[frame="2 10"]
في بحر من الجفاف يدوس الغياب على أمانيك، وتنفجر في وجهك رياح السموم القادمة من بعيد لتأخذك إلى معتقلات اليأس ؛ حيث لا مطر يروي ضلوع التراب فيك يأ أنت ؛ لا تذعن لحرارة الشوق وانعكاس الصوت في انكسارات الرؤى وانتفاضة الوجع عليك، دعْ عنك حمّى الارتقاء إلى قمر يحترف القتل والرحيل إلى حين، وخذْ نفسًا طويلا قبل أنْ يطويك التراب في باطن نفسك، تحصّن في جدار محارتك واحتضن خيط الأمل بقوّة كي تستطيع الرجوع إلى نفسك بعد مرور العاصفة .
كم كنت غريبًا حين حاولت الصعود إلى أعلى قمّّة في السحاب ! لتدرك بعد السقوط أنّ طروادة تعيد نفسها كما التاريخ لا يرحم من لا يعتبر ؛ حين تنسى أنّك قد تخطئ في حساب المسافة بين النجوم والأرض فتصدّق برجك وعرافتك لمَ لا تستفيق ؟ لمَ تغمض عينيك عن حقيقة أنّ القلب لا يحبّ العقل حين يهوى ؟ لمَ لا تقرّ أنّ الجهل صديق النفاق ووحدك من يدفع ثمن الدم المهدورتحت سقف النوايا الحسنة ورصاص التمنّي ؟
لي ما أريد من دنياي ؛ لي أنت من حروف اعتنقت صدق الهوى من أبجدية زرعت الموت في مخطوطات جنون العشق القديمة، ولي الضياع عند خلو الفضاء من شظايا اسمك وأغنيات النورس لحظة سقوط الضوء في قبضة الضباب . هل صدقت عرافتي حين قالت ذات آذار عرّى النشيد من علامات الترقيم لا ترحل ؟ ستسحق تحت عجلات قطار يسير على بخار دمك، عندما تأتي سكين الفراق باسمة فوق ثغر مرآة تكسّرت من صدى الفراغ، وستبحث كثيرًا عن نفسك تحت مسامات التشقّق في نسيج الجلد وأنت تلعق نزيف الدم في مخيخ الرغبة لحظة الاشتهاء، لتطير مثل السندباد في عمق الخلايا حاملًا نعشك بين يديك، لا تستعجل الذبح ! وحثّ الخطى على امتلاك الوقت كي لا تموت رعبًا من اصفرار الحلم في جمرة دمك، ويأكلك النرجس من بين أزهار نيسان وكذبته الكبيرة ؛ حين يصدّق كلّ النّاس أنّك وحدك من كان يعتقد بصدق الحواس .
ما أنت إلّا عابر سبيل أخطأ الطريق في متاهة الأمنيات، وتجرّع رحيق الهذيان من تمرّد الصبر، ما أنت يا أنا إلّا مشرّد عبث بعقارب الوقت في فضاء الصمت محاولًا استنطاق الرغبة في مومياء جميلة تتقن فنّ الغموض في كتب الكيمياء . لا تنظر إلى الشرق كأبي الهول حيث دمّرت عواصف الحبّ أنفه رغم كبرياء قامته، فأنت لا تمتلك حكمته وذكاءه، وستتوه قافلتك في عرض الصحراء، وستموت قبل الأوان في بحر من الرمال المتحرّكة . لا تختزل الزمن في حسابات القلق من المجهول، فعمّا قليل ستصل إلى عمق اليقين وستعلم كيف يكون القلب وحيدًا حين يستخفّ بالعقل ؛ وكم هو مؤلم انتظار الموت على يد فراشة لا تعرف سوى لغة النّار والمستحيل .
كم أحتاج إلى جرعة إضافية من الألم كي أنساك ! وكي أستطيع الرجوع مرغمًا إلى دفتر يومياتي لأرصد تقلبات المناخ في ذاكرة الوقت وفيك، وكي أعرف ما تبقى لي في حضرة الغياب، ولي فيك وفي الغياب عشق مكنون فيما تبقى من غموض الأمل وانكسار المرايا، ولديّ ما يكفي لأغزل قصيدة وداع تليق بحضرة الجنون، ولكِ عندي ما ليس لأحد ؛ فخذي ما يرضيك وأعطني ما يسدّ رمق الرجاء لأطفئ ذاكرة تشتعل شوقًا لنسيان كل شيء إلّا اسمك.
[/frame]
تعليق