زغاريد الصباح
خرج الصبية يتراكضون من منازلهم. تلك الزغاريد شدتهم للجري بسرعة وكل واحد منهم يمنّي نفسة ببعض الحلوى التي عادةً ما تنثر معها. كانت بغداد في ساعات الصباح الباكره قد لبست ثوب الضباب الندي يكاد البرد يلسع أجسادهم، أوقفتهم صرخات ترددت من بين الضباب (أوكف). أيقنوا أن من نطق تلك الكلمة لا يجيد العربية فقد قالها بصعوبة. تقدموا قليلاً كانت ثمة عربة همر أمريكية جلس قربها أحد الجنود أشار لهم بأن يتراجعوا لكنهم لا يودون أن يفوتوا الحفلة مع تعالي الزغاريد متناسين صيحات أمهاتهم من خلفهم وتمتمة ذلك الجندي. سار أحدهم بجوار الحائط وتبعه الباقين .. لم توقفهم صرخة خوف، ولا بندقية، ولا منظر أحد الجنود الأمريكان وهو يحمل سريعاً من على الأرض .. اقتحموا مكاناً وزماناً عصى على الكبار وتوجهوا صوب بيت أم علي .. لم يكن ثمة حلوى أو رقص أو أفراح كان علي مسجى على الأرض ينزف دماً وأمه تزغرد وأمامهم وقف مجموعة من الجنود تكاد أعينهم تنطق قبل ألسنتهم مندهشين "ماذا تفعل تلك الأم؟ تزغرد وأبنها مقتول أمامها؟" لم يعلموا أنه شهيد ولم يفهم الصبية ما يحدث .. حين أنقشع الضباب لم يكن هناك عربات أمريكية ولم يكن هناك جسد مسجى على الأرض فقط دماء رسمت خطوط متعرجة تنبأ بأن زهرةً قد قطفت هنا ..
تعليق