عَلَى مِثْلِهَا تَبْكِي السَّمَاءُ ، في رثاء أختي ، شعر الدكتور/عزت سراج

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عزت سراج
    عضو الملتقى
    • 06-01-2010
    • 19

    عَلَى مِثْلِهَا تَبْكِي السَّمَاءُ ، في رثاء أختي ، شعر الدكتور/عزت سراج

    [align=center]
    إلى أختي هويدا

    زهرة الروح التي قطفت قبل أوانها

    ولما تزل تفوح بالعبير

    للشاعر الدكتور / عزت سراج

    عَلَى مِثْلِهَا تَبْكِي السَّمَاءُ

    ـــــــ
    عَلَى مِثْلِهَا تَبْكِي السَّمَاءُ وَتَجْزَعُ


    وَتَبْكِي عَلَيْهَا الأَرْضُ حُزْنًا وتُفْجَعُ
    وَتَرْنُو وَرَاءَ النَّعْشِ ثَكْلَى شَوَارِعٌ
    تَئِنُّ عَلَى الصَّفَّيْنِ وَجْدًا وَتَدْمَعُ
    وَيَبْكِي جِدَارٌ مِنْ وَرَاءِ جِدَارِهَا
    وَيَهْذِي رَصِيفٌ فِي الطَّرِيقِ وَيَهْرَعُ
    وَيَغْفُو عَلَى الأَحْزَانِ خَلْفَكِ مَسْجِدٌ
    يَظَلُّ وَيُمْسِي فِي الضَّرَاعَةِ يَشْفَعُ
    يُحَلِّقُ عُصْفُورٌ أَمَامَ حَمَامَةٍ
    وَخَلْفَهُمَا سِرْبٌ يَحُطُّ وَيُقْلِعُ
    يَرُوحُ وَيَغْدُو جَانِحًا فَوْقَ قَبْرِهَا
    وَللهِ سِرْبٌ فِي السَّحَابَةِ مُسْرِعُ
    يَطِيرُ بَعِيدًا ثُمَّ يَهْبِطُ قُرْبَهُ
    عَلَى دَوْحَةِ الأَشْوَاقِ يَدْعُو وَيَهْجَعُ
    يَحِنُّ إِلَيْهَا الدَّوْحُ وَهْيَ بَعِيدَةٌ
    وَتَهْلَكُ أَرْوَاحٌ عَلَيْهَا وَتَصْدَعُ
    فَلا الصَّبْرُ يُخْفِي مِنْ عَذَابَاتِ أَهْلِهَا
    وَلا هُوَ يُبْدِي سُلْوَةً حِينَ تَفْزَعُ
    وَلِلصَّبْرِ غَايَاتٌ وَلِلْمَوْتِ رَاحَةٌ
    وَلَيْسَ إِلَى الْغَايَاتِ بَعْدَكِ مَطْمَعُ
    فَنِعْمَ مَمَاتٌ بَعْدَ طُولِ مَشَقَّةٍ
    وَبِئْسَ حَيَاةٌ بَعْدَ مَوْتِكِ تُمْتِعُ
    وَهَيْهَاتَ أَنْ نَحْيَا وَوَجْهُكِ غَائِبٌ
    وَنُورُكِ لا يَمْحُو الظَّلامَ وَيَقْشَعُ
    فَلا طَابَتِ الدُّنْيَا وَحُلْوُ مَذَاقِهَا
    وَعُودِيَ صَبَّارٌ وَكَأْسِيَ مُتْرَعُ
    تَسَاقَطُ مِنَّا أَنْفُسٌ فَوْقَ أَنْفُسٍ
    وَتَهْوِي رُؤُوسٌ تَحْتَهَا وَهْيَ تَخْضَعُ
    فَكَمْ مِنْ صَغِيرٍ بَاتَ فِي اللَّيْلِ صَارِخًا
    وَكَمْ مِنْ كَبِيرٍ يَسْتَعِيذُ وَيَرْكَعُ
    فَلِلَّهِ هَذَا الْمَوْتُ لَيْسَ بِرَاحِمٍ
    أَبًا بَاكِيًا ضَعْفًا وَأُمًّا تُرَجِّعُ
    إِذَا كَانَ مَوْتُ الشَّيْخِ قَدْ يُوجِعُ الْفَتَى
    فَمَوْتُ حَبِيبٍ فِي الثَّلاثِينَ أَوْجَعُ
    أَتَغْرُبُ شَمْسٌ مِنْ ضُلُوعِي عَزِيزَةٌ
    وَيُشْرِقُ نُورٌ فِي الْقُبُورِ وَيَطْلُعُ ؟
    ثَقِيلٌ عَلَيْنَا الْمَوْتُ حِينَ يَجِيئُنَا
    وِلِلْمَوْتِ أَنْيَابٌ تَعَضُّ وَأَذْرُعُ
    يَمُرُّ عَلَيْنَا الْيَوْمُ لَسْنَا نُعِيدُهُ
    وَإِنَّا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْخُلُودَ ـ لَنُصْرَعُ
    يُطَافُ عَلَيْنَا بِالْكُؤُوسِ مَلِيئَةً
    فَتَشْرَبُ إِنْ شِئْتَ وَإِنْ شِئْتَ تَمْنَعُ
    وَيَأْتِي الرَّدَى مُرَّ الْمَذَاقَةِ بَغْتَةً
    فَنَشْرَبُ كَأْسَ الْمَوْتِ حَتْمًا وَنَجْرَعُ
    فَقَدْ كَانَتِ الدُّنْيَا تُحِيطُ بِبَهْجَةٍ
    فَتَضْحَكُ أَرْوَاحٌ وَيَسْعَدُ مَرْبَعُ
    وَيَبْسُمُ وَرْدُ الرَّوْضِ حِينَ تَفَتُّحٍ
    فَتَطْرَبُ أَكْوَاخٌ وَيَهْنَأُ مَسْمَعُ
    وَنَقْطِفُ زَهْرَ الْقُطْنِ وَهْوَ مُنَوِّرٌ
    فَتَنْعَسُ أَهْدَابٌ وَتَرْتَاحُ أَضْلُعُ
    وَكُنَّا صِغَارًا لا نُفَارِقُ بَعْضَنَا
    تُسَابِقُنِي لِلْبَيْتِ لَهْوًا وَتُسْرِعُ
    وَنَصْعَدُ صَفْصَافًا وَنَقْتَاتُ تُوتَةً
    عَلَى جِذْعِهَا الْوَانِي تُهَفْهِفُ أَفْرُعُ
    وَتَضْحَكُ مِلْءَ الثَّغْرِ حِينَ أَشُدُّهَا
    وَأَحْمِلُهَا عَطْفًا وَلِلسَّقْفِ أَرْفَعُ
    تَرُدُّ يَدِي مَكْرًا وَتُبْعِدُ شَعْرَهَا
    وَتُلْوِي بِرَأْسِي جَانِبًا ثُمَّ تَدْفَعُ
    وَتَمْضِي تَحُثُّ الْخَطْوَ نَحْوِي تَشَوُّقًا
    وَتَرْجِعُ مِنْ خَلْفِي إِلَى حَيْثُ أَرْجِعُ
    فَكَانَتْ حَبِيبًا لا يُفَارِقُ مُهْجَتِي
    وَكُنْتُ أَخَا وُدٍّ يَصُونُ وَيَمْنَعُ
    فَمَا بَالُهَا صَمَّتْ عَنِ النَّاسِ أُذْنُهَا
    فَلا نَطَقَتْ حَرْفًا وَلا هِيَ تَسْمَعُ
    تَبَدَّلَ حُسْنُ الأَرْضِ حُزْنًا وَغَيَّرَتْ
    سماءٌ فضاءً وَالْحَدَائِقُ بَلْقَعُ
    تَفَرَّقَ شَمْلُ الأَهْلِ بَعْدَ تَوَحُّدٍ
    وَكَانَتْ تَضُمُّ الأَبْعَدِينَ وَتَجْمَعُ
    تُقَرِّبُ مَظْلُومًا وَتُبْعِدُ ظَالِمًا
    وَتُطْعِمُ مِسْكِينًا تَصُومُ وَيَشْبَعُ
    وَتَحْنُو عَلَى طِفْلٍ يَتِيمٍ تَضُمُّهُ
    إِلَى صَدْرِهَا الْحَانِي تَرِقُّ وَتُرْضِعُ
    وَتَأْوِي الأَيَامَى حِينَ تُغْلِقُ بَابَهَا
    رِجَالٌ عَلَى ضَيْمٍ تَعِيشُ وَتَقْنَعُ
    فَيَا لَكِ مِنْ أُخْتٍ يَعِزُّ وُجُودُهَا
    عَلَى زَمَنٍ فَيهِ الذَّلِيلُ مُمَنَّعُ
    يَفِرُّ ضَعِيفٌ ، وَالْجَبَانُ مُؤَمَّنٌ
    وَكَرَّ قَوِيٌّ ، وَالشُّجَاعُ مُرَوَّعُ
    يَصُونُ الذَّلِيلُ الْمُسْتَرِيحُ لِبَاطِلٍ
    وَمِنْ تَعَبٍ حَقُّ الْعَزِيزِ مُضَيَّعُ
    فَأَنْتِ ـ وَإِنْ حَنَّ الْفُؤَادُ ـ وَدِيعَةٌ
    يَجُودُ بِهَا رَبٌّ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ
    أَرَاحَكِ مِنْ هَمِّ الْحَيَاةِ وَجَوْرِهَا
    وَفُزْتِ بِرِضْوَانٍ وَوَجْهُكِ أَنْصَعُ
    يَطُوفُ عَلَيْكِ الصَّابِرُونَ بِجَنَّةٍ
    وَكَفُّكِ مَخْضُوبُ الْبَنَانِ مُرَصَّعُ
    فَطُوبَى لِعَبْدٍ فِي مَنَازِلِ رَبِّهِ
    يُمَازِجُ حُورًا فِي الْجِنَانِ وَيُمْتَعُ
    وَلَسْنَا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْحَيَاةَ ـ خَوَالِدًا
    وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمَ الْفَرَاقِ يُوَدَّعُ
    فَلَيْسَ امْرُؤٌ يَسْطِيعُ رَدَّ قَضَائِهِ
    إِذَا جَاءَ مَنْظُورًا عَلَى الْبَابِ يَقْرَعُ
    يَدُقُّ عَلَيْهِ الرُّوحَ حِينَ يَرُدُّهَا
    إِلَيْهِ سَرِيعًا فِي يَدَيْهِ ، فَتُنْزَعُ
    وَإِنْ طَالَ عُمْرُ الْمَرْءِ أَوْ قَلَّ عُمْرُهُ
    فَلا بُدَّ أَنْ يَأْتِي رَحِيلٌ وَيُسْرِعُ
    تَجِيءُ مَنَايَانَا عَلَى حِينِ غِرَّةٍ
    وَتَضْرِبُ مِنَّا مَنْ تَشَاءُ وَتَصْرَعُ
    وَتَنْشِبُ فِي الأَرْوَاحِ مِنَّا أَظَافِرًا
    وَيَدْخُلُ نَابٌ فِي الْعُرُوقِ وَإِصْبَعُ
    وَتَخْرُجُ رُوحٌ فِي إِبَاءٍ عَزِيزَةٌ
    تَذَلُّ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَتَخْشَعُ
    وَتَلْتَفُّ سَاقٌ فَوْقَ سَاقٍ وَتَرْتَقِي
    إِلَى اللهِ نَفْسٌ تَسْتَغِيثُ وَتَضْرَعُ
    وَيُحْمَلُ جُثْمَانٌ وَيُلْقَى بِحُفْرَةٍ
    يُوَارَى عَلَيْنَا بِالتُّرَابِ وَنُقْمَعُ
    وَيَحْثُو عَلَيْنَا فِي بُكَاءٍ صَدِيقُنَا
    وَيَنْأَى بَعِيدًا ثُمَّ يَسْلُو وَيَرْجِعُ
    يَضِيقُ عَلَيْنَا الْقَبْرُ حِينَ يَضُمُّنَا
    وَكُنْا نُغَنِّي فِي الرُّبُوعِ وَنَرْتَعُ
    فَإِمَّا إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانِ جَنَّةٍ
    وَإِمَّا إِلَى نَارٍ نُسَاقُ وَنُسْفَعُ
    فَلَيْسَ مِنَ الأَهْوَالِ لِلْمَرْءِ مَهْرَبٌ
    وَلَيْسَ لَنَا إِلا إِلَى اللهِ مَفْزَعُ
    فَلا تَحْزَنِي يَا أُمِّ إِنْ يَغْلِبِ النَّوَى
    وَإِنْ غَابَ نَجْمٌ أَوْ تَبَاعَدَ مَطْلَعُ
    سَتَطْلُعُ شَمْسٌ مِنْ دَيَاجِيرِ قَبْرِهَا
    وَتُشْرِقُ بِالأَنْوَارِ يَوْمًا وَتَسْطَعُ
    ــــــــ
    قصيدة من مجموعة
    هكذا نبكي
    للشاعر الدكتور / عزت سراج
    أستاذ الأدب والنقد المساعد
    كلية التربية ـ جامعة الملك خالد
    مصر ـ طنطا ـ محلة مرحوم

    20/10/2009م
    [/align]
  • د.احمد حسن المقدسي
    مدير قسم الشعر الفصيح
    شاعر فلسطيني
    • 15-12-2008
    • 795

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة عزت سراج مشاهدة المشاركة
    [align=center]
    المشاركة الأصلية بواسطة عزت سراج مشاهدة المشاركة
    إلى أختي هويدا


    زهرة الروح التي قطفت قبل أوانها


    ولما تزل تفوح بالعبير

    للشاعر الدكتور / عزت سراج

    عَلَى مِثْلِهَا تَبْكِي السَّمَاءُ


    ـــــــ
    عَلَى مِثْلِهَا تَبْكِي السَّمَاءُ وَتَجْزَعُ


    وَتَبْكِي عَلَيْهَا الأَرْضُ حُزْنًا وتُفْجَعُ
    وَتَرْنُو وَرَاءَ النَّعْشِ ثَكْلَى شَوَارِعٌ
    تَئِنُّ عَلَى الصَّفَّيْنِ وَجْدًا وَتَدْمَعُ
    وَيَبْكِي جِدَارٌ مِنْ وَرَاءِ جِدَارِهَا
    وَيَهْذِي رَصِيفٌ فِي الطَّرِيقِ وَيَهْرَعُ
    وَيَغْفُو عَلَى الأَحْزَانِ خَلْفَكِ مَسْجِدٌ
    يَظَلُّ وَيُمْسِي فِي الضَّرَاعَةِ يَشْفَعُ
    يُحَلِّقُ عُصْفُورٌ أَمَامَ حَمَامَةٍ
    وَخَلْفَهُمَا سِرْبٌ يَحُطُّ وَيُقْلِعُ
    يَرُوحُ وَيَغْدُو جَانِحًا فَوْقَ قَبْرِهَا
    وَللهِ سِرْبٌ فِي السَّحَابَةِ مُسْرِعُ
    يَطِيرُ بَعِيدًا ثُمَّ يَهْبِطُ قُرْبَهُ
    عَلَى دَوْحَةِ الأَشْوَاقِ يَدْعُو وَيَهْجَعُ
    يَحِنُّ إِلَيْهَا الدَّوْحُ وَهْيَ بَعِيدَةٌ
    وَتَهْلَكُ أَرْوَاحٌ عَلَيْهَا وَتَصْدَعُ
    فَلا الصَّبْرُ يُخْفِي مِنْ عَذَابَاتِ أَهْلِهَا
    وَلا هُوَ يُبْدِي سُلْوَةً حِينَ تَفْزَعُ
    وَلِلصَّبْرِ غَايَاتٌ وَلِلْمَوْتِ رَاحَةٌ
    وَلَيْسَ إِلَى الْغَايَاتِ بَعْدَكِ مَطْمَعُ
    فَنِعْمَ مَمَاتٌ بَعْدَ طُولِ مَشَقَّةٍ
    وَبِئْسَ حَيَاةٌ بَعْدَ مَوْتِكِ تُمْتِعُ
    وَهَيْهَاتَ أَنْ نَحْيَا وَوَجْهُكِ غَائِبٌ
    وَنُورُكِ لا يَمْحُو الظَّلامَ وَيَقْشَعُ
    فَلا طَابَتِ الدُّنْيَا وَحُلْوُ مَذَاقِهَا
    وَعُودِيَ صَبَّارٌ وَكَأْسِيَ مُتْرَعُ
    تَسَاقَطُ مِنَّا أَنْفُسٌ فَوْقَ أَنْفُسٍ
    وَتَهْوِي رُؤُوسٌ تَحْتَهَا وَهْيَ تَخْضَعُ
    فَكَمْ مِنْ صَغِيرٍ بَاتَ فِي اللَّيْلِ صَارِخًا
    وَكَمْ مِنْ كَبِيرٍ يَسْتَعِيذُ وَيَرْكَعُ
    فَلِلَّهِ هَذَا الْمَوْتُ لَيْسَ بِرَاحِمٍ
    أَبًا بَاكِيًا ضَعْفًا وَأُمًّا تُرَجِّعُ
    إِذَا كَانَ مَوْتُ الشَّيْخِ قَدْ يُوجِعُ الْفَتَى
    فَمَوْتُ حَبِيبٍ فِي الثَّلاثِينَ أَوْجَعُ
    أَتَغْرُبُ شَمْسٌ مِنْ ضُلُوعِي عَزِيزَةٌ
    وَيُشْرِقُ نُورٌ فِي الْقُبُورِ وَيَطْلُعُ ؟
    ثَقِيلٌ عَلَيْنَا الْمَوْتُ حِينَ يَجِيئُنَا
    وِلِلْمَوْتِ أَنْيَابٌ تَعَضُّ وَأَذْرُعُ
    يَمُرُّ عَلَيْنَا الْيَوْمُ لَسْنَا نُعِيدُهُ
    وَإِنَّا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْخُلُودَ ـ لَنُصْرَعُ
    يُطَافُ عَلَيْنَا بِالْكُؤُوسِ مَلِيئَةً
    فَتَشْرَبُ إِنْ شِئْتَ وَإِنْ شِئْتَ تَمْنَعُ
    وَيَأْتِي الرَّدَى مُرَّ الْمَذَاقَةِ بَغْتَةً
    فَنَشْرَبُ كَأْسَ الْمَوْتِ حَتْمًا وَنَجْرَعُ
    فَقَدْ كَانَتِ الدُّنْيَا تُحِيطُ بِبَهْجَةٍ
    فَتَضْحَكُ أَرْوَاحٌ وَيَسْعَدُ مَرْبَعُ
    وَيَبْسُمُ وَرْدُ الرَّوْضِ حِينَ تَفَتُّحٍ
    فَتَطْرَبُ أَكْوَاخٌ وَيَهْنَأُ مَسْمَعُ
    وَنَقْطِفُ زَهْرَ الْقُطْنِ وَهْوَ مُنَوِّرٌ
    فَتَنْعَسُ أَهْدَابٌ وَتَرْتَاحُ أَضْلُعُ
    وَكُنَّا صِغَارًا لا نُفَارِقُ بَعْضَنَا
    تُسَابِقُنِي لِلْبَيْتِ لَهْوًا وَتُسْرِعُ
    وَنَصْعَدُ صَفْصَافًا وَنَقْتَاتُ تُوتَةً
    عَلَى جِذْعِهَا الْوَانِي تُهَفْهِفُ أَفْرُعُ
    وَتَضْحَكُ مِلْءَ الثَّغْرِ حِينَ أَشُدُّهَا
    وَأَحْمِلُهَا عَطْفًا وَلِلسَّقْفِ أَرْفَعُ
    تَرُدُّ يَدِي مَكْرًا وَتُبْعِدُ شَعْرَهَا
    وَتُلْوِي بِرَأْسِي جَانِبًا ثُمَّ تَدْفَعُ
    وَتَمْضِي تَحُثُّ الْخَطْوَ نَحْوِي تَشَوُّقًا
    وَتَرْجِعُ مِنْ خَلْفِي إِلَى حَيْثُ أَرْجِعُ
    فَكَانَتْ حَبِيبًا لا يُفَارِقُ مُهْجَتِي
    وَكُنْتُ أَخَا وُدٍّ يَصُونُ وَيَمْنَعُ
    فَمَا بَالُهَا صَمَّتْ عَنِ النَّاسِ أُذْنُهَا
    فَلا نَطَقَتْ حَرْفًا وَلا هِيَ تَسْمَعُ
    تَبَدَّلَ حُسْنُ الأَرْضِ حُزْنًا وَغَيَّرَتْ
    سماءٌ فضاءً وَالْحَدَائِقُ بَلْقَعُ
    تَفَرَّقَ شَمْلُ الأَهْلِ بَعْدَ تَوَحُّدٍ
    وَكَانَتْ تَضُمُّ الأَبْعَدِينَ وَتَجْمَعُ
    تُقَرِّبُ مَظْلُومًا وَتُبْعِدُ ظَالِمًا
    وَتُطْعِمُ مِسْكِينًا تَصُومُ وَيَشْبَعُ
    وَتَحْنُو عَلَى طِفْلٍ يَتِيمٍ تَضُمُّهُ
    إِلَى صَدْرِهَا الْحَانِي تَرِقُّ وَتُرْضِعُ
    وَتَأْوِي الأَيَامَى حِينَ تُغْلِقُ بَابَهَا
    رِجَالٌ عَلَى ضَيْمٍ تَعِيشُ وَتَقْنَعُ
    فَيَا لَكِ مِنْ أُخْتٍ يَعِزُّ وُجُودُهَا
    عَلَى زَمَنٍ فَيهِ الذَّلِيلُ مُمَنَّعُ
    يَفِرُّ ضَعِيفٌ ، وَالْجَبَانُ مُؤَمَّنٌ
    وَكَرَّ قَوِيٌّ ، وَالشُّجَاعُ مُرَوَّعُ
    يَصُونُ الذَّلِيلُ الْمُسْتَرِيحُ لِبَاطِلٍ
    وَمِنْ تَعَبٍ حَقُّ الْعَزِيزِ مُضَيَّعُ
    فَأَنْتِ ـ وَإِنْ حَنَّ الْفُؤَادُ ـ وَدِيعَةٌ
    يَجُودُ بِهَا رَبٌّ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ
    أَرَاحَكِ مِنْ هَمِّ الْحَيَاةِ وَجَوْرِهَا
    وَفُزْتِ بِرِضْوَانٍ وَوَجْهُكِ أَنْصَعُ
    يَطُوفُ عَلَيْكِ الصَّابِرُونَ بِجَنَّةٍ
    وَكَفُّكِ مَخْضُوبُ الْبَنَانِ مُرَصَّعُ
    فَطُوبَى لِعَبْدٍ فِي مَنَازِلِ رَبِّهِ
    يُمَازِجُ حُورًا فِي الْجِنَانِ وَيُمْتَعُ
    وَلَسْنَا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْحَيَاةَ ـ خَوَالِدًا
    وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمَ الْفَرَاقِ يُوَدَّعُ
    فَلَيْسَ امْرُؤٌ يَسْطِيعُ رَدَّ قَضَائِهِ
    إِذَا جَاءَ مَنْظُورًا عَلَى الْبَابِ يَقْرَعُ
    يَدُقُّ عَلَيْهِ الرُّوحَ حِينَ يَرُدُّهَا
    إِلَيْهِ سَرِيعًا فِي يَدَيْهِ ، فَتُنْزَعُ
    وَإِنْ طَالَ عُمْرُ الْمَرْءِ أَوْ قَلَّ عُمْرُهُ
    فَلا بُدَّ أَنْ يَأْتِي رَحِيلٌ وَيُسْرِعُ
    تَجِيءُ مَنَايَانَا عَلَى حِينِ غِرَّةٍ
    وَتَضْرِبُ مِنَّا مَنْ تَشَاءُ وَتَصْرَعُ
    وَتَنْشِبُ فِي الأَرْوَاحِ مِنَّا أَظَافِرًا
    وَيَدْخُلُ نَابٌ فِي الْعُرُوقِ وَإِصْبَعُ
    وَتَخْرُجُ رُوحٌ فِي إِبَاءٍ عَزِيزَةٌ
    تَذَلُّ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَتَخْشَعُ
    وَتَلْتَفُّ سَاقٌ فَوْقَ سَاقٍ وَتَرْتَقِي
    إِلَى اللهِ نَفْسٌ تَسْتَغِيثُ وَتَضْرَعُ
    وَيُحْمَلُ جُثْمَانٌ وَيُلْقَى بِحُفْرَةٍ
    يُوَارَى عَلَيْنَا بِالتُّرَابِ وَنُقْمَعُ
    وَيَحْثُو عَلَيْنَا فِي بُكَاءٍ صَدِيقُنَا
    وَيَنْأَى بَعِيدًا ثُمَّ يَسْلُو وَيَرْجِعُ
    يَضِيقُ عَلَيْنَا الْقَبْرُ حِينَ يَضُمُّنَا
    وَكُنْا نُغَنِّي فِي الرُّبُوعِ وَنَرْتَعُ
    فَإِمَّا إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانِ جَنَّةٍ
    وَإِمَّا إِلَى نَارٍ نُسَاقُ وَنُسْفَعُ
    فَلَيْسَ مِنَ الأَهْوَالِ لِلْمَرْءِ مَهْرَبٌ
    وَلَيْسَ لَنَا إِلا إِلَى اللهِ مَفْزَعُ
    فَلا تَحْزَنِي يَا أُمِّ إِنْ يَغْلِبِ النَّوَى
    وَإِنْ غَابَ نَجْمٌ أَوْ تَبَاعَدَ مَطْلَعُ
    سَتَطْلُعُ شَمْسٌ مِنْ دَيَاجِيرِ قَبْرِهَا
    وَتُشْرِقُ بِالأَنْوَارِ يَوْمًا وَتَسْطَعُ
    ــــــــ
    قصيدة من مجموعة
    هكذا نبكي
    للشاعر الدكتور / عزت سراج
    أستاذ الأدب والنقد المساعد
    كلية التربية ـ جامعة الملك خالد
    مصر ـ طنطا ـ محلة مرحوم

    20/10/2009م
    [/align]


    عزيزي الدكتور عزت
    رحم الله الفقيدة .. واسكنها جنات الخلد
    والهمكم الصبر .
    اخي الفاضل
    قصيدة رثاء مثقلة بالمشاعر الصادقة .. النبيلة .
    الصدق والمعاناة يبرزان من كل
    حرف فيها .
    عبـَّرت َ عن فجيعة الموت .. وضعف
    الانسان حياله بأجمل الشعر .
    قصيدة مكتظة بالصور الجميلة بل المُبهرة رغم
    انها حزينة .. مؤثرة .
    ما اجمل قولك :
    أَتَغْرُبُ شَمْسٌ مِنْ ضُلُوعِي عَزِيزَةٌ
    وَيُشْرِقُ نُورٌ فِي الْقُبُورِ وَيَطْلُعُ ؟
    نعم يا عزيزي القدر يقتلع الشمس من بين ضلوعك
    لتشرق نورا ً يسطع في القبر .
    وهذه نهاية الانسان .. وحبذا لويعتبر
    من هذه النهاية .
    عزيزي الفاضل
    قصيدة جميلة
    تستحق التثبيت لصدقها وجمالها
    ورحم الله الفقيدة مرة اخرى
    ولا اراكم الله مكروها ً بعزيز

    تعليق

    • توفيق الخطيب
      نائب رئيس ملتقى الديوان
      • 02-01-2009
      • 826

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عزت سراج مشاهدة المشاركة
      [align=center]
      إلى أختي هويدا


      زهرة الروح التي قطفت قبل أوانها


      ولما تزل تفوح بالعبير

      للشاعر الدكتور / عزت سراج

      عَلَى مِثْلِهَا تَبْكِي السَّمَاءُ


      ـــــــ
      عَلَى مِثْلِهَا تَبْكِي السَّمَاءُ وَتَجْزَعُ


      وَتَبْكِي عَلَيْهَا الأَرْضُ حُزْنًا وتُفْجَعُ
      وَتَرْنُو وَرَاءَ النَّعْشِ ثَكْلَى شَوَارِعٌ
      تَئِنُّ عَلَى الصَّفَّيْنِ وَجْدًا وَتَدْمَعُ
      وَيَبْكِي جِدَارٌ مِنْ وَرَاءِ جِدَارِهَا
      وَيَهْذِي رَصِيفٌ فِي الطَّرِيقِ وَيَهْرَعُ
      وَيَغْفُو عَلَى الأَحْزَانِ خَلْفَكِ مَسْجِدٌ
      يَظَلُّ وَيُمْسِي فِي الضَّرَاعَةِ يَشْفَعُ
      يُحَلِّقُ عُصْفُورٌ أَمَامَ حَمَامَةٍ
      وَخَلْفَهُمَا سِرْبٌ يَحُطُّ وَيُقْلِعُ
      يَرُوحُ وَيَغْدُو جَانِحًا فَوْقَ قَبْرِهَا
      وَللهِ سِرْبٌ فِي السَّحَابَةِ مُسْرِعُ
      يَطِيرُ بَعِيدًا ثُمَّ يَهْبِطُ قُرْبَهُ
      عَلَى دَوْحَةِ الأَشْوَاقِ يَدْعُو وَيَهْجَعُ
      يَحِنُّ إِلَيْهَا الدَّوْحُ وَهْيَ بَعِيدَةٌ
      وَتَهْلَكُ أَرْوَاحٌ عَلَيْهَا وَتَصْدَعُ
      فَلا الصَّبْرُ يُخْفِي مِنْ عَذَابَاتِ أَهْلِهَا
      وَلا هُوَ يُبْدِي سُلْوَةً حِينَ تَفْزَعُ
      وَلِلصَّبْرِ غَايَاتٌ وَلِلْمَوْتِ رَاحَةٌ
      وَلَيْسَ إِلَى الْغَايَاتِ بَعْدَكِ مَطْمَعُ
      فَنِعْمَ مَمَاتٌ بَعْدَ طُولِ مَشَقَّةٍ
      وَبِئْسَ حَيَاةٌ بَعْدَ مَوْتِكِ تُمْتِعُ
      وَهَيْهَاتَ أَنْ نَحْيَا وَوَجْهُكِ غَائِبٌ
      وَنُورُكِ لا يَمْحُو الظَّلامَ وَيَقْشَعُ
      فَلا طَابَتِ الدُّنْيَا وَحُلْوُ مَذَاقِهَا
      وَعُودِيَ صَبَّارٌ وَكَأْسِيَ مُتْرَعُ
      تَسَاقَطُ مِنَّا أَنْفُسٌ فَوْقَ أَنْفُسٍ
      وَتَهْوِي رُؤُوسٌ تَحْتَهَا وَهْيَ تَخْضَعُ
      فَكَمْ مِنْ صَغِيرٍ بَاتَ فِي اللَّيْلِ صَارِخًا
      وَكَمْ مِنْ كَبِيرٍ يَسْتَعِيذُ وَيَرْكَعُ
      فَلِلَّهِ هَذَا الْمَوْتُ لَيْسَ بِرَاحِمٍ
      أَبًا بَاكِيًا ضَعْفًا وَأُمًّا تُرَجِّعُ
      إِذَا كَانَ مَوْتُ الشَّيْخِ قَدْ يُوجِعُ الْفَتَى
      فَمَوْتُ حَبِيبٍ فِي الثَّلاثِينَ أَوْجَعُ
      أَتَغْرُبُ شَمْسٌ مِنْ ضُلُوعِي عَزِيزَةٌ
      وَيُشْرِقُ نُورٌ فِي الْقُبُورِ وَيَطْلُعُ ؟
      ثَقِيلٌ عَلَيْنَا الْمَوْتُ حِينَ يَجِيئُنَا
      وِلِلْمَوْتِ أَنْيَابٌ تَعَضُّ وَأَذْرُعُ
      يَمُرُّ عَلَيْنَا الْيَوْمُ لَسْنَا نُعِيدُهُ
      وَإِنَّا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْخُلُودَ ـ لَنُصْرَعُ
      يُطَافُ عَلَيْنَا بِالْكُؤُوسِ مَلِيئَةً
      فَتَشْرَبُ إِنْ شِئْتَ وَإِنْ شِئْتَ تَمْنَعُ
      وَيَأْتِي الرَّدَى مُرَّ الْمَذَاقَةِ بَغْتَةً
      فَنَشْرَبُ كَأْسَ الْمَوْتِ حَتْمًا وَنَجْرَعُ
      فَقَدْ كَانَتِ الدُّنْيَا تُحِيطُ بِبَهْجَةٍ
      فَتَضْحَكُ أَرْوَاحٌ وَيَسْعَدُ مَرْبَعُ
      وَيَبْسُمُ وَرْدُ الرَّوْضِ حِينَ تَفَتُّحٍ
      فَتَطْرَبُ أَكْوَاخٌ وَيَهْنَأُ مَسْمَعُ
      وَنَقْطِفُ زَهْرَ الْقُطْنِ وَهْوَ مُنَوِّرٌ
      فَتَنْعَسُ أَهْدَابٌ وَتَرْتَاحُ أَضْلُعُ
      وَكُنَّا صِغَارًا لا نُفَارِقُ بَعْضَنَا
      تُسَابِقُنِي لِلْبَيْتِ لَهْوًا وَتُسْرِعُ
      وَنَصْعَدُ صَفْصَافًا وَنَقْتَاتُ تُوتَةً
      عَلَى جِذْعِهَا الْوَانِي تُهَفْهِفُ أَفْرُعُ
      وَتَضْحَكُ مِلْءَ الثَّغْرِ حِينَ أَشُدُّهَا
      وَأَحْمِلُهَا عَطْفًا وَلِلسَّقْفِ أَرْفَعُ
      تَرُدُّ يَدِي مَكْرًا وَتُبْعِدُ شَعْرَهَا
      وَتُلْوِي بِرَأْسِي جَانِبًا ثُمَّ تَدْفَعُ
      وَتَمْضِي تَحُثُّ الْخَطْوَ نَحْوِي تَشَوُّقًا
      وَتَرْجِعُ مِنْ خَلْفِي إِلَى حَيْثُ أَرْجِعُ
      فَكَانَتْ حَبِيبًا لا يُفَارِقُ مُهْجَتِي
      وَكُنْتُ أَخَا وُدٍّ يَصُونُ وَيَمْنَعُ
      فَمَا بَالُهَا صَمَّتْ عَنِ النَّاسِ أُذْنُهَا
      فَلا نَطَقَتْ حَرْفًا وَلا هِيَ تَسْمَعُ
      تَبَدَّلَ حُسْنُ الأَرْضِ حُزْنًا وَغَيَّرَتْ
      سماءٌ فضاءً وَالْحَدَائِقُ بَلْقَعُ
      تَفَرَّقَ شَمْلُ الأَهْلِ بَعْدَ تَوَحُّدٍ
      وَكَانَتْ تَضُمُّ الأَبْعَدِينَ وَتَجْمَعُ
      تُقَرِّبُ مَظْلُومًا وَتُبْعِدُ ظَالِمًا
      وَتُطْعِمُ مِسْكِينًا تَصُومُ وَيَشْبَعُ
      وَتَحْنُو عَلَى طِفْلٍ يَتِيمٍ تَضُمُّهُ
      إِلَى صَدْرِهَا الْحَانِي تَرِقُّ وَتُرْضِعُ
      وَتَأْوِي الأَيَامَى حِينَ تُغْلِقُ بَابَهَا
      رِجَالٌ عَلَى ضَيْمٍ تَعِيشُ وَتَقْنَعُ
      فَيَا لَكِ مِنْ أُخْتٍ يَعِزُّ وُجُودُهَا
      عَلَى زَمَنٍ فَيهِ الذَّلِيلُ مُمَنَّعُ
      يَفِرُّ ضَعِيفٌ ، وَالْجَبَانُ مُؤَمَّنٌ
      وَكَرَّ قَوِيٌّ ، وَالشُّجَاعُ مُرَوَّعُ
      يَصُونُ الذَّلِيلُ الْمُسْتَرِيحُ لِبَاطِلٍ
      وَمِنْ تَعَبٍ حَقُّ الْعَزِيزِ مُضَيَّعُ
      فَأَنْتِ ـ وَإِنْ حَنَّ الْفُؤَادُ ـ وَدِيعَةٌ
      يَجُودُ بِهَا رَبٌّ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ
      أَرَاحَكِ مِنْ هَمِّ الْحَيَاةِ وَجَوْرِهَا
      وَفُزْتِ بِرِضْوَانٍ وَوَجْهُكِ أَنْصَعُ
      يَطُوفُ عَلَيْكِ الصَّابِرُونَ بِجَنَّةٍ
      وَكَفُّكِ مَخْضُوبُ الْبَنَانِ مُرَصَّعُ
      فَطُوبَى لِعَبْدٍ فِي مَنَازِلِ رَبِّهِ
      يُمَازِجُ حُورًا فِي الْجِنَانِ وَيُمْتَعُ
      وَلَسْنَا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْحَيَاةَ ـ خَوَالِدًا
      وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمَ الْفَرَاقِ يُوَدَّعُ
      فَلَيْسَ امْرُؤٌ يَسْطِيعُ رَدَّ قَضَائِهِ
      إِذَا جَاءَ مَنْظُورًا عَلَى الْبَابِ يَقْرَعُ
      يَدُقُّ عَلَيْهِ الرُّوحَ حِينَ يَرُدُّهَا
      إِلَيْهِ سَرِيعًا فِي يَدَيْهِ ، فَتُنْزَعُ
      وَإِنْ طَالَ عُمْرُ الْمَرْءِ أَوْ قَلَّ عُمْرُهُ
      فَلا بُدَّ أَنْ يَأْتِي رَحِيلٌ وَيُسْرِعُ
      تَجِيءُ مَنَايَانَا عَلَى حِينِ غِرَّةٍ
      وَتَضْرِبُ مِنَّا مَنْ تَشَاءُ وَتَصْرَعُ
      وَتَنْشِبُ فِي الأَرْوَاحِ مِنَّا أَظَافِرًا
      وَيَدْخُلُ نَابٌ فِي الْعُرُوقِ وَإِصْبَعُ
      وَتَخْرُجُ رُوحٌ فِي إِبَاءٍ عَزِيزَةٌ
      تَذَلُّ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَتَخْشَعُ
      وَتَلْتَفُّ سَاقٌ فَوْقَ سَاقٍ وَتَرْتَقِي
      إِلَى اللهِ نَفْسٌ تَسْتَغِيثُ وَتَضْرَعُ
      وَيُحْمَلُ جُثْمَانٌ وَيُلْقَى بِحُفْرَةٍ
      يُوَارَى عَلَيْنَا بِالتُّرَابِ وَنُقْمَعُ
      وَيَحْثُو عَلَيْنَا فِي بُكَاءٍ صَدِيقُنَا
      وَيَنْأَى بَعِيدًا ثُمَّ يَسْلُو وَيَرْجِعُ
      يَضِيقُ عَلَيْنَا الْقَبْرُ حِينَ يَضُمُّنَا
      وَكُنْا نُغَنِّي فِي الرُّبُوعِ وَنَرْتَعُ
      فَإِمَّا إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانِ جَنَّةٍ
      وَإِمَّا إِلَى نَارٍ نُسَاقُ وَنُسْفَعُ
      فَلَيْسَ مِنَ الأَهْوَالِ لِلْمَرْءِ مَهْرَبٌ
      وَلَيْسَ لَنَا إِلا إِلَى اللهِ مَفْزَعُ
      فَلا تَحْزَنِي يَا أُمِّ إِنْ يَغْلِبِ النَّوَى
      وَإِنْ غَابَ نَجْمٌ أَوْ تَبَاعَدَ مَطْلَعُ
      سَتَطْلُعُ شَمْسٌ مِنْ دَيَاجِيرِ قَبْرِهَا
      وَتُشْرِقُ بِالأَنْوَارِ يَوْمًا وَتَسْطَعُ
      ــــــــ
      قصيدة من مجموعة
      هكذا نبكي
      للشاعر الدكتور / عزت سراج
      أستاذ الأدب والنقد المساعد
      كلية التربية ـ جامعة الملك خالد
      مصر ـ طنطا ـ محلة مرحوم

      20/10/2009م
      [/align]
      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      الشاعر الدكتور عزت سراج
      رحم الله أختك وأسكنها فسيح جنانه
      لقد أعدت لنا بقصيدتك البديعة هذه زمن القصائد الشامخة بمرثية مؤثرة بلغة صافية وحرفية عالية بينت فيها مدى حزنك على إنسانة تستحق الرثاء لفضائلها وأخلاقها بحيث تبكي عليها السماء وتحزن عليها الأرض وتشاركك الحزن عليها الشوارع والجدران وأسراب الحمام وكل هذا في صور بديعة لتنتقل لوصف مشاعرك بعد موتها
      فَنِعْمَ مَمَاتٌ بَعْدَ طُولِ مَشَقَّةٍ
      وَبِئْسَ حَيَاةٌ بَعْدَ مَوْتِكِ تُمْتِعُ
      وَهَيْهَاتَ أَنْ نَحْيَا وَوَجْهُكِ غَائِبٌ
      وَنُورُكِ لا يَمْحُو الظَّلامَ وَيَقْشَعُ
      فَلا طَابَتِ الدُّنْيَا وَحُلْوُ مَذَاقِهَا
      وَعُودِيَ صَبَّارٌ وَكَأْسِيَ مُتْرَعُ
      لتبين لنا بعد ذلك أثر موت عزيز في النفوس
      تَسَاقَطُ مِنَّا أَنْفُسٌ فَوْقَ أَنْفُسٍ
      وَتَهْوِي رُؤُوسٌ تَحْتَهَا وَهْيَ تَخْضَعُ
      فَكَمْ مِنْ صَغِيرٍ بَاتَ فِي اللَّيْلِ صَارِخًا
      وَكَمْ مِنْ كَبِيرٍ يَسْتَعِيذُ وَيَرْكَعُ
      فَلِلَّهِ هَذَا الْمَوْتُ لَيْسَ بِرَاحِمٍ
      أَبًا بَاكِيًا ضَعْفًا وَأُمًّا تُرَجِّعُ
      إِذَا كَانَ مَوْتُ الشَّيْخِ قَدْ يُوجِعُ الْفَتَى
      فَمَوْتُ حَبِيبٍ فِي الثَّلاثِينَ أَوْجَعُ
      إن الحكم المستخلصة من تجربة الموت والتي سقتها لنا في مواضع مختلفة من القصيدة قد أثرتِ القصيدة وأعطتها بعدا إنسانيا بعيدا عن البعد الذاتي كقولك
      ثَقِيلٌ عَلَيْنَا الْمَوْتُ حِينَ يَجِيئُنَا
      وِلِلْمَوْتِ أَنْيَابٌ تَعَضُّ وَأَذْرُعُ
      يَمُرُّ عَلَيْنَا الْيَوْمُ لَسْنَا نُعِيدُهُ
      وَإِنَّا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْخُلُودَ ـ لَنُصْرَعُ
      يُطَافُ عَلَيْنَا بِالْكُؤُوسِ مَلِيئَةً
      فَتَشْرَبُ إِنْ شِئْتَ وَإِنْ شِئْتَ تَمْنَعُ
      وَيَأْتِي الرَّدَى مُرَّ الْمَذَاقَةِ بَغْتَةً
      فَنَشْرَبُ كَأْسَ الْمَوْتِ حَتْمًا وَنَجْرَعُ
      لقد ذكرتني بقول الشاعر أبو ذؤيب
      وإذا المنية أنشبت أظفارها == ألفيت كل تميمة لاتنفع
      لم تنس أن تقص علينا بعض ذكرياتك الجميلة وأنت تلعب مع أختك فتسابقك إلى البيت وتتسلق معك الأشجار وتصف لنا كيف كانت تضحك عندما كنت تشدها وكيف تحملها بحنان وعطف أخ محب ودود في صور جميلة من الحياة يختبرها الأخوة في كل مكان في هذه الدنيا ولكن التعبير عنها بهذا الجمال لايكون إلا من شاعر مبدع تمكن من أدواته الشعرية .
      وتذكر لن بعد ذلك في لفتة ضرورية أعمالها الكريمة وحنانها المتدفق الذي يدل على قلبها الكبير
      وَتَحْنُو عَلَى طِفْلٍ يَتِيمٍ تَضُمُّهُ
      إِلَى صَدْرِهَا الْحَانِي تَرِقُّ وَتُرْضِعُ
      وَتَأْوِي الأَيَامَى حِينَ تُغْلِقُ بَابَهَا
      رِجَالٌ عَلَى ضَيْمٍ تَعِيشُ وَتَقْنَعُ
      وتعود إلى ذكر بعض الحكم في نهاية الأبيات لنكتشف عقلا واعيا وخبرة في الحياة تلخصها لنا أبيات بديعة من شاعر قدير متمكن
      وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمَ الْفَرَاقِ يُوَدَّعُ
      فَلَيْسَ امْرُؤٌ يَسْطِيعُ رَدَّ قَضَائِهِ
      إِذَا جَاءَ مَنْظُورًا عَلَى الْبَابِ يَقْرَعُ
      يَدُقُّ عَلَيْهِ الرُّوحَ حِينَ يَرُدُّهَا
      إِلَيْهِ سَرِيعًا فِي يَدَيْهِ ، فَتُنْزَعُ
      وَإِنْ طَالَ عُمْرُ الْمَرْءِ أَوْ قَلَّ عُمْرُهُ
      فَلا بُدَّ أَنْ يَأْتِي رَحِيلٌ وَيُسْرِعُ
      تَجِيءُ مَنَايَانَا عَلَى حِينِ غِرَّةٍ
      وَتَضْرِبُ مِنَّا مَنْ تَشَاءُ وَتَصْرَعُ
      وَتَنْشِبُ فِي الأَرْوَاحِ مِنَّا أَظَافِرًا
      وَيَدْخُلُ نَابٌ فِي الْعُرُوقِ وَإِصْبَعُ
      وَتَخْرُجُ رُوحٌ فِي إِبَاءٍ عَزِيزَةٌ
      تَذَلُّ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَتَخْشَعُ
      وَتَلْتَفُّ سَاقٌ فَوْقَ سَاقٍ وَتَرْتَقِي
      إِلَى اللهِ نَفْسٌ تَسْتَغِيثُ وَتَضْرَعُ
      وَيُحْمَلُ جُثْمَانٌ وَيُلْقَى بِحُفْرَةٍ
      يُوَارَى عَلَيْنَا بِالتُّرَابِ وَنُقْمَعُ
      وَيَحْثُو عَلَيْنَا فِي بُكَاءٍ صَدِيقُنَا
      وَيَنْأَى بَعِيدًا ثُمَّ يَسْلُو وَيَرْجِعُ
      يَضِيقُ عَلَيْنَا الْقَبْرُ حِينَ يَضُمُّنَا
      وَكُنْا نُغَنِّي فِي الرُّبُوعِ وَنَرْتَعُ
      فَإِمَّا إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانِ جَنَّةٍ
      وَإِمَّا إِلَى نَارٍ نُسَاقُ وَنُسْفَعُ
      فَلَيْسَ مِنَ الأَهْوَالِ لِلْمَرْءِ مَهْرَبٌ
      وَلَيْسَ لَنَا إِلا إِلَى اللهِ مَفْزَعُ
      الدكتور عزت سراج
      لقد أبدعت وأوصلت إلينا حزنك في قصيدة بديعة زخرت بالصور الشعرية والحكم البليغة والبيان البديع
      وقد سبقني الدكتور أحمد حسن المقدسي إلى تثبيتها مشكورا
      توفيق الخطيب




      تعليق

      • عزت سراج
        عضو الملتقى
        • 06-01-2010
        • 19

        #4
        [frame="5 80"]
        الشاعر الكبير الدكتور / أحمد حسن المقدسي ، أسعدني مروركم الرقيق على قصيدتي ، وخففت كلماتكم الطيبة كثيرا من أحزاني الثقيلة ، فلكم خالص شكري وتقديري .

        [/frame]
        التعديل الأخير تم بواسطة عزت سراج; الساعة 10-01-2010, 08:10.

        تعليق

        • عزت سراج
          عضو الملتقى
          • 06-01-2010
          • 19

          #5
          [frame="5 80"]
          الشاعر الناقد القدير / توفيق الخطيب ، شكرا لكم أيها الشاعر المتألق على هذه الكلمات الرقيقة وتلك القراءة الواعية للقصيدة ، لقد أذهبت عني بعض حزني ، فدمت لأخيك ، مع خالص مودتي وتقديري .

          [/frame]
          التعديل الأخير تم بواسطة عزت سراج; الساعة 10-01-2010, 08:16.

          تعليق

          • جريس دبيات
            عضو الملتقى
            • 27-08-2009
            • 22

            #6
            نكأت جرحا لما يزل ينزف في ضلوعي

            الشاعر الدكتور عزت المحترم
            قصيدتك في اختك المرحومة اعادت الي الايام التي اعقبت موت اختي المرحومة التي لم تترك لنا من اثرها الا الدمع والحسرة فقد تزوجت ثم قصفها الموت دون ان تنجب .
            نحن شريكان في الفقد والوجع ولا بد ان احيلك الى مجموعتي الشعرية الثانية التي اهديتها الى روحها"تظلين احلى" وضمنتها قصيدة في رثائها بعنوان "خيتاه" وتجدها في موقعي الشعري www.debayat.com
            رحم الله اختينا .وانا لله وانا اليه راجعون.
            جريس دبيات --- الجليل ---فلسطين

            تعليق

            • زياد بنجر
              مستشار أدبي
              شاعر
              • 07-04-2008
              • 3671

              #7
              [align=center]
              أخي الشاعر " عزَّت سراج "
              رحم الله الفقيدة الكريمة و أسكنها فسيح جنَّاته
              قصيدة و لا أروع .. عاطفة و حكمة و بلاغة
              تحيَّاتي و تقديري
              [/align]
              لا إلهَ إلاَّ الله

              تعليق

              • يوسف أبوسالم
                أديب وكاتب
                • 08-06-2009
                • 2490

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة عزت سراج مشاهدة المشاركة
                [align=center]
                إلى أختي هويدا


                زهرة الروح التي قطفت قبل أوانها


                ولما تزل تفوح بالعبير

                للشاعر الدكتور / عزت سراج

                عَلَى مِثْلِهَا تَبْكِي السَّمَاءُ


                ـــــــ
                عَلَى مِثْلِهَا تَبْكِي السَّمَاءُ وَتَجْزَعُ


                وَتَبْكِي عَلَيْهَا الأَرْضُ حُزْنًا وتُفْجَعُ
                وَتَرْنُو وَرَاءَ النَّعْشِ ثَكْلَى شَوَارِعٌ
                تَئِنُّ عَلَى الصَّفَّيْنِ وَجْدًا وَتَدْمَعُ
                وَيَبْكِي جِدَارٌ مِنْ وَرَاءِ جِدَارِهَا
                وَيَهْذِي رَصِيفٌ فِي الطَّرِيقِ وَيَهْرَعُ
                وَيَغْفُو عَلَى الأَحْزَانِ خَلْفَكِ مَسْجِدٌ
                يَظَلُّ وَيُمْسِي فِي الضَّرَاعَةِ يَشْفَعُ
                يُحَلِّقُ عُصْفُورٌ أَمَامَ حَمَامَةٍ
                وَخَلْفَهُمَا سِرْبٌ يَحُطُّ وَيُقْلِعُ
                يَرُوحُ وَيَغْدُو جَانِحًا فَوْقَ قَبْرِهَا
                وَللهِ سِرْبٌ فِي السَّحَابَةِ مُسْرِعُ
                يَطِيرُ بَعِيدًا ثُمَّ يَهْبِطُ قُرْبَهُ
                عَلَى دَوْحَةِ الأَشْوَاقِ يَدْعُو وَيَهْجَعُ
                يَحِنُّ إِلَيْهَا الدَّوْحُ وَهْيَ بَعِيدَةٌ
                وَتَهْلَكُ أَرْوَاحٌ عَلَيْهَا وَتَصْدَعُ
                فَلا الصَّبْرُ يُخْفِي مِنْ عَذَابَاتِ أَهْلِهَا
                وَلا هُوَ يُبْدِي سُلْوَةً حِينَ تَفْزَعُ
                وَلِلصَّبْرِ غَايَاتٌ وَلِلْمَوْتِ رَاحَةٌ
                وَلَيْسَ إِلَى الْغَايَاتِ بَعْدَكِ مَطْمَعُ
                فَنِعْمَ مَمَاتٌ بَعْدَ طُولِ مَشَقَّةٍ
                وَبِئْسَ حَيَاةٌ بَعْدَ مَوْتِكِ تُمْتِعُ
                وَهَيْهَاتَ أَنْ نَحْيَا وَوَجْهُكِ غَائِبٌ
                وَنُورُكِ لا يَمْحُو الظَّلامَ وَيَقْشَعُ
                فَلا طَابَتِ الدُّنْيَا وَحُلْوُ مَذَاقِهَا
                وَعُودِيَ صَبَّارٌ وَكَأْسِيَ مُتْرَعُ
                تَسَاقَطُ مِنَّا أَنْفُسٌ فَوْقَ أَنْفُسٍ
                وَتَهْوِي رُؤُوسٌ تَحْتَهَا وَهْيَ تَخْضَعُ
                فَكَمْ مِنْ صَغِيرٍ بَاتَ فِي اللَّيْلِ صَارِخًا
                وَكَمْ مِنْ كَبِيرٍ يَسْتَعِيذُ وَيَرْكَعُ
                فَلِلَّهِ هَذَا الْمَوْتُ لَيْسَ بِرَاحِمٍ
                أَبًا بَاكِيًا ضَعْفًا وَأُمًّا تُرَجِّعُ
                إِذَا كَانَ مَوْتُ الشَّيْخِ قَدْ يُوجِعُ الْفَتَى
                فَمَوْتُ حَبِيبٍ فِي الثَّلاثِينَ أَوْجَعُ
                أَتَغْرُبُ شَمْسٌ مِنْ ضُلُوعِي عَزِيزَةٌ
                وَيُشْرِقُ نُورٌ فِي الْقُبُورِ وَيَطْلُعُ ؟
                ثَقِيلٌ عَلَيْنَا الْمَوْتُ حِينَ يَجِيئُنَا
                وِلِلْمَوْتِ أَنْيَابٌ تَعَضُّ وَأَذْرُعُ
                يَمُرُّ عَلَيْنَا الْيَوْمُ لَسْنَا نُعِيدُهُ
                وَإِنَّا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْخُلُودَ ـ لَنُصْرَعُ
                يُطَافُ عَلَيْنَا بِالْكُؤُوسِ مَلِيئَةً
                فَتَشْرَبُ إِنْ شِئْتَ وَإِنْ شِئْتَ تَمْنَعُ
                وَيَأْتِي الرَّدَى مُرَّ الْمَذَاقَةِ بَغْتَةً
                فَنَشْرَبُ كَأْسَ الْمَوْتِ حَتْمًا وَنَجْرَعُ
                فَقَدْ كَانَتِ الدُّنْيَا تُحِيطُ بِبَهْجَةٍ
                فَتَضْحَكُ أَرْوَاحٌ وَيَسْعَدُ مَرْبَعُ
                وَيَبْسُمُ وَرْدُ الرَّوْضِ حِينَ تَفَتُّحٍ
                فَتَطْرَبُ أَكْوَاخٌ وَيَهْنَأُ مَسْمَعُ
                وَنَقْطِفُ زَهْرَ الْقُطْنِ وَهْوَ مُنَوِّرٌ
                فَتَنْعَسُ أَهْدَابٌ وَتَرْتَاحُ أَضْلُعُ
                وَكُنَّا صِغَارًا لا نُفَارِقُ بَعْضَنَا
                تُسَابِقُنِي لِلْبَيْتِ لَهْوًا وَتُسْرِعُ
                وَنَصْعَدُ صَفْصَافًا وَنَقْتَاتُ تُوتَةً
                عَلَى جِذْعِهَا الْوَانِي تُهَفْهِفُ أَفْرُعُ
                وَتَضْحَكُ مِلْءَ الثَّغْرِ حِينَ أَشُدُّهَا
                وَأَحْمِلُهَا عَطْفًا وَلِلسَّقْفِ أَرْفَعُ
                تَرُدُّ يَدِي مَكْرًا وَتُبْعِدُ شَعْرَهَا
                وَتُلْوِي بِرَأْسِي جَانِبًا ثُمَّ تَدْفَعُ
                وَتَمْضِي تَحُثُّ الْخَطْوَ نَحْوِي تَشَوُّقًا
                وَتَرْجِعُ مِنْ خَلْفِي إِلَى حَيْثُ أَرْجِعُ
                فَكَانَتْ حَبِيبًا لا يُفَارِقُ مُهْجَتِي
                وَكُنْتُ أَخَا وُدٍّ يَصُونُ وَيَمْنَعُ
                فَمَا بَالُهَا صَمَّتْ عَنِ النَّاسِ أُذْنُهَا
                فَلا نَطَقَتْ حَرْفًا وَلا هِيَ تَسْمَعُ
                تَبَدَّلَ حُسْنُ الأَرْضِ حُزْنًا وَغَيَّرَتْ
                سماءٌ فضاءً وَالْحَدَائِقُ بَلْقَعُ
                تَفَرَّقَ شَمْلُ الأَهْلِ بَعْدَ تَوَحُّدٍ
                وَكَانَتْ تَضُمُّ الأَبْعَدِينَ وَتَجْمَعُ
                تُقَرِّبُ مَظْلُومًا وَتُبْعِدُ ظَالِمًا
                وَتُطْعِمُ مِسْكِينًا تَصُومُ وَيَشْبَعُ
                وَتَحْنُو عَلَى طِفْلٍ يَتِيمٍ تَضُمُّهُ
                إِلَى صَدْرِهَا الْحَانِي تَرِقُّ وَتُرْضِعُ
                وَتَأْوِي الأَيَامَى حِينَ تُغْلِقُ بَابَهَا
                رِجَالٌ عَلَى ضَيْمٍ تَعِيشُ وَتَقْنَعُ
                فَيَا لَكِ مِنْ أُخْتٍ يَعِزُّ وُجُودُهَا
                عَلَى زَمَنٍ فَيهِ الذَّلِيلُ مُمَنَّعُ
                يَفِرُّ ضَعِيفٌ ، وَالْجَبَانُ مُؤَمَّنٌ
                وَكَرَّ قَوِيٌّ ، وَالشُّجَاعُ مُرَوَّعُ
                يَصُونُ الذَّلِيلُ الْمُسْتَرِيحُ لِبَاطِلٍ
                وَمِنْ تَعَبٍ حَقُّ الْعَزِيزِ مُضَيَّعُ
                فَأَنْتِ ـ وَإِنْ حَنَّ الْفُؤَادُ ـ وَدِيعَةٌ
                يَجُودُ بِهَا رَبٌّ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ
                أَرَاحَكِ مِنْ هَمِّ الْحَيَاةِ وَجَوْرِهَا
                وَفُزْتِ بِرِضْوَانٍ وَوَجْهُكِ أَنْصَعُ
                يَطُوفُ عَلَيْكِ الصَّابِرُونَ بِجَنَّةٍ
                وَكَفُّكِ مَخْضُوبُ الْبَنَانِ مُرَصَّعُ
                فَطُوبَى لِعَبْدٍ فِي مَنَازِلِ رَبِّهِ
                يُمَازِجُ حُورًا فِي الْجِنَانِ وَيُمْتَعُ
                وَلَسْنَا ـ وَإِنْ شِئْنَا الْحَيَاةَ ـ خَوَالِدًا
                وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمَ الْفَرَاقِ يُوَدَّعُ
                فَلَيْسَ امْرُؤٌ يَسْطِيعُ رَدَّ قَضَائِهِ
                إِذَا جَاءَ مَنْظُورًا عَلَى الْبَابِ يَقْرَعُ
                يَدُقُّ عَلَيْهِ الرُّوحَ حِينَ يَرُدُّهَا
                إِلَيْهِ سَرِيعًا فِي يَدَيْهِ ، فَتُنْزَعُ
                وَإِنْ طَالَ عُمْرُ الْمَرْءِ أَوْ قَلَّ عُمْرُهُ
                فَلا بُدَّ أَنْ يَأْتِي رَحِيلٌ وَيُسْرِعُ
                تَجِيءُ مَنَايَانَا عَلَى حِينِ غِرَّةٍ
                وَتَضْرِبُ مِنَّا مَنْ تَشَاءُ وَتَصْرَعُ
                وَتَنْشِبُ فِي الأَرْوَاحِ مِنَّا أَظَافِرًا
                وَيَدْخُلُ نَابٌ فِي الْعُرُوقِ وَإِصْبَعُ
                وَتَخْرُجُ رُوحٌ فِي إِبَاءٍ عَزِيزَةٌ
                تَذَلُّ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَتَخْشَعُ
                وَتَلْتَفُّ سَاقٌ فَوْقَ سَاقٍ وَتَرْتَقِي
                إِلَى اللهِ نَفْسٌ تَسْتَغِيثُ وَتَضْرَعُ
                وَيُحْمَلُ جُثْمَانٌ وَيُلْقَى بِحُفْرَةٍ
                يُوَارَى عَلَيْنَا بِالتُّرَابِ وَنُقْمَعُ
                وَيَحْثُو عَلَيْنَا فِي بُكَاءٍ صَدِيقُنَا
                وَيَنْأَى بَعِيدًا ثُمَّ يَسْلُو وَيَرْجِعُ
                يَضِيقُ عَلَيْنَا الْقَبْرُ حِينَ يَضُمُّنَا
                وَكُنْا نُغَنِّي فِي الرُّبُوعِ وَنَرْتَعُ
                فَإِمَّا إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانِ جَنَّةٍ
                وَإِمَّا إِلَى نَارٍ نُسَاقُ وَنُسْفَعُ
                فَلَيْسَ مِنَ الأَهْوَالِ لِلْمَرْءِ مَهْرَبٌ
                وَلَيْسَ لَنَا إِلا إِلَى اللهِ مَفْزَعُ
                فَلا تَحْزَنِي يَا أُمِّ إِنْ يَغْلِبِ النَّوَى
                وَإِنْ غَابَ نَجْمٌ أَوْ تَبَاعَدَ مَطْلَعُ
                سَتَطْلُعُ شَمْسٌ مِنْ دَيَاجِيرِ قَبْرِهَا
                وَتُشْرِقُ بِالأَنْوَارِ يَوْمًا وَتَسْطَعُ
                ــــــــ
                قصيدة من مجموعة
                هكذا نبكي
                للشاعر الدكتور / عزت سراج
                أستاذ الأدب والنقد المساعد
                كلية التربية ـ جامعة الملك خالد
                مصر ـ طنطا ـ محلة مرحوم

                20/10/2009م
                [/align]
                عزيزي
                الدكتور عزت سراج

                صدق هذه المرثية وحده يميزها حقا
                فضلا عما تضمنته من إجادة
                وجزالة وقوة وبلاغة
                فاسمح لي أخي
                بنسخها للقصائد المميزة
                ورحم الله الفقيدة وأسكنها فسيح جنانه
                وألهمكم السلوان والصير
                وإنا لله وإنا إليه راجعون

                تعليق

                يعمل...
                X