مدينة اور وبابل روعة التخطيط وتكامل الفكر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • احمد رشيد
    جليس المبدعين
    • 03-01-2010
    • 63

    مدينة اور وبابل روعة التخطيط وتكامل الفكر

    • مدن وادي الرافدين:
    إنَّ ازدهار الحياة في بلاد ما بين النهرين منذ زمن بعيد يعود الى ما بين4-6 الآف سنة قبل الميلاد، حيث تمثل أرض السهل الرسوبي التي يمر خلالها هذين النهرين أفضل المناطق لقيام المُدُن، لخصوبة التربة وتوفر المياه واعتدال المناخ وانبساط الأرض مِما مَهد الإتصال بالمناطق الأخرى، وكان للنهرين دور كبير في إنعاش تلك الحضارات، وكل ذلك شجع على استقرار السكان واقامة المستوطنات مثل اور واريدو وأكد وبابل التي تعد من أكثر تلك المدن تطوراً تخطيطاً وعمراناً مِما أدامَ بعض معالمها شاخصة الى الوقت الحاضر.
    كانت طبيعة التصميم في مدن وادي الرافدين تعتمد النمو العضوي، و لم تكن هناك ساحات عامّة منتظمة الأبعاد، بل فضاءات غير منتظمة وخصوصاً ما ارتبطَ منها بالأسواق والتجمعات التجارية. وكان الناس يرتادون هذه الفضاءات بشكل تُمارَس فيها عمليات البيع والشراء وتبادل الرأي والأحاديث.
    فقد عبرّت الكتلة الهندسية بدل الفضاءات العامة في كثير من الحالات عن مفاهيم القوة والنفوذ والسيطرة على الأعداء، حيث كانت المباني العامة كالقصور والمعابد تمثل المركز الذي تتجه اليه انظار السكان، وباتجاهها أو بجوارها تخطُ الطرق العامة. وهذا من آثار سلطة الحاكم وسيطرته، فقد كُرس فضاء الشارع ليكون جزءاً من منظومة رمزية تعبر عن هيمنة الاله الحاكم بتشكيله الهندسي المسور وتخطيطه بالمباني ذات السلطة التي غالباً ما كانت تجتمع فيها السلطتين الدينية والدنيوية (فاضل، 2002، ص20).
    ورغم تعدد مناطق الإستيطان في بلاد وادي الرافدين ومرجعياتها الموغلة في القدم إلا إن البحث سيتناول بالشرح الموجَز نموذجين متقاربين في كثير من مقومات تكويناتهما ومختلفين في كون أحدهما نما بشكل عضوي، والذي تمثله مدينة اور، وآخر هندسي وتمثله مدينة بابل الكلدية.
    أ- مدينة اور:
    تعطينا دراسة بقايا مدينة اور فكرة واضحة وحقيقية عن المدن التي أُنشأت خلال فترة حكم سلالة اور الثالثة (اورنمو)، إذ ان اور بوصفها مدينة عاصمة تعتبر مثلاً حياً في جميع جوانب حياتها لدول المدن السومرية المستقلة التي انتشرت من الخليج العربي الى أعالي الفرات.
    أُنشئت مدينة اور في الألف الثاني قبل الميلاد وتتكون من ثلاثة أجزاء وهي المدينة القديمة المسوّرة، والمنطقة المقدسة ثم المدينة الخارجية.



    شكل (1) منظر عام لمدينة اور موضحاً النسيج الحضري فيها

    المدينة المسورة قد شيّدت فوق تل من بقايا الأبنية المختلفة للقرية التي بنيت في الموقع أيام حضارة تل العبيد. وكان تخطيط المدينة ذا شكل بيضوي غير منتظم بلغ أقصى طول لها حوالي (5,1) كم بينما بلغ عرضها حوالي (75,0) كم، وأحيطت المدينة بسور ضخم بني من الطابوق غير المفخور. وبلغ ارتفاعه حوالي (8) أمتار وكانت واجهته الخارجية شديدة الإنحدار.أما المنطقة المقدسة فكانت تشغل الجزء الشمالي الغربي من المديـنة وتشتمل على معبـد ننـار
    Nannar اله القمر.






    شكل (2) المنطقة المقدسة في الجزء الشمالي الغربي لمدينة اور

    وقد بني هذا المعبد على مرتفع صناعي فوق مستوى الأرض الذي شيدت عليه باقي أرجاء المدينة. وأُحيطت المنطقة المقدسة بسور ضخم من الطابوق وأُقيم برج مرتفع فوق ضريح الأله ننار Nannar الذي اعتبر أقدس المقدسات في المدينة.
    وأمام الضريح فناء فسيح أحيط بعدد من حجر تخزين الحبوب وبعض المكاتب التي كان يقدم اليها النذور وايجار الأراضي الزراعية التابعة للإله. أما بقية المنطقة المقدسة فقد امتلأت بالمعابد وملحقاتها. وقد كانت المنطقة المقدسة هي قلب المدينة حيث توجد الإدارة المركزية ومكتب الضرائب والمحكمة، وحيث يتركز النشاط الإقتصادي بجميع أنواعه، (الجابري، 1986، ص16).
    وتمتاز مباني المدينة الخارجية بصفة عامة بأنها مكدسة إذ أن الأحياء السكنية التي اكتشفت في اور تعطي فكرة عن كيفية تطور هذه المدينة عن قرية. اذ لا يظهر بها أي نظام للتخطيط حيث يلاحظ التخطيط العضوي، فيظهر الفضاء الحضري بشكل غير منتظم بين مساكن
    أما الشوارع فهي ضيّقة غير مرصوفة وكثيرة التعاريج، مغلقة في بعض الأحيان ومغطاة بأسقف. ويقدّر كثير من الباحثين أن مساحة المدينة لم تكن بأكثر من (7-8 كيلومترمربع) وعلى هذا الأساس فإن نفوسها تقدر بـ 5000 نسمة، أو ربما أكثر من ذلك بقليل. (الجابري، 1986، ص16)





    شكل(3) مخطط مدينة اور ( 1900_2100)

    ب- مدينة بابل:
    بنيت مدينة بابل وفق مخطط وكانت في البداية على الضفة اليمنى لنهر الفرات وتم حفر قناة تحيط بها لمنع هجمات الأعداء على المدينة، وبمرور الزمن إزداد عدد سكّان المدينة فآنتقلت الى الضفة الثانية من النهر وتم حفر قناة تحيط بهذا الجزء من المدينة أيضاً، كما تم بناء سور على الضفة الداخلية من جهة المدينة، ويحتوي السور أبواب محصّنة.تضمّن مخطط المدينة طرق مستقيمة وواسعة تتفرع منها طرق فرعية تربط بين أجزاء المدينة حيث نلاحظ شارع الموكب والفضاء المحيط بالزقورة الذي مثل مكان لتجمع الناس كما
    في الشكل (4). فعكس التخطيط الهندسي هذا، شكل (5)، سلطة الحكم وهيمنة الزقورة في المدينة كما تحتوي على مناطق سكنية بعض أبنيتها تتكون من أكثر من طابق واحد، كما واحتوت المدينة على منشآت ذات صبغة دينية عامة وكذلك على (الجنائن المعلقة) التي تعد من عجائب الدنيا السبع (عارف، 1991، ص37). وقد أستخدم في بنائها الطابوق واللبن والقار.




    شكل (4) مدينة بابل- شارع الموكب والفضاء المحيط به






    شكل (5) مخطط مدينة بابل

    وقد لعبت الزقورة والمنطقة المقدسة دوراً أساسياً في كونها تمثل فضاءات عامة تستقطب سكّان المدينة في المناسبات والأعياد، إذ إن ما نشاهده من بقايا مدينة بابل الكلدية يشير الى وجود فسح فضائية واسعة أمام أو حوالي المنشآت الدينية حيث كانت تجري في هذا المكان المهرجانات واللقاءات الشعبية والإحتفالات في المناسبات الدينية وسواها والتي غالباً ما كانت تجري أمام المعابد أو قصورالحكّام. ويمكن إعتبار مثل هذه الأماكن البذرة الأولى لظهور الأماكن العامة في المدن.
    ولعل سعتها هذه تمثل صدى لعدد مرتاديها من سكنة المدينة في أوج ازدهارها في عصر نبوخذ نصّر ونبوبلصّر.




    شكل (6) بوابة عشتار ذات الطابع النصبي والتي يمتد من خلالها المحور الحركي الرئيس الذي يتجه نحو قلب المدينة ) الزقورة – قصر الحاكم (






    شكل (7) يوضح الفضاء المحيط بالزقورة في بابل
  • نجلاء الرسول
    أديب وكاتب
    • 27-02-2009
    • 7272

    #2
    صباحك الخير سيد أحمد وشكرا لهذا الموضوع الجميل
    نجلاء ... ومن بعدها الطوفان


    مستوحشاً مثل رقيم تقرأه الخرائب
    أوزع البحر على السفن .. أوزع انشطاري

    على الجهات التي عضها الملح
    لم أكن في ذاك الرنين الذي يبزغ منه دم الهالكين
    وكنت سجين المكان الذي لست فيه ..

    شكري بوترعة

    [youtube]6CdboqRIhdc[/youtube]
    بصوت المبدعة سليمى السرايري

    تعليق

    • حامد السحلي
      عضو أساسي
      • 17-11-2009
      • 544

      #3
      بين استوكهولم ولندن وباريس
      بين مكة والرياض
      أظن المقارنة غير صحيحة
      فالمدن التاريخية لا يمكن أن تنمو منظمة
      فالمدن المنظمة إما أن تبنى من الصفر في أرض خالية مختارة كبغداد وربما بابل
      أو أن يتم إعادة بناءها بعد تدميرها بالزلزال كأنطاكية أو بفعل الإنسان كاستوكهولم

      وعندما تكون الشوارع ملتوية
      فهذا قد يعني أن هناك تضارب مصالح
      أو أن هناك أناسا فوق القانون
      ولكن في مدينة تاريخية كدمشق
      عندما تكون الشوارع شبه مستقيمة
      فتحت الاسفلت هناك قدر هائل من الظلم يتربص ليقلب المدينة بأكملها

      تعليق

      • احمد رشيد
        جليس المبدعين
        • 03-01-2010
        • 63

        #4
        القديرة الاستاذة نجلاء الرسول
        شكرا لمرورك الكريم على الموضوع
        واتمنى ان تكوني من الناقدين والمحللين لمواضيعي من وجهة نظرك كما ترينها لاننا بالنقد نرتقي ونتطور
        شكرا والف شكر

        تعليق

        • احمد رشيد
          جليس المبدعين
          • 03-01-2010
          • 63

          #5
          القدير استاذي الفاضل حامد السحلي
          شكرا لمرورك وقرائتك وتحليلك ورد على الموضوع
          املا منك المزيد من النقد لان النقد وحده من يجعلنا نرتقي سلم المعارف والعلوم
          دام قلمك راقيا
          التعديل الأخير تم بواسطة احمد رشيد; الساعة 13-03-2010, 16:00.

          تعليق

          يعمل...
          X