حفل زفاف في قرية الغدير - قصة - نزار ب. الزين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نزار ب. الزين
    أديب وكاتب
    • 14-10-2007
    • 641

    حفل زفاف في قرية الغدير - قصة - نزار ب. الزين

    [align=center]حفل زفاف
    في قرية الغدير
    قصة
    نزار ب. الزين*
    *****
    [/align]


    [align=right]خيمتان عملاقتان نصبتا في ساحة قرية الغدير الرئيسية ، توزع على وسائد الأولى المزركشة وجهاء القرية و ضيوفها من القرى المجاورة الذين بدؤوا منذ قليل بالتوافد ..و في صدر الخيمة جلس العريس جاسم الغوري و قد زين هامته بكوفية من الحرير محاطة بعقال مقصب ، و ألقى فوق كتفيه عباءة أعارها له صديقه عبد العزيز الصوان و هو من شيوخ العشيرة و انتعل حذاء لامعاً أعاره له معلم القرية الأستاذ مروان .

    << مذ كانت وضحه في العاشرة كان جاسم يتابعها بعينيه بشغف أينما صادفها ، و عندما أصبحت في الثانية عشر أضحى جاسم يسبقها إلى الينبوع الغربي منتظرا إطلالتها ، و لكن حين بلغت الرابعة عشر ، لم يعد جاسم يقوى على كبت مشاعره ، فيقترب منها محييا ، تتغامز صديقاتها فيبتعدن ، و يبدأ جاسم ببث لواعج حبه ، أما هي فكانت – بداية - تطرق رأسها خجلا ، و لكن رويدا رويدا بدأت تتجرأ فتبثه - بدورها - لواعج هواها..>>

    و في الخيمة الأخرى جلست النسوة و ضيوفهن من القرى المجاورة ، و تصدرت وضحه المكان و قد أحاطت بها بعض العجائز ، أخذن يزينها بما حضَّرن من أدوات ، فرسمن على يديها و قدميها بعض الزخارف مستخدمين الحِنَّة ، ثم ألقين على رأسها خمارا جديدا ثبتنه بطوق مشكوك بالليرات الذهبية ، ثم عطرنها بماء الزهر و الورد ، بينما كانت الزغاريد و الأهازيج تتعالى ...

    << رفضت وضحه كل الشبان الذين تقدموا لخطبتها ، و هددت بالانتحار إذا أرغمها والداها على قبول أحدهم ، لم تعد تحلم إلا بجاسم ، صورة جاسم كانت تحجب صور الآخرين مهما علا شأنهم ، منذ كانت في العاشرة لفت جاسم نظرها ، و عندما أصبحت في الثانية عشر كانت تتلهف لرؤيته و قد سبقها إلى الينبوع الغربي ، و لكن حين بلغت الرابعة عشر كان حبه قد ملك كل مشاعرها ، ثم لم تعد تتحرج من الجلوس إلى جانبه تبثه لواعج هواها ! >>

    نُحرت الذبائح التي أحضر معظمها ضيوف الحفل الذين حملوا معهم أيضا أكياس الرز و البرغل ، ثم أُوقدت النيران ، و ثُبتت الحلل النحاسية الضخمة فوقها ، و بدأت – من ثم - عملية الطهو لإطعام عشرات الأفواه .

    و ما أن مالت الشمس نحو المغيب حتى تحلق الشبان حول العريس و أخذوا ( يسحجون ) أي يصفقون برتابة و لكن بحماسة بدأت تشتد و تتعالى رويدا رويدا ..و هم يهمهمون بعبارة لامعنى لها كجزء من الإيقاع : " دح .. دح ... دحِّ يُمّة ... دح .. دح ... "

    بينما تحلقت حول العروس فتيات القرية ، متماسكات الأيادي و قد باشرن برقصة الدبكة و هنَّ يرددن ما تنشده واحدة أو أكثر منهن من أهازيج ، و من حين لآخر كانت الزغاريد تصدح لتبلغ عنان السماء ..

    كانت بعض تلك الأهازيج تدور حول كرم الضيوف الذين توافدوا من القرى المجاورة و وصف ما جادت به أيديهم ، و بعضها تطنب في مديح آل الصوان شيوخ العشيرة ، إضافة لوالدي العروسين ، و أهمها كان يدور حول قصة الحب التي جمعت بين بطليها جاسم و وضحه ...

    << كانت قصة جاسم و وضحه قد انتشرت في قرية الغدير انتشار النار في الهشيم ، و انتقلت – من ثم - إلى القرى المجاورة و اخذ الناس يتداولونها كما حكايات قيس و ليلى أو قيس و لبنى أو كثيرٌ و عَزَّه >>

    و بلغ الحفل أوجَه ، عندما اعتلى عبد العزيز الصوان فرسه المزينة و في يده بندقيته ، ثم اعتلى ثلاثة شبان آخرين خيولهم و في يد أحدهم مسدس و في يد كل من الآخرين سيف .

    أخذوا يدورون خببا حول حلقة الدبكة تارة و حلقة السحجة حينا آخر ، بينما أخذ عبد العزيز الصوان يطلق من بندقيته طلقات في الهواء تحية للفتيات اللواتي كن يهزجن باسمه من حين لآخر ، و كذلك فعل معيوف الخميس الذي أخذ يطلق من مسدسه ، بينما اكتفى الآخران بهز سيوفهم يمنة و يسرة...

    << والد وضحه الذي أحرجه وجهاء القرية بطلب وضحه لجاسم ، أصر على حصوله على مهر ابنته كاملا وفق ما تقتضيه الأعراف ، (أربعون راس و مائة قرطاس) كان والد جاسم لا يملك إلا أقل من نصفها ؛ فاضطر جاسم للذهاب إلى المدينة كي يكدح فيكمل مهر حبيبته ، سنة كاملة غاب ، كان يكتفي خلالها بوجبة واحدة و ينام في مواقع عمله غير آبه لحرٍّ أو قر ، و كان كلما تجمع لديه مبلغ من المال يعود لقريته فيسلمه لوالده الذي كان يبادر على الفور بإضافة بضعة رؤوس من الماشية إلى القطيع المهر ؛ بينما استمرت وضحه ترفض الخطاب رغم كل الضغوط التي مارسها عليها أهلها >>

    كل ذلك يتردد زَجلاًً في أهازيج فتيات القرية ، بينما استمر الخيالة بقيادة عبد العزيز الصوان يدورون خبباً حول السحاجين و الدباكات ، و استمر عبد العزيز يطلق من بندقيته ابتهاجا و كذلك كان يفعل معيوف الخميس .

    و إذ خرج جاسم ليلقى عروسه و يذهب بها إلى عش الزوجية ...

    و بينما تعالت الزغاريد أكثر فأكثر ...

    و تعالت أصوات السحاجين و تسارعت سحجاتهم حتى أدمت راحات أكفهم ..

    جفلت - على حين غرة - فرس عبد العزيز الصوان ، فأوقعته أرضا ...

    و أثناء وقوعه ضغط عن غير قصد على زناد بندقيته ...

    فانطلقت رصاصة لتستقر بين عيني جاسم الغوري
    [/align]


    [align=right]------------------
    * نزار بهاء الدين الزين
    سوري مغترب
    إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
    عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
    الموقع : www.FreeArabi.com
    البريد : nizar_zain@yahoo.com
    [/align]
  • عبلة محمد زقزوق
    أديب وكاتب
    • 16-05-2007
    • 1819

    #2
    لا تكتمل الأفراح؛ لنا مع كل فرحة... نار تكوي الأحشاء.

    أستاذي وأخي الفاضل نزار ب. الزين
    سلمت لنا أيها المبدع الفنان
    ودامت ريشات مدادك ينبوع ننهل منه ونتعلم فن القصة.

    نورت الملتقى؛ فهذا ما كنا نحتاجه حقاً.. وجودك وتواجدك بيننا.
    ألف ومليون مرحبا
    من كل أعضاء الملتقى

    تعليق

    • نزار ب. الزين
      أديب وكاتب
      • 14-10-2007
      • 641

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عبلة محمد زقزوق مشاهدة المشاركة
      لا تكتمل الأفراح؛ لنا مع كل فرحة... نار تكوي الأحشاء.
      أستاذي وأخي الفاضل نزار ب. الزين
      سلمت لنا أيها المبدع الفنان
      ودامت ريشات مدادك ينبوع ننهل منه ونتعلم فن القصة.
      نورت الملتقى؛ فهذا ما كنا نحتاجه حقاً.. وجودك وتواجدك بيننا.
      ألف ومليون مرحبا
      من كل أعضاء الملتقى
      ==========================
      [align=center]أختي الفاضلة عبلة
      أعجبتني عبارتك : " لا تكتمل الأفراح ؛ فلنا مع كل فرحة... نار تكوي الأحشاء "
      شكرا لزيارتك و ألف شكر لثنائك الدافئ و دعائك الطيِّب
      عميق مودتي
      نزار
      [/align]

      تعليق

      • مجدي السماك
        أديب وقاص
        • 23-10-2007
        • 600

        #4
        طبيب اسنان

        المبدع المتألق الاديب نزار ب. الزين ..تحيتي
        قصتك ممتازة ورائعة ..متالقة بك ومتوهجة باناملك و ابداعك الدائم .
        اشكرك لانك نشرت لي قصة " ماذا سقط ايضا " على العربي الحر .. في الحقيقة اني حاولت ان ابعث بعضض القصص قبل ذلك الا اني لم اوفق ..لاني لا اعرف الطريقة الى ذلك ..حيث لا يوجد خانة توضح كيفية الارسال .
        تحياتي ايها المبدع الكبير
        عرفت شيئا وغابت عنك اشياء

        تعليق

        • نزار ب. الزين
          أديب وكاتب
          • 14-10-2007
          • 641

          #5
          أخي العزيز مجدي
          شكرا لمرورك و لإطرائك الدافئ
          عميق مودتي
          نزار

          ملاحظة : "العربي الحر" مجلة شهرية و ليست منتديات ، فإذا أحببت أن تقدم للمجلة من إبداعك فارسله إلى عنواني البريدي ، مع العلم أن "العربي الحر" تنشر للأديب عملا واحدا من أعماله كل شهر

          تعليق

          • مريم محمود العلي
            أديب وكاتب
            • 16-05-2007
            • 594

            #6
            الأديب
            نزار الزين
            نص واقعي جسد الأفراح وطريقة الاحتفال بها
            وكيفية التعبير عنها بشكل طائش حتى تنقلب الى مآتم
            وهذا فعلا يحدث كثيرا خصوصا في الريف
            دمت مكبدعا ومتألقا
            أجمل الأمنيات لك
            تحياتي

            تعليق

            • نزار ب. الزين
              أديب وكاتب
              • 14-10-2007
              • 641

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مريم محمود العلي مشاهدة المشاركة
              الأديب
              نزار الزين
              نص واقعي جسد الأفراح وطريقة الاحتفال بها
              وكيفية التعبير عنها بشكل طائش حتى تنقلب الى مآتم
              وهذا فعلا يحدث كثيرا خصوصا في الريف
              دمت مكبدعا ومتألقا
              أجمل الأمنيات لك
              تحياتي
              =================================
              أختي الفاضلة مريم
              نعم ، لا زال يحدث ، و لكن إلى متى ؟
              شكرا لمرورك و تعليقك المتفاعل و ثنائك الجميل
              عميق مودتي
              نزار

              تعليق

              يعمل...
              X