رداء نيسو ،، سرد ،، عبدالرحيم الحمصي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحيم الحمصي
    شاعر و قاص
    • 24-05-2007
    • 585

    رداء نيسو ،، سرد ،، عبدالرحيم الحمصي

    [frame="5 80"]

    رداء نيسو ،، سرد ،، عبدالرحيم الحمصي


    كعادتها خرجت أم الشهيد بعد أن ساعدت زوجة ابنها في أشغال البيت ... رغم
    تقدمها في السن، فهي لازالت تصحو لأداء صلاة الفجر، لتبدأ يوما كسائر أيام توهانها في غمرة ماض تلاشت ثوابته، و اضمحلت عضلات عنفوانه ..... خرجت من البيت الكبير بقريتها التي زفت إليه، كعروس لزوجها أبو القاسم المقدسي ... هذا الرجل الذي فجر جذوة النضال ضد المستعمر ... كان مهابا من جميع أترابه وهو طفل ... كما كان زعيما في جميع مراحل حياته ... و هو في سنته العمرية الثامنة كون جيشا من أصدقائه ...صنع لهم سيوفا من خشب السنديان ليغزو به معاقل عدو مفترض بالقبيلة المجاورة لأن احد أطفالها اعترض سببيله و هو في طريقه للمدرسة....
    كانت أم توهان مضبوطة الموعد للجلوس تحت شجرة التين الباسقة .. السادلة
    ظلالها في هذه الساعة الحارة من فصل الصيف، بعد أن تفترش سجادتها المزركشة بجمبع ألوان الطيف البهي ....
    فوق الرابية المطلة على سهل يذكرها بأيام باخت ضياؤها.. و تسربلت إيقونات ملامحها بضبابية مجهول كاتم للأنفاس ... تجلس و يديها المنتجتين اللتان لا تهدءان ، تحركان بخفة آلية ، مغزلا، و صوفا ، تسد بهما ضائقة مالية لابنها توهان ، الذي يجتر أيامه الموشومة بقلق حاضر يمور في اتجاه طحلبة طموحاته المتطلعة لهجرة نحو حضارة ، تعتمد إشباع فضول تكنولوجي حداثي غير متوفر له...
    وسط عبق رائحة أوراق التين المنعشة، تسبح أم الشهيد مدندنة بكلمات غير مسموعة.لكنها متجلية تعكس ترانيم تراثية تحكي جمال الصبايا في المروج وهن يجلبن الماء من ساقية المنحدر، أو ينثرنه على بعضهن البعض،أمام أعين مختلسة للرمق المحتشم من وراء ستار أخضر قصبي المنبت ...
    كلما استظلت بهذه الشجرة المسنة سنون صاحبتها تذكرت يوم الزرع كعربون على حبها لأبي القاسم وحبها لهذه التربة التي ستسكنها و ستتجدر فيها تجدر الزمن في أوصال الأحقاب الغابرة لوجود هذا الإنسان المتدفق بين ثنايا و سطور التاريخ القادم من العدم....
    لا يمكن لضحكات حنظلة و سناء، أن لا تسمعهما أدناها الملتقطتين لكل كبيرة و صغيرة .... رفعت أم توهان عينيها المثقلتين بأوزار السنين البعيدة، بعد شبح الطفلين اللذين لا يفارقان جدتهما طوال اليوم .... خفق قلبها و انتعش إحساسها لطرد شيطان
    وحدتها و خلوتها من شدة حبها لهما ... هذه الخلوة التي لا يمكن اختراقها ، أو تعكير صفو نسيماتها ، سوى حنظلة و سناء...
    بمحياها الوضاح استقبلتهم أم الشهيد ، أجلستهم على ركبتيها رغم عدم قدرتها على تحمل جسديهما ...و كيف.. أنهما الامتداد لذات الصفي الحمول القادر على الانبعاث من هذا الحنظلة المشع ذكاء و المتضرم حماسة ... انه الاستمرار المنتظر النابع من رحم فورة بركان اسمه أبو القاسم المقدسي، الذي حمل روحه على راحته و انطلق دون الالتفات لإفك ساقه قادم من وراء البحار ...انه حنظلة الذي اشتمت فيه رائحة العزيز الذي قاطع الحشوة و الرذالة ... المقدام الذي ارتجز ضد الخانعين و العملاء و الساقطين من بني جلدته ...
    _ نريد الذهاب الى المدينة جدتي ...
    _ ستذهبان إلى المدينة بداية السنة الدراسية إن شاء الله ، لإتمام دراستكما هناك... و سأبقى وحدي هنا ... تقول الجدة بعد تنهيدة عميقة ،،،، حارسة لهذا الربع المزهو بألوانه .....
    وإذا بحنظلة ينتفض سائلا جدته ....
    _ لمن هذه المنازل الجميلة التي تبنى على الثلة المقابلة لنا يا جدتي.؟؟؟؟
    _ إنها مستوطنات الصهيونية التي سلبت منا ديارنا.. و أرضنا.. و مزارعنا و زيتوننا.. و كل شيء كنا نملكه في هذا الربع يا حنظلة ... إنهم سرقوا فلسطين كما يفعل اللصوص بالليل يا ولدي .....
    _ و لماذا لا نملك بيتا كهذه التي تبنى هناك...تسال سناء..
    _ لقد سرقوا حتى أموالنا و وضعوها في بنوكهم كما قال لي أبوك ،،، لقد منعوا
    عنا الغداء.. و الدواء.. و الشمس.. و الهواء.. بقوة الرصاص يا بني...
    _ من هم يا جدتي .. تسال سناء ...
    _ الصهاينة يا بنيتي ... المستقدمون من رحم الحثالة و الحقد و الظلم ... إنهم أحفاد حثالة شعوب الشرق و الغرب الأوروبي يا بنيتي ...
    _ و من أتى بهم إلينا يا جدتي ....
    _ الغرب الحاقد علينا، و على ثرواتنا الطبيعية، و على ديننا، و على عروبيتنا و على حضارتنا و ثقافتنا التي شربوا من ينابيعها حتى الثمالة ، و بعد قضائهم و طرا منا يعملون الآن على إقصائنا و تجريدنا من هويتنا و إتباعنا لهم بما تشتهيه ريحهم .....
    _ ما داموا لصوصا. لماذا لا ترفعين شكواك إلى القاضي ...
    _ هم القضاة و هم الحكام ... و هم الجاثمون على أوصالنا يا بنيتي.. انه الاستعمار و الغصب،،،
    لم ينتبه حنظلة إلى الحوار الذي دار بين جدته و أخته .لكن بصره ظل شاخصا تجاه الثلة الأخرى، والحاضنة لهذه المستوطنة التي نشأت كالفطر، و في زمن قياسي لم ينتبه إليه احد من سكان القرية الغارقة في ظلمة الفقر و الحاجة ... تساءل عن هذا الدخيل القابع في غير كنهه، و الذي يبث يرونه أينما حل و ارتحل ....فطن رغم حداثة سنه لهذا الأخطبوط الذي تمطى على الأرض طولا و عرضا. محاولا التقحم رغم الهامات المقاومة و الشبيهة بالهضاب و الحزن... ثم صرخ بأعلى صوته في هذا الوادي الفسيح ...
    _ أين انتم يا إخوة لنا في اللغة ...و الدين... و الدم..؟؟؟. ألا ترون أن ثالث الحرمين الشريفين يهود في كل دقيقة وفي كل ساعة ...؟؟؟ ألا تلمسون الزحف المتواصل و الخانق لكنيسة المهد قد يخرس أجراسها...؟؟ هل شلت يمينكم دفاعا عن مسرى الرسول عليه الصلاة و السلام ..؟؟؟.ماذا تقولون لرب العالمين يوم الحساب ؟؟
    لقد كبرت الهوة ...
    كرر حنظلة النداء حتى تقحطت أوداجه ... كان لا يسمع إلا صدى صوته المبحوح ...

    _ مع من تتكلم يا حنظلة ..؟؟؟ تسال الجدة ... ليس أمامك إلا الصبر و الاعتماد على سواعدك يا بني ... لقد أقفلت الحاكمية العربية آذانها مند زمن طويل ..و الحاكمية الغربية الزارعة لهذا الكيان القزم لا تريد أن تسمع ...
    ما رأيك يا بني في أن ابدأ لكم حكاية اليوم ..؟؟
    _ نعم نعم جدتي ...تقول سناء ..
    _ اسمعوا يا أبنائي ....حكاية اليوم هي من القدم ... وبما تختزله من الحكم..
    و انسلال شعرة شعب من عجين خباز ظالم ....
    _ كيف جدتي ... كيف..؟؟؟؟
    _ إنها أسطورة احد القناطير التي ،،، يقاطعها حنظلة
    _ و ما هي القناطير جدتي؟؟؟؟
    _ القنطور يا بني هو كائن أسطوري .. نصفه رجل و نصفه الثاني حيوان و يسمى نيسو . في يوم من الأيام حاول الإعتداء على الفاتنة ديانيرا... زوجة البطل الإفريقي هرقل ، الذي لا يشق له غبار.و بغفلة منه ، طعنته الفاتنة طعنة قاتلة .. قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، فكر في الانتقام منها، و ذلك بإهدائها
    ردائه الذي طلاه بدمه المسموم على اعتبار انه يملك قوة خارقة، لقضاء كل ما يستعمل لأجله..
    _ و في ماذا ستستعمله ديانيرا يا جدتي... وهي زوجة هرقل... و كل شئ متاح لها ...يقول حنظلة
    _ لقد أوعز لها نيسو بأن هذا الرداء، يصلح في حالة ما إذا أصبح هرقل زوجا خائنا ، و غير مخلص.. يمكنها به إعادة إخلاصه و حبها الضائع..
    _ و هل خانها هرقل ..... تسال سناء
    _ نعم يا بنيتي ..خاصة عندما مجََّها و تركها ... أرسلت له رداء نيسو كهدية ...وما أن تسربل به حتى أحس هرقل بالرداء المسموم الذي علق بجسمه ... و للتخلص من عذاباته ألقى بنفسه في بركان إتنا و احترق ....
    _ قصة عجيبة جدتي..يقول حنظلة ....
    _ نعم يا حنظلة فهي صورة طبق الأصل لما قام به الغرب المتصهين حين زرع وسط و طننا العربي هذا الكيان المسموم ... و إن لم يقتلعه من أرضنا ،،،سيجلب عليه الخراب و الدمار كما وقع لهرقل،،، البدايات واضحة ........ الباقيات على الطريق،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
    [/frame]
    [align=center]هل جنيت على أحد و أنا أداعب تفاصيل حروفي ،،،؟؟؟


    elhamssia.maktoobblog.com[/align]
  • محمود الديدامونى
    أديب وكاتب
    • 16-05-2007
    • 108

    #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    هذا هو عالمنا
    لك الود كاتبنا الكبير/ عبدالرحيم الحمصى

    تعليق

    • عبدالرحيم الحمصي
      شاعر و قاص
      • 24-05-2007
      • 585

      #3
      [align=center]
      المشاركة الأصلية بواسطة محمود الديدامونى مشاهدة المشاركة
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      هذا هو عالمنا
      لك الود كاتبنا الكبير/ عبدالرحيم الحمصى
      أديبنا الراقي محمود الديداموني ،،،

      و نحن لا نملك إلا إرادتنا

      و آمالنا و أقلامنا نحو التغيير ،،

      لك تقديري و احترامي

      و محبتي و هذا المرور الطيب ،،،


      ودي و محبتي ،،




      الحمصــــــــــي
      [/align]
      [align=center]هل جنيت على أحد و أنا أداعب تفاصيل حروفي ،،،؟؟؟


      elhamssia.maktoobblog.com[/align]

      تعليق

      يعمل...
      X