تويت
البحث عن مكان
التقيت به على قارعة الطريق هو أحد معارفي منذ أيام الدراسة ومن يومها بدأ أول خطواته نحو البحث عن مكان وبعد هذا الا نقطاع الطويل وهذه السنوات الطوال كم أحزنني بأن صاحبي هذا لا يزال يبحث ويبحث جريته معي الى أحد مقاهي العاصمة جرا فهو قد تعقد من الأمكنة كلها اوا ليس المقهى بحد ذاتهه مكانا .
تركته يحكي بعد أن اعطيته الشرارة التي الهبت مشاعره وفتقت جراحه والرجل كان يريد ان يفش خلقه وينفس عن حاله .
وراح صاحبي يتحدث عن مأساته وهو يقول .. بدأت رحلتي بالبحث عن الأمكنة يوم حصلت على الشهادة الثانوية حيث اردت أن يكون لي مكانا في الجامعة واقصد مقعد في كلية او معهد حتى في قسم الممرضات لكني لم انجح في الحصول ولو على ربع مقعد فتركت فكرة الدراسة ورحت ابحث عن مكان عمل او وظيفة ومضت عشر سنوان ولم اجدلي اي مكان لا عند الدولة او في القطاع الخاص وهكذا لم احصل على اي كرسي كالذي يجلس عليه الموظفين فقررت ان ابحث لي عن مكان للعمل خارج البلد ورحت استجدي المعارف والسفارات وأطلب الرحمة والشفقة من الجميع ليحنوا علي ويؤمنوا لي مكانا ما اي مكان ولو كان من اذل الا مكنة واكثرها مذلة لبني البشر وعلى مبدأ رضينا بالذل والذل ما عاد يرضنا فينا لكن ايضا الأمر لم يتم وأغلقت الأبواب كلها في وجهي قلت بلا الوظيفة خليني اعمل بالأعمال الحرة وطبعا لايظن احد انها تعني المهن الحرة فقررت ان ابيع االجبس على عربية حمارها هو انا نفسه لكن الذي حدث ان جماعة البلديةصارت تختار الجبس الحلو والناضج وتترك لي ( القرعة ) يعني الجبس ( الزهر ) ولأنني صرت ابيع على السكين فلم يترك لي موظفي الحكومة ولا جبسة حمرا . فخسرت خسارة لا تقدر .
وفوق هذه المصائب كلها طردني صاحب الغرفة التي استأجرها وهي المكان الوحيد الذي كان يستر علي والرجل ادعى ان هذه الغرفة المبنية من الطين هي من المعالم الأثرية وسوف يحولها الى مكان سياحي ليستثمره .
نسيت الوظيفة و العمل ورحت ابحث عن مكان أنام فيه . حتى قطعت املي وصرت انام في الحدائق لكن حراس الحديقة طردوني وقالوا ان هذا ليس مكانا للنوم نصحني اخونا ابو الجيم ان انام في بيت الله قلت له الجامع قال نعم الجامع . عجبتني الفكرة ورحت انتظر قدوم الليل وتنتهي اوقات الصلوات لأدخل وأنام في هذا المكان المقدس وبدون منية من احد او اذى لكن حارس الجامع كان لي بالمرصاد وشهر في وجهي عدة احاديث تحرم النوم في هذا المكان كما ان الرجل كان معه حق حينما قال لي انه لم يراني اصلي اي وقت في هذا الجامع فكيف سيتركني انام فيه اقول الحق لقد ندمت وقتها لماذا تركت صلاتي اما االسبب الحقيقي لتركي الصلاة فهي امونة الملعونةامونة وليس الشيطان المسكين .
لم يبقى لي سوى ان اذهب الى المقبرة نعم المقبرة هناك الأموات لا أحد يحرسهم ولا يشكلوا اي خطر على احد فالجماعة ارتاحوا وريحوا فرحت ابحث عن مكان قصدي قبر قديم لأنام فيه ظنا مني ان صاحبه قد صار ترابا ومن المؤكد ان القبر فاضي ولا احد سيطلب مني اجرة سكن او رهنية او فروغ .
توقف صاحبي فجأة عن الحديث ثم بكى قليلا ثم تبعها فورا بضحكة عالية افزعتني وقلت ان صاحبي هذا لا بد انه قد جن .
نظر الي الرجل وقال لا تخف انا بخير . قال اتعرف ما الذي ابكاني واضحكني بذات الوقت قلت له عسى ان يكون المانع خيرا قال بعد ان قررت ان انام في القبر فرحت اخيرا باني قد وجدت لي مكانا مثلي مثل غيري وان كان بمواصفات مختلفة المهم انه مكان لكن الذي ادهشني وافزعني ان هذا القبر كان يسكن فيه عائلة كاملة نعم عائلة رجل وزوجته وولدين معهما . قاطعته بسرعة متسائلا وهل هم احياء قال احياء وماذا يفعلون هناك سالته قال هم ايضا لم يعد لهم مكان بين الأحياء مثلي .
سكت صاحبي سكوتا فجائيا حزينا ومخيفا ثم غادر بصمت وكان مذياع المقهى يناديه بصوت المطرب محمد عبده ويقول له ( الأماكن كلها مشتاقة لك ) ..نظر الى مصدر الصوت وضحك ضحكة عالية عرفت بعدها ان صاحبي قد فقد عقله لا محالة اثر رحلته الطويلة في البحث عن مكان في هذا الوطن العريض
التقيت به على قارعة الطريق هو أحد معارفي منذ أيام الدراسة ومن يومها بدأ أول خطواته نحو البحث عن مكان وبعد هذا الا نقطاع الطويل وهذه السنوات الطوال كم أحزنني بأن صاحبي هذا لا يزال يبحث ويبحث جريته معي الى أحد مقاهي العاصمة جرا فهو قد تعقد من الأمكنة كلها اوا ليس المقهى بحد ذاتهه مكانا .
تركته يحكي بعد أن اعطيته الشرارة التي الهبت مشاعره وفتقت جراحه والرجل كان يريد ان يفش خلقه وينفس عن حاله .
وراح صاحبي يتحدث عن مأساته وهو يقول .. بدأت رحلتي بالبحث عن الأمكنة يوم حصلت على الشهادة الثانوية حيث اردت أن يكون لي مكانا في الجامعة واقصد مقعد في كلية او معهد حتى في قسم الممرضات لكني لم انجح في الحصول ولو على ربع مقعد فتركت فكرة الدراسة ورحت ابحث عن مكان عمل او وظيفة ومضت عشر سنوان ولم اجدلي اي مكان لا عند الدولة او في القطاع الخاص وهكذا لم احصل على اي كرسي كالذي يجلس عليه الموظفين فقررت ان ابحث لي عن مكان للعمل خارج البلد ورحت استجدي المعارف والسفارات وأطلب الرحمة والشفقة من الجميع ليحنوا علي ويؤمنوا لي مكانا ما اي مكان ولو كان من اذل الا مكنة واكثرها مذلة لبني البشر وعلى مبدأ رضينا بالذل والذل ما عاد يرضنا فينا لكن ايضا الأمر لم يتم وأغلقت الأبواب كلها في وجهي قلت بلا الوظيفة خليني اعمل بالأعمال الحرة وطبعا لايظن احد انها تعني المهن الحرة فقررت ان ابيع االجبس على عربية حمارها هو انا نفسه لكن الذي حدث ان جماعة البلديةصارت تختار الجبس الحلو والناضج وتترك لي ( القرعة ) يعني الجبس ( الزهر ) ولأنني صرت ابيع على السكين فلم يترك لي موظفي الحكومة ولا جبسة حمرا . فخسرت خسارة لا تقدر .
وفوق هذه المصائب كلها طردني صاحب الغرفة التي استأجرها وهي المكان الوحيد الذي كان يستر علي والرجل ادعى ان هذه الغرفة المبنية من الطين هي من المعالم الأثرية وسوف يحولها الى مكان سياحي ليستثمره .
نسيت الوظيفة و العمل ورحت ابحث عن مكان أنام فيه . حتى قطعت املي وصرت انام في الحدائق لكن حراس الحديقة طردوني وقالوا ان هذا ليس مكانا للنوم نصحني اخونا ابو الجيم ان انام في بيت الله قلت له الجامع قال نعم الجامع . عجبتني الفكرة ورحت انتظر قدوم الليل وتنتهي اوقات الصلوات لأدخل وأنام في هذا المكان المقدس وبدون منية من احد او اذى لكن حارس الجامع كان لي بالمرصاد وشهر في وجهي عدة احاديث تحرم النوم في هذا المكان كما ان الرجل كان معه حق حينما قال لي انه لم يراني اصلي اي وقت في هذا الجامع فكيف سيتركني انام فيه اقول الحق لقد ندمت وقتها لماذا تركت صلاتي اما االسبب الحقيقي لتركي الصلاة فهي امونة الملعونةامونة وليس الشيطان المسكين .
لم يبقى لي سوى ان اذهب الى المقبرة نعم المقبرة هناك الأموات لا أحد يحرسهم ولا يشكلوا اي خطر على احد فالجماعة ارتاحوا وريحوا فرحت ابحث عن مكان قصدي قبر قديم لأنام فيه ظنا مني ان صاحبه قد صار ترابا ومن المؤكد ان القبر فاضي ولا احد سيطلب مني اجرة سكن او رهنية او فروغ .
توقف صاحبي فجأة عن الحديث ثم بكى قليلا ثم تبعها فورا بضحكة عالية افزعتني وقلت ان صاحبي هذا لا بد انه قد جن .
نظر الي الرجل وقال لا تخف انا بخير . قال اتعرف ما الذي ابكاني واضحكني بذات الوقت قلت له عسى ان يكون المانع خيرا قال بعد ان قررت ان انام في القبر فرحت اخيرا باني قد وجدت لي مكانا مثلي مثل غيري وان كان بمواصفات مختلفة المهم انه مكان لكن الذي ادهشني وافزعني ان هذا القبر كان يسكن فيه عائلة كاملة نعم عائلة رجل وزوجته وولدين معهما . قاطعته بسرعة متسائلا وهل هم احياء قال احياء وماذا يفعلون هناك سالته قال هم ايضا لم يعد لهم مكان بين الأحياء مثلي .
سكت صاحبي سكوتا فجائيا حزينا ومخيفا ثم غادر بصمت وكان مذياع المقهى يناديه بصوت المطرب محمد عبده ويقول له ( الأماكن كلها مشتاقة لك ) ..نظر الى مصدر الصوت وضحك ضحكة عالية عرفت بعدها ان صاحبي قد فقد عقله لا محالة اثر رحلته الطويلة في البحث عن مكان في هذا الوطن العريض
تعليق