حبيبتي ونبضة القلب التي زفتها بالأمس نبضات القلب والروح إلى صدر غيري , فارقت صدري و تنبض الآن في مكان آخر أحس بها وهي أكثر نبضات القلب صوتا في داخلي , تصلني نفحات الحياة منها من حيث أدري ولا أدري .
حبيبتي الأمس .. حبيبة الماضي حبيبة الحاضر , حبيبة المستقبل بما يعلن وما يخفي
أقول لك لو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنتِ أغنى الناس بك، ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال.
لا أعرف ماذا أكتب وكيف أبدأ كلامي ، وها أنت يا حبيبتي تتلقين أول رسالة من والدك , وبالأمس كان الكلام بيننا كثير كثير يتطاير عذبه وحلوه بيننا دون وسيط , هي رسالتي الأولى لك و كل ما أعرفه أن في نفسي كلاما كثيرا ليتك تسمعينه وتفهمينه. يا زهرة عمري ويا هدية الله لي ، لو تعلمين كم أحبك وأخاف عليك
إبنتي الغالية ..
يا من عشت سني حياتي أتقرب إلى الله برعايتي لك ِ.. وأبذل من وقتي وجهدي واهتمامي في سبيل حمايتك من أن تجرحكِ كلمة عابرة أو تؤذيكِ لمسة يد غادرة أو يقض مضجعكِ أذى من أحد .
لقد ربَيتك ِ كأحسن ما تكون التربية .. وضعت ثقتي بالله ثم بك بأنك ستصونين هذه الثقة .. كنت لكَ وأنت ِ طفلة صغيرة ...العين التي تبصرين بها ، والأذن التي تسمعين بها ، والقدم التي تسيرين بها نحو الخير.
ولما كبُرت ِ . .. وانطلقت ِ في هذا العالم الواسع ، كنت أرقبك ِ بكل الخوف والقلق من أن تزل قدمك في سيرك وتتعثر خطواتك في طريق الحياة المملوءة بمنزلقات الضلال .. وتملكني الرعب من أن تسيري في طريق التيه .. ولكن كانت ثقتي بحسن تربيتي لك ِ تجعلني أدرك أنك ماضية في الطريق الصحيح الذي يجعلني فخور بك , معتز بك وأنت كذلك كنت وما تزالين
وها أنت يا حبيبتي تخرجين من تحت مظلتي ,اليوم تنتقلين إلى يدين غريبتين , وإلى قرين لم تألفيه . في هذه الليلة سيظل لك سقف غريب فى بيت لم تألفيه . في هذه الليلة سأقف فوق سريرك النظيف في بيتي فأجده خاليا من ثنايا شعرك الأسود الذي يفوح منه عطر الطهارة فوق وسادتك البيضاء. اليوم تنهمر الدموع من عيني ، واليوم يغيب عن عيني وجه ابنتى ، ليشرق في بيت الرجل الغريب .
اليوم ينتقل شعورى وتنتقل أحاسيسي إلى أهل أمك يوم سلموني ابنتهم وهم يذرفون الدموع ؛ كنت أظنها دموع الفرح أو دموع تقاليد أهل العروس ، و لم أعرف إلا اليوم أن ما كان ينتابهم , هو نفس ما ينتابني الآن ، وأن ما يعذبني هذه الساعة كان يعذبهم ، وأن انقباض قلبي في هذه اللحظة و أنا أسلمك إلى رجل غريب كان يداهمهم أيضا.
وصدقيني يا بنيتي إنه لو كان لي ، يوم تزوجت أمك ، شعور الأب ، لأفنيت عمري في إسعادها ، كما أحب أن يفني زوجك عمره في سبيل إسعادك.
ابنتي ...
في هذه اللحظة أندم على كل لحظة مضت ضايقت أمك فيها . . بقصد أو بغير قصد , اليوم نحن في الحاضر والمستقبل قادم , أتمثلك واقفة أمامي تقولين "زوجى يضايقنى يا أبي" فماذا أفعل ؟ أسأل لله ألا ينتقم مني بك ، و الله غفور رحيم .
والآن . . دعيني أضع أمام عينيك الحلوتين بعض النقاط التي يحسب الرجل أنها توفر له السعادة في بيته الزوجي .
الرجل - يا صغيرتي - يحب الأمجاد ويتظاهر بالثراء والنجاح ، حتى ولو لم يكن ثريا قط ، فلا تحطمي فيه هذه المظاهر ،بل وجهيها بحكمتك ولطفك وحسن تصرفك.والرجل يا - فلذة كبدى- يفاخر دائما بأن زوجته تحبه ، فاحرصي على إظهار حبك أمام أهله بصفة خاصة .
والرجل - يا قرة عينى - يفخر أمام أهله بأنه قد انتقى زوجة تحبهم وتكرمهم ، فاكرمي أهل زوجك ، و استقبليهم أحسن استقبال .
وبعد .. يا بنيتى .. إذا ثار زوجك فاحتضني ثورته بهدوء ، وإذا أخطأ داوي خطأه بالصبر ، وإذا ضاقت به الأيام فليتسع صدرك لتسعفيه على النهوض ..و لا تنسى - يا عمرى - أنك إكليل لزوجك ، بيدك أن يكون مرصعا بالدر والياقوت على هامته ، أو أن يكون من الشوك يدمي رأسه ورأس أبيك ، إن لم تحافظى على شرفك له دون سواه .بنيتى كونى له أرضا مطيعة يكن لك سماء ، وكوني له مهادا يكن لك عمادا . واحفظى سمعه وعينه فلا يشم منك إلا طيبا ولا يسمع منك إلا حسنا و لا ينظر إلا جميلا ..
وكوني كما قال شاعر لزوجته:
خذى مني العفو تستديمي مودتى
و لا تنطقي في ثورتي حين أغضب
ولا تكثري الشكوى فتذهب بالهوى
فيأباك قلبي والقلوب تقلب.
و أخيرا أسأل ربي أن يرعاك برضاه وأن يجمع بينك وبين زوجك بخير وأن يرزقكما الولد الصالح وأن تقر عيني برؤية أولادك وبناتك يعبثون بين أضلعي بشعر لحيتي , أمسح على شعورهم بيدي وأرقب ابتسامتك فاتذوق للحياة مذاق لم استعذبه مثله من قبل
ودمت يا حبيبة والدك
والدك العزيز
تعليق