للمسافر في فضاء العبث حزن وأمنيات ، و للحزن كبرياء تبعثر عند أول نهر اشتكى من رائحة الدم ، وفوضى الجنون في ارتقاء سلم المستحيل ، و في الأفق دمار لرؤاي ، وفي رؤاي بعض أغنية كسرت حاجز الصمت في رحيق الوجع ، وفي الوجع ذاكرة لا تموت.
في آذار تسير فوق أرصفة الضياع تختزل المسافات في ما بين الجلد والعظم ، وتبحثُ في بياض دمك عن كريات دُمرت بفعل شهقة قانون الجاذبية من عدم مبالاتك. من أنتَ حين تكون سابحا في دمك ترتشف الألم؟ من أنتَ يا أنا حين تتقمص دور عطار يشرب السمّ للتجريب ؟ أهي تجربة أم أغنية لم يكمل التاريخ حكايتها بعد اغتيال شهريار وموت شهرزاد ضحكا على حزنها؟
عمّا قليل سأكفّ عن الأسئلة ؛ لم تعد تعنيني الإجابات ، لم يعد يغريني قيس و شعره المجنون بعد مقتل عطيل عشقًا على يد ديدمونة وغياب القمر في آذار. ما فائدة الفصول إنْ لم يفهم أحدهما الآخر ؟ وكيف يطيب للربيع أنْ تتفتح أزهاره بعد غدر الشتاء بالخريف ؟
سوف أقول لكم حكاية عن طائر نورس. كم أحب الطيور وهي تغني! سأروي لكم عن مقصلة الشوق وعن صياد يرقص ألمًا من شدّة ذهول حبة قمح كان يرصدها لطائر وحيد. لم يعلم حتّى الساعة أنّ اللحم لا يؤكل ؛ حين يكون مغمسًا بدمه وحين تخطئ الرسالة الهدف ، فتستحيل ندمًا وتوقًا إلى رجوع الزمن إلى ما قبل الفراغ هناك ، وقبل أنْ يدرك أنّه ذاهب لاصطياد عينيه. هكذا أقنعه الطائر ، غير أنّه لم يسأل قلبه قبل أنْ يسحقه عن مغزى وجود بندقية فارغة من الرصاص. لم تعرف القتل يومًا لذا آثر الموت بعيدًا لأنّه يدرك تمامًا أنّ الحجّة لن تقنع من استل سيفًا تعود أنْ يسبق العذل. سأتوقف الآن و لن أكمل ؛ فالحديث ذو شجون أيها البحر .
هي أغنية سأكملها لكم بعد أنْ يصحو القلم من الدهشة. كيف كنت أكتب بحبر أحمر؟ كيف لم أنتبه إليّ وإليه وهو يخطّ أبجدية جديدة في زجاج الغياب عكست صوره على مرافئ النسيان حيث يمتص الحرمان ما تبقى من القصيد.
لقمر يتدلى من بين السحاب. كنتُ أغني والقلم والنّاس نيام ، وعلى صهيل الجراح غفا القمر وتواطأ مع عتمة صباح لن يأتي و لم يعد يبالي. وعلى نغمات الأنين بكت النجوم ولم أبكِ ؛ كي لا تفيض الأرض عشقا ؛ كي لا يموت النورس حزنا ؛ وكي أستطيع الرجوع إلى ذاكرتي فأنا لا أريد الموت وحيدًا بعد الآن .
ذات شتاء في آذار جلست على ضفة بحر لا شاطئ له أعد حبات المطر على أنغام فيروز وأغزل من الأمنيات نشيدًا من بياض الثلج كتبت عليها اسمك ، وصرخت بأعلى صوتي أنك الآن فيَّ حيٌّ ، وبعضي يأكل كلي ؛ أيهم يصل إليك أولًا في آذار. سمعت النداء عرافتي بعد منتصف الليل بقليل وسألت : هل تعلم إلى أين تسير؟ أرى في عينيك غبار سفر طويل ، أيها المتأبط أمنيات لن ترى الشمس لا ترحل ، لا تسرج خيلك يا بنيّ ، ستضلّ الطريق وحدك ، وستموت في آذار عشقًا بلا زاد في خيال رغبتك.
محاصر أنتَ بالحصار ، ونهر الدمع يجري في أوردتك. أدركت الآن لمَ يموت الرجال بلا دمع ، إنّهم يموتون عنادًا من أجل رجولة لم تخضع لقوانين التفاح وأشواك الزهر في آذار ؛ يموتون بفعل انفجار الأوردة ضغطًا وعشقا ، لقهر مستحيل تمرد لينال من كبريائهم.
في آذار جاءني سيزيف واعظًا ؛ تائبًا من كل الذنوب ، يحمل الصخر فوق نعش الأمنيات ، لا تعدْ لحلمك ، واكتفِ بشمّ الورد ، وخذْ من القمر عبرة ، فثمّة أشياء نحبّها ولا نشتهيها ، نموت حين نقترب منها. لا تشتهِ التمرد على الوجع كيلا تموت حمقا وكيلا تصير عبدا ، فحبل سعادتك وهم نسج بخيوط عنكبوت مات سمّا كي ينسى ألمه ، و لا طائر يشيّع غيابك في نفق الوهم ، والفينيق أكذوبة نسجها ضرير لم يرَ البحر ، والعنقاء ماتت يا صاحبي ، والصبر ملّ الانتظار على قارعة الحلم.
في آذار تاب كل النّاس و لم أتب ؛ كأنّي لن أتوب.
في آذار تسير فوق أرصفة الضياع تختزل المسافات في ما بين الجلد والعظم ، وتبحثُ في بياض دمك عن كريات دُمرت بفعل شهقة قانون الجاذبية من عدم مبالاتك. من أنتَ حين تكون سابحا في دمك ترتشف الألم؟ من أنتَ يا أنا حين تتقمص دور عطار يشرب السمّ للتجريب ؟ أهي تجربة أم أغنية لم يكمل التاريخ حكايتها بعد اغتيال شهريار وموت شهرزاد ضحكا على حزنها؟
عمّا قليل سأكفّ عن الأسئلة ؛ لم تعد تعنيني الإجابات ، لم يعد يغريني قيس و شعره المجنون بعد مقتل عطيل عشقًا على يد ديدمونة وغياب القمر في آذار. ما فائدة الفصول إنْ لم يفهم أحدهما الآخر ؟ وكيف يطيب للربيع أنْ تتفتح أزهاره بعد غدر الشتاء بالخريف ؟
سوف أقول لكم حكاية عن طائر نورس. كم أحب الطيور وهي تغني! سأروي لكم عن مقصلة الشوق وعن صياد يرقص ألمًا من شدّة ذهول حبة قمح كان يرصدها لطائر وحيد. لم يعلم حتّى الساعة أنّ اللحم لا يؤكل ؛ حين يكون مغمسًا بدمه وحين تخطئ الرسالة الهدف ، فتستحيل ندمًا وتوقًا إلى رجوع الزمن إلى ما قبل الفراغ هناك ، وقبل أنْ يدرك أنّه ذاهب لاصطياد عينيه. هكذا أقنعه الطائر ، غير أنّه لم يسأل قلبه قبل أنْ يسحقه عن مغزى وجود بندقية فارغة من الرصاص. لم تعرف القتل يومًا لذا آثر الموت بعيدًا لأنّه يدرك تمامًا أنّ الحجّة لن تقنع من استل سيفًا تعود أنْ يسبق العذل. سأتوقف الآن و لن أكمل ؛ فالحديث ذو شجون أيها البحر .
هي أغنية سأكملها لكم بعد أنْ يصحو القلم من الدهشة. كيف كنت أكتب بحبر أحمر؟ كيف لم أنتبه إليّ وإليه وهو يخطّ أبجدية جديدة في زجاج الغياب عكست صوره على مرافئ النسيان حيث يمتص الحرمان ما تبقى من القصيد.
لقمر يتدلى من بين السحاب. كنتُ أغني والقلم والنّاس نيام ، وعلى صهيل الجراح غفا القمر وتواطأ مع عتمة صباح لن يأتي و لم يعد يبالي. وعلى نغمات الأنين بكت النجوم ولم أبكِ ؛ كي لا تفيض الأرض عشقا ؛ كي لا يموت النورس حزنا ؛ وكي أستطيع الرجوع إلى ذاكرتي فأنا لا أريد الموت وحيدًا بعد الآن .
ذات شتاء في آذار جلست على ضفة بحر لا شاطئ له أعد حبات المطر على أنغام فيروز وأغزل من الأمنيات نشيدًا من بياض الثلج كتبت عليها اسمك ، وصرخت بأعلى صوتي أنك الآن فيَّ حيٌّ ، وبعضي يأكل كلي ؛ أيهم يصل إليك أولًا في آذار. سمعت النداء عرافتي بعد منتصف الليل بقليل وسألت : هل تعلم إلى أين تسير؟ أرى في عينيك غبار سفر طويل ، أيها المتأبط أمنيات لن ترى الشمس لا ترحل ، لا تسرج خيلك يا بنيّ ، ستضلّ الطريق وحدك ، وستموت في آذار عشقًا بلا زاد في خيال رغبتك.
محاصر أنتَ بالحصار ، ونهر الدمع يجري في أوردتك. أدركت الآن لمَ يموت الرجال بلا دمع ، إنّهم يموتون عنادًا من أجل رجولة لم تخضع لقوانين التفاح وأشواك الزهر في آذار ؛ يموتون بفعل انفجار الأوردة ضغطًا وعشقا ، لقهر مستحيل تمرد لينال من كبريائهم.
في آذار جاءني سيزيف واعظًا ؛ تائبًا من كل الذنوب ، يحمل الصخر فوق نعش الأمنيات ، لا تعدْ لحلمك ، واكتفِ بشمّ الورد ، وخذْ من القمر عبرة ، فثمّة أشياء نحبّها ولا نشتهيها ، نموت حين نقترب منها. لا تشتهِ التمرد على الوجع كيلا تموت حمقا وكيلا تصير عبدا ، فحبل سعادتك وهم نسج بخيوط عنكبوت مات سمّا كي ينسى ألمه ، و لا طائر يشيّع غيابك في نفق الوهم ، والفينيق أكذوبة نسجها ضرير لم يرَ البحر ، والعنقاء ماتت يا صاحبي ، والصبر ملّ الانتظار على قارعة الحلم.
في آذار تاب كل النّاس و لم أتب ؛ كأنّي لن أتوب.
تعليق