( هذه القصة الثانية التي أخرجها من دفاتري القديمة أيام الثانوية..غيّرتُ فيها و صحّحتُ بعض الأخطاء ..هي بين أيديكم للنقد )
" ليس هناك ما هو جميل ٌ أو قبيح و إنما تفكيرك هو الذي يصوّر لك احدهما "
و انهزمَ الشيطان..
حدّقتُ في المرآة بذهول كأنني أرى وجهي لأول مرّة.." غيرُ معقول ؟..أهذه أنا ؟أهذا أنفي و فمي و شعري الذي كنت أكرهه...أين القبح ؟ أين البشاعة ؟كيف أجدني الأن جميلة ؟. إقتربتُ من المرآة أكثر..تحسّستُ وجنتيّ و جيدي بكفّ يدي..ثم مرّرت أناملي على أنفي, فبدوت كنجمة سينما تُعاين التغييرات بعد عملية ترميم جراحية. .
إبتسمتُ في ثقة شابها حزن عميق .."يا لغبائي ..كيف لم أدرك أنني رأيتُ القبحَ في وجهي لأن تفكيري كان قبيحا .. كيف لم أدرك أن البشاعة غلّفت ملامحي لأن داخلي كان بشعا ..
مرشهر منذ تركت البيت . .هربت منك و من نفسي . أتعذب وأنا أتذكر تلك اللّحظات الأن, بعد أن تقهقر شيطاني و انزاحت الغشاوة من على بصري.. الأن أدرك أن الجمال أكبر من شعر أشقر أو عيون ملونة....الأن و أنا أستعيد تلك اللّحظات لا أصدّق أني فكرت في فعل ذلك , و بمن ؟بك أنت أختي و حبيبتي ..كيف نسيت في لحظة إيماني و حناني ؟ كيف تنصلت من إنسانيتي و تنكرت لآدميتي..؟ كيف في لحظة فتحت عقلي على مصراعيه للشيطان .؟
أيام الطفولة جرفتني تيارات البراءة فلم أنتبه لشيء.. مدلّلة و محبوبة من أبي أكثر منك رغم أنك الأصغر.. علاقتنا كأختين مثالية..دائما معا.. نلعب أو نذهب إلى المدرسة ...و لم أكن أهتم لتساؤلات الرفاق عما إذا كنا فعلا أختين و من أم واحدة..
بداية مأساتي كانت ذلك اليوم ..هل تذكرين ؟ رأيتك تتشاجرين مع فتاة أمام المدرسة .. تشابكتما بالأيدي فجريتُ .. إنهلت عليها ضربا و أنا أصرخ فيها " اتركي أختي ..اتركي أختي ".. ضحكت الصبية كأنما قلت نكتة و صرخت في وجهي"أنت كاذبة. ليست أختك..حتى أنك لا تشبهينها أبدا "..أسرعت إلى أمي..إحتضنتها و الدموع تملأ عيني
..سألتها إن كنتِ فعلا أختي .مسحت أمي دموعي و هدّأت من روعي و قالت "ما هذا السؤال.. طبعا .هي أختك يا حبيبتي.".. بقيت حزينة طوال النهار.شعرت أنّ أحدا يريد اختطافك مني و أني لن أجد من يشاركني لعبي و أسراري
..و لكن ذلك اليوم كان نذيرا بالبداية..بداية مشوار العذاب..
نجحنا و دخلنا الجامعة .. و في أي مكان نكون فيه معا لا تفوتني نظرات الإعجاب الموجهة إليك و حتى عندما تقدمينني لرفاقك على أني أختك , كنت ألمحهم يقلّبون أعينهم بيني و بينك و لسان حالهم يقول " غير معقول !" .
و هكذا ,جعلت أقارن بيني و بينك..لا. .لست أنا من بدأ المقارنة.. بل الناس.. من حولي.نظراتهم الساخرة حينا, المشفقة أحيانا جعلتني أنتبه إلى جمالك الصارخ و ..بشاعتي الملفتة للنظر. .أنت فعلا جميلة..عينان زرقاوان , شعر أملس و بلون الشمس , قوام طويل متناسق. .
بصراحة ليس هناك وجهٌ للشبه بيننا.. فأنا النقيض الكامل لك..أنت غاية في الجمال و أنا غاية ..في الدمامة..
كنت أنظر في المرآة فتعكس لي صورة قمة في البشاعة ..هل لأني كنت أراها بعيون الآخرين ؟..عيون مجتمع يريد المرأة دمية جميلة و ..فقط...مجتمع يقدّس الشكل ويعبد المظهر ؟.. عيناي صغيرتان. أنفي كبير..صدري ضامر و قوامي نحيل ..أما شعري ,فكم كرهته.. أجعد و كثيف يضطرني للذهاب الى الكوافير مرّتين في الاسبوع..
كم تعذّبت و كم بكيتُ وحدي و في صمت....كرهت نفسي و حقدت على الناس و على القدر ..و قرّرت أن أنتقم.
و لكن ممن أنتقم ؟من الناس ؟ و ما ذنب الناس ؟ ما كنت لأثير انتباههم لو لم تكوني أختي و ما كانوا ليشفقوا علي لو لم تكوني بهذا الجمال..كان يجب أن نكون متساويتين و بما أنه يستحيل أن أصير جميلة مثلك, فلتكوني أنت دميمة بشعة مثلي.
و سكنتني فكرة جهنمية. أصبح عقلي في لحظة قفرا موحشا يركض فيه شيطان لعين و يوسوس لي ..شوهيها..دمّريها..أريحي نفسك من العذاب.. كل مبادئ الخير و الحب ماتت بداخلي..و أين هو الخير في هذا العالم القاسي..أين العدالة التي جعلتك ملكة جمال و جعلتني مسخا أمامك.؟
و لكن.. سأصنع العدالة بنفسي.
و خططت لشيء فظيع..
دخلت الغرفة , غرفتنا معا..اقتربت من سريرك كما يقترب الذئب من فريسته..كنت نائمة ,أشبه بملاك و على شفتيك ظل ابتسامة رقيقة..لا شك أنها ابتسامة رضى و لكنك لن تبتسمي بعد اليوم و لن تعذببيني.
إقتربت أكثر و أنا أحمل زجاجة دمارك..' حمض الكبريت'..سأسكبه على وجهك و بعدها سأرتاح.. منك و من شفقتك و من الناس و من هذا الشيء الذي يحرقني و يمزق قلبي..هذا الشعور الذي عرفته يوم عرفت أني أنثى و أنّ الجمال تاج يضعه الناس على رأس الأنثى و أنني من دون النساء جميعا محرومة من هذا التاج..
وقفت لحظة أتأملك ..بعد قليل سينتهي كل شيء..هاتان العينان و هذا الثغر الجميل..لحظات و لن تملكي شيئا..لحظات ونصبح متساويتين..لن أتعذب بعدها أبدا.
هممت بأن أفرغ الزجاجة على وجهك وفجاة ..تسمّرت يداي .أحسست بدوار شديد و بجفاف في حلقي..إشتد الطنين في أذنيّ. نظرتُ حولي فإذا كل شيء بلون الدم..الجدران و الأرض و السقف..الغرفة كلها غارقة في بحر من الدماء..و عيون ..عيون مخيفة ترمقني و أصابع تشير نحوي و أصوات تصرخ بي..قاتلة..مجرمة..دميمة..إنك مجرمة..
إنتبهت كمن أفاق من مخدّر..صرختُ و رحت أجري و الأصوات و العيون المخيفة تتبعني..
رميت الزجاجة بعيدا .فتحت باب الحديقة و ركضت هاربة من شيطاني .
حدّقتُ في المرآة بذهول كأنني أرى وجهي لأول مرّة.." غيرُ معقول ؟..أهذه أنا ؟أهذا أنفي و فمي و شعري الذي كنت أكرهه...أين القبح ؟ أين البشاعة ؟كيف أجدني الأن جميلة ؟. إقتربتُ من المرآة أكثر..تحسّستُ وجنتيّ و جيدي بكفّ يدي..ثم مرّرت أناملي على أنفي, فبدوت كنجمة سينما تُعاين التغييرات بعد عملية ترميم جراحية. .
إبتسمتُ في ثقة شابها حزن عميق .."يا لغبائي ..كيف لم أدرك أنني رأيتُ القبحَ في وجهي لأن تفكيري كان قبيحا .. كيف لم أدرك أن البشاعة غلّفت ملامحي لأن داخلي كان بشعا ..
مرشهر منذ تركت البيت . .هربت منك و من نفسي . أتعذب وأنا أتذكر تلك اللّحظات الأن, بعد أن تقهقر شيطاني و انزاحت الغشاوة من على بصري.. الأن أدرك أن الجمال أكبر من شعر أشقر أو عيون ملونة....الأن و أنا أستعيد تلك اللّحظات لا أصدّق أني فكرت في فعل ذلك , و بمن ؟بك أنت أختي و حبيبتي ..كيف نسيت في لحظة إيماني و حناني ؟ كيف تنصلت من إنسانيتي و تنكرت لآدميتي..؟ كيف في لحظة فتحت عقلي على مصراعيه للشيطان .؟
أيام الطفولة جرفتني تيارات البراءة فلم أنتبه لشيء.. مدلّلة و محبوبة من أبي أكثر منك رغم أنك الأصغر.. علاقتنا كأختين مثالية..دائما معا.. نلعب أو نذهب إلى المدرسة ...و لم أكن أهتم لتساؤلات الرفاق عما إذا كنا فعلا أختين و من أم واحدة..
بداية مأساتي كانت ذلك اليوم ..هل تذكرين ؟ رأيتك تتشاجرين مع فتاة أمام المدرسة .. تشابكتما بالأيدي فجريتُ .. إنهلت عليها ضربا و أنا أصرخ فيها " اتركي أختي ..اتركي أختي ".. ضحكت الصبية كأنما قلت نكتة و صرخت في وجهي"أنت كاذبة. ليست أختك..حتى أنك لا تشبهينها أبدا "..أسرعت إلى أمي..إحتضنتها و الدموع تملأ عيني
..سألتها إن كنتِ فعلا أختي .مسحت أمي دموعي و هدّأت من روعي و قالت "ما هذا السؤال.. طبعا .هي أختك يا حبيبتي.".. بقيت حزينة طوال النهار.شعرت أنّ أحدا يريد اختطافك مني و أني لن أجد من يشاركني لعبي و أسراري
..و لكن ذلك اليوم كان نذيرا بالبداية..بداية مشوار العذاب..
نجحنا و دخلنا الجامعة .. و في أي مكان نكون فيه معا لا تفوتني نظرات الإعجاب الموجهة إليك و حتى عندما تقدمينني لرفاقك على أني أختك , كنت ألمحهم يقلّبون أعينهم بيني و بينك و لسان حالهم يقول " غير معقول !" .
و هكذا ,جعلت أقارن بيني و بينك..لا. .لست أنا من بدأ المقارنة.. بل الناس.. من حولي.نظراتهم الساخرة حينا, المشفقة أحيانا جعلتني أنتبه إلى جمالك الصارخ و ..بشاعتي الملفتة للنظر. .أنت فعلا جميلة..عينان زرقاوان , شعر أملس و بلون الشمس , قوام طويل متناسق. .
بصراحة ليس هناك وجهٌ للشبه بيننا.. فأنا النقيض الكامل لك..أنت غاية في الجمال و أنا غاية ..في الدمامة..
كنت أنظر في المرآة فتعكس لي صورة قمة في البشاعة ..هل لأني كنت أراها بعيون الآخرين ؟..عيون مجتمع يريد المرأة دمية جميلة و ..فقط...مجتمع يقدّس الشكل ويعبد المظهر ؟.. عيناي صغيرتان. أنفي كبير..صدري ضامر و قوامي نحيل ..أما شعري ,فكم كرهته.. أجعد و كثيف يضطرني للذهاب الى الكوافير مرّتين في الاسبوع..
كم تعذّبت و كم بكيتُ وحدي و في صمت....كرهت نفسي و حقدت على الناس و على القدر ..و قرّرت أن أنتقم.
و لكن ممن أنتقم ؟من الناس ؟ و ما ذنب الناس ؟ ما كنت لأثير انتباههم لو لم تكوني أختي و ما كانوا ليشفقوا علي لو لم تكوني بهذا الجمال..كان يجب أن نكون متساويتين و بما أنه يستحيل أن أصير جميلة مثلك, فلتكوني أنت دميمة بشعة مثلي.
و سكنتني فكرة جهنمية. أصبح عقلي في لحظة قفرا موحشا يركض فيه شيطان لعين و يوسوس لي ..شوهيها..دمّريها..أريحي نفسك من العذاب.. كل مبادئ الخير و الحب ماتت بداخلي..و أين هو الخير في هذا العالم القاسي..أين العدالة التي جعلتك ملكة جمال و جعلتني مسخا أمامك.؟
و لكن.. سأصنع العدالة بنفسي.
و خططت لشيء فظيع..
دخلت الغرفة , غرفتنا معا..اقتربت من سريرك كما يقترب الذئب من فريسته..كنت نائمة ,أشبه بملاك و على شفتيك ظل ابتسامة رقيقة..لا شك أنها ابتسامة رضى و لكنك لن تبتسمي بعد اليوم و لن تعذببيني.
إقتربت أكثر و أنا أحمل زجاجة دمارك..' حمض الكبريت'..سأسكبه على وجهك و بعدها سأرتاح.. منك و من شفقتك و من الناس و من هذا الشيء الذي يحرقني و يمزق قلبي..هذا الشعور الذي عرفته يوم عرفت أني أنثى و أنّ الجمال تاج يضعه الناس على رأس الأنثى و أنني من دون النساء جميعا محرومة من هذا التاج..
وقفت لحظة أتأملك ..بعد قليل سينتهي كل شيء..هاتان العينان و هذا الثغر الجميل..لحظات و لن تملكي شيئا..لحظات ونصبح متساويتين..لن أتعذب بعدها أبدا.
هممت بأن أفرغ الزجاجة على وجهك وفجاة ..تسمّرت يداي .أحسست بدوار شديد و بجفاف في حلقي..إشتد الطنين في أذنيّ. نظرتُ حولي فإذا كل شيء بلون الدم..الجدران و الأرض و السقف..الغرفة كلها غارقة في بحر من الدماء..و عيون ..عيون مخيفة ترمقني و أصابع تشير نحوي و أصوات تصرخ بي..قاتلة..مجرمة..دميمة..إنك مجرمة..
إنتبهت كمن أفاق من مخدّر..صرختُ و رحت أجري و الأصوات و العيون المخيفة تتبعني..
رميت الزجاجة بعيدا .فتحت باب الحديقة و ركضت هاربة من شيطاني .
تعليق