هل خلقت المرأة من ضلع؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د. رشيد كهوس
    أديب وكاتب
    • 09-09-2009
    • 376

    هل خلقت المرأة من ضلع؟

    [align=justify]
    عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: pالمرأة كالضلع، إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوجi([1])، وفي رواية أخرى للبخاري كذلك:pاستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراi([2]).
    دخلت في يوم من الأيام إلى إحدى المكتبات فرأيت كتابا جذبني عنوانه فاقتنيته لأطلع على محتواه وكنت أظن أنه يدرأ الشبهات التي أثيرت حول المرأة، ولكن خيب ظني لما اطلعت على حقيقته البلجاء، فكان حالي معه كحال من يجلس مع نافخ الكير وجدت منه ريحا منتنة، أكاذيب وخزعبلات واتهامات لم أسمع بها في الكتب التي أطلعت عليها، وسلط جم غضبه على أحكام الشريعة حتى الرسول عليه الصلاة والسلام لم يسلم من هذه الاتهامات. الكتاب تحت عنوان: "الضلع الأعوج" بخط كبير وتحته بخط صغير: "المرأة وهويتها الجنسية الضائعة" لكاتبه إبراهيم محمود باحث سوري.
    فالكتاب من ألفه إلى يائه اتهامات لا أساس لها من الصحة ولا تستند إلى دليل منطقي بل هي حماقات وأغاليط جاء بها هذا الكاتب محاولة منه التشكيك في أحكام الشريعة وتمويه النساء وتأليبهن على أزواجهن، فالكتاب كله حديث عن المرأة وجسدها وأعضائها، والرجل وفحولته وهلم جرا من الأكاذيب... فلا يغررك تقلبهم في البلاد.
    وقد حاولت ألا اقتطف من أقواله شيئا لأنه كلام بذيء لا يرقى إلى مستوى الكتب العلمية، بل كتاب يصلح أن يكون حطب جهنم.
    أرجع إلى شرح الحديث الذي ذكرته في مستهل الشق الثاني من هذا المبحث.
    يقول الإمام النووي:"شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها)، العوج ضبطه بعضهم بفتح العين وضبطه بعضهم بكسرها ولعل الفتح أكثر، وضبطه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر وآخرون بالكسر وهو الأرجح على مقتضى ما سننقله عن أهل اللغة إن شاء الله تعالى.
    قال أهل اللغة: العَوج بالفتح في كل منتصب كالحائط والعود وشبهه، وبالكسر ما كان في بساط أو أرض أو معاش أو دين، ويقال: فلان في دينه عوج بالكسر هذا كلام أهل اللغة. قال صاحب المطالع: قال أهل اللغة: العوج بالفتح في كل شخص، وبالكسر فيما ليس مرئي كالرأي والكلام. قال: وانفرد عنهم أبو عمرو الشيباني فقال: كلاهما بالكسر ومصدرهما بالفتح. (والضلع) بكسر الضاد وفتح اللام.
    وفيه دليل لما يقوله الفقهاء أو بعضهم أن حواء خلقت من ضلع آدم، قال الله تعالى: (خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) (سورة النساء:1) وبين النبي صلى الله عليه وسلم أنها خلقت من ضلع وفي هذا الحديث ملاطفة النساء و الإحسان إليهن والصبر على عوج أخلاقهن واحتمال ضعف عقولهن، وكراهة طلاقهن بلا سبب وأنه لا يطمع باستقامتها والله أعلم" ([3]).
    وعلاوة على ذلك فإن الحديث الذي يذكر أن المرأة خلقت من ضلع أعوج قد صدر على سبيل توصية الرجال بالنساء خيرا ورعايتهن والإفضاء عما قد يقع منهن من هنات([4])، فطبع المرأة فيه اعوجاج لحكمة إلهية، ولذلك وجب على الرجل أن يحسن إليها ويعاشرها بالمعروف، والحديث كما سبق جاء بتوصية للرجال بالإحسان إلى النساء، هكذا عنون البخاري أبواب هذا الحديث: باب المداراة مع النساء، باب الوصاة بالنساء" وكما يقال: فقه البخاري في تبويبه.
    يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي: معنى الضلع الأعوج: حينما يقول ذلك فإنه لا يذم النساء بهذا، وإنما هو صلى الله عليه وسلم يحدد طبائع النساء، وما اختصهن الله به من تفوق العواطف على العقل، على العكس من الرجل الذي يتفوق فيه العقل على العواطف، فما زاد في المرأة نقص من الرجل، وما زاد في الرجل نقص من المرأة.
    ليس العوج في الحديث مراد به الفساد في طبيعة المرأة، لأن عوجها هذا هو صلاحها لأداء مهمتها، فالمرأة من وظائفها أن تتعامل مع الأطفال، والأطفال في حاجة إلى الحنان والانعطاف الشديد، وليسوا في حاجة إلى التعامل معهم تعاملا عقليا أو يغلب عليه العقل، بل هم في حاجة إلى تعامل تغلب فيه العاطفة على العقل، حتى يمكن أن يكون احتمال القذر ومشقات السهر والبكاء والبحث عن راحة الطفل بين متاعبه التي لا يعرف لها سبب أحيانا.
    ولذلك كان أعوج ما في الضلع أعلاه، وأعوج ما في المرأة أعلاها يعني انعطاف صدرها على طفلها، وغلبة عاطفتها على عقلها.
    من هنا أصبح العوج صفة مدح، وليس صفة ذم للمرأة، إذ أن هذا العوج في حقيقته هو استقامة المرأة لمهمتها ([5]).
    فالمقصود بالضلع الأعوج إذن المعنى المجازي وليس اللفظي وهذه هي الحقيقة الثابتة التي تناولها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسلوب المجازي. والمعروف أن القفص الصدري للإنسان يتكون من ضلوع معوجة إلى حد ما. والصواب بقاؤها على عوجها. ولن تجد طبيبا جراحا يجري عملية تجميل لتقويم اعوجاجها.
    وبناء على هذا الوضع الطبيعي - المعروف من قبل الجميع- لجزء من جسد الإنسان شبه به الرسول صلى الله عليه وسلم وضع المرأة، وأمرنا بالتعامل مع النساء بما يلائم طبائعهن، والتصرف معهن على أساس أنهن الجنس الناعم، وعاطفيات أكثر من الرجل، وقد خلقهن الله كذلك بمشيئته لدواع خاصة، مما يتوجب على الرجال مراعاة الرفق في التعامل مع النساء دائما، وإبلاغهن بأمر ما بالرفق والأسلوب الجميل.
    وإن كنت قاسيا في تعاملك مع المرأة فهي لن تتحمل ذلك بوضعها النفسي والعضوي، وستنخرج مشاعرها كما ينكسر الضلع لدى محاولة تقويمها([6])فالحديث إذن يؤكد ويوصي بالرفق والرحمة فيمعاملة النساء، فكيف يدعي دعاة التحرر أنه ينقص من مكانة المرأة وشخصيتها؟
    ولو تأملنا عاطفة المرأة، وحنانها على أطفالها، وأردنا أن نرسم في أذهاننا صورة المرأة الأم مع أطفالها لرسمنا امرأة منحنية عليهم مائلة برأسها فوقهم، فلا تجتمع استقامة الجذع مع حدب المرأة وعطفها، فالأم إما ترضع طفلها أو تحضنه وتحميه، أو تنظفه وتلبسه، وفي جميع هذه الحالات لا تكون إلا منحنية ([7]).
    فاعوجاج الضلع إذن فيه حماية لقلب الرجل، فكأنما المرأة لتحمي الرجل... وتوفر له الاستقرار والطمأنينة والرضا، الأمور التي تكفل لقلب الرجل عدم الاضطراب. ومن ثم السلامة والعافية ([8]).
    ورحبت النساء والأمهات بهذا المفهوم واعتبرنه وصفا لطبيعتهن وتوصية للرجال بالإحسان إليهن والرفق بهن. ولم يعبأن بالشبهات التي أثيرت حول الحديث واعتبرن ذلك أشواكا يزرعها أعداء الإسلام في طريق من يطلب السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة.
    [/align]


    ([align=justify]
    [1])أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب النكاح، باب المداراة مع النساء، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما المرأة كالضلع"، ح 5184.

    ([2])المصدر نفسه، باب الوصاة بالنساء، ح5186 /صحيح مسلم، كتاب الرضاع باب الوصية بالنساء، ح 1468.

    [3] : صحيح مسلم بشرح النووي، 5/281.

    ([4])- المرأة في القرآن والسنة مركزها في الدولة والمجتمع وحياتها الزوجية المتنوعة وواجباتها وحقوقها وآدابها. محمد عزة دروزة، ص: 47.

    ([5])المرأة المسلمة والدعوة إلى الله. أشرف عليه واعتنى به: أحمد الزعبي. ص: 26.

    ([6])المرأة بين شريعة الإسلام والحضارة الغربية، الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، ص: 172-173.

    ([7])- رسالة إلى حواء: اعترافات نوال السعداوي، محمد رشيد العويد، ص: 99.

    ([8])رسالة إلى حواء: اعترافات نوال السعداوي، محمد رشيد العويد، ص: 99.

    [/align]
    sigpic
  • د. رشيد كهوس
    أديب وكاتب
    • 09-09-2009
    • 376

    #2
    [align=justify]
    أختي الكريمة الدكتورة رزان محمد حفظك الله التمست مني في مقالي السابق الموسوم ب:"هل النساء ناقصات عقل ودين؟" أن أوضح أن المقصود العقل لا الذكاء، وأن الحديث لا يعم كل النساء...
    وأحببت أن أجيبك على صفحات هذا المقال كالآتي:
    أختي الكريمة هناك من يقول بأن الحديث لا يعم كل النساء وقيل إن الحديث قيل في زمان ومضى بحجة أننا في عصر التطور والازدهار!!!-ولو كان الأمر كذلك لحكمنا على جملة من الأحاديث بالبطلان-...ومنهم من تكلم في رجال الحديث صحابة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم –وأنى للأقزام أن تطاول الجبال- كل هذا بحكم الاجتهاد وهم لا يعلمون أن الاجتهاد لأهله وفي محله وبشروطه.
    يريدون "الاجتهاد" لماذا هل خدمة لأمتهم؟ كلا! بل تلبية لرغباتهم وشهواتهم الزائلة لأن جملة من الأحاديث تمنعهم دون تحقيق رغباتهم لذلك يدعون إلى فتح باب الاجتهاد لكل من دب وهب، حتى أصبح "الاجتهاد" زورق جهنم ومطية للطموحات الشخصية.
    نعم انحبس الفقه وهناك الكثير من القضايا تحتاج إلى اجتهاد وإلى إعادة النظر لكن من يعيد النظر؟ هل من اتخذ الغرب إسوة وقدوة له؟ هل للائيكيين الذي يفصلون الدين عن المجتمع؟؟؟ هل....؟؟؟
    ولو وقف أولئك مع النص الحديثي لما تفوهوا بتلك الكلمات ولما صموا آذاننا بدعاياتهم الرنانة بحجة الدفاع عن المرأة... والمرأة لا تحتاج إلى من يدافع عنها ليخرجها من بيضة دينها وتكون لقمة سائغة للمتربصين بها...
    المرأة أنصفها رب السموات والأرض ووضعها في مكانتها اللائقة وأحاطها بسياج متين...
    أضف إلى هذا أن المغربين الذين ينادون بتحرر المرأة من قيود دينها هم من ظلم المرأة وأهانها؛ اذهب واسأل خادمات بيوتهم ترى ما هو المحصول الشهري لهن، مثلا عندنا في المغرب الكثير من خادمات البيوت عند أولئك المغربين تحصل على 600 درهم أو 800 درهم مع الإهانات والضرب والشتم... كما وقع لتلك الخادمة عند قاض بالمغرب مؤخرا –لا يتجاوز عمرها 12 عاما- حلق شعرها وكوى جسدها وصب الزيت المغلي في مكان عفتها... فأي امرأة يريدون تحريرها! ! ! لماذا لا يحررون هؤلاء الخادمات والعجائز المرميات على أرصفة الشوارع! ! !
    لأرجع لأجيب على سؤالك أختي الكريمة:
    العَقلُ أصلُ مَعْنَاه المَنْعُ ومنه العِقالُ يعني أن تمسك شيئا وتربطه كي لا يفلت. والعقل جاء لاختيار الآراء وآفة الاختيار العاطفة والهوى؛ فالمرأة تتميز بالعاطفة، لتلبي رغبات وليدها ولتسهر على أولادها، فالنساء عاطفتهن أزيد.. فما تملكه المرأة من عواطف جياشة تفوق ما يملكه الرجل، وهذا عنصر لا يمكن إغفاله في العقل، ويمكن أن يؤثر بشكل واضح في القرار، وأكبر دليل على هذا ما تتحمله النساء من مشاق من حمل الجنين ثم احتضان الوليد والسهر على تربيته...
    أما الرجال فيستعملون العقل مكان العاطفة؛ فمثلا:عندما يقسو الأب على ولده فإن الأم تهرع لتمنعه بحكم طبيعتها العاطفية. ولهذا فالولد يحتاج إلى الحنان والعاطفة من الأم، وإلى العقل من الأب لتكتمل تربيته .
    أما ناقصات دين فمعنى ذلك أنها تعفى من أشياء لا يعفى منها الرجل أبداً ؛ فالرجل لا يعفى من الصلاة حتى وإن كان مريضا صلاها قائما أو قاعدا أو على جنبه أو بالإشارة، وهي تعفى منها في فترات شهرية ولا قضاء عليها، والرجل لا يعفى من الصيام بينما هي تعفى كذلك عدة أيام في الشهر وعليها القضاء، والرجل لا يعفى من الجهاد القتالي وصلاة الجماعة وصلاة الجمعة...
    وهذا من حكمته سبحانه جل وعلا: }وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً{ (النساء:32) .
    فإذا تركت المرأة الصيام لعذر شرعي أو الصلاة فليس ذما فيها؛ ولكنها استجابت لربها ولنبيها عليه الصلاة والسلام وتمسكت بإسلامها الذي أعفاها من الصلاة والصيام في تلك الحالة.
    أضف إلى ذلك أن الحديث النبوي الشريف يصرح بأن النساء ناقصات عقل، ويعلل نقصان العقل عند النساء بكون شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد، فلا يجوز العُدول عن ذلك إلى غيره، كما لا يجوز تحميل كلامه صلى الله عليه وسلم ما لا يحتمل أو تقويله ما لم يَقُـل بأن النساء ناقصات عقل في كل الأمور.
    ولا يمكن أن فهم الحديث بمعزل عن قوله تعالى: }وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى{ (البقرة: من الآية282). وقوله جل ثناؤه: }أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ{ (الزخرف:18).
    فالآية الأولى تعلل ذلك بالضلال والتذكير، ولم تصرح الآية بأن النساء ناقصات عقل أو لأن نصاب الشهادة لقلة تفكير المرأة أو ذكائها لكنها عللت ذلك بما سبق ذكره.
    والآية الثانية تبين قصور المرأة في الخصام.
    فإن قالوا بأن الحديث قيل لزمان ومضى فماذا يقولون في الآيتين؟
    هذا فضلا على أن نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية لا تفرق بين قدرات المرأة العقلية وقدرات الرجل، ويتجلى ذلك في الخطاب القرآني أو السني العام لكل من الرجل والمرأة :
    يقول الحق عز اسمه:
    }إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً{ (الأحزاب:35)
    }وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{ (التوبة:71).
    }وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{ (التوبة:72).
    }لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً{ (الفتح:5) .
    }يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{ (الحديد:12)
    }إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ{ (البروج:10).
    إذن، فنقصان العقل لا يعني النقص العام في مستوى الذكاء والاستيعاب والفهم، بل هو نقص عارض نتيجة للتغيرات الطبيعية للمرأة في حالة الحيض أو الحمل أو غير ذلك من عوارض النساء، أو نقص عارض طويل المدى، في حالة الحمل والرضاعة والحضانة والتربية ومراعاة الزوج ...
    إذن فالحديث النبوي الشريف علل نقصان العقل بقوله: (أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل).
    وعلل نقصان الدين بقوله: (تمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في رمضان، فهذا نقصانالدين).
    إذن فلا يجوز لنا العدول عن هذا التعليل إلى غيره، كما لا يجوز لنا أن نتقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما أنه لا يجوز لإنسان أن يقرأ (ولا تقربوا الصلاة) ويقف
    أو يقرأ (
    ويل للمصلين ) ويقف!

    هذا علاوة على أن نقص الدين ليس مختصا بالمرأة وحدها بل حتى الرجل؛ فالإيمان ينقص بالمعصية وبارتكاب الذنوب... وقد تكون المرأة أفضل منه إن فاتته في قربها من الله تعالى، ويكون هو في الحضيض بانسياقه وراء شهواته وملذاته، وابتاعه لهواه وشيطانه..
    كما أن الشهادة لا تختص بالمرأة فقط؛ فإن كانت شهادتها على النصف من شهادة الرجل
    فإن "الرجل" أحياناً يكون على أقل من النصف من شهادة المرأة، فإن كان فاسقا أو متهما في دينه ردت شهادته.

    إذن فالمرأة لا تعاب على هذا فهذه هي خلقتها، فكما لا يعاب القصير بقصره، ولا الأسمر بسمرته ولا الطويل بطوله.. فهذا من خلق الله تعالى لا يعتريه التبديل ولا التحويل : (ولن تجد لسنة الله تبديلا).
    [/align]
    sigpic

    تعليق

    • رشا عبادة
      عضـو الملتقى
      • 08-03-2009
      • 3346

      #3
      [align=center][align=center]السلام عليك يا طيب الحروف
      يستهويني إهتمامك وإجتهادك بتوضيح الأمور وشرحها بهدوء ولين ورقي وعلم
      " ما شاء الله عليك"
      جزاك الله عنا كل خير يا سيدي
      وأشكرك كونك ذكرت إسم هذا الكتاب وكاتبه وأوضحت مدى سخفه وأكاذيبه، كما هو حال الكثير من الكتب الدينية خاصة ، التى لايراعي أصحابها ضمائرهم فى تشتيت الناس" لاسامحهم الله"

      الأهم هنا يا أستاذي، بحديثك عن الضلع الأعوج
      تذكرت وانا أقرأ سطورك ، إستمتاعي بهذا الدرس الذي سمعته عن خَلق سيدنا آدم
      وكيف عطس حينما دب الله فيه الروح
      فقال الله عز وجل قل الحمد لله،فقالها
      فردت عليه الملائكة .. قائليين، يرحمك الله

      ثم تحدث الشيخ بعد هذا عن كيفية خلق "امنا حواء"
      وكيف إستيقظ سيدا آدم ليجدها الى جواره
      فقد خلقها الله من ضلعه الأعوج، وهو نائم ، حتى لايشعر بآلام الولادة، فيكرهها أو يستاء منها" سبحان الله" واوضح هنا الفارق ما بين عاطفة الرجل والمرأة ، فى كون النساء يتحملن آلام الولادة بصبر وجلد، وحب وفرحة ، ولا يشعرن باى غضب أو كراهية لصغارهن!
      الأهم هنا يا سيدي ليس فى كونها خلقت من ضلع أعوج\
      لكن الأهم هو \اين يوجد هذا الضلع الأعوج تحديدا
      بسم الله الرحمن الرحيم
      "وخلقنا لكم من أنفسكم أزواجاً، لتسكنوا اليها وجعلنا بينكم مودة ورحمة"
      نعم يا سيدي هنا يكمن الجمال والقوة والرقي
      وكأن الله عز وجل هنا يؤكد انه ليست المرأة وحدها التى تسم طباعها بالإعوجاج تحت مبدأ زيادة العاطفة وغلبتها على العقل
      ولكن الرجل أيضا ، الزوج، الضلع الأصلي الأعوج الذي يحمى عضلة القلب للرجل
      أستشعرها هنا وكأنها رسالة تقول
      "ان اعوجاج زوجتك ما هو الا بعض من إعوجاج ضلع يسكن صدرك ويحمي قلبك من الخطر"
      أرأيت كم هى الصورة جميلة وممتعة، الى حد يجعلني أنتشي انى كأمرأة خلقت من ضلع إعوجاجه ماهو الا حماية لقلب من أحب!

      ووالله يا سيدي، مهما قالوا، او حرفوا او استغلوا جهل البعض او سطحيتهم
      فيكفينا نحن النساء
      ان الحبيب المصطفى ، عليه الصلاة والسلام
      تحامل على آلامه بلحظات وفاته ، حينما طلب من اصحابة ان يصبوا عليه قرب الماء، ويحملوه للمنبر ليقول خطبة الوداع الأخيرة
      رسول الله بخطبة الوداع
      بمن يوصي
      بالنساء
      يقولها الحبيب ثلاثا، نا
      مع آخر لحظاته ، يكرمنا نحن، يتذكرنا، يأتي على ذكرنا ، يوصي بنا
      يا ااالله ، ما أرقه وأطيبه وأعظم خلقه
      أكاد اسمعها، وهو ينطقها بحنان العالم وحكمته
      قائلاً
      استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عوان عندكم
      اللهم صلي وسلم على الحبيب المصطفى
      الا يكفينا هذا من الدنيا يا سيدي
      والله شخصيا ، يكفيني وأكثر
      بل اكاد استشعر معه حسد الرجال وغيرتهم منا

      سامحني على الإطالة يا طيب
      وعلى الأخطاء المطبعية أو غيرها برواية القصة
      كوني أكتب من رأسي مباشرة
      [/align]
      [/align]
      " أعترف بأني لا أمتلك كل الجمال، ولكني أكره كل القبح"
      كلــنــا مــيـــدان التــحــريـــر

      تعليق

      • د. رشيد كهوس
        أديب وكاتب
        • 09-09-2009
        • 376

        #4
        [align=justify]
        أختي الكريمة الأستاذة رشا عبادة حفظك الله:
        أشكرك على إضافتك المميزة وعلى ماأتحفتنا به من درر، ذكرتني يا أختي الفاضلة بقولك:"ألا يكفينا هذا من الدنيا يا سيدي" وعن رحمة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفقه بالنساء... ويا ليت كل الناس يفهمون هكذا.. ويا ليتهم تأملوا وتدبروا في سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعرفوا حقيقة رحمته ورفقه وحرصه على أمته..
        ذكرتني بغزوة حنين وبالصحابة الذين اختاروا الآخرة على الدنيا واختاروا رسول الله صلى الله عليه وسله وتركوا لعاع الدنيا وزخرفها:
        عن سيدنا أبي سعيد الخدري t قال: « لما أعطى رسول الله r ما أعطى من تلك العطايا، في قريش وفي قبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كثرت منهم القالة حتى قال قائلهم: لقد لقي والله رسول الله r قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة، فقال: يا رسول الله، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم، لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء. قال: (فأين أنت من ذلك يا سعد؟) قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومي. قال: (فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة). قال: فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة. فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون فردهم. فلما اجتمعوا له أتاه سعد فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول الله r فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: (يا معشر الأنصار: ما قالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلالا فهداكم الله، وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألف الله بين قلوبكم)، قالوا: بلى، الله ورسوله أمن وأفضل . ثم قال )ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟) قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ولرسوله المن والفضل. قال r: ( أما والله لو شئتم لقلتم، فَلَصَدَقْتُمْ ولصُدِّقْتُم: أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك. أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار. اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار. وأبناء أبناء الأنصار).
        قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسما وحظا . ثم انصرف رسول الله r وتفرقوا" ([1]).

        سالمك الله وسلمت يمينك يا أختاه.
        ([1]) سيرة ابن هشام، 4/386-387. طبقات ابن سعد، 2/154. تاريخ الطبري، 2/211. مغازي ابن عقبة، ص288. الدرر في اختصار المغازي والسير، ص175-176.

        [/align]
        التعديل الأخير تم بواسطة د. رشيد كهوس; الساعة 06-01-2010, 12:40.
        sigpic

        تعليق

        • د. رشيد كهوس
          أديب وكاتب
          • 09-09-2009
          • 376

          #5
          [align=justify]
          ولا بأس يا أختي الكريمة ان أضيف هنا فقرة من الكتاب النفيس "تنوير المؤمنات" للإمام عبد السلام ياسين الإدريسي الحسني حول نساء الإسلام:"
          رجع النسوة الجاهليات إلى أصولهن الجاهلية بعد أن ضقن بخناق الكنيسة. هل تنقلع نساء الإسلام من تربتهن لينغرسن في تربة غيرهن؟ إنها شجرة زقوم جهنمية تلك التي تسقى من ماء جهنمي. إنما صلاح نساء الإسلام في محنتهن الحاضرة باستيحاء النموذج النبوي الصحي، وتنفس عبيره، وتجديد أجوائه، والانغراس في بيئة إيمانية تجدد ذلك النموذج روحا وسلوكا وعلما واتباعا واعتصاما.
          كيف تحولت الصحابيات رضي الله عنهن؟ كيف تربين في الشدائد التي قتلت فيها أول شهيدة -بل أول نفس- في الإسلام تحت العذاب؟ كيف تربين بعد ذلك حتى حصلت لهن تلك المعاني القلبية العميقة التي حولت إرادتهن عن التعلق بزينة الحياة الدنيا؟
          إلى نموذج الصحابيات ترجع نساء الإسلام لاستيحاء المثال، لا إلى أحكام مجردة معممة تناولها الفقهاء كل في زمانه ومكانه، وظروفه السياسية، وتقلبات الزمن به، وأولوياته، وضرورياته التي أباحت المحظورات، ومصالحه التي قورنت بالمفاسد، وضرره الأصغر الذي دَرَأ به الضررَ الأكبر. يلزم اجتهاد وفقه لفقهِ الظروف التي أثرت في اجتهاد الفقهاء الأجلاء في عصور هبط فيها الحكم إلى دركات العض والجبر.
          وما علينا من الاجتهاد حين تكون السنة مجسدة حية إلا التقليد في حدود بيئتنا المعاصرة ووُسعنا للنموذج الحي المثالي. لا مكان للتأويل ولا للتخصيص والتقييد عندما نقرأ الحياة العملية للصحابيات رضي الله عنهن. أولئك كن السابقاتِ الأُولَياتِ من المهاجرات والأنصاريات اللواتي رضي الله عنهن ورضوا عنه، وأعد لهن جنات تجري من تحتها الأنهار.
          نقرأ من بيت النبوة، نستقي من النبع، نقتبس الهدى والنور من مشكاة النبي وآله وأهل بيته. كان خلُقه صلى الله عليه وسلم القرآن كما قالت أمنا عائشة رضي الله عنها. فبالقرآن خلّقهن، وبالقرآن هذبهن، وبرأفته وحكمته قوَّمهن. وبحضوره ومعاشرته ومحبته التي سكنت شِغاف القلوب تشربن الإيمان واستروَحْن رَوح الإحسان.
          نقرأ عن أمنا عائشة رضي الله عنها العالمة المفتية التي تُذكر مع كبار علماء الفتوى من الصحابة أمثال أبيها الصديق، والفاروق عمر، وعلي الإمام، وعبد الله بن مسعود.
          نقرأ عن عائشة المحدثة المكثرة التي تتقدم فتسامي أكثر الصحابة جمعا للسنة ورواية لها وحفظا وتعليما. نقرأ عن عائشة المجاهدة التي كانت تنقُزُ قِرَب الماء تجري بها سريعة لتسقي جرحى أحُد وتواسيهم. نقرأ عن عائشة الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر التي كانت تنتقد أمير المومنين عثمان، نقرأ عن عائشة قائدة الثورة على الإمام علي كرم الله وجهه لما اجتهدت فأخطأت، ثم ندمت على خطإها وتابت في آخر حياتها واستغفرت.
          نقرأ عن عائشة التي بلغها جبريل عليه السلام سلامه على لسان زوجها الرسول الكريم المربي صلى الله عليه وسلم.
          كيف تربت هذه الفذة من نساء الإسلام؟ تلك الشابة التي كانت تحب اللهو فيقف لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تشبع نهَمَها من الفُرجة على الحبشة وهم يلعبون في المسجد، كيف نشأت؟ كيف ترعرع إيمانها؟ كيف انفعلت مستبشرة مُنزجرة بآيات الله تتلى طرية في بيتها؟ نقرأ ملابسات ذلك التنزيل الحي عسى أن يتجدد لنا بالمحاذاة والاتباع إيمان، وتتحقق لنا توبة، وتسمو لنا همة، وتُقْلِع لنا إرادة من حضيض حب الدنيا والشهوات إلى أوج اختيار الله والرسول والدار الآخرة.
          أنزل الله تعالى في سورة الأحزاب: (يأيها النبيء قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالَيْن أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا. وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) (سورة الأحزاب، الآيتان: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة وهي لا تزال في فجر شبابها فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة. وكذلك فعل ضرائرها الثمان رضي الله عنهن.
          وسبب التنزيل أنهن رضي الله عنهن التفتن في السنة الخامسة من الهجرة إلى ما وسع الله به على المهاجرين الفقراء من فتح أرض قريظة بعد إجلاء يهود بني النضير. فطمعن -وهن نساء، وهن بشر- أن يوسع عليهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النفقة. وهو كان الأسوة في شخصه، فينبغي أن يكون أهل بيته مثالا للتقلل من الدنيا وزينتها. ونزل القرآن بالتخيير. فكان هذا الامتحان مِحكا لإرادتهن وتمحيصا وتوجيها وتحويلا. هذه تربية عملية لا تفقهها المرأة لو قرأت آيات الله في المصحف مجردة معممة.
          قبل امتحان التخيير وصقل الإرادة كان التطهير من الذنوب والتتويب والتقويم.
          أبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرة أمنا زينب يشرب عسلا سقته إياه. فاستولت الغيرة النسائية على نفس عائشة الشابة، ودبرت مغالطة لتصد النبي صلى الله عليه وسلم عن وِجهة هذا العسل الذي استأثرت بواسطته الضرة بوقت من أوقات الحضور المتنافس عليه. وطلبت عائشة بنت الصديق إلى حفصة بنت الفاروق أن تقول للنبي الذي كان يكره الرائحة الكريهة: "هل أكلت مغافر؟" المغافر صمغ شجر العرفط، كان من جملة مطاعمهم أو أدويتهم.
          وكذلك فعلت حفصة ورددت السؤال المشكك المغالط المدبَّر بعد عائشة. فحاول النبي صلى الله عليه وسلم أن يسترضي الصديقية والفاروقية وأن يداري غيرتهن. وأخبر حفصة أنه لم يأكل معـافر وإنما شرب عسلا عند زينب وأنه لن يعود. وأمرها أن لا تخبر عائشة. فعصته وأخبرتها. وهو صلى الله عليه وسلم نبّأه بما فعلت العليم الخبير سبحانه. ونزل الوحي موبخا الزوجين المدبرتين المتظاهرتين المتناصرتين، طالبا إليهما أن تتوبا: (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما. وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المومنين. والملائكة بعد ذلك ظهير(سورة التحريم، الآية:
          وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أزواجه وقد ألْحَفن في سؤال التوسعة في النفقة، ومظاهرة الغيرة النسائية قد استمطرت سورة من القرآن. أقسم صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل عليهن شهرا. ففزع الصحابة للخبر، وجاء عمر يُصلح بين المومنين.
          هذه مشاهد من الحياة اليومية بمشاكلها ومساكنها ومطاعمها ومشاربها وشخصياتها المتحركة المخطئة التائبة المتظاهرة المتخاصمة المتصالحة. تمَسّ من قريب مشاعرنا إن كان الحديث عن المثال السامي المجرد عن عينيته وظرفيته وبشريته يبعدنا ونحن في حضيض واقع بئيس.
          يحكي عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث رواه عنه الشيخان فيقول: "إن كنا في الجاهلية ما نعُد للنساء أمرا. حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسَّم ما قسم. فبينما أنا في أمر أتَأَمَّرُهُ إذ قالت امرأتي: لو صنعتَ كذا وكذا. فقلت لها: مالك ولما هاهنا؟ فيما تكلُّفُك في أمر أريده؟ فقالت لي: عجبا لك يا ابن الخطاب! ما تريد أن تُراجَع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان".
          هل كانت الصحابيات بعد أن أنزل الله فيهن ما أنزل وقسَّم ما قسم كما مهملا صامتا محجورا عليه وراء جدران الحريم. أم أصبحت لهن شخصية مستقلة وإرادة فاعلة بعد أن لم يكن الرجال في الجاهلية يَعُدّون لهن أمرا؟
          يدخل ابن الخطاب، وقد أسمعته امرأته ما لم يكن له به عهد، على ابنته حفصة فيسألها: يا بُنية! إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظَل يومه غضبان؟ فقالت حفصة: والله إنا لنراجعه. فيقول عمر: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله. يا بنية! لا يغرنك هذه التي أعجبها حسنها وحب رسول الله إياها (يعني عائشة).
          ويدخل عمر على أم سَلَمَةَ أم المؤمنين رضي الله عنها يكلمها في الصلح بين النبي وأزواجه. فتزجره قائلة: عجبا لك يا ابن الخطاب! دخلت في كل شيء، حتى تبغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أزواجه!
          ويخرج عمر منكسرا فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول عمر: "فأخذت ثوبي، فأخرج حتى جئت. فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مَشْرُبة له (أي غرفة)(...). فقصصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث. فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء. وتحت رأسه وِسادة من أَدَمٍ (جلد) حشوها لِيفٌ. وإن عند رجليه قَرَظاً مصبورا (ورق يدبغون به مصروراً في صُرة). وعند رأسه أُهُبٌ (جلود لمّا تُدبَغْ) معلقة. فرأيت أثر الحصير في جنْبه".
          إذا سمعت المعاصرةُ كلمة "مشرُبة" مترجمة إلى كلمة "غرفة" تصورتْ ما تعهده من كون الغرفة بناء متينا مؤثثا مصبوغا. اللبِنُ الأحمر نيّئاً والطين وسقف جريد النخل. والأثاث ما سمعت. أخبر التابعي الجليل الحسن البصري وكان نشأ في حماية أم سلمة رضي الله عنها أنه وهو صبي كانت يده تصل سقوف حجرات الأزواج الطاهرات.
          قال عمر: "فبَكَيْت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ فقلت: يا رسول الله! إن كِسرى وقيصر فيما هم فيه. وأنت رسول الله! فقال: أما ترضى أن تكون لهم الدينا ولنا الآخرة؟". وفي رواية قال عمر: يا رسول الله! ادع الله أن يُوَسع على أمتك، فقد وسع على فارسَ والروم وهم لا يعبدون الله. فاستوى النبي صلى الله عليه وسلم جالسا ثم قال: "أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عُجِّلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا".
          عمر أيضا كان تحت التربية كما كانت حفصة وعائشة والمومنات والمومنون. ذلك التحول القلبي الإرادي الذي نقل المسلمات والمسلمين عبر شدائد مكة وجهاد المدينة من مرتبة إلى مرتبة لم يتحقق في حوزات منعزلة ومدارس نظرية. إنما عالجت التربية النبوية القرآنية شوائب الجاهلية وكدورات الخطايا علاجا يوميا فيه معاناة وخصامات وخروج ودخول، وحرب وسلم، واتفاق واختلاف. وكانت نساء الإسلام عنصرا حيا أساسيا. لم يكن هامشا. أعد الله لهن ولرجال الإسلام مغفرة وأجرا عظيما".
          [/align]</b>
          التعديل الأخير تم بواسطة د. رشيد كهوس; الساعة 06-01-2010, 13:01.
          sigpic

          تعليق

          يعمل...
          X