التناقض بين الشكل والمضمون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جلاديولس المنسي
    أديب وكاتب
    • 01-01-2010
    • 3432

    التناقض بين الشكل والمضمون

    لنعلم أن أحق الناس بتفقد نفسه هو من اعتقد سلامتها من تلك الأدواء ، فالجمل لا يرى اعوجاج رقبته ...."

    نصادف في حياتنا اليومية من يعتني بمظهره و هندامه ، فيروقنا ذلك و يعجبنا ، لكننا نُصدم حين نشاهد بعض تصرفاته التي تخلو من الذوق ، ونتعجب من عدم تناسب شكله و مضمونه.

    و نلتقي في مجلس عابر بمن يوشك أن يكمل الأربعين من عمره ، فإذا تحاورنا معه وجدنا تناوله للأمور لا يختلف كثيراً عن تناول الصبيان ! فنكون أكثر عجباً ! و قد يجتمع الأمران في وقت واحد ، فيكون ذلك من سوء حظنا ذلك اليوم ! هذه النماذج تمثل حالة من تأخر النضج الفكري ، و ما ينتج عنه من خلل في السلوك ، و هي وإن كانت مزعجة أو مؤذية لمن يقابلها ، إلا أنها أكثر أذى لأصحابها .

    و هم مع ذلك آخر من يشعر بها ! فكيف وصلوا إلى هذه الحال ؟! جواب هذا السؤال يكمن في أن تنمية الأجسام أسهل و أسرع من تنمية العقول .

    و تحسين الشكل أسهل و أسرع من تحسين الطباع . و عليه يمكن تحويل شخص من الهزال إلى السمنة في عدة أشهر ،و تغيير هيئته الخارجية في ساعة .

    لكن من الصعب تحويله في سنوات من جاهل إلى عالم ، أو من سيء الأخلاق إلى حسنها . حتى على مستوى الدول يكون في مقدور أي دولة صنع تنمية مادية في فترة يسيرة ، لكنها تعجز عن تحقيق تنمية فكرية بنفس المستوى وفي ذات المدة .

    ذلك أن التنمية الروحية و الفكرية أصعب و أبطأ بكثير من التنمية المادية .

    و على سبيل المثال: لو أن شخصاً هداه الله إلى التوبة وسلك طريق الاستقامة لوجدنا أن تحوله نحو الأفضل يكون عبر طريقين :

    ظاهر: يتمثل في التزام الشرع في الأمور العملية كالمواظبة على الصلاة ، و ترك التدخين ، و نحو ذلك .

    وباطن : يتمثل في إعادة صياغة كل شيء بداخله بما يتفق مع طريقه الجديد . و بينما لا يحتاج في الجانب الأول إلا لأيام ، يحتاج في الجانب الآخر لسنوات حتى يصل إلى بعض ما يطمح إليه . و بما أن الناس قد جُبِلوا على حب الراحة و طلب النتائج السريعة ، كان اهتمامهم منصباً على جانب الشكل ، وأهملوا جانب المضمون كونه يحتاج إلي جهدٍ أكبر ، و وقت أطول .

    و لو حسبنا كم مرة يتفقد المرء عيوبه الخارجية " في ملابسه ، أو سيارته مثلا "، في مقابل كم مرة يتفقد عيوبه الداخلية " المتعلقة بتفكيره أو أخلاقه " لوجدنا أن النتيجة في المتوسط: 1 في اليوم للأول مقابل 1 في السنة للثاني .

    على أن هناك من لا يعترف أصلاً بحاجته لمثل هذا التفقد ! و الأمر ينطبق كذلك على تفقد الوالدين لأطفالهما ، و تفقد المعلم لتلاميذه لنجد أن آليات التنمية الخارجية تأخذ حيزاً من الاهتمام أكبر بكثير من آليات تنمية العقل و الروح .

    و هذا ما يفسر لنا عدم التناسب في بعض النماذج التي نشاهدها بين اهتمامها بالشكل و اهتمامها بالمضمون . مع أن أهمية العقل و الروح تفوق بكثير أهمية الجسد ، و الثمرة التي نقطفها من تنمية العقل تفوق بكثير تلك التي نقطفها من تنمية البدن فقط ، و إنما تميزنا عن البهائم بالفارق بيننا و بينها في مستوى التفكير . إذا اتفقنا على هذا فإننا بحاجة لإعادة النظر في مدى اهتمامنا بتنمية العقل و تهذيب النفس ، لاسيما و الأمة تحتاج للعقول أكثر من حاجتها للأبدان ، و إنما تأخرت عن غيرها من الأمم بسبب إهمالها لتنمية العقل و انشغالها بما لا ينفع .

    تعشق الألقابَ في غير العلا****وتُفدِّي بالنفوس الرُّتَبا

    وَهْيَ والأحداثُ تَستهدفها****تعشق اللَّهوَ وتهوى الطربا
    ثم لنعلم أن أحق الناس بتفقد نفسه هو من اعتقد سلامتها من تلك الأدواء ، فالجمل لا يرى اعوجاج رقبته . و على من سلم من مثل هذه العيوب ، أن يحتاط من فتح الباب لوجودها مستقبلاً ، و ليكن أكثر عدلا بين مراعاة التنمية البدنية ، و التنمية العقلية. و ليربأ بنفسه و بمن يقوم على رعايتهم أن تكون ثيابهم أجود من أخلاقهم ، أو تكون أجسامهم أكبر من عقولهم

    امانة النقل من شبكة القلم
  • محمد برجيس
    كاتب ساخر
    • 13-03-2009
    • 4813

    #2
    موضوع جميل و يحمل فكرة اجمل
    احيانا يكون المظهر خادعا لدرجة الزيف
    و لكن تبقى دائما خبرتنا في التعاطي مع الجوهر
    فكل مظهر هو مجرد قناع ينصهر دائما و يتلاشي
    أما وهج الحقيقة و حرارتها.

    و كما جاء بمقالكم
    لنعلم أن أحق الناس بتفقد نفسه هو من اعتقد سلامتها
    أرى ان هذه الجملة رسالة ... لكن بريد البعض معطوب؟

    شكرا للنقل بهدف التوعية .. و دق جرس الخطر
    القربُ من ذاتِ الجمالِ حياتي
    بالعقل لا بالعين ذًقْ كلماتـي

    تعليق

    • اسماعيل الناطور
      مفكر اجتماعي
      • 23-12-2008
      • 7689

      #3
      ذلك أن التنمية الروحية و الفكرية أصعب و أبطأ بكثير من التنمية المادية .
      قول يحتاج لكثير من التأمل

      تعليق

      • جلاديولس المنسي
        أديب وكاتب
        • 01-01-2010
        • 3432

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة محمد برجيس مشاهدة المشاركة
        موضوع جميل و يحمل فكرة اجمل
        احيانا يكون المظهر خادعا لدرجة الزيف
        و لكن تبقى دائما خبرتنا في التعاطي مع الجوهر
        فكل مظهر هو مجرد قناع ينصهر دائما و يتلاشي
        أما وهج الحقيقة و حرارتها.

        و كما جاء بمقالكم
        لنعلم أن أحق الناس بتفقد نفسه هو من اعتقد سلامتها
        أرى ان هذه الجملة رسالة ... لكن بريد البعض معطوب؟

        شكرا للنقل بهدف التوعية .. و دق جرس الخطر
        ولهذا لا يعقل ان نحكم على الاشخاص من المظاهر والهالات المضيئة حولهم
        لنتمكن من معرفة حقيقة الاشخاص هو مخاطبة عقولهم فهى دليلهم
        دمت بخير أ/ محمد برجيس

        تعليق

        • جلاديولس المنسي
          أديب وكاتب
          • 01-01-2010
          • 3432

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة اسماعيل الناطور مشاهدة المشاركة
          ذلك أن التنمية الروحية و الفكرية أصعب و أبطأ بكثير من التنمية المادية .
          قول يحتاج لكثير من التأمل
          وان كانت أشد بطأً ولكنها اثمر وانفع وارشد
          استاذى الفاضل / إسماعيل الناطور
          انتظر عودتك بتأملاتك القيمة
          دمت بخير

          تعليق

          • أبو صالح
            أديب وكاتب
            • 22-02-2008
            • 3090

            #6
            شكرا للدعوة، في هذا المجال وللمساعدة في كيفية التعرف والتمييز لكشف التناقض ما بين الشكل والمضمون، أنقل ما كتبته في ثلاثة مواضيع ومن أحب الاستزادة عليه الضغط على الروابط

            أزمة الأديب العربي بين القديم والحداثة , وما بعد الحداثة . , وما بعد الحداث


            واحدة من الأخطاء الشائعة لدينا، هو السطحيّة والسذاجة في النظرة لأي مسألة، زادها مصيبة هو النظرة السلبيّة في كل شيء يتعلّق بالعرب والمسلمين،

            من وجهة نظري بدون تشخيص حقيقي للحالة لا يمكن الوصول إلى حلول.

            لا يمكننا أن نصل إلى حلول ما دمنا نفترض بأنه ما دام الشخص ولد في منطقة عربية لأبوين أحدهما أو كلاهما عربي فأنه يفهم العربيّة لدرجة يستطيع اصدار أحكام بها تحت عنوان أدب أو ثقافة أو وجهة نظر ويجب أن تكون صائبة.

            لا يمكننا أن نصل إلى حلول ما دمنا نفترض بأنه ما دام الشخص ولد لأبوين أحدهما أو كلاهما مسلم فأنه يفهم في الإسلام لدرجة يستطيع إصدار أحكام بها تحت عنوان وجهة نظر ويجب أن تكون صائبة.

            الثقافة أو الأخلاق أو الثوابت أو الدين الإسلامي باللغة العربيّة، واللغة وسيلة التفكير، وأدوات اللغة هي المفردات المكونة للجمل، والحروف هي المكوّن للكلمات، فكيف بمن لا يعرف مواقع الأحرف على لوحة المفاتيح والتي هي من البديهيات يمكننا أن نتصور بأنه سيستطيع فهم العربيّة بشكل صحيح، لكي يمكن أن يفهم الدين الإسلامي

            هناك بديهيات لكل شيء فمن يظن أن النظافة شيء غير مهم للإلتزام به في العمليّة الصحيّة لا يمكن أن نسمح له أن يتكلّم في الطب

            ولكن هذه هي مصيبتنا في كل من يدلو بدلوه بأي شيء له علاقة بالعربيّة وثقافتها والدين الإسلامي، وهو لا يلتزم بالبديهيّات، ومع ذلك نسمع له وننصت بل ونكيل له المديح وهنا هي الطامّة من وجهة نظري

            أنا من وجهة نظري لن يمكننا أن نفهم أخلاقنا أو ثوابتنا أو ديننا بدون أن نفهم لغته ولا يمكننا أن نفهم لغته بدون أن نتعلّم على مواقع الحروف والحركات والتنقيط على لوحة المفاتيح التي نسّطر بها أفكارنا أولا، ومن ثم من بعد ذلك كيف نصوغ تعابيرنا بلغة صحيحة تلتزم بمعاني المفردات في القواميس ثانيا، ومن ثم من بعد ذلك كيف نلتزم بالنحو حتى تكون تعبيراتنا صحيحة ثالثا

            مناهج تدريس اللغة العربيّة تم تدميرها في بداية القرن الماضي من قبل ساطع الحصري وصحبه والمصيبة تحت عنوان التطوير وتبعت خطواته كل مناهج تدريس اللغة الحاليّة بنفس الطريقة،


            حيث أتوا بالمناهج الغربيّة لتعليم اللغات وطبقوها حرفيّا دون مراعاة للإختلاف الجذري بين العربيّة واللغات اللاتينية، وبدل أن تكون هناك محاولة الاستفادة من المناهج الغربية باستيعابها وبناء مناهج جديدة تلاءم تكوين لغتنا التي تختلف في تكوينها عن اللغات اللاتينية للاستفادة من خبراتهم ونتيجة لذلك كان العنوان تطوير وهو في الحقيقة هدم بسبب السذاجة والسطحيّة إن لم نقل تقصير وتقاعس متعمّد أو أي شيء آخر

            فنتيجة لذلك تم إهمال التشكيل والحركات في مناهج التعليم لعدم وجود مقابل له في اللغات اللاتينية لكي ينقلوه حرفيا في المناهج الجديدة،

            وتم إهمال استخدام القواميس (المعاجم) العربيّة-العربيّة بالرغم من أننا أول من اخترع القواميس (المعاجم)، لأن القواميس العربية -العربية في حينها تعتمد على الترتيب الألفبائي للجذر والصيغ البنائيّة له، في حين القواميس الأجنبية تعتمد الترتيب الألفبائي للكلمة فتم اهمال استخدام القواميس في مناهج تعليم اللغة العربيّة لأنه لا يوجد طريقة في المناهج الأجنبيّة تطرح كيفية التعامل مع مثل هذه القواميس،

            العربيّة بدون تشكيل وتنقيط تؤدي إلى ضبابيّة في اللغة وطريقة فهمها، وبدون الالتزام بمعاني موحدة من خلال القواميس ستكون النتيجة كل واحد يفهم وفق المفاهيم التي يتعوّد عليها في محيطه الذي نشأ عليه والتي هي ليس بالضرورة تكون واحدة، وهذه تزيد من عملية الضبابيّة اللغويّة والتي يعاني الجميع منها حاليا من وجهة نظري كما أوضحتها في الرابط التالي لمن يحب الاستزادة


            ولذلك من وجهة نظري بدون منهاج جديد يعالج هذه النواقص من جذورها لن نستطيع أن نفهم لغتنا بشكل صحيح لكي نستطيع أن نفكّر بشكل صحيح وفق أحلى وأرقى مميزات لغتنا والتي هي الاستقراء والاستنباط، كما أوضحته في الرابط التالي لمن يحب الاستزادة


            ما رأيكم دام فضلكم؟
            --------------------

            كيف يطمئن عقلك لصحة ما يكتب؟
            http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=48993

            للتأكد من صحّة ما أقرأ،
            أولا أنتبه على التفاصيل الصغيرة فيما قرأته،
            هل هناك تعارض بين جملة وأخرى أو فقرة وأخرى؟
            هل هناك تعارض ما بين الفترة الزمنية المقصودة وما بين الأمثلة التي استخدمها في الموضوع؟
            هل هناك تناسق ما بين العنوان وما بين المحتوى؟
            هل هناك توافق بين ما قرأته للكاتب سابقا وما بين ما قرأته في هذا الموضوع؟
            هل هناك صلة بين ما قرأته والواقع؟ أم أن الكلام كلّه مبني على أقوال وإشاعات؟
            هل هناك تسلسل منطقي في الأفكار المطروحة؟ أم هناك من كل قطر أغنية؟
            هل ما قرأته مبني على النظرة السلبية (النظر إلى الجزء الفارغ من القدح بما يتعلق بنا، والنظر إلى الجزء المليان من القدح بما يتعلق بغيرنا) (النظر إلى القسم المليان من القدح بما يتعلق بنا، والنظر إلى القسم الفارغ من القدح بما يتعلق بغيرنا)

            هذه بعض المحددات التي استخدمها في معرفة صحّة ومستوى مصداقيّة ما أقرأه، ولمن أحب المزيد عليه الاطلاع على ما كتبته تحت العنوان والرابط التالي

            لماذا يجب أن نعتمد الاستقراء والاستنباط أفضل من التأويل؟ وهو سبيلنا للتطور!



            ما رأيكم دام فضلكم؟
            ----------------------
            ماذا يريد القارئ ؟

            بسم الله الرحمن الرحيم إقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * إقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم القلم أيها الإخوة والأخوات :- في بداية الأمر يحب الكاتب أن يقرأه من يفهمه وكيف لا .. فلكل مقال هدفه الإيجابي . ولكن أين الهدف :- يلبث الكاتب مليا وينتقي من الكلمات ما هو بصدد بحثه وما يحقق هدفه الإيجابي المنشود . فيكتب


            هل هناك كاتب يكتب لغيره؟ أم هو يكتب لنفسه؟ راجع المواضيع التي نشرت في الملتقى والتي تحوي في عنوانها لماذا نكتب أو الكتابة لماذا وغيرها من العبارات التي لها نفس المدلول، لكي تتعرف على آراء الأعضاء لماذا يكتب

            ومن وجهة نظري تستمر المراهقة الكتابيّة لدى أي كاتب طالما لم يخرج الكاتب عن ضيق الأنا الخاصة به، وحالما يبدأ بالنضج تجد أن كتاباته خرجت من ضيق الأنا إلى رحابة الـ نحن، حينها يبدأ يهتم بمشاكل الآخرين والتي تعني القراء حينها يبدأ يثير اهتمام القراء ومتابعتهم

            ومن هذه الزاوية نستطيع أن نفهم لماذا هناك مقالات عدد قراءها لا يتجاوز عدد الأصابع في الملتقى من وجهة نظري

            ما رأيكم دام فضلكم؟
            ---------------------------

            وهناك مداخلة مهمة كتبها د. وسام البكري ولأهميتها أدرجها من ضمن هذه المداخلة

            مشاركة رقم 23 للدكتور عبد الحميد مظهر:



            فى محاولة للإجابة عن السؤال...

            كيف يطمئن عقلك لصحة ما يكتب؟

            نحاول تأمل الآتى....


            العلاقة بين صحة ما يكتب و...

            00- شهرة الكاتب
            00- حب الكاتب أو كراهيه القارىء له
            00- الدرجة العلمية للكاتب
            00- القاب الكاتب



            و ما تأثير كل العوامل السابقة على الاقتناع العقلى بصحة ما يكتبه الكاتب؟


            و سلامى للجميع

            انتهت مشاركة الدكتور عبد الحميد مظهر


            الأستاذ الفاضل د. عبد الحميد مظهر


            اسمح لي أن أعود إلى هذه المشاركة التي لم تُستَوفَ البحث بحسب ظني؛ وعودتي إليها لأن

            العلاقة بين صحة ما يكتب و ...



            00- شهرة الكاتب


            00- حب الكاتب أو كراهيه القارىء له


            00- الدرجة العلمية للكاتب


            00- القاب الكاتب



            أُسُّ مصائب الفَهم والكتابة لدينا، ولا ننكر من تأثير بعضها الإيجابي في التقبّل الأولي (وأؤكد على التقبّل الأولي بسبب الشهرة والدرجة واللقب العلميَين)، ولكنْ لا أثَرَ لها في البحث العلمي، وهو المأمول في دراسات الباحثين.


            فالباحث الحقيقيّ يجب أن يشكّ في المعطيات بناءً على شكّه في المقدّمات، وهكذا تستمرّ عملية الشك لديه حتى يضع الاحتمالات التي قد تَصدُق أو لا تَصدُق (بغض النظر عن مُطلَق التصديق أو نسبيته).



            ولكنّ الإشكال الحقيقي ليس في التوصل إلى حقائق مختلفة بطرائق علمية متعددة ومختلفة، بل الإشكال فيمَن ينقض النظرية، وينقض الحقائق بنصٍّ قابلٍ للتفسير وقابلٍ للتأويل.


            والصحيح، لو أننا استظهرنا تاريخية التفسير والتأويل في مدى القرون لتبيّنَ لنا تعدّدهما وفقاً للتطور الفكري لدى المفسّر أو المؤوِّل؛ وأظهرَ لنا معجزية النص الذي لا ينضبط وفقاً لمُدركاتنا الحالية.


            ما علاقة ما قدّمتُه بالعوامل المذكورة في أعلاه ؟


            العلاقة واضحة، فالآن هناك مَن يدّعي العلمية والقدرة على البحث وهو يستند في أدلته على كلمات رجلٍ لا يتصف بالبحث العلمي ولا بالقدرة العلمية على الاستقراء والتجريب والاستنباط لينقض نظرية علمية لها أسسها وتجاربها ومعادلاتها العلمية.


            نعم .. هذه النظرية قد تُنقض بنظرية أخرى استندت إلى أدلة علمية أخرى، ولكن من المهم .. إنّ النقض لم يكن نتاج أوهام المتوّهمين الذين يفسرون العبارات وفقَ تطبيقِ فهمهِ السطحيّ للنص وللنظرية العلمية.


            وهذا ما جناه الاتّكاء على رجلٍ يقدّر شهرته أو درجته الدينية، فيأخذ منه من غير دليل ومن غير تمحيص، فيعدّها من المسلّمات التي لا تُناقَش.


            من هنا ظهر الخلاف في تطبيق النص على النظرية ... وهذا من المحاذير التي يُظنّ أنها تُسبب الانتكاسة لدى المؤمن، بعد أن كان يظنّ ما يظنّ قبل ظهور النظرية الجديدة !.


            ======


            أمامنا .. الحب والكره والمآرب الخفية التي يعجّ بها البحث الإنساني في التاريخ والاجتماع والنفس والنقد وحتى في إبداء الأفكار والآراء في المعاملات اليومية وغيرها.


            فكم مِن كاتبٍ كتبَ وهو يُضمِر الكرهَ والمآربَ الخفية ؟ !.


            فللقارئ أن يحتكم إلى عقلهِ في تدبّر الغاية من نصِّ الكاتب، فيسأل الآتي:


            ما علاقة الكاتب بالمضمون ؟


            هل لها علاقة بسيرته ؟ حسنةً كانت أم سيئة !


            وإذا كان مشهوراً، فما نوع شهرته ؟ حقيقية أم مزيّفة، صنعها المحيطون به ؟.



            عزيزي د. عبد الحميد مظهر .. موضوع جدير بالمناقشة، وأعتذر لقطع التواصل في الموضوع.


            مع خالص تقديري.






            تعليق

            يعمل...
            X