حينَ ينتفضُ المرٌّ مَع جَرجَرةِ الأقدامِ الحافِية .. يَتسلقُ الهمُّ المَصقُولُ في الحَلقِ .. لا يَخرجُ .. فتتجرّعهُ عَلى مضضٍ مِنك .. وتُواصلُ المَسِير .. وأنتَ تفكّر في المحذوفِ خلفكَ من سِيرَة .. فلا تترددْ بَعدَ ذلك .. ولا تَستطيعُ الرّجوع .. وإن هَممتَ ، تسحبُكَ الأجسادُ المُتسَابِقَة .. وصُررُ المَلابِس .. والنساءُ المَعجُوناتُ بِلحمِ أطفَالهنّ .. فيجلسُ الزيتونُ عَلى أوراقٍ نَاشِفة.. وفِي الذّاكِرة وجعُ الحِكَاية .. وَطينُ القَرية.. يُحدثني .. يربتُ عَلى خدّي .. حينَ تَطفو في مُخيّلتي .. أتذكرُ يدَ أمّي ؟ .. فَأعلمُ كَم كَانت دُنيَاهَا بَائِسة وهيَ تُلملمُ القوتَ لتُلقيهِ في أفواهِنا! .. ولم يُفارقني اعتدالُ جدّتي يومَ تغيّرت ملامحُ الأصوات .. حِينَها ارتجفَ خَوفِي يَهزّني .. حِينَ أُوصدت أبواب القرية والمفتاح يَتدلّى مِن عُنُقِها ، وأصابعُ جدّي تَتبعثرُ فِي لَملمةِ كَواشينِ الأرضْ .. يَومها أَغلقَ عَليهَا صَدرُ جدّتِي ونظرَ إليّ وتَركنِي .. وقَد أورثَنِي مِفتاحاً وذَاكِرة .. كَم ثَقيلٌ مَا أورثتَني يا جدّي !.. وكَم تُنعشُ كَلماتُكَ حقائبَ ذَاكِرتي !.. حِينَ صَرختَ فِي وَجهي ..لا تَنس ..فَمن يَنسى .. أبداً لَن نَنسى .. لَن ننسَى صَباحَ الزّيتونِ ..وإيمَاءةَ الكُوفيّةِ على الجُذورْ .. يومَ أن قالَ لِي :قَد تأخَّرْتْ .. ولا يَدرِي ولا أدرِي أنّي قَد لا أرَاهْ .. وطيّاتُ الغُربةِ تَرتَشِفُنا .. فَقلّمتُ أَظافِرهُ ، وقبّلت اليوم فاه.. وظلّ ينتظر.. وفِي الغدِ خَارت أوراقُ السّنين .. سَللتُ أنفَاسِي وتَباركتُ بِبقايَا سُنبلةٍ نَائِمَة .. وعَدَوْتُ عَلَى صُراخِ أمّي .. فاستَوقَفتنِي صَخرةٌ كنتُ أجلسُ إليها .. وفِيها بَعض منّي .. فمَددتُ نفسي إليهَا ومَا جَلستْ .. ولكنّي حينَ امتَددتُ هامَ جَسدِي فِي أَروقةِ المَكان .. يَنهلُ ذَاكِرةً مَحرومةَ الارتِدادْ .. ويَستلقِي فوقَ رَائحةِ النّاسِ المَتروكةِ في القَريةِ المُجوّفةِ بِالفَرَاغ .. فَانْتَهَشَني الاغتِرابُ قبلَ أن يَبدأْ .. وعاثَ بي صوتُ الهِجرَة .. إلَى أينْ ؟ يتردّدُ مِن بينِ الرّملِ مَع امتدادِ الرّصيفِ المُغلَقْ .. وطُرق تأخذك إليها .. إلى البَحرِ الغَارقِ فِي مِيَاهِه .. ورِمَالٌ تَخلُو مِن آثارِ الكَائِنات .. أتُرانِي لا أعرفكَ يومَ أغمَضتَ عَينيكَ وآثرتَ عَتمةَ الكَون؟ .. كُنتَ لا تَحتمِلُ الهَواءَ حينَ يَلفحُ وَجهَ الأرضِ وتَقولُ دَوماً إنكَ لا تَحتلّ منَ الكونِ سِوَى ذاكَ الحيّزِ لِجَسدكَ المَمشُوقِ فِي رَبِيعِ الابتِهَالِ والسّكُون .. أعلمُ أنّكَ دَوماً تَحيا فِي حُرُوفِي .. ولا سَبِيلَ سِوَى إليك .. وإن قَتَلنِي زِحَامُ الطّريقِ وَمطرٌ يَسكبُ من مَزارِيبِ الصّفِيح .. وقَد كُنتَ دَوماً تَتهَادى .. فِي جَسدِي المضروبِ عَلى أوتَارِ عُرسٍِ لَم يُقم بَعْدْ .. فَأَحمِلُ رُؤايَ الغَرِيبَة .. وأرسمُ شَجَنِي قَوساً فِي عَرضِ السّماء .. بِألوانٍ تَشتَهِيك .. وتُؤرّخُ لمُرورِ عُصفورةٍ تَخترقُ المَدَى .. تُولدُ فِي عَبقِ الألوان .. تَحملُ رِيشةَ الغدِ وبندقيّةِ الثائِرين .. أعلمُ أنكَ يَومَ استَويتَ عَلى شالِ اغتِرَابِي المَطحونِ بِبيّارةِ البُرتُقالِ ورَائِحَةِ الليمُون .. أنكَ الزّيتونُ في أرضِي يضيءُ شَمسي الحيرى فِي دَائرةٍ لا تَكتَمِل .. أيّها العُمقُ الوَليدُ فِي ذاتِ اللّيل .. الذّي وُلدنَا فيهِ نحبُو عَلى سِتَارِ الحُلمِ الغَامِض .. مَع أوّل التقاءٍ للرّملِ بالبَحر .. يومَ أمْسَكتُ الحُلمَ فِي يَدِي ولا زِلتُ ألتَقِيكَ عَلى ذاتِ الرَملِ المَبلُولِ بِالمِلح .. وأَسكُبُ هِيَامِي فِي أكيَاسِ عشقٍ ، لتعبرَ الغيمَ إليك وتُصلّي فِي إطلالتِك .. رُبما تلتقِي أصواتُنا .. فِي أبجديّةٍ تَتغنّى بِحُلولِ اللّقاء .. تَحتَضِنُ بَقايَا الوَقت .. رُبما يَنحنِي الخبزُ يوماً عِندَ أَفواهِ الجَائِعين .. حينَ ينزلقُ نَدى عَينيك .. يصبّ فِي أرضِ القَمح .. يَروي سُنبلَة .. لنقفَ سَويّاً نَخطُو في إطلالةِ الحريةِ المَضروبةِ كزهرِ اللوزِ فِي نِيسَان .. أيّها الكَاتِبون عَلى وَرقِ الخَريفِ ربيعاً .. ثلجُ الشتاءِ يميلُ إلى المَاء .. ويدلقُ صُورتِي المَصفوفةَ مُوسيقى للعابِرينَ عَلى حُلمِي .. وصداهُ يَهذِي .. نذرتُ الحَياةَ انتظاراً للموتِ المرصوصِ في كلّ شَيء .. هناكَ في البَعيد .. شوقاً يحتضنُ ما تبقّى .. هناكَ في البَعيد .. رسالةٌ تدنُو .. تَحجُبُها عثراتُ الدّموع .. هناكَ أنت .. أسمعك .. يجرّني صَداكَ لشمسٍ أخرَى .. وأنّاتٍ تَسرقُني مِن حِجَارةِ الطريق .. المَلفوفةِ بأقدامِ الحُفاة .. حينَ تسحقُ المرّ .. بدماءٍ تَسيل .. يشربُ منها ترابَ السّفر .. في غربةٍ لا تنتهي .. هناكَ أنت .. وهناكَ أنا من قبل .. وان كنتُ هُنا أَنتظِرْ مع رسائل الغائبين .
رسائل الغائبين
تقليص
X
-
[motr]قااااااسم بركات [/motr]
يا أيها الصوت القادم من هناك
من دفء الشمس في صبح شتاء.
أيها الموسقيّ الذي يعزف لحن لغة لا تكون لسواه .
بعد لأيٍ هنا أراك ، أسمع وجيب قلب يحمل كلماته في حضن كف حنون ، ويجلو بريشته عن همس يدِقُّ في الشرايين يتماهى مع صوت قلب وعطر أرض.
لك ، لقلمك البكر كل إكبار .
ابق هنا ، ابق في الجوار . فما أجمل رائحة الفجر وكوب من الشاي على ترانيم عزفك ورسائل الغائبين يتلوها على مسامع الروح قلمك .
تحياتي وعظيم احترامي
النوار
-
-
خاطرة جميله قد نسقت بأنامل ماسيه
سلمت اناملك ومشاعرك على هذا البوح الجميل
شكري الكبير
ومودتي[CENTER] [/CENTER]
[CENTER] [/CENTER]
[CENTER][URL="http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?p=412901#post412901"][COLOR=red]أحن أليكِ جدتي[/COLOR][/URL][/CENTER]
[CENTER][URL="http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=47541"][COLOR=darkgreen]أنا أبنة عرب أل 48[/COLOR][/URL][/CENTER]
[CENTER]مدونتي :)[/CENTER]
[CENTER][URL="http://sally32.maktoobblog.com/"][SIZE=7][COLOR=darkred]أجراس صارخة[/COLOR][/SIZE] [/URL][/CENTER]
تعليق
-
-
وصوت جدي المحشرج يقول: سنعود وسنقطف البرتقال فقد آن آوان القطاف !!
وأنا ادقق بتجاعيد الحزن والفراق على جبهته ووجنتيه الغائرتان
وصوت المذياع يعلو في كل مرة أجلس إليه ( يا ثوار الأرض المحتلة ) لحن ما زال يرن بأذني رغم أفول سنين وسنين ورحيل جدي المتعلق قلبه بتلك البرتقالة برحم أمها أملا في عودة حميدة ليقطف الثمار
وحنظله ما زال يسير وانا أخطو وراءه بسرعة .. ربما أدار وجهه إلينا وأتقن فن الرجوع .. الى انه غادر أيضا مع جدي بلا عودة ..
والبيارات ما زالت مليئة بالبرتقال
وصوت الموج يعلو بلطمه حواف السواحل
وأنا خلف الأسلاك ادعو أهل الردة
هل من عودة ؟
القدير / قاسم بركات
ذهبت بي إلى حيث تركتني السنين وردمتُ حلمي ورحلت
وفيض أدمعي أسقيه زهري لعلي أخطو على لحدي فأرمي بعضا ليكون أثري
فلربما تأفل نجومي لاحقة بمن أفلوا وهم يحلمون
كنت متسلسل الحرف والحس حتى اغتلتنا وأعدتنا الى صور هربنا منها وقذفناها في غياهب النسيان
حرف مرير مكبل .. أسير
تقبل مروري .. صباحك ياسمين
كنت هنااا وزهر
تعليق
-
-
-
أخي الكريم قاسم المحترم
صباح الخير
حياك الله ياغالي ......
لقد جُدت بشذرات حالمة في دنيا النقاء تسامتْ فعانقت المُثل السامية في تساوق مبدع .
لقد كانت رسائلك المترعة صفاء لمن تحبّ والهة متجذّرة بالحب السرمدي .
صديقي :
أنت تُبحر في مسارات الغربة والهجرة بلوعة وحرقة ، فترسمها آهات وبوحا منسدلا في حنايا الشوق والوجع .
لكن..... عندما يحين اللقاء فإنك تبقى هناك تنتظر.........
تحياتي وودي لك .
دمت بخير .(مِنْ أكبرِ مآسي الحياةِ أنْ يموتَ شيءٌ داخلَ الإنسانِِ وهو حَيّ )
تعليق
-
-
أسجل إعجابي بكلمات رسالتك الراسخة في ذاكرة النسيان العربية والتي أخذتني
حروفها إلى أعماق بحر الألم العاتي الذي أعيشه بقلبي في حنايا صدور الاغتراب
أتابع زفرات حبهم لأرض العودة وبزوغ شمس الحرية على أرواح الشهداء فينبت
الزيتون وينادي على أبنائه المشتتين تعالوا عانقوا أفراح اللقاء بين هفهفات نسيم
الغائبين من الأحباب ودموع سعادة الباقين من المجاهدين أطفالا ونساء وشيوخا
تلاقت أرواح الأجداد مع الأحفاد . أمل سوف يبزع إن شاء الله بالإصرار والعزيمة
وعلى قدر ما تألمت من نزف حروفك الباكية , رفرفت أعلام التفاؤل من صميم قلبك
المتمكن من تنسيق أحرف العودة بضياء من نور وزوبان ثلج الشتاء فما أروع خاطرتك في الرسالة منذ البداية وحتى النهاية ..............
وأَسكُبُ هِيَامِي فِي أكيَاسِ عشقٍ ، لتعبرَ الغيمَ إليك وتُصلّي فِي إطلالتِك .. رُبما تلتقِي أصواتُنا .. فِي أبجديّةٍ تَتغنّى بِحُلولِ اللّقاء .. تَحتَضِنُ بَقايَا الوَقت .. رُبما يَنحنِي الخبزُ يوماً عِندَ أَفواهِ الجَائِعين .. حينَ ينزلقُ نَدى عَينيك .. يصبّ فِي أرضِ القَمح .. يَروي سُنبلَة .. لنقفَ سَويّاً نَخطُو في إطلالةِ الحريةِ المَضروبةِ كزهرِ اللوزِ فِي نِيسَان .. أيّها الكَاتِبون عَلى وَرقِ الخَريفِ ربيعاً
تعليق
-
-
هناكَ في البَعيد .. رسالةٌ تدنُو .. تَحجُبُها عثراتُ الدّموع .. هناكَ أنت .. أسمعك .. يجرّني صَداكَ لشمسٍ أخرَى .. وأنّاتٍ تَسرقُني مِن حِجَارةِ الطريق .. المَلفوفةِ بأقدامِ الحُفاة .. حينَ تسحقُ المرّ .. بدماءٍ تَسيل .. يشربُ منها ترابَ السّفر .. في غربةٍ لا تنتهي .. هناكَ أنت .. وهناكَ أنا من قبل .. وان كنتُ هُنا أَنتظِرْ مع رسائل الغائبين .
الأستاذ/قاسم بركات
وبين كلماتك مكث الـتأمل يعيد قراءتها أو هي من تعيده كتابة..
وما بين سطر وأخر تسقط من عين الأمل دمعه مختبئة خلف ضباب هو الآخر يشرق بالغياب
دمت بخير..وتقديري,,,
التعديل الأخير تم بواسطة وفاء الدوسري; الساعة 26-01-2010, 10:29.
تعليق
-
-
اخي قاسم
لله درك لقد حملتنا رسالتك
رغم ما تنوء به كواهلنا من احمال اثقل من الملح
الحكايات متشابهة تتفاقم
هنا و تنكمش هناك
و لكنها تلبس نفس الثوب و تنظوي تحت ضرس
حق الإنسان المشروع نظريا المغتصب
واقعيا في عالمنا
نص يحمل من المعاني الكثير وويوصل رسالة قوية
تحياتي
وجلنار لقلبك من صفد[align=center]
mohammad. y . h
[/align]
تعليق
-
-
الغائبين الأكثر حضورا ..
كل الغائبين كانوا هنا يتعانقون بحروف الأسى .. لكنهم حضروا
لم يتمكن أيا منهم من أن يتخلف عن الحضور ..
فالحب الأول .. والحضن الأول .. والتراب الأول والخطوة الأولى فوقه ...
والبيت الأول .. وكل ما ترك في الخلف ... من أمتعة الذات - الطفولة .. حضر ليتحدث الآن باسم جميع قواميس الوجدان الحي ..
ها هو يسجل حضورا خالدا في كل معالم الذاكرة .. بل في كل خبايا النفس وحنايا الفكر
وسيبقى خالدا ما بقي هذا الذات - الطفل في هذا العالم
الأستاذ قاسم بركات..
لك ولجميع أحرار هذه الأمة العظيمة من الأخطل الأخير تحية
تعليق
-
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد
استاذى القدير
قاسم بركات
لا اجيد فن الحديث
ولا اجيد التميز فى اخراج الكلمات
ولا اجيد فنون اللغه العربيه
ولكن اجيد لغه القلوب جيدا
اجمل واعظم تحيه حب واعجاب لهذه الكلمات الصادقه
فدائما ما يخرج من القلب فلا يجد طريقا الا قلوب المستمعين ليسكنها
اى والله
لقد اوجعتنا كلماتك العذبه الرقراقه الصافيه
بوركت استاذى وجزاك الله خيراوما من كاتبٍ إلا سيفـنى ويَبقَى الدَّهرَ ما كتبت يداهُ
فلا تكتب بقلمك غير شـيءٍ يَسُرّك في القيامة أن تراهُ
تعليق
-
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 63522. الأعضاء 8 والزوار 63514.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 409,257, 10-12-2024 الساعة 06:12.
تعليق