حيتان واسماك
أصبحت عادة تصفح المنتدى تلازمني يوميا بلا انقطاع . لا أدري إن هي وجبة صحية . ام هاجسا
يُنبيء بِتَرَدِّي ما آلَ إليه حالي من عزلة وعدم تواصل حتى مع أقرب الناس لي ؟ الى ان باتت
زوجتي تعيرني بهذا القريب البعيد . ألا وهو اللاّب توب وتتحداني إن هو يلبي رغباتي ويفيد .
ها هي الإجابة تطل من احدى صفحاته تعلن عن تخصيص جائزة للمبدعين . سرحت وانا اتصفح
الموضوع , وقلت في نفسي , سوف آتيها بالتكريم منقوشا على ورق الذهب .
ما هي إلاّ لحظات حتى عُدت للتَّجَهُم حين تذكرت حادثتين حصلتا معي في العيادة بيوم من الايام .
وسوف انقلهما بأمانة وصدق .
الحادثة الاولى . حين جائني احد المرضى وكنت اعرفه قبل ان اصبح طبيبا . يشكو من تقلقل احد
اسنانه ويروم قلعه . قمت بفحص السن . وفعلا , السن - يُبَلْبِط - على قول اهل البلد . لا يمكن تثبيته .
وعلاجه هو القلع . تم قلعه بثوانٍ ودون جهد يُذكر . حين سألني عن الاتعاب , طلبت منه خمسة
دنانير . وذلك حسب لائحة الاسعار . نَظَرَ الزبون نحوي بينما كنت اهم بالجلوس . والشرر يتطاير
من عينيه . قلت في نفسي . يبدو ان خمسة دنانير على قلع ضرس نُصْ مقلوع كثير . وقبل ان
استجيب لنداء ذاتي بسحب عرض قبول الأتعاب على اعتبار ان السن خالص ومش مستاهل . مَدَّ
يده بجيب بنطاله وأمسك بمحفظته كمن يمسك بمسدس . سحب منها ورقة بعشرين دينار وضعها
فوق المكتب . وهو يصرخ بوجهي قائلا :
ــ يا فوزي ... كندرجي بيوخد اكتر مِنَّكْ .
وخرج دون ان يلقي تحية الوداع .
الحادثة الثانية . جائتني دعد ابنة ابو دعد مختار الحي . وضرسها في حالة يرثى له . اكل النخر
تاجه حتى بات لا يمكن اصلاحه . والقلع هو العلاج . لكن , لا يوجد تاج للضرس كي تحيط به
كلابة القلع , وتقبض عليه . ليس هناك طريقة لقلعه سوى فصل جذوره الثلاث . وقلع كل جذر
على حدة . بذلت مجهودا كبيرا حتى قمت بالمهمة على اكمل وجه .
سألتني عن الأتعاب . ماذا اقول لها . عشرون دينار حسب لائحة الأسعار ؟ ابو دعد سوف
يفضحني في الحارة ويقول عني - مَغْلَوَنْجي - . بسيطة , سأفترض انه قلعا عاديا وليس قلعا جراحيا .
ــ خمس دنانير
ــ انا مش حاملة مصاري . ابوي بحاسبك .
بعد مرور ثلاث دقائق . زمجر جرس الهاتف حتى خلتهُ أسداً هاربا من حديقة الحيوان .
كان ابو دعد على الطرف الثاني .
ــ يا فوزي يا ظالم .... جيرانك الدكاترة بيوخدوا ثلاث دنانير عالخلع . وانت خمسة . راح ابعتلك
اربعة والله بعوض .
وأقفل الخط قبل ما انطق بكلمة .
كما ترون , لم تستوفي اي حالة من الحالتين حقها الطبيعي في التقدير . ومحسوبكم ابو الفوز
مظلوم بكلتيهما . لكن , المثل بيقول " اعمل طيب وارميه في البحر "
يا خوفي هالطيب يبلعه حوت . ويشمتوا العدا فيِّ .
الله يستر
ملاحظة :
في اللحظة التي كنت أنوي فيها نشر هذا النص
وإذا برسالة تصلني من إدارة الملتقى ، وتهديني فيها وساما للتكريم
ترددت في عملية النشر . كي لا يُظن بي أنني - قليل الأصل -
لكن بعد شد وجذب قررت أن أقوم بالنشر ليقيني أنني لا أغمز
لأمر ما . إنما هو موضوع عام ولا يمت للواقع
إنما خيال على رأي صاحبنا الدكتور محسن الصفار .
أصبحت عادة تصفح المنتدى تلازمني يوميا بلا انقطاع . لا أدري إن هي وجبة صحية . ام هاجسا
يُنبيء بِتَرَدِّي ما آلَ إليه حالي من عزلة وعدم تواصل حتى مع أقرب الناس لي ؟ الى ان باتت
زوجتي تعيرني بهذا القريب البعيد . ألا وهو اللاّب توب وتتحداني إن هو يلبي رغباتي ويفيد .
ها هي الإجابة تطل من احدى صفحاته تعلن عن تخصيص جائزة للمبدعين . سرحت وانا اتصفح
الموضوع , وقلت في نفسي , سوف آتيها بالتكريم منقوشا على ورق الذهب .
ما هي إلاّ لحظات حتى عُدت للتَّجَهُم حين تذكرت حادثتين حصلتا معي في العيادة بيوم من الايام .
وسوف انقلهما بأمانة وصدق .
الحادثة الاولى . حين جائني احد المرضى وكنت اعرفه قبل ان اصبح طبيبا . يشكو من تقلقل احد
اسنانه ويروم قلعه . قمت بفحص السن . وفعلا , السن - يُبَلْبِط - على قول اهل البلد . لا يمكن تثبيته .
وعلاجه هو القلع . تم قلعه بثوانٍ ودون جهد يُذكر . حين سألني عن الاتعاب , طلبت منه خمسة
دنانير . وذلك حسب لائحة الاسعار . نَظَرَ الزبون نحوي بينما كنت اهم بالجلوس . والشرر يتطاير
من عينيه . قلت في نفسي . يبدو ان خمسة دنانير على قلع ضرس نُصْ مقلوع كثير . وقبل ان
استجيب لنداء ذاتي بسحب عرض قبول الأتعاب على اعتبار ان السن خالص ومش مستاهل . مَدَّ
يده بجيب بنطاله وأمسك بمحفظته كمن يمسك بمسدس . سحب منها ورقة بعشرين دينار وضعها
فوق المكتب . وهو يصرخ بوجهي قائلا :
ــ يا فوزي ... كندرجي بيوخد اكتر مِنَّكْ .
وخرج دون ان يلقي تحية الوداع .
الحادثة الثانية . جائتني دعد ابنة ابو دعد مختار الحي . وضرسها في حالة يرثى له . اكل النخر
تاجه حتى بات لا يمكن اصلاحه . والقلع هو العلاج . لكن , لا يوجد تاج للضرس كي تحيط به
كلابة القلع , وتقبض عليه . ليس هناك طريقة لقلعه سوى فصل جذوره الثلاث . وقلع كل جذر
على حدة . بذلت مجهودا كبيرا حتى قمت بالمهمة على اكمل وجه .
سألتني عن الأتعاب . ماذا اقول لها . عشرون دينار حسب لائحة الأسعار ؟ ابو دعد سوف
يفضحني في الحارة ويقول عني - مَغْلَوَنْجي - . بسيطة , سأفترض انه قلعا عاديا وليس قلعا جراحيا .
ــ خمس دنانير
ــ انا مش حاملة مصاري . ابوي بحاسبك .
بعد مرور ثلاث دقائق . زمجر جرس الهاتف حتى خلتهُ أسداً هاربا من حديقة الحيوان .
كان ابو دعد على الطرف الثاني .
ــ يا فوزي يا ظالم .... جيرانك الدكاترة بيوخدوا ثلاث دنانير عالخلع . وانت خمسة . راح ابعتلك
اربعة والله بعوض .
وأقفل الخط قبل ما انطق بكلمة .
كما ترون , لم تستوفي اي حالة من الحالتين حقها الطبيعي في التقدير . ومحسوبكم ابو الفوز
مظلوم بكلتيهما . لكن , المثل بيقول " اعمل طيب وارميه في البحر "
يا خوفي هالطيب يبلعه حوت . ويشمتوا العدا فيِّ .
الله يستر
ملاحظة :
في اللحظة التي كنت أنوي فيها نشر هذا النص
وإذا برسالة تصلني من إدارة الملتقى ، وتهديني فيها وساما للتكريم
ترددت في عملية النشر . كي لا يُظن بي أنني - قليل الأصل -
لكن بعد شد وجذب قررت أن أقوم بالنشر ليقيني أنني لا أغمز
لأمر ما . إنما هو موضوع عام ولا يمت للواقع
إنما خيال على رأي صاحبنا الدكتور محسن الصفار .
تعليق