بداخله مات الإنسان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • اماني المانع
    صحفية وكاتبة
    • 30-10-2008
    • 47

    بداخله مات الإنسان

    بداخله مات الإنسان


    دخلتْ البيتَ مسرعة فرحة .... توجّهت على الفور إلى المطبخ ... ضمت أمها بقوة وهتفت :
    أخيراً .... أخيراً يا أمي وجدت وظيفة .
    لقد ذهبت اليوم إلى المدرسة الداخلية التي قدمت إليها أوراقي منذ أيام ، فأجروا معي مقابلة
    قبلوني بعدها معلمة في هذه المدرسة .
    لم تعرف كيف تقضي ساعات هذا اليوم ، فغداً ستثبت وجودها ... ستعمل ... ستتخلص من قضبان هذا البيت التي أسرها والماضي الجريح .
    أضاءت شمس الغد يوماً جديداً ، وعلى باب المدرسة تسارعت نبضات قلبها ... تنفست بعمق
    ودخلت إلى مديرة المدرسة ، سافرت معلمتهم بعد أن علمتهم الشيء الكثير ....
    لا أخفيك سراً أنهم تعلقوا بها كثيراً ، لذلك حاولي ان تتقربي منهم ....
    ما زالوا صغاراً في الخامسة من عمرهم .
    نظرت إلى المديرة ، فعمر الأطفال هو نفسه عمر جرحها ، وعمر ذكرياتها التي تحاول دفنها .
    وفي ممر طويل ، سُمعت خطواتُ سيرها مع المديرة التي طرقت باب الصف ثم فتحته ...
    وقف التلاميذُ ونظروا بعيون حالمة إلى معلمتهم الجديدة ....
    قدمت المديرة المعلمة إلى التلاميذ ... عرّفَتها إليهم .... ودعتهم وغادرت الصف .
    وقفت المعلمة ، ونظرت إليهم حائرة : كيف أبداً ؟
    ماذا أقول لهم ؟ ما ذا سأفعل معهم ؟
    وقضاءً على حيرتها وقف احد التلاميذ متسائلاً :
    - هل ستكونين أنت معلمتنا ؟ ! وتعلميننا وتلعبين معنا ؟
    - نعم ... سأعلمكم وأحبكم وألعب معكم .
    صفّق التلاميذ ، وتبسموا ببراءة غارقة ببراءة ، إلا تلميذاً وقف رافضاً :
    - لا نريدك أن تدرسينا ولا أن تلعبي معنا ...
    نحن نريد معلمتنا .. لا نريدك أنتِ .
    اقتربت منه .... نظرت إليه ..... غرقت عيناها بعينيه :
    - سأكون معلمتكم ، وأختكم ، وأمــ ......
    ولم تكمل كلمتها ، فقد عاد الطفل ليسألها :
    - لمَ سافرت معلمتنا ؟
    - سافرت إلى أولادها .
    - وأنت ؟ هل لديك أولاد؟
    صُدمت من سؤاله ... تجمّدت حروف كلماتها .
    وفجأة طُرق الباب ودخلت المديرة ، حيث اقتربت منها وقالت مشيرة إلى الطفل الذي يرفض ووجودها :
    - إن هذا لطفل لأب وأم مطلقين ، تركته أمه منذ ولادته ، ولم تسأل عنه أبداً ، ووالده دائم السفر يأتي لرؤية ابنه لدقائق فقط ، وهو في طريقه إلى الصف ، فاسمحي له بخمس دقائق يراه فيها
    دخل الأب ، فركض الابن مسرعاً لعناق والده ، لكن الأب لم يحضنه كعادته ويقبله ، بل وقف في مكانه بعد أن جحظت عيناه ...
    ترك الصف مسرعاً وخرج من المدرسة ... نادته المديرة ... كررت النداء واستغربت الموقف ، استدارت إلى المعلمة لترى الدموع بعينيها . سألتها :
    - ما بك ؟ ما الذي جرى ؟
    أجابت بانكسار :
    - سيدتي ، هذا الرجل هو طليقي ، وهذا الطفل هو ابني الذي لم أره أبداً ، وأنا ......
    - وأنت ماذا ؟
    - سأقدم استقالتي ! أرجوك اقبليها
    حملت حقيبتها ، ثم دنت من ابنها بهزيمة ، أرادت أن تضمّه لكنّ قسوتها منعتها .
    مسحت دموعها التمساحية وخرجت ، معلنة ً نهاية ً لقصة كل إنسان مات بداخله الإنسان .
    (من مجموعتي القصصية سيد الكلمات)
    اماني عصام المانع
  • رقيه المنسي
    أديب وكاتب
    • 01-01-2010
    • 591

    #2
    استاذه امانى
    ما اروع ما نقلتى لنا من صور الحياه
    ولكن الحياه علمتنى ان الجميع ضحايا
    هذه الام التى وصفت دموعها بدموع التماسيح
    اذا بحثنا عن مثلها فى الواقع سنجد سبب لما وصلت له من تحجر المشاعر
    سنعرف من قتل الانسان بداخلها
    وسيكون هو ايضا ضحيه
    الحياه اعقد من ان تقسم لجانى وضحيه
    فالجميع ضحايا وجناه فى ذات الوقت
    تقبلى مرورى
    وانتظر المزيد
    تعبت من البحر
    لكن قلبى يصر عن البعد عن بؤس برىء

    تعليق

    • مصطفى شرقاوي
      أديب وكاتب
      • 09-05-2009
      • 2499

      #3
      ما أقساها في الأخير بعدما تعايشنا معها لوقت في البراءة وفي الاحلام الراقيه , وبسهولة السرد اختلفت النهاية وظهرت التمساحيه تهطل على جبينها , ما أدهى نصك ..

      سأقرأ هذا النوع .. دوما إن شاء الله

      تعليق

      • جلاديولس المنسي
        أديب وكاتب
        • 01-01-2010
        • 3432

        #4
        كتبتي أستاذتي فأخترقتي الأنسان وتعمقتي الدواخل وأخرجتي نهايات لا يستشعرها إلا من ذاقها وتجرع عذاباتها..
        من يُتمسح دموعها فهو ظالم فليست دائماً جانيه ولا هو قاساً دوماً
        فدائماً هم ضحايا لأنفسهم قبل ان يكونوا ضحايا لآخرين
        اتفق مع رقيه فالحياه أعقــــــــــــــد بكثير مما يراها البعض

        تعليق

        • آسيا رحاحليه
          أديب وكاتب
          • 08-09-2009
          • 7182

          #5
          و ماذا يبقى فينا و منا حين يموت بداخلنا الإنسان..؟
          أيّة قسوة هي تلك التي تمنع أما من إحتضان وليدها الذي لم تره أبداّ..؟
          استمتعتُ بالقراءة لك.
          تحيّتي.
          يظن الناس بي خيرا و إنّي
          لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

          تعليق

          • جلاديولس المنسي
            أديب وكاتب
            • 01-01-2010
            • 3432

            #6

            تعليق

            • جلاديولس المنسي
              أديب وكاتب
              • 01-01-2010
              • 3432

              #7
              أيّة قسوة هي تلك التي تمنع أما من إحتضان وليدها الذي لم تره أبداّ..؟

              لما ننصب أنفسنا دائما حكاما على الغير ونحن لا نعلم عنهم سوى الظواهر



              فهــــل هذة دمـــوع تماسيــــح

              تعليق

              • جلاديولس المنسي
                أديب وكاتب
                • 01-01-2010
                • 3432

                #8
                نظرت إلى المديرة ، فعمر الأطفال هو نفسه عمر جرحها ، وعمر ذكرياتها التي تحاول دفنها
                لم يلتفت أحداً إلي هذه الفقره... فأي ذكرى تجاهد دفنها ، وأي جرح عمره هو نفسه عمر طفلها ....؟

                تعليق

                • مصطفى شرقاوي
                  أديب وكاتب
                  • 09-05-2009
                  • 2499

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة جلاديولس المنسي مشاهدة المشاركة
                  نظرت إلى المديرة ، فعمر الأطفال هو نفسه عمر جرحها ، وعمر ذكرياتها التي تحاول دفنها
                  لم يلتفت أحداً إلي هذه الفقره... فأي ذكرى تجاهد دفنها ، وأي جرح عمره هو نفسه عمر طفلها ....؟
                  الذكرى التي تحاول دفنها ربما تكون ذكرى إنفصالها عن زوجها ... وهو نفسه عمر الأطفال منذ خمس سنوات .....

                  تعليق

                  • جلاديولس المنسي
                    أديب وكاتب
                    • 01-01-2010
                    • 3432

                    #10
                    ذكرت أ/ مصطفى كلمه ربما فمن يعرف أي ذكرى ولا أي جرح تعانيه
                    ربما كما ذكرت وربما ما هو أشد....

                    تعليق

                    • إيمان الدرع
                      نائب ملتقى القصة
                      • 09-02-2010
                      • 3576

                      #11
                      أختي الغالية : نصّ جميلٌ عذبٌ كروحك الشفّافة ، نقلت ببراعة ٍ خلجات النفس وما يتجاذبها من تناقضات ،فالأمّ على قسوة موقفها ، كانت خائفةً من أن تعبث بجرحٍ قد اندمل ، كنت مبدعة ً في نقلنا إلى جوّ المدرسة الحميمي ، أنت تصورين ، وترسمين بالكلمات .تحيّاتي

                      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                      تعليق

                      • اماني المانع
                        صحفية وكاتبة
                        • 30-10-2008
                        • 47

                        #12
                        رد

                        الأخوة الأعزاء مصطفى
                        رقية
                        جلاديولس
                        اسيا
                        ايمان
                        شكرا لمروركم الكريم وقلوبكم التي لازالت تعيش بنبض الإنسان
                        اماني عصام المانع

                        تعليق

                        • آسيا رحاحليه
                          أديب وكاتب
                          • 08-09-2009
                          • 7182

                          #13
                          [quote=جلاديولس المنسي;415815]أيّة قسوة هي تلك التي تمنع أما من إحتضان وليدها الذي لم تره أبداّ..؟

                          لما ننصب أنفسنا دائما حكاما على الغير ونحن لا نعلم عنهم سوى الظواهر

                          الأخت جلاديولس المنسي..
                          العفو. لم يكن في نيّتي تنصيب نفسي حكما..كان مجرّد تساؤل لأن صاحبة النص نفسها ذكرت قسوة تلك المرأة..
                          حملت حقيبتها ، ثم دنت من ابنها بهزيمة ، أرادت أن تضمّه لكنّ قسوتها منعتها


                          فعلا. قد تكون قسوة تولّدت نتيجة ظروف ما .أفهم ذلك .
                          تحيّتي.

                          يظن الناس بي خيرا و إنّي
                          لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                          تعليق

                          • جلاديولس المنسي
                            أديب وكاتب
                            • 01-01-2010
                            • 3432

                            #14
                            [quote=آسيا رحاحليه;416299]
                            المشاركة الأصلية بواسطة جلاديولس المنسي مشاهدة المشاركة
                            أيّة قسوة هي تلك التي تمنع أما من إحتضان وليدها الذي لم تره أبداّ..؟

                            لما ننصب أنفسنا دائما حكاما على الغير ونحن لا نعلم عنهم سوى الظواهر

                            الأخت جلاديولس المنسي..
                            العفو. لم يكن في نيّتي تنصيب نفسي حكما..كان مجرّد تساؤل لأن صاحبة النص نفسها ذكرت قسوة تلك المرأة..
                            حملت حقيبتها ، ثم دنت من ابنها بهزيمة ، أرادت أن تضمّه لكنّ قسوتها منعتها

                            فعلا. قد تكون قسوة تولّدت نتيجة ظروف ما .أفهم ذلك .
                            تحيّتي.
                            أ / آسيا
                            لم تكوني المقصوده بـردي وإن كنت نقلت ردك وقمت بالتعليق عليه
                            اعتذر ...
                            ولكن ردي المفروض انه عام ولا يخص رد بعينه ولكن انا بتكلم عن نظره الجميع للجميع دائماً..غاليتي فالجميع بهذه النظره

                            كل ما اردت توضيحه هو لا نأخذ الأمور بقشورها والظاهر منها وان نتعمق اكثر بالحياه
                            وإن كانت ذكرت الكاتبه أرادت أن تضمّه لكنّ قسوتها منعتها

                            فلما لا ننظر ان قسوتها على ذاتها منعتها

                            لما دائما نفرض الوجه الآخر ....
                            وفي الاخير تقبلي وجهة نظري وإن إختلفنا .. كل التقدير لرأيك عزيزتي

                            تعليق

                            • اماني المانع
                              صحفية وكاتبة
                              • 30-10-2008
                              • 47

                              #15
                              الأعزاء جلاديولس
                              مصطفى
                              شكرا لعبق مروركم
                              اماني عصام المانع

                              تعليق

                              يعمل...
                              X