فنطازيا على ضفاف النيل / للغائب الحاضر / حدريوى مصطفى العبدى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    فنطازيا على ضفاف النيل / للغائب الحاضر / حدريوى مصطفى العبدى

    إلى كل أحبابي الذين عاشوا معي ولادة هذه القصة




    فنطازيا على ضفاف النيل
    أغلقت النوافذ وأسدلت الستائر فعام البيت في سكون ،والتحف بظلال ...لطفت من قيظ الظهيرة . جررت رجلي المتعبة مشيا ـ بفرط الوقوف والتوقف والجيئة والذهاب بين الصفوف ـ نحو غرفة نومي ....ولا في البال إلا سريري .... ارتميت عليه بكل ثقلي وهمومي ...لم يئن ...المسكين !!!! أحسست ببطني تؤلمني، ربما خواؤها لم يحتمل ثقلي، فاستويت على ظهري ... جميل هذه الألم المنساب ..المنسل من بين ثنايا الجسد يتلاشى رويدا، رويدا تاركا وراءه مساحات صغيرة من الراحة العلوية تأخذ استراحتها على جماع بدني بعد يوم مليء بالكد....
    حاولت أن أرتخي أكثر ريثما تهيأ مائدة طعام الغذاء، فأغمضت عيني وركزت على ذاتي وألمي اليومي متناسيا كل ما حولي فربما أصل إلى النيرفانا التي طالما حلمت أن أصل سدرتها لكن ناموسة ربما أو ذبابة لمست أرنبتي فكسرت ما بنيت من تركيز ....جلت بناظري في الغرفة فلمحتها تحوم << إنها.. لا ناموسة ولا ذبابة ....ربما يعسوب لا..لا اليعسوب أكبر>>
    تعالى أزيزها ودورانها ... بكثرة ما تبعتها أصبت بالغثيان . كم كرهتها!!! << ألم تجد هذه الملعونة إلا هذا الوقت بالذات لتعبر عن ذاتها ؟؟>>.
    وقفت وكلي عزم على محقها ...مسحها مع الحائط ...فتتبعتها بفتات ما بقي لي من جهد في الجهات الأربع، فلم أظفر بها ..بلغ الجهد مني مبلغه... وربما هي أيضا لقد تضاءل تردد حومها... ها هو يخف...يخف إنها تحط على الحائط وفي مستوى نظري. هجمت عليها بثمالات ...ثمالات جهدي محاولا سحقها براحة يدي ...ما فكرت قط في الضربة التي ستتلقاها ولا كيف ستحس بها ولا بالأثر الذي سيتركه محق جسمها على الحائط الحديث التبييض...بكل قوة صفقت مكان حطها ...أف!! ...لقد فلتت الشقية ...رفعت يدي، فإذا ببقعة سوداء في حجم فلس ترتسم على الحائط ...دعكتها بلطف حتى لا يزول الطلاء لكنها كانت مندمجة كليا .. ضغطت بإبهامي ضغطا قويا فساخت في الحائط كزر .حينما أحسستُ به وصل منتهاه انفتح باب أمامي بمساحة جدار غرفة نومي كما تنفتح الأبواب السرية في أفلام هيتشكوك وقصص أغاتا كريستي كاشفا عن بطحاء مديدة الأطراف وطريق طويل مبلط برخام ـ لا محالة إيطالي ـ << ما هذا يا رب ؟؟!! أأنا أعيش كابوسا أم هي الحقيقة ماثلة أمامي.. >>.التفت ورائي فلمحت سريري يحمل أثر بعثرتي الأخيرة له ...لم يتغير حاولت أن أخطو خطوة نحو هذا المجهول لكن، نكصت... فلربما هويت في سقطة حرة كانت فيها روحي وأنا الساكن بالدور الرابع . عزم يدفعني للتقدم، إرادة توشوش لي : جرب فقلت بسم الله وخطوت خطوة ..خطوتين.. نجحت، الأرض صلبة، إنه عالم حقيقي، التفت ورائي آه زال بيتي يا ويلي!!!.. انمحى....أمامي بطحاء، و ورائي بطحاء ....ليكن الطريق الرخامي إذا سمتي....
    كان الطريق طويل، تحفه أحواض ماء تستعمرها زهور اللوتس بأنواعها، مزهر بعضها وآخر في طور التبرعم وغير بعيد مني رأيت بحيرة تعكس سماء صافية لازوردية تدب بجانبها تماسيح هائلة تروم دفء الشمس الحارة ـ قطعا ـ وفي الآفاق بدت حقول خضراء لم أتبين نوعية مزروعاتها تتحرك في داخلها ناس من كل الفئات العمرية في كد وجد ...
    عربة تجرها أربعة خيول مطهمة قادمة من طريق فرعي مندفعة بجنون نحوي ، ركضت لأتقي تصادمها معي غير أن السائق أوقفها ببراعة ونحور خيولها تلامس رأسي ...ترجل السائق يمشي الخيلاء الرأس في السماء والقدمان ثابتتان على الأرض مسحني بنظرة متعالية ذكرتني بنظرة هيكتور لأخيل ...كان معتدل القامة،كحيل العينين خمري اللون،رأسه حليق تغطيه باروكة مجدولة بخيوط ذهبية وبيده اليمنى صولجان وبالأخرى كرباج والمعصمان مزينان بأساور ذهبية من أفاعي ذات رؤوس تماسيح، لم يعريني اهتماما ناولني صولجانه وانحنى وبدأ يتفحص حذوات اللأحصنة ثم ،قال لي بنبرة فيها سمو وكبرياء:
    ـ هل تعرف أيها الغريب كيف يمكن أن نمتن هذه الحذوات لنقلل من تآكلها؟
    لملمت نفسي الضائعة بحثا في ذاكرتي عن صورة لهذا الشاب وأجبت بتلقائية وثقة نفسي زائدة ،عله يفهم انه في حضرة خبير..
    ـ أنتم تستعملون يا سيدي ذهبا خالصا من عيار 24 قيراط وانصح بان تجدوا سبيكة تكو ن بعيار اقل من 18
    رد علي وبسمة طفل تجلل محياه :
    ـ نعم هذا ما نصحني به كبير كهنتي لا شك أنك صائغ...
    لم أرد، المشهد الذي جد أمامي أفحمني جعلني فاغرا فمي... جموع من الناس سجد ركع، للشاب منهم من يتمسح بالعربة وآخرون يقبلون الظل الطويل الذي جادت به الشمس المائلة إلى المغيب ،
    <<إنني بحضرة ملك بلا شك...من هو يا ترى ؟ اللون الخمري الصولجان الباروكة من يكون ...؟.آه إنه العظيم :توت عنخ آمون... إنني بمصر أم الدنيا!!!>>
    توا ركعت فنهرني وهو ما يزال يتفحص سنابك خيوله.
    ـ قم يا مغفل << غاد تودي نفسك في داهية>> ...قد يحسبك سفيركم عندنا أنك جاسوس... ويصير حسابك س ,و ج)
    قمت رفعت رأسي فإذا بالجمع كأنه قد انفض...بل كأنه ما كان...لا بلاط رخامي ولا بحيرة ولا تماسيح ... توا التفت حيت كان توت خنع آمون يتفقد سنابك خيوله وقلق كموج يجرفني خوفا أن يضيع هو أيضا ، << يا ويلي هو أيضا توارى في العدم ...>>حل مكانه رجل كهل، يعقد سيور حذائه اللميع يرتدي نظارتين حجبت شيئا من وجه تضارع بشرته السكر الأسمر،
    تأملته تهجيت أساريره، فيه شبه كبير مع سعد زغلول، فلو كان يعتمر طربوشا لقلت هو عينه.<<كم أحبك يا زغلول ...وكم افتقدناك يا سعد!!!>>
    حال ما أنهى ربط سيوره، نهض وانتصب كنخلة ..ما تصورت أنه بهذا الطول... يعلوني ربما شبرا أو أكثر، بالكاد رأسي يلامس منكبه قال لي بصوت رفيع وظريف :<<هل لديك قلم؟؟ لأكتب لك عنواني فربما تتوه ولن تعرف طريق العودة ....>>
    دوخة ساورتني، وحيرة ملكتني ،أمسكت برأسي...علني أجد عونا يبدد ما بي من اضطراب ويعود بي إلى حالي، فالتفت يمينا ويسارا، فلم أجد معينا.. <<سرْ إذن قدما... لن تخسر شيئا ، خطوت سابقا، وما سقطت ...وها أنت ما تزال على أرض صلبة تحملك ،تحميك من السقوط....تابع...>> أوحى لي خاطري
    ربما شبه سعد لا حظ ارتباكي فربت على كتفي بلطف وقال لي:<< هون عليك لا تكن رؤيتك سوداوية إلى هذا الحد
    <<ما يقصد يا ترى ؟؟ إنه يكلمني كأنه يعرفني، أوكأ نما شيء ما يربطني به...غريب أمره... >>
    تقدم نحوي فسحب من بين أصابعي قلما...
    <<من أين أتتني هذه ؟؟؟ ما كان عندي قلم، مطلقا !!هل صولجان توت أضحى قلما؟؟؟ بلا شك إني ربما عُديت بإليس...صاحبة بلد العجائب ...>>
    تفحص شبيه سعد القلم، قلّبه... وقال: <<قلمك هذا جميل، وأنيق ما عهدت مثله>>
    هو من ال....
    قاطعني بلطف وقال :<<أعرف... إني أدرى بالأقلام ونوعياتها، يمكن أن تقول أ ني...خبير بها ...>>
    كتب في ورقة صغيرة أخرجها من جيب بذله كلمات ومدها لي، وانصرف ...
    فتحت الورقة قرأت :@starlight. wadia800004.....
    أصبحت وحيدا... لا توت ، ولا....سعد. وعالم آخر ترامي أمامي : زحام خانق،مارة وسيارات ،وحمير تجر عربات ، والدخان و السخام يظلل الكل. منظر ملأ قلبي سخطا على هذه المدنية الوسخة.... بنوراما مألوفة عندي ـ جدا ـ ذكرتني بعبد المعطي الحجازي وبمدينة بلا قلب، والاثنين ذكراني بالسيدة عندئذ لمحت شيخا سألته :
    <<من أين الطريق إلى السيدة؟
    أيمن وأيسر يا بني
    قالها ولم ينظر إلي>> (1)
    نِعم الدليل ! يمنت ،يسرت وإذا بالسيدة أمامي. ولجت المزار تمسحت بالقبر ودعوت لأبي بالرحمة وأمي بالعافية وخرجت، عرجت على الحسين فصليت الظهر والعصر جمعا وقصرا. <<لا غضاضة في ذلك ربما يا مفتي ....ألست في سفر ؟؟؟>>
    همت في الأزقة والدروب استنشق رائحة المعز رحماك يا معز ! وأردد: نامت مصر عن ....وما تفنى العناقيد ...ما أعظمك يا حبيبي يا متنبي !!!!
    جوع ذئبي ينهش جسدي ، يلوي بأمعائي، طردني من جنة الشعر... <<لآكلْ إذن..بما تجود به دار المعز...>>
    قصدت بائع طعمية طلبت منه شندويش طعمية .. حالا أعطاني إياه. امرأة جنبي صاحت في وجه الطعمي :<<أنا الأسبق ما ذا تخرف يا سيدي..وما .هذه المعاملة يا شيخ؟>> لم يجب ولم أهتم أنا أيضا فمن شدة الجوع انشغلت بسندويش الطعمية ...كم هو لذيذ !!! دقائق وكان في خبر كان .حمدت الله وشكرته، وأدخلت يدي في جيبي أخرجت ورقة من فئة20 درهما دفعتها إلى الطعمي قلبها وقلبها ثم قال لي :
    ـ ما هذه يا سيدي ؟
    ـ عشرون درهما أي ..ستة جنيهات وشوية.
    من فضلك الجنيه أو الدولار، رد بنبرة حادة.
    فجأة...! انفرجت أساريره وهو يحدق في معصمي..وقال:
    ـ إن لم يكن معك نقود غير هذه... تكفيني ...ساعتك ...رولكس
    ـ ولكن؟
    ـ اعرف إنها مزورة سأعطيك خمسين جنيها وسوندويش آخر ببلاش وقبلة زيادة!!!
    لم أحتج ولم أساوم ،أخذت السوندويش الثاني والخميس جنيها ، شكرته وحمدت الله ،وتابعت سيري....عرفت أني بالعتبة، فقلت لأعرج إذن على الموسكي... اشتري رقعة شطرنج ...فانا متيم بلعبه ، ويكون أحلى لعبه عندما تكون بيادقه من عرعار أو سنديان.
    الأمر لم يأخذ إلا دقائق ...خرجت من بزارات الموسكي وتحت إبطي الرقعة وكلي شوق إلى من يلاعبني...خطوت خطوات .عدت لنفسي و وجدتني كأني: سنوات ضوئية وأنا أسير في خط مستقيم استقامة ضوء ليزري . بدأ فكري يسبح بي إلى حلبات التساؤل فانفلت منه وقلت:<< جميل أن ينسى الإنسان ذاته مرة ويترك يد القدر تهدهده تشكله على مزاجها..>> ...تعب حوّل مشي إلى دلف فتمنيت مقهى ارتاح بها ، هلت واحدة أمامي <<يا.. ليتني كنت قد تمنيت أن ينتهي هذا السفر وأجدني على سريري ...وليس مقهى...>>
    على كرسي تهالكت وعلى المائدة وضعت رقعة الشطرنج محاولا أن لا تخدش... بجنبي كانت تجلس سيدة تتأرجح سنها بين الثلاثين والأربعين سأتقاسم معها الطاولة ...لا مكان فارغ غير هذا ... كانت جميلة بامتياز لخصاء العينين ذات أنف أفطس ولمى جادت عليها بكثير من أحمر الشفاه جلناري .
    طلبت كأس شاي أخضر... لحظات وكان ساخنا أمامي، رشفت رشفات وضعته أمامي. لا شك أن ماءه من النيل ...أين أنت يا نيل ؟؟ ليتني أستحم في مجراك..أطفي ما بجسمي من اللظى !!!!
    اقتربت مني السيدة وبسمة كالصباح تضيء وجهها الجميل ،وفتحت رقعة الشطرنج ،صففت البيادق بسحر ورقة.ثم، قالت: <<:لي هيت لك ....لاعبني ،فإن غلبتك تصبح هذه الرقعة لي >> وسكتت..
    استويت وسألتها : << وإن غلبتك يا سيدتي ما سيكون رهانك؟؟؟>>
    ردت وهي تهز كتفها في غنج ودلال يؤازرهما بريق عينيها الحوراوين :<<يكفيك أن لاعبت امرأة !!! ألا يكفيك هذا كرهان يا طماع؟؟>>
    قلت :<< بلى يا سيدتي ....يا نفرتيتي ...>>
    النقلة الأولى تراجعت خيولي ، الثانية سقطت أبراجي ، الثالثة ايشيك إيمات ...الشاه مات!!!
    قالت لي << سوف أعطيك فرصة ثانية ما أعطيتها لأحد قبلك...فهل أنت مستعد؟؟؟ >> مفحما بوقع المفاجأة بوقع الجمال الملائكي أجبت بإيماءة باردة...<<نعم >>.
    أومأت لي كخادم... بان أصفف البيادق، فصففتها ويداي ترتعشان وفكري يجتر ما ارتسم من جمالها ....
    قررت أن أغير الخطة فقلت في نفسي :<< أدفع بالبيدق خطوتين فالفيل في المرة الثانية كيف ما كانت نقلتها هي >>.لكن ،هيهات سقط الفيل كبت الخيول أسرت الملكة و......الشاه مات ، حينئذ جمعت البيادق طوت الرقعة وضعتها تحت إبطها وانحنت ...قبلتني قبلة حارة تحت ذقني....وانصرفت....شيعتها بنظري حتى واراها الزحام ...
    ناديت النادل أعطيته ثمن الشاي... وزيادة ، ثم انصرفت أنا أيضا...رفعت رأسي إلى السماء فبدا لي كأن الشمس لم تغادر برجها ، أو كان الزمن توقف ،لم أعط الأمر أكثر مم يستحقه فحالي لا يسمح لي بالتساؤل، طأطأت رأسي وأضحيت أعد خطواتي ...وأنا امشي على غيرهدى... طريقة تعلمتها منذ صغري لأقتل الوقت وأنشغل عن آلامي وقلقي... واحد...اثنان ....!!! لم أدري كم من الوقت مشيت وما مقدار المسافات التي طويت...إحساسي يقول أكثر من كيلومترين ...سندويشا الطعمية وكأس الشاي وتلك الاستراحة صحبة رابحة رقعة الشطرنج أفادوني كانوا وقودا جيدا...
    بناية كبيرة بباب كبير وجدتني داخلها عن غير قصد ...طوابير صغيرة أمام أشكاك ، أخذت تلقائيا مكانا مع المنتظرين، هنيهة وصل دوري ،أطل شاب و قال لي: <<لم يبق إلا تذاكر الإسكندرية/ مباشر الدرجة الأولى >> رددت عليه بتقديمي له ورقة نقدية ...قدم لي تذكرة وبعض القروش قائلا لي :<<شكرا سيدي>>...
    كان القطار واقفا متأهبا للمغادرة ...صعدت إليه واستكنت على أريكة مأتمنا أيا ها على جسدي المنهوك وأنا أتضرع في صمت، أن تنتهي هذه المغامرة في أقرب وقت، وأحسن حال ، تزحزح القطار ...تحرك ..تأففت .. أغمضت عيني وحاولت أن أنام زمنا بمساحة مدة السفر..
    استيقظت على نداءات الجابي وهو يقول: محطة أبي قير الإسكندرية....محطة أبي قير الإسكندرية... فقمت وأنا أدعك عيني وفي نفس الوقت أتثاءب، رأيت امرأة تحد جني بطريقة غريبة مستفزة، فسألتها :
    هل من مشكلة يا سيدتي؟؟؟
    ردت ومنخارها في الأعلى كأنها تريد أن تتحدث على شيء مقزز، بصوت كله ثقة ،ولكن فيه دلال فرعوني أصيل:
    ـ شخيرك يا سيدي غطى هدير القطار، كان عاليا جدا، جدا ،كأنك لم تنم سنة.
    ـ رددت عليها باحترام فائق وأن أحاول أن أغطي وجهي بألف ابتسامة:
    عذرا سيدتي على هذا الإزعاج ، ربما شخيري لم يفطن بحضرتك فقد كان هو أيضا نائما معذرة مني نيابة عنه.
    ـ لطف منك هذا وجميل....أأنت شاعر؟؟
    رددت بابتسامة أطول من النيل ونزلت.!!!
    البحر أمامي كانت ممتدا في الأفق ذكرني منظره بمدينة طنجة وسور المعاكيز وذكرني با بنتتي، ففا فضت عيناي..تمنيت لو كنت جنبه، لأغسل كل بدني ...
    خطوات قليلة وكنت داخل سوق السمك ما أطيب السمك وما ألذه حين يكون متوسطي ...ما كذب البحارة حين قالوا انه متميز عن سمك كل المحيطات...ولجت السوق لأستطلع المكان...لا سردين ولا ..<< ما اشاهد يا رب؟؟؟ الربيان .كم أكره هذا الجراد!!! رائحته مقززة تسبب لي حساسية ...>>
    بدأت رائحته تدغدغ أنفي ..تتسرب إليه وحرقة تنخره صرت أحكه، أدعكه... كان صنبور ماء أمامي ،قصدته لغسل وجهي علني أتخلص من ألم هذه المتلازمة الفريدة التي أعيشها كلما رأيت وشممت الربيان فأفضت من الماء على رأسي ووجهي وتناثرت قطرات على ثيابي ..ثم كانت عطسة قوية جدا ،،،جدا...عندها وكأن صفحة ماء صافية كالزجاج امامي تتعكر ،وكل ما حولي ينهار في سكون رهيب وإذا بي أجد نفسي في غرفتي نومي وجها لوجه مع جداره انظر إلى النقطة السوداء التي صارت تتلاشى، تتلاشى حتى زالت .عندها دخلت زوجتي ،شعرها أهوش تفوح منها رائحة البطاطاس المقلية وصاحت في وجي :
    ـ أين كنت يا رجل؟ بحثت عنك في كل مكان فلم أجدك حتى في الحمام .!آه... انظر إلى ثيابك كلها مبللة ، أبدا أنت كالطفل حتى عندما تريد غسل وجهك .تسبغ على جسمك كله من خيره .
    تقدمت أمامي ومسحت عنقي وقالت لي << ما هذا الأحمر في عنقك ؟؟>> رددت :<<<إنه طباشير >>>
    مسحتني بنظرة ماكرة كلها حيرة مبطنة بقليل من الصدق وقالت:
    ـ أو أصبحوا يزودونكم بطباشير برائحة ولون أحمر الشفاه ..؟؟؟.ربما غدا يأتونكم بنساء يساعدنكم في مسح السبورة.
    رجعت إلى نفسي وبدأت أرتب أفكاري من أولها إلى اللحظة التي أعيشها من الزر ...توت عنخ آمون ..قبلة لاعبة الشطرنج وقبلتها الحارقة تحت ذقني.وأثرها ...الماء ...العطس كلها هذا كان حقيقيا!! إذن يا رب!! أحسست بغبطة قوية تذرع جسدي تدفئني فصحت وأنا اقفز:
    <<أوريكا ،أوريكا....>>
    انتبهت زوجتي إلي في اندهاش وذهول... أخذت بيدها أدفعها للرقص وهي تمانع ...إنها لا تحسن الرقص فقبلتها من غير أن أعير اهتماما لأبناني: الغارقين في دهشة بلا شواطئ ... طبعا ما رأوني أبدا إلا هادئا رزينا ...
    عدت إلى هدوئي ورزانتي وقلت لهم بكل ثقة وعذوبة :
    إني : .... اكتشفت باب البعد الخامس ....

    (1) من قصيدة للشاعر ع المعطي الحجازي

    الدار البيضاء في: السبت 17/11/07
    الكاتب : حدريوي مصطفى العبدي
    sigpic
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    خذنى إليك ياعبدى
    أريد لو بكيت ما انتهيت
    و انتهيت

    أى طريق أسلك إليك
    من هنا
    من هذى الروح المصطلية بالوهم
    و الوقت القيظ

    أم من هناك حيث كنا - ذات يوم -
    الآن أبحر فى دم الموت
    لا أرى
    لا
    لالا .. فهل ترى أيها النورس المغادر ؟!


    أريد لو أصبحت رميما
    من كلمات
    لا يجيدها أحد
    لا تفك شفيرتها
    إلا فى حضورك

    فالسنديان ليس كعادته الآن

    ليس كعادته الآن
    مفعم بالأسى .. ورائحةالموت
    والطيور التي لاذت به .. هاجرته
    آسفة .. أنها يوما حنت إليه
    أنهاأعطته من ريش جناحيها
    دفئا طازحا
    ومن أنفاسها
    آهات وجد .. مترعات بالغناء


    السنديان نزت دموعه
    على جذعه .. ثقيلة ثقيلة
    وعلا نواحه فى خلاء المدى
    وانطوى على بعضه
    مضرجا
    أن قد غوى ، وهوى به النجمُ
    الشارد
    حين استوى فى الأفق
    فاكتوى بالذي لم يجده
    سوى
    بعض ثلج
    ومسخ مبتلى .. لأنثى التلاوين الحامضة !
    بالذي ضمه في السنين
    وما كان منه قريبا .. و لا شاغلا حيزا
    وهان عليه وقته ...والكبرياء !





    السنديان يأخذ الآن
    شكلا مخروطيا ..
    وجهه مثخن فيالتراب
    ويداه تحتفران عشب الطريق
    يوارى سوأته .. اختلاجة روحه
    خيانته للطيور
    التي أشبعته هوى ..
    وندى .. وريا
    وأشبعها انكسارا وخزيا
    وكفراغويا

    الآن يرحل مجردا
    مفعما بالأسى .. ورائحة الموت
    كعشب شيطاني أنبته الندى
    كطحلب ..ليس إلا
    مهما استطال .. ومهما استحال
    بددا يروح بلاعودة
    كقبض الهواء

    ترى من ألبسه هذى الثياب
    ومن غشى على العينين
    فما أبصرت .. تلكم المنزلق
    وكنا عهدناه دوما.. ضحية
    نبيل الحديث .. كريمالهوية
    فمن أىِّ زاوية باغتته
    ومن ياترى ...أضل شموخا
    تأبى على الوقت والبندقية
    وكل صنوف الشقاء!

    هاهم اقتلعوا السنديان
    ألقوه مابين المفازة و الطريق
    كماالطحالب و الزبد
    ألقوه حتى دون آهة عابرٍ
    أن كان فى يوم صديقا أو عزيزا
    أوحبيبا
    وكم استظلوا من هجير الروح
    بوارف حبه
    وتمددوا دوما على قطيفة روحه
    حتى إذا ضاقت به أحزانه
    وامتد فى جوف الخريف صراخه
    وعذابه .. هزواالرؤوس تباعدا ..
    وتجلدا .
    وأطلقوا الضحكات تهذى مجددا
    ماباله من بعد صمت مبهر يهذى
    ماعاد فى وقته غير الصدى
    هيا نعاجله الرحيل ..
    لنستريحَ من وخزالظنون ..
    وشموخه وإن خبا !!!!



    هى بعض نفسى .. ربما تأتى بك قبل منعطف أخير !!
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 08-03-2010, 20:36.
    sigpic

    تعليق

    • دريسي مولاي عبد الرحمان
      أديب وكاتب
      • 23-08-2008
      • 1049

      #3
      أولا أشكرك أستاذي على هذه الالتفاتة لصحبة كانت معنا وافتقدناها ولكن ما زال وميض بريقها حاضرا في ذاكرتي القرائية.فلن أنسى بينيلوب ولا الزوبعة الفزيائية وماذا ستفعل لوكنت مكاني ورائعته العشاء الأخير؟تلك النصوص العابقة بفن متفرد أصيل.بلغة شامخة تمتح من تراثنا.من الشعرالجاهلي الى عظمةالمتنبي ممزوجة بروعة الاحساس.
      اينك يا فاطمة ؟خبرينا عن مصطفى العزيز.عن أحواله؟وعن اخر مستجداته.
      أتابع بشغف انتاج القصة القصيرة المغربية ولم أصادف للأسف قمة سامقة مثل مصطفى العبدي.تمنيت أن أصدافه على أرض الواقع.أن أقاسمه تساؤلاتي.فأكيد سيساعدني بصدره الرحب وبحبه العظيم.
      فنطازيا جعلتني أعيش عبقرية الفن.نقلتني من عوالم قرائية.أحسست كافكا بمسخه وبأرخميدس بنداءه.المتنبي بأشعاره.دافنسي بلوحاته.اشيل بصرخاته.شممت ببساطة عمق تاريخ ودراية خبيرة بالتاريخ وحب الأوطان.
      ما المني هنا بصدق.هو بصمةالطبشور كوصمة عار تلوث أيادينا بمستنقع الوظيفة.
      شامخ أنت مصطفى بنصوصك التي أعود اليها مرارا كلما أحسست بالحنان نحوك.
      كن بألف خير مع متمنياتي لك بالصحة والعافية.
      وشكرا لك أيها الربيع...شكرا جزيلا.

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة دريسي مولاي عبد الرحمان مشاهدة المشاركة
        أولا أشكرك أستاذي على هذه الالتفاتة لصحبة كانت معنا وافتقدناها ولكن ما زال وميض بريقها حاضرا في ذاكرتي القرائية.فلن أنسى بينيلوب ولا الزوبعة الفزيائية وماذا ستفعل لوكنت مكاني ورائعته العشاء الأخير؟تلك النصوص العابقة بفن متفرد أصيل.بلغة شامخة تمتح من تراثنا.من الشعرالجاهلي الى عظمةالمتنبي ممزوجة بروعة الاحساس.
        اينك يا فاطمة ؟خبرينا عن مصطفى العزيز.عن أحواله؟وعن اخر مستجداته.
        أتابع بشغف انتاج القصة القصيرة المغربية ولم أصادف للأسف قمة سامقة مثل مصطفى العبدي.تمنيت أن أصدافه على أرض الواقع.أن أقاسمه تساؤلاتي.فأكيد سيساعدني بصدره الرحب وبحبه العظيم.
        فنطازيا جعلتني أعيش عبقرية الفن.نقلتني من عوالم قرائية.أحسست كافكا بمسخه وبأرخميدس بنداءه.المتنبي بأشعاره.دافنسي بلوحاته.اشيل بصرخاته.شممت ببساطة عمق تاريخ ودراية خبيرة بالتاريخ وحب الأوطان.
        ما المني هنا بصدق.هو بصمةالطبشور كوصمة عار تلوث أيادينا بمستنقع الوظيفة.
        شامخ أنت مصطفى بنصوصك التي أعود اليها مرارا كلما أحسست بالحنان نحوك.
        كن بألف خير مع متمنياتي لك بالصحة والعافية.
        وشكرا لك أيها الربيع...شكرا جزيلا.
        أتوسلك أن تسأله الحضور
        أن تسأل الأصحاب و الرفاق عنه
        أين يكون ؟
        أين اختفى ؟
        أعلى قيد الحياة يتنفس ، و فاطمة أمازالت تقدم له فنجان قهوته
        و تلك الصغيرة الندية .. حبة قلبه ، وريحانته .. اسألوها عنه
        كيف بعد رحلة المرض كان .. وأين وضع قلبه ؟؟؟؟
        sigpic

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          كتبت على عينى
          أنفاسى فيها ، كانت تلاطم أنفاسه ،
          وشغبى معه : أتحن لميراث أجدادك ياعبدى ؟
          فيضحك : بل إليك أحن
          أداوره ، و أشعل رأسى بعيدا عن ذكائى المر : أترك كنت سائحا .. أم .....؟!
          بحب و رصانة : بل كنت محبا .. ألم تر ما حمل وجدى ؟!
          sigpic

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            أدهشنى حد البكاء
            سياحة فى أعمال الصديق الجميل حدريوى العبدى

            كان اللقاء صدفة .. هناك .. فى واحة غناء .. زرعت بعض أغصانها .. وتعهدتها مع رفاق لى .. دائما ما كنت أشذب أغصانها .. وأنتظر ثمارها على شوق محبتى .. بها .. وبين ظلالها عشت .. و كمنت بين ردهاتها .. وقنواتها .. انتظارا لماء السواقى و الطنابير .. عشقت كل ماتحمل .. نعم .. فرأت دموعى .. و جبرت انكساراتى هناك .. كم كانت حانية .. كم واستنى .. حين أنقلب الأحبة .. ونهشوا بعضى .. كم فرحت بها ظلا ونغما وثمارا ناضجة .......!!!
            كان طرح قادم من بلاد السحر .. حط هناك .. بين ذراعى .. مثل زوبعة .. لكنها من نوع فريد .. جذبتنى برغمى .. وكادت تطيرنى .. لكنها كانت إلى حد ما هادئة .. أثارت بعض غبار .. وحطت بحبة .. ربما قرنفلة طائرة فى فنجان القهوة .....لكنها استرعت انتباهى بلا شك .. فرحت أمسح عن وجهها بعض ماعلق بها .. لكن ساحرها قابلنى بسخرية ما .. سخرية ليست لاذعة .. لكنها تحمل استهتارا وعدم اهتمام ... فابتسمت .. و قلت لنفسى و مايضيرك .. انتظر !!
            وماطال انتظارى .. كثيرا ..ربما لم يطل .. نعم فبعد وقت أثمرت واحتى طرحا آخر .. أيضا من يد هذا الساحر ..كأنها رصاصة رحمة .. جاءت طلقة .. فأزت فى أذنى طويلا .. و أدارت رأسى .. يالبستانى الرائع .. و يالثماره القادمة دون مواقيت .. لكنه أتى بالموت .. الموت لظالم كان .. ظالم تقتله كل يوم مدارات ظلمه .. فكانت رصاصته رحمة حطت بروحه .. جميل أنت أيها الحب القادم .. ألم أقل .. ألم أر ؟ .. نعم رأيت .. واحتى ستزهر .. ستأتى بأعاجيب .. نعم .. رغم الألم .. و العذاب المقيم .. كنت أنا .. وكان هو .. ثمرة من ثمار واحتى .. محبتى كانت تتوسد روحه .. فاقترب بعد جفل و حذر .. اقترب ليشهد ما أينع طرحه .. و عاين انتظارى له .. وكشفه .. بذكائه وألمعيته .. !!
            كنت وكانوا .. كثيرون هم .. معى هناك .. فى ذات الواحة التى شهدت أعاصير و عواصف روحى .. وكان لا يخلف موعد .. حين تنغلق مسافات .. و تمل السواقى أنينها المكتوم .. و تنام الطنابير مهجورة فالماء شحيح .. و النهر جف .. فجأة .. ودون موعد أيضا يأتى السحر ، فيمتلىء النهر .. يعتلى ضفتيه إشراقا و ريا .. و تغرد السواقى مواويل الحب و الفتنة .. و تلف تلف الطنابير بأهازيح الرى .. وأنا أتعجب .. أنا مفعم .. من أية جهة انكشف الأمر .. و أشرقت الشموس .. كانت من هناك .. من بين يديه تأتى .. ومن أعلى جبينه الناصع تقبل .. لكنه يأتى بالموت .. بالك أيها الساحر .. الموت هنا كان خلاصا من القيد .. الموت كان الحرية .. الحياة .. ما كان موتا .. و يتدفق الموت .. تدفق الحياة بين أصابع قادرة على الدهشة .. ومنطقة القص الجميل .. شهد له صدقه .. وعذوبة حرفه .. نعم .. فكان لقاؤنا المنتظر جميلا .. وحميما .. لكن الموت لا يفارقه .. يدور فىالحارات .. و يرصد الباعة و الجائلين .. فى الأسواق .. فى الشوادر .. و فىالشوارد منها يعب .. ويصنع بمقدرة عالية ..وسلاسة ضافية .. بناء غد أجمل .. و أروع ..!!!
            هو آبق قديم .. زاهد مل زهده وعبوسه .. مارقا كان .. حطم كل ما شكلت يده فى لحظة .. نعم غير نادم .. نعم .. كان رأى بأم عينيه .. وشاف .. كيف تلوث الأدب .. كيف أصبحت الكلمة الكاذبة دستورا للأدباء .. مزق .. حرق .. وعاش بلا ماض .. تخلص من ماضيه الورقى .. لكنه ظل فيه .. هاجسا كان يطارده دوما .. وينغص عليه عيشه .. كيف يعيش بلا مستقبل .. كأن مامضى منه هباء .. كيف ياعبدى ؟؟؟ كيف ..... ؟؟؟
            هل مازلت لغزا أمام عينى ؟
            ربما .. مازلت تحتفظ بفلذاتك .. بنينك و بناتك .. فكيف هانت عليك فلذات أخرى .. أليست فلذات .. تلك التى تمخض عنها أنينك و وجعك وسهرك .. و موهبتك التى فضحتها أعمالك المدهشة !!

            طوبى لك صاحبى .. أيها الساحر القادم من بلاد الجن !!


            أنت مهموم بالكتابة .. بالهاجس .. أنت مفعم بها .. متشبعة روحك بالأحلام .. بواقع لا تحب .. تزدريه .. تحلم بواقع جديد .. عالم آخر .. صفاته تتملك وجدانك .. تتملك كل حواسك .. أنت تراه .. تراه فى أحلامك .. فى يقظتك ومنامك .. حبلى قريحتك بكل مساحاته .. ألوانه .. شكل الحياة على أرضه .. نعم .. أعرف أنا .. أنا مبتلى مثلك .. ربما أجبن منك .. فأنا رغم كل ماعانيت .. لم أجرؤ على حرق أوراقى مهما كانت قذارتها .. مهما كان غضبى .. نقمتى حيال واقع أرفضه .. أمقته مقتا .. وأرفض معايشته .. نعم ياعبدى .. ومالجوئى إلى هذا المنفى ألا رفض .. مغالبة .. اجتنابٌ لأشياء كثيرة .. ربما وصلتك أنت حقيقة ما أعنى .. أليس كذلك ؟؟
            وها أنت تلملم ماتبقى منك .. كل ماتبقى منك .. روحك .. موهبتك .. أحلامك .. معاناتك .. وتأتى كل مرة بجديد .. جديد .. حلواك .. هل أقول حلواك ؟
            نعم قلت أنا .. حلواك .. دهشتك تأتى .. مع فنيس تعود .. ها أنت تهندم بطلك .. وها أنا أتابع .. و أريق زجاجة العطر على وجهه .. و أشد البنيقة حول رقبته .. ثم تدحرجنا على السلم .. وانطلقنا بالسيارة .. نجوب أرجاء العالم السرى .. النائم على محرقة .. محرقة أنت أدرى بها .. الشيخ .. و أنا شيخ .. و أنت .. فى مرحلة اليأس .. نعود نراهق .. ونتهم من قبل الأطفال .. نعم .. لا يضير .. و هل يشيخ كاتب .. هل ينتهى فعلا ؟؟؟؟؟
            وهناك على الشاطىء .. ومع فنيس ياعبدى .. تظل تمط الحبل .. وترخيه .. ترخيه .. و أنا معك ..انتظر نهاية القصة .. و إذا بك تدهشنى بالمفاجأة .. التى لم تأت عرضا .. أبدا .. متسقة مع البداية .. ولكنها مفاجأة ياعبدى .. نعم .. يالها من مهارة .. وجسارة تتملكك .. كأنها آخر الأعمال التى تكتبها .. تعطيها كل ما تحمل من مقدرة .. مقدرة على القص .. و اللغة .. فتيا أنت كنت .. و قلت حين انتهيت :" الله .. يا بن الإيه ؟؟؟ شأننا نحن المصريون حين نعجب بشى ء جميل
            أحبك أيها القاص .. نعم أحبك .. وأحترم فيك رقيك .. وحدبك .. و احترامك لأدواتك .. نعم
            و لكن لم أتعجل الانتهاء .. أنا معك .. أليس بيننا عشاء أخير .. نعم سوف لن أتغيب .. وآتيك قبل الموعد الذى حددناه .. هنك فى الدار البيضاء .. و لكن أرجوك اجعل اللقاء مبهجا لأجل أخيك .. هذه هى المرة الأولى بيننا .. فهل يكون جميلا ياعبدى ؟؟؟؟؟؟

            عبدى .. أنت مغرم بالجديد .. أنت تخلع بعض واقعيتك الصرفة .. أنت تحاول ، تشاكسنى .. نعم .. ها أنت وأنا .. نركب معا بساط الريح .. هل هو بساط ريح .. أم الهواء امتطينا ؟؟

            ها أنت بمهارة ترتحل بى فى أرجاء المحروسة .. مارا بالنيل .. و الحسين .. وحى الموسكى .. يالك ياعبدى .. هناك قابلنا جمال الغيطانى و محبيه .. يتعاطون الأدب .. ويتفننون فى تدخين الشيشة
            ويمارسون حبهم بسماع آذان العشاء من مئذنة الحسين والأزهر الشريف .. ثم التسكع فى حى الموسكى .. و الوقوف طويلا أمام براعة النحت على النحاس و المعادن .. و عمل التماثيل التى تضارع القديم .. بلها تتفوق عليه !!
            وهناك جلسنا حين نال منا التعب .. هناك على مقهى .. آه .. نسيت أمرا مهما .. أنا مازلنا نقضم سندويتش الطمعية .. الذى دفعت فيه الكثير لتحصل عليه ... ها أنت تأخذنا إلى المقهى .. وبجوار سيدة .. يارجل .. المقهى متسع .. لم .. هنا .. بعد كل هذا الوقت ؟؟؟؟؟

            ياله من لقاء .. كان خرافيا ماله مثيل .. نعم أصدقائى .. كان صاحبى مفعما .. كان به بعض حزن .. وجهه المألوف يذكرنى برفاق طريق .. و أساتذة عايشتهم على مر السنين .. فى عينيه طيبة و إصرار ما .. وقسوة تتضاءل حينا و حينا تتحول إلى كلمات تبدو عصية على الفهم .. بعد قليل من الدفء بدأت نبشاتى .. و محبتى للمشاكسة هتفت :" كنت ترنو إلى قاهرة العبابدة مصطفى .. تحن لأجدادك .. هيه ".
            ابتسم رقيقا .. ثم تنحنح :" ألم أقل أنك تبدو مشاركى فى بعض الأشياء ". وظل طيف ابتسامته يرف على وجنته الصافية .. برغم إنه خدعنى بالإجابة ، و تركنى أتخيل ما يحلو لى .. نعم .. عدت أشاكسه ثانية :" حدريوى .. لم تجب سؤلى .. إنى أنتظر " .
            كحالم ، وعاشق مفتضح كان يردد :" كنت أبحث عنك .. ألم تصلك ربيع ؟ !".
            لا أدرى ما انتابنى وقتها ، غير أن عينى خانتهما دمعتان ساخنتان .. فوجدت نفسى أقترب منه .. وأطبع على جبهته الناصعة بعض دموعى ..
            وبصوت مختنق قلت :" اقرأها مصطفى .. أريد سماعها بصوتك ".
            ولم أنتظر كثيرا .. ضرب إصبعه فى طاولة ، و أتى ببعض أوراق .. ولفها بحنو وحب ، و استخلص منها قصتنا التى بدأنا بها لقاءنا هذا ، بعد قليل كان صوته يأتى ببناته الرائعات .. هناك ألمح طيف واحدة منهن .. إنها صغراهن .. معشوقته .. وريحانته .. أكاد ألمح بريق دمعات تهتز على وجهها الرائع .. وخشيت أن يفوتنى جمالا حملنى إليه إلى هنا بالدار البيضاء .. فتابعت صوته العميق المفعم ..
            دوى صوته فى جنبات الدار .. كان يحمل بعض حزن .. يخترق الجدران .. و الأفئدة .. فأحس برجفة تنتابنى .. وتحملنى معه إلى حيث يتجه .. هناك فى الوادى الخصيب مشينا .. وفى شارع العتبة قمنا بجولة .. كانت القلعة تعلو .. وتتأنق .. وجبل المقطم هناك كسحابة لا تنفك .. رحت أجاذبه أطرافا من حديث .. كان يجذب الانتباه بلباسه المميز .. نعم .. حاولت أن أخلصه منه .. ولكنه أبى الحضور إلا معتمرا به .. الآن نحن أمام مسجد السيدة زينب .. يرفع يديه .. يقرأ الفاتحة .. وبعض الأوراد .. صمم على الدخول .. لم أستطع إثناءه عن عزمه .. دخلنا .. وصلينا ركعين تحية لصاحبة المقام .. ثم تحرك صوب المقام .. و راح بأصابع رهيفة يناديها .. و البخور يعبق بالطهر و يدوم سحرا فوق رؤوسنا ..
            عند الخروج إلتف حولنا جمع غفير من أحباب الرحمن .. الممزقو الثياب .. و المرقعو الأردية .. يبسطون أكفهم .. وهم يتراجعون أمام تقدمنا .. ابتسم لهم .. و أخرج بعض العملة المغربية .. حدقها بعينيه .. ثم طالعنى متسائلا .. فعرفت أنه يطلب عملة محلية .. أنسيت مصطفى أنى ضيف شرف الرحلة ..
            وعلى الحسين عرجنا .. و فعلنا نفس الفعل .. كان وجهه تملؤه ابتسامة عريضة .. ابتسامة فى حجم قمر فى ليلة تمامه ..
            حدريوى .. اسمح لى أن أبكى فى حضرتك .. و أقاطع صوتك .. و أمنعك عن القراءة .. بى شجن مميت .. آسف أخى .. دائما أنا هكذا .. لا ينفك حزنى .. و دائم الشكوى .. خائر العزم .. أرجوك ..سامح ضعفى .. دعنى أبثك بعض أحزانى بعيدا عن عيون القراء .. نعم لا أريد طرح أحشائى .. فكم طرحتها .. و لا دواء تسلل لتسكين بعض آلامها .. كل الأدواء كانت تجترح جديدا .. حتى ما عدت قانعا بأن هنالك على مساحات الأمل الذى نبث قدرا ضيئلا من الجدوى .. نعم حدريوى .. آسف لكم أيها الأبناء .. أبناء أخى .. جئت إلى هنا .. غير منفصل .. مهزوما جئت .. مقتولا ربما .. و لكن لم أستطع ابتلاع وجعى .. ربما أنا ضعيف بالفعل .. و لولا شعورى بقربكم ماتكلمت .. و ما قاطعت قصة تقرأ .. هى بعض منى ومنه !!

            أننى أبكى الوهم الذى أعيش .. و أتعجب من نفسى .. كيف أقنعتنى .. كيف قذفت بى إلى حدود
            اغتيال الواقع الذى تشربت به وقتا طويلا ، وأدميته كتابة ، و أمانيا قريبة المطال .. أنجز فيها .. و أقحمها دون تخوف .. دون خذلان إلا ما وهم على أنا .. أنئه بعيدا .. و أستنزف مابقى منى لأسود الكثير الكثير من كتابات ربما لن ترى النور ، وتزدحم بها أدراج مكتبى ... ها أنا مصطفى .. وها أنت
            يامن رفضت الوهم طريقا لقدميك .. وسن قلمك .. وتركتنى هاهنا سيدا للوهم .. ليته جميلا .. كنت عشته كاملا .. وبإرادتى .. لكنه وهم يحترف مالا يُحترف .. يحترف دمى .. و ما هو أدنى من روحى .. و يسرق زبالة مازالت تضىء عتامة الوقت !!!

            رويدا .. ها أنا أعود إليك .. لا تبكنى مصطفى .. ربما أحببت أن أنهى هذه الرحلة معك الآن .. لأفى بوعدى لنفسى .. و أرحل عن هاهنا دون عودة .. فكل الطرق إلى هنا زودت بمتاريس لا قبل لى برفعها أو محاولة التسلل عبرها !!

            أعدك سوف أكمل ، ولكن من خلال دراسة ربما جاءت قصيرة ومبتسرة إلى حد ما .. وربما امتدت طويلا .. آسف أبنا ء العزيز أن فرضت على هذه الجلسة بعض شجن و دموع !!!!!


            sigpic

            تعليق

            • نادية البريني
              أديب وكاتب
              • 20-09-2009
              • 2644

              #7
              قرأت وقرأت
              استمتعت بنصّ للغائب الحاضر ونصّ للحاضر الغائب وكلا النّصين على قدر كبير من الجمال
              الأول "فنطازيا على ضفاف النيل للمبدع مصطفى العبدي
              الثاني "أدهشني حدّ البكاء" للمبدع ربيع،ربيع الملتقى
              لا أدري خانتني الكلمات وتخونني دوما في مثل هذه المواقف التي يعزّ فيها اللّقاء.
              جميلة لفتة الوفاء والحبّ مجسّدة في إحياء نصّ للمبدع مصطفى
              جميلة تلك العلاقات الإنسانيّة التي تبقى عالقة في الذاكرة رغم الغياب.
              كان نصّه قويّا مطعّما بروح التاريخ وكان نصّك قويّا مطعّما بصدق الإحساس
              برهنت على موهبة فذّة للمبدع الغائب مصطفى وأكّدت قدرة الإنسان على قهر سطوة الزمن بالوفاء
              كم أستمرئ هذا الحبّ والوفاء الذي يصل الحاضر بالماضي ويشكل بعض خيوط المستقبل.
              نرجو العافية والسلامة للمبدع مصطفى العبدي و لقاءنا به مجدّدا.
              ونرجو أن لايغيب مبدعنا ربيع عن ملتقانا.
              غاص ما قرأت في هذه الصفحة في أعماق وجداني سيّما وأنّه ذكرني بوجوه غائبة بالفعل لكنها حاضرة بالقوة في قلبي و ذاكرتي ،هي وجوه تعرفت عليها من خلال ابداعاتها لكّنها رحلت فجأة.
              أحيا نصّك أستاذنا ربيع معاناة الفراق التي تدمينا كثيرا كثيرا.فجّر الوجع الكامن فينا
              دمت بخير ودام معك الوفاء للأحبّة

              تعليق

              • ربيع عقب الباب
                مستشار أدبي
                طائر النورس
                • 29-07-2008
                • 25792

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة
                قرأت وقرأت
                استمتعت بنصّ للغائب الحاضر ونصّ للحاضر الغائب وكلا النّصين على قدر كبير من الجمال
                الأول "فنطازيا على ضفاف النيل للمبدع مصطفى العبدي
                الثاني "أدهشني حدّ البكاء" للمبدع ربيع،ربيع الملتقى
                لا أدري خانتني الكلمات وتخونني دوما في مثل هذه المواقف التي يعزّ فيها اللّقاء.
                جميلة لفتة الوفاء والحبّ مجسّدة في إحياء نصّ للمبدع مصطفى
                جميلة تلك العلاقات الإنسانيّة التي تبقى عالقة في الذاكرة رغم الغياب.
                كان نصّه قويّا مطعّما بروح التاريخ وكان نصّك قويّا مطعّما بصدق الإحساس
                برهنت على موهبة فذّة للمبدع الغائب مصطفى وأكّدت قدرة الإنسان على قهر سطوة الزمن بالوفاء
                كم أستمرئ هذا الحبّ والوفاء الذي يصل الحاضر بالماضي ويشكل بعض خيوط المستقبل.
                نرجو العافية والسلامة للمبدع مصطفى العبدي و لقاءنا به مجدّدا.
                ونرجو أن لايغيب مبدعنا ربيع عن ملتقانا.
                غاص ما قرأت في هذه الصفحة في أعماق وجداني سيّما وأنّه ذكرني بوجوه غائبة بالفعل لكنها حاضرة بالقوة في قلبي و ذاكرتي ،هي وجوه تعرفت عليها من خلال ابداعاتها لكّنها رحلت فجأة.
                أحيا نصّك أستاذنا ربيع معاناة الفراق التي تدمينا كثيرا كثيرا.فجّر الوجع الكامن فينا
                دمت بخير ودام معك الوفاء للأحبّة

                شكرى و امتنانى لربى العظيم أنك معنا
                أفضت أستاذة نادية

                لك كل الخير و السعادة أيتها الرائعة

                صباح بعبق الآس
                sigpic

                تعليق

                • العربي الثابت
                  أديب وكاتب
                  • 19-09-2009
                  • 815

                  #9
                  لطمتني هنا..عواصف فقد قوية ،ورأيت في عينيك أمطار وفاء لايقهر..انغمست في اللوعة وانخرطت في بكاء بدموع غير مرئية،أحسستها في داخلي حارقة....
                  تذكرت معك مواكب الرحيل وقوافل الغياب التي وشمت سحابة عمري بصور مفجعة...
                  مؤلمة هذه الريح التي هبت على روحي من بين أناملك بل من قلبك الكبير الذي يرفض النسيان،وانتابني حزن غامض وأنا أعبر هذه الفقرة:

                  رويدا .. ها أنا أعود إليك .. لا تبكنى مصطفى .. ربما أحببت أن أنهى هذه الرحلة معك الآن .. لأفى بوعدى لنفسى .. و أرحل عن هاهنا دون عودة .. فكل الطرق إلى هنا زودت بمتاريس لا قبل لى برفعها أو
                  محاولة التسلل عبرها !!


                  هنا امتطيت ذروة حزني ،وأحطت رأسي بكلتا يداي،فقد ودّ لو رحل بعيدا عن هاهناااا
                  شكرا لك سيدي على هذه الجرعة من حملك التي أهديتني ..
                  وحتما سأعود..
                  لك كل المحبة..


                  اذا كان العبور الزاميا ....
                  فمن الاجمل ان تعبر باسما....

                  تعليق

                  • ربيع عقب الباب
                    مستشار أدبي
                    طائر النورس
                    • 29-07-2008
                    • 25792

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة العربي الثابت مشاهدة المشاركة
                    لطمتني هنا..عواصف فقد قوية ،ورأيت في عينيك أمطار وفاء لايقهر..انغمست في اللوعة وانخرطت في بكاء بدموع غير مرئية،أحسستها في داخلي حارقة....
                    تذكرت معك مواكب الرحيل وقوافل الغياب التي وشمت سحابة عمري بصور مفجعة...
                    مؤلمة هذه الريح التي هبت على روحي من بين أناملك بل من قلبك الكبير الذي يرفض النسيان،وانتابني حزن غامض وأنا أعبر هذه الفقرة:

                    رويدا .. ها أنا أعود إليك .. لا تبكنى مصطفى .. ربما أحببت أن أنهى هذه الرحلة معك الآن .. لأفى بوعدى لنفسى .. و أرحل عن هاهنا دون عودة .. فكل الطرق إلى هنا زودت بمتاريس لا قبل لى برفعها أو
                    محاولة التسلل عبرها !!


                    هنا امتطيت ذروة حزني ،وأحطت رأسي بكلتا يداي،فقد ودّ لو رحل بعيدا عن هاهناااا
                    شكرا لك سيدي على هذه الجرعة من حملك التي أهديتني ..
                    وحتما سأعود..
                    لك كل المحبة..

                    جميل و رقيق و محمل بالكثير ،
                    أراك كما أرى نفسى
                    و سوف تأتى حتما بأينع الثمار ،
                    نعم .. لقلمك الذى أحب محبتى
                    ولك كإنسان كل الغناء !!

                    كن بخير دائما
                    sigpic

                    تعليق

                    يعمل...
                    X