الحوار الإسلامي-المسيحي..إلى أين/ الباحث: عدنان أبوشعر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عدنان أبوشعر
    أديب وكاتب
    • 11-02-2010
    • 11

    الحوار الإسلامي-المسيحي..إلى أين/ الباحث: عدنان أبوشعر

    [align=justify]
    لست أبالي كيف تتعامل شعوب الغرب (المسالمة) مع ما يطلقون عليه (تجديفاً) وازدراءً للكنيسة أو حطّاً من منزلة رسلهم أو انتقاصاً من مقام الألوهية. بل مالي ولغرب لا يحترم كنيسته و لا يدين أغلبه بالولاء لها أو لله أصلاً (1) ؟ وأذهب لليقين بأن الغرب لن يتوقف عن إبداء استغرابه من ردة الفعل العنيفة التي تنتاب الشارع الإسلامي حين يتعرض رسام أو كاتب أو سياسي أخرق لنبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام، وأكاد أجزم أن المقارنة بين بلادة حس الشارع الغربي وحماسة الشارع الإسلامي مقاربة فاسدة وباطلة، لأنها قياس يُغفل الفارق بين جمهور واسع وعريض وجمهور لا يكاد يبين. لكني أؤكد – رغم ذلك- أن نعت الغرب باللامبالاة المطلقة حيال ما يقوم به بعض كتابه وفنّانيه من تجديف ونيل من مكانة (المقدس) افتراءٌ على الحقيقة وتغييبٌ لحوادثَ تاريخية، رغم كونها ردّاتِ فعل خجولةً تبتعد عن الاجتثاث الرسمي الذي كان متبعاً في العصور الوسطى.

    فحين رسم عرّاب الرسوم الكاريكاتورية التجديفية (جورج غروس (2)-George Grosz) عام 1928 (أي عقب الحرب العالمية الأولى) السيد المسيح محتذياً بسطاراً عسكرياً وواضعاً كمامة غاز، ألزمته المحاكم الألمانية آنذاك غرامة مالية واضُطرّ للهجرة إلى أمريكا. كذلك قضت المحكمة الاسكتلندية عام 1979 بمنع فلم (حياة براين- Life of Brian) من إخراج (تيري جونز(3)-Terry Jones) الذي صوّر المسيح مغنياً على الصليب. ولم يسلم المخرج (هربرت أشترنبوش (4)- Herbert Achternbusch) لإقحامه السيد المسيح كنادل في فلم (الشبح-The Phantom) حيث أقيمت دعوى ضده عام 1983. ولما صورت الفنانة الفوتوغرافية السويدية (إليزابيث أولسن (5)Elizabeth Ohlson) السيد المسيح كمصاب بالإيدز وشاذ جنسياً، عمد المتظاهرون لرشقها بالحجارة حين افتتاح معرضها ( Ecce Homo ). أما الكاتب اليوناني (نيكوس كازنتزاكيس (6)- Nikos Kazantzakis) فقد منعت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية كتابه الأكثر جدلاً والذي نشره عام 1951 تحت عنوان (الإغواء الأخير للمسيح-The LastTemptation of Christ)، كما أمر بابا الفاتيكان بوضعه على لائحة الكتب الممنوعة، ذلك أن (كازانتزاكس) نال فيه من أخلاق سيدنا المسيح. ولما قامت (يونيفرسال بيكتشرز- Universal Pictures) بإنتاجه فلماً أخرجه الأمريكي (مارتن سكورسيزي (7)- Martin Scorcese) عام 1988 لاقى رواجاً غير مسبوق، لكن كل صالات السينما التي قامت بعرضه تعرضت لموجات احتجاج من المتظاهرين، وتلقى بعضها تهديدات بإلقاء قنابل. وحين ألف الأمريكي(دان براون (8)- Dan Brown) عام 2003 (شفرة دافينشي (9)-DavinchiCode) تصدى الفاتيكان له معتبراً فكرته تجديفاً وطعناً بأسس المسيحية، لكن صرخته تلك لم تكن لتمنع تحويل الرواية إلى فلم أخرجه (رون هاورد – Ron Howard) عام 2006، بطولة (توم هانكس – Tom Hanks)، واكتُفي بمنع الكتاب في بعض الدول الغربية والعربية.

    لقد أعجبني مقال الأستاذ محمد المختار الشنقيطي الذي أورده على موقع (الشهاب) وأحسبه يضيء لنا جوانب هامة في البحث الذي نحن بصدده إذ يقول:
    " فحريّة الاستهزاء بالديانات (في أوروبا) ليست مصانة. بل توجد قوانين تمنع التشهير العلني بالديانات في العديد من الدول الأوربية، منها النرويج وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وبولندا والنمسا وهولندا وغيرها.. وفي الدنمارك نفسها نصّ القانون على التغريم والسجن أربعة أشهر لمن "شتم أو استهزأ علناً بديانة معترف بها في البلاد". ولكن الإسلام غير معترف به في تلك البلاد، وتلك هي الازدواجية الأخلاقية السائدة في تعامل الغربيين مع المسلمين، وهي جذر الشر وموطن الداء".اهـ

    إن الفعل وردة الفعل سيستمران لا محالة (أعني هذا الهجوم المتكرر على مقدساتنا، وردة فعل الشارع الإسلامي المختلفة الشدة والقوة)، وهي حلقة من حلقات الصراع الذي لن يتوقف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
    وإزاء هذه الحملات المتتابعة للنيل من الإسلام نجد أنفسنا أمام إشكالية جدوى متابعة ما يسمى بالحوار الإسلامي – المسيحي الغربي في ظل مواقفَ لا تعكس حتى الآن سوى أعراضٍ واضحةٍ لنظرةٍ غير متسامحة مع الإسلام والمسلمين. ويكاد مشجب 11 سبتمبر الذي يعلّق الغرب عليه كل آلامه ومخاوفه ومصيدة مكائده قد أصبح - من حيث يدري أو لا يدري- قميص عثمان بامتياز.

    إنني لست ضد استمرار الحوار الإسلامي- المسيحي شريطة إزالة اللبس العالق بهذا المصطلح، ويخطئ النجعة من يعتبر أن غاية هذا الحوار محاولة الطرفين جَسْر الهوّة العقدية بينهما، إذ كيف الوصول إلى ردم الهوة وما زال أحد طرفي الحوار لا يعترف بدين الآخر عقيدة سماوية منزلة على نبي مرسل؟

    لقد (قطعت جهيزة قول كل خطيب)، فالنص القرآني قد حسم - وفق تقرير قطعي الدلالة- الأمر بكل واقعيّة: { وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُوَلاَالنَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ .. }; [البقرة آية: (120)]، ولا مِراء أنه من باب المماحكة العقلية الخوض في مسألة استعصت على عقول جهابذة العلماء من الطرفين لأكثر من 1400 سنة خَلَت، ومن المسلّم به أن (خلطة توفيقية) من العقائد الثلاث فيما يسمى (وحدة الأديان) هي قمة الزيف والدجل والمداهنة.
    وقد آلمتني بحق قناعة ساذجة تستحوذ على أذهان البعض ممن يقومون باستقبال بعض المحاضرين والأساتذة الأكاديميين المتخصصين بالدراسات الإسلامية، ذلك أن ضيق أفقهم وعدم فهمهم لطبيعة مناهج التفكير الغربية، تدعوهم للاعتقاد أن هؤلاء القوم قد غدوا قاب قوسين أو أدنى من عتبة الإسلام، وتمضي الأيام وهؤلاء البسطاء يترقبون الفوز بحُمُر النَعم. ولا أريد أن أتألى على الله في القطع بعدم إمكان هدايتهم لكنني أرى أن لا أكون خِباً شريطة أن لا أدع الخِبّ يخدعني.

    ووفقاً لذلك فإن الحوار الإسلامي – المسيحي المطلوب والذي ندعو إليه هو حوار (سياسي) بامتياز، الغاية منه التفاهم المتبادل حول قضية (العيش المشترك) وفق مبادئ وأسس تراعي حقوق المواطنة ولا تلغي (الآخر)، ولخلق مناخ مؤيد لقضايانا العادلة في الشارع الأوروبي، ولاستحداث لوبي ضاغط في مراكز صنع القرار في المؤسسات السياسية الغربية. إن ممارسة هذا الدور السياسي ليست مجافيةً للسياسة التي اتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهل الكتاب، بدءاً بعهده المكتوب مع يهود المدينة ومروراً بأسلوب الاستقبال الدبلوماسي المتميز والحكيم لوفد نصارى نجران، وصولاً إلى مضمون العهدة العمرية بين نصارى بيت المقدس وسيدنا عمر الفاروق، وانتهاء بالمعاهدات التي حررها مختلف الخلفاء الأمويين والعباسيين ومن تلاهم مع أهل البلاد المفتوحة.

    إن المرشحين لقيادة هكذا تفاوض وحوار إذن لا بد لهم من أن يتحلوا بكثير من الثقافة السياسية إلى جانب تمكنهم من الفهم العميق للثوابت التي لا تقبل المهادنة والمداهنة بذريعة طمأنة الجانب الآخر على حسن النوايا وسلامة الطويّة، فقد يتحول الأمر برمته إلى استخزاء وضعف غير مبرر يُفقد المفاوض قوته ويوحي بهشاشة موقفه ويؤدي إلى زعزعة ثقة الشارع به فيفقده مصداقيته ويسحب الاعتراف به كممثل شرعي له. وهذه عين الإشكالية التي تمخّضت عن تصريح سماحة المفتي العام للجمهورية العربية السورية الدكتور أحمد بدر الدين حسّون أمام وفد أمريكي من جامعة جورج ميسن (George Mason University) يرأسه الحاخام مارك غوبن( Marc Gopin) رئيس المركز العالمي للأديان والدبلوماسية وفض النزاعات بواشنطن حين قال: " لو أن محمدا صلى الله عليه وسلم طلب مني أن أكفر بالمسيحية واليهودية لكفرت به"، فرغم أن قواعد العربية تؤكّد أن (لو) حرف امتناع لامتناع، إلا أنّ هفوة سماحة المفتي من الناحية السياسية وعبارته المفرطة في إظهار الود والتسامح عرضته لحملة من الانتقاد في الشارع الإسلامي والعربي والسوري ، فنالت منه الأقلام والمنابر على حد سواء.

    وأخيراً أود التأكيد على أن هدفي لم يكن دفاعاً عن شخوص بعينهم، ولم أرجُ تناول آخرين بالقدح والذم بقصد التشفي، فموضوعي لا علاقة له بعالم الأشخاص – رغم وجودهم الفاعل والمحرك لأي حراك ثقافي أو سياسي - بمقدار ما هو تناول لعالم الأفكار بحثاً ودراسة موضوعية، فالأشخاص يمضون، ويبقى البقاء للأصلح من الأفكار. وهذا مصداق قول الإمام علي رضي الله عنه:" ويلك لا تعرف الحق، اعرف الحق تعرف رجاله". إنها كلمةُ حق أضاء جوانبَها بعد مائة سنة ونيف الإمام مالك بن أنس (93هـ/715م-179هـ/796م) بالقاعدة الأصولية التي وضعها :"كل يؤخذ من كلامه ويُردّ إلا صاحب هذا القبر(أي الرسول عليه أفضل الصلاة وأتمُّ التسليم).

    الباحث : عدنان أبوشعر - دمشق


    الهوامش:

    1- أنظر تقرير المفوضية الأوروبية (European Commission) على الرابط:
    http://ec.europa.eu/public_opinion/archives/ebs/ebs_225_report_en.pdf

    2- جورج غروس (1893-1959): أحد مؤسسي المدرسة الدادائية التي ظهرت عقب الحرب العالمية الأولى، وهي مدرسة أدبية وفنية فوضوية، بزغت شمسها عام 1917 واندثرت بعد سنوات قليلة. تجنح هذه المدرسة نحو الإغراق في تجاوز المألوف ومعاداة التقاليد والأديان والإرث الفني والأدبي والموسيقي.

    3- تيرينس غراهام جونز باري: ولد عام 1942 في خليج بيتون الواقع في ويلز. ممثل الكوميديا الويلزية، كاتب سيناريو، ممثل ومخرج، كاتب أطفال، معلق سياسي وعضو في فريق الكوميديا في مونتي بيتون.

    4- هربرت أشترنبوش: كاتب ورسام ومخرج أفلام ألماني، ولد في ميونخ عام 1938، أفلامه السريالية الثورية لا يعرفها الجمهور الألماني رغم أن أحد أعماله (الشبح-Das Gespenst ) عام 1983 قد أحدث فضيحة بسبب ما نسب إليه من التجديف.

    5- اليزابيت أولسن: مصورة وفنانة سويدية، ولدت عام 1961، صورها الفوتوغرافية غالباً ما تتناول الشاذين جنسياً، وهي مثلية.ركّبت صورة للسيد المسيح بعد إصابة صديقتها بالإيدز في بداية عام 1990 انتقاماً من المحافل الدينية التي ذكرت أن ذلك عقوبة لها على شذوذها الجنسي، والصورة تظهر السيد المسيح راكباً دراجة ضمن استعراض لمجموعة من الشواذ والمتحولين جنسياً؛ مقلدة دخوله للمدينة المذكور في الإنجيل وهو يركب حماراً. وقد أقامت أحد معارضها في كاتدرائية أبسالا (Uppsala Cathedral) بإشراف رئيس الأساقفة هامر ( K.G. Hammer) ؟؟؟

    6- نيكوس كازانتزاكس (1883-1957): ولد في كريت، حصل على دكتوراه في الحقوق عام 1906، ودرس الفلسفة في فرنسا وتأثر بنيتشه فتمرد على معتقداته القديمة وانتقد الأديان، وتأثر بأفكار بوذا وعده معلماً ومرشداً، وسافر حول العالم وزار القدس وسيناء، وعين وزيرا عام 1945 ثم مديراً لليونسكو عام 1946. له مؤلفات عديدة منها الأوديسة التكملة الحديثة في 33،333 بيتاً من الشعر. رفضت الكنيسة الأرثوذكسية تشييع جنازته في أثينا فنقل إلى كريت ودفن فيها.


    7- " مارتن سكورسيزي: ولد عام 1942 في نيويورك. مخرج سينمائي أمريكي من أصل إيطالي وهو من أشهر المخرجين في هوليود، حاصل على جائزة أفضل مخرج في مهرجان الأوسكار عن فيلم (المغادرون), . وفاز بجائزة السعفة الذهبية عن فيلم عام 1976 (سائق التاكسي = Taxi Driver )، قام بإخراج فيلم (الإغراء الأخير للسيد المسيح) في عام 1988 الذي واجه الرفض والانتقاد الحاد من الفاتيكان وصل إلى المطالبة بطرد الفيلم من مهرجان (كان) 1988 , وحصل فيلمه (المغادرون) على جائزة الأوسكار لأفضل مخرج سينمائي. عام 2006 " اهـ. نقلاً عن ويكيبيديا بتصرف.

    8- دان براون: "ولد عام 1964 في ايكسيتير، نيوهامشير، الولايات المتحدة الأمريكية. مؤلف أمريكي لقصص الخيال والإثارة الممزوجة بطابع علمي وفلسفي حديث بأسلوب مشوق مكنه من تحقيق أفضل مبيعات، رواياته حققت رواجا كبيرا بين الأجيال الشابة في أمريكا وأوروبا خاصة روايته الأخيرة شفرة دافينشي (The Da Vinci Code) التي نشرت عام 2003، وتم تصويرها كفيلم سينمائي. ألف دان براون العديد من القصص والروايات : الحصن الرقمي، حقيقة الخديعة، ملائكة وشياطين، وأخيراً رواية شفرة دافينشي التي اعتلت قائمة نيويورك تايمز كأفضل الكتب بيعاً على الإطلاق. حيث تركزت الأضواء في بداية عام 2004 على روايات دان براون الأربع في صحيفة نيويورك تايمز وصارت من أكثر الكتب بيعاً خلال نفس الأسبوع، وأطلقت عليه بعد إصدار روايته الأخيرة شفرة دا فينشي مجلة التايم أنه واحداً من أكثر مائة شخص أثروا في العالم. ظهر دان براون على قناة (سي إن إن) وبرنامج (توداي شو) وراديو (ناشونال) وصوت أمريكا وتصدرت صوره صفحات الجرائد والمجلات. تم ترجمة رواياته ونشرها في أكثر من 40 لغة حول العالم. صدرت له بحلول 15 سبتمبر 2009 روايته الرمز المفقود.". نقلاً عن ويكيبيديا.

    9- شفرة دافينشي: رواية بوليسية تحوي التشويق والغموض كتبها (دان براون). حققت الرواية مبيعات كبيرة تصل إلى 60.5 مليون نسخة (حتى آذار/مارس 2006) وصنفت على رأس قائمة الروايات الأكثر مبيعاً في قائمة صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. تم ترجمة الرواية إلى 44 لغة حتى اﻵن.تعتمد الرواية على نظرية المؤامرة بأن الكنيسة الكاثوليكية تخفي القصة الحقيقية للمسيح وأن الفاتيكان يغطي على تلك الحقائق من أجل ضمان بقائه في السلطة.تدور أحداثها في حوالي 600 صفحة في كل من فرنسا وبريطانيا. تبدأ بالتحديد من متحف اللوفر الشهير عندما يستدعي عالم أمريكي يدعى الدكتور (روبرت لانغدون) أستاذ علم الرموز الدينية في جامعة (هارفارد) على أثر جريمة قتل في متحف اللوفر لأحد القيمين على المتحف وسط ظروف غامضة، ذلك أثناء تواجده في باريس لإلقاء محاضرة ضمن مجاله العلمي. يكتشف (لانغدون) ألغازاً تدل على وجود منظمة سرية مقدسة امتد عمرها إلى مئات السنين وكان من أحد أعضائها البارزين العالم مكتشف الجاذبية (اسحاق نيوتن) والعالم الرسام (ليوناردو دافينشي). تدور أغلب أحداث الرواية حول اختراعات وأعمال (دافينشي) الفنية. اكتشف (لانغدون) والفرنسية الحسناء (صوفي نوفو) خبيرة فك الشفرات -والتي يتضح لاحقا أن لها دوراً كبيراً في الرواية- سلسلة من الألغاز الشيقة والمثيرة والتي تستدعى مراجعة التاريخ لفك ألغازه وسط مطارده شرسة من أعضاء منظمة كاثوليكية تسعى للحصول على السر.

    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة عدنان أبوشعر; الساعة 14-02-2010, 18:33.
  • د. م. عبد الحميد مظهر
    ملّاح
    • 11-10-2008
    • 2318

    #2
    بسم الله الرحمن الرحيم

    [align=right]
    الأستاذ الكريم عدنان أبوشعر

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    تحية طيبة و أهلاً ومرحباً بك فى ملتقى الحوار الفكري و الثقافى.

    لم تضع محاور لنقاش مقالتك ، فهل يمكن تلخيص مقالتك فى النقاط التالية؟...

    00- الغرب لن يتوقف عن إبداء استغرابه من ردة الفعل العنيفة التي تنتاب الشارع الإسلامي حين يتعرض رسام أو كاتب أو سياسي أخرق لنبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام
    00- أكاد أجزم أن المقارنة بين بلادة حس الشارع الغربي وحماسة الشارع الإسلامي مقاربة فاسدة وباطلة
    00- نعت الغرب باللامبالاة المطلقة حيال ما يقوم به بعض كتابه وفنّانيه من تجديف ونيل من مكانة (المقدس) افتراءٌ على الحقيقة وتغييبٌ لحوادثَ تاريخية
    00- حريّة الاستهزاء بالديانات (في أوروبا) ليست مصانة. بل توجد قوانين تمنع التشهير العلني بالديانات في العديد من الدول الأوربية ، ولكن الإسلام غير معترف به في تلك البلاد
    00- إن الفعل وردة الفعل سيستمران لا محالة (أعني هذا الهجوم المتكرر على مقدساتنا، وردة فعل الشارع الإسلامي المختلفة الشدة والقوة)، وهي حلقة من حلقات الصراع الذي لن يتوقف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
    00- لست ضد استمرار الحوار الإسلامي- المسيحي شريطة إزالة اللبس العالق بهذا المصطلح.
    00- النص القرآني قد حسم الأمر بكل واقعيّة: { وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُوَلاَالنَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ .. }; [البقرة آية: (120)
    00- الحوار الإسلامي – المسيحي المطلوب والذي ندعو إليه هو حوار (سياسي) بامتياز، الغاية منه التفاهم المتبادل حول قضية (العيش المشترك) وفق مبادئ وأسس تراعي حقوق المواطنة ولا تلغي (الآخر)، ولخلق مناخ مؤيد لقضايانا العادلة في الشارع الأوروبي، ولاستحداث لوبي ضاغط في مراكز صنع القرار في المؤسسات السياسية الغربية.

    وتحياتى
    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة د. م. عبد الحميد مظهر; الساعة 12-02-2010, 21:18.

    تعليق

    • محمود عبد العزيز
      عضو الملتقى
      • 27-12-2009
      • 12

      #3
      استاذنا الفاضل السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

      موضوع رائع ومجهود وافر واري ان الدين في الغرب قد تحول استاذنا الفاضل الي وضع اجتماعي وربما الي طقس من الطقوس الشكليه التي يقف خلفها بعض المؤسسات الاجتماعيه التي اختزلت الدين من مفهوم العلاقه الشامله بين الانسان وخالقه من ناحيه وبين الانسان وغيره من بني البشر من ناحيه اخري الي ذلك المفهوم الضيق للسلوك طبقا لاوامر وتنبيهات تلك المؤسسات الاجتماعيه والتي ربما قد تتجاوب مع العقل او تخالفه
      وتحول الولاء الروحي من ناحيه اله خالق موجود مشرع الي جمله من الصيغ الاجتماعيه الشكليه التي في جملتها واجبه الاداء ذلك هو الدين في الغرب استاذنا
      ولا ادري لما نصر علي مفهوم الحوار ؟ وعلي اي ارضيه نقف لنتحاور؟وما هي النتيجه المتوقعه؟
      ان قمه الفاجعه استاذنا ان نزج بعلمائنا الاجلاء الي هذا المستنقع الاسن تحت مسمي الحوار وما قول الشيخ احمد بدر الدين حسون _وهو رجل دين فاضل_ وغيره في عالمنا الاسلامي مثل الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الازهر الا من هذا القبيل الذي لا ينتج عنه الامزيد من المغالطه وسوء الفهم والبناء لا الهدم
      فكلا الطرفين علي وجهي نقيض ولاسبيل لالتقائهما تحت اي مسمي
      دمت لنا استاذنا الفاضل

      تعليق

      • حامد السحلي
        عضو أساسي
        • 17-11-2009
        • 544

        #4
        السلام عليكم ورحمة الله

        يسرني أن أرى الأستاذ عدنان أبو شعر بيننا وأرجو أن نرى المزيد من إسهاماته
        ولكنني أستاذي الكريم أختلف معك في مقاربتك للموضوع، فموضوع الحوار الإسلامي المسيحي وفكرة (وحدة الأديان) هما أصلا مسيسان بامتياز
        وما يجب أن نسعى له كمفكرين وكتاب هو إلغاء تسييسهما وتشكيل جبهة مضادة تلغي إمكانية وصول لعبة شد الحبل السياسية هذه إلى تحقيق مكاسب في الشارع الإسلامي
        فالطرف الإسلامي المنظم هو الطرف السياسي في بلادنا وهو مستلب لا ينتمي للإسلام إلا ظاهرا وهمه الدفاع عن سلطته ومكتسباته فهو يرضي الغرب تارة ويرضي الشارع تارة ويوجهه إلى أفعال عشوائية غايتها زيادة هيمنة الساسة المسلمون على شعوبهم
        أما الطرف الآخر فهو موزع بين طرفين ولا أقول طرفين طرف علماني ملحد لا يقيم للدين وزنا ولكنه يدرك أن الحمل التراثي والثقافي المصبوغ بالمسيحية يجعل الإسلام خصما خصوصا بوجود الطرف الآخر المتدين والذي يرى في الإسلام والمسلمين عدوا لم تتوقف الحرب معه والناس هناك موزعين بين هذين الطرفين ولكنهم "بخلافنا" عقلانيين بما يكفي لينظموا أنفسهم بحيث تختفي الخلافات أو تكاد ولديهم ما يكفي من التجربة والحكمة بحيث لا يجعلون العداء مع الإسلام علنيا بل يفتحون أقنية الحوار ويدعمون بعض الجهات لدى المسلمين ممن لا يعنيها الإسلام أو ترى فيه عدوا تريد التخلص منه وبفضل هذا الدعم تبدو هذه الجهات في عالمنا الإسلامي أقوى ومسيطرة على الساحة حتى ليخال لبعض غير المسلمين أنها قاب قوسين أو أدنى من الانتصار النهائي وإعادة صياغة الإسلام كما تمت إعادة صياغة المسيحية في أوربة
        طبعا هناك جهات متطرفة في كلا الجانبين كما هناك جهات لا تسعى للحرب وتعمل لوأد الفتنة ولكنها ضعيفة مشتتة غير ممثلة ولا يمكن أن تكون ممثلة في الأمد المنظور على الأقل في العالم الإسلامي

        لذلك أرى أن ما يمكن أن نسعى له كمفكرين مسلمين وحتى أولئك العقلانيين الغربيين أمثال جورج غالاوي ونعوم تشومسكي... أن نسعى جميعا لإحباط الاستغلال الخبيث لعواطف الجموع وتعزيز غريزة القطيع في كلا الجانبين وتفريغ عملية تسييس ما يسمى بالحوار المسيحي الإسلامي من بريقها لأن هذا الحوار لا يمكن أن يتم في الظروف الحالية فأحد الطرفين غائب عن الوعي
        وأن نعمل على كبح أي محاولة لإعادة صياغة الإسلام رغم أن بعض الجوانب بحاجة لإزالة ما علق بها من شوائب غير صحيحة ولكن إزالتها في الواقع الحالي ستؤدي على غلبة الظن إلى ما هو أسوأ من هذه الشوائب
        ولعل التجربة التي ما تزال مستمرة في موضوع قانون الأحوال الشخصية في سورية خير مثال على ذلك.. فالقانون بحاجة لتعديل وإعادة صياغة ولكن أي إعادة صياغة متاحة حاليا ستؤدي إلى أسوأ مما هو موجود وهناك أطراف توجه العملية لأن مصلحتها البلبلة ظنا منها أنها بهذا تستطيع الوصول إلى مآربها وهي تستغل المتطرفين والتقليديين عملا بمبدأ ميكافيلي ((هل تريد أن تسقط الثورة؟ ادفع المجرمين لقيادتها))

        نحن بحاجة أولا للوعي والحرية... ثم نتحاور
        ولن يكتب لأي حوار يستغل الجهل البقاء

        تعليق

        • فائز البرازي
          عامل مثقف
          • 27-10-2009
          • 95

          #5
          الحوار الإسلامي المسيحي

          أستاذي الفاضل / عدنان أبو شعر

          تفضلت حضرتك ، وطرحت إحدى الموضوعات الهامة ، الذي يدور فيها مفكرون وباحثون ورجال دين : مسلمين ومسيحيين .
          لكن : من الأسف .. فإن ( هذا الحوار ) متقلص الإنتشار بن المثقفين ، ويكادون لايعرفوا عنه إلا ( العنوان ) .. وبعضآ من " الأفكر الخاصة" أو بعضآ من مقتطفات تسربت بعيدآ عن مايدو في هذا الموضوع / الحوار ..
          ومع خالص إحترامي لجهدك .. ولرأيك .. فما كدت تطرح الموضوع للحوار ، إلا وقضيت عليه وأجهضته بآرائك التي لاأتفق فيها معك ، والتي أعتقد انها آراء " خصوصية " نحترمها كحق إبداء الرأي .

          أقول ذلك .. لأنني متابع بإلتصاق مع صديق كبير - رحمه الله منذ أيام - هو : الدكتور عز الدين إبراهيم / من رجال التربية والفكر الإسلامي ، والمستشار الثقافي لوزارة شؤون الرئاسة في أبو ظبي .
          وهو من أساس المشاركين في ( الحوار الإسلامي المسيحي ) المعاصر .. منذ عام 1964 .
          وعليه .. ومع المعذرة .. أجد هوة كبيرة بين ما تفضلت بطرحه حضرتك .. وبين مسار هذا الحوار - من الداخل - كما قدمه الدكتور / إبراهيم / رحمه الله .
          أرجو ان يسنح لي الوقت مستقبلآ .. لبعض الإيماءات .
          مودتي وإحترامي .

          تعليق

          • محمد جابري
            أديب وكاتب
            • 30-10-2008
            • 1915

            #6
            الأستا ذعدنان أبوشعر

            نشرت مجلة " لاكروا " الفرنسية الناطقة باسم الفاتكان دراسة إحصائية قامت بها مؤسسسة "ipsos" جاء ضمنها بأن : 37% من الفرنسيين يصرحون اليوم أنهم يملكون إنجيلا وأن 26% يقرؤونه، وتم اختيار عينة من 1017 الشخص.

            وتنظم مؤسسة "ipsos" معرضا لنصرة الإنجيل تحت شعار الإنجيل كنز الإنسانية لدى unesco.

            وعلقت الصحيفة بأن مسألة 3/4 الفرنسيين لا يقرأون الإنجيل ليست بحدث غريب نظرا للتركيبة السكانية للمواطنين. وهذا التنقيب يؤكد ما بات معروفا من تراخي نحو التدينن والشباب أكثر من الشيوخ يعتبرون الإنجيل ميزة ثقافية للمجتمع الفرنسي.

            و11% من الفرنسيين يصرحون بأنهم غير متدينين، و31% من غير المؤمنين يصرحون بأنهم يجدون فائدة التدين أو في الجانب الروحي.
            تضيف قائلة: وتبين هذه الإحصائيات بأنه في فرنسا، بأن العناية بالإنجيل لا تناقض الإلحاد.

            وبالعودة إلى موضوعنا ماذا يمثل الحوار مع هذه الطائفة، الغير المعترف بها وسط بيئتها؟

            ولسنا من الأحزاب التي تنكر بعضها؛ بل وجود هذه الطائفة هي برهان صدق لكتابنا حيث تحدد الآية غاية إوجودهم إلى يوم القيامة ٍ{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [آل عمران : 55]

            ثم هل ينكر المرء شاهدي قرآنه من التوراة والإنجيل رغم تحريفها؟
            ونحمدأن لم يجعلنا آية ليلية تشهد بصدق لغيرها وتحرق نفسها.

            الأستاذ حامد السحلي،
            شكر الله لك هذه المداخلة القيمة، وقلت بأن الكفار أكثر عقلانية مما جعلهم يوحدون جهودهم، أوما في معنى هذا الكلام، والحقيقة أن الكفر ملة واحدة،
            فليست الصراعات صراع يهود ضد مسيح أو رأسمالية ضد اشتراكية إلى غير ذلك من المسميات، لكن حقيقة الصراع هوصراع الحق والباطل. وهنا تتحد الجهود رغم ما بين كل فئة من خلاف في وجه الحق.
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد جابري; الساعة 14-02-2010, 17:36.
            http://www.mhammed-jabri.net/

            تعليق

            • علي المتقي
              عضو الملتقى
              • 10-01-2009
              • 602

              #7
              الأستاذ الفاضل عدنان شعر : السلام عليكم
              يطرح موضوع مقالكم سؤالا عريضا أصوغه كما يلي : ماذا نريد من حوار الأديان ؟
              هناك هدفان على الأقل: هدف حقوقي ، وهو هدف لا يمكن أن يقوده رجال الدين وحدهم من كل الأديان ، بل يجب أن يحضره ويشارك فيه أيضا رجال القانون ورجال السياسة ، الذين بإمكانهم فرض احترام الدين الإسلامي من خلال الدفاع عن احترام كل الأديان سماوية كانت أم أرضية دون تمييز . فلكل أمة الحق في أن تحترم ديانتها كما تحترم باقي الديانات ، وهذا النوع من الحوار سيكون حوارا سياسيا وحقوقيا .
              الهدف الثاني : نشر الدين الإسلامي و إقناع الآخر به . وهو هدف من الصعب تحقيقه من خلال الحوار المنظم ، و إنما وسيلته التواصل غير المعلن عنه والذي يقوم به الإسلام والمسيحية على السواء عبر وسائل الإعلام وبعثات نشر الدعوة في أوروبا وأمريكا و البعثات التبشيرية في العالم العربي الإسلامي و في إفريقيا .
              وفي كل الحالات ، فإن الحوار الذي يجب اقتراحه اليوم هو الحوار الأول الذي يسمح باحترام ديننا من طرف الآخر الذي لا تهمه حرية التعبير التي يتدرع بها بقدر ما يهمه استفزازنا كوسيلة من وسائل الحرب المفتوحة ضدنا كعرب ومسلمين.
              [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
              مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
              http://moutaki.jeeran.com/

              تعليق

              • د. م. عبد الحميد مظهر
                ملّاح
                • 11-10-2008
                • 2318

                #8
                [align=right]
                بسم الله الرحمن الرحيم

                الأستاذ الفاضل عدنان أبو شعر

                تحية الإسلام

                هناك عدة مداخلات لموضوعك القيم تنتظرك ، والأمل كبير فى الوصول لحوار مستمر و نتائج لموضوع الحوار الإسلامى-المسيحى و خصوصاً بوجود و مشاركة هذه الأسماء من الاساتذة الأفاضل المهتمة بهذا الطرح

                و فى انتظارك

                وتحياتى
                [/align]
                التعديل الأخير تم بواسطة د. م. عبد الحميد مظهر; الساعة 14-02-2010, 18:08.

                تعليق

                • عدنان أبوشعر
                  أديب وكاتب
                  • 11-02-2010
                  • 11

                  #9
                  شكر وإضافة

                  بداية، أتوجه بالشكر لكل الأخوة الأساتذة الذين أغنوا المقال بآرائهم القيّمة

                  دعوني – سادتي- أسأل بكل شفافية ودون أدنى مواربة: من الذي يدعو إلى الحوار الإسلامي- المسيحي، نحن أم (الآخر)؟ بل من ينظم هكذا لقاءات، أهي منظمات المجتمع المدني المستقلة بقرارها، أم تلك الجمعيات والهيئات والمراكز الثقافية المرتبطة عضوياً بصانعي القرار السياسي؟
                  وبافتراض أن المراكز الثقافية والجمعيات والهيئات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي كانت وراء الدعوة لمثل هذا الحوار، فهل تراها انبرت لذلك بدافع تكتيكي غايته (تصحيح وتلميع) صورة الإسلام والمسلمين لدى (الآخر) من خلال آليات وبرامج وأهداف من بنات أفكارها وصوغ فكرها،أم تراها اندفعت إليه بموجب أوامر وتوجيهات وأهداف محددة من قبل قيادة بلدها السياسية؟
                  إن الدراسة المتأملة للواقع السياسي لكل البلدان العربية والإسلامية تدعونا للحكم على هذه الأنظمة السياسية ببراعة استخدامها للبراغماتية (الذرائعية) السياسية في إمساك العصا من أوسطها، ومهارتها في توظيف شعرة معاوية للسيطرة على موزاييك الشارع الإسلامي بتياراته السياسية وفرقه الصوفية ومدارسه المشيخية، بتقريب ودعم من يتوافق مع رؤيتها ويثبت أركانها، وإقصاء من لا يتماشى مع برنامجها السياسي. فهي إذن ليست معنية بمثل هذا الحوار لأسباب ثقافية ودينية بل انطلاقاً من مصالح تدعم التوجه العالمي لمحاربة ما يسمى بالإرهاب من ناحية، وللحؤول دون انقسام الصف الداخلي طائفياً وإثنياً وعقائدياً من ناحية أخرى، وتلكما حالتان سياسيتان بامتياز.

                  وهنا يتعين علينا طرح السؤال المفصلي؛ من هي الوجهة المعنيّة بخطابنا؟ ولمن نكتب، بل من نوجّه وننبه؟ وماذا لو أن بحوثنا ورؤانا وتنظيراتنا اصطدمت بجدار اللامبالاة و الإهمال والإنكار والنكران. أكاد أجزم أننا في تلك الحالة سنعاني ما عاناه الأنبياء من قبل، وكفى بهم أسوة صالحة: { إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ * وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} (النمل:81).
                  وعلى افتراض أننا انتُدبنا إلى مثل هكذا حوار فماذا نحن فاعلون؟ أننأى بأنفسنا عنه، أم نشارك به وفق رؤية واضحة يعبر عنها أناس أكفّاء؟
                  لا أرى مبرراً منطقياً يدفعنا لرفض الحوار ونبذه، ففساد منهج وغاية الحوار القائم حالياً لا تعني إلغاء الفكرة من جذورها، فالحوار (dialogue)غير مذموم من حيث المبدأ، لأن تعريفه(2) لا يتضمن الإذعان، ولا يُقصد منه الوصول إلى حلول وسط بين الطرفين (compromise) كما هو شأن التفاوض (negotiation)، بل هو "مناقشة بين طرفين أو أطراف، يُقصد بها تصحيح كلامٍ، وإظهار حجَّةٍ، وإثبات حقٍ ، ودفع شبهةٍ، وردُّ الفاسد من القول والرأي"(3). ومن حمل راية التفاوض مع (الآخر) وضع في حسبانه سلفاً التنازل عن بعض ثوابته بهدف التوصل إلى جَسْر الهوة بين الطرفين، وهو ما لا يقبله من آمن بالإسلام ديناً. واسمحوا لي باقتباس بعض ما كتبتُه ضمن مقدمة بحثي الذي تناولت فيه دراسة واحد من أهم مراكز التفاوض في أمريكا عام 2007، فلعله يكون سبيلاً إلى إيضاح وجهة نظري في الدعوة للحوار:
                  " قبل الدخول في تفاصيل هذه الدراسة، لابد لي من التنويه إلى الحاجة الماسة لمراكز بحث تخصصية في موضوع الحوار والتفاوض الذي أصبح أولوية من أولويات الولوج إلى الألفية الثالثة، فقد كفى هذه الأمة ما عانته، وما زالت تعانيه، من الآثار المدمرة لنتائج (أوسلو) ومعاهدة (كامب ديفيد) بسبب افتقار المحاورين والمفاوضين العرب - على افتراض صدق نواياهم- لأهليّة التفاوض والحوار مع العدو الإسرائيلي.

                  لقد غدا التفاوض علماً يُدرّس في الغرب، في حين أنه، للأسف، لا يزال في بلادنا مجرّدَ مفردةٍ لغوية. وفي سبيل الإضاءة الخاطفة لهذا العلم نقتبس ما أوجزه (وليام يوري - William Ury) - أحد أبرز مؤسسي علم التفاوض- في ولادة هذا العلم وأسبابه، حيث يقول: "لقد افتقدَ موضوع "التفاوض"- بوصفه حقلاً للدراسة والتدريب- إلى التعريف به في حقبة السبعينيات؛ ولم تعرف الجامعات- لذلك- أية مقررات خاصة بتدريسه. إلا أنه بعد عقدين من الزمن فقط غدت مقرراتُ التفاوض منتشرة في كل مكان، وهي تـُدرَّس الآن في كثرةٍ كثيرةٍ من مدارس الأعمال، والإدارات الحكومية، والقانونية، وفي معظم المؤسسات الكبيرة ووكالات الدولة، حتى أنها أصبحت تـُدرَّس في المدارس الإعدادية. لقد أصبح النهم المعرفيُّ لاكتساب هذا العلم أمراً لا يقاوم. وهذا - بالقياس إلى الباحث المتأمل واقعٌ مثيرٌ محتاجٌ إلى تفسير: لماذا؟ يبدو أن الجواب كامنٌ في ثورة المعرفة وفي تأثيراتها على أشكال تنظيماتنا، وعلى منطق النزاع بحد ذاته."(4)
                  نحن بحاجة ماسَّة إلى الإطلاع الدقيق على أدبيات مراكز البحث والهيئات التي تـُعنى بقضايا السلام العالمي، والسلم الأهلي، وحوار الأديان، وحقوق المرأة، وحقوق الأقليات، ودراسة البؤر المتفجرة أو المحتقنة عالمياً، والتي تـُعزى أسبابُها إلى صراعات دينية أو عرقية، لمعرفة آليات التفكير لدى الكتاب والمفكرين الغربيين(5) الذين يقفون وراء تلك المراكز والمنظمات، التي ما فتئت تنتج - وفق منظـورهم المعرفي- ما يُسمّونه حلولاً للأزمـات المتفجرة في العالم.
                  ولابدّ - بداهة- أن يتوجب على الأشخاص، أو الهيئات المدنية، أو المجموعات الدينية التي تـُنتدب للقاء ممثلي هذه المراكز الغربية حيازة الكفاءات اللازمة من حيث الثقافة وامتلاك ناصية اللغة الأجنبية المناسبة، والاطلاع الدقيق على سير الأعضاء المؤسسين لهذه المراكز، وخلفياتهم الثقافية، وأعمالهم ومناهجهم الفكرية، والجهات المموِّلة لهم والداعمة لمسارهم، وآليات عملهم ونشاطاتهم في مناطق أخرى، لأن عدم امتلاك هذه الكفاءات لا يقدح في أهلية المُحاور فحسب، بل ينتقص من هيبة البلد وهيبة مفكريه ومصداقية حقوقنا.
                  إن مؤسسي هذه المراكز ليسوا أناساً عاديين، فهم غالباً ما يكونون من العلماء المتخصصين ذوي الكفاءات العالية والخبرات الميدانية، وجلـُّهم ممن أغنى أهم الجامعات والمعاهد في العالم بدراساته ومؤلفاته ونظرياته. وإن من غير المقبول بالكليّة ألا يُبالى في أعمالهم، وألا تـُدرس الدرس العلمي الجاد الذي تستحقه. وأبلغ من هذا خطراً أن يُسارع أناس إلى الرد عليها بعاطفة لا يحكمها منطق ولا منهج علم، مكتفين بالتباكي على مجد آفل، والتغنـّي بريادة للأجداد كانت حقيقة ذات يوم، وهذا كله مدعاة لمزيد من الفشل في إمكانية تفنيد آرائهم، أو تصويب مبادراتهم بهدف الحصول على حقوقنا المهضومة.
                  ومن خلال اطلاعي المتواضع على أدبيات بعض هذه المراكز، وجدت، ومن باب الأمانة العلمية، أن إطلاق الأحكام السابقة على مثل هذه المراكز، والقفز المباشر إلى تقويمها انطلاقاً مما تستدعيه نظرية المؤامرة من إقصاء مبرَّر لكل أشكال التعاون معها هو ضرب من الجهل، وإمعانٌ في حجب الذات عن المعلوم النافع بدعوى الدفاع المشروع عنها.
                  وحتى لا أغدو محامياً للشيطان، فإنه لا بد لي من أن أنوِّه بأن ما عانته الأمة العربية والإسلامية من مطارق الاستعمار القديم وما خلـَّفه من فقر وفاقة فكرية واقتصادية من ناحية، وما تعانيه اليوم من هجمة شرسة للسيطرة على مقدراتها، وفرض أنموذج ثقافي يغاير معايير إرثها الثقافي، وفقدان النزاهة والحيدة لدى الإدارة الأمريكية حين التعاطي مع قضاياها من ناحية أخرى، كل أولئك قد يكون المسوِّغ المنطقي لحالة الريبة والشك التي تكتنف كثيراً من تحليلات كتابنا ودراساتهم التي تتناول الأعمال الفكرية والنشاطات والمبادرات التي تقوم بها المراكز الغربية المعنية بتناول أشكال الصراع والنزاع في العالم.
                  بيد أن هذا الجو المشحون بعدم الثقة والفزع من التواصل يؤسس لقطيعة بيننا وبين الغرب، ويجعل الأمور تراوح في مكانها، ويحرم الأمة العربية والإسلامية فرصة الاستفادة من القوة الضاغطة التي تمتلكها هذه المنظمات الأهلية على مراكز القرار في بلدانها، وبذا يصبح اللقاء مع هذه المراكز والمنظمات ضرورة تمليها الحاجة إلى صوت داعم لقضايانا داخل المعسكر الغربي.
                  لابد لهذه الأمة أن تصحو من كبوتها، وتمعن النظر فيما يجري حولها، فلا فائدة ترجى من استمرار لعننا للظلام، فقد أزفت ساعة إشعالنا لشموع المعرفة"(6).
                  أختم فأقول إن دور المثقف العربي في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة لا يمكن اختزاله بمقالة يكتبها أو تحليل سياسي يدفع به إلى صحيفة أو مجلة، أو بمحاضرة يلقيها، إن دوره أكبر بكثير ذلك أنه يحمل مشروع إعادة نهضة الأمة من جديد.

                  الهوامش:
                  1- نيكولو دي برناردو دي مكيافيلّي ( Niccolò di Bernardodei Machiavelli)، ولد في فلورنسا 3 مايو 1469، وتوفي في فلورنسا في 21 يونيو 1527، كان مفكرا وفيلسوفا سياسيا إيطاليا إبان عصر النهضة. أصبح مكيافيلي الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي الواقعي، والذي أصبحت فيما بعد عصب دراسات العلم السياسي. أشهر كتبه على الإطلاق، كتاب الأمير، والذي كان عملاً هدف مكيافيلي منه أن كتيب تعليمات للحكام، نُشرَ الكتاب بعد موته، وأيد فيه فكرة أن ما هو مفيد فهو ضروري، والتي كان عبارة عن صورة مبكرة للنفعية والواقعية السياسية. ولقد فُصلت نظريات مكيافيلي في القرن العشرين". نقلاً عن ويكيبيديا.
                  2- قال ابن منظور في لسان العرب:" كلمته فما رجع إلي حواراً وحِواراً ومحاورة وحويراً ومحورة بضم الحاء أي: جواباً. والمحاورة : المجاوبة، والتحاور:التجاوب، استحاره أي: استنطقه.
                  3- الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد، أصول الحوار وآدابه في الإسلام.
                  4- ترجم عن موقع: <Http://www.kauffman.org>، مقال: (Negotiating for Mutual Gain) ، نقلاً عن كتاب وليام يوري (الطرف الثالث: The Third Side). أدرج الأصل في ملاحق بحث (المسار الإبراهيمي) تحت رقم 1.
                  5- جرت العادة أن تندرج الولايات المتحدة الأمريكية تحت مسمى (الغرب) إلا إذا نُوِّه إلى استثنائها.
                  6- عدنان أبوشعر، مبادرة مسار سيدنا إبراهيم وإشكالية التفاوض، عام 2007.


                  تعليق

                  يعمل...
                  X