ياشيكا العائدة من السماء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الطيب يوسف
    أديب وكاتب
    • 29-08-2008
    • 235

    ياشيكا العائدة من السماء

    [align=right]

    بعض الكلمات تولد بموسيقاها الخاصة .. شيء كصلاة متبتل بجوف الليل تنصت لها أذن إله سميع .. وهكذا كانت ياشيكا
    م ا ي
    [/align]
    صفحتي الخاصة

    http://www.facebook.com/group.php?gid=500474340299
  • محمد الطيب يوسف
    أديب وكاتب
    • 29-08-2008
    • 235

    #2
    [align=right]
    هنالك حيث أنزل الله نيله منذ بدء الأزل , ولدت جنان صغيرة على ضفافه , ترضع من ثديه آناء الليل وأطراف النهار , لذا عندما يخصب رحمها لا تنجب سوى الفرسان والحور ,رجال لا ترى فروسيتهم و نساء لا يرى جمالهن إلا في جوف الأساطير .

    في تلك الليلة عندما أكمل الزمان دورته , و بلغ القمر مبلغ الحكمة كان يدرك الآتي فأنصب عينيه جهة الأرض ترقباً وانتظاراً ,, ليلتها انشق رحم الأرض فأخرج شجيرة ياشيكا ,, ضئيلة كومضة شمعة أخيرة ,, جميلة كبسمة الطفل الغرير , عودها الرقيق المخضر كان بالكاد يقوى علي حمل الورقتين الصغيرتين بجلدتهما المتجعدة كبشرة مولود جديد , كما انتفض رحم امرأ ة تقطن ذات الدار,, لتخرج للدنيا مولودة صغيرة الحجم بلا صراخ , انتظرت أمها سماع صوتها وحين جاوبها الصمت نظرت إليها في وهن فوجدت وجهها يتألق بابتسامة كخطف اللؤلؤ فأدركت أن ا بنتها قد سرقت قلبها , ثم قامت بمسح العرق عن جبينها بعد ذلك المجهود الخارق فتناثر من بين أصابعها على خدي المولودة التي ألقت برأسها يميناً جهة الفناء حيث كانت قطرات الطل تغسل الورقتين المتجعدتين على مهل , وقتها كان الفجر الغافل ينفض عن عينيه النعاس في انتظار أن يؤذن له بالخروج .

    الزغرودة الطويلة التي انطلقت من شفتي إحدى النساء اللاتي ازدحمت بهن الدار بلغت سمع أبيها الذي ذهب في غفوة صغيرة في الفناء وعندما فتح عينيه وقعتا علي الياشيكا الصغيرة بورقتيها المنفرجتين كأنها تبتسم مهنئة إياه فداعب جلدها المبتل بالطل في سعادة و علم وقتها بالاسم الذي سيطلقه على مولودته الجديدة

    لم يكن الارتباط بين شجرة الياشيكا و ياشيكا الطفلة غريباً فهما تنتميان إلى أرض الأساطير التي يزخر ترابها بتبر الحكايات منذ عهد الأسلاف الأوائل ولكن بصيرة القوم القاصرة اتسعت حدقتها وهي تموج بماء العجب و انتصب حاجبها بفعل الدهشة والشجرة تذبل وريقاتها حينما تصاب ياشيكا بعلة وتزدهر وتخضر حينما يغادرها السقم وتتمايل وتتأود حينما تضحك ياشيكا و تهتز وترتجف أوان غضبها وتهدأ وتسكن لهدوئها وسكينتها فطارت بالخبر الألسن التي اعتادت على الثرثرة وضاقت حدقتا الفضول وهي تترصد الطفلة فأصابت القلوب لعنة العيون حين ارتد بصرها هاوياً وترك شيئا مثل الحكة في جدار القلوب والشفاه تلهج بذكر هذا الجمال الذي لم ير في الأولين ولا ينتظر في الآخرين , فهوتها القلوب وتعلقت بها العيون واستسلمت لها الأرواح وهي بعد طفلة دون العاشرة لازالت لاهية بالدمى الطينية وعرائس القماش , يتعلق قلبها بكل طير مغرد وغزال شارد , تركض في الطرقات غافلة عن الرؤوس التي اشرأبت من وراء الجدران والأعناق التي التوت والشفاه التي ارتجفت لوقع خطاها بموسيقى الوجد وتراتيل البراءة وهي بعد لم تتلوث بكيد النساء وغنج الغانيات

    عندما ثار بركان صدرها واستوت دائرة كفلها واكتمل ذلك السحر الذي يختبئ داخل هاتيك العيون أصيب القوم بداء ياشيكا الذي لا شفاء منه فتكاثر المريدون وتعاظم العاشقون وانفرط عقد العقل عند جماعة العقلاء فارتدوا صبياناً يلهجون بألف باء العشق, وقتها كانت الشجرة قد استوت على عودها وتطاولت قامتها وتأودت فتجاوزت السور وعانقت السماء عناق العارف المشتاق وهي تواجه الطريق الترابي الذي يمتد متعرجاً حتى ضفة النيل كأنها تراقب ياشيكا في غدوها ورواحها وقد اكترى المريدون قارعة الطريق سكناً ينتظرون شروق شمسها ويودعون غروبها في انتظار الغد فأدركت بحدس الأنثى خطر ما تملكه فاحتجبت بالدثار وتوارت بالثياب بيد أن المزن قد تغطي الشمس ولكن لا تخفيها والأرض تبتلع الماء ولكن لا توقف جريانها فطبق خبرها الآفاق و تكاثر علي المكان المغامرون والعاشقون وعابرو السبيل يأتون فرادى وجماعات يأتون من كل فج عميق .
    حتى النساء عشقنها وحسدنها وخفن علي أزواجهن من خطرها فتدافعن بحثاً عن جمال بلى أو آخر ولى وهن يشددن الرجال إليهن في عزم أكيد ولكن هيهات هيهات فقد سبقتهن ياشيكا إليهم فاحتلت القلوب وخلبت الألباب فتردد اسمها في دعاء الصلوات وغناء المغنين وشدو الشعراء حتى أنه انطلق من بين شفاه الرجال وهم يقبلون زوجاتهم اللاتي ما عدن يرثن منهم غير الغضب العاجز والحسرة المقيمة .
    القلة القليلة التي انطفأت فيها جذوة الحياة ولم يعودوا ينتمون إليها إلا بقدر ما تتردد في صدورهم أنفاسها الأخيرة باردة مشطت أياديهم المعروقة لحاهم المبيضة وهم يتداولون في شأن ياشيكا الذي تجاوز الحد في عرفهم ولابد من إيجاد علاج ناجع له , فنظروا في سيرة الغابرين وأساطير الأولين علهم يجدون ترياقاً لها وعندما أعيتهم الحيلة في هذا الأمر الجلل تمايلوا على ذكر سيرتها التي تنشر في مفاصلهم الدفء وتشمل أجسادهم بالرعشة و فرت من بين أسنانهم الساقطة زفرات حرى لا تليق بوقار مجلسهم ولا بياض لحاهم فتعللوا بأول هبات الشتاء التي لما يؤذن لها بالخروج من جبال الثلوج عند أقاصي الشمال بعد .

    إلا أن كبيرهم لملم شتات نفسه وألبس جسده بعباءة الوقار وتلثم وجهه بدثار التجهم ورفع يده إلى السماء فسكن القوم من حوله في انتظار كلمة تحررهم من سحرها إلى الأبد

    أواصل
    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 04-02-2010, 03:42.
    صفحتي الخاصة

    http://www.facebook.com/group.php?gid=500474340299

    تعليق

    • عائده محمد نادر
      عضو الملتقى
      • 18-10-2008
      • 12843

      #3
      الزميل المبدع
      محمد الطيب يوسف
      الله ما أبدع ماتسطر أناملك سيدي الكريم
      لك موهبة كبيرة ومدارك واسعة وخيال أخصب من الخصوبة نفسها
      يشرفني أني قرأت لك
      صدقني لاأجامل
      لأني لو فعلت فلن أفيدك أبدا
      سأتابع يوشيكا حتى النهاية
      سرد كان كخرير مياه صافية
      يستحق النجوم الذهبية بحق
      تحياتي ومودتي
      ان بودي أن تقرأ نصي الجديد
      ريعانة وتعطيني رأيك فيهhttp://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=49349
      الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

      تعليق

      • العربي الثابت
        أديب وكاتب
        • 19-09-2009
        • 815

        #4
        الزميل المقتدر محمد...
        راقني هذا الحكي المتزن والجميل وأمتعني صراحة..وهو أول ماقرأت لك وحتما لن يكون الأخير...
        لم ترقني كلمة ذيل مقرونة باسم الجلالة،بحيث أصبحت غير ذات معنى..وقد تكون مستفزة للكثير..
        رائع زميلي الجميل...
        اسلوبك فيه خفة محمودة وظرافة فاتنة...
        محبتي وتقديري...
        اذا كان العبور الزاميا ....
        فمن الاجمل ان تعبر باسما....

        تعليق

        • محمد الطيب يوسف
          أديب وكاتب
          • 29-08-2008
          • 235

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة العربي الثابت مشاهدة المشاركة
          الزميل المقتدر محمد...
          راقني هذا الحكي المتزن والجميل وأمتعني صراحة..وهو أول ماقرأت لك وحتما لن يكون الأخير...
          لم ترقني كلمة ذيل مقرونة باسم الجلالة،بحيث أصبحت غير ذات معنى..وقد تكون مستفزة للكثير..
          رائع زميلي الجميل...
          اسلوبك فيه خفة محمودة وظرافة فاتنة...
          محبتي وتقديري...
          العربي الثابت مرحباً بك ولكني لم أنتبه للكلمة
          عذراً هل يمكن أن تدلني عليها

          سرني عبورك الأول الذي لا أتمناه الأخير

          محبتي وودي
          صفحتي الخاصة

          http://www.facebook.com/group.php?gid=500474340299

          تعليق

          • العربي الثابت
            أديب وكاتب
            • 19-09-2009
            • 815

            #6
            أخي محمد
            اعتذر لك ولإسم الجلالة
            هنالك حيث أنزل الله نيله منذ بدء الأزل
            أجل خانتني الرؤية فقرأت نيله هكذا ذيله...
            اعتذاري الصادق حبيبي...
            اذا كان العبور الزاميا ....
            فمن الاجمل ان تعبر باسما....

            تعليق

            • ربيع عقب الباب
              مستشار أدبي
              طائر النورس
              • 29-07-2008
              • 25792

              #7
              للجمال مواقيت بلا شك
              و صبح معجز له جلال وجه ربى
              الذى انحنت له الجباه ..!

              صبح لا بد له أن يكون مختلفا عن صباحات بلا معنى
              حيث جاء يحمل الكثير من معانى الإبداع و الخلق .. بعد
              ان انتهيت من قراءة رقعة الإبداع على بساط حكيم عباس دخلت
              هنا و أنا أدرى ، سلفا .. أنى سوف أصل إلى قمة دهشتى
              و منتهاها مع محمد الطيب يوسف !!

              لم يخذل تصورى و اعتقادى به ، فى براعة الانجاب ،
              بل وجدتنى أتنسم رحيق النيل بين كفيه ،
              و أرى الحلفا تتمدد بين الأصابع متطاولة ، مع ياشيكا
              تلك النبتة البرية التى خرجت شقيقة لياشيكا الطفلة .. تلك
              المعجزة التى ذكرتنى ببنوتة جبرييال جارثيا ماركيز فى مائة
              عام من العزل’ !!
              فهل ياترى ستحلق بها ، بعد السحر الذى ألقت ؟
              أم ننتظر جديدا من بين أكف نيلنا المحبوب ؟

              واصل .. و أواصل معك
              و إلى أبعد مما تتصور !
              التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 04-02-2010, 03:52.
              sigpic

              تعليق

              • محمد الطيب يوسف
                أديب وكاتب
                • 29-08-2008
                • 235

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                الزميل المبدع
                محمد الطيب يوسف
                الله ما أبدع ماتسطر أناملك سيدي الكريم
                لك موهبة كبيرة ومدارك واسعة وخيال أخصب من الخصوبة نفسها
                يشرفني أني قرأت لك
                صدقني لاأجامل
                لأني لو فعلت فلن أفيدك أبدا
                سأتابع يوشيكا حتى النهاية
                سرد كان كخرير مياه صافية
                يستحق النجوم الذهبية بحق
                تحياتي ومودتي
                ان بودي أن تقرأ نصي الجديد
                ريعانة وتعطيني رأيك فيهhttp://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=49349
                العزيزة عايدة
                مرحبا بك بين صفحات ياشيكا ومداراتها الساحرة
                تلك التي تقلبت بين أساطير النيل ولاتعجلي فقد تجدينها غلي ضفة الفرات تغتسل هناك من عيون الآخرين فرفقاً بها فقد تجثمت الكثير لتصل إليكم هناك

                مودتي التي تعرفين
                صفحتي الخاصة

                http://www.facebook.com/group.php?gid=500474340299

                تعليق

                • مصطفى الصالح
                  لمسة شفق
                  • 08-12-2009
                  • 6443

                  #9
                  هذا النص كنت اظن اني رددت عليه بدليل تذكري الاسم بمجرد اعادة النشر

                  قصة ملحمية رائعة

                  تجلى فيها الخيال والشعر

                  نص ابداعي بمعنى الكلمة

                  هلا وحياك الله اخي العزيز

                  تحياتي
                  [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                  ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                  لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                  رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                  حديث الشمس
                  مصطفى الصالح[/align]

                  تعليق

                  • محمد الطيب يوسف
                    أديب وكاتب
                    • 29-08-2008
                    • 235

                    #10
                    [align=right]
                    - تحجب ياشيكا ولا يرى لشمسها شروق جديد
                    هكذا خرج صوته من بين أسنانه المتساقطة فتلقفه الآخرون وأتبعوا سبباً حتى بلغوا مجمع الناس فأطلقوا صراح القول في صوت يمزج بين الشماتة والسخرية فتلقفه الآخرون مابين الدهشة والجزع والحزن وتطاير كأشعة شمس صيفية فعم البلاد وغم العباد .

                    يكمن الحب في القلب كمون النار في العود , يرى أخضراً يانعاً وفي داخله يضرم أوار النار لميعاد معلوم وهكذا فعل القوم وهم يكتفون بالاستسلام والعويل فتكأكأ البناءون والنجارون والحدادون علي المكان وسرعان ما انتصب صرح قائم حفه الحديد والحجر عازلا بين ياشيكا وياشيكا فغابت واحدة وذبلت الأخرى حزنا وشوقا.
                    كانت ياشيكا تحكي حال ياشيكا وهي تزداد ذبولا ووهنا حتي تساقط ورقها وتجرد ساقها فأضحت هيكلا من بعد ماكانت خضراء تسر الناظرين .. نبض الحرمان أنت منه الصدور ففاض حنانا ووجدا علي ساقها الأجرد فأضحى مقيلا للعشاق وبركة للمسافرين وشفاءا للمرضى والأخرى يسمع غناؤها حزينا في الليالي المقمرة فيحمر بدرها وتدلهم سماءها من ظلم الانسان لأخيه الانسان
                    عندما أتى الخريف وأخصبت الأرض واهتز جانبيها من كل أخضر وأصفر ظلت الياشيكا سامقة العلو جرداء الأطراف حتي أضحت معلما يوصف به فزارتها العنادل وغنتها العصافير وبكاها الحمام بهديله الرخيم ومقدمتها تميل جاثية علي خاصرتها تنتحب صنوها المحجوب عنها حتي عرفت بياشيكا الباكية ثم بياشيكا القانطة .. والأخرى استبدل غناؤها الحزين صمتا وشدوها الجميل يأسا ففاضت الجموع غضبا عندما تهاوت الأولي وصمتت الثانية فدمرت سواعدهم الصرح القائم وعندما ولجوا اليها كانت تبدونائمة وليست بنائمة فتلقتها الأيدي ولحظتها العيون وهي تثوي في مثواها الأخير ويواريها الثرى كنزا ضاق ظهر الأرض بهفتلقفه باطنها .
                    سكنت الأغاني وهمس العشاق وسمر السمار ومابين صنوها وصرحها المهدود كانت تطل في ليالي الصيف الهانئات فتلهم الشعراء أشعارهم والضالون سواء السبيل




                    محمد الطيب يوسف
                    [/align]
                    صفحتي الخاصة

                    http://www.facebook.com/group.php?gid=500474340299

                    تعليق

                    • محمد الطيب يوسف
                      أديب وكاتب
                      • 29-08-2008
                      • 235

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة العربي الثابت مشاهدة المشاركة
                      أخي محمد
                      اعتذر لك ولإسم الجلالة
                      هنالك حيث أنزل الله نيله منذ بدء الأزل
                      أجل خانتني الرؤية فقرأت نيله هكذا ذيله...
                      اعتذاري الصادق حبيبي...
                      لاتثريب عليك أخي العزيز
                      صفحتي الخاصة

                      http://www.facebook.com/group.php?gid=500474340299

                      تعليق

                      • إيمان الدرع
                        نائب ملتقى القصة
                        • 09-02-2010
                        • 3576

                        #12
                        الأستاذ الغالي محمد الطيب:
                        هل ماتت يا شيكا ...؟؟
                        إذن فليمت معها كلّ شيء جميل..
                        لم يعد للبهاء معنى..
                        هل قتلوا سحرها وألقها ..؟؟
                        إذن أراهم قد خانوا إرادة الخالق الذي يحبّ الجمال
                        لأنهم طيور الظلام
                        يزرعون الشوك في الدروب
                        يذرّون الرّماد في العيون ، لتشوّه أحلامها..
                        ولكني أرى ألف غابة ستتفرّع عن الشجرة يانيشكا التي حطّموها
                        والكثير من الحوريّات الجميلات بدلاً عن يانيشكا....
                        العذراء التي..ذوتْ فماتت بقوانينهم الخرقاء
                        نصّ جميل ، وعميق الدلالة، وصياغته محكمة
                        كُتب بقلم محمد الطيّب يوسف فكيف لا يكون...؟؟
                        دُمتَ بسعادةٍ....تحياتي

                        تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                        تعليق

                        • محمد الطيب يوسف
                          أديب وكاتب
                          • 29-08-2008
                          • 235

                          #13
                          النص كاملا


                          بعض الكلمات تولد بموسيقاها الخاصة .. شيء كصلاة متبتل بجوف الليل تنصت لها أذن إله سميع .. وهكذا كانت ياشيكا
                          م ا ي







                          هنالك حيث أنزل الله نيله منذ بدء الأزل , ولدت جنان صغيرة على ضفافه , ترضع من ثديه آناء الليل وأطراف النهار , لذا عندما يخصب رحمها لا تنجب سوى الفرسان والحور ,رجال لا ترى فروسيتهم و نساء لا يرى جمالهن إلا في جوف الأساطير .

                          في تلك الليلة عندما أكمل الزمان دورته , و بلغ القمر مبلغ الحكمة كان يدرك الآتي فأنصب عينيه جهة الأرض ترقباً وانتظاراً ,, ليلتها انشق رحم الأرض فأخرج شجيرة ياشيكا ,, ضئيلة كومضة شمعة أخيرة ,, جميلة كبسمة الطفل الغرير , عودها الرقيق المخضر كان بالكاد يقوى علي حمل الورقتين الصغيرتين بجلدتهما المتجعدة كبشرة مولود جديد , كما انتفض رحم إمراءة تقطن ذات الدار,, لتخرج للدنيا مولودة صغيرة الحجم بلا صراخ , انتظرت أمها سماع صوتها وحين جاوبها الصمت نظرت إليها في وهن فوجدت وجهها يتألق بابتسامة كخطف اللؤلؤ فأدركت أن ا بنتها قد سرقت قلبها , ثم قامت بمسح العرق عن جبينها بعد ذلك المجهود الخارق فتناثر من بين أصابعها على خدي المولودة التي ألقت برأسها يميناً جهة الفناء حيث كانت قطرات الطل تغسل الورقتين المتجعدتين على مهل , وقتها كان الفجر الغافل ينفض عن عينيه النعاس في انتظار أن يؤذن له بالخروج .

                          الزغرودة الطويلة التي انطلقت من شفتي إحدى النساء اللاتي ازدحم بهن الدار بلغت سمع أبيها الذي ذهب في غفوة صغيرة في الفناء وعندما فتح عينيه وقعتا علي الياشيكا الصغيرة بورقتيها المنفرجتين كأنها تبتسم مهنئة إياه فداعب جلدها المبتل بالطل في سعادة و علم وقتها بالاسم الذي سيطلقه على مولودته الجديدة

                          لم يكن الارتباط بين شجرة الياشيكا و ياشيكا الطفلة غريباً فهما تنتميان إلى أرض الأساطير التي يزخر ترابها بتبر الحكايات منذ عهد الأسلاف الأوائل ولكن بصيرة القوم القاصرة اتسعت حدقتها وهي تموج بماء العجب و انتصب حاجبها بفعل الدهشة والشجرة تذبل وريقاتها حينما تصاب ياشيكا بعلة وتزدهر وتخضر حينما يغادرها السقم وتتمايل وتتأود حينما تضحك ياشيكا و تهتز وترتجف أوان غضبها وتهدأ وتسكن لهدوئها وسكينتها فطارت بالخبر الألسن التي اعتادت على الثرثرة وضاقت حدقتا الفضول وهي تترصد الطفلة فأصابت القلوب لعنة العيون حين ارتد بصرها هاوياً وترك شيء مثل الحكة في جدار القلوب والشفاه تلهج بذكر هذا الجمال الذي لم ير في الأولين ولا ينتظر في الآخرين , فهويتها القلوب وتعلقت بها العيون واستسلمت لها الأرواح وهي بعد طفلة دون العاشرة لازالت لاهية بالدمى الطينية وعرائس القماش , يتعلق قلبها بكل طير مغرد وغزال شارد , تركض في الطرقات غافلة عن الرؤوس التي اشرأبت من وراء الجدران والأعناق التي التوت والشفاه التي ارتجفت لوقع خطاها بموسيقى الوجد وتراتيل البراءة وهي بعد لم تتلوث بكيد النساء وغنج الغانيات

                          عندما ثار بركان صدرها واستوت دائرة كفلها واكتمل ذلك السحر الذي يختبئ داخل هاتيك العيون أصيب القوم بداء ياشيكا الذي لا شفاء منه فتكاثر المريدون وتعاظم العاشقون وانفرط عقد العقل عند جماعة العقلاء فارتدوا صبياناً يلهجون بألف باء العشق, وقتها كانت الشجرة قد استوت على عودها وتطاولت قامتها وتأودت فتجاوزت السور وعانقت السماء عناق العارف المشتاق وهي تواجه الطريق الترابي الذي يمتد متعرجاً حتى ضفة النيل كأنها تراقب ياشيكا في غدوها ورواحها وقد اكترى المريدون قارعة الطريق سكناً ينتظرون شروق شمسها ويودعون غروبها في انتظار الغد فأدركت بحدس الأنثى خطر ما تملكه فاحتجبت بالدثار وتوارت بالثياب بيد أن المزن قد تغطي الشمس ولكن لا تخفيها والأرض تبتلع الماء ولكن لا توقف جريانها فطبق خبرها الآفاق و تكاثر علي المكان المغامرون والعاشقون وعابري السبيل يأتون فرادى وجماعات يأتون من كل فج عميق .
                          حتى النساء عشقنها وحسدنها وخفن علي أزواجهن من خطرها فتدافعن بحثاً عن جمال بلى أو آخر ولى وهن يشددن الرجال إليهن في عزم أكيد ولكن هيهات هيهات فقد سبقتهن ياشيكا إليهم فاحتلت القلوب وخلبت الألباب فتردد اسمها في دعاء الصلوات وغناء المغنين وشدو الشعراء حتى أنه انطلق من بين شفاه الرجال وهم يقبلون زوجاتهم اللاتي ما عدن يرثن منهم غير الغضب العاجز والحسرة المقيمة .
                          القلة القليلة التي انطفأت فيها جذوة الحياة ولم يعودا ينتمون إليها إلا بقدر ما تتردد في صدورهم أنفاسها الأخيرة باردة مشطت أياديهم المعروقة لحاهم المبيضة وهم يتداولون في شأن ياشيكا الذي تجاوز الحد في عرفهم ولابد من إيجاد علاج ناجع له , فنظروا في سيرة الغابرين وأساطير الأولين علهم يجدون ترياقاً لها وعندما أعيتهم الحيلة في هذا الأمر الجلل تمايلوا على ذكر سيرتها التي تنشر في مفاصلهم الدفء وتشمل أجسادهم بالرعشة و فرت من بين أسنانهم الساقطة زفرات حرى لا تليق بوقار مجلسهم ولا بياض لحاهم فتعللوا بأول هبات الشتاء التي لما يؤذن لها بالخروج من جبال الثلوج عند أقاصي الشمال بعد .

                          إلا أن كبيرهم لملم شتات نفسه والبس جسده بعباءة الوقار وتلثم وجهه بدثار التجهم ورفع يده إلى السماء فسكن القوم من حوله في انتظار كلمة تحررهم من سحرها إلى الأبد
                          - تحجب ياشيكا ولا يرى لشمسها شروق جديد
                          هكذا خرج صوته من بين أسنانه المتساقطة فتلقفه الآخرون وأتبعوا سبباً حتى بلغوا مجمع الناس فأطلقوا صراح القول في صوت يمزج بين الشماتة والسخرية فتلقفه الآخرون مابين الدهشة والجزع والحزن وتطاير كأشعة شمس صيفية فعم البلاد وغم العباد .
                          يكمن الحب في القلب كمون النار في العود , يرى أخضراً يانعاً وفي داخله يضرم أوار النار لميعاد معلوم وهكذا فعل القوم وهم يكتفون بالاستسلام والعويل فتكأكأ البناءون والنجارون والحدادون علي المكان وسرعان ما انتصب صرح قائم حفه الحديد والحجر عازلا بين ياشيكا وياشيكا فغابت واحدة وذبلت الأخرى حزنا وشوقا.
                          كانت ياشيكا تحكي حال ياشيكا وهي تزداد ذبولا ووهنا حتي تساقط ورقها وتجرد ساقها فأضحت هيكلا من بعد ماكانت خضراء تسر الناظرين .. نبض الحرمان أنت منه الصدور ففاض حنانا ووجدا علي ساقها الأجرد فأضحى مقيلا للعشاق وبركة للمسافرين وشفاءا للمرضى والأخرى يسمع غناؤها حزينا في الليالي المقمرة فيحمر بدرها وتدلهم سماءها من ظلم الانسان لأخيه الانسان
                          عندما أتى الخريف وأخصبت الأرض واهتز جانبيها من كل أخضر وأصفر ظلت الياشيكا سامقة العلو جرداء الأطراف حتي أضحت معلما يوصف به فزارتها العنادل وغنتها العصافير وبكاها الحمام بهديله الرخيم ومقدمتها تميل جاثية علي خاصرتها تنتحب صنوها المحجوب عنها حتي عرفت بياشيكا الباكية ثم بياشيكا القانطة .. والأخرى استبدل غناؤها الحزين صمتا وشدوها الجميل يأسا ففاضت الجموع غضبا عندما تهاوت الأولي وصمتت الثانية فدمرت سواعدهم الصرح القائم وعندما ولجوا اليها كانت تبدونائمة وليست بنائمة فتلقتها الأيدي ولحظتها العيون وهي تثوي في مثواها الأخير ويواريها الثرى كنزا ضاق ظهر الأرض بهفتلقفه باطنها .
                          سكنت الأغاني وهمس العشاق وسمر السمار ومابين صنوها وصرحها المهدود كانت تطل في ليالي الصيف الهانئات فتلهم الشعراء أشعارهم والضالون سواء السبيل




                          محمد الطيب يوسف

                          _____
                          صفحتي الخاصة

                          http://www.facebook.com/group.php?gid=500474340299

                          تعليق

                          • محمد الطيب يوسف
                            أديب وكاتب
                            • 29-08-2008
                            • 235

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                            للجمال مواقيت بلا شك
                            و صبح معجز له جلال وجه ربى
                            الذى انحنت له الجباه ..!

                            صبح لا بد له أن يكون مختلفا عن صباحات بلا معنى
                            حيث جاء يحمل الكثير من معانى الإبداع و الخلق .. بعد
                            ان انتهيت من قراءة رقعة الإبداع على بساط حكيم عباس دخلت
                            هنا و أنا أدرى ، سلفا .. أنى سوف أصل إلى قمة دهشتى
                            و منتهاها مع محمد الطيب يوسف !!

                            لم يخذل تصورى و اعتقادى به ، فى براعة الانجاب ،
                            بل وجدتنى أتنسم رحيق النيل بين كفيه ،
                            و أرى الحلفا تتمدد بين الأصابع متطاولة ، مع ياشيكا
                            تلك النبتة البرية التى خرجت شقيقة لياشيكا الطفلة .. تلك
                            المعجزة التى ذكرتنى ببنوتة جبرييال جارثيا ماركيز فى مائة
                            عام من العزل’ !!
                            فهل ياترى ستحلق بها ، بعد السحر الذى ألقت ؟
                            أم ننتظر جديدا من بين أكف نيلنا المحبوب ؟

                            واصل .. و أواصل معك
                            و إلى أبعد مما تتصور !
                            هكذا هو صديقك وتلميذك يا عقب الباب
                            مبعثرا فيما يربو عن العشرين نصا لايدري أيها أكمل وأيها ترك حتي ان ذاكرة الحاسوب تضجرت من هذه العشوائية فوجدته يقدم لي مقترحا مهذبا وان برزت أسنان غضبه من خلفه بطريقة معينة لاعادة الترتيب ... وجدت الياشيكا منزوية في ركن مهمل فدفعت ببقيتها هنا
                            ودي واعتذاري وخجلي عن كل هذا التأخير
                            صفحتي الخاصة

                            http://www.facebook.com/group.php?gid=500474340299

                            تعليق

                            • محمد الطيب يوسف
                              أديب وكاتب
                              • 29-08-2008
                              • 235

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى الصالح مشاهدة المشاركة
                              هذا النص كنت اظن اني رددت عليه بدليل تذكري الاسم بمجرد اعادة النشر

                              قصة ملحمية رائعة

                              تجلى فيها الخيال والشعر

                              نص ابداعي بمعنى الكلمة

                              هلا وحياك الله اخي العزيز

                              تحياتي
                              شكرا يا أخ مصطفي علي التنبيه
                              وأنا سعيد بأن النص قد أعجبك
                              تحياتي واحترامي
                              صفحتي الخاصة

                              http://www.facebook.com/group.php?gid=500474340299

                              تعليق

                              يعمل...
                              X