رسالة إلى ابنتي يوم زفافها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عمر الصوص
    أديب وكاتب
    • 06-01-2010
    • 240

    رسالة إلى ابنتي يوم زفافها

    حبيبتي ونبضة القلب التي زفتها بالأمس نبضات القلب والروح إلى صدر غيري , فارقت صدري و تنبض الآن في مكان آخر أحس بها وهي أكثر نبضات القلب صوتا في داخلي , تصلني نفحات الحياة منها من حيث أدري ولا أدري .



    حبيبتي الأمس .. حبيبة الماضي حبيبة الحاضر , حبيبة المستقبل بما يعلن وما يخفي



    أقول لك لو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنتِ أغنى الناس بك، ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال.



    لا أعرف ماذا أكتب وكيف أبدأ كلامي ، وها أنت يا حبيبتي تتلقين أول رسالة من والدك , وبالأمس كان الكلام بيننا كثير كثير يتطاير عذبه وحلوه بيننا دون وسيط , هي رسالتي الأولى لك و كل ما أعرفه أن في نفسي كلاما كثيرا ليتك تسمعينه وتفهمينه. يا زهرة عمري ويا هدية الله لي ، لو تعلمين كم أحبك وأخاف عليك

    إبنتي الغالية ..
    يا من عشت سني حياتي أتقرب إلى الله برعايتي لك ِ.. وأبذل من وقتي وجهدي واهتمامي في سبيل حمايتك من أن تجرحكِ كلمة عابرة أو تؤذيكِ لمسة يد غادرة أو يقض مضجعكِ أذى من أحد .
    لقد ربَيتك ِ كأحسن ما تكون التربية .. وضعت ثقتي بالله ثم بك بأنك ستصونين هذه الثقة .. كنت لكَ وأنت ِ طفلة صغيرة ...العين التي تبصرين بها ، والأذن التي تسمعين بها ، والقدم التي تسيرين بها نحو الخير.

    ولما كبُرت ِ . .. وانطلقت ِ في هذا العالم الواسع ، كنت أرقبك ِ بكل الخوف والقلق من أن تزل قدمك في سيرك وتتعثر خطواتك في طريق الحياة المملوءة بمنزلقات الضلال .. وتملكني الرعب من أن تسيري في طريق التيه .. ولكن كانت ثقتي بحسن تربيتي لك ِ تجعلني أدرك أنك ماضية في الطريق الصحيح الذي يجعلني فخور بك , معتز بك وأنت كذلك كنت وما تزالين

    وها أنت يا حبيبتي تخرجين من تحت مظلتي ,اليوم تنتقلين إلى يدين غريبتين , وإلى قرين لم تألفيه . في هذه الليلة سيظل لك سقف غريب فى بيت لم تألفيه . في هذه الليلة سأقف فوق سريرك النظيف في بيتي فأجده خاليا من ثنايا شعرك الأسود الذي يفوح منه عطر الطهارة فوق وسادتك البيضاء. اليوم تنهمر الدموع من عيني ، واليوم يغيب عن عيني وجه ابنتى ، ليشرق في بيت الرجل الغريب .

    اليوم ينتقل شعورى وتنتقل أحاسيسي إلى أهل أمك يوم سلموني ابنتهم وهم يذرفون الدموع ؛ كنت أظنها دموع الفرح أو دموع تقاليد أهل العروس ، و لم أعرف إلا اليوم أن ما كان ينتابهم , هو نفس ما ينتابني الآن ، وأن ما يعذبني هذه الساعة كان يعذبهم ، وأن انقباض قلبي في هذه اللحظة و أنا أسلمك إلى رجل غريب كان يداهمهم أيضا.
    وصدقيني يا بنيتي إنه لو كان لي ، يوم تزوجت أمك ، شعور الأب ، لأفنيت عمري في إسعادها ، كما أحب أن يفني زوجك عمره في سبيل إسعادك.
    ابنتي ...
    في هذه اللحظة أندم على كل لحظة مضت ضايقت أمك فيها . . بقصد أو بغير قصد , اليوم نحن في الحاضر والمستقبل قادم , أتمثلك واقفة أمامي تقولين "زوجى يضايقنى يا أبي" فماذا أفعل ؟ أسأل لله ألا ينتقم مني بك ، و الله غفور رحيم .

    والآن . . دعيني أضع أمام عينيك الحلوتين بعض النقاط التي يحسب الرجل أنها توفر له السعادة في بيته الزوجي .
    الرجل - يا صغيرتي - يحب الأمجاد ويتظاهر بالثراء والنجاح ، حتى ولو لم يكن ثريا قط ، فلا تحطمي فيه هذه المظاهر ،بل وجهيها بحكمتك ولطفك وحسن تصرفك.والرجل يا - فلذة كبدى- يفاخر دائما بأن زوجته تحبه ، فاحرصي على إظهار حبك أمام أهله بصفة خاصة .
    والرجل - يا قرة عينى - يفخر أمام أهله بأنه قد انتقى زوجة تحبهم وتكرمهم ، فاكرمي أهل زوجك ، و استقبليهم أحسن استقبال .
    وبعد .. يا بنيتى .. إذا ثار زوجك فاحتضني ثورته بهدوء ، وإذا أخطأ داوي خطأه بالصبر ، وإذا ضاقت به الأيام فليتسع صدرك لتسعفيه على النهوض ..و لا تنسى - يا عمرى - أنك إكليل لزوجك ، بيدك أن يكون مرصعا بالدر والياقوت على هامته ، أو أن يكون من الشوك يدمي رأسه ورأس أبيك ، إن لم تحافظى على شرفك له دون سواه .بنيتى كونى له أرضا مطيعة يكن لك سماء ، وكوني له مهادا يكن لك عمادا . واحفظى سمعه وعينه فلا يشم منك إلا طيبا ولا يسمع منك إلا حسنا و لا ينظر إلا جميلا ..

    وكوني كما قال شاعر لزوجته:
    خذى مني العفو تستديمي مودتى
    و لا تنطقي في ثورتي حين أغضب
    ولا تكثري الشكوى فتذهب بالهوى
    فيأباك قلبي والقلوب تقلب.

    و أخيرا أسأل ربي أن يرعاك برضاه وأن يجمع بينك وبين زوجك بخير وأن يرزقكما الولد الصالح وأن تقر عيني برؤية أولادك وبناتك يعبثون بين أضلعي بشعر لحيتي , أمسح على شعورهم بيدي وأرقب ابتسامتك فاتذوق للحياة مذاق لم استعذبه مثله من قبل

    ودمت يا حبيبة والدك



    والدك العزيز
  • نجيةيوسف
    أديب وكاتب
    • 27-10-2008
    • 2682

    #2
    أيها الأب الرائع ، يا أباها وسند زمانها ونور عينيها ...

    اسمح لي أولا أن أجعل عرش رائعتك حيث ينبغي أن تكون في قسم الرسائل الأدبية ، ومن هناك سيكون لي معها دفء وجود .

    تقبل وافر الاحترام وعظيم التقدير لكل رفة جناح وإحساص حب مثله أبدا لن يدعي بشر

    تحياتي

    النوار


    sigpic


    كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

    تعليق

    • نعيمة القضيوي الإدريسي
      أديب وكاتب
      • 04-02-2009
      • 1596

      #3
      رسالة أبوية صادقة المشاعر،وصلت سيدي أكيد لإبنتك،روحا وإنصهارا،تلك سنة الحياة سيدي،وما زرعته من قيمفي ابنتك،وما حرصت عليه،أكيد لامسته،وأكيد ستعيد هي الأخرى نفس السيناريو
      سلمت أناملك،وبوركت
      تحياتي





      تعليق

      • عمر الصوص
        أديب وكاتب
        • 06-01-2010
        • 240

        #4
        الأخت نعيمة / الأخت نجية

        مرور عطر زين متصفحي

        تحياتي لكما

        تعليق

        • نجيةيوسف
          أديب وكاتب
          • 27-10-2008
          • 2682

          #5

          أستاذ عمر
          حياك الله ،
          عندما صافحت عيني رسالتك هذه أول مرة ، أصابني خشوع كبير
          خشوع جعلني أمُرُّ على سطورك مرورا وقورا هادئا ، ولعدم فراغ نفسي في تلك اللحظة خبأت رسالتك هذه في دفئ جوانحي لأعود إليها وأعيش جلال الشعور الذي أودعته فيها .
          كم كنت أبا حانيا وزوجا رقيقا ، ذكّره زواج ابنته شعور أهل أمها ، فكان غاية في النبل وقمة في الحنان .
          أدْمَعْتَ عيني والله يا أخي . بهذا الفيض من الحنان ، وأخذتني بذكرى قديمة لذات يوم كنا فيه في مرحلة الصبا حين كان درسنا في مادة المطالعة ـ وصية أم لابنتها يوم زفافها ـ ولا أدري لمَ لمْ أنس ذاك اليوم ، بل إنني أكاد أذكر وجه معلمتي وهي تشرح الدرس وابتسامات صويحباتي في الفصل وهي تمتزج بالخجل وشيء من عبارات شقاوة الصغار .
          ومع أنه كان درسا عابرا ، لكنه رسم في خيالي حقيقةً طريق حياة ، ولست أدري لمَ لمْ يعد موجودا في منهاج المطالعة اليوم لفتياتنا اللاتي أتى على ثقافتهن هذا الذي يدمر كل موروث وكل جميل ، من مسلسلات آخر همها بناء هذه العلاقة الجميلة وتأسيس هذا البنيان ، ووالله لو استوعب هذه النصيحة ثلث فتياتنا على الأقل لما أصبنا بهذه التخمة البغيضة من مشاكل الأسرة وهدم البيوت .
          وتأتي الآن رسالتك هذه لتضيف إلى رسالة تلك المرأة هذا الكم من الحنان الأبوي الراقي ، وفكر الرجل الذي تحتاجه كل امرأة .
          احترامي لكلماتك ، لشعورك يفوق قدرتي على التعبير .
          ما أعظم أبوتك ، وما أروعك زوجا حنايا نبيلا .

          دم بخير مع كل المنى لابنتك الرائعة كأبيها بحياة كريمة في ظل زوج كريم يحميها رب كريم .

          النوار


          sigpic


          كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

          تعليق

          • عمر الصوص
            أديب وكاتب
            • 06-01-2010
            • 240

            #6
            الأخت العزيزة نجية :
            تحيتي إليك من جديد
            الإحساس الصادق دوما يلامس شغف القلوب , وهذه اللآليء التي كادت تنسكب من عينيك دليل على رقي عواطفك وإحساسك
            أتمنى أن تصل رسالتي لكل فتاة في ظل هذه الفوضى التي جاءت بها تسونامي الفضائيات والتي لا أدري أين ستودي بهن تياراتها

            تحياتي يا أخت نجية ودمتي بخير

            تعليق

            • بنت الشهباء
              أديب وكاتب
              • 16-05-2007
              • 6341

              #7
              وستبقى وأنا واثقة يا أستاذنا الأديب المبدع والأب الرؤوم حبيبة والدها
              مادامت عرفت طريقها في بيت أعانها على أن تكون مثلا للابنة البارة ، والزوجة القانتة ، والمرأة المثالية ....
              إن ابنتك وحبيبة قلبك لا تخاف عليها لأنك عرفت كيف تلقنها الدرس ومنذ نعومة أظفارها .,..
              إن هذه الوصايا العظيمة الجليلة لو أن كل أب أوصى ابنته بها والله لما رأينا الأمة وصلت إلى ما وصلت إليه من الانحدار والشتات والتمزق ...
              نعم يا أستاذنا الفاضل !!....
              فالأسرة حينما تكون أعمدتها سليمة ومحصنّة من أعاصير الرياح لا يمكن لها إلا أن تبقى عالية سامية بأعمدتها القوية المتينة ....
              وإنني هنا أفخر وأعتز بهذه الرسالة التي قرأت فيها أجمل الوصايا والحكم والعبر التي نحن بحاجة إليها في زمن الفساد والضياع والانحلال الخلقي ...

              أمينة أحمد خشفة

              تعليق

              • عبير هلال
                أميرة الرومانسية
                • 23-06-2007
                • 6758

                #8
                رسالة قمة بالروعة قد جعلتني

                أتخيل تماما عمق حبك لفلذة كبدك

                وشوقك العارم لها

                ما أروع نصائحك لها _تلكَ النصائح

                التي توجه لكل عروس جديدة

                أبكتني كلماتك اديبنا الراقي لشدة تأثري بموقفك

                وفق الله أبنتك

                دمتَ لنا أيها المبدع

                ودامَ قلمك الرائع والراقي
                sigpic

                تعليق

                يعمل...
                X