في ليلة الأول من نوفمبر 1954 انطلقت أول رصاصة
لتبدأ في تدوين نهاية الاحتلال الفرنسي البشع للجزائر...
احتلال دام أكثر من قرن وربع قرن من الزمان...
كانت ليلة طويلة جدّا لكنّها انبلجت أخيرا عن فجر استقلال
في الخامس من جويلية 1962...
انبلاج فجر
زحفَ الظلامُ على المدينة ينشرُ الصَّمتَ الرَّهيبْ
فخلتْ شوارعُها وأقفرَتِ المسالكُ والدُّروبْ..
لا شيءَ يسمعُ غيرُ وقعِ خُطى العساكرِ والنُّباحْ ...
وبكاءِ أطفالٍ جيّاعْ..
لاذوا المساءَ بجذعِ أرملةٍ عجوزْ
نخرتهُ أنَّاتُ الجراحْ..
فأتتْ على ما خلفتهُ به أعاصيرُ المشيبْ..
قالت سعادُ لأمِّها ...
الليلُ مقبرةُ المخاوفِ والظنونْ
أنا لا أحبُّ الليل يا أمِّي فظلمتهُ سجونْ..
أمِّي متى يأتي الصّباحْ
أنا لست أرغبُ في المنامْ
قُومي أعدِّي لنا الطعامْ
أمِّي أعدِّي لنا الطعامْ
وعلا صراخُ سعادَ يخترقُ الظلامْ...
*********
وكناقةٍ عَجفَا تميدُ من الهزالْ
دنتِ العجوزُ تقبِّل الخدَّ المبلَّلَ بالدُّموعْ..
وتضُمُّ قفْصًا من ضلوعْ
كي لا يمزِّقهُ السُّعالْ
وتقول كفِّي يا سعادْ
وَقعُ العساكرِ في ازديّادْ
كفِّي سعادُ عن البكاءْ
وسأحضر التوَّ العشاءْ...
ربَّاهْ..
ربَّاهُ.. ماذا سوفَ تحضرُ زوجُ أحمدَ من طعامْ..
وهْيَ التي لم تطهِ في قدرٍ طعامًا منذُ عامْ
ومضتْ تفتِّش في المخابئ والرُّفوفْ..
عن شبهِ قدرٍ قد تآكل بالصَّدأ
*******
وإذا صراخُ البنتِ يعلو من جديدْ...
ويهزُّ أستارَ السّكونْ
أمَّاهُ قد دخلَ البُغاةْ
أمَّاهُ قد عبروا الجدارْ
أمَّاهُ هدُّوا بابَ منزلِنا القديمْ..
أمَّاهُ قد نهقَ الحمارْ
مسكينُ قد قتلوهُ رميًا بالرَّصاصْ
ماذا جنَى؟ ماذنبهُ كي يقتلوهْ؟
أمَّاهُ كيفَ نزورُ بعدَ اليوم والدَنا هناكْ؟..
في قمَّةِ الجبلِ العظيمْ
أمَّاهُ كيفْ؟..
أمَّاهُ كيفْ؟..
كيفْ؟...كيفْ؟...كيفْ؟......
وهوَى صراخُ سعادَ في بحرِ اللّعابْ
يغوصُ يخنقهُ البكاءْ
*******
وتقدَّم العونُ المكلّفُ بالعصاةْ
يَرغو ويُزبدُ كالبعيرْ..
أين المسمَّى أحمدُ النجَّارُ أيَّتها العجوزْ؟؟..
رُدِّي فإنِّي لست أحتمِلُ الأناةْ...
أو ألحقنَّكِ بالحمارْ..
قالتْ مضَى عامٌ عليه ولا نراهْ...
فهوَى على الجسدِ النَّحيفِ يُذيقهُ طعمَ السِّياطْ..
ويفكُّ ما أبقَى طوَى عامٍ عصيبٍ من عُراهْ..
قولي الحقيقةَ يا عجوزَ النَّحسِ أو ستمزَّقينْ...
فاليوم لا يُجدي النكيرْ..
صرَخت وقالت ليس يُرهبني رُغاؤكَ يا حقيرْ!!...
إذهبْ إليه فإنَّه خلفَ التِّلالْ..
بَعْلي يقيمُ هناك في قِممِ الجبالْ..
وإذا عدوُّ الله يهذِي كالصَّريعْ
ويريدُ إنهاءَ الجدالْ..
برصاصةٍ رَعناءَ تخترقُ الفؤادْ..
عيناهُ لا تتحمَّلانِ وقلبُه شبحَ العنادْ...
*******
وإذا بصوتٍ خلفَ بابِ البيتِ قد بهرَ الجميعْ..
الله أكبرُ باسمكَ اللَّهم نفتتحُ الجهادْ...
رَدِفتهُ طلقاتٌ أطاحتْ بالعساكرِ أجمعينْ..
وإذا بنورِ البيتِ يسطعُ من جديدْ...
وسعادُ تهتفُ بالنّشيدْ..
أمَّاهُ عادَ أبي يُرافقهُ الضِّياءْ..
تحيا الجزائرُ حرَّةً..
والمجدُ كلّ المجدِ للشهداءِ أبطالِ الفداءْ...
لتبدأ في تدوين نهاية الاحتلال الفرنسي البشع للجزائر...
احتلال دام أكثر من قرن وربع قرن من الزمان...
كانت ليلة طويلة جدّا لكنّها انبلجت أخيرا عن فجر استقلال
في الخامس من جويلية 1962...
انبلاج فجر
زحفَ الظلامُ على المدينة ينشرُ الصَّمتَ الرَّهيبْ
فخلتْ شوارعُها وأقفرَتِ المسالكُ والدُّروبْ..
لا شيءَ يسمعُ غيرُ وقعِ خُطى العساكرِ والنُّباحْ ...
وبكاءِ أطفالٍ جيّاعْ..
لاذوا المساءَ بجذعِ أرملةٍ عجوزْ
نخرتهُ أنَّاتُ الجراحْ..
فأتتْ على ما خلفتهُ به أعاصيرُ المشيبْ..
قالت سعادُ لأمِّها ...
الليلُ مقبرةُ المخاوفِ والظنونْ
أنا لا أحبُّ الليل يا أمِّي فظلمتهُ سجونْ..
أمِّي متى يأتي الصّباحْ
أنا لست أرغبُ في المنامْ
قُومي أعدِّي لنا الطعامْ
أمِّي أعدِّي لنا الطعامْ
وعلا صراخُ سعادَ يخترقُ الظلامْ...
*********
وكناقةٍ عَجفَا تميدُ من الهزالْ
دنتِ العجوزُ تقبِّل الخدَّ المبلَّلَ بالدُّموعْ..
وتضُمُّ قفْصًا من ضلوعْ
كي لا يمزِّقهُ السُّعالْ
وتقول كفِّي يا سعادْ
وَقعُ العساكرِ في ازديّادْ
كفِّي سعادُ عن البكاءْ
وسأحضر التوَّ العشاءْ...
ربَّاهْ..
ربَّاهُ.. ماذا سوفَ تحضرُ زوجُ أحمدَ من طعامْ..
وهْيَ التي لم تطهِ في قدرٍ طعامًا منذُ عامْ
ومضتْ تفتِّش في المخابئ والرُّفوفْ..
عن شبهِ قدرٍ قد تآكل بالصَّدأ
*******
وإذا صراخُ البنتِ يعلو من جديدْ...
ويهزُّ أستارَ السّكونْ
أمَّاهُ قد دخلَ البُغاةْ
أمَّاهُ قد عبروا الجدارْ
أمَّاهُ هدُّوا بابَ منزلِنا القديمْ..
أمَّاهُ قد نهقَ الحمارْ
مسكينُ قد قتلوهُ رميًا بالرَّصاصْ
ماذا جنَى؟ ماذنبهُ كي يقتلوهْ؟
أمَّاهُ كيفَ نزورُ بعدَ اليوم والدَنا هناكْ؟..
في قمَّةِ الجبلِ العظيمْ
أمَّاهُ كيفْ؟..
أمَّاهُ كيفْ؟..
كيفْ؟...كيفْ؟...كيفْ؟......
وهوَى صراخُ سعادَ في بحرِ اللّعابْ
يغوصُ يخنقهُ البكاءْ
*******
وتقدَّم العونُ المكلّفُ بالعصاةْ
يَرغو ويُزبدُ كالبعيرْ..
أين المسمَّى أحمدُ النجَّارُ أيَّتها العجوزْ؟؟..
رُدِّي فإنِّي لست أحتمِلُ الأناةْ...
أو ألحقنَّكِ بالحمارْ..
قالتْ مضَى عامٌ عليه ولا نراهْ...
فهوَى على الجسدِ النَّحيفِ يُذيقهُ طعمَ السِّياطْ..
ويفكُّ ما أبقَى طوَى عامٍ عصيبٍ من عُراهْ..
قولي الحقيقةَ يا عجوزَ النَّحسِ أو ستمزَّقينْ...
فاليوم لا يُجدي النكيرْ..
صرَخت وقالت ليس يُرهبني رُغاؤكَ يا حقيرْ!!...
إذهبْ إليه فإنَّه خلفَ التِّلالْ..
بَعْلي يقيمُ هناك في قِممِ الجبالْ..
وإذا عدوُّ الله يهذِي كالصَّريعْ
ويريدُ إنهاءَ الجدالْ..
برصاصةٍ رَعناءَ تخترقُ الفؤادْ..
عيناهُ لا تتحمَّلانِ وقلبُه شبحَ العنادْ...
*******
وإذا بصوتٍ خلفَ بابِ البيتِ قد بهرَ الجميعْ..
الله أكبرُ باسمكَ اللَّهم نفتتحُ الجهادْ...
رَدِفتهُ طلقاتٌ أطاحتْ بالعساكرِ أجمعينْ..
وإذا بنورِ البيتِ يسطعُ من جديدْ...
وسعادُ تهتفُ بالنّشيدْ..
أمَّاهُ عادَ أبي يُرافقهُ الضِّياءْ..
تحيا الجزائرُ حرَّةً..
والمجدُ كلّ المجدِ للشهداءِ أبطالِ الفداءْ...
تعليق