رغم تواضع دكانه الطافحة، العابقة بتاريخ الفكر والأدب، إلا أنه يجلس فيها كملك عزيز، متوشح بالسكينة متعطر بالسكون، ونظارة غامقة، تمنع النظرات الحاسدة من اختراق أفكاره.
خطوات تفصله عن الصخب الذي لم يستطع إزعاج هدوءه ، أو انتزاع هيبته من نفسه ، كأنه ضرب بسد يبقي الضوضاء خارج دكانه الوادعة، التي يزورها القلة والنخبة، ويسمح للنور والحب بالدخول بلا استئذان
ولكن لماذا لا يخلع نظارته في دكانه؟ كانت تتساءل وخطاها تسرع بها إلى منزلها لتريح رأسها المتصدع من المحاضرات ، بينما تلتصق عيناها بالدكان وتبطيء خطواتها على الجهة المقابلة من الطريق
غريب..! إنه ليس هناك ! أخيرا ترك الملك مملكته ونزل عن عرشه ، ولكن أين هو؟
أغرقها الفضول، أجبرها على تفحص داخل الدكان، أثقل خطواتها وتضخم حتى كاد ينفجر بها
وفي لحظة شاردة ، وجدت كتبها تهرب من حضنها مفترشة بلاط الرصيف، وجسدها يرتد إلى الخلف قليلا، رافلا بستائر من الإرتباك
-آسف ..يا..
-لا عليك.. أنا آسفة..بكلمات مرتجفة.. وهي منكبة على الارض تلملم كتبها وانتباهها الذي بلعه شرودها وفضولها ، وتحاول طرد الزلزال الذي اجتاحها بسبب ذلك
جهزت نفسها للوقوف وهي تلقي بطرف نظرها على الواقف الذي أسقط أحلامها وأيقظها من غفلتها
بيده عصا ! يا الهي! لا بد أنه ..
هل أنت بخير يا سيدتي؟
نعم نعم.. وهي ترتفع ببطء وتحاول إخفاء ارتباكها بين كتبها وترنو ببصرها نحو الصوت الهاديء
وما أن وقفت منتصبة حتى اصابتها لطمة أخرى
إنه هو ..هو هو... الآن فهمت سبب..
إستجمعت نفسها بسرعة أشعلت الفضول مرة اخرى في أرجاء جسدها الفتي النضر
كم هو وسيم! ومؤسف لشاب في مقتبل عمره!..
شعر الشاب بسحابة تقله إلى دكانه وتجلسه على عرشه فانتابته رعشة وإحساس غريب
أما هي، فتملكتها مشاعر جذبتها يوميا إلى هذا المكان، حيث تلقي عن نفسها عناء الدراسة
تخلع عن كاهلها تعب الطريق
تُلَطف روحها الملتهبة بندى كلماته العذبة، وتُمطر عقلها بزخات شهية من الفكر والأدب
وفي هذه الأثناء كانت سهام الإعجاب تتسلل إلى قلبيهما بهدوء صاخب وحد روحهما، وغير دفة تفكير أحدهما على الاقل
جاءت ذات يوم تجر نفسها المتعبة، أجلست الجزء الحاضر منها على المقعد المجاور له، أطرقت ولم تنبس ببنت شفة ، فانطلق سيل هادر من السكون،
إستل سيفه وقطعه:
- ما بك؟ لملمي همومك وألقها خارجا
- أود لو أقتلع عقلي وأُبقيه في ثلاجة
- ماذا؟ ما الذي دفعكِ لتقولي ذلك؟
- وماذا قلت؟ متى؟
- ألا تدرين؟هل نسيت؟
- رأسي مملوء
- بماذا؟
- بك
كانت تسديدة غير متوقعة غطاها بحذر
- ولماذا يا صغيرتي الجميلة؟ هل تفكرين بي طوال الوقت؟
- جزء كبير من الوقت
- أنا مُحرج ، أشعر أني أُسبب لك التعب والقلق
أم أنك وقعت في البحر أيتها العاشقة الصغيرة ؟
قالها على سبيل الدعابة لتبديد سحب الكآبة ، فاصطدم بصخرة جواب
- هذا صحيح.. أنت تسبب لي التعب و القلق
لم يتوقعه ، لكنه حافظ على رباطة جأشه
- أنا!.. أعتذر
وماذا أفعل لكي ترتاحي
- لن أرتاح
- هل يعجبك وضعك هكذا؟
قلقة وتعبانة
- لا يعجبني طبعا
- إذا يجب أن ترتاحي مما يقض مضجعك
- لا أعرف كيف أرتاح.. منك
- هل تريدين أن ترتاحي مني؟! سهل جدا
هل أدلك على طريقة؟
- ربما لن أفتح الجوال مرة أخرى
و لن اعبر من شوارع ذكرياتنا فتعبرني وتجتاحني
ولن أنظر إلى دكانك فتأسرني وتجذبني
لن أتذكرك فتحرقني نار الشوق
- وهكذا سترتاحين!!
- لا..إنه مجرد حل..
- وهل سينفع؟
- لا أظن
- وما العمل؟
- سأذهب الآن و أعود بعد أن أفكر بحل
انتظرني
- أنا مذ عرفتك لبست الانتظار وصرت شجرته
مصطفى الصالح
26\01\2010
خطوات تفصله عن الصخب الذي لم يستطع إزعاج هدوءه ، أو انتزاع هيبته من نفسه ، كأنه ضرب بسد يبقي الضوضاء خارج دكانه الوادعة، التي يزورها القلة والنخبة، ويسمح للنور والحب بالدخول بلا استئذان
ولكن لماذا لا يخلع نظارته في دكانه؟ كانت تتساءل وخطاها تسرع بها إلى منزلها لتريح رأسها المتصدع من المحاضرات ، بينما تلتصق عيناها بالدكان وتبطيء خطواتها على الجهة المقابلة من الطريق
غريب..! إنه ليس هناك ! أخيرا ترك الملك مملكته ونزل عن عرشه ، ولكن أين هو؟
أغرقها الفضول، أجبرها على تفحص داخل الدكان، أثقل خطواتها وتضخم حتى كاد ينفجر بها
وفي لحظة شاردة ، وجدت كتبها تهرب من حضنها مفترشة بلاط الرصيف، وجسدها يرتد إلى الخلف قليلا، رافلا بستائر من الإرتباك
-آسف ..يا..
-لا عليك.. أنا آسفة..بكلمات مرتجفة.. وهي منكبة على الارض تلملم كتبها وانتباهها الذي بلعه شرودها وفضولها ، وتحاول طرد الزلزال الذي اجتاحها بسبب ذلك
جهزت نفسها للوقوف وهي تلقي بطرف نظرها على الواقف الذي أسقط أحلامها وأيقظها من غفلتها
بيده عصا ! يا الهي! لا بد أنه ..
هل أنت بخير يا سيدتي؟
نعم نعم.. وهي ترتفع ببطء وتحاول إخفاء ارتباكها بين كتبها وترنو ببصرها نحو الصوت الهاديء
وما أن وقفت منتصبة حتى اصابتها لطمة أخرى
إنه هو ..هو هو... الآن فهمت سبب..
إستجمعت نفسها بسرعة أشعلت الفضول مرة اخرى في أرجاء جسدها الفتي النضر
كم هو وسيم! ومؤسف لشاب في مقتبل عمره!..
شعر الشاب بسحابة تقله إلى دكانه وتجلسه على عرشه فانتابته رعشة وإحساس غريب
أما هي، فتملكتها مشاعر جذبتها يوميا إلى هذا المكان، حيث تلقي عن نفسها عناء الدراسة
تخلع عن كاهلها تعب الطريق
تُلَطف روحها الملتهبة بندى كلماته العذبة، وتُمطر عقلها بزخات شهية من الفكر والأدب
وفي هذه الأثناء كانت سهام الإعجاب تتسلل إلى قلبيهما بهدوء صاخب وحد روحهما، وغير دفة تفكير أحدهما على الاقل
جاءت ذات يوم تجر نفسها المتعبة، أجلست الجزء الحاضر منها على المقعد المجاور له، أطرقت ولم تنبس ببنت شفة ، فانطلق سيل هادر من السكون،
إستل سيفه وقطعه:
- ما بك؟ لملمي همومك وألقها خارجا
- أود لو أقتلع عقلي وأُبقيه في ثلاجة
- ماذا؟ ما الذي دفعكِ لتقولي ذلك؟
- وماذا قلت؟ متى؟
- ألا تدرين؟هل نسيت؟
- رأسي مملوء
- بماذا؟
- بك
كانت تسديدة غير متوقعة غطاها بحذر
- ولماذا يا صغيرتي الجميلة؟ هل تفكرين بي طوال الوقت؟
- جزء كبير من الوقت
- أنا مُحرج ، أشعر أني أُسبب لك التعب والقلق
أم أنك وقعت في البحر أيتها العاشقة الصغيرة ؟
قالها على سبيل الدعابة لتبديد سحب الكآبة ، فاصطدم بصخرة جواب
- هذا صحيح.. أنت تسبب لي التعب و القلق
لم يتوقعه ، لكنه حافظ على رباطة جأشه
- أنا!.. أعتذر
وماذا أفعل لكي ترتاحي
- لن أرتاح
- هل يعجبك وضعك هكذا؟
قلقة وتعبانة
- لا يعجبني طبعا
- إذا يجب أن ترتاحي مما يقض مضجعك
- لا أعرف كيف أرتاح.. منك
- هل تريدين أن ترتاحي مني؟! سهل جدا
هل أدلك على طريقة؟
- ربما لن أفتح الجوال مرة أخرى
و لن اعبر من شوارع ذكرياتنا فتعبرني وتجتاحني
ولن أنظر إلى دكانك فتأسرني وتجذبني
لن أتذكرك فتحرقني نار الشوق
- وهكذا سترتاحين!!
- لا..إنه مجرد حل..
- وهل سينفع؟
- لا أظن
- وما العمل؟
- سأذهب الآن و أعود بعد أن أفكر بحل
انتظرني
- أنا مذ عرفتك لبست الانتظار وصرت شجرته
مصطفى الصالح
26\01\2010
تعليق