. الحب والعقل كيف يجتمعان؟
سؤال يتطلب التركيز للجواب عليه ويتطلب ايضا التدبّرفي حالات الحب وتأثيره علي النفس البشرية ،أولا دعونا نلق نظرة فاحصة على هذا الإحساس العذب والمر في آن واحد .
الحب شعور عاطفي يشعرك بالانجذاب إلى شخص ما أو شيء ما..في الحقيقة الحب حاله حال أي شعور عاطفي قلبي كالغضب والكره والحزن والفرح ، ونجد أن تعريف الحب عند معظم الناس مبالغ فيه أحيانا وهذا لأن عين الحب لا تبصر إلا ما هو جميل وحسن في المحبوب.
والحب الحقيقي ما هو إلا مرادف للعفة والابتعاد عن الرغبات الخسيسة كما قال القائل الذي أعجبني وصفه للحب :
إنما الحب صفاء النفس من حقد وبغـض
إنها أفئدة تهــــوى وتأبى هَتـك عرض
وجفون حــــذرات تلمح الحسن فتغضي
إذا لنرجع إلى جوهر الموضوع: الحب والعقل كيف يجتمعان؟!!.. قد نلاحظ كثيرا أن المحب أقرب ما يكون للجنون فنلاحظ أنه يبالغ في قوله كما يقول احدهم :
رأيت بها بدرا على الأرض ماشيا***ولم أربدرا قط يمشي على الأرض.
وقول القائل :
كانت تظللني ومن عجب***شمس تظللني من الشمس
لنقف ولنسأل هل هذا الكلام كلام يتقبله العقل ؟!! هل هناك شمس أو بدر غير اللذين عرفناهما في السماء ، ولنسائل أنفسنا أيضا ،هل هؤلاء القائلون يكذبون في أقوالهم ؟!!
وكما نعرف أنّ المحب لما يصف الحبيب يصفه وصفا بعيدا عن العقل تماما ، إذا فالأمر يتطلب دراسة ونظرة عن كثب كما ذكرت وهاكم نتيجة تحليلي.
كما ندرك تمام الإدراك أن النفس البشرية بجسدها وروحها يتزعمها زعيم اسمه " العقل " فهو بمثابة رئيس لهذا الكيان ولا ينجح أمر في هذا الكيان دون رضاه ،ولا ينجز عمل لا يرغب فيه الرئيس والشعب منقادون ومخلصون لرئيسهم . وبينما الحال كذلك يتسرب الحب للقلب والذي يعد عنصرا من عناصر هذا الكيان الذي لا يملك منصبا وليس له من الأمر شيء يتسرب اليه الحب تسربا ، ويستولى على القلب استيلاء وبمرور فترة يكون الحب قد سيطر على القلب تمام السيطرة وهنا يطلق الإنذار ويشعل الضوء الأحمر ، حينها يدرك الرئيس بأن جزءا من كيانه تم استيطانه من دون إذن منه ولا علم ، و عندها تستعر نار الحرب ،حرب بين الرئيس المتمثل في "العقل" والمعارضة التي تشكل القلب فقط ، وفي بداية الحرب يحرص الرئيس على ان يسيطر على هذه الحر كة المتمردة حاله حال اي رئيس واجهته مشكلة التمرد .
القلب :يعد القلب من الأعضاء الضعيفة في جسم الإنسان ولهذا كان ضحية اختيار الحب وعرف أنه ثغرة في هذا الكيان وعن طريقه تسرب إليه ، القلب لا يستطيع مواجهة رئيس الدولة وملك الكيان ، لذا يفكر في ان يتخد حليفا قويا يساعده في حملته ضد الرئيس ويفكر في مصدر دخل الجسد ، ويقع الإختيار على المعدة ، وبعد مشاورات ومناورات تقبل المعدة عرض القلب لها وبرنامجه ويبرمان اتفاقية تحالف ، ماذا يحدث بعدها.؟
المعدة تعطي إشارات كاذبة للشهية وهي أن مخازن المعدة مليئة وأن الجسد لديه ما يكفيه من الغذاء والطاقة، ولا ترغب في اي تغذية حتى إشعار آخر ،وهكذا تنضم المعدة إلى دائرة الصراع ، ودائما نجد ان المحب يشتكي من الضعف والنحافة وكما يقول المتنبي أنه وصل إلى درجة من النحافة لا يراه فيها الشخص الذي يخاطبه :
كفى بجسمي نحولا أنني رجل*** لولا مخاطبتي إياك لم ترني!!
ويذهب أحد الشعراء الأمويين إلى أبعد من ذلك فيزعم بأن الجمل لو أصابه مقدار الحب الذي يعاني هو منه ، لوصل إلى درجة تمكنه من أن يدخل سمّ الخياطّ فلا يدخل النار كافر:
ولو أن ما بي من هوى وصبابة *** على جمل لم يدخل النار كافر
ويستمر القتال بين رئيس الدولة من جهة وبين القلب وحليفته المعدة ،وبعد مرور فترة العقل يستسلم للواقع ويطالب بالهدنة والمصالحة وحينها تبدأ جلسات التفاوض والمناورات حتى التوصل إلى اتفاقية فحواها :-
1-وقف القتال فورا.
2-منح القلب منصب رئيس الوزراء في الدولة.
3- عدم تدخل الرئيس في القضايا العاطفية .
4-القلب يكتفي بالقضايا العاطفية وليس له الحق في تدخل شؤون الدولة والتخطيط للمستقبل
. وهكذا يكون الحب مشروعا ويجد فرصتة في أن يخرج من القلب ويتجول في الجسم لا يخاف من عقاب ولا يهرب من سلطة ..
يظل العاشق في حالة من "الجنون المؤقت" لا يهاب المخاطر ولا يبالي بالعواقب ولا يفكر في النتائج ،ويظهر هذا جليا عندما نتأمل في تصرفات العاشقين ،فتلقاهم يلقون بأنفسهم فى المهالك ويعرضون أنفسهم لأخطار أقلها الموت، وها هو المتنبي يصف عشيقته بأنها :
عدوية بدوية من دونها*** سلب النفوس ونار حرب توقد
وهواجل ومناصل وصواهل *** وذوابل وتوعد وتهدد
فالعجب كل العجب كيف يروق لنفسه بأن يصر على حب دونه قتل ونار الحرب والسيوف والرماح والوعيد والتهديد ؟!!!!!!! وهنا نرى عمر بن ابي ربيعة يرمي بنفسه في خضم علاقة لا تقل خطورة من الأولى فيقول:
عشية ذي دوران جشمتني السرى *** وقد يجشم الهول المحب المغرر
اذا زرت نعما لم يزل ذوقرابة*** لها كلما لاقيته يتنمر
عزيز عليه أن ألم ببيتها*** يسر لي الشحناء والبغض مظهر
ويمضي الشاعر العاشق في مغامرته غير المحسوبة وحين يستيقظ الأقارب الاعداء تقوم قيامة المحبوبة وسأدعه يصف لكم المشهد بنفسه :
فلما تقضى الليل إلا أقله*** وكادت توالي نجمه تتغور
أشارت بأن الحي قد حان منهم*** هبوب، ولكن موعد لك " عزور "
فما راعني إلا مناد ترحلوا *** وقد لاح مفتوق من الصبح أشقر
فلما رأت من قد تنبه منهمو*** وأيقاظهم،قالت:أشر كيف تأمر !
فقلت : أباديهم، فإما أفوتهم*** وإما ينال السيف ثأرا فيثأر
فهم هكذا لا يلقون بالا لأي خطر على حياتهم مهما بلغت شدته ولا يعرفون شيئا يسمى بالتفكير المنطقي !!! وهنا وبعد هذا التحليل نستنتج أن ملامة العاشق لا تجدي نفعا فمن لم يستمع لصوت العقل في داخله فهو حري بأن لايصغي الى الآخرين ..
لقد لامني في حب ليلى اقاربي *** ابي و ابن عمي وابن خالي و خاليا
يقولون ليلى اهل بيت عداوة *** بنفسي ليلى من عدو وماليا
على أن قولنا ان العاشق في حالة من الجنون لا ينبغي ان يفهم منها أنه فقد عقله بالكلية ،فهو لا زال يتمتع بتوازنه في باقي المجالات الأخرى في الحياة إلا فيما يتعلق بالجانب العاطفي ..

سؤال يتطلب التركيز للجواب عليه ويتطلب ايضا التدبّرفي حالات الحب وتأثيره علي النفس البشرية ،أولا دعونا نلق نظرة فاحصة على هذا الإحساس العذب والمر في آن واحد .
الحب شعور عاطفي يشعرك بالانجذاب إلى شخص ما أو شيء ما..في الحقيقة الحب حاله حال أي شعور عاطفي قلبي كالغضب والكره والحزن والفرح ، ونجد أن تعريف الحب عند معظم الناس مبالغ فيه أحيانا وهذا لأن عين الحب لا تبصر إلا ما هو جميل وحسن في المحبوب.
والحب الحقيقي ما هو إلا مرادف للعفة والابتعاد عن الرغبات الخسيسة كما قال القائل الذي أعجبني وصفه للحب :
إنما الحب صفاء النفس من حقد وبغـض
إنها أفئدة تهــــوى وتأبى هَتـك عرض
وجفون حــــذرات تلمح الحسن فتغضي
إذا لنرجع إلى جوهر الموضوع: الحب والعقل كيف يجتمعان؟!!.. قد نلاحظ كثيرا أن المحب أقرب ما يكون للجنون فنلاحظ أنه يبالغ في قوله كما يقول احدهم :
رأيت بها بدرا على الأرض ماشيا***ولم أربدرا قط يمشي على الأرض.
وقول القائل :
كانت تظللني ومن عجب***شمس تظللني من الشمس
لنقف ولنسأل هل هذا الكلام كلام يتقبله العقل ؟!! هل هناك شمس أو بدر غير اللذين عرفناهما في السماء ، ولنسائل أنفسنا أيضا ،هل هؤلاء القائلون يكذبون في أقوالهم ؟!!
وكما نعرف أنّ المحب لما يصف الحبيب يصفه وصفا بعيدا عن العقل تماما ، إذا فالأمر يتطلب دراسة ونظرة عن كثب كما ذكرت وهاكم نتيجة تحليلي.
كما ندرك تمام الإدراك أن النفس البشرية بجسدها وروحها يتزعمها زعيم اسمه " العقل " فهو بمثابة رئيس لهذا الكيان ولا ينجح أمر في هذا الكيان دون رضاه ،ولا ينجز عمل لا يرغب فيه الرئيس والشعب منقادون ومخلصون لرئيسهم . وبينما الحال كذلك يتسرب الحب للقلب والذي يعد عنصرا من عناصر هذا الكيان الذي لا يملك منصبا وليس له من الأمر شيء يتسرب اليه الحب تسربا ، ويستولى على القلب استيلاء وبمرور فترة يكون الحب قد سيطر على القلب تمام السيطرة وهنا يطلق الإنذار ويشعل الضوء الأحمر ، حينها يدرك الرئيس بأن جزءا من كيانه تم استيطانه من دون إذن منه ولا علم ، و عندها تستعر نار الحرب ،حرب بين الرئيس المتمثل في "العقل" والمعارضة التي تشكل القلب فقط ، وفي بداية الحرب يحرص الرئيس على ان يسيطر على هذه الحر كة المتمردة حاله حال اي رئيس واجهته مشكلة التمرد .
القلب :يعد القلب من الأعضاء الضعيفة في جسم الإنسان ولهذا كان ضحية اختيار الحب وعرف أنه ثغرة في هذا الكيان وعن طريقه تسرب إليه ، القلب لا يستطيع مواجهة رئيس الدولة وملك الكيان ، لذا يفكر في ان يتخد حليفا قويا يساعده في حملته ضد الرئيس ويفكر في مصدر دخل الجسد ، ويقع الإختيار على المعدة ، وبعد مشاورات ومناورات تقبل المعدة عرض القلب لها وبرنامجه ويبرمان اتفاقية تحالف ، ماذا يحدث بعدها.؟
المعدة تعطي إشارات كاذبة للشهية وهي أن مخازن المعدة مليئة وأن الجسد لديه ما يكفيه من الغذاء والطاقة، ولا ترغب في اي تغذية حتى إشعار آخر ،وهكذا تنضم المعدة إلى دائرة الصراع ، ودائما نجد ان المحب يشتكي من الضعف والنحافة وكما يقول المتنبي أنه وصل إلى درجة من النحافة لا يراه فيها الشخص الذي يخاطبه :
كفى بجسمي نحولا أنني رجل*** لولا مخاطبتي إياك لم ترني!!
ويذهب أحد الشعراء الأمويين إلى أبعد من ذلك فيزعم بأن الجمل لو أصابه مقدار الحب الذي يعاني هو منه ، لوصل إلى درجة تمكنه من أن يدخل سمّ الخياطّ فلا يدخل النار كافر:
ولو أن ما بي من هوى وصبابة *** على جمل لم يدخل النار كافر
ويستمر القتال بين رئيس الدولة من جهة وبين القلب وحليفته المعدة ،وبعد مرور فترة العقل يستسلم للواقع ويطالب بالهدنة والمصالحة وحينها تبدأ جلسات التفاوض والمناورات حتى التوصل إلى اتفاقية فحواها :-
1-وقف القتال فورا.
2-منح القلب منصب رئيس الوزراء في الدولة.
3- عدم تدخل الرئيس في القضايا العاطفية .
4-القلب يكتفي بالقضايا العاطفية وليس له الحق في تدخل شؤون الدولة والتخطيط للمستقبل
. وهكذا يكون الحب مشروعا ويجد فرصتة في أن يخرج من القلب ويتجول في الجسم لا يخاف من عقاب ولا يهرب من سلطة ..
يظل العاشق في حالة من "الجنون المؤقت" لا يهاب المخاطر ولا يبالي بالعواقب ولا يفكر في النتائج ،ويظهر هذا جليا عندما نتأمل في تصرفات العاشقين ،فتلقاهم يلقون بأنفسهم فى المهالك ويعرضون أنفسهم لأخطار أقلها الموت، وها هو المتنبي يصف عشيقته بأنها :
عدوية بدوية من دونها*** سلب النفوس ونار حرب توقد
وهواجل ومناصل وصواهل *** وذوابل وتوعد وتهدد
فالعجب كل العجب كيف يروق لنفسه بأن يصر على حب دونه قتل ونار الحرب والسيوف والرماح والوعيد والتهديد ؟!!!!!!! وهنا نرى عمر بن ابي ربيعة يرمي بنفسه في خضم علاقة لا تقل خطورة من الأولى فيقول:
عشية ذي دوران جشمتني السرى *** وقد يجشم الهول المحب المغرر
اذا زرت نعما لم يزل ذوقرابة*** لها كلما لاقيته يتنمر
عزيز عليه أن ألم ببيتها*** يسر لي الشحناء والبغض مظهر
ويمضي الشاعر العاشق في مغامرته غير المحسوبة وحين يستيقظ الأقارب الاعداء تقوم قيامة المحبوبة وسأدعه يصف لكم المشهد بنفسه :
فلما تقضى الليل إلا أقله*** وكادت توالي نجمه تتغور
أشارت بأن الحي قد حان منهم*** هبوب، ولكن موعد لك " عزور "
فما راعني إلا مناد ترحلوا *** وقد لاح مفتوق من الصبح أشقر
فلما رأت من قد تنبه منهمو*** وأيقاظهم،قالت:أشر كيف تأمر !
فقلت : أباديهم، فإما أفوتهم*** وإما ينال السيف ثأرا فيثأر
فهم هكذا لا يلقون بالا لأي خطر على حياتهم مهما بلغت شدته ولا يعرفون شيئا يسمى بالتفكير المنطقي !!! وهنا وبعد هذا التحليل نستنتج أن ملامة العاشق لا تجدي نفعا فمن لم يستمع لصوت العقل في داخله فهو حري بأن لايصغي الى الآخرين ..
لقد لامني في حب ليلى اقاربي *** ابي و ابن عمي وابن خالي و خاليا
يقولون ليلى اهل بيت عداوة *** بنفسي ليلى من عدو وماليا
على أن قولنا ان العاشق في حالة من الجنون لا ينبغي ان يفهم منها أنه فقد عقله بالكلية ،فهو لا زال يتمتع بتوازنه في باقي المجالات الأخرى في الحياة إلا فيما يتعلق بالجانب العاطفي ..
بقلم :عبد الوهاب محمد عثمان
اســـــ الصومالـ ـــــد
تعليق