إقناع الآغا
تقول إحدى الحكايات الشعبية أن أحد الأغاوات ، كان يأبى العقوق ، ويعتبره من كبار الجرائم الأخلاقية ، لذلك كان الأهل الذين يعانون من عقوق الأبناء يلجأون للأغا الذي كان يلهب الجلود بالضرب المبرّح ، ليعود الأولاد إلى صوابهم بواسطة الصدمات العنيفة التي يسببها لهم في سراياه العامرة بالأجلاف والكرابيج الجلدية وأذناب البقر...!!!
وكانت إحدى النساء المسنات تعاني الأمرّين من وحيدها ، الذي كان يتفنن بضربها وإهانة كرامتها ، ولا يردعه رادع...!!!
لذلك قررت أن تشتكيه للآغا ، لعله يعود إلى جادة الصواب ، ويَرّهَب جانب الآغا ، ما دام لا يريد أن يخاف الله ، ويرهب جانبه ، فمن يذله الله يسلط عليه أراذل عباده ، فكيف بمن يملك اقامة الحد ...؟؟!!!
حزمت أمرها وذهبت إلى سرايا الآغا لتشتكي إبنها العاق ، وهذا فعل لا يلجأ اليه الأباء إلا بعد انعدام وسائل الأصلاح مع الأبناء ...!!!
ولمّا نظرت إلى الساحة ، ورأت الهول الذي يتعرض له أولئك المناكيد من أجلاف الآغا ، تحرك قلبها ، وأبى عليها أن تسلم فلذة كبدها لهم ، سيمّا هو ضعيف البنية ، مهزول ، (معصلج ، معصعص) مثل خراف سنين المحل وجنون الأعلاف ، قد لا يحتمل غلوة واحده ، ويذهب بها في (الباي باي) ، وهو الحيلة والفتيلة ولم تخرج من الدنيا بغيره ، وسيموت قطعا بين أقدامهم واسواطهم ..!
حينها قررت أن تتراجع ، فصارت تنسحب ، ولكن الآغا لمحها ، فأمر بإحضارها ، وأعيدت رغما عنها ، وصار يسألها عن سبب حضورها وانسحابها ، فحاولت الأنكار ، ولكن أمام التهديد والعين الحمراء اعترفت ، فأمر بأخذها الى بيتها لإحضار إبنها العاق ....!!!
وكانت في الطريق تفكر ، وعقلها المتقد بالحدث يعمل بسرعة ...!!!
ماذا فعلتِ يا امرأة ..؟؟ هل أنتِ مجنونة ، حتى تودين بإبنك الوحيد بالتهلكة ...!!!
وفكرت وقررت ....., ونفذت ...عندما رأت أحد العتالين الضخام ، حيث يوزن بكذا ولد من ولدها (الممصوص، المعصعص) ، حيث يصلح نموذجا لطلاب كلية الطب للممارسة العملية عليه ، وقالت في نفسها الخبيثة :
هذا العتال أصلح الناس للمهمة ...!!!
ثم أشارت اليه وقالت لأجلاف الآغا :
- ذلك العتال هو ابني العاق ...!!!
فتناولوه بالصفع والركل تحت صراخه واحتجاجه أنه لا يعرف تلك المرأة السوء ، ولم يرها في حياته ، ولكنها لم تتراجع عن زعمها ، وبقي تحت الضرب والركل مقيدا بحباله ، حبال العتالة ، حتى أبلغوه سرايا الآغا ، وهناك أكملوا عليه حتى وقع مغشيا عليه ، وأفاقوه بطريقتهم المثلى ، وامروه ان يحمل العجوز (أمه) وأن يعيدها إلى بيتها ، وإياه وعقوقها مرة أخرى ، لأن الموت سيستقبله حينذاك...!!!
وامتثل العتال للأمر،وحمل العجوز، ومشى برفقة الأجلاف ، فصادفه أخ شقيق له، وسأله :
- من هذه العجوز التي تركب على ظهرك ؟؟؟
- هذه أمنا ...!!!
- ومن أين لنا الأم وأمنا ماتت منذ عشرين سنة؟؟؟!!!
قال العتال : أنا مقتنع مثلك ، ولكن من يقنع الآغا ؟؟؟
إلى هنا انتهت القصة التعبيرية ، ولكن ماذا نعلق عليها ؟؟؟
الذهب والنفط ينخفضان في الأسواق العالمية ، وكذلك المواد الأساسية ، السكر ، الأرز ، الذرة ، الزيوت ، اللحوم ...وكل شيء ...!!
ولكن الحكومات ترفع الأسعار ، وتزيد الضرائب ، بحجة ارتفاع سعر المنشأ ، وكأننا في عالم آخر ، لا يوجد فيه وسائل اعلام تدحض هذه المزاعم ، وتثبت العكس ، ونحن ندفع صاغرين ...!!!
نحن على قناعة تامة ، ولكن من يقنع الحكومة ... أو الآغا ؟؟؟
تعليق