شعبان وعصابة نسوان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد عيسى
    أديب وكاتب
    • 30-05-2008
    • 1359

    شعبان وعصابة نسوان

    1. شعبان والشيخ نصاب

    [align=right]
    شعبان في الشارع الرئيس بمدينة غزة ، يمشي الهوينا وكأنه أميرها المتوج ..
    فجأة يلمحه أحدهم ، يصرخ بأعلى ما يملك من صوت :
    - الحقوا يا ناس .. شعبان ..
    ما باله هذا المجنون ، يغير شعبان من اتجاهه ويعود أدراجه ، لكن شاباً آخر يلمحه :
    - شعبان يا ناس .. شعبان يا أهل غزة .
    وهنا يحيط به الناس من كل جانب ، وصرخات الإعجاب تدوي في سماء غزة ..
    شعبان يلوح بيده للناس :
    - بس يا عالم .. خلاص .. أخجلتم تواضعنا .
    هذا يصفر وذاك يصفق ، وفتاة شابة جميلة تقترب منه وهي تهتف باسمه وتتقافز كأنها أمام أحد أبطال السينما ..
    تذكر كيف كان يرى تامر حسني في التلفزيون والبنات يتهافتن عليه من كل جانب .. لابد أن سمعته الحسنة قد فاقت تامر وتوم كروز حتى ..
    لكن كيف يحدث هذا وهو لم يصدر ألبومه بعد ..
    تقترب الفتاة متجاوزة كل المحيطين به وكأن حلم حياتها أصبح مصافحة شعبان ..
    وما أن أصبحت أمامه حتى غمزته بعينها ثم رفعت يدهاى عالياً ليظهر جهاز التحكم الذي بيدها ..
    يصرخ الناس وينطبحوا أرضاً ، ويصرخ شعبان ، ويصرخ ....
    والمياه تتناثر عليه من كل جانب ..
    ما هذا ..؟
    مرزوقة أمامه تبسمل وتحوقل وتغمر وجهه بالمياه مستخدمة فمها كرشاش مياه من الطراز الحديث ..
    - بس يا ولية .. خلاص .. يا ساتر ..الكابوس ألطف من وجهك .
    مرزوقة :
    - خير يا راجل ، ر جعنا لكوابيسك ..
    شعبان وهو يمسح العرق والمياه بطرف جلابية مرزوقة :
    - اسكتي يا ولية ..كابوس فظيع .. كان فيه بنت حلوة ولابسة حزا......
    مرزوقة تقاطعه صارخة وهي تحاول أمساكه من تلابيبه :
    - شووووووو ... بنت حلوة ولابسة وبتقول كابوس ..
    الحمد لله اني صحيتك قبل ما تتزوجها يا خاين ..
    شعبان وهو يضرب كفاً بكف :
    - بس يا ولية .. خليني أكمل كلامي ..
    - كمل يا حبيبي كمل ..بس ما توصلوا للمأذون انت وبنت الايه ..
    - لا حول ولا قوة الا بالله .. المهم يا ولية بحكيلك لابسة حزام ناسف وبدها تفجرني ..
    ومش أول مرة هاي ..
    مرزوقة :
    - بدك الصحيح يا شعبان .. انت نفسيتك تعبانة من فترة ، خاصة انو احنا جبنا علي وصفينا على جنب .. يبقى لازم تروح لشيخ يشوف شو مالك .
    شعبان :
    - كنك انجنيتي انتي .. أنا ما بآمن بالشغلات هاي .. يصير يقرا عليا ويقول اخرج وادخل ومن هالكلام الفاضي .. بخاف أنا ..
    - شو يا رجل انت مش مؤمن بالحسد والعين .. هاي مذكورة في القرآن .. وف يالنهاية انت مش حتخسر اشي ..
    ولم يكذب شعبان خبراً ..
    لبس ملابسه وخرج هو ومرزوقة إلى الشيخ "نصاب أبو قرشين " وهو شيخ ذائع الصيت تعرفه غزة كلها ..
    وهناك جلس شعبان وهو يرتجف :
    حكى للشيخ حلمه قبل أن يلتقيه على الجوال ، وهناك قابله بوجه مقتضب ودعاه للجلوس بينما جلست مرزوقة في الجانب المقابل من الغرفة .
    قال الشيخ :
    - هل تأتيك أحلام وكوابيس ؟
    شعبان :
    - آه .. بالفعل يا شيخ .
    - عمرك حلمت أنك واقف في نص الساحة والناس كلها بتجري وراك ..
    شعبان : آه بالفعل ..
    الشيخ : وفي الحلم بتيجيك فتاة حلوة لابسة فستان أزرق ..
    شعبان : أيوة بالظبط يا شيخ .. كنك باقي معي هناك ..
    الشيخ : وهاي الفتاة بتحاول تفجر حالها فيك وبعدين بتصحى وانت خايف ..
    شعبان يحاول أن يتذكر ، هل حكى كل هذه التفاصيل للشيخ أم أنه عرفها لوحده :
    - بالفعل يا شيخ .. عليا الطلاق انك عبقري ..
    الشيخ : الأمور واضحة يا ابني ..انت عليك مارد .. ومش أي مارد ..هذا جاي من رام الله مخصوص عشان يقرفلك عيشتك ..
    شعبان وهو يرتجف :
    - طيب والحل يا شيخ ..
    الشيخ :
    - لازم أقرأ عليك لحد ما أقدر أطلعوا .
    شعبان :
    - طيب توكل على الله يا شيخ ..
    وبدأ الشيخ في قراءة القرآن لساعات .. وعالفاضي .. لا شيء يجد على شعبان الذي يرتجف كلما ارتفع صوت الشيخ ..ووجهه امتلأ بالمياه التي يبصقها عليه الشيخ كل فترة من بخاخ بجانبه ..
    أحس شعبان بالملل .. فحرك اصبع قدمه قليلاً ..
    وهنا صرخ الشيخ ..
    - بس .. وقف .. مسكتك ..
    اطلعلي فوق .. أيوة ..فوق شوي .. قف عند السبابة بأمر الله ..
    ارفع السبابة لأعلى اذا كنت مسلماً ..
    وبسرعة رفع شعبان السبابة لأعلى ما يستطيع ..
    فقال الشيخ في حنق ..
    - مش انت .. بحكيش معك ..ما ترفع اصبعك ..
    شعبان :
    - لكان بتحكي مع مين يا شيخ ..
    في حد غيري أنا ومرزوقة هون ..
    قومي يا مخروب بيتك انتي واقتراحاتك ..قومي خرطتيلي ركبي ..
    الشيخ :
    - انتظر يا ابني لسة ما طلعنا المارد ..
    شعبان :
    - خليه يا حج ... مالها رام الله .. انت ناسي اني لسة بقبض راتبي منها ..
    قديش بتأمر يا شيخ ..
    الشيخ :
    - أي قرشين يا ابني ..
    شعبان :
    - مش من قلة سموك أبو قرشين ..
    خد يا حج ..ويعطيك العافية .
    مرزوقة متسمرة مكانها من الخوف .. فيقول شعبان :
    - يلا يا ولية ..
    وهي لا تزال مكانها لا تستطيع الحراك ..
    فيقول شعبان :
    - دور مرزوقة يا شيخ .. اقرأ عليها لأنو المارد اللي عليها مفتري ..
    وما تنسى تستخدم العصاية لأني معطيك تصريح ..
    وهنا تنتفض مرزوقة وتهرول خارجة تسبق شعبان الى السيارة وشعبان خلفها يمشي الهوينا وهو يقول :
    - روحي الله لا يردك .. هاي آخريت اقتراحاتك ..والحق عاللي بيرد على مرة ..

    *****
    [/align]


    يتبع مع شعبان مريض نفسي
    التعديل الأخير تم بواسطة الدكتور محسن الصفار; الساعة 11-02-2010, 09:01.
    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]
  • أحمد عيسى
    أديب وكاتب
    • 30-05-2008
    • 1359

    #2
    [align=right]
    2. شعبان مريض نفسي

    شعبان تراوده الكوابيس كل ليلة ..
    لم يتغير الحال ...

    وبدأ الهزال يعلو جسده ، لحيته نمت بصورة غير مسبوقة ، وصار أقل اهتماماً بنفسه ..
    مرزوقة وقد أحست بالشفقة عليه :
    - شعبان .. عندي اقتراح الك ..
    شعبان صارخاً :
    - أبوس ايدك بلاش اقتراحاتك ..بكفي الشيخ اللي أخد الخمسين شيكل مقابل فيلم الرعب اللي عيشنا فيه ..خليني في حالي يا ولية ..
    ثم تناول سترته وانطلق خارج المنزل يدور بسيارته في شوارع غزة كالتائه دون هدف ..
    وفجأة ..لاحت له يافطة كبيرة مكتوب عليها :


    [gdwl]- دكتورة : انفصام أبو شخصية
    ماجستير الأمراض النفسية والعصبية بمستشفى غزة النفسي ..


    [/gdwl]

    وهنا هز شعبان رأسه وقال بصوت خافت :
    - وليش لأ ..!!
    وركن سيارته على جنب ونزل منها يقدم ساقاً ويؤخر ساق إلى حيث الدكتورة انفصام ..
    وهناك وجد العيادة فارغة تماماً إلا من السكرتيرة .. دفع الكشفية ..
    وجلس أكثر من ساعة ينتظر ..
    أحس بالملل وقد تنملت أطرافه من جلسته هذه .. قال للسكرتيرة :
    - متى راخ أدخل عالدكتورة يختي ..
    السكرتيرة وهي تنظر له بطرف عينها باستهتار :
    - لما ييجي دورك يا أخ .
    يتلفت شعبان حوله في أرجاء الصالة الفارغة .. حتماً هذه الفتاة مجنونة ..
    - ومتى راح ييجي دوري يا أخت .
    - لما يطلع المريض اللي عند الدكتورة ..
    وهنا فتحت الدكتورة الباب وقالت بصوت عال :
    - زهقت حالي يا عزيزة .. وين المرضى ..
    قالت عزيزة بقرف :
    - هيهم عالدور ..
    وأشارت بطرف اصبعها لشعبان :
    - دورك ..
    ضرب شعبان كفاً بكف وقد أحس أنه داخل سراي مجانين وليس عيادة طيب ..
    ودخل الى غرفة الدكتورة انفصام ..
    كانت تجلس خلف مكتبها ، سمراء البشرة حادة الملامح ، وتلبس نظارة طبية غليظة ..
    تماماً كما يرى أمثالها في المسلسلات .. لابد أن ترتدي نظارة طبية كهذه ..
    تنحنح شعبان فقالت الدكتورة :
    - تفضل يا أخ .. استرح .
    جلس شعبان مقابلها ، فقالت انفصام :
    - حنبدأ بأننا نتعرف .. اسمك وسنك وعنوانك ..
    أحس شعبان أنه أمام أحد ضباط الشرطة .. فقال مسرعاً :
    - شعبان أبو علي ... شارع دعبوبة الدولي ..أما بالنسبة لسني ..
    فتح فمه بسرعة وقال :
    - سني بخير وعال العال .. لسة قبل أسبوع كنت عند الدكتور نعسان ..
    مالت الدكتورة انفصام عليه وقالت :
    - من شو بتشكي يا شعبان ..؟
    شعبان :
    - بحلم كوابيس وما بعرف أنام بالليل ..
    الدكتورة :
    - بتحس نفسك في نص ميدان كبير ، وكل الناس بتحيي فيك ..
    شعبان وقد أحس أن حلمه قد أذيع على قناة الجزيرة في نشرة حصاد اليوم :
    - بالفعل يا دكتورة .. مزبوط ..
    الدكتورة : هذا يعكس إحساس بالنرجسية مع شعور عال بعقدة الاضطهاد ..
    شعبان : وبحلم انو في بنت حتموت وتقرب عليا عشان تحييني ..
    الدكتورة : أكمل .. أكمل .. يبدو انو عندك جنون العظمة أيضاً ..
    شعبان : والبنت لما بتقرب بتحاول تفجر نفسها وتموتني ..
    الدكتورة : وطبعاً بتصحى وانت خايف وما بتعرف تنام بعدها ..ولما تشوف زوجتك بتحس انك لسة ما صحيت من الكابوس ..
    شعبان : صح يا دكتورة ..
    الدكتورة : يعني أنت عندك ازدواج في الشخصية ، حالة بارانويا متقدمة ، مغطاة بقشور من جنون العظمة وعقدة الاضطهاد ، كل هذا مغلف بحالة من النرجسية والشيزوفرانيا واحساس عالي بالأنا السفلى يغطي على الأنا العليا ..
    شعبان وهو يفتح فمه بذهول :
    - مين ؟؟
    الدكتورة تكمل في حماس :
    - لكن الأنا العليا ما بتستسلم للأمر الواقع وبتحارب الأنا السفلى بكل قوتها .. عشان هيك انت بتحلم كوابيس ..
    شعبان وهو يضرب كفاً بكف وقد أحس أن حالته مستعصية :
    - طيب والحل يا دكتورة ..
    الدكتورة وقد انتابتها نوبة شديدة من الانفعال والحماس :
    - يجب ان نقوي الأنا العليا .. ندعمها بكل ما يلزم .. نعطيها الإمكانيات عشان تنتصر ..
    بس الانتصار ما يكون ساحق .. لأنو الأنا السفلى من حقها التعبير عن نفسها أحياناً ..
    شعبان يعتدل في جلسته سريعاً ويقول وهو يهم بالانصراف :
    - وهو كذلك يا دكتورة انفصام ..وهو كذلك ..
    الدكتورة وهي تصرخ وتحاول اللحاق به :
    - استنى يا رجل .. بدي أساعدك في التغلب على عقدك .. وببلاش كمان ..
    شعبان وهو ينصرف مسرعاً :
    - انتي اللي خدي مصاري وسيبيني في حالي .. بكفيني مرزوقة ..
    وانصرف مسرعاً من غرفتها وهناك وجد السكرتيرة عزيزة تضع يدها على خدها وترمق الكراسي الفارغة باحتقار فمال عليها هامساً :
    - أنا خلصت .. خلي اللي بعدي يدخل شايفو حيموت من الانتظار ..
    وانصرف مسرعاً وقد أحس أنه تنشق هواء الحرية فور أن خرج من العيادة ..
    كان أذان العشاء يرتفع في المنطقة ، فركن سيارته أمام المسجد وتوضأ لصلاة العشاء ..
    وهناك تحدث مع الإمام :
    - أحس بضيق في صدري يا شيخ ..
    فقال الشيخ :
    - متى آخر مرة صليت فيها يا شعبان .
    شعبان :
    - في عيد الفطر اللي فات ..
    الشيخ :
    - وكيف لا يضيق صدرك يا بني وأنت ترمي بهمومك على البشر وتترك ربك الرحمن الرحيم .
    صل العشاء جماعة وأخبرني بشعورك بعدها يا ابني ..
    وبينما هو في الصلاة أحس شعبان أن حملاً ثقيلاً ينداح عن صدره ..
    أحس براحة لم يشعر بها من قبل ..
    وقال في عقله ..
    لماذا لا يصلي الناس ..؟ حتى الصلاة ببلاش ..


    *****

    [/align]

    يتبع
    .....
    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

    تعليق

    • أحمد عيسى
      أديب وكاتب
      • 30-05-2008
      • 1359

      #3
      3. شعبان وأنفلونزا الخنازير

      شعبان أمام المرآة يتأمل نفسه في زهو ..
      الجلابية الحريرية الجديدة ستأكل منه قطعة كما يقولون .. والطاقية البيضاء الجميلة على رأسه تضفي عليه وقاراً وجمالاً نسبياً خاصة أنها قد غطت صلعته التي تزحف على مقدمة رأسه ..
      ابنه "علي " يعقد ساعديه أمام صدره ويقول :
      - ماشي يا أبو علي ..والله لفرجيك ..
      - مالك يا ولد ..
      "علي" : يا راجل مزبط نفسك وأنا حالقلي .. بدي جلابية زيك ..
      شعبان : انت جيت في جمل .. ولا يهمك ..الليلة البس وبنروح نسلم على أبو حجاج ، وبدل ما أرجع بجلابية زي امبارح بنرجع بجلابيتين ..
      علي : اتفقنا يا أبو علي ..
      بعد ساعات ..
      علي يلبس ملابس مقطعة مهترئة وينتظر شعبان أمام غرفته ، فيخرج شعبان ليفاجأ بهذا المنظر ..
      - شو هذا المنظر بدك تفضحنا ..
      علي :
      - مش لازم أبين هيك عشان يعطونا جلابية ..
      شعبان :
      - يا ابن الشحاد .. انت بتفكرنا بدنا نروح نشحذ ..
      احنا رايحين نعمل الواجب ونسلم على أبو حجاج عشان جاي من العمرة .. وطبيعي انو يعطينا جلابية .. مش صدقة يعني ..
      علي :
      - يعني خلاص ألبس لبس محترم ..
      شعبان :
      - بالزبط يا ابن المحترم ..
      وعاد علي ليلبس ملابساً أكثر نظافة من سابقتها ، وخرج لأبيه الذي كان ينتظره في التاكسي ..
      وانطلقا الى حيث منزل أبو حجاج ..
      كان يتوقع أن يرى المنزل يعج بالمهنئين ، لكنه فوجئ بالمنزل فارغاً إلا من أصحابه ..
      تنحنح على الباب ودخل يصافح أبو حجاج وكأنه صديق حميم ..
      وجلس شعبان لساعة كاملة ..
      وأبو حجاج لا يتحدث كثيراً ..
      - أهلا وسهلاً .
      شعبان : أهلين ..
      - الله يمسيك بالخير ..
      شعبان : يسعد مساك ..
      - نورتوا يا جماعة
      شعبان : بوجودك ..
      أبو حجاج :
      - مش ملاحظ الوقت تأخر يا شعبان .. أكيد أم علي حتكون قلقانة عليك ..
      شعبان :
      وانت مش ملاحظ انو ما شربناش ولا كاسة شاي ولا كاسة مي حتى .. ومش ملاحظ انو زي ما جينا زي ما روحنا ..يعني تيتي تيتي ..
      أبو حجاج :
      - معلش يا شعبان .. صدقني ما قدرنا نطلع من الحرم عشان نشتري اشي .. عاملين علينا حجر صحي ..
      شعبان :
      - ليش جربانين انتو ..
      أبو حجاج :
      - له يا رجل .. بس عشان أنفلونزا الخنازير ..
      شعبان :
      - طيب يعطيك العافية ..نروح نشوف غيرك أحسن ..
      وانصرف شعبان غاضباً وقد أحزنه أن يعود للبيت بدون جلابية لعلي ..
      لكنه لم يستسلم .. وقضى الليلة في تهنئة المعتمرين حتى عاد بجلابية أخيراً من بيت أبو حسام جار صديقه دعبوبة .
      وفي البيت اضطجع شعبان على الكنبة القديمة وفتح التلفاز وبدأ يقلب في القنوات ..
      - الجزيرة : اكتشاف حالات جديدة مصابة بأنفلونزا الخنازير .
      - العربية : وفاة أحد المعتمرين بعد إصابته بأنفلونزا الخنازير ..
      - الفضائية المصرية : إصابة الفنانة نهال وزوجها وابنها وابنتها وجدة خالتها بأنفلونزا الخنازير .
      - ام بي سي : اصابة أبو شهاب بأنفلونزا الخنازير ونجوم باب الحارة جميعهم في حجر صحي والحارة أغلقت بابها أمام المشاهدين ..
      بدأ الخوف يتسلل إلى قلب شعبان .. اليوم بالذات زار عشرات المعتمرين وصافحهم وقبلهم .. يبدو أن الخطر قريب جداً ..
      حاول مواساة نفسه حين فاجأته مرزوقة بقولها :
      - شو يا راجل .. مال وجهك هيك متغير لونه ..
      - شو مالي يا ولية ..
      - لونك مخطوف وعيونك حمرة .. أنت مش شايف حالك ..
      شعبان وقد فقد الإحساس بركبتيه :
      - معقول تكون أنفلونزا الخنازير ..
      مرزوقة :
      - انت جايبلي انفلونزا الخنازير للبيت كمان ..
      طيب البس كمامة وأطبخ وعيش لحالك وما تقرب مني ...
      وابتعدت عنه مهرولة ..
      وهنا بالذات انهار شعبان ..
      تلفزيون فلسطين يقطع برامجه الاعتيادية ليبث خبراً غير عادي :
      - إصابة أحد العاملين في المقاطعة برام الله بأنفلونزا الخنازير وإخلاء كامل للمقاطعة حتى إشعار آخر ..
      شعبان وهو يرتجف من الخوف :
      - كمان .. هي المقاطعة ناقصة ..مش مكفيها اللي فيها ..
      ******
      يتبع ...
      ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
      [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

      تعليق

      • سحر الشربينى
        أديب وكاتب
        • 23-09-2008
        • 1189

        #4
        مش ممكن يا أحمد عيسى رائع رائع

        أهدى إليك كل ما ضحكته الآن فأنت تستحق وأكثر

        ويارب يسعدك دوماً
        إنَّ قلبي
        مثل نجماتِ السماءِ
        هل يطولُ الإنسُ نجماً
        (بقلمي)​

        تعليق

        • أحمد عيسى
          أديب وكاتب
          • 30-05-2008
          • 1359

          #5
          4. شعبان والحجر الصحي

          في اليوم التالي أصبح شعبان شخصاً آخر ..
          صار لا يخرج من البيت إلا للضرورة القصوى ، ووضع كمامة على أنفه حتى لا تنتقل العدوى منه إلى أفراد عائلته أو من يتعاملون معه في الشارع ..
          أما مرزوقة فلم تكذب خبراً ...
          قامت بوضع حاجز في منتصف البيت ، عبارة عن حبل غسيل عليه ستارة تفصل نصفي البيت ...
          وكانت الأوامر صارمة في هذا الشأن ..
          لا تغادر من نصف البيت الموبوء إلى نصف البيت السليم مهما كانت الأسباب .. والحركة داخل المنزل بإذن ، ودخول الحمام بإذن .
          مرزوقة تجلس في نصف المنزل الآخر وقد نقلت الكنبة والتلفزيون إليها وصارت تتابع مسلسلات رمضان على راحتها ..
          - معلش يا شعبولتي .. انت غالي عندي كتير بس صحتي أغلى ..
          شعبان : أمم ام ام اممم *
          أما علي فقد خضع لاستجواب عنيف عن حالته الصحية ولون وجهه وطوله ووزنه حتى أفرجت عنه مرزوقة وجعلته من ضمن المرضي عنهم ..واستطاع أن يعيش في نصف المنزل السعيد ..
          علي : يلا ياابا اتحمل .. والله لولا بدي أتابع باب الحارة كان جيت اتضامن معك
          شعبان : اممممم ام ام **
          شعبان يطل بطرف رأسه خارج حدود نصفه الموبوء فيفاجأ بالمنظر الغريب
          مرزوقة جاعصة عالكنبة وأمامها القطايف والكنافة والخروب وعصير الجوافة ..
          يعود لينظر داخل حدود الحجر الصحي فيجدها قد دست له صحناً صغيراً به حبة قطايف واحدة وكاسة كركديه ... وهو الذي لم يحب الكركديه في يوم من الأيام ..
          ينفعل وتبدو جبهته سوداء وهو يقول :
          - أم امممم ***
          مرزوقة معطية أذن من طين وأذن من عجين وتغني أغنية شارة المسلسل ولا تسمع كل ما يقال من شعبان ..
          وهنا بلغ السيل الزبى ، نفض شعبان نفسه وقال لها وهو يغادر المنزل :
          - ممم مو مو ****
          وانصرف مسرعاً من البيت ليركب سيارته والكمامة لا زالت على أنفه ويبدو كأنه قادم من كوكب آخر بمنظره المضحك ..
          وهنا توقف أمام معمل للتحاليل الطبية ونزل مسرعاً ..
          كان الموظف جالساً والناس تنتظر نتائج تحاليلها في الصالة ، فدخل وقال بصوت هامس للموظف :
          - ممم مومو مممممم مممومو ممممم *****
          الموظف : عفواً .. شو بتحكي أخي ..
          شعبان يعود ليكرر : ممم مومو مممممم مممومو ممممم ******
          الموظف : أنا آسف مش قادر أفهمك ..
          شعبان يرفع الكمامة ويقول للموظف بصوت هامس :
          - بدي أعمل تحليل لأنفلونزا الخنازير ..
          الموظف بأعلى ما يملك من صوت :
          - بدك تعمل تحليل لأنفلونزا الخنازير ..
          وهنا وقف الناس في معمل التحاليل وصرخت أحد النساء ..
          - اشردووووا
          واندفع الناس يغادرون المعمل وكأن الشيطان يجري خلفهم ..
          وشعبان أحس نفسه كأنه أحد الموتى الأحياء الذين يراهم في أفلام الرعب .. الزومبي كما يسمونهم ..
          خرج إلى الشارع وصار يتخيل لو هاجم بمرضه هذا إسرائيل .. ربما يهرب سكانها ويرتاح أخيراً من الشعب الإسرائيلي بأكمله ..
          دار في شوارع غزة كثيراً كالتائه .. ثم ذهب إلى المستشفى ..
          وهناك وجد أحد الأطباء الذين ارتاح لمنظرهم ..
          قال الطبيب وهو يضحك :
          - ما تخاف يا رجل .. مرض أنفلونزا الخنازير أقل خطراً من الأنفلونزا العادية ..
          انت عارف انو اللي بيموتوا من الأنفلونزا العادية يومياً أكثر من اللي بيموتوا من انفلونزا الطيور والخنازير والسارس ..
          وقام الطبيب بفحص شعبان وقياس درجة حرارته وبعض التحاليل الأخرى ثم قال له :
          - كان معك شوية رشح خفيفة وانت شبه خفيت منها الآن .. خدلك حبتين أكمول بتصير عال العال ..
          وهنا بدأت الدماء تعود إلى وجه شعبان ، صار لون وجهه طبيعياً بعد أن زال الخوف ، وقال للدكتور :
          - أنا مش عارف كيف أشكرك .. أنت أنقذت حياتي ..
          الدكتور : ما كان مفروض تخاف أصلاً . قل لن يصيبنا إلا كتب الله لنا ..
          شعبان : ونعم بالله ..
          بس وحياتك يا دكتور لأربي مرزوقة وأفرض عليها حجر صحي هي والولد علي .. والتلفزيون حيصير عندي ، والقنوات اللي بتعرض باب الحارة راح أعمللها ازالة من الرسيفر كلو ..
          ويانا يا أنتي يا مرزوقة ..
          وانصرف من عند الطبيب على موعد مع حرب جديدة ..
          حرب استعاد فيها ثقته بنفسه ..ووضع الخطط والاستراتيجيات ..
          حرب ستكون أعنف من حرب عالمية ثالثة ..
          لكن هذا سيكون في قصة أخرى ..
          *******
          يتبع .....



          *****
          * ماشي يا ولية والله لوريكي
          ** أما انت يا ابن المحترم والله غير أربيك وأعلمك كيف تبطل تحضر مسلسلات
          - *** والله لفرجيكي يا مرة .. بكرة أرجع أحسن من الأول وحياتك لأتزوج عليكي وخليكي في نص البيت تبعك وراح أجيب العروسة الجديدة في نصي وراح أرجع شبابي .. واذا مش عاجبك الباب بفوت جمل .. وخلي أبو شهاب ينفعك ..
          **** أنا سايبلك البيت تشبعي فيه ، بدي أغور في ستين داهية .
          ***** كحة مش أكثر
          ****** كمان كحة أخرى
          ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
          [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

          تعليق

          • مصطفى بونيف
            قلم رصاص
            • 27-11-2007
            • 3982

            #6
            أخي الوسيم أحمد عيسى :

            هل تقصد بشعبان والد الأستاذ محمد شعبان الموجي ؟

            يا ويلك إذا كنت تقصده ....سوف تطبق عليك اللوائح

            أنا أهدي النفوس فقط !
            التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى بونيف; الساعة 30-01-2010, 21:26.
            [

            للتواصل :
            [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
            أكتب للذين سوف يولدون

            تعليق

            • أحمد عيسى
              أديب وكاتب
              • 30-05-2008
              • 1359

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة سحر الشربينى مشاهدة المشاركة
              مش ممكن يا أحمد عيسى رائع رائع

              أهدى إليك كل ما ضحكته الآن فأنت تستحق وأكثر

              ويارب يسعدك دوماً
              الأخت الفاضلة : سحر الشربيني

              أشكرك كثيراً على مرورك الرقيق
              من دواعي سروري أن تسبب شعبان في اضحاكك
              ومن دواعي سروره أيضاً ..


              تحيتي زميلتي الرائعة
              ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
              [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

              تعليق

              • أحمد عيسى
                أديب وكاتب
                • 30-05-2008
                • 1359

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى بونيف مشاهدة المشاركة
                أخي الوسيم أحمد عيسى :

                هل تقصد بشعبان والد الأستاذ محمد شعبان الموجي ؟

                يا ويلك إذا كنت تقصده ....سوف تطبق عليك اللوائح

                أنا أهدي النفوس فقط !
                زميلي المبدع الرائع : مصطفى بونيف

                يا رجل ... انت ناوي تودينا بداهية ..
                كل الاحترام لعمنا الموجي ووالده الكريم ..

                انما شعبان الذي أقصده بطل غزاوي بامتياز ، يعيش تناقضات الغزي الذي فرضت عليه حكومتين ووزارتين وسلطتين رغم أنه لا يملك دولة ولا حدود ولا أي شيء .. مجرد اراض محتلة مستباحة لا أكثر ..


                شعبان يرجوك أن تكمل الحكاية معه


                خالص حبي مصطفى
                ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                تعليق

                • مصطفى بونيف
                  قلم رصاص
                  • 27-11-2007
                  • 3982

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة أحمد عيسى مشاهدة المشاركة
                  زميلي المبدع الرائع : مصطفى بونيف

                  يا رجل ... انت ناوي تودينا بداهية ..
                  كل الاحترام لعمنا الموجي ووالده الكريم ..

                  انما شعبان الذي أقصده بطل غزاوي بامتياز ، يعيش تناقضات الغزي الذي فرضت عليه حكومتين ووزارتين وسلطتين رغم أنه لا يملك دولة ولا حدود ولا أي شيء .. مجرد اراض محتلة مستباحة لا أكثر ..


                  شعبان يرجوك أن تكمل الحكاية معه


                  خالص حبي مصطفى
                  أنا معك ومع شعبان إلى غاية أن نذهب في ستين داهية جميعا !!
                  [

                  للتواصل :
                  [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
                  أكتب للذين سوف يولدون

                  تعليق

                  • أحمد عيسى
                    أديب وكاتب
                    • 30-05-2008
                    • 1359

                    #10
                    أضحك الله سنك مصطفى

                    لا تقلق أخي .. شعبان هو الوحيد اللي رايح في ستين داهية ..

                    تحيتي أيها الرائع
                    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                    تعليق

                    • أحمد عيسى
                      أديب وكاتب
                      • 30-05-2008
                      • 1359

                      #11
                      5. شعبان ويوم الانتقام

                      عاد شعبان الى المنزل وهو يغلي غضباً ..
                      كيف اضطرته مرزوقة الى أيام عصيبة من القهر والخوف والمرض وهو سليم معافى ليس به أي شيء ..
                      وفور وصوله الى المنزل فتح الباب وقال بصوت عال :
                      - يا ساتر ..طريق
                      وبسرعة أخذت مرزوقة ساتر ... وحاولت أن تطل برأسها لترى ما أو من أحضره زوجها ..
                      شعبان يقول لمرافقه :
                      - اتفضل يا حج .. اتفضل ..
                      ودخل الرجل يحمل علبة صغيرة بها بعض العدة وأحضر له شعبان السلم ليصعد الى سطح المنزل الاسبستي ..
                      وهناك بدأ الرجل يفك الصحن الفضائي (الستالايت) ومرزوقة تكاد تجن وهي تراقب المنظر من بعيد ..
                      ما الذي يفعله هذا المجنون ..؟ باب الحارة في حلقاته الأخيرة ، والأدهم يقترب من الوصول الى انتقامه ، وأبو العلاء المعري يكاد يكتب قصيدته في مسلسل " سوق عكاظ " .. كيف ستترك مسلسل يسرا والحلقة القادمة ستحتفل بعيد ميلادها السادس عشر ..
                      إن أياماً عصيبة تنتظرك يا شعبان على يدي ..
                      وما أن فاقت من توجعاتها حتى كان الرجل ينزل من السطح وهو يحمل على رأسه الدش .. ويقول لشعبان :
                      - الشبكة فوق جاهزة ونزلتلك السلك ، وما عليك الا تشبك بالتلفزيون واتهنى يا عم ..وبالنسبة للفلوس بكرة بيكونوا عندك ..
                      وما أن خرج الرجل حتى جاءت مرزوقة تولول :
                      - شو عملت يا راجل .. احنا جوعانين عشان تبيع الدش .. ناقصنا فلوس ..
                      شعبان والشرر يتطاير من عينيه :
                      - مش قصة فلوس .. هس بديش اسمع صوتك ..
                      من هون وطالع فش بالبيت غير اللاقط الأرضي ، واتهني بفلسطين والأقصى واسرائيل الأولى .. ولو طلع نصيبك حلو احتمال تيجيلك مصر القناة الأولى أو الثانية ..
                      زاغت عينا مرزوقة وهي تتذكر مئات القنوات التي كانت تتيه بينها في قمر النايل سات ..
                      كيف ستعيش يومها على القنوات المصرية الأرضية التعيسة .. أو تلفزيون فلسطين الذي لا يعرض إلا جرائم "ميليشيات حماس الانقلابية الخارجة عن القانون " ، وتلفزيون الأقصى الذي لا سيرة له إلا جرائم ميليشيات عباس في الضفة ..
                      وهنا بدأت مرزوقة تتلون :
                      - شعبولا حبيب ئلبي .. انت زعلت من الأيام اللي فاتت .. وحياتك حبيبي هذا كان علشان مصلحتك ..
                      شعبان :
                      - مصلحتي تحبسيني في نص البيت مثل الأجرب يا ولية ، وأنا ساكت ..ومصلحتي تقوليلي وجهي أصفر وأحمر لحد ما صدقت اني عندي فلونزا الخنازير ..
                      مرزوقة :
                      - خلاص يا شعبولا انس الي فات ، راح أعملك كل اللي بدك اياه بس رجع الدش ..
                      شعبان : ولا تحلمي
                      مرزوقة وقد بدأت تفقد أعصابها :
                      - ماهو اسمع لما أقولك ، رمضان قرب يخلص ولازم أعرف شو بدو يصير بباب الحارة والمسلسلات التانية والا بقلب عيشتك جحيم ..
                      شعبان :
                      - وريني شطارتك ..
                      واندفع مسرعاً نحو الحبل الذي يقطع البيت الى نصفين وقطعه ارباً بأسنانه ، وعاد بالكنبة والتلفزيون الى مكانهما السابق ، وفتح التلفزيون على قناة اسرائيل واضطجع يشاهد برنامجاً باللغة العبرية ويتظاهر بالاستمتاع ..
                      مرزوقة وهي تقترب من شعبان :
                      - انت يا زوجي تؤمر أمر .. هو أنا بقدر أكسر الك كلمة ..
                      بس عفواً حبيبي ممكن الجوال شوي ..
                      ناولها شعبان الجوال وهو يأرجح قدميه في الهواء ويكاد يطير وهو يرى غيظ مرزوقة وانكسارها ..
                      ولم يشعر شعبان بالوقت اذ غفا قليلاً ونهض مفزوعاً على صوت طرقات تكاد تكسر باب المنزل ..
                      هب مسرعاً ليفتح الباب وفوجئ بما زلزل كيانه ..
                      حماته على الباب هي وشيطانيها الصغيرين ... عفواً ولديها الصغيرين .. وتحمل شنطة كبيرة ما يدل أنها ستطيل البقاء ..
                      وما أن رأته حتى ابتسمت ابتسامة مقيتة وقالت بصوت عال :
                      - شو رأيك بالمفاجأة يا شعبولا ..
                      واندفعت بحملها وصغارها الى داخل المنزل وشعبان ارتج عليه فلم يستطع الوقوف على قدميه أكثر ..
                      ارتمى على الأريكة وهو لا يقوى على النهوض ، وبينما كانت مرزوقة تتقافز فرحاً وتتظاهر أنها متفاجئة من قدوم والدتها كان هو يدير جهاز التحكم بالتلفزيون بطريقة عشوائية حتى شاهد أمامه حلقة قديمة من القط والفأر ..
                      شاهد القط الغلبان وهو يتلقى العلقات ويحاول أن يبدو بطلاً وأن يحقق انتصاراً ولو لمرة واحدة ..
                      فقال شعبان بينه وبين نفسه ..
                      مسكين هذا القط .. يذكرني بحالي ..
                      وسقط جهاز التحكم من يده وهو يتخيل شكل حياته في الأيام القادمة ..

                      *****

                      يتبع ...
                      ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                      [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                      تعليق

                      • أحمد عيسى
                        أديب وكاتب
                        • 30-05-2008
                        • 1359

                        #12
                        6. شعبان يواجه أبو شهاب
                        لأول مرة في حياته ينهض شعبان مع الفجر ..
                        كانت ليلة سوداء على رأسه ، غصت بالكوابيس العنيفة ، فيها رأى " شادي " الأخ الأصغر لمرزوقة وهو يركب له ذيلاً دون أن ينتبه إليه ، ويمشي في الشوارع والناس تضحك ، وتضحك ، وتضحك ...
                        أما " أحمد " أخوه الأكبر فقد كان عاقلاً ..
                        فقط اكتفى بربط قدميه بحبل الغسيل ، وجذبه كما يشدون العجل في العيد الكبير ، فسقط أرضاً واندفع الناس نحوه وكأنهم يحملون ضغينة نحوه ..
                        منهم من ضربه ، ومنهم من اكتفى بالمشي فوقه وكأنه ليس موجوداً ...
                        لا يمكن أن يحدث هذا .. كفى ..
                        قالها ونهض والعرق يتصبب منه ، ووقف بسرعة محاولاً الوصول الى المطبخ ليشرب كأساً من الماء ..
                        كان ينام على الأريكة طبعاً وقد أخلى غرفة نومه لمرزوقة وأمها ، ولم يكد يتحرك قليلاً حتى تفاجأ أن الشيطانين الصغيرين قد نفذا حلمه بحذافيره ..
                        فشادي كان قد ربط ذيلاً بطرف بيجامته ، وأحمد تكفل بربط قدميه بحبل الغسيل الى الأريكة ..
                        وكان الباقي متوقعاً ..
                        وقع شعبان أرضاً كعجل هولندي أو كعجل مصري من العجول التي أصبحت تأتينا من تحت الأرض في تجربة لم تخضها أي عجول في العالم إلا العجول المصروغزاوية .
                        - يا ولاد الايه ... وحياة شنباتي لربيكم ..
                        ورغم أن الوقت كان باكراً جداً إلا أن باب غرفته انفتح فجأة وأطلت منه حماته والشرر يتطاير من عينيها :
                        - تربي مين يا ابن زكية .. حد حكالك انو أولادي مش متربيين ..
                        شعبان وهو يتمنى أن ينقض عليها ليهشم رأسها :
                        - أبداً يا حماتي .. مين حكى هيك .. بس انتي شفتي شو عملوا فيا الشياط.. قصدي الأولاد ..
                        حماته :
                        - بيدلعوا فيك وبيلاعبوك .. من حبهم فيك .. وبضلهم صغار ..
                        ومن خلف حماته أطلت مرزوقة برأسها في تشف واضح ..
                        - بسيطة يا حماتي .. صار خير ..
                        وذهب شعبان الى الحمام .. هذه أول مرة يصحو بها مبكراً هكذا .. ستكون فرصة ليصلي الفجر في وقته ..
                        وتوضأ شعبان وصلى الفجر ثم رفع يديه وكاد يجهش بالبكاء وهو يدعو الله :
                        - يا رب .. يا مجري السحاب .. عليك بمرزوقة وأمها ومعهم أبو شهاب ..
                        اللهم اغفر لي يا غفور ..واجعلهم يصابون بأنفلونزا الطيور ..
                        اللهم شتت شملهم وفرق جمعهم ورد كيدهم واجعل زوجتي تطيعني ولا تطيع الحيزبون .
                        آمين آمين يا رب العالمين ..
                        ثم قام وقد أحس براحة نفسية ..وغاص في الأريكة وغرق في نوم عميق ..
                        في الصباح أعدت مرزوقة الفطار وجلسوا على الأرض يتناولون افطارهم في هدوء صامت ..
                        لم تتخلله الا نظرات متوجسة من شعبان ، يقابلها نظرات متحفزة من مرزوقة ، ثم قامت أمها وادعت أنها ذاهبة للحمام ..
                        وهنا التفتت مرزوقة الى شعبان وقالت :
                        - شعبان .. في موضوع مهم جداً لازم نحكي فيه ..
                        - يا ساتر يا رب ... بدأت المؤامرات .. احكي يا ولية ..بدني بيقشعر من مواضيعك وبالذات المهمة ..
                        مرزوقة :
                        - انت عارف انك صارلك بايع دهباتي من الحلقة التانية .. قصدي من يوم ما اشتريت سيارتك المرسيدس .. وانت ما شاء الله عليك بتدخل فلوس كويسة غير انك بتقبض من دايتون وانت نايم في بيتك ..
                        شعبان وقد بدأ بشتم رائحة مؤامرة :
                        - طيب وبعدين ..
                        - ولا قبلين .. صار لازم ترجعلي دهباتي وتضمنلي حقي ...
                        شعبان وهو يصدر شخيراً غزاوياً أصيلاً :
                        - نعم يختي .. شو شايفاني طلقتك ولا تزوجت عليكي .. أنا حيالله شلت الدش ..
                        لكان لو تزوجت عليكي شو بدك تعملي ..
                        مرزوقة وهي ترفع رأسها في كبرياء :
                        - الموضوع مش موضوع دش .. هذا موضوع حقوق وواجبات ..
                        وهنا جاءت أمها وكأنها لا تعلم عن الموضوع وتقول وهي قادمة من بعيد :
                        - شو مال صوتكم عالي .. احكولي القصة وأنا بحكم فيها ..
                        وكان شعبان يعرف جيداً بماذا ستحكم حماته .. لهذا فقد انصرف غاضباً ، وخرج بسيارته وهو يكاد يشد شعره ويلبس الطاسة ويجري في شوارع غزة .. تماماً كما يحلم دائماً ..
                        عند الظهيرة وبعدما أرهقه الدوران في شوارع المدينة بالسيارة عاد الى الحارة وقبل أن يدخلها وجد صبياً يناديه ..
                        - أبو علي .. أبو علي
                        شعبان يوقف سيارته ويلتفت الى الصبي الذي قال وهو يلهث ..
                        - استنى يا عمو ... أبو شهاب بدو اياك ..
                        شعبان وقد هزته المفاجأة ..
                        - شو ... أبو شهاب ..
                        هي وصلت يا مرزوقة تبلغي أبو شهاب عني ..
                        حاضر يا عقيد .. جاييلك .. أي مو على راسي ..
                        وضغط دواسة البنزين مسرعاً وهو يخشى أن يكون العقيد خلفه وفي يده مسدسه العتيق ..

                        يتبع ...
                        ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                        [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                        تعليق

                        يعمل...
                        X