فــراشــة// كوثر خليل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • كوثر خليل
    أديبة وكاتبة
    • 25-05-2009
    • 555

    فــراشــة// كوثر خليل

    فــــــراشـــة



    كمدينة منهوبة و محترقة... كانت ترى نفسها... كورقة صفراء، ككَفَنٍ قديم سطوره مشطوبة، كلماته تصرخ لتتحرر...ربما لأنها أشبه بفراشة تلتحف ضوء المصباح يغمرها بدفء عابر لأجله تعطي حياتها، ثم تجد نفسها للحظة منتهية بردا أو موتا و كلما اقتربت من الضوء باركت انبعاثها عشقا و اُحتراقا مستمتعة في مازوشية غريبة بنهايتها و بتلك الصورة المشوهة التي صارت عليها.
    "هل يكون البحر جميلا دون زَبَد! ذاك هو اُختناق العاشق بكأس الفراق" قال ذلك و رحل، عِشقُ الرجل طُموحُهُ و طموحُ المرأة عشقُها، إنهما ليسا مُتشابهين في أي شيء و مع هذا كانا عاشقين، عشقا يصفق بيَد واحدة.
    لقد أدمنَتْ النهايات و الحكايا المبتورة و أدمنت أن تُذبَح و تَذبح دون سؤال و جواب أو أدنى إنذار... أخذت تنظر إلى السماء الشفقية عبر نافذة المكتب و لكن الليل جرّ لحافَهَ بسرعة فنهضت و أضاءت النور، كم تحب اللون البرتقالي و الدفء البرتقالي. فكرت للحظة أن تخرج من حالة الكآبة التي اُكتنفتها و هي تُحاسب نفسها للمرّة الأولى فهي لا تذكر أنها حاسبت نفسها من قبل. فقد كان ذاكَ من مشمولات الجميع من المُحيطين بها، الكل يُحصي حركاتها و سكناتها غيرة عليها أو على التقاليد الشمعية الذي تذوب أمام عشق كافر تعرفه هي و لا يعرفونهُ و لكنها لا تعرف هل هم المساكين أم هي.
    طُرِق البابُ بعنف، ففتحت مُرتاعة، اِنعكست أنوار المدينة الخافتة على الوجه المُقطب فقالت بسوء توقّع: ......ماذا؟...
    -لقد مات السيد عثمان.
    تيبّس وجهُها و سادت ظلالٌ قاتمة نظراتِها.
    -صبرا جميلا سيدتي..
    أغلقت الباب بحركة آلية و اُنهارت على الأريكة، لم تبكِ و لم تتألم كما يُفترض بها و لكن شريط حياتها مرّ أمامها في ثوان و أخرسَها مزيجٌ غير مفهوم من الخيبة و الخوف و العبث. الرجل الذي مات كان أباها و لكن مع ذلك كانت بحاجة إلى بعض الوقت، لتفهمَ و تقتنعَ، لم يكن أحدٌ ليفهمها خارج اُستعراضٍ مُعَدّ مُسْبَقا تفعله غيرها من النساء.
    سَيُحْصون آهاتها و كلماتها و يتندّرون بهذا البَكَم الذي أصاب عواطفها و جمّد دموعها و لكن رحًى طاحنة كانت تسحق أحشاءَها. إنها عاتبة على الحياة نفسِها، عاتبة لأجل نفسِها و كل من رأتهم يتنفّسون و لا يعيشون، يُحبّون و يكتمون، لأجل مَن حياتُهُم تدرّبٌ مُضْنٍ على البقاء، حزينة لأجل من حَياتُهم كلها هَرَبٌ. فقد كانت منهم و كذلك كان ابوها و أمّها و أناسُ عبَروا حياتَها.
    هي الحياة، رِهانٌ خاسِرٌ سَلَفًا، اِنتابَها خوفٌ حقيقي، شعرت بأنها مقبرة شواهدُها أشخاصٌ خسرتهم و خسروها في طريق الحياة السيار. كانت كمن يشعر بالسقوط من الفراش و هو نائم.
    أنّ جسدُها.. لا بُدّ من الفراق، أليْس أنينُ الناي من فراقِهِ عن القَصَبِ، أليْس أنينُ المخلوق من فراقه عن الخالقِ. لماذا يتركها الجميع و يذهبون؟
    وجِلت من الدخول على الجُثة المُطيّبة، شعُرت انها صخرة بحرية تتفاذفها الأمواج و أنّها تجفّ، تجفّ و تتشقق و يلفّها الصقيع. تقدّمت، للحظة تعرّت طفولتها و واجهت تلك النظرات الباردة من جديد. نظرات الأب الذي اُحتفظ بكل مظاهر قُوّته و كانّه نائم و قريبا يستيقظ. شعرت برغبة في الهرب و لكنها تمالكت نفسها رغم ذلك، هو الذي جعل منها فراشة. كان هو و جميع الرجال الذين أتوا بعده في حياتها ذلك الفانوس الذي يُدفئ و يقتل، بسببه عاشت بأجنحة مُحترقة و بسببه أحبت نهاياتها و اُنتظرتها. رفعت عينيها فرأت زجاجة ماء، شربت، شرت كأنها تُطفئ لهيبا استعر داخلها فجأة. نزفت الذاكرةُ و هي تستعيد معارك دموية اُختلطت فيها أدوار الجلاد و الضحية و برزت شعرات مفرقها البيضاء التي لم تكن تنتبه إليها في دوامة العمل. لماذا يتركها الكل و يذهبون؟
    خرجت بسرعة. لم تكن تبالي بنظرات الآخرين، خطر لها أن تستقلّ قاربا و تقوم بنزهة بحرية و لكنها عادت و دفنت نفسها في مكتبها و غرقت في الظلام، لماذا لا تواجهُ، إنها غير قادرة حتى على البكاء، حياتُها مخاض حِبري كاذب، شجرةٌ أوراقها تحتضر.
    رنّ الهاتف، فلم ترُدّ، ملأ الرنين المكان.. إلتقى صوْتَاهُما كنَهِريْن.. "لا داعي لحساب الماضي، كلّ حسابٍ عقيمٌ و لن يكون سوى جَلد للذات، هذه المدينة المعجونة بالخيبات و العشق و الكراهية لا بدّ أن يشرق وجهها بالبسمة، كم اُستهانت بنا الحياة و لكننا لن نخضع لها بعد الآن"
    -"لقد فات الأوان" قالت بيأس
    -"لم يعد لدينا وقت للتشاؤم" قال
    أعادت السّماعة إلى مكانها و خرجت بسرعة، لم تكن تعرف إلى أين تذهب، كانت تسير في طريق الجسر المظلمة بلا نهاية و لكنها كانت تستشعر دفء المصباح كذكرى صيفية في شتاء حالك.
    13جانفي2010
    أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميلة القديرة
    كوثر خليل
    نص أقل مايقال عنه بأنه رائع
    سرد شيق وأفكار متسلسلة تنتقل بجمالية ورشاقة
    الفراشات يحترقن نورا سيدتي
    أحببت وصفك للأب بالفانوس الي يجيء بالدفء.. ومن أتو بعده !!
    كانت عبارة من أجمل ماقرأت
    تركت لك النجوم لأن النص يستحقها فعلا
    ودي الأكيد لك سيدتي
    تحياتي من بغداد الحبيبة
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • سليمى السرايري
      مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
      • 08-01-2010
      • 13572

      #3
      [frame="15 75"]

      إنها غير قادرة حتى على البكاء، حياتُها مخاض حِبري كاذب، شجرةٌ أوراقها تحتضر.

      ***

      الأديبة الجميلة كوثر خليل

      قرأت النص أكثر من مرّة، وفي كل اعادة ينتابني قلق ما
      ربما لأن ما كُتب هنا يشبهني كثيرا لدرجة أني اعتقدتُ أني كاتبة هذا البوح الأليم...
      وهذا هو قمّة النجاح في توصيل الرسالة التي يرمي اليها الكاتب للمتلقي.
      صراعات نفسيّة كبيرة...وضغط اجتماعي قاس وتشابك الصور بين الحزينة القاتمة و المتحدية الصارخة...
      صحيح انهم أعدّوا المشانق للفراشات، لكن في الآخر لابدّ من فسحة أمل لتلك الفراشات الكريستاليّة .

      شكرا سيّدتي على روعة ما كتبت رغم القتام.

      محبتي


      سليمى
      [/frame]
      التعديل الأخير تم بواسطة سليمى السرايري; الساعة 14-01-2010, 17:33.
      لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

      تعليق

      • أمل ابراهيم
        أديبة
        • 12-12-2009
        • 867

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة كوثر خليل مشاهدة المشاركة
        فــــــراشـــة




        كمدينة منهوبة و محترقة... كانت ترى نفسها... كورقة صفراء، ككَفَنٍ قديم سطوره مشطوبة، كلماته تصرخ لتتحرر...ربما لأنها أشبه بفراشة تلتحف ضوء المصباح يغمرها بدفء عابر لأجله تعطي حياتها، ثم تجد نفسها للحظة منتهية بردا أو موتا و كلما اقتربت من الضوء باركت انبعاثها عشقا و اُحتراقا مستمتعة في مازوشية غريبة بنهايتها و بتلك الصورة المشوهة التي صارت عليها.



        "هل يكون البحر جميلا دون زَبَد! ذاك هو اُختناق العاشق بكأس الفراق" قال ذلك و رحل، عِشقُ الرجل طُموحُهُ و طموحُ المرأة عشقُها، إنهما ليسا مُتشابهين في أي شيء و مع هذا كانا عاشقين، عشقا يصفق بيَد واحدة.



        لقد أدمنَتْ النهايات و الحكايا المبتورة و أدمنت أن تُذبَح و تَذبح دون سؤال و جواب أو أدنى إنذار... أخذت تنظر إلى السماء الشفقية عبر نافذة المكتب و لكن الليل جرّ لحافَهَ بسرعة فنهضت و أضاءت النور، كم تحب اللون البرتقالي و الدفء البرتقالي. فكرت للحظة أن تخرج من حالة الكآبة التي اُكتنفتها و هي تُحاسب نفسها للمرّة الأولى فهي لا تذكر أنها حاسبت نفسها من قبل. فقد كان ذاكَ من مشمولات الجميع من المُحيطين بها، الكل يُحصي حركاتها و سكناتها غيرة عليها أو على التقاليد الشمعية الذي تذوب أمام عشق كافر تعرفه هي و لا يعرفونهُ و لكنها لا تعرف هل هم المساكين أم هي.



        طُرِق البابُ بعنف، ففتحت مُرتاعة، اِنعكست أنوار المدينة الخافتة على الوجه المُقطب فقالت بسوء توقّع: ......ماذا؟...



        -لقد مات السيد عثمان.



        تيبّس وجهُها و سادت ظلالٌ قاتمة نظراتِها.



        -صبرا جميلا سيدتي..



        أغلقت الباب بحركة آلية و اُنهارت على الأريكة، لم تبكِ و لم تتألم كما يُفترض بها و لكن شريط حياتها مرّ أمامها في ثوان و أخرسَها مزيجٌ غير مفهوم من الخيبة و الخوف و العبث. الرجل الذي مات كان أباها و لكن مع ذلك كانت بحاجة إلى بعض الوقت، لتفهمَ و تقتنعَ، لم يكن أحدٌ ليفهمها خارج اُستعراضٍ مُعَدّ مُسْبَقا تفعله غيرها من النساء.



        سَيُحْصون آهاتها و كلماتها و يتندّرون بهذا البَكَم الذي أصاب عواطفها و جمّد دموعها و لكن رحًى طاحنة كانت تسحق أحشاءَها. إنها عاتبة على الحياة نفسِها، عاتبة لأجل نفسِها و كل من رأتهم يتنفّسون و لا يعيشون، يُحبّون و يكتمون، لأجل مَن حياتُهُم تدرّبٌ مُضْنٍ على البقاء، حزينة لأجل من حَياتُهم كلها هَرَبٌ. فقد كانت منهم و كذلك كان ابوها و أمّها و أناسُ عبَروا حياتَها.



        هي الحياة، رِهانٌ خاسِرٌ سَلَفًا، اِنتابَها خوفٌ حقيقي، شعرت بأنها مقبرة شواهدُها أشخاصٌ خسرتهم و خسروها في طريق الحياة السيار. كانت كمن يشعر بالسقوط من الفراش و هو نائم.



        أنّ جسدُها.. لا بُدّ من الفراق، أليْس أنينُ الناي من فراقِهِ عن القَصَبِ، أليْس أنينُ المخلوق من فراقه عن الخالقِ. لماذا يتركها الجميع و يذهبون؟



        وجِلت من الدخول على الجُثة المُطيّبة، شعُرت انها صخرة بحرية تتفاذفها الأمواج و أنّها تجفّ، تجفّ و تتشقق و يلفّها الصقيع. تقدّمت، للحظة تعرّت طفولتها و واجهت تلك النظرات الباردة من جديد. نظرات الأب الذي اُحتفظ بكل مظاهر قُوّته و كانّه نائم و قريبا يستيقظ. شعرت برغبة في الهرب و لكنها تمالكت نفسها رغم ذلك، هو الذي جعل منها فراشة. كان هو و جميع الرجال الذين أتوا بعده في حياتها ذلك الفانوس الذي يُدفئ و يقتل، بسببه عاشت بأجنحة مُحترقة و بسببه أحبت نهاياتها و اُنتظرتها. رفعت عينيها فرأت زجاجة ماء، شربت، شرت كأنها تُطفئ لهيبا استعر داخلها فجأة. نزفت الذاكرةُ و هي تستعيد معارك دموية اُختلطت فيها أدوار الجلاد و الضحية و برزت شعرات مفرقها البيضاء التي لم تكن تنتبه إليها في دوامة العمل. لماذا يتركها الكل و يذهبون؟



        خرجت بسرعة. لم تكن تبالي بنظرات الآخرين، خطر لها أن تستقلّ قاربا و تقوم بنزهة بحرية و لكنها عادت و دفنت نفسها في مكتبها و غرقت في الظلام، لماذا لا تواجهُ، إنها غير قادرة حتى على البكاء، حياتُها مخاض حِبري كاذب، شجرةٌ أوراقها تحتضر.



        رنّ الهاتف، فلم ترُدّ، ملأ الرنين المكان.. إلتقى صوْتَاهُما كنَهِريْن.. "لا داعي لحساب الماضي، كلّ حسابٍ عقيمٌ و لن يكون سوى جَلد للذات، هذه المدينة المعجونة بالخيبات و العشق و الكراهية لا بدّ أن يشرق وجهها بالبسمة، كم اُستهانت بنا الحياة و لكننا لن نخضع لها بعد الآن"



        -"لقد فات الأوان" قالت بيأس



        -"لم يعد لدينا وقت للتشاؤم" قال



        أعادت السّماعة إلى مكانها و خرجت بسرعة، لم تكن تعرف إلى أين تذهب، كانت تسير في طريق الجسر المظلمة بلا نهاية و لكنها كانت تستشعر دفء المصباح كذكرى صيفية في شتاء حالك.



        13جانفي2010
        الزميلة المحترمه كوثر خليل
        تحية عطره
        وانا أقرا نص ابدع التعبير وسرد صيغ بروعة
        ان الحزن سيدتي مخبأويفاجئنا بفراق اعزاء واحباب طالما استغربنا ضعفهم ومقتنا احساسهم بألم عهدناهم اقوياء ولاكن قدر الله بمشيئة يلهمنا الصبر والسلوان دام القلم لي قصة فراق من طراز خاص ارجو ان تتفضلي بقرأتها وهي عذرا ض عهدي ويسعدني الرد
        دام مساءك خيرا
        درت حول العالم كله.. فلم أجد أحلى من تراب وطني

        تعليق

        • دريسي مولاي عبد الرحمان
          أديب وكاتب
          • 23-08-2008
          • 1049

          #5
          المبدعة كوثر خليل.تحية ابداعية.
          لن أخوض في بناء القصة في هذا المرور السريع,لأنه يستوجب علي ذلك الانتقال المجهد لارتحال بين موقفين متضاربين عنوانهما العريض استحالة الالتقاء الموضوعي لعالمين متغايرين...
          بفلسفة الفراشة التي تراقص الضوء لتصرع بين ثناياه...كانت مازوشية البطلة جسارة احتضنت حزن المدينة وفجع الروح لتنقلنا الى مدارج الشاعرية رفقة مخيالية المكان ورمزية الأبطال فترسم لنا شعلة تهنا في هلاماتها...
          دعيني أقول لك بصدق...أن نصك هذا لسان نطق وجعا ببراعة مميزة...
          أحسست أنني بين أحضان قص امتدت بدايته منذ الثمانينات وهاهي الفراشة بخفتها تثقل خلايا العصبية بدهشة متفردة.
          نص سأرشحه للذهبية عبر هذا المرور السريع
          تقبلي مروري سيدتي الفاضلة.مع تهانئي لك بهذه الروعة الحاضرة هنا بكل بهائها.
          تقديري.

          تعليق

          • محمد جابري
            أديب وكاتب
            • 30-10-2008
            • 1915

            #6
            الأستاذة كوثر خليل؛

            اسم على مسمى، ومن نهر كوثرك لا يشبع الأديب، ومن رناة كلماتك تشرق شمس ولو من مغيب.
            انثري دررك، واترك فراشاتك تسرح وتمرح يلمس خفقات قلبها كل غاد ورائح فغير الأديب لا يلتفت لجنون الكلم، ولا لعبقريات فسيفساء النسق.
            أرجو أن تتيسر لي عودة لمرور أكثر دفئا وإحاطة.
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد جابري; الساعة 15-01-2010, 08:29.
            http://www.mhammed-jabri.net/

            تعليق

            • أدونيس حسن
              أديب وكاتب
              • 18-12-2009
              • 146

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة كوثر خليل مشاهدة المشاركة
              فــــــراشـــة




              كمدينة منهوبة و محترقة... كانت ترى نفسها... كورقة صفراء، ككَفَنٍ قديم سطوره مشطوبة، كلماته تصرخ لتتحرر...ربما لأنها أشبه بفراشة تلتحف ضوء المصباح يغمرها بدفء عابر لأجله تعطي حياتها، ثم تجد نفسها للحظة منتهية بردا أو موتا و كلما اقتربت من الضوء باركت انبعاثها عشقا و اُحتراقا مستمتعة في مازوشية غريبة بنهايتها و بتلك الصورة المشوهة التي صارت عليها.



              "هل يكون البحر جميلا دون زَبَد! ذاك هو اُختناق العاشق بكأس الفراق" قال ذلك و رحل، عِشقُ الرجل طُموحُهُ و طموحُ المرأة عشقُها، إنهما ليسا مُتشابهين في أي شيء و مع هذا كانا عاشقين، عشقا يصفق بيَد واحدة.



              لقد أدمنَتْ النهايات و الحكايا المبتورة و أدمنت أن تُذبَح و تَذبح دون سؤال و جواب أو أدنى إنذار... أخذت تنظر إلى السماء الشفقية عبر نافذة المكتب و لكن الليل جرّ لحافَهَ بسرعة فنهضت و أضاءت النور، كم تحب اللون البرتقالي و الدفء البرتقالي. فكرت للحظة أن تخرج من حالة الكآبة التي اُكتنفتها و هي تُحاسب نفسها للمرّة الأولى فهي لا تذكر أنها حاسبت نفسها من قبل. فقد كان ذاكَ من مشمولات الجميع من المُحيطين بها، الكل يُحصي حركاتها و سكناتها غيرة عليها أو على التقاليد الشمعية الذي تذوب أمام عشق كافر تعرفه هي و لا يعرفونهُ و لكنها لا تعرف هل هم المساكين أم هي.



              طُرِق البابُ بعنف، ففتحت مُرتاعة، اِنعكست أنوار المدينة الخافتة على الوجه المُقطب فقالت بسوء توقّع: ......ماذا؟...



              -لقد مات السيد عثمان.



              تيبّس وجهُها و سادت ظلالٌ قاتمة نظراتِها.



              -صبرا جميلا سيدتي..



              أغلقت الباب بحركة آلية و اُنهارت على الأريكة، لم تبكِ و لم تتألم كما يُفترض بها و لكن شريط حياتها مرّ أمامها في ثوان و أخرسَها مزيجٌ غير مفهوم من الخيبة و الخوف و العبث. الرجل الذي مات كان أباها و لكن مع ذلك كانت بحاجة إلى بعض الوقت، لتفهمَ و تقتنعَ، لم يكن أحدٌ ليفهمها خارج اُستعراضٍ مُعَدّ مُسْبَقا تفعله غيرها من النساء.



              سَيُحْصون آهاتها و كلماتها و يتندّرون بهذا البَكَم الذي أصاب عواطفها و جمّد دموعها و لكن رحًى طاحنة كانت تسحق أحشاءَها. إنها عاتبة على الحياة نفسِها، عاتبة لأجل نفسِها و كل من رأتهم يتنفّسون و لا يعيشون، يُحبّون و يكتمون، لأجل مَن حياتُهُم تدرّبٌ مُضْنٍ على البقاء، حزينة لأجل من حَياتُهم كلها هَرَبٌ. فقد كانت منهم و كذلك كان ابوها و أمّها و أناسُ عبَروا حياتَها.



              هي الحياة، رِهانٌ خاسِرٌ سَلَفًا، اِنتابَها خوفٌ حقيقي، شعرت بأنها مقبرة شواهدُها أشخاصٌ خسرتهم و خسروها في طريق الحياة السيار. كانت كمن يشعر بالسقوط من الفراش و هو نائم.



              أنّ جسدُها.. لا بُدّ من الفراق، أليْس أنينُ الناي من فراقِهِ عن القَصَبِ، أليْس أنينُ المخلوق من فراقه عن الخالقِ. لماذا يتركها الجميع و يذهبون؟



              وجِلت من الدخول على الجُثة المُطيّبة، شعُرت انها صخرة بحرية تتفاذفها الأمواج و أنّها تجفّ، تجفّ و تتشقق و يلفّها الصقيع. تقدّمت، للحظة تعرّت طفولتها و واجهت تلك النظرات الباردة من جديد. نظرات الأب الذي اُحتفظ بكل مظاهر قُوّته و كانّه نائم و قريبا يستيقظ. شعرت برغبة في الهرب و لكنها تمالكت نفسها رغم ذلك، هو الذي جعل منها فراشة. كان هو و جميع الرجال الذين أتوا بعده في حياتها ذلك الفانوس الذي يُدفئ و يقتل، بسببه عاشت بأجنحة مُحترقة و بسببه أحبت نهاياتها و اُنتظرتها. رفعت عينيها فرأت زجاجة ماء، شربت، شرت كأنها تُطفئ لهيبا استعر داخلها فجأة. نزفت الذاكرةُ و هي تستعيد معارك دموية اُختلطت فيها أدوار الجلاد و الضحية و برزت شعرات مفرقها البيضاء التي لم تكن تنتبه إليها في دوامة العمل. لماذا يتركها الكل و يذهبون؟



              خرجت بسرعة. لم تكن تبالي بنظرات الآخرين، خطر لها أن تستقلّ قاربا و تقوم بنزهة بحرية و لكنها عادت و دفنت نفسها في مكتبها و غرقت في الظلام، لماذا لا تواجهُ، إنها غير قادرة حتى على البكاء، حياتُها مخاض حِبري كاذب، شجرةٌ أوراقها تحتضر.



              رنّ الهاتف، فلم ترُدّ، ملأ الرنين المكان.. إلتقى صوْتَاهُما كنَهِريْن.. "لا داعي لحساب الماضي، كلّ حسابٍ عقيمٌ و لن يكون سوى جَلد للذات، هذه المدينة المعجونة بالخيبات و العشق و الكراهية لا بدّ أن يشرق وجهها بالبسمة، كم اُستهانت بنا الحياة و لكننا لن نخضع لها بعد الآن"



              -"لقد فات الأوان" قالت بيأس



              -"لم يعد لدينا وقت للتشاؤم" قال



              أعادت السّماعة إلى مكانها و خرجت بسرعة، لم تكن تعرف إلى أين تذهب، كانت تسير في طريق الجسر المظلمة بلا نهاية و لكنها كانت تستشعر دفء المصباح كذكرى صيفية في شتاء حالك.



              13جانفي2010

              [align=center]

              تختفي الفراشة عندما تمتلئ الساحات فراشات وفراش , ويصبح الواقع جميعه غابات من حضور الانسان بكل حدائق أزهاره وبوح عبيره , يحدث ذلك عندما نرفع سقف النمو من عشبة إلى نخلة , وعندما ندرك أن للكون لغة ليست غير نحن .
              تقديري واحترامي
              خاطرة جميلة تأثرت بها كثيرا
              أدونيس حسن
              (إبراهيم حسن)
              [/align]

              تعليق

              • ربان حكيم آل دهمش
                أديب وكاتب
                • 05-12-2009
                • 1024

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة كوثر خليل مشاهدة المشاركة
                فــــــراشـــة





                كمدينة منهوبة و محترقة... كانت ترى نفسها... كورقة صفراء، ككَفَنٍ قديم سطوره مشطوبة، كلماته تصرخ لتتحرر...ربما لأنها أشبه بفراشة تلتحف ضوء المصباح يغمرها بدفء عابر لأجله تعطي حياتها، ثم تجد نفسها للحظة منتهية بردا أو موتا و كلما اقتربت من الضوء باركت انبعاثها عشقا و اُحتراقا مستمتعة في مازوشية غريبة بنهايتها و بتلك الصورة المشوهة التي صارت عليها.





                "هل يكون البحر جميلا دون زَبَد! ذاك هو اُختناق العاشق بكأس الفراق" قال ذلك و رحل، عِشقُ الرجل طُموحُهُ و طموحُ المرأة عشقُها، إنهما ليسا مُتشابهين في أي شيء و مع هذا كانا عاشقين، عشقا يصفق بيَد واحدة.





                لقد أدمنَتْ النهايات و الحكايا المبتورة و أدمنت أن تُذبَح و تَذبح دون سؤال و جواب أو أدنى إنذار... أخذت تنظر إلى السماء الشفقية عبر نافذة المكتب و لكن الليل جرّ لحافَهَ بسرعة فنهضت و أضاءت النور، كم تحب اللون البرتقالي و الدفء البرتقالي. فكرت للحظة أن تخرج من حالة الكآبة التي اُكتنفتها و هي تُحاسب نفسها للمرّة الأولى فهي لا تذكر أنها حاسبت نفسها من قبل. فقد كان ذاكَ من مشمولات الجميع من المُحيطين بها، الكل يُحصي حركاتها و سكناتها غيرة عليها أو على التقاليد الشمعية الذي تذوب أمام عشق كافر تعرفه هي و لا يعرفونهُ و لكنها لا تعرف هل هم المساكين أم هي.





                طُرِق البابُ بعنف، ففتحت مُرتاعة، اِنعكست أنوار المدينة الخافتة على الوجه المُقطب فقالت بسوء توقّع: ......ماذا؟...





                -لقد مات السيد عثمان.





                تيبّس وجهُها و سادت ظلالٌ قاتمة نظراتِها.





                -صبرا جميلا سيدتي..





                أغلقت الباب بحركة آلية و اُنهارت على الأريكة، لم تبكِ و لم تتألم كما يُفترض بها و لكن شريط حياتها مرّ أمامها في ثوان و أخرسَها مزيجٌ غير مفهوم من الخيبة و الخوف و العبث. الرجل الذي مات كان أباها و لكن مع ذلك كانت بحاجة إلى بعض الوقت، لتفهمَ و تقتنعَ، لم يكن أحدٌ ليفهمها خارج اُستعراضٍ مُعَدّ مُسْبَقا تفعله غيرها من النساء.





                سَيُحْصون آهاتها و كلماتها و يتندّرون بهذا البَكَم الذي أصاب عواطفها و جمّد دموعها و لكن رحًى طاحنة كانت تسحق أحشاءَها. إنها عاتبة على الحياة نفسِها، عاتبة لأجل نفسِها و كل من رأتهم يتنفّسون و لا يعيشون، يُحبّون و يكتمون، لأجل مَن حياتُهُم تدرّبٌ مُضْنٍ على البقاء، حزينة لأجل من حَياتُهم كلها هَرَبٌ. فقد كانت منهم و كذلك كان ابوها و أمّها و أناسُ عبَروا حياتَها.





                هي الحياة، رِهانٌ خاسِرٌ سَلَفًا، اِنتابَها خوفٌ حقيقي، شعرت بأنها مقبرة شواهدُها أشخاصٌ خسرتهم و خسروها في طريق الحياة السيار. كانت كمن يشعر بالسقوط من الفراش و هو نائم.





                أنّ جسدُها.. لا بُدّ من الفراق، أليْس أنينُ الناي من فراقِهِ عن القَصَبِ، أليْس أنينُ المخلوق من فراقه عن الخالقِ. لماذا يتركها الجميع و يذهبون؟





                وجِلت من الدخول على الجُثة المُطيّبة، شعُرت انها صخرة بحرية تتفاذفها الأمواج و أنّها تجفّ، تجفّ و تتشقق و يلفّها الصقيع. تقدّمت، للحظة تعرّت طفولتها و واجهت تلك النظرات الباردة من جديد. نظرات الأب الذي اُحتفظ بكل مظاهر قُوّته و كانّه نائم و قريبا يستيقظ. شعرت برغبة في الهرب و لكنها تمالكت نفسها رغم ذلك، هو الذي جعل منها فراشة. كان هو و جميع الرجال الذين أتوا بعده في حياتها ذلك الفانوس الذي يُدفئ و يقتل، بسببه عاشت بأجنحة مُحترقة و بسببه أحبت نهاياتها و اُنتظرتها. رفعت عينيها فرأت زجاجة ماء، شربت، شرت كأنها تُطفئ لهيبا استعر داخلها فجأة. نزفت الذاكرةُ و هي تستعيد معارك دموية اُختلطت فيها أدوار الجلاد و الضحية و برزت شعرات مفرقها البيضاء التي لم تكن تنتبه إليها في دوامة العمل. لماذا يتركها الكل و يذهبون؟





                خرجت بسرعة. لم تكن تبالي بنظرات الآخرين، خطر لها أن تستقلّ قاربا و تقوم بنزهة بحرية و لكنها عادت و دفنت نفسها في مكتبها و غرقت في الظلام، لماذا لا تواجهُ، إنها غير قادرة حتى على البكاء، حياتُها مخاض حِبري كاذب، شجرةٌ أوراقها تحتضر.





                رنّ الهاتف، فلم ترُدّ، ملأ الرنين المكان.. إلتقى صوْتَاهُما كنَهِريْن.. "لا داعي لحساب الماضي، كلّ حسابٍ عقيمٌ و لن يكون سوى جَلد للذات، هذه المدينة المعجونة بالخيبات و العشق و الكراهية لا بدّ أن يشرق وجهها بالبسمة، كم اُستهانت بنا الحياة و لكننا لن نخضع لها بعد الآن"





                -"لقد فات الأوان" قالت بيأس





                -"لم يعد لدينا وقت للتشاؤم" قال





                أعادت السّماعة إلى مكانها و خرجت بسرعة، لم تكن تعرف إلى أين تذهب، كانت تسير في طريق الجسر المظلمة بلا نهاية و لكنها كانت تستشعر دفء المصباح كذكرى صيفية في شتاء حالك.





                13جانفي2010





                الأخت المحترمة


                الكاتبة المتميزة


                كوثر خليل






                ولأنني أقرأ...فالقراءة مدخل والكتابة مخرج..
                والقراءة ليست حصرا على حروف الورق أوحروف الشاشة،



                بل كل موقف يمربك في حياتك اليومية هو حروف يمكن قراءتها...


                وكانت خاطرتك ِ " فراشة " لها روعتها الإبداعية , فراق وداع دموع قاهره انكسار حرقة احاسيس وسرداً قوياً وجميل حزين على "إختناق العاشق بكأس الفراق "


                والسرد فعل لا حدود له , ومتاهة تتسع لتشمل مختلف الخطابات سواء كانت أدبية أو غير أدبية ,


                يبدعه الانسان أينما وجد وحيثما كان , وهو طريقة لاستدعاء الماضى القريب أو البعيد بجميع


                الصيغ الممكنة عن طريق الحكى والقص , لإثراء الواقع على أساس منطقى


                (هي الحياة، رِهانٌ خاسِرٌ سَلَفًا، اِنتابَها خوفٌ حقيقي، شعرتبأنها مقبرة شواهدُها أشخاصٌ خسرتهم و خسروها في طريق الحياة السيار. كانت كمن يشعربالسقوط من الفراش و هو نائم. )



                وهو إلى جانب ذلك يتخذ من التخيل سبيلا لإيجاد أبنية تتيح لنا الإنفتاح على كثير من الأزمنة والأمكنة


                المتواترة بمواقفها ودلالتها وتفسيراتها , كل هذا من خلال المحاكاة وتجسيد صيغها المختلفة ,


                وهنا أرى أنك قد أجدت ِ إتقان السرد المبدع والبديع فدهشتنى أكثر بهذا الإبداع الدال على صدق سريرتك


                ونقاءها , كنت ِ تنشدين الدهر مسحورة المخيلة بالبحر ولقد أحسنت ِ أبداعاً أنظر معنا هنا :


                (("خرجت بسرعة. لم تكن تبالي بنظرات الآخرين، خطر لها أن تستقلّقاربا و تقوم بنزهة بحرية و لكنها عادت و دفنت نفسها في مكتبها و غرقت في الظلام،لماذا لا تواجهُ، إنها غير قادرة حتى على البكاء، حياتُها مخاض حِبري كاذب، شجرةٌأوراقها تحتضر.")


                "وهذه النظرية مصدرها فرويد.
                وترتكز على أن الصراعات الداخلية للفرد والتي ظلت مكبوتة تولد عنده الإبداع في مرحلة معينة وكأنه تفجير للمشاعر والأحاسيس والغرائز، وكأنه يحاول إشباع غرائزه بجر هذا الإبداع."



                وهنا يتألق الإبداع ولكن تعريف ماهية الإبداع ؟


                الإبداع في اللغة هو الاختراع والابتكار على غير مثال سابق. وبصورة أوضح هو إنتاج شيء جديدٍ لم يكن موجوداً من قبل على هذه الصورة. وقد عرفت الموسوعة البريطانية الإبداع على أنه القدرة على إيجاد حلول لمشكلة أو أداة جديدة أو أثر فني أو أسلوب جديد.
                وهنا نجد الكاتبة الأديبة" كوثر خليل " لها أسلوب جديد وأثر فنى وسردى متميز,
                كما أنه هنا لا يمكننا إلا أن نبرز التعريفات المشهورة للإبداع وذلك حسب تعريف العالم (جوان( gowan :الإبداع مزيج من القدرات والاستعدادات والخصائص الشخصية التي إذا وجدت بيئة مناسبة يمكن أن ترقى بالعمليات العقلية لتؤدي إلى نتائج أصلية ومفيدة للفرد أو الشركة أو المجتمع أو العامل.



                وهنا أشد على يديكِ الكريمة لروعة ما قرأت من سرد أدبى متميز لخاطرة جيدة لأنثى عربية ,


                فإلى الأمام دوما نجاح يواكبه نجاح لك ِ التقدير


                تقبل تحياتى






                حكيم الدلال قبطان .

                تعليق

                • كوثر خليل
                  أديبة وكاتبة
                  • 25-05-2009
                  • 555

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                  الزميلة القديرة
                  كوثر خليل
                  نص أقل مايقال عنه بأنه رائع
                  سرد شيق وأفكار متسلسلة تنتقل بجمالية ورشاقة
                  الفراشات يحترقن نورا سيدتي
                  أحببت وصفك للأب بالفانوس الي يجيء بالدفء.. ومن أتو بعده !!
                  كانت عبارة من أجمل ماقرأت
                  تركت لك النجوم لأن النص يستحقها فعلا
                  ودي الأكيد لك سيدتي
                  تحياتي من بغداد الحبيبة
                  سيدتي الجميلة عائده محمد نادر

                  لقد سعدت برأيك في ما أكتب و شكرا على النجوم التي تعكس صفاء قلبك

                  و تحيتي الصادقة إلى بغداد العظيمة.
                  التعديل الأخير تم بواسطة كوثر خليل; الساعة 16-01-2010, 13:31.
                  أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

                  تعليق

                  • كوثر خليل
                    أديبة وكاتبة
                    • 25-05-2009
                    • 555

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة سليمى السرايري مشاهدة المشاركة
                    [frame="15 75"]

                    إنها غير قادرة حتى على البكاء، حياتُها مخاض حِبري كاذب، شجرةٌ أوراقها تحتضر.


                    ***

                    الأديبة الجميلة كوثر خليل

                    قرأت النص أكثر من مرّة، وفي كل اعادة ينتابني قلق ما
                    ربما لأن ما كُتب هنا يشبهني كثيرا لدرجة أني اعتقدتُ أني كاتبة هذا البوح الأليم...
                    وهذا هو قمّة النجاح في توصيل الرسالة التي يرمي اليها الكاتب للمتلقي.
                    صراعات نفسيّة كبيرة...وضغط اجتماعي قاس وتشابك الصور بين الحزينة القاتمة و المتحدية الصارخة...
                    صحيح انهم أعدّوا المشانق للفراشات، لكن في الآخر لابدّ من فسحة أمل لتلك الفراشات الكريستاليّة .

                    شكرا سيّدتي على روعة ما كتبت رغم القتام.

                    محبتي


                    سليمى

                    [/frame]


                    عزيزتي سُليْمى السرايري


                    شكرا على توحّدك بالمشاعر الواردة في النص

                    و يسعدني مرورك فأنت أشبهُ بفراشة لا تحترق بل تتلألأ.
                    أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

                    تعليق

                    • كوثر خليل
                      أديبة وكاتبة
                      • 25-05-2009
                      • 555

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة حكيم الدلال قبطان مشاهدة المشاركة





                      الأخت المحترمة


                      الكاتبة المتميزة


                      كوثر خليل






                      ولأنني أقرأ...فالقراءة مدخل والكتابة مخرج..

                      والقراءة ليست حصرا على حروف الورق أوحروف الشاشة،




                      بل كل موقف يمربك في حياتك اليومية هو حروف يمكن قراءتها...


                      وكانت خاطرتك ِ " فراشة " لها روعتها الإبداعية , فراق وداع دموع قاهره انكسار حرقة احاسيس وسرداً قوياً وجميل حزين على "إختناق العاشق بكأس الفراق "


                      والسرد فعل لا حدود له , ومتاهة تتسع لتشمل مختلف الخطابات سواء كانت أدبية أو غير أدبية ,


                      يبدعه الانسان أينما وجد وحيثما كان , وهو طريقة لاستدعاء الماضى القريب أو البعيد بجميع


                      الصيغ الممكنة عن طريق الحكى والقص , لإثراء الواقع على أساس منطقى


                      (هي الحياة، رِهانٌ خاسِرٌ سَلَفًا، اِنتابَها خوفٌ حقيقي، شعرتبأنها مقبرة شواهدُها أشخاصٌ خسرتهم و خسروها في طريق الحياة السيار. كانت كمن يشعربالسقوط من الفراش و هو نائم. )



                      وهو إلى جانب ذلك يتخذ من التخيل سبيلا لإيجاد أبنية تتيح لنا الإنفتاح على كثير من الأزمنة والأمكنة


                      المتواترة بمواقفها ودلالتها وتفسيراتها , كل هذا من خلال المحاكاة وتجسيد صيغها المختلفة ,


                      وهنا أرى أنك قد أجدت ِ إتقان السرد المبدع والبديع فدهشتنى أكثر بهذا الإبداع الدال على صدق سريرتك


                      ونقاءها , كنت ِ تنشدين الدهر مسحورة المخيلة بالبحر ولقد أحسنت ِ أبداعاً أنظر معنا هنا :


                      (("خرجت بسرعة. لم تكن تبالي بنظرات الآخرين، خطر لها أن تستقلّقاربا و تقوم بنزهة بحرية و لكنها عادت و دفنت نفسها في مكتبها و غرقت في الظلام،لماذا لا تواجهُ، إنها غير قادرة حتى على البكاء، حياتُها مخاض حِبري كاذب، شجرةٌأوراقها تحتضر.")


                      "وهذه النظرية مصدرها فرويد.

                      وترتكز على أن الصراعات الداخلية للفرد والتي ظلت مكبوتة تولد عنده الإبداع في مرحلة معينة وكأنه تفجير للمشاعر والأحاسيس والغرائز، وكأنه يحاول إشباع غرائزه بجر هذا الإبداع."




                      وهنا يتألق الإبداع ولكن تعريف ماهية الإبداع ؟


                      الإبداع في اللغة هو الاختراع والابتكار على غير مثال سابق. وبصورة أوضح هو إنتاج شيء جديدٍ لم يكن موجوداً من قبل على هذه الصورة. وقد عرفت الموسوعة البريطانية الإبداع على أنه القدرة على إيجاد حلول لمشكلة أو أداة جديدة أو أثر فني أو أسلوب جديد.

                      وهنا نجد الكاتبة الأديبة" كوثر خليل " لها أسلوب جديد وأثر فنى وسردى متميز,

                      كما أنه هنا لا يمكننا إلا أن نبرز التعريفات المشهورة للإبداع وذلك حسب تعريف العالم (جوان( gowan :الإبداع مزيج من القدرات والاستعدادات والخصائص الشخصية التي إذا وجدت بيئة مناسبة يمكن أن ترقى بالعمليات العقلية لتؤدي إلى نتائج أصلية ومفيدة للفرد أو الشركة أو المجتمع أو العامل.







                      وهنا أشد على يديكِ الكريمة لروعة ما قرأت من سرد أدبى متميز لخاطرة جيدة لأنثى عربية ,


                      فإلى الأمام دوما نجاح يواكبه نجاح لك ِ التقدير


                      تقبل تحياتى







                      حكيم الدلال قبطان .


                      شكرا لك أستاذ حكيم الدلال قبطان على رأيك في ما أكتب و شكرا على هذه الاضافة الاشتقاقية و العلمية التي قدمتها لمفهوم الابداع.

                      تحيتي
                      التعديل الأخير تم بواسطة كوثر خليل; الساعة 16-01-2010, 13:41.
                      أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

                      تعليق

                      • كوثر خليل
                        أديبة وكاتبة
                        • 25-05-2009
                        • 555

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة أمل ابراهيم مشاهدة المشاركة
                        الزميلة المحترمه كوثر خليل
                        تحية عطره
                        وانا أقرا نص ابدع التعبير وسرد صيغ بروعة
                        ان الحزن سيدتي مخبأويفاجئنا بفراق اعزاء واحباب طالما استغربنا ضعفهم ومقتنا احساسهم بألم عهدناهم اقوياء ولاكن قدر الله بمشيئة يلهمنا الصبر والسلوان دام القلم لي قصة فراق من طراز خاص ارجو ان تتفضلي بقرأتها وهي عذرا ض عهدي ويسعدني الرد
                        دام مساءك خيرا

                        السيدة الجميلة أمل ابراهيم

                        إن قوة الحياة بما فيها من أفراح و أحزان و حساسية المرء تجاهها هي ما يجعل من الكتابة مشروع خلاص. شكرا لرقتك
                        أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

                        تعليق

                        • كوثر خليل
                          أديبة وكاتبة
                          • 25-05-2009
                          • 555

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة دريسي مولاي عبد الرحمان مشاهدة المشاركة
                          المبدعة كوثر خليل.تحية ابداعية.
                          لن أخوض في بناء القصة في هذا المرور السريع,لأنه يستوجب علي ذلك الانتقال المجهد لارتحال بين موقفين متضاربين عنوانهما العريض استحالة الالتقاء الموضوعي لعالمين متغايرين...
                          بفلسفة الفراشة التي تراقص الضوء لتصرع بين ثناياه...كانت مازوشية البطلة جسارة احتضنت حزن المدينة وفجع الروح لتنقلنا الى مدارج الشاعرية رفقة مخيالية المكان ورمزية الأبطال فترسم لنا شعلة تهنا في هلاماتها...
                          دعيني أقول لك بصدق...أن نصك هذا لسان نطق وجعا ببراعة مميزة...
                          أحسست أنني بين أحضان قص امتدت بدايته منذ الثمانينات وهاهي الفراشة بخفتها تثقل خلايا العصبية بدهشة متفردة.
                          نص سأرشحه للذهبية عبر هذا المرور السريع
                          تقبلي مروري سيدتي الفاضلة.مع تهانئي لك بهذه الروعة الحاضرة هنا بكل بهائها.
                          تقديري.

                          شكرا لك أستاذ دريسي مولاي عبد الرحمان

                          أنا ممتنّة لرأيك في هذا النص. تقبل تحيتي
                          أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

                          تعليق

                          • كوثر خليل
                            أديبة وكاتبة
                            • 25-05-2009
                            • 555

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة أدونيس حسن مشاهدة المشاركة
                            [align=center]

                            تختفي الفراشة عندما تمتلئ الساحات فراشات وفراش , ويصبح الواقع جميعه غابات من حضور الانسان بكل حدائق أزهاره وبوح عبيره , يحدث ذلك عندما نرفع سقف النمو من عشبة إلى نخلة , وعندما ندرك أن للكون لغة ليست غير نحن .


                            تقديري واحترامي


                            خاطرة جميلة تأثرت بها كثيرا


                            أدونيس حسن


                            (إبراهيم حسن)

                            [/align]


                            شكرا لك أستاذ أدونيس حسن

                            جميل ربطك للحضور الانساني بما في الطبيعة من جمال. تحيتي
                            أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

                            تعليق

                            • كوثر خليل
                              أديبة وكاتبة
                              • 25-05-2009
                              • 555

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة محمد جابري مشاهدة المشاركة
                              الأستاذة كوثر خليل؛

                              اسم على مسمى، ومن نهر كوثرك لا يشبع الأديب، ومن رناة كلماتك تشرق شمس ولو من مغيب.
                              انثري دررك، واترك فراشاتك تسرح وتمرح يلمس خفقات قلبها كل غاد ورائح فغير الأديب لا يلتفت لجنون الكلم، ولا لعبقريات فسيفساء النسق.
                              أرجو أن تتيسر لي عودة لمرور أكثر دفئا وإحاطة.

                              شكرا لك أستاذ محمد جابري على هذا الاطراء الجميل
                              أن تهدي شخصا وردة في حياته، أفضل ألف مرّة من أن تضع باقة على قبره

                              تعليق

                              يعمل...
                              X