تمضي الأيام قاتمة ليلها و نهارها سواء، تحمل أشواك الهموم والآلام فتعذب من في هذا البيت الخرب،المنعزل عن باقي البيوت في أَحد الأحياء الشعبية، كأنه مرض معد يريدون التخلص منه، بلا سور يحميه مستباح لكل من هب ودب، بالكاد يقي شر العواصف والرياح، التي تعبر من خلجاته وتخرج ، جالبة نار الأحزان ، مبعثرة أحلامهم بغد مشرق، ولا يمنع رحمة الله القادمة من السماء ، فتسيل مزاريبا من كافة الأرجاء
تجلس هناك أُم، جناحها كسير، (تخبيء الدموع عن صغارها، وحينما يلفها السكون ، ترتدي الصقيع كي تقدم الحياة للربيع )، تكتم حزنها ، وتعتصر الأسى على رفيق دربها الذي تركها في ريعان شبابه بعد صراع مرير مع مرض سلب كل مدخراتهما، وألجأهما إلى هذه الأطلال، يغذيهما الحب رغم خناجر العوَز
تتكور على نفسها في إحدى زوايا المنزل المكون من حجرة واحدة، ضامة إلى صدرها كل ما تركه ، إبنيها ، سلوتها الوحيدة، تحاول تغطيتهما بقطع من البطانيات وكأنها تحاول تغطية آلامها وأحزانها ، في ليلة كحبل المشنقة، رياحها مجنونة مسمومة، تهدر وتصفر وتحرك قطع الصفيح التي على السطح المتهالك وكأنها تريد انهاء حياته العبثية
لكنها مع ذلك تغوص في ذكريات حزينة وجميلة ؛ حينما تلاقت نظراتهما متصافحات لأول مرة ، وزواجهما رغما عن عائلتها الميسورة التي رفضته بسبب فقره رغم أنه يحمل شهادة أعلى من شهادتها، فلبت نداء قلبها وعقلها، فلم تسعهما الدنيا من فرحتهما،
لم يستطع إقناع عائلتها ، رغم أن قلبه كان عامرا بالحب والمرح، الذان فاضا على الجميع بمن فيهم عائلتها المتعنتة، التي لفظتهما معا ورفضت تقديم أي مساعدة،لإبنتهم الوحيدة حتى بعد موت زوجها قبل أشهر قليلة
طرق شديد على الباب ، قطع عليها أحلام ذكرياتهما الجميلة ، جعلها تقفز من مكانها مذعورة ، وتتساءل : من ذا الذي يأتي آخر الليل؟ فهي لا تتوقع أحدا، ولم يحضر أَحد بعد وفاته سواء من أَقربائه أو من أقربائها، هل يكون لصا ؟ لا.. اللص لا يطرق الباب ، فمن يكون؟ تزمجر الأسئلة برأسها وهي تتحرك في الغرفة الوحيدة حركة مكوكية مرتعدة، وتفرك يديها وتضرب كفيها ببعضهما وقد بدأ يسيطر عليها خوف مرعب ، تنظر إلى الباب تارة وإلى طفليها النائمين تارة أخرى، تقول: من! بصوت خافت مرتجف عدة مرات متتالية،.. ولكن الطارق لا يجيب، تَمَلكها القلق والتردد ؛ هل تفتح أَمْ تبقى مكانها ؟ ومن ذا الذي يحضر لبيت أرملة وحيدة في منتصف الليل؟!
تقدمت نحو الباب تقدم رِجلا وتؤخر أُخرى، مدت يدا مرتجفة نحوه واليد الثانية خلف ظهرها تحمل سكينا .. إن كان يريد بأطفالي شرا سأقتله أيا كان
لملمت عزيمتها ودفعت بشجاعتها نحو الباب مطلقة صوتا عاليا
من أنت وماذا تريد؟
أنا صاحب المنزل..إفتحي لدي شيئا أقوله لك
هدأ روعها قليلا وفتحت جزءا من الباب بشك مشوب بالحذر
تفضل ، ماذا تريد
أردت أن اطمئن عليكم ..وعينه تجول في داخل المنزل من الفتحة الصغيرة، ويده تحاول عبثا دفع الباب المتكئة عليه لفتحه
قالت بصوت حازم صارم: حسنا نحن بخير ، هل تريد شيئا آخر؟
غدا هو بداية الشهر وعليك أن تدفعي الأجرة
تمتمت: الأجرة! نعم
من أين لها أن تجد أُجرة المنزل، وهي بالكاد تطعم أطفالها من الصدقات ، وقد تخلى عنها كل أقربائها وأصدقاء زوجها اليتيم، بحثت عن عمل ، لم تجد، أو وجدت ولكنه لا يتناسب مع مستواها الأخلاقي، دارت الأفكار والأسئلة في راسها كعاصفة سيبيرية مدمرة وهي ما زالت تبحث عن الجواب : من أين تجد المال؟
إنتبه الخبيث لشرودها وسرحانها ، وفي غفلة منها دفع الباب وانطلق إلى منتصف الحجرة ، صارخا على الصغار الذين استيقظوا وبدأوا بالبكاء أن اصمتوا
ركضت الأم الى أطفالها تهدئهم ووقعت السكين فتناولها الخبيث فورا، كانت تعلم أن البيت منعزل وأنها مهما صرخت هي واطفالها فلن يسمعهم أحد، السكين في يده ، وهو ذكر ضخم الجثة فلن تستطيع مقاومته مهما أُوتيت من قوة، وها هو يعرض عليها مسامحتها بالأجرة مقابل المبيت عندها هذه الليلة، لن تستطيع ردعه الآن ، فهو متهيج كثور رأى النور بعد فترة طويلة من الحرمان، وقد ردته عدة مرات من قبل ، فماذا عليها لو قبلت عرضه، فستبقى في المنزل ، وسيعطيها كل ما تحتاجه من غذاء لها ولأطفالها من بقالته، إلى أن تتحسن أوضاعها ، أمْ إن عليها أن تتبع أُسلوب شهرزاد، فلو استطاعت أن تحمي نفسها حتى الصباح فلن تبقى في هذا المنزل دقيقة أُخرى، ستأخذ ابنيها وتسكن في شوارع البلدة إذا تطلب الامر.
أفكار وأفكار تعصف برأسها وتشله عن اتخاذ قرار سليم ، تحاول إعادة ابنيها الى النوم والخبيث نفد صبره، وبدأ يُظهر ضجره من تلككها ويستعجلها ، ويحاول تحسس جسدها المرتعش، وهي تحاول تصبيره من جهة وتهدئة أطفالها من جهة أُخرى
تبدأ سرعة الرياح وشدتها بالإزدياد مخلخلة صفائح السقف محدثة دويا تاركة فتحات لرحمة السماء التي بدأت تنهمر بشدة مضطردة مصاحبة لبرق متوعد، ورعد هادر مخيف أيقظ الأطفال ودفع بالخبيث الذي يخشاه إلى الخلف بإتجاه إحدى زوايا الحجرة مرتعدة فرائصة ، فارتطم بسارية خشبية أوقعها، فسقط كل ما تحمله من صفائح وأخشاب فوقه فافترش الارض،
وبحركة خاطفة سريعة تناولت طفليها وخرجت لا تلوي على شيء.
تجلس هناك أُم، جناحها كسير، (تخبيء الدموع عن صغارها، وحينما يلفها السكون ، ترتدي الصقيع كي تقدم الحياة للربيع )، تكتم حزنها ، وتعتصر الأسى على رفيق دربها الذي تركها في ريعان شبابه بعد صراع مرير مع مرض سلب كل مدخراتهما، وألجأهما إلى هذه الأطلال، يغذيهما الحب رغم خناجر العوَز
تتكور على نفسها في إحدى زوايا المنزل المكون من حجرة واحدة، ضامة إلى صدرها كل ما تركه ، إبنيها ، سلوتها الوحيدة، تحاول تغطيتهما بقطع من البطانيات وكأنها تحاول تغطية آلامها وأحزانها ، في ليلة كحبل المشنقة، رياحها مجنونة مسمومة، تهدر وتصفر وتحرك قطع الصفيح التي على السطح المتهالك وكأنها تريد انهاء حياته العبثية
لكنها مع ذلك تغوص في ذكريات حزينة وجميلة ؛ حينما تلاقت نظراتهما متصافحات لأول مرة ، وزواجهما رغما عن عائلتها الميسورة التي رفضته بسبب فقره رغم أنه يحمل شهادة أعلى من شهادتها، فلبت نداء قلبها وعقلها، فلم تسعهما الدنيا من فرحتهما،
لم يستطع إقناع عائلتها ، رغم أن قلبه كان عامرا بالحب والمرح، الذان فاضا على الجميع بمن فيهم عائلتها المتعنتة، التي لفظتهما معا ورفضت تقديم أي مساعدة،لإبنتهم الوحيدة حتى بعد موت زوجها قبل أشهر قليلة
طرق شديد على الباب ، قطع عليها أحلام ذكرياتهما الجميلة ، جعلها تقفز من مكانها مذعورة ، وتتساءل : من ذا الذي يأتي آخر الليل؟ فهي لا تتوقع أحدا، ولم يحضر أَحد بعد وفاته سواء من أَقربائه أو من أقربائها، هل يكون لصا ؟ لا.. اللص لا يطرق الباب ، فمن يكون؟ تزمجر الأسئلة برأسها وهي تتحرك في الغرفة الوحيدة حركة مكوكية مرتعدة، وتفرك يديها وتضرب كفيها ببعضهما وقد بدأ يسيطر عليها خوف مرعب ، تنظر إلى الباب تارة وإلى طفليها النائمين تارة أخرى، تقول: من! بصوت خافت مرتجف عدة مرات متتالية،.. ولكن الطارق لا يجيب، تَمَلكها القلق والتردد ؛ هل تفتح أَمْ تبقى مكانها ؟ ومن ذا الذي يحضر لبيت أرملة وحيدة في منتصف الليل؟!
تقدمت نحو الباب تقدم رِجلا وتؤخر أُخرى، مدت يدا مرتجفة نحوه واليد الثانية خلف ظهرها تحمل سكينا .. إن كان يريد بأطفالي شرا سأقتله أيا كان
لملمت عزيمتها ودفعت بشجاعتها نحو الباب مطلقة صوتا عاليا
من أنت وماذا تريد؟
أنا صاحب المنزل..إفتحي لدي شيئا أقوله لك
هدأ روعها قليلا وفتحت جزءا من الباب بشك مشوب بالحذر
تفضل ، ماذا تريد
أردت أن اطمئن عليكم ..وعينه تجول في داخل المنزل من الفتحة الصغيرة، ويده تحاول عبثا دفع الباب المتكئة عليه لفتحه
قالت بصوت حازم صارم: حسنا نحن بخير ، هل تريد شيئا آخر؟
غدا هو بداية الشهر وعليك أن تدفعي الأجرة
تمتمت: الأجرة! نعم
من أين لها أن تجد أُجرة المنزل، وهي بالكاد تطعم أطفالها من الصدقات ، وقد تخلى عنها كل أقربائها وأصدقاء زوجها اليتيم، بحثت عن عمل ، لم تجد، أو وجدت ولكنه لا يتناسب مع مستواها الأخلاقي، دارت الأفكار والأسئلة في راسها كعاصفة سيبيرية مدمرة وهي ما زالت تبحث عن الجواب : من أين تجد المال؟
إنتبه الخبيث لشرودها وسرحانها ، وفي غفلة منها دفع الباب وانطلق إلى منتصف الحجرة ، صارخا على الصغار الذين استيقظوا وبدأوا بالبكاء أن اصمتوا
ركضت الأم الى أطفالها تهدئهم ووقعت السكين فتناولها الخبيث فورا، كانت تعلم أن البيت منعزل وأنها مهما صرخت هي واطفالها فلن يسمعهم أحد، السكين في يده ، وهو ذكر ضخم الجثة فلن تستطيع مقاومته مهما أُوتيت من قوة، وها هو يعرض عليها مسامحتها بالأجرة مقابل المبيت عندها هذه الليلة، لن تستطيع ردعه الآن ، فهو متهيج كثور رأى النور بعد فترة طويلة من الحرمان، وقد ردته عدة مرات من قبل ، فماذا عليها لو قبلت عرضه، فستبقى في المنزل ، وسيعطيها كل ما تحتاجه من غذاء لها ولأطفالها من بقالته، إلى أن تتحسن أوضاعها ، أمْ إن عليها أن تتبع أُسلوب شهرزاد، فلو استطاعت أن تحمي نفسها حتى الصباح فلن تبقى في هذا المنزل دقيقة أُخرى، ستأخذ ابنيها وتسكن في شوارع البلدة إذا تطلب الامر.
أفكار وأفكار تعصف برأسها وتشله عن اتخاذ قرار سليم ، تحاول إعادة ابنيها الى النوم والخبيث نفد صبره، وبدأ يُظهر ضجره من تلككها ويستعجلها ، ويحاول تحسس جسدها المرتعش، وهي تحاول تصبيره من جهة وتهدئة أطفالها من جهة أُخرى
تبدأ سرعة الرياح وشدتها بالإزدياد مخلخلة صفائح السقف محدثة دويا تاركة فتحات لرحمة السماء التي بدأت تنهمر بشدة مضطردة مصاحبة لبرق متوعد، ورعد هادر مخيف أيقظ الأطفال ودفع بالخبيث الذي يخشاه إلى الخلف بإتجاه إحدى زوايا الحجرة مرتعدة فرائصة ، فارتطم بسارية خشبية أوقعها، فسقط كل ما تحمله من صفائح وأخشاب فوقه فافترش الارض،
وبحركة خاطفة سريعة تناولت طفليها وخرجت لا تلوي على شيء.
تعليق