حوار وأجندة
----------------
----------------
• نوفمبر 1977 :
كان اللقاء في محطة الغربة .. بعيدا عن نسمات البحر الأبيض .. ضمن الرحيل المادي من نقطة إلى أخرى فى الوطن الكبير الممتد من المحيط إلى الخليج .. وخيوط الحزن مرسومة على الوجه , وانكسار الزمن في زوايا حادة تصنع الوهم في لقاء عبر نفسه بالحاجة إلى شاطئ ترسو عليه دفة الحنان والمودة ..
مارس 1979م
ظلت العيون الذابلة تتحاور في لقاء يومي .. تستمد من بعضها مرافئ الأمان والمحبة برومانسية وشفافية وألفة .. لا تحمل في طياتها أكثر من معاني الأخوة .
بمرور الزمن ولدوا في أماكن مختلفة , ونشأوا في بيوت ليس لها عنوان موحد , لأن أكثر من أم واحدة , هي التي خرجت بهم إلى هذه الدنيا , فكانت الأخوة كلمة .. وليس دما .
يونيه 1982م
كان الاعتراف بأن اللقاء على الأخوة لا يكفي .. وليس مطلبا للأحبة , ولا بد من ممارسات تحول الكلمة إلى فعل يعلن عن نفسه بتحرير العواطف الإنسانية , وتفجيرها إلى قصة تعيش في الذاكرة دوما .. كما عاشت قصص قيس وليلى .. وعنترة بن شداد , مع ابنة عمه عبلة .
اغسطس 1982م
لم يكن سهلا على العينين الملونتين الذابلتين التحول بسرعة من أحاسيس الأخوة إلى مشاعر عاطفية مختلفة تضرب عرض الحائط بقيم أفلاطونية .
نوفمبر 1983
كان من الصعب على العينين السمراويتين القلقتين التفكير في مستقبل يحرم فيه من الجنة الخضراء , التي عاش معها حلمه الطبيعي في حياة آمنة مستقرة , ترفرف عليها الملائكة بأجنحة السعادة والمحبة .
ديسمبر 1987
تقدمت العيون السمراء بكل ما تملكه من إمكانيات دنيوية إلى الجنة الخضراء تطلب الحياة فيها .
نوفمبر 1988
قالت الجنة الخضراء : أنا الجنة الخضراء .. فمن أنت ؟
فرد عليها بلهجة الراهب المتصرف :
سعيت إليك .. أطرق كل أبوابك : حرمت نفسي من كل المتع سواك , وعشت طوال اعوامي ناسكا متعبدا لحماك .. لا أريد شيئا غير رضاك , ولا أمني نفسي بغير هواك .
فقالت الجنة الخضراء بذكاء وثقة .
ولكنني الجنة التي يتمناها ألف شخص وشخص سواك , وكل منهم كان ناسكا متعبدا على طريقته .. وعلى هواه .. فماذا فعلت لتكون الأمثل فيهم والأفضل بينهم لامتلاكي
فنظر إليها باستعطاف وقال :
أنا الذي أسألك أين مكاني في جنتك الخضراء ؟
فقالت بحزم وقوة :
أنت الأقرب .. بوفائك .. بحبك وإخلاصك .. بتصوفك .. بحنانك لكنك الأضعف , وأنا لا يسكنني الضعفاء .. أميل إلى الأقوياء دوما .. وتلك هي مشكلتك .. تريد مني استقرارا .. وأنا أريد منك أمنا واطمئنانا , وكل ما فعلته من أجلي يسعدني ويشقيني في آن واحد , فإذا كانت سعادتي في أمانتك لا حد لها .. فإن شقائي في ضعفك لا حد له .. وأنت تعلم بإيمانك أن الجنة ومفاتيحها للقوي الآمين , أم نسيت هذا ؟
اغسطس 1990
كان الهروب ملجأه وملاذه الأخير , وهو يفشل في أن يكون القوي الأمين الذي يستحق الجنة الخضراء عن غيره . وأعتقد أن قربه من الجنة سيزيده ضعفا على ضعفه , لو وضع في اعتباره أن يحارب من أجل الحياة فيها .. ولم يعرف إلا متأخرا أن الهروب دائما لعبة الجبناء الضعفاء .. وإن القوة في مواجهة الحياة بإرادة حية تعيش مع المؤمن الحقيقي حتى يتحقق له هدفه مهما كان صعبا .. بعيد المنال .
مارس 1991م
كان الكل من حوله يسعي إلى الجنة الخضراء .. هو يراقب ويتابع ولا يريد أن ينافس أحدا على الاقتراب منها .. وعاش لضعفه وهو يكتم في قلبه إيمانا عميقا بالجنة الخضراء .. إيمانا لم يتزعزع رغم هروبه وابتعاده .. واكتفى بلوم نفسه التي خلقت في زمان التنافس المادي الذي لا يفهم في قواميسه .. وكأنه بضعفه يريد أن يحمل الخالق السر في خلقه .. والعياذ بالله من هذا , فاحكم الخالق قبضته على هذا الضعيف , وجعله يشعر بأن الهروب إلى الجنة الخضراء هو الضعف ذاته , فجلس يناجي ربه طالبا الرحمة .. وهو لا يعلم أن الله منحة فرصة الحياة في جنة خضراء على الأرض وهو الذي كفر بالجنة وابتعد عنها .. فما الذي يريده في الدار الآخرة ؟
أليست جنة خضراء أيضا ؟ وهل هو قادر على شروط الحياة فيها ؟
يجب أن يراجع نفسه ويعيد حساباته وينتصر على شياطين ضعفه بإيمان قوي وليس بالإيمان الجيد فقط .
سبتمبر 1991م
اختط لنفسه طريقا يجيد فيه استعمال مواهبه , وبقوة إيمانه حقق سبقا على غيره في زمن قياسي , فداخله الغرور والكبرياء .. والمؤمن لا يكون متكبرا متعجرفا , فسقط مرة أخرى في امتحان الإيمان , وتهاوى ضعيفا أمام صدمة قابلته في الحياة , ونسي قوة الإيمان وهو يقول للعلي القدير مناجيا :
هذا زمان الذئاب .. ولا أستطيع أن أكون ذئبا , وأنا الحمل الوديع , خانتني الأقدار .. وغدرت بي الدنيا قبل أصل إلى مرافئ النجاح فأصبحت يتيما .. تزوجت عاقرا . واغتال جنتي الخضراء ألف من الذئاب في مرحلة البعاد .
سبتمبر 1993
كفر بالأشياء , حطم المبادئ والمثل , عاقر الشيطان , هرب إلى الملذات واعتقد أنه بالكفر أصبح من الأقوياء .. وهزأ بالجنة الخضراء .
بكل حزن وأسى التقته الجنة الخضراء قائلة له :
للمرة الثانية تلجأ إلى عادة الهروب , وتكون ضعيفا .
فقال لها :
أريد أن أثبت لك قوتي .
فقالت له بوداعة :
لكنني الجنة الخضراء .
فقال بأسى:
لا يدخل الجنة الخضراء العصاة ..
فقالت :
أنت الذي سمحت للعصاة بالتعدي على جنتك .. رأيتهم يهجمون عليها ولم تدافع عنها تدافع كما يجب .
مايو 1994م
سأبحث عن مؤمن غيرك .. قالتها الجنة الخضراء .
فقال بثقة :
إذا كنت الجنة الخضراء حقيقة , فسوف تهتدي إلى المؤمن الذي يستحق جمالك أكثر مني .
فقالت الجنة الخضراء :
وهل تظن أنه لا يوجد مؤمن سواك ؟
فقال باستعطاف :
ساعديني لأغير معك قوة الإيمان .
فقالت الجنة الخضراء :
أنت تعرف طريقك , فأعبره ولا تلجا لي بضعفك .
فقال بانكسار :
أخاف على نفسي من العصيان في هذا الزمان .
فقالت الجنة الخضراء :
المؤمن يعرف طريق الخطأ ويعرف طريق الصواب وينتصر على نفسه دائما .. إذا ما انتصر على الذئاب بقوة الإيمان .
• يناير 1999م
عاد إلى الجنة الخضراء بالعصيان , فثارت في وجهه وقلبت الدنيا على رأسه وقالت له : أين إيمانك ؟
فقال لها :
القوة في العصيان .. جربت أن أكون قويا فخانتني صراحتي .. ووقف في وجهي الطغاة .. وهزمتني أساليبهم .. وهم يتلونون في الحياة كما تتلون الحرباء .. ويتلوون كما تتلوى الأفعى ذات الأنياب .
فقالت الجنة الخضراء :
أثبت على موقفك .. كن قويا بالإيمان , وحارب العصاة بأسلوبهم .. اقض عليهم بإيمانك .. والله سيحفظك من شرورهم وينصرك عليهم !!
كان اللقاء في محطة الغربة .. بعيدا عن نسمات البحر الأبيض .. ضمن الرحيل المادي من نقطة إلى أخرى فى الوطن الكبير الممتد من المحيط إلى الخليج .. وخيوط الحزن مرسومة على الوجه , وانكسار الزمن في زوايا حادة تصنع الوهم في لقاء عبر نفسه بالحاجة إلى شاطئ ترسو عليه دفة الحنان والمودة ..
مارس 1979م
ظلت العيون الذابلة تتحاور في لقاء يومي .. تستمد من بعضها مرافئ الأمان والمحبة برومانسية وشفافية وألفة .. لا تحمل في طياتها أكثر من معاني الأخوة .
بمرور الزمن ولدوا في أماكن مختلفة , ونشأوا في بيوت ليس لها عنوان موحد , لأن أكثر من أم واحدة , هي التي خرجت بهم إلى هذه الدنيا , فكانت الأخوة كلمة .. وليس دما .
يونيه 1982م
كان الاعتراف بأن اللقاء على الأخوة لا يكفي .. وليس مطلبا للأحبة , ولا بد من ممارسات تحول الكلمة إلى فعل يعلن عن نفسه بتحرير العواطف الإنسانية , وتفجيرها إلى قصة تعيش في الذاكرة دوما .. كما عاشت قصص قيس وليلى .. وعنترة بن شداد , مع ابنة عمه عبلة .
اغسطس 1982م
لم يكن سهلا على العينين الملونتين الذابلتين التحول بسرعة من أحاسيس الأخوة إلى مشاعر عاطفية مختلفة تضرب عرض الحائط بقيم أفلاطونية .
نوفمبر 1983
كان من الصعب على العينين السمراويتين القلقتين التفكير في مستقبل يحرم فيه من الجنة الخضراء , التي عاش معها حلمه الطبيعي في حياة آمنة مستقرة , ترفرف عليها الملائكة بأجنحة السعادة والمحبة .
ديسمبر 1987
تقدمت العيون السمراء بكل ما تملكه من إمكانيات دنيوية إلى الجنة الخضراء تطلب الحياة فيها .
نوفمبر 1988
قالت الجنة الخضراء : أنا الجنة الخضراء .. فمن أنت ؟
فرد عليها بلهجة الراهب المتصرف :
سعيت إليك .. أطرق كل أبوابك : حرمت نفسي من كل المتع سواك , وعشت طوال اعوامي ناسكا متعبدا لحماك .. لا أريد شيئا غير رضاك , ولا أمني نفسي بغير هواك .
فقالت الجنة الخضراء بذكاء وثقة .
ولكنني الجنة التي يتمناها ألف شخص وشخص سواك , وكل منهم كان ناسكا متعبدا على طريقته .. وعلى هواه .. فماذا فعلت لتكون الأمثل فيهم والأفضل بينهم لامتلاكي
فنظر إليها باستعطاف وقال :
أنا الذي أسألك أين مكاني في جنتك الخضراء ؟
فقالت بحزم وقوة :
أنت الأقرب .. بوفائك .. بحبك وإخلاصك .. بتصوفك .. بحنانك لكنك الأضعف , وأنا لا يسكنني الضعفاء .. أميل إلى الأقوياء دوما .. وتلك هي مشكلتك .. تريد مني استقرارا .. وأنا أريد منك أمنا واطمئنانا , وكل ما فعلته من أجلي يسعدني ويشقيني في آن واحد , فإذا كانت سعادتي في أمانتك لا حد لها .. فإن شقائي في ضعفك لا حد له .. وأنت تعلم بإيمانك أن الجنة ومفاتيحها للقوي الآمين , أم نسيت هذا ؟
اغسطس 1990
كان الهروب ملجأه وملاذه الأخير , وهو يفشل في أن يكون القوي الأمين الذي يستحق الجنة الخضراء عن غيره . وأعتقد أن قربه من الجنة سيزيده ضعفا على ضعفه , لو وضع في اعتباره أن يحارب من أجل الحياة فيها .. ولم يعرف إلا متأخرا أن الهروب دائما لعبة الجبناء الضعفاء .. وإن القوة في مواجهة الحياة بإرادة حية تعيش مع المؤمن الحقيقي حتى يتحقق له هدفه مهما كان صعبا .. بعيد المنال .
مارس 1991م
كان الكل من حوله يسعي إلى الجنة الخضراء .. هو يراقب ويتابع ولا يريد أن ينافس أحدا على الاقتراب منها .. وعاش لضعفه وهو يكتم في قلبه إيمانا عميقا بالجنة الخضراء .. إيمانا لم يتزعزع رغم هروبه وابتعاده .. واكتفى بلوم نفسه التي خلقت في زمان التنافس المادي الذي لا يفهم في قواميسه .. وكأنه بضعفه يريد أن يحمل الخالق السر في خلقه .. والعياذ بالله من هذا , فاحكم الخالق قبضته على هذا الضعيف , وجعله يشعر بأن الهروب إلى الجنة الخضراء هو الضعف ذاته , فجلس يناجي ربه طالبا الرحمة .. وهو لا يعلم أن الله منحة فرصة الحياة في جنة خضراء على الأرض وهو الذي كفر بالجنة وابتعد عنها .. فما الذي يريده في الدار الآخرة ؟
أليست جنة خضراء أيضا ؟ وهل هو قادر على شروط الحياة فيها ؟
يجب أن يراجع نفسه ويعيد حساباته وينتصر على شياطين ضعفه بإيمان قوي وليس بالإيمان الجيد فقط .
سبتمبر 1991م
اختط لنفسه طريقا يجيد فيه استعمال مواهبه , وبقوة إيمانه حقق سبقا على غيره في زمن قياسي , فداخله الغرور والكبرياء .. والمؤمن لا يكون متكبرا متعجرفا , فسقط مرة أخرى في امتحان الإيمان , وتهاوى ضعيفا أمام صدمة قابلته في الحياة , ونسي قوة الإيمان وهو يقول للعلي القدير مناجيا :
هذا زمان الذئاب .. ولا أستطيع أن أكون ذئبا , وأنا الحمل الوديع , خانتني الأقدار .. وغدرت بي الدنيا قبل أصل إلى مرافئ النجاح فأصبحت يتيما .. تزوجت عاقرا . واغتال جنتي الخضراء ألف من الذئاب في مرحلة البعاد .
سبتمبر 1993
كفر بالأشياء , حطم المبادئ والمثل , عاقر الشيطان , هرب إلى الملذات واعتقد أنه بالكفر أصبح من الأقوياء .. وهزأ بالجنة الخضراء .
بكل حزن وأسى التقته الجنة الخضراء قائلة له :
للمرة الثانية تلجأ إلى عادة الهروب , وتكون ضعيفا .
فقال لها :
أريد أن أثبت لك قوتي .
فقالت له بوداعة :
لكنني الجنة الخضراء .
فقال بأسى:
لا يدخل الجنة الخضراء العصاة ..
فقالت :
أنت الذي سمحت للعصاة بالتعدي على جنتك .. رأيتهم يهجمون عليها ولم تدافع عنها تدافع كما يجب .
مايو 1994م
سأبحث عن مؤمن غيرك .. قالتها الجنة الخضراء .
فقال بثقة :
إذا كنت الجنة الخضراء حقيقة , فسوف تهتدي إلى المؤمن الذي يستحق جمالك أكثر مني .
فقالت الجنة الخضراء :
وهل تظن أنه لا يوجد مؤمن سواك ؟
فقال باستعطاف :
ساعديني لأغير معك قوة الإيمان .
فقالت الجنة الخضراء :
أنت تعرف طريقك , فأعبره ولا تلجا لي بضعفك .
فقال بانكسار :
أخاف على نفسي من العصيان في هذا الزمان .
فقالت الجنة الخضراء :
المؤمن يعرف طريق الخطأ ويعرف طريق الصواب وينتصر على نفسه دائما .. إذا ما انتصر على الذئاب بقوة الإيمان .
• يناير 1999م
عاد إلى الجنة الخضراء بالعصيان , فثارت في وجهه وقلبت الدنيا على رأسه وقالت له : أين إيمانك ؟
فقال لها :
القوة في العصيان .. جربت أن أكون قويا فخانتني صراحتي .. ووقف في وجهي الطغاة .. وهزمتني أساليبهم .. وهم يتلونون في الحياة كما تتلون الحرباء .. ويتلوون كما تتلوى الأفعى ذات الأنياب .
فقالت الجنة الخضراء :
أثبت على موقفك .. كن قويا بالإيمان , وحارب العصاة بأسلوبهم .. اقض عليهم بإيمانك .. والله سيحفظك من شرورهم وينصرك عليهم !!
تعليق