القطار والسيارة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د. توفيق حلمي
    أديب وكاتب
    • 16-05-2007
    • 864

    القطار والسيارة

    لم يكن أمامه سوى أن يعتمد بيده على المقعد حتى لا يسقط على الأرض ، فقد باغتته المفاجأة بحيث لم تعد قدماه تقويان على حمله. وراح وهو يحاول الجلوس يجاهد صعوبة التنفس ، وكأن الهواء قد امتنع عليه ليخرجه من تلك الحياة بما فيها من غدر وغيله.
    وليس يقتل الرجل قدر طعنة الظهر ، والتي تسددها يد كان قد ائتمنها ، ولم يحسب لغدرها حساباً ، أو التفت لاحتمالات الخيانة. وقد يحتمل ذلك من تعود عليه ؛ فتعينه الخبرة على الحدث ، أو من لديه القدرة على مواجهة مباغتة اللامنطق واللامعقول، وهو لا يشقى بمشاعر الغضب بقدر ما تختلط داخله مشاعر التساؤل والتعجب وعدم التصديق ، مما أقدمت عليه تلك النفس التي استهدفته وأعملت فيه خنجرها المسموم بالخسة والسقوط.
    وربما استطاع أن يلملم شتات نفسه ، ويجمع ما تبقى منها ، ليفرغ بعد حين إلى العقل يحاوره ، فهل يضطره ما أصابه إلى أن يعيد النظر في منهجه في الحياة ، ويسلك سبيلاً غيره ، يسير فيه كما يسير الناس ، ويغض بصره عما التزم به من مُطلق لا يُغيره المردود ، فيبدل قطاره المنطلق بما تحدده له القضبان بثباتها ، بسيارة لها القدرة على المناورة في طرق متغيره الاتساع والانحناء والوجهة ؟!
    لكن عقله لا يستسيغ ذلك ، ويضجر من مسألة طرح الحوار نفسه ، ويعاتب النفس عليه ، فكيف تهتز هكذا أمام التحديات إلى درجة أن تروادها فكرة الترجل عن كريم فرسها، فتهجره إلى المسير على الأرض، تتخبط في مسالكها، وتكبو في حفرها ، وتتصدع من وعورتها.
    ويهدأ بعد قليل من الوقت رغم أنه لم يكن يظن ذلك ، ويقف على قدميه فتحملانه بقوة لم يعهدها فيها من قبل ، ويتجه إلى غرفة المكتبة ثابت الخطى ، ويمد يده إلى كتاب لم يزره منذ سنوات، ليقرأ فيه وحي القلم، يحاور الأستاذ.

  • سهير الشريم
    زهرة تشرين
    • 21-11-2009
    • 2142

    #2
    محاورة النفس وشعور بالضيق ومن ثم عدم تصديق .. وأشد ما يؤلم الرجل هو الطعن بالظهر .
    عبارة استوقفتني كثيرا ليس فقط الآن ولكن منذ أول طعنة تلقيتها .. يقولون إذا طُعنت من الظهر فلا تحزن لأن يذلك يعني أنك ما زلت بالمقدمة .
    فهل الحزن هو من غدر الطعنة أم من غدر الطاعن .. أقول بعد قرائتي لهذه الرسالة ما الطعن الا احتراف الغادرون .. وليس ببعيد عن أي نفسي بشرية مريضة لا تتقن فن الصدق .
    كنت قد اقتنعت أنني في المقدمة ولكن هذا لم يؤازرني لأن الألم لم يكن مصدره هناا بمن بالمقدمة ولكن الألم بعدم التصديق كيف تمتد تلك اليد وتقوى على الطعن

    الكاتب القدير / د. توفيق حلمي

    هي الحياة ومفارقاتها الغريبة .. وما بين قصص الطعن والغدر الآلآف الروايات التي تدفنها الصدور ..
    كأنت ... مقصلة الرقي دوما..
    تحياتي لك

    كنت هنااا وزهر

    تعليق

    • د. توفيق حلمي
      أديب وكاتب
      • 16-05-2007
      • 864

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة سهير الشريم مشاهدة المشاركة
      محاورة النفس وشعور بالضيق ومن ثم عدم تصديق .. وأشد ما يؤلم الرجل هو الطعن بالظهر .
      عبارة استوقفتني كثيرا ليس فقط الآن ولكن منذ أول طعنة تلقيتها .. يقولون إذا طُعنت من الظهر فلا تحزن لأن يذلك يعني أنك ما زلت بالمقدمة .
      فهل الحزن هو من غدر الطعنة أم من غدر الطاعن .. أقول بعد قرائتي لهذه الرسالة ما الطعن الا احتراف الغادرون .. وليس ببعيد عن أي نفسي بشرية مريضة لا تتقن فن الصدق .
      كنت قد اقتنعت أنني في المقدمة ولكن هذا لم يؤازرني لأن الألم لم يكن مصدره هناا بمن بالمقدمة ولكن الألم بعدم التصديق كيف تمتد تلك اليد وتقوى على الطعن

      الكاتب القدير / د. توفيق حلمي

      هي الحياة ومفارقاتها الغريبة .. وما بين قصص الطعن والغدر الآلآف الروايات التي تدفنها الصدور ..
      كأنت ... مقصلة الرقي دوما..
      تحياتي لك

      كنت هنااا وزهر
      الأستاذة الفاضلة الأديبة / سهير الشريم
      تعودت منك عميق المداخلة بما فيها من تدقيق وفهم وأسلوب أدبي وفكري رفيع ، بما يجعلني أغبطك على شمولية قلمك السامق.
      الألم يكون من غدر الطاعن وليس من غدر الطعنة ، فأي طعنة يبرؤها الزمن ، أم الطاعن فقد أسفر عن خلاق الغدر بما لا يشفيه شيء. والألم أيضاً يكون في الإحساس بفقد من كان مؤتمناً وضمه لصفحة الغدر.
      أسعد دائماً بحلولك البهي بعطره وشذاه.
      تقدير واحترام يرقيان للمقام

      تعليق

      • محمد محقق
        أديب وكاتب
        • 28-11-2009
        • 181

        #4
        قصة جميلة تترجم ماوصل إليه قلب الحاقد/ة من الحسد والضغينة التي يكنها لمن هو اقرب إليه لسبب أنه أحسن منه

        تعليق

        • د. توفيق حلمي
          أديب وكاتب
          • 16-05-2007
          • 864

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد محقق مشاهدة المشاركة
          قصة جميلة تترجم ماوصل إليه قلب الحاقد/ة من الحسد والضغينة التي يكنها لمن هو اقرب إليه لسبب أنه أحسن منه
          الأستاذ الفاضل / محمد محقق
          نعم أخي الفاضل ، الحقد والحسد والضغينة هي من أسباب ذلك ، ولكنها ليست كل الأسباب ، فكم في الحياة مما لا يخطر على بال دون مسببات.
          سعدت بمرورك العبق
          تقبل التقدير والاحترام وخالص الود

          تعليق

          • يسري راغب
            أديب وكاتب
            • 22-07-2008
            • 6247

            #6
            دكتور توفيق الموقر
            احترامي
            وكل التقدير لرسالة من الوجدان الى الذات عبر رحلة قصصية رائعة المقام والمقال مابين راكب القطار على خط مستقيم ينتظر على محطات ومابين سيارة يستطيع قائدها الوصول الى هدفه النبيل في وقت يختصر فيه مرات الانتظار عبر محطات يتوقف فيها القطار
            الانسان ولعبة الزمن في روعة قصة تبحث عن طريق الامان والاستقرار
            سامق الكلمات باذخ المفردات مبدع بكل الاتجاهات
            اشتاقت اليك عقولنا وقلوبنا
            دمت سالما منعما وغانما مكرما

            تعليق

            يعمل...
            X