تتداخل الضحكات وجو الانبساط بضجيج الصغار المنغمسين في ألعابهم .. عينٌ تنظر بصحن التبولة خوفا ً من أن ينتهي بخطف غَرف الملاعق منه ، فيصفق الصحن بقاعه الفارغ تحت صخب المطر في الخارج ، وعين أخرى تحدق بأطفال ٍ منهمكين بلعبهم المكتنف رُقيا ً غير اعتيادي.
وسط التداخل هذا ،يرن جرس الموبايل!يصرخ! هيا أنتظرك في الخارج ..سبق ندائي للصغار إقفالي الخط بوجه المنادي. ضيقا ً يحبس جسدي ،وبغرور بادٍ ووجع ٍ مخبوءٍ حملتُ أشيائي، جرجرتُ أثقالي وودعتُ الجميع . خرجتُ طائعة ً رافضة ً السوط بصمت، وتذمرُ صغاري يُمطر ضعفي فيروي الاستمرارَ ويُنعش التقليد بالألم ...
كان يصرخُ وكأنه يُغني بأوركسترا النجوم ، غيرَ آبه ٍ لأحد ،وأنا ! أٌصرُ على تحريك ماض ٍ وجمال عناقِ حضوره ليفتر جسدي فأغدو نسمة وسط حريق ٍ بارد .. ظلامٌ ينتظر الجميع ورائحة القديم تفوح بالذاكرة لتعبقَ عشقا ً قديما ً يكافح السقوط .. فأقول بسري: أحبه ،سأنقذه من الجنون .
لويتُ المفتاحَ فاستغاث الداخلُ : أبطئي .. لم أكترث ، ستقع الواقعة مهما ترنحت .. سأتابع .. خطفَ ببالي منقذا ً !الإختباء . أنزلتُ أثقالي وتسربتُ بقبعة إخفاءٍ خلف الباب فلقيتُ الترحيبَ ولامستُ الدفء فأخذتني الرغبة متقافزة ً على أطراف أصابعي محركة أطرافَ أناملي ديسك معزوفات "عمر فاروق" ( بحر ساكن بلا أمواج وسحر يلفني فأقع فريسة اللحن مسلوبة الحدة ) . وفي الخارج طائرٌ يعصفُ بصافرته يأكل ريشه المتطاير صقيعُ البلاط ، إنتشر النقيض : يستفزني بالصراخ أستفزه بالسكوت .
دقّ الباب ، تأخر الرد ، عاود بعنف هاجمته بقلب طفل ٍ للتو تعمد بآتون الكون ، لفّني بعنف وأمطر صراخا ً غير مفهوم ، حدّقت به ، بشفاهي المطبقة وقلبي المغرد إصرارا ً ، أجابه المكان بمعزوفة تفتك بكلينا .. صمت لبرهة ٍ ، سرق الشهيق من اختبائي ليزفر الكدر من جنونه : تقفلين الموبايل بوجهي ؟
أقفلتَ جميع أبواب طموحي .. أيزعجك أقفال موبايل ؟
اقترب ، غرز كفيه بساعدّي وحدّق كمفترس يلهث ليمضغ ..
انتفض جسدي واستدار ..
بُحّ صوته وتقيأ فضلات تمردٍ أخمدت نيرانه .. جادَ فاهي بلحن البقاء : إلى متى هذا الجنون ؟ تحجر كياني بملح قمعك ، أفقدتني شهية الاستمرار ، وأنا أصر على تقويمك لتستفيقَ يوما ً ..
أرخى القامة ، رقص الطفلُ بداخله خَجِلاً ليعلن اعترافه : طهري نفسي واغسليني بحبك ، كلما لجمتِ جنوني أحببتك أكثر .
لا أحبك لأقيكَ شر جنونك ، أريدك أن تحب نفسكَ لتتقي الشرور من حولك .. الحب رخاء النفس وطُهر الروح ، الحب فراشة لا تخاف الضوء ، تقترب منه ولا تأبه الحريق لأنها تـَعي بأنها تنجلي للآخر لتوقد طريقا ً من نور .. أسقط أصابعه على شفاهي، استوطنت شفاههُ جبيني وبرخاء الأكف عانق ساعديّ فعبق المكان بمعزوفة
"سلطان القلب"....
تعليق