الليلة الرهيبة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد محضار
    أديب وكاتب
    • 19-01-2010
    • 1270

    الليلة الرهيبة

    أصبحت سلوى معلمة , وعينت في الضبيعة أبعد منطقة في السماعلة1, على مرمى حجر من مدينة مولاي بوعزة2..كانت المدرسة الفرعية تقع بمحاذاة الغابة في مكان منقطع , تتناثر حولها في أماكن متباعدة بضعة بيوت متهالكة.
    بكت سلوى حزنا ..قال لها: زوجها مواسيا " سأبدل قصارى جهدي لكي تغاذري هذا الجحيم في أقرب وقت " قاطعته :" لا أستطيع فراق ابننا سليم.." ضمها الى صدره بحنو وهمس لها بصوت خافت :" لن أذخر جهدا في العناية به , أنا وأمك ..لا تشغلي بالك بهذا الموضوع ".
    عندما ولجت المدرسة, أحست بقشعريرة في جلدها ورجفة في قلبها, فالبناية كانت ذات لون كالح ..تتكون من حجرتين متهالكتين, بسقف مليئ بالشقوق , الطاولات كانت في أسوأ حال, والمكان على العموم كان أشبه بحديقة أشباح.
    زميلتها حنان كانت فتاة قصيرة القامة ..مقتصدة في كلامها ..يبدو أن وقع الصدمة جعلها تقف هي الأخرى موقف المغلوب على أمره المستسلم لمصيره.
    قالت سلوى لحنان:
    - هنا تتضخم الكآ بة, وتتحول الحياة إلى جحيم مستعر
    ردت حنان بصوت أجش :
    - المكان رهيب ..أنا خائفة من الحاضر والآتي
    علقت سلوىوهي تلقي ببصرها نحو الأفق البعيد حيث تحتضن مياه الوادي قرص الشمس الأحمر :
    - رغم تطمينات المدير , وشيخ القبيلة فإن مكوثنا هنا فيه مجازفة كبيرة..هواتفنا المحمولة بدون حرارة ونحن في عزلة تامة.
    أقبل الليل , وهجمت جيوش الظلام ..دخلت سلوى وحنان إلى إحدى الحجرتين, ووضعتا أمتعتهما في في أحد الأركان, ثم أشعلتا لمبة الغاز , فانبعث ضوء باهت أنار المكان..أكلتا بعض ما تيسر لهما من الطعام ثم جمعتا الطاولات الى بعضها , ووضعتا فوقها قطعتي إسفنج , ثم اتكئتا ترومان الراحة من وعثاء السفر..
    قالت حنان :
    -أحس برغبة قوية في النوم .
    قاطعتها سلوى:
    - لكن الليل مازال طويلا ..
    دوى لحظتها عواء الذئاب القادم من الغابة المجاورة مختلطا بنباح الكلاب المتواجدة في دور القرويين المشتتة على امتداد الهضاب المحيطة بالمدرسة , من الجهة الشرقية.
    شعرت الفتاتان برهبة وخوف قويين , أسرعت سلوى نحو باب القسم فأحكمت إغلاقه ووضعت خلفه بضع طاولات ثم عادت الى مكانها وهي ترتجف ..نظرت إليها حنان بعينين ذابلتين وهتفت:
    - اللعنة لوكنت أعرف أنني سألاقي هذا المصير لما غامرت ودخلت مركزتكوين المعلمين..
    فجأة سمع صوت رعد قوي , ولمع البرق فغمر المكان , ومضى وقت يسير , قبل ان تبدأ قطرات المطر في الهطول وهبت رياح قوية , ثم بدأت حبات البرد في النزول محدثة صوتا مدويا, وهي تتهاوى على سقف حجرتي الدرس. تسرب الفزع الى قلب حنان وسلوى , وأصابهما رعب شديد عند تبين لهما ان سقف القسم يرشح بماء المطر ..ومالبث الرشح ان تحول سيلا..
    صرخت سلوى:
    - اذا استمر المطر بهذه الحدة سينهار السقف ويسقط على رؤوسنا .
    ردت عليها حنان بتوتر:
    - اذن ما العمل ؟؟؟
    - لنغاذر الحجرة فالمطر أهون من الحجر والطوب..
    لبست الفتاتان ثيابا متينة ,وغطيتا رأسيهما . ثم سحبتا حقيبتيهما الى الخارج ..
    كانت الرياح عنيفة , وكان صوت مياه الوادي المتدفق عند أسفل الربوة التي تقع فوقها المدرسة يسمع قويا.
    استمرت العاصفة طيلة الليل , ولم تتوقف إلا مع تباشير الفجر الأولى .
    وفي الصباح الباكر كان الأهالي يحصون خسائرهم وضحاياهم..أما سلوى وحنان فقد تدخل رجال الدرك لإنقاذهما ونقلهما الى المستشفى وهما في حالة مزرية........

    محمد محضار
    1 منطقة قرب مدينة وادي زم
    2مدينة تقع في المجال الترابي لإقليم خنيفرة
    ............
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد محضار; الساعة 31-03-2010, 11:54.
    sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    محمد محضار
    النص جاء مباشرا في الكثير من الأحيان
    كتبت الدال بدل الذال والذال بدل الدال ربما هو اللفظ الذي يحكمك
    جاءت ومضة النهاية غير متوقعة لأني تصورت بأن السيل جرف المعلمتين
    المهم زميلي أرجو أن تنتبه للإملاء لأنه ينقص من قيمة النص أحيانا
    أتمنى أن لا أكون زائرة ثقيلة عليك فأنا لا أقصد سوى الخير لك ولكل الزميلات والزملاء
    تحياتي ومودتي
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • سمية البوغافرية
      أديب وكاتب
      • 26-12-2007
      • 652

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة محمد محضار مشاهدة المشاركة
      أصبحت سلوى معلمة , وعينت في الضبيعة أبعد منطقة في السماعلة1, على مرمى حجر من مدينة مولاي بوعزة2..كانت المدرسة الفرعية تقع بمحاذة الغابة في مكان منقطع , تتناثر حولها في أماكن متباعدة بضعة بيوت متهالكة.
      بكت سلوى حزنا ..قال لها: زوجها مواسيا " سأبدل قصارى جهدي لكي تغادري هذا الجحيم في أقرب وقت " قاطعته :" لا أستطيع فراق ابننا سليم.." ضمها الى صدره بحنو وهمس لها بصوت خافت :" لن أذخر جهدا في العناية به , أنا وأمك ..لا تشغلي بالك بهذا الموضوع ".
      عندما ولجت المدرسة, احست بقشعريرة في جلدها ورجفة في قلبها, فالبناية كانت ذات لون كالح ..تتكون من حجرتين متهالكتين, بسقف مليئ بالشقوق , الطاولات كانت في اسوأ حال, والمكان على العموم كان أشبه بحديقة أشباح.
      زميلتها حنان كانت فتاة قصيرة القامة ..مقتصدة في كلامها ..يبدو أن وقع الصدمة جعلها تقف هي الأخرى موقف المغلوب على أمره المستسلم لمصيره.
      قالت سلوى لحنان:
      - هنا تتضخم الكآ بة, وتتحول الحياة الى جحيم مستعر
      ردت حنان بصوت أجش :
      - المكان رهيب ..أنا خائفة من الحاضر والآتي
      علقت سلوىوهي تلقي ببصرها نحو الأفق البعيد حيث تحتضن مياه الوادي قرص الشمس الأحمر :
      - رغم تطمينات المدير , وشيخ القبيلة فان مكوثنا هنا فيه مجازفة كبيرة..هواتفنا المحمولة بدون حرارة ونحن في عزلة تامة.
      اقبل الليل , وهجمت جيوش الظلام ..دخلت سلوى وحنان الى احدى الحجرتين, ووضعتا أمتعتهما في في أحد الأركان, ثم أشعلتا لمبة الغاز , فانبعث ضوء باهت انار المكان..أكلتا بعض ما تيسر لهما من الطعام ثم جمعتا الطاولات الى بعضها , ووضعتا فوقها قطعتي إسفنج , ثم اتكئتا ترومان الراحة من وعثاء السفر..
      قالت حنان :
      -أحس برغبة قوية في النوم .
      قاطعتها سلوى:
      - لكن الليل مازال طويلا ..
      دوى لحظتها عواء الذئاب القادم من الغابة المجاورة مختلطا بنباح الكلاب المتواجدة في دور القرويين المشتتة على امتداد الهضاب المحيطة بالمدرسة , من الجهة الشرقية.
      شعرت الفتاتان برهبة وخوف قويين , أسرعت سلوى نحو باب القسم فأحكمت إغلاقه ووضعت خلفه بضع طاولات ثم عادت الى مكانها وهي ترتجف ..نظرت اليها حنان بعينين ذابلتين وهتفت:
      - اللعنة لوكنت أعرف أنني سألاقي هذا المصير لما غامرت ودخلت مركزتكوين المعلمين..
      فجأة سمع صوت رعد قوي , ولمع البرق فغمر المكان , ومضى وقت يسير , قبل ان تبدأ قطرات المطر في الهطول وهبت رياح قوية , ثم بدأت حبات البرد في النزول محدثة صوتا مدويا, وهي تتهاوى على سقف حجرتي الدرس. تسرب الفزع الى قلب حنان وسلوى , وأصابهما رعب شديد عند تبين لهما ان سقف القسم يرشح بماء المطر ..ومالبث الرشح ان تحول سيلا..
      صرخت سلوى:
      - اذا استمر المطر بهذه الحدة سينهار السقف ويسقط على رؤوسنا .
      ردت عليها حنان بتوتر:
      - اذن ما العمل ؟؟؟
      - لنغاذر الحجرة فالمطر أهون من الحجر والطوب..
      لبست الفتاتان ثيابا متينة ,وغطيتا رأسيهما . ثم سحبتا حقبيتهما الى الخارج ..
      كانت الرياح عنيفة , وكان صوت مياه الوادي المتدفق عند أسفل الربوة التي تقع فوقها المدرسة يسمع قويا.
      استمرت العاصفة طيلة الليل , ولم تتوقف إلا مع تباشير الفجر الأولى .
      وفي الصباح الباكر كان الأهالي يحصون خسائرهم وضحاياهم..أما سلوى وحنان فقد تدخل رجال الدرك لإنقاذهما ونقلهما الى المستشفى وهما في حالة مزرية........

      محمد محضار
      1 منطقة قرب مدينة وادي زم
      2مدينة تقع في المجال الترابي لإقليم خنيفرة
      ............
      القصة تحكي كثيرا من مأساة رجال التعليم في بلادنا..
      وهنا نتساءل كيف يستطيعون أن يوصلوا رسالتهم في مثل هذه الظروف؟؟
      ونتساءل أيضا لماذا مستوى التعليم بلغ قمة الانحطاط في بلادنا
      قرأت مؤخرا قصة لصخر المهيف تصب في ذات الموضوع وتتطرق لذات المعانات وقبله شاهدت فيلما حول ذات الموضوع.. يبدو أن الحالة أكبر من أن تطوق بكلمات أستاذ محمد..
      أصدق التحايا وبالمزيد من الإبداع أدعو لك

      تعليق

      • محمد محضار
        أديب وكاتب
        • 19-01-2010
        • 1270

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
        الزميل القدير
        محمد محضار
        النص جاء مباشرا في الكثير من الأحيان
        كتبت الدال بدل الذال والذال بدل الدال ربما هو اللفظ الذي يحكمك
        جاءت ومضة النهاية غير متوقعة لأني تصورت بأن السيل جرف المعلمتين
        المهم زميلي أرجو أن تنتبه للإملاء لأنه ينقص من قيمة النص أحيانا
        أتمنى أن لا أكون زائرة ثقيلة عليك فأنا لا أقصد سوى الخير لك ولكل الزميلات والزملاء
        تحياتي ومودتي
        أعتز بتواجدك الدائم وملاحظاتك التي أعتبرها في محلها..لأنها ستساعدني في تطوير أدواتي الفنية وعدتي الإبداعية..مرحبا بحضورك ...وبكل ما يبدو لك في صالح نصوصي المتواضعة...
        sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

        تعليق

        • محمد محضار
          أديب وكاتب
          • 19-01-2010
          • 1270

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة سمية البوغافرية مشاهدة المشاركة
          القصة تحكي كثيرا من مأساة رجال التعليم في بلادنا..
          وهنا نتساءل كيف يستطيعون أن يوصلوا رسالتهم في مثل هذه الظروف؟؟
          ونتساءل أيضا لماذا مستوى التعليم بلغ قمة الانحطاط في بلادنا
          قرأت مؤخرا قصة لصخر المهيف تصب في ذات الموضوع وتتطرق لذات المعانات وقبله شاهدت فيلما حول ذات الموضوع.. يبدو أن الحالة أكبر من أن تطوق بكلمات أستاذ محمد..
          أصدق التحايا وبالمزيد من الإبداع أدعو لك
          هي مأساة ..يعيش فصولها الكثيرون..خاصة الجنس اللطيف..الذي تضيع لطافته بين المداشر والقرى النائية...فلا شيئ أبشع من فرقة أم عن وليدها....
          sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

          تعليق

          • إيمان الدرع
            نائب ملتقى القصة
            • 09-02-2010
            • 3576

            #6
            الأخ محمّد محضار: لقد أظهرت مشكلة تنوء بحملها الجبال ياأديبنا الفاضل عندما نزجّ بفتيات في عمر الزهورإلى أمكنة يكمن فيها الهلاك
            أتمنى كلّ التوفيق لك بمجالك الإبداعي
            تحيّاتي.......

            تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

            تعليق

            • محمد محضار
              أديب وكاتب
              • 19-01-2010
              • 1270

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
              الأخ محمّد محضار: لقد أظهرت مشكلة تنوء بحملها الجبال ياأديبنا الفاضل عندما نزجّ بفتيات في عمر الزهورإلى أمكنة يكمن فيها الهلاك
              أتمنى كلّ التوفيق لك بمجالك الإبداعي
              تحيّاتي.......
              شكرا لك على بزوغك في متصفحي...فعلا هي حقيقة مرة تعيشها الكثير من المعلمات......
              sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

              تعليق

              يعمل...
              X