آخ يا ربي - قصة قصيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد عزوز
    عضو الملتقى
    • 30-03-2010
    • 150

    آخ يا ربي - قصة قصيرة

    آخ ياربي ...



    قصة : محمد عزوز




    مائتا ليرة ياربي .. هذه هي المرة الأولى التي يعطيني فيها واحد من هذا العالم مائتي ليرة ..
    إنه يقول :
    ـ هذه لك ياسمر ..
    لا..لا .. هو ليس أي واحد ، ليس غريباً ، إنه خالي الذي أحسه كبيراً جداً .. أنا أعرف أنه يحمل شهادة كبيرة ، ويعمل مسؤولاً في الدولة .. نعم إنه مسؤول وإلا لم يعطوه سيارة ..
    لاأذكر أنني زرت بيته في المدينة القريبة رغم أن أمي تقول أنها اصطحبتني مرة ، أصر على الإنكار .. ولكن أمي لاتكذب ، ربما كان ذلك عندما كنت في سن لاتسمح بالتذكر ...
    لقد قال لي قبل قليل أنه سيأخذني بسيارته إلى بيتهم الكبير ، وهناك سأرى أشياء جميلة ، آرائك فاخرة ، تحف ثمينة ، مطبخ عامر بالأواني الجميلة المزخرفة ..
    وخزني الألم الضاغط في بطتي ساقي اللتين سلخت طبقة الجلد فيهما بسبب الحرق ، أطلقت آهة :
    ـ آخ ياربي ..
    ثم كتمتها عندما تذكرت أن خالي قد يزعل إن أنا صرخت ثانية ، وقد يؤلمه رأسه فيغادر فوراً ، ولعله يتأخر في العودة إلينا ، وتتأخر أكياس الحلويات والفواكه ...لقد سمعته يشكو لأمي من صداع يصيبه دائماً ويجبره على النوم والإعتكاف ..
    ـ آخ .. ياربي ..
    لماذا لايشتري لنا والدي مثل هذه الأشياء ..؟ ثم أنه لايفعل شيئاً سوى الجلوس ، ويمضي أيامه في التسكع والثرثرة ومجالسة النساء .. أذكر أن خالي توسط له مرة عند أحد المدراء فعينه في أحد معامل المدينة ، عمل لعدة أشهر ، ثم فجأة قرر أن يعود بنا إلى القرية ، وعندما احتجت أمي قال لها :
    ـ يريدون أن يستولوا على البيت والأرض .. لن أسمح لهم ..
    جاء بنا .. ومنعهم من هذا الإستيلاء المزعوم ، لكنه رفض أي فرصة عمل أخرى سوى حراسة البيت والأرض والثرثرة .. وعندما اقترح خالي ثانية عليه أن يعمل سائقاً في مكتب لأحد أصدقائه ،أجابه :
    ـ أنا لاأعمل أجيراً عند الناس ..
    وكبت خالي ضيقه ،اكمد لونه ، لقد كان يحبنا ويحب أمي ، فصمت ، واكتفى بزياراته القصيرة والمتباعدة لنا .
    خالي يستعد للمغادرة ، أراه يسوي هندامه ، يقول لأمي :
    ـ الدواء .. لاتهملوا الدواء .. ستشفى قريباً .. الحروق سطحية .. هل تريدون شيئاً ..؟
    ـ نريد سلامتك ياأخي ..
    انحنى صوبي ، قبلني ، حاولت أن أنهض إليه ، وخزني الألم فتراجعت ..
    ـ آخ ياربي ..
    أخذت أتملى الورقة النقدية ، إنها حمراء جديدة لم يمسسها أحد قبلنا ، لعل خالي أحضرها من معمل المصاري ..!! كم أتمنى لو تتاح لي الفرجة على هذا المعمل الذي يطبع كل تلك المصاري ، لقد رأيت أكداساً منها في التلفزيون ..
    قال أنها لي ، لي وحدي ، ولكن ماذا سأشتري بها ..؟
    سمعت صوت محرك السيارة التي انطلقت مسرعة ، عاد والدي بعد مرافقة خالي لأمتار قليلة خارج الباب ، تفقد الأكياس المركونة جانباً ، أعرفه إنه يحب الحلوى ، لعله شم رائحتها ، سال لعابه لمرآها ، رأيته يحاول أن يزدرده ..
    رآني أتأمل المائتي ليرة ، اقترب مني ..
    ـ ماذا تريدين أن تفعلي بها ، يجب أن نشتري لك دواءاً ، هذه المراهم التي ندهن بها ساقيك غالية الثمن ..
    ـ آخ ياربي ..
    كنت أتمنى قبل أن يخطفها من يدي أن يتركها معي حتى الغد ، أريد أن أعدد الأشياء التي أستطيع شراءها بها ، فقط أريد أن أعددها حتى أمل ، وسأعطيها له أو لأمي في الصباح ليشتروا لي دواء ..
    تعالى صراخي ، هذا المرهم اللعين يحرق ساقي ، وبريق المائتي ليرة وهو يدسها في جيبه يحرقني هو الآخر ...

  • آسيا رحاحليه
    أديب وكاتب
    • 08-09-2009
    • 7182

    #2
    قصة جميلة فعلا..تشويق من البداية..و سردٌ ممتع..
    تحيّتي و احترامي..
    يظن الناس بي خيرا و إنّي
    لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

    تعليق

    • عائده محمد نادر
      عضو الملتقى
      • 18-10-2008
      • 12843

      #3
      الزميل القدير
      محمد عزوز
      وأرجو أن لا أكون قد أخطأت باسمك هذه المرة
      يبدو أنك موسوم بهموم المواطن التي باتت تشكل هما كبيرا على كاهله وعبئا مضافا يضاف إلى القائمة الطويلة و.. آخ ياربي!!
      رأيت لقد مرتين ولم يكن النص بحاجة لها
      ومازلت أعرض عليك مشاركة الزميلات والزملاء نصوصهم وتعطي رأيك ورؤيتك حولها
      تحياتي ومودتي لك
      الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

      تعليق

      • محمد عزوز
        عضو الملتقى
        • 30-03-2010
        • 150

        #4
        شكراً لك آسيا

        المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
        قصة جميلة فعلا..تشويق من البداية..و سردٌ ممتع..
        تحيّتي و احترامي..
        ولك جل شكرنا وتقديرنا على القراءة والرأي
        هي قطعة من واقع معاش
        نحاول أن نقدم شيئاً من أجلها
        أصدق التحية والمودة

        تعليق

        • محمد عزوز
          عضو الملتقى
          • 30-03-2010
          • 150

          #5
          مودتنا وتقديرنا

          المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
          الزميل القدير
          محمد عزوز
          وأرجو أن لا أكون قد أخطأت باسمك هذه المرة
          يبدو أنك موسوم بهموم المواطن التي باتت تشكل هما كبيرا على كاهله وعبئا مضافا يضاف إلى القائمة الطويلة و.. آخ ياربي!!
          رأيت لقد مرتين ولم يكن النص بحاجة لها
          ومازلت أعرض عليك مشاركة الزميلات والزملاء نصوصهم وتعطي رأيك ورؤيتك حولها
          تحياتي ومودتي لك
          الزميلة العزيزة
          نعم .. هو ذا مطرح قصصي .. وأنا موسوم بالتصاقي بالواقع
          هل هناك عداوة بينك وبين ( لقد ) هي لم تسئ للنص في شيء
          أنا جاهز للمشاركة وبكل سرور..
          إنما ببعض التأني ليس إلا ..
          كل المودة لك عائدة
          سأكون معكم

          تعليق

          يعمل...
          X