المراقب يطاردني Le Contreleure

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جلال التازي
    عضو الملتقى
    • 09-06-2007
    • 14

    المراقب يطاردني Le Contreleure

    جلال التازي

    المراقب يطاردني

    لا أذكر منذ متى بالضبط وأنا أجري ... دائما أجري، لا أعرف كم أبلغ من العمر بالضبط... لنقل أن عمري كان عشرة سنين... أسكن محطة القطار، لنقل أن هذا هو عنواني .... ربما كان أبي هو القطار وأمي هي السكك الحديدية، لأنا كل ما أذكره هو أنني نزلت من القطار ... وركبت قطارا آخر وهكذا دواليك حتى أصبحت إبنا للقطار، عندما أجوع أسرق ... وعندما يأتي الليل أنام في أي مكان المهم أن لا يكون بعيدا عن المحطة، وعندما أستيقظ أركب أول قطار يأتي دون أسأل إلى أين يتجه ودون أن أشتري تذكرة ... ومن أين لي بثمنها .. ثم هل هناك أحد يشتري تذكرة ليركب ظهر أبيه ؟ ... كان القطار هو أبي، وكان المراقب هو عقبتي الوحيدة ... دائما يطاردني... وخلال المطاردة، أجري وأجري متخطيا أرجل الناس، ومن عربى إلى عربة وقد لا تتصور الشجاعة التي تنزل علي ... تصور ما تراه في السينما الناس يجرون فوق عربات القطار ... أنا كنت أفعل ذلك ولكن هذه المرة على أرض الواقع.. ولم أكن وحيدا، كان لي عدد لا بأس به من الأصدقاء ... ليسوا أصدقاء بل إخوان مادام أبونا واحد وأمنا واحدة ... في بعض المرات عندما كان يسقط أحدنا في يد المراقب، هذا الأخير يركل ويفرس يكاد يقتل ويسب ويشتم... ويلعن اليوم الذي إشتغل فيه هو مراقبا في القطار...
    هكذا وباختصار شديد مرت طفولتي، إذا أمكن أن نسميها طفولة..
    ومرت الأيام، وأصبحت رجلا... لم أعد أطيق النوم، لم تعد تكفيني سرقة الطعام ولم يعد يكفيني الأكل والنوم لكي أعيش.. وبدأت أتعاطى الحشيش ... لكي أنسى، وعندما لا أجد ثمنه أكتفي بشم لاصق العجلات حيث يكفي أن أشم نصف علبة حتى أنسى أن أمريكا دولة عظمى، وأعتقد أن بلدي هو إبمراطورية العالم وأن كل الدنيا ترقص .. وأعيش أميرا من أمراء ألف ليلة وليلة ولكن للأسف كل هذا للحظات فقط، ثم أعود إلى الآلام ووحشية الشارع وأنياب محطة القطار ...


    وفي يوم قبض علي بتهمة السرقة ... سرقت محفظة أحد المسافرين ولكن خانني الحظ، وحمل لي العديد من المتاعب، إنني حتى لا أتوفر على البطاقة الوطنية، ودخلت إلى الزنزانة لم تكن تختلف كثيرا عن المحطة التي كنت أعيش بها بالنسبة لي ... وخرجت لأعود إلى المحطة أكثر شراسة وروح العنف والسرفة تنبض في عروقي، كأنها وساوس الشياطين، شياطين السرقة والاغتصاب والعنف ..
    وبدأت أسرق معتمدا على السلاح .. وأقطع سبيل المارة والمسافرين وعندما يخونني الحظ أضرب بالسكين وأهرب لم تكن تخيفني الدماء بقدر ما كانت تخيف المحيطين بي، قد لا يخافون من رؤية السكين ولكن بمجرد رؤية الدماء البشرية، يختفي كل من سولت له نفسه مطاردتي ... ومع ذلك سقطت مرة أخرى، وهذه المرة خمسة سنين في السجن... وحتى هذه العقوبة لم تجعلني أتوب، خرجت لألتقي من جديد بالقطار والمحطة والمسافرين، كانوا الشيء الوحيد الذي إشتقت إليه وأنا في السجن...
    وانطلقت من جديد، وركبت أول قطار جخل إلى المحطة ولم تمض خمس دقائق حتى وجدت المراقب فوق رأسي " تذكرة من فضلك " ... وهربت منه ... ورجيت ... وجريت وأنا أتخطى أرجل المسافرين ... ومن عربة إلى عربة ، تصورت أنني سأجد في القطار أصدقاء الطفولة ولكنني وجدت جيلا آخر أخذ مكاننا... أبناء جدد للقطار ...
    هم أيضا كانوا هاربين من المراقب...
    وهربت مع الهاربين...
    وتسلقت العربة ... وجريت فوق سطح العربات ...
    ومازال المراقب يطاردني ...
    جلال التازي
    TAZIJALAL@HOTMAIL.COM
    التعديل الأخير تم بواسطة جلال التازي; الساعة 14-11-2007, 07:33.
  • عثمان علوشي
    أديب وكاتب
    • 04-06-2007
    • 1604

    #2
    الأستاذ جلال التازي،
    قصة المراقب أو شرطي القطارات تحمل رسالة قوية وصورة واضحة المعالم حول واقع المراهقين والأطفال الذين لفظهم الواقع إلى الشارع المظلم. أحسست أثناء القراءة أنني راكب في إحدى القطارات المتوجهة إلى طنجة، حيث أشاهد أمورا لم يكن بوسعنا رؤيتها إلاّ في أفلام رعاة البقر. نرى أطفالا في سن الزهور وهم ينافسون القطار في التهام الطريق وهم فوق العربات. واعتقد أن ركوبهم فوق العربات يعد ثورة ضد الواقع وضد بطش شرطي القطار الذي لا يرحم...والغريب في الأمر أن يعرض المراقب حياته للخطر في سبيل الركض خلف شاب يعتبر أكبر ضحية للمجتمع المتعجرف الذي نعيش فيه..
    دمت قلما سامقا، وأعذر خربشاتي..
    ودي وتقديري،
    عثمان
    عثمان علوشي
    مترجم مستقل​

    تعليق

    • عبلة محمد زقزوق
      أديب وكاتب
      • 16-05-2007
      • 1819

      #3
      أخينا الفاضل الأديب والكاتب
      جلال التازي
      كان لقصتكم مع حياة الصعلكة والتسكع فوق ظهر القطارات والتشرد بين قضبانها دلالات يؤخذ عليها المجتمع، وتحاسب عليها قوانين باردة صماء تتدعي صفة الانسانية لكننا نراها وهي تتغافل عن رعاية أمثال تلك الزهور الغضة "هذا ما جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد"
      حيث تضمهم قضبان باردة تتخلق عليها مشاعرهم... والنتيجة؛ يكون ابن تلك البيئة بارد أصم أجوف لا يرعى ولا يراعي حقه ولا حق من اتصف بصفة الانسانية.

      شكرا لكم تلك الوقفة الانسانية التي ضمت لنا نوعية توصف بانها ابنة شرعية للإنسانية
      ولكن للأسف تلفظها الانسانية دون ذنب او جريرة، فلا تجد من يرعاها أو يهتم بشؤنها؛ فتخرج عن حقيقة ثوبها لتتخلق بمن انتسبت إليه بنشأتها
      وكما جاء في نصكم "ابن لقضبان السكك الحديدية والقطارات" الخاوية من دفء الجداران وعناق المشاعر... الانسانية.

      "رحمة الله على الإنسانية وسط هؤلاء الضعفاء من البشرية"

      تعليق

      • عمر الصديقي
        عضو الملتقى
        • 29-07-2007
        • 156

        #4
        salut
        le controleur ?
        je crois

        تعليق

        يعمل...
        X