تناسل النص السردي -رؤية وافق_

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د. سعد العتابي
    عضو أساسي
    • 24-04-2009
    • 665

    تناسل النص السردي -رؤية وافق_

    تناسل النص السردي _رؤية وافق_
    (1)
    تنبثق النصوص الادبية انطلاقا من نصوص سابقة لها بعد ان تستوعبها لتضيف اليها رؤى واساليب فنية جديدة وهذا بالتحديد ماحصل في النص السردي
    فلم تنبجس الرواية من فراغ وانما هي حفيدة المحلمة التي هي بدروها استطالات للسرد الاسطوري المتطور عن اساليب وانظمة السحر القديمة –كما مربنا – ولكن ماالاساس الذي نهض عليه هذا التطور والتناسل .
    ان معرفة هذا الاساس لاتتم الابعد ان نعرف الاساس الذي يقوم عليه انتاج الادب بشكل عام والسردي منه بشكل خاص مما يمثله هذا الادب والحق –في راي الباحث- ان الادب لم ينشا ليصور ماكان او مايجب ان يكون كما يرى ارسطو .
    ولاهو انعكاس للبنية التحتية للمجتمع وصرعاته الطبقية كما يرى الماركسيون ولاهو صورة للاوعي الانسان كما يرى فرويد ومدرسته ولالغة او عالم من الاشارات اللغوية كما يرى البنيويون والسانيون والسيميائيون
    ان الادب والنص السردي منه بشكل خاص يمثل في – راى الباحث لحظة وعي ورؤية فكرية في ذهن الانسان ناتجة عن ادراكه للعالم وكيفية تعامله معه ومدى قدرته في هذا التعامل , اي ان الانسان هذا يتعامل مع العالم بوصفه (انت) اي ذات اخرى مقابلة قد تكون متضادة مع الاخر او متماهية وبذلك وحده تطور الادب والسردي منه بشكل خاص لانه تعبير عن خيال الانسان ورغباته المثالية وبحثه عن الفردوس المفقود والحياة الاخرى غير التي نعيشها , فلو تتبعنا انتاج النص السردي بعصوره المختلفة لتبين لنا صحة هذا الراي. وهذا ماسنحاول اثباته هنا .

    (2)
    عندما خرج الانسان الاول من الكهوف واقتات على الطبيعة –صيد ونبات طبيعي وغيره – ارعبه العالم بتقلباته ومظاهره لذلك ابتكر السحر ليحمي نفسه من العالم والسيطرة عليه من خلال بعض الانظمة والممارسات السحرية فكانت هذة الممارسات والاشارات هي النص الادبي الاول وذلك لان ذهن الانسان هنا كان محصورا بذاته وصورته الفيزياوية والبيولوجية فحسب , اما العلاقة بين الانا والانت فكانت علاقة صراعية ادواتها اشارات ولغة الانا الاشارية غير ان هذا النص الاول انتهى في لحظة وعي اخرى عندما زرع الانسان الارض وعمرها وافاد من خيرات الطبيعة ولم تعد هذه الطبيعة تخيفه بل توحد معها وجعلها امتدادا لجسده لتكون العلاقة بين الانا والعالم (الانت ) علاقة تكامل وتوحد .وفي لحظة وعي الانسان لهذة العلاقة وانطلاقا من حاجته الى اله يحميه وينظم حياته واجابة عن سؤالة عن اصل هذا العالم .تصور ان الطبيعه هي الالهة التي خلقته فالارض اله والماء اله والسماء اله وكذلك اصبحت بعض الحيوانات الهة (الطوطمية) لانها تمده باسباب الحياة عبدها الانسان وتمسك و وترنم بها وهنا ظهرت الاسطورة الاولى المتكونة من عالم من الهيولات والهة من الطبيعة .
    ومع انتقال الانسان الى مرحلة العشيرة وبداية تكون الاسرة والمجتمع وترابطها مع بعضها , بدات لحظة وعي اخرى لدى الانسان فانفصل عن الطبيعة وتطورت رؤيته لها فقد استطاع ان يعمرها زراعة وبناء ومن هنا ظهرت الاسطورة الاخرى التي تحكي الانسان الى مرحلة العشيرة وبداية تكون الاسرة والمجتمع وترابطها مع بعضها , بدات لحظة وعي اخرى لدى الانسان فانفصل عن الطبيعة وتطورت رؤيته لها فقد استطاع ان يعمرها زراعة وبناء ومن هنا ظهرت الاسطورة الاخرى التي تحكي قصة الهة يشبهون البشر ولها سماتهم بل صورهم على انهم مجتمع لهم صفات الانسان ونظام قريب من نظامهم , وماعليه سوى تقديم فروض الطاعة والولاء لهم .لقد كانت هذه المرحلة الاخيرة في الاسطورة التي تبين تطور وعي الانسان لعلاقته بالعالم كما تبين عجزه امام هذا العالم .لان الالهة تفعل كل شي وما كان الانسان سوى مستقبل فقط وفي الاسطورة تكون ( الانت ) في قمة الهرم و(الانا) في قاعه عاجزة عن الفعل ونستطيع ان نسمي هذة المرحلة في تاريخ الوعي الانساني بالمرحلة الجنينية .
    وعندما بدات تتشكل الدولة ويظهر القادة والملوك اصبح الانسان يؤمن بقدرته على مواجهة العالم اكثر مما كان في المرحلة السابقة وما الالهة الاعوامل مساعدة حربا اوسلماً , وهنا ظهر التسبيب الانساني بجانب التسبيب المثيولوجي في تاريخ الانسان قد يحتوي الالهة اويعصي لها امرا هنا اوهناك وفي هذة اللحظة من الوعي الانساني وشعوره بقدرته على الفعل –وان كان بمساعدة الالهة – وان العالم لم يعد ذلك المجهول المخيف بل يمكن التعامل معه وقهره , وفي هذه اللحظة بالذات ظهرت الملحمة التي تصور بداية تحدي الانسانه للعالم وبداية النظرة المتكافئة له , اي ان العالم لم يعد اكبر من الانسان بل يساويه (اي الان الانا تساوي الانت ) ولكن في البداية وهنا امكن القول ان الملحمة تمثل طفولة الشعوب كما قيل في مستوى تفكيرها .
    لقد اعقبت الملحمة مجموعة اخرى من الانواع السردية كالحكايات الشعبية وقصص الفرسان والرعي والبيكار و( قصص المتشردين ) لكنها تنطلق جميعا من نقطة الوعي والقدرة الوعي والقدرة الانسانية في مواجهة العالم على النحو الذي ذكر في المرحلة الملحمية .لان الانسان فيها وان كان نبيلا اوفارسا اويمتلك مواهبا خاصة وشجاعة خارقة لكنة لايستطيع ان يعمل شيا بمفردة بل لابد من مساعدة قوى غيبية اخرى سمها الهة اوسحرة او ارواحاً او جنا لكنها قوى غير قوة الانسان الحقيقية وبذلك تعد هذة المرحلة امتدادا لمرحلة الطفولة .
    اما عندما بدا الانسان يحس بفرادته وفرديته وخصوصيته . وقدرته على الفعل بعيدا عن الالهة والقوى الغيبية التي رحلت عن الارض , فقد بدا يعي قدرته الحقيقية على الوعي والتفكير وظهرت مقولات الفردية والديمقراطية , وفي هذة اللحظة الحاسمة من حياة الفكر الانساني ظهرت الرواية بشكلها الفني الاول لتعبر عن لحظة اكتشاف الانسان لذاته وقدرته وبذلك اكتشف الانسان لذاته وقدرته وبذلك كانت شخصيات الرواية من واقع المجتمع وحتى ابطالها من هذا هذا الواقع الاجتماعي ومنهم من يمثل المجتمع كشخصيات رواية الحرب والسلام وغيرها من الروايات الاجتماعي ومنهم من يمثل نفسه كشخصيات الرواية النفسية مثل رواية بروست (الزمن الضائع ) ورواية (عوليس ) لجويس وغيرها .وقد عبرت هذة الروايات عن لحظة وعي الانسان الاجتماعي لمجتمعة ومن ثم انكفائه على نفسه في وعيه لذاته وتفردها وتمردها على مجتمعه .غير ان المهم هنا ان الرواية تعبر عن وعي الانسان لذاته وقدرته على العمل والتغيير والتحكم بالعالم بشكل مطلق ليكون الانسان (الانا ) في قمة الهرم .
    وفي بداية القرن العشرين عادت الالهة الى الارض مرة اخرى ولكن باشكال اخرى يعبر عنها بسلطة راس المال والتقدم التقني (( اي سلطة الماكنة)) ومن خلال الرؤى والقوانين القمعية والاستعمارية التي تحتمي بها قوى المال والماكنة , لقد سحقت هذة العودة (الالهة الجديدة ) فردية الانسان وهمشت دورة الحقيقى وقمعت حريته وفرادته وقتلت روحه .وهنا ظهرت لحظة وعي اخرى تعبر عن مرحلة عجز جديدة عند الانسان فظهرت الرواية باشكال متعددة لتعبر عن هذا العجز ولكن على مراحل اهمها:
    1-المرحلة الاولى هي انكفاء الانسان على ذاته وتمثل هذا الانكفاء روايات تيار الوعي .
    2- المرحلة الثانية ظهرت مع زيادة انفصال الانسان عن العالم وانسحاقة تحت قوانين المال والماكنة وتمثل هذا الاتجاه الرواية الوجودية كروايات (سارتر وسيمون دي بوفوار وكولن ولسن وغيرهم )
    3- المرحلة الثالثة ظهرت مع زيادة سيطرة راس المال وزيادة قمعة وزيادة معاناة الانسان امام هذا القمع وهنا ظهرت الرواية الشيئية .
    4- المراحلة الربعة تمثل العودة الى مرحلة الجنيينية الى نبع الانسان الثر القديم الى الاساطير القديمة لغرض استثمارها في النص الروائي واصبحت الرواية اكثر استثمارا للاساطير و للغرائبية لا سيما مع روايات (ماركيز )و(كولن ولسن )وغيرهما . اما في العالم الثالث فقد ظهرت روايات ذات طابع ملحمي لتعبر عن محاولة التخلص من الاستعمار وسيطرة راس المال .
    مما سبق يمكن يمكن القول ان النص السردي بمراحلة المختلفة كان انتاجة تعبيرا عن تلك اللحظة من الوعي الانساني المعبرة عن شكل العلاقةبين الانسان و العالم وطريقة تعامله معه فقد بدا مع مرحلة العجز ثم التوازن ثم الانتصار على العالم واخيرا الانسحاق امام هذا العالم وان كان باشكال اخرى غيرتلك التي ظهرت في البدء , لكن بالنتيجة نفسها ,
    هدا اجتهادنا والله علم
    [/size]
    [/COLOR]
    التعديل الأخير تم بواسطة د. سعد العتابي; الساعة 21-02-2010, 08:40.
    الله اكبر وعاشت العروبة
    [url]http://www.facebook.com/home.php?sk=group_164791896910336&ap=1[/url]
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    د. سعد العتابي
    اجتهاد تشكر عليه
    قراءة عميقة لتطور واقع الرواية ونشأتها
    موضوع كتبته بطريقة مميزة ومشوقة أيضا لا تجعل القاريء يمل لطوله بل استخدمت أقصر الطرق لأفضل النتائج
    تقبل ودي الأكيد أيها المبدع الكبير
    تتمتع بمسؤولية نحو الأدب وعمق تاريخه
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • د. سعد العتابي
      عضو أساسي
      • 24-04-2009
      • 665

      #3
      شكرا لك ايتها النخلة العراقية الشامخة
      سرر ت جدا بمرورك وتقيمك لما كتبته
      الله اكبر وعاشت العروبة
      [url]http://www.facebook.com/home.php?sk=group_164791896910336&ap=1[/url]

      تعليق

      • سمية الألفي
        كتابة لا تُعيدني للحياة
        • 29-10-2009
        • 1948

        #4
        د سعد

        طاب مساؤك سيدي

        رؤية ذات بعد واقعي, خاصة أن عنايتكم قد تناولتها مذ كانت نبتة ليتواصل نسل النص ليصبح

        (الأنا تساوي الأنت)


        لا حرمنا الله من روائع فكرك الرقي التي تنثرها عبيرا


        قرنفلات ود وعناقيد فل

        تعليق

        يعمل...
        X