توبة بطّال
حدّثنا أحد الشباب البطّال قال:
كنتُ عربيداً سارقاَ ، عن كلّ التقاليد والأعراف مارقاَ.. لا أحمل جِراباً ، ولا أملك
حساباً.. أنام على الثّمالة ْ، وأصحو على البطالة ْ.. فما من بيت في قريتنا إلاّ وكانت لي
فيه جولة ْ، وعلى أساور أهله صولة ْ..
ومن أعجبِ صفقاتي وأغربِ مغامراتي ، أنّي سطوتُ يوما على حظيرة صغيرة..
فاختطفت منها ديكا وديكاً ، فلمّا أكثر الصيّاحْ وخشيت الافتضاحْ ، أودعته حجرةَ
عدّادِ كهرباءْ على أمل العودة له في المساءْ.. لكنّ التيّارْ انقطع على أهل الدّارْ لكثرة
حركةِ الدّيك داخل الإطارْ.. فخرج ربّ البيت مذعوراً من الرقادْ ، مشمّرا ومسرعا
نحو العدّادْ .. وما إن فتح بابهْ حتّى فقد صوابهْ ، وأغمي عليهِ حين طار الديك بين يديهِ..
فقال قائل إنّه مارد من بني الأصفرْ وقال آخر بل عفريت من بني الأحمرْ.. فلمّا تعدّدت
آراؤهمْ ْوتشعّبت أهواؤهمْ قلت: اقتلوه وحرّقوه وانصروا أباكمْ سدّد الله خطاكمْ.. وإن
خفتم شرّهْ فقلّدوني أمرهْ .. فخرجت به على أعين النّاسْ بعد الحيطة والاحتراسْ..
وخلوت به خارج القرية في كهف ككهف الفتية .. فأضرمت ناري ونصبت أحجاري..
ثمّ شحذت سكّيني وأخذته بيميني ، وقلت باسم الله والله أكبرْ فقال : الويل لك من بني
الأعورْ فانتابني رغم شجاعتي وبسالتي رعب شديد غير معهود ، وأسلمت
ساقيّ للريحْ أسقط على كومة رمل تارة وأخرى على ضريحْ .. ومن يومها حرّمت
السّرقة على نفسي وطويت صفحة أمسي..
تعليق