إشارة حمراء
شعر : د. جمال مرسي
[poem=font="simplified arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
نَظَرَت ، نَظَرْتُ ، فَرَقَّتِ الأَنظارُ=شَهِقَت ، شَهِقْتُ ، فَعَادَنِي التّذكَارُ
و كأنَّ صُورَتَهَا التِِّي لَمَّا تَغِب=عَنِّي ، شَرِيطٌ مَرَّ بي ، و مَنَارُ
يُرسِِي شِرَاعِيَ فَوقَ شَاطِئِ أَمسِِهَا=لِيَتُوهَ .. بَعدَ إِيابِهِ .. البَحَّارُ
هِيَ ذِي ؟ أُسَائِلُ خَافِقاً مُتَرَنِّحاً=مِن خَمرِ عَينَيهَا ، كَوَتهُ النَّارُ
هِيَ ذِي ؟ نَعَمْ ! جَاوَبتُنِي ، حَتَّى و إِنْ=وَارَى مُحَيَّاهَا البَهِيَّ خِمَارُ
فالأُفْقُ لا تُخفِي الشُّمُوسَ غُيُومُهُ =و اللَّيلُ تُبدِي حُسنَهُ الأَقمَارُ
و الرَّوضُ لا يَبقَى نَدِيّاً إِن جَفَت=بَاحَاتِهِ الأَغصَانُ و الأَزهَارُ
**=**
يا أَنتِ : كِدتُ أَقُولهَا ، وعيونُنا=كَادَت بِصَمتِِ حَدِيِثِهَا تَنهَارُ
و على دُنُوِّ مَسَافةٍ رُسِمَت لنا=كَادَت تَبُوحُ بِسِرِّهَا الأَعطَارُ
هَل أَنتِ نَبضُ الأَمسِ ؟ أَم بِي جِنَّةٌ=أَم كُنتُ مِن سُوُقِ الرُّؤَى أَمتَارُ ؟
هيَ أنتِ حقّاً مَن أَرَى ، أَم أَنَّنِي=فِي الوَهمِ ، أَم قَد خَانَنِي الإِبصَارُ ؟
جَنَحَت بِأَشرِعَةِ السُّؤالِ سَفِينَتِي=فَلتُنقِذِيهَا ، شَقَّهَا التَّيَّارُ
باللهِ لا تَتَمَنَّعِي ، قَد هَدَّنِي=بِالأَمسِ مِنكِ الهَجرُ و الأَسفَارُ
و اليَومَ قَد مَنَّ السَّحَابُ بِقَطرَةٍ=للشَّارِدَيْنِ ، و شَاءَت الأَقدَارُ
**=**
عَينَاكِ لِي وَطَنٌ و قَلبُكِ قِبلةٌ=لمُشَرَّدٍ مِثلِي ، و صَدرُكِ دَارُ
كَم ذَا أَوَيتُ إِلَيهِ فِي لَيلِ الأَسَى=أَغفُو ، و أَهدَابُ الجُفُونِ دِثَارُ
و مَسَحتُ فِي رُدنَيْكِ دَمعَةَ غُربَتِي=و اْرتَدتُ بَحراً ، مَوجُهُ هَدَّارُ
أَنكَرتُ كُلَّ مَوَاجِعِي إِذ ضَمَّنِي=قَلبُ الرَّبِيعِ ، و زَالَتِ الأَخطَارُ
و قَطَفتُ مِن خَدَّيكِ زَهرَةَ عَاشِقٍ=أَسكَنتُهَا قَلباً عَلَيكِ يَغَارُ
قَد كُنتُ فِي صَفحَاتِ حُبِّكِ وَاحِداً =و جَمِيعُهُم فِي صَفحَتِي أَصفَارُ
و اليَومَ تَجمَعُنَا "الإِشَارَةُ" ، والنَّوَى=فَرضٌ عَلَينَا، و "الخَرِيفُ" سِتَارُ
**=**
يَا أَنتِ : ثَوبِي فِي البَرِيَّةِ نَاصِعاً=يَبقَى ، فَلَم تَعلَق بِهِ الأَوْضَارُ
جُرِّعتُ كَاسَاتِ المُرَارِ ، و إِنَّنِي=رَغَم الخُطُوبِ مَثَابرٌ صَبَّارُ
ما كُنتُ أَعبَأُ بِافتِرَاءِ مُخَادِعٍ=كَعبِي عَلَيهِ ، و سَيفِيَ البَتَّارُ
إِن شِئتُ بِالشِّعرِ اْجتَثَثْتُ جُذُوُرَهُ=كَي يَهدَأَ البُركَانُ و الإِعصَارُ
لكنَّ لِي فِي هَذِهِ الدُّنيَا رُؤَىً=أَولَى ، و لَيسَ يَهُمُّنِي الأَقذَارُ
وَطنِي الَّذِي أَسكَنتُهُ فِي خَافِقِي=فَاضَت بِأَعرَاقِي لَهُ الأَنهَارُ
مَا كُنتُ أَرضَى أَن يُدَنِّسَ ثَوبَهُ=وَغدٌ، و يَنهَشَ لَحمَهُ غَدَّارُ
**=**
يَمتَدُّ بِي صَمتُ الكَلاَمِ ، و وِجهَتِي=مَا عُدتُ أَذكُرُهَا و أَينَ مَسَارُ
و إذِ الإِشَارَةُ قَد تَغَيَّرَ لَونُهَا=و يَمِينُهَا فِي نَاظِرَيَّ يَسَارُ
يا أنتِ لا تَتَعَجَّلِي ، مَهلاً ، و لا=تَمشِي ، فَتُطوَى خَلفَكِ الأَسرَارُ
هل كُنتِ طَيفاً جَاءَ يُؤنِسُ وَحشَتِي=بَعدَ الخَرِيفِ رَبِيعُهُ المِعطَارُ
أم كنتِ غَيثاً جاءَ يروِي تُربَتِي=من بعدِ جَدبٍ ماؤُهُ المِدرَارُ
فَتُشِيحُ مُعرِضَةً بِوَجهٍ كَالنَّدَى=و تَطِيرُ فِي أَعقَابِهَا الأَنظَارُ
و أنا المُسَمَّرُ في الإِشَارَةِ شَارِداً=مِن خَلفِيَ الشُّرطِيُّ و الإِقرَارُ
[/poem]
تعليق