منقول عن مجلة "الصوت الآخر" العراقية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سعيد بوعثماني
    شاعر وزجال
    • 04-01-2009
    • 85

    منقول عن مجلة "الصوت الآخر" العراقية



    279 - 10/2/2010






    آخر تحديث 2010.02.10 الساعة: 11:37 (توقيت بغداد)


    سعيد بوعثماني: قصيدة النثر خلقت لتقرأ ولم تخلق للإلقاء

    حاوره: بسام الطعان



    شاعر مغربي من مواليد الدار البيضاء 1962/ حاصل على دبلوم الدراسات/جامعة الحسن الثاني/ حاصل على عدة جوائز، ينشر نتاجه في الصحف والدوريات، وهو أمين للمال بجمعية أواصر التنمية التي تعنى بتنمية العمل الثقافي، كما انه يترجم الشعر العربي إلى اللغة الفرنسية.


    ـ كيف يصف سعيد بوعثماني للقارئ الشاعر الذي في داخله؟
    * إنه هو نفسه القارئ العربي ، يحس إحساسه ، فيؤلمه ما يؤلمه ، ويفرحه ما يفرحه ، ويبقى فقط هم التعبير على عاتق الشاعر ما استطاع أن يكون تجليا لضمير القارئ ودواخله...
    ـ ما الذي ورطك في الشعر حتى جعلته أول اهتماماتك الإبداعية؟
    * أفضل ألا نستعمل كلمة "الورطة" وأن نستبدلها "بالإسراء" لأن الليل والسفر لعبا دورا في لحظات المخاض لأغلبية قصائدي وأظن أنه أبلغ مؤثر من أصناف الأدب على المتلقي ، لذلك وجدتني أطلق العنان للروح في متنفسها الأول،لأتقاسمها مع المنتشين من المتلقين.
    ـ كيف تولد القصيدة لديك ؟ ومن أين تشكل عالمك الإبداعي، وما دور بيئة الدار البيضاء في ذلك؟
    * القصيدة وليدة التأثر بالمحيط سواء في مفهومه الضيق أم الشاسع
    فالشاعر دائما في تواصل وتفاعل مع محيطه العاطفي ، ومحيطه الوطني والقومي وأيضا مع المحيط العالمي وما إنتاجاته إلا تجليات للأفعال وردودها، لذلك فالعالم الإبداعي يبقى رهينا بالواقع ، وأحيانا بالذكرى المؤلمة مثلا فتكون ولادة القصيدة بمثابة بلسم للروح المتجددة الراغبة في التخلص من بقايا الآلام السالفة ، المنطلقة نحو الأمل،وأحيانا أخرى تنبلج القصيدة من غمام الحاضرالراهن محاولة أن تساهم في انجلائه ، فيكون لها وقع التخفيف النفسي على الشاعر نفسه قبل الجمهور.
    أما عن دور الدار البيضاء فأنا أفضل أن نتكلم عن البيئة الروحية أي ما يربطني بهذه المدينة وهي مسقط الرأس ومهد انتشاء الشعر، وبيت الموعد الأول ، والرقصة الأولى،والأمسية الأولى، والقصيدة الأولى،فكيف برائحة نسيم محيطها لا تنعش رئتي وقلبي و أنا رجل يرتبط بالأماكن ويعشق فيها الوطن.
    ـ يعتقد البعض وخاصة النقاد أن قصيدة النثر وضعت القارئ العربي في حيرة من أمره ودفعته إلى مقاطعة الشعر عموما ، ما تعليقك؟
    * أنا أعتقد أن قصيدة النثر خلقت لتقرأ ولم تخلق للإلقاء ، لذلك أظن أن سؤالكم عندما تبررونه "بمقاطعة الشعر" يرتكز على حضور الجمهور للأمسيات ، وهذا واقع فالجمهور عندما يؤم المسرح من أجل سمــاع الشعر يكون مترقبا للصيغ البلاغية الرائعة ، لا للإنزياحات الغارقة في خبايا نفسية الشاعر والموغلة في الغموض ،يكون مترقبا لبناء يسهل معه حفظ القصيد ويهز النفس دهشة عند التلقي، لا لفلسفة تستدعي الوقوف عندها لاستيعابها حتى يبلغ الملقي نهاية إلقائه، فيشعر الجمهور أنه مدعو لاستعراض عضلات في اللغة ، الشيء الذي في أغلب الأحيان?يخيب ظنه ويجعله ينفر من أمسيات الشعر عامة ، أما عن القراء فقراء "الشعر المنثور" وأنا أفضل هذه التسمية ، عن "قصيدة النثر" هم في تصاعد وكتابها أيضا ، إلا أن معايير تقييم "الشعر المنثور" أو" النثر المشعور" تبقى محط تضارب آراء النقاد ، ويبقى الشعر الحر في نظري انفتاحا على الطريقة الغربية أساسا ولكنه لا يسيء للأدب العربي بقدر ما يغنيه .
    ـ من هو الشاعر المبدع الذي يوفر لقرائه المتعة الجمالية ويترك فيهم أثرا عميقا؟
    * هو من يستطيع تضمين إحساسهم ...
    ـ إذا قسنا الشعر في كل البلدان العربية بمستوى جماهيريته، ماذا نجد، هل نجد انه في أزمة أم ماذا؟
    * أبدا هو فقط ما سأصطلح على تسميته "بالحاجز الإبستيمولوجي"
    فالنفور كما سبق وأشرت له مسبباته ، والتطور التاريخي يستوجب مواكبة شعرية ليست بالضرورة في الشكل أي في البناء ، ولكن أساسا في اللغة ،فاللغة الأداة لها وقعها على الشعور واللاشعور وإذا كانت غريبة عن زمنها وقع الخلل ،فأن يتكلم الشاعر اليوم عن خيام الوبر أو عن الجواري وما إلى ذلك من لغة الزمن الماضي فهو بالضرورة لن يلقى إقبالا وسيعد كمن يجتر شعيرا لا كمن يقول شعرا و لنأخذ الشاعر المرحوم "نزار قباني" كمثال إذ طور لغة القصيدة واعتمد في أغلب الأحيان كلمات عصرية ...مثلا كقوله و"أقابل وجهك في الأمطار...وفي أضواء الس?ـارات" فأنا أظن لو أن نزار حي اليوم و يهم أن يقيم أمسية في أي بلد عربي لامتلأت المدرجات عن آخرها مهما كان الثمن وهو أيضا حرص على البناء التفعيلي فيمعن في البحث عن تجانس الجرس واختيار العبارة البليغة، بل وخلقها أحيانا وفي ذلك سر جذب المنتشي والمغرم والمدمن من الجمهور...
    ـ تكتب القصيدة والزجل والشعر العامي، بأي لون تجد نفسك اكثر؟
    * هي القصيدة الفصحى كانت السباقة لسياقة قلمي لرحلات الإسراء المتعاقبة ،إلى أن نصحني أحد الزجالين المغاربة المشهورين في كتابة الأغنية "الزجال عمر التلباني" وهو صديق عزيز أن أحاول كتابة الزجل وذلك سنة1994 ففعلت ، ورجع الصدى بما يرضي فتماديت ، أما العامي فأنا حديث عهد به ولم أبدأ رصه إلا منذ سنة 2002 ومن الطبيعي أن السبق إلى القلب يحمل في ثناياه التفضيل...
    ـ هل الشعر المحكي له قراء وأصالة ، هل يفسد اللغة الشعرية،أم يسيء إلى القصيدة العربية، أم يزيدها جمالا؟
    * المحكي من الشعر أصيل طبعا ، وله على ندرته قراء ولقد عرف فن الحكي الشعري في الساحات العربية منذ القدم كوسيلة ترفيه قبل المسرح وله بالطبع طابعه الخاص ، ولا أظنه يفسد اللغة الشعرية ، فغاووه يختلفون غالبا عن مدمني اللغة الشعرية ، وكما سبق الذكر فهذا الصنف التراثي الأدبي لا يمكن أن يسيء للقصيدة العربية بقدر ما هو اتساع لأنماط الانتشاء بالأدب...
    ـ ماذا عن نشأة الزجل في المغرب ، وما هو تعريفك للزجل وما الذي يميزه عن غيره من أصناف الشعر؟
    * الزجل بالمغرب له علاقة وطيدة بالزوايا الصوفية ، وبالتصوف إذ أنه كان في البدء شعر حكمة وتصوف ، وارتبط بحــالات إشراق صوفي يطلق عليها "الجدبة" ومنها تسمية الشاعر التراثي "سيدي عبد الرحمـن المجدوب" ، الذي يعد مرجعا هاما بالمغرب لشعر الزجل والذي يختلف عن شعر "الملحون" وهو زجل بلغة عربية تكتب كتابة عروضية وفقا للنطق المغربي إذا اعتمدنا علم الصوتيات" أي باعتماد القاعدة العروضية "كلما ينطق يكتب ، وما لا ينطق لا يكتب" ولكن باستثناء سـافر للقواعد النحوية أيضا بحيث يبتدئ المغاربة بالساكن ، والقاعدة "أن العرب لا ت?تدئ بساكن" وهنا مكمن الاختلاف والتعقيد في اللهجة التي تستعصي على المتلقي الشرقي مثلا .
    ـ كيف تجد الزجل في بلدان المشرق العربي ؟
    * بليغ إلى درجة متعة الشعر العربي الفصيح...
    ـ إذا كانت القصيدة تقترب من لغة الشارع، هل يمكن أن نسمي هذه القصيدة شعرا؟
    * لا...فللشعر قدسيته ومن طقوس الوفاء لها عدم النزول إلى لغة الشارع...
    ـ أيهما تفضل ، الكتابة أم الارتجال؟
    * الكتابـة.
    ـ لماذا الكثير من الشعر العربي الحديث ـ وخاصة قصيدة النثرـ لا يبقى في الذاكرة ويذهب بسرعة إلى عوالم النسيان دون أن يخلف أي شعور بالأسف عند المتلقي؟
    * لأنه يفتقد خصوصية التأثير المباشر ، لأنه ضرب جديد من طرق أبواب الجمال لم تتعوده بعد الأذن العربية...
    ـ من حيث الكيف ما الأولويات الضرورية للإبداع الشعري، وهل تأتي اللغة في المقام الأول؟
    * اللغة أو الزخم اللغوي ضروري ولكن الصيغة أهم ، فرب كلمة بديعة في موطن سيء كمثل عسل شهي على طبق سمك ، فكما ينعدم الذوق يضيع المذاق ، ورب كلمة بسيطة في موطن جيد قد تضفي الجمال على التعبير ، فعلى سبيل المثال نأخذ كلمة "أيضا" و هي كلمة استدلالية يمكن أن توظف في شرح الرياضيات مثلا ولكن الشاعر إذ يوظفها في المكان اللائق تضفي جمالية على البناء وعلى التعبير ،يقول أحد الشعراء القدامى..
    رب ورقاء هتوف في الدجى... ذات شجو صدحت في فنن
    ذكرت إلفا وعهدا سالفا ... فبكت حزنا و هاجت حزني
    فبكـائي ربما أرقها... وبكاها ربما أرقني
    ولقد تشكو فما أفهمها...و لقد أشكو فما تفهـمنـي
    غير أني بالجوى أعرفها ...وهي ( أيضا) بالجوى تعرفني
    إذاً من هنا نستجلي أن للبلاغة دوراً مهماً جدا كواحدة من الأولويات ثم الجرس بحيث يجب التمكن من القوافي و درء عيوبها والإلمام بالعروض ، كما تظل الموهبة المانحة للخيــال إحدى المقومـات الضرورية...
    ـ مع أن الوزن والقافية عنصران جماليان من عناصر القصيدة إلا أننا نجد أغلب الشعراء يكتبون باسم الحداثة كتابات تتسم بالتحلل من القيود وفي مقدمتها الوزن والقافية، ماذا تقول في ذلك؟
    * أظن أن الشاعر ولو كــان يكتب الشعر الحديث يجب عليه أن يكون ملما بالمدارس السابقة للشعر وأن يجيد الكتابة العمودية وكتابة قصيدة التفعيلة وهو على اختياره بعد ذلك لا يلام .
    ـ مفردات الشعر المغربي،هل يمكن القول إنها منفصلة عن مفردات دول المغرب العربي الأخرى، أم هي ذاتها؟
    * هنـاك اختلاف طفيف لا محالة ، لكننا نفهم بعضنا البعض.
    ـ كشاعر هل تستطيع أن تكون محايدا، وأن تتجاهل علاقتك كإنسان وكفرد بهموم الناس ومشكلاتهم وبالأشياء والتفاصيل المحيطة بهم؟
    * سبق وأشرت في محطتين أن هذا التفاعل هو الذي يخلق القصيدة ، وأن الشاعر الناجح من كان مرآة للناس.
    ـ ما موقفك من النقد، هل ثمة كتابات نقدية منصفة أو متحاملة رافقت تجربتك الإبداعية، وكيف تعاملت معها؟
    * أنا لا ألوم أحدا في نقد قصيدة لي أبدا ، و قد ألتمس له العذر إذا انتقد شخصي ، أي إذا سقط في شخصنة النص ، لكني أقرأ ما كتب بإمعان و أرجع البصر كرتين ـ ، قبل أن أحكم على النقد إذا ما كان مرتبطا بالنص أم مشخصنا ، وبالتالي إذا تأكد لي أنه ليس على صواب ، أنظر إلى إبداعاته إذا ما كان شاعرا ، فإذا أتضح أنه ضعيف وهذا ما يقع في أغلب الأحيان أعرض عن الأمر ، أما إذا كان متمكنا فالفائدة من نقده تقطع بي أشواطا مهمة إلى الأمام وأتخذه صديقا وأخا لما أبداه من غيرة على أدبي.
    أما عما اصطلحتم عليه "بالكتابات النقدية المنصفة " فأنـا أخشى على كثرتها أن تجعل مني طريدة للغرور إذا ما كانت مجرد إطراء لأنها غالبا ما تصدر عن أنــاس تجمعك بهم علاقات إما ذات طابع أدبي أو اجتماعي لذلك فأنا أحذرهــا .
    ـ هل من رسالة تود تحقيقها عبر تجربتك الشعرية من حيث المضمون والأسلوب الفني؟
    * من حيث المضمون أصبو إلى الخروج عن المألوف ، وطرق مواضيع مؤرقة للقلوب حاليا من زوايا مغايرة ، لأني أؤمن أن للشاعر رؤية النبوة ، أما من ناحية الأسلوب الفني فأنا أجتهد دوما للتوصل إلى لمسة خاصة ومميزة ، أي بصمة تجعل القارئ يتعرف علي دون أن أتكلف عناء وضع اسمي أسفل القصيدة ، كمـا أعتقد أن الشعر القديم إذ سبق علم العروض ، فلا غرو أن يسبق القصيد الحديث ، علما جديدا يشد أزره .


























    1383708


يعمل...
X