ذات صباح
باغتته في غفلة من الزمن ، همسة روح من عينيها ، غمزة داعبت جفونها ، فاهتز لها قلبه ..
غمز لها بدوره ، ترك مكان عمله ، غادر مكتبه الرث ، ومضت هي وراءه ، فعلت مثله ، ولم تنسى أن تضرب كرسيها بقدمها ، تلفظ معها العمل ، والناس ، والإحساس بالزمن ..
- أتحبني يا أحمد
أمام دكان أبي ماجد الذي لم يفتح من سنوات ، بسبب المشاكل المتواصلة بالحارة ، كانا يجلسان ..
على مصطبة صغيرة ، جلست ، واقترب منها أحمد حتى لامس حدود جسدها ، فارتجفت ثنايا جسده وكأن تياراً من ألف فولت سرى في عروقه ..
- مثل النجوم التي في السماء .
- ولسوف تحارب من أجلي ..
- حتى تتوقف الدنيا عن الحياة ..
أمسكت بيديه ، أحست بحرارتهما ، مال رأسها جانباً ، تعانقت عيناهما :
- وان رأوك معي ..
- سأحارب كل الكون لأجلك ..
- ولو قتلوك ..
- سأموت إذن .. فكيف سأحيى دونك ؟
ها هي هناك .. لقد رأيتها يا عماه ..
صرخ شاب بهذا ، هرول إلى والدها ..
استل الأشيب ذو الشارب سيفاً من حائط منزله ، ناوله للشاب/أيمن ، ومن على كتفيه استل بندقيته العتيقة ..
كل من بالشارع ، تحلقوا ليشاهدوا الحدث ، قفزت منال من مكانها قفزت، لا زالت ممسكةً بيد أحمد ..
يهربان ، من شارع إلى شارع ، عبر المساحات الضيقة في الحارات ، والأزقة .. يحارب أحمد كي يظل محتفظاً بصمته ، يستطيع الصراخ ، بأعلى ما يملك من صوت ، فتستجيب الحارة المجاورة / حارته / لنداء استغاثته ، فتكون الضحية منال أو والدها ، تلك خسارة في الحالتين ..
ماذا فعلتِ يا منال .. ؟ أي ذنب ..!
- لأني أحبك .. ولن أتزوج غيرك ..
ذلك ذنب لا أعرف غيره .. ماذا أفعل لو كنا أعداء ..
ما ذنبي كي أتزوج دون مشاعر أو إحساس ..
من خلفهما ، دوت رصاصة ، ثم أخرى ، جعل أحمد منال أمامه تماماً ، حتى لا تصاب ، صرخت ، لا قدرة بعد على الحراك ..
حملها ، وكأنها عروسه ، شعر بجسدها بين ذراعيه ، تمنى لو كانت ملكه ، لو كان يهرب بها إلى بيته ، وفراشه ، لتكون له زوجة ، يحارب من أجلها ما بقيت الحياة ، ما امتلك من دماء ، حتى يموت أو تموت .
شارع جانبي آخر ، رصاصة تمزق ذراعها ، يقفز قفزاً ، يفتح بقدميه باب بيت كان موارباً ، يدخل ، يغلق الباب خلفه ..
أبو ماجد .. الرجل العجوز الطيب ..
دخلا ، خلفه مسرعين ، إلى غرفة جانبيه ، مزق أحمد قميصه ، ليصنع منه كمادات يوقف بها الدماء المتفجرة من ذراع منال ..
مسح الدماء عن صدرها ، أبعد خصلات شعر ثائرة قفزت أمام عينيها ..
سقط على ظهره بجوارها وقد أنهكه التعب ..
أغمض عينيه ..
يا رب ..
صوتٌ يدوي في عالمه كله ..
يا رب ..
ترمش عيناه قليلاً ..
يرى أبو ماجد ، الطيب ، يتسلل على أطراف أصابعه ، يضع بندقية ما –برائحة دماء - بين ذراعيه ..
يحاول أن يبتسم ، فلا يستطيع ..
لكني لن أدخل المعركة يا طيب ، تلك ليست معركةً رابحةً أبدا ..
صمتٌ مرة أخرى ..
يحيط بالمكان ...
يا خالق الأكوان ...
يرى السماء ، ببزتها الجميلة ، تكفهر فجأة ، وتمتلئ بالدخان ..
داخل السحب ، تبزغ عينا منال ، تشرقان ..
تملآن عالمه ..
تقفز الدقائق ، كحبات عقد منثور ..
إلى صباح ما ...
حين نهض ..
لم تكن منال بجواره ..
فقد تزوجت أيمن ..
ولم يجد البندقية التي نامت في حضنه ..
فقد صودرت يوم قتل أبو ماجد ..
ولم يجد فراشه / عالمه / فقد كان محاطاً بالأسوار من كل مكان .
******
غمز لها بدوره ، ترك مكان عمله ، غادر مكتبه الرث ، ومضت هي وراءه ، فعلت مثله ، ولم تنسى أن تضرب كرسيها بقدمها ، تلفظ معها العمل ، والناس ، والإحساس بالزمن ..
- أتحبني يا أحمد
أمام دكان أبي ماجد الذي لم يفتح من سنوات ، بسبب المشاكل المتواصلة بالحارة ، كانا يجلسان ..
على مصطبة صغيرة ، جلست ، واقترب منها أحمد حتى لامس حدود جسدها ، فارتجفت ثنايا جسده وكأن تياراً من ألف فولت سرى في عروقه ..
- مثل النجوم التي في السماء .
- ولسوف تحارب من أجلي ..
- حتى تتوقف الدنيا عن الحياة ..
أمسكت بيديه ، أحست بحرارتهما ، مال رأسها جانباً ، تعانقت عيناهما :
- وان رأوك معي ..
- سأحارب كل الكون لأجلك ..
- ولو قتلوك ..
- سأموت إذن .. فكيف سأحيى دونك ؟
ها هي هناك .. لقد رأيتها يا عماه ..
صرخ شاب بهذا ، هرول إلى والدها ..
استل الأشيب ذو الشارب سيفاً من حائط منزله ، ناوله للشاب/أيمن ، ومن على كتفيه استل بندقيته العتيقة ..
كل من بالشارع ، تحلقوا ليشاهدوا الحدث ، قفزت منال من مكانها قفزت، لا زالت ممسكةً بيد أحمد ..
يهربان ، من شارع إلى شارع ، عبر المساحات الضيقة في الحارات ، والأزقة .. يحارب أحمد كي يظل محتفظاً بصمته ، يستطيع الصراخ ، بأعلى ما يملك من صوت ، فتستجيب الحارة المجاورة / حارته / لنداء استغاثته ، فتكون الضحية منال أو والدها ، تلك خسارة في الحالتين ..
ماذا فعلتِ يا منال .. ؟ أي ذنب ..!
- لأني أحبك .. ولن أتزوج غيرك ..
ذلك ذنب لا أعرف غيره .. ماذا أفعل لو كنا أعداء ..
ما ذنبي كي أتزوج دون مشاعر أو إحساس ..
من خلفهما ، دوت رصاصة ، ثم أخرى ، جعل أحمد منال أمامه تماماً ، حتى لا تصاب ، صرخت ، لا قدرة بعد على الحراك ..
حملها ، وكأنها عروسه ، شعر بجسدها بين ذراعيه ، تمنى لو كانت ملكه ، لو كان يهرب بها إلى بيته ، وفراشه ، لتكون له زوجة ، يحارب من أجلها ما بقيت الحياة ، ما امتلك من دماء ، حتى يموت أو تموت .
شارع جانبي آخر ، رصاصة تمزق ذراعها ، يقفز قفزاً ، يفتح بقدميه باب بيت كان موارباً ، يدخل ، يغلق الباب خلفه ..
أبو ماجد .. الرجل العجوز الطيب ..
دخلا ، خلفه مسرعين ، إلى غرفة جانبيه ، مزق أحمد قميصه ، ليصنع منه كمادات يوقف بها الدماء المتفجرة من ذراع منال ..
مسح الدماء عن صدرها ، أبعد خصلات شعر ثائرة قفزت أمام عينيها ..
سقط على ظهره بجوارها وقد أنهكه التعب ..
أغمض عينيه ..
يا رب ..
صوتٌ يدوي في عالمه كله ..
يا رب ..
ترمش عيناه قليلاً ..
يرى أبو ماجد ، الطيب ، يتسلل على أطراف أصابعه ، يضع بندقية ما –برائحة دماء - بين ذراعيه ..
يحاول أن يبتسم ، فلا يستطيع ..
لكني لن أدخل المعركة يا طيب ، تلك ليست معركةً رابحةً أبدا ..
صمتٌ مرة أخرى ..
يحيط بالمكان ...
يا خالق الأكوان ...
يرى السماء ، ببزتها الجميلة ، تكفهر فجأة ، وتمتلئ بالدخان ..
داخل السحب ، تبزغ عينا منال ، تشرقان ..
تملآن عالمه ..
تقفز الدقائق ، كحبات عقد منثور ..
إلى صباح ما ...
حين نهض ..
لم تكن منال بجواره ..
فقد تزوجت أيمن ..
ولم يجد البندقية التي نامت في حضنه ..
فقد صودرت يوم قتل أبو ماجد ..
ولم يجد فراشه / عالمه / فقد كان محاطاً بالأسوار من كل مكان .
******
مارس 2010
تعليق