رد الناقدة جميلة الكبسي
                            التي دافعت فيه عن وجهات نظرها وقراءتها
                            ولكنني وجدتني سأدافع بدوري عن قراءتي ووجهة نظري
                            لذلك هاهما وجهتا النظر مطروحتان لمزيد من القراءات والحوارات
                            وبانتظار حوارات متفاعلة أخرى

                            للجميع إحترامي
                            [align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]
                            كنت أتمنى أن تفعل ..
                            لكن بما أنك ارتئيت أن الأفضل ألا تفعل فهو الأفضل
                            كن هنا دوما وتابع معي .. فلا غنى لحرفي عن توجيهاتك
                            دمت كبيرا
                            [/align]
                            [/cell][/table1][/align]
                            *
                            * *
                            * * *

                            " أنا من لا تمل الأمل "

                            * * *
                            * *
                            *

                            تعليق

                            • أبو صالح
                              أديب وكاتب
                              • 22-02-2008
                              • 3090

                              #15
                              هذا الموضوع لجميلة الكبسي وما اختارته من نص والحوار الموضوعي مع يوسف أبو سالم بالرغم من اختلافهما هو ما أتمنى أن تغار كل مواضيع قسم المعنى منه

                              هذا أدب حقيقي

                              تعليق

                              يعمل...
                              X