ثقافة البث المرئي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد أنيس الحسون
    أديب وكاتب
    • 14-04-2009
    • 477

    ثقافة البث المرئي

    الثقافة التلفزيونية

    هل بشّرت الثقافة التلفزيونية بسقوط النخبة وبروز الشعبي ؟
    هناك من آذن بذلك وتبعه من أكد ذلك السقوط من خلال استقراء هذا الكائن العجيب ( الشاشة ).
    تُعتبر علاقة الإنسان بالصورة علاقة قديمة منذ أن بدأ الإنسان يحاول السيطرة على الطبيعة من حوله، واحتلت الصورة في ذهنه مكانة عميقة تصل حدّ الإفراط في تصوير وتأويل مايحيط به ، ولو عدنا للأساطير وللملاحم الهومرية سنرى مزيجاً من التصورات الذهنية وكأننا أمام فيلم سينمائي.
    لقد نشأت أحادية الصورة أو الصورة المُخرجة وعلى القاريء أو المشاهد حديثاً ذهنياً كان أبو بصرياً أن يسلّم لسلطة هذه الصورة. لقد سيطر نمط واحد من الاستقبال مصحوباً بثقافة الهيمنة ، وما زالت ثقافة الهيمنة تعيد إنتاج نفسها عبر قرون طوال في كل أشكال الحياة، ومع هذا النمط المتسلط برزت جماعة سمت نفسها بالنخبة ونادت بنبذ واحتقار كل ماهو شعبي ، وادعت أنها تمثل سيادة الصورة الواحدة، وترسم أبعادها، وماعدا ذلك ممارسات شعبوية فوضوية، وذلك في مضمار السياسة والدين والفن، ومع مرور الزمن واكتساح العولمة وسيادة الثقافة الرقمية انتعش الدور الشعبي المهمّش وبدأ الدور النخبوي يتلاشى، فاقتحم الشعبي أسوار القلعة المنيعة وحطّم هذي القلاع الوطيدة.
    من خلال سلطة النموذج الواحد كنّا لا نعرف إلا أسماء قليلة من الأدباء والفنانين والسياسيين ، والآن ومع هذا الازدحام الرقمي نقع مثلاً على شبكة الأنترنت والفضائيات على أسماء وشخصيات متنوعة بتنوع البث الفضائي، ومع هذا النشر الواسع أُتيحت الفرصة للعديد بأن يبرز كوامنه حيث بات هذا النشر مطية للآلاف من المهمشين والشعبيين الذين أبعدتهم الصورة الواحدة المتوحشة، وقد أصبحت الصورة المضادة تبرز ويبرز معها المضمر والسكون المستقر.
    وفي سياق الصورة التلفزيونية التي أصبحت الشغل الشاغل لكثير من النقاد عبر تشريحها سنجد الفضاء الذي ضاق ذرعاً بصنيع الناس على الأرض، واشتعلت فيه حرب مصحوبة بعتاد ذكوري وأنثوي. إن الصورة مصدر مهم للتأويل وعلامة ثقافية بارزة، لذا وبعد أن انقلب ظهر المجن ستمارس الصورة وتلعب لعبة المضمر/ المعلن، وستدخل فئات بشرية عريضة إلى عالم الاستقبال الثقافي، وتبدي وتناقش بعدما كانت مهمشة ومبعدة لأزمنة طويلة، وسيظهر معها ما يعبر عن كبتها وسحقها كل تلك الفترة، وستأتي الصورة ترجمة للاحتباس الطويل، فما عادت المعرفة محصورة عبر تلك المؤسسة الواحدة المسيطرة، وما عاد الحراك الوحيد هو ذاك الذي تخرجه الصورة الواحدة والنموذج المتوحش، إذ إن هذا النشر العريض عبّر على تمسك الفئات التي كانت مسحوقة بالمعرفة والاستعداد لبناء دور يمثلهم ويحكي تأملاتهم وتأويلاتهم وقضاياهم.
    وبعد ... ماذا يفعل سيدنا المثقف الوحيد النخبوي الذي كان يفرض الصورة وتأويلها ؟!!.
    ماذا يفعل بعد اكتساح الشعبي والمهمّش سيما وأن الصورة كسرت كل قيود العنصرية؟.
    لعقود طويلة ظلت المرأة مبعدة عن أداء دورها و باتت مع عصر الصورة المتعددة تمارس و تعبر وتقول ما لم يقل،وفي ظل ذلك سينشأ منطق خاص مصحوب بدلالة خاصة تختلف عن المنطق التقليدي و السيد النخبوي الرمز السياسي و الثقافي يتخبط و يدافع عن مملكته البائدة بخطابات و انتقادات نسقية للحفاظ على دوره وسلطته، و في ظل هذه الحرب التي يوقدها النخبوي سيبدو المهمش ما هو إلا فوضوي أتاح له الزمن فرصة للعبث ونشر رغباته ومكبوته المريض على حد زعم النخبوي، لكن ... هل يبلغ السيد النخبوي الأحادي الدور دورَه السابق الذي أعطته إياه أيديولوجيات قديمة؟ . كعملية رد عكسي سيأتي الاتجاه الآخر ليسفّه من الدور السابق الذي نادى بتعددية الحياة ولم يطبقها ولم يعترف بوجودها
    وبالتالي لن تخلو الصورة الجديدة من فوضى مادام الطريق مشرعاً أبوابه لكل من هبّ ودبّ. لقد احتقنت الصورة التلفزيونية دورها لسنوات في ظل دكتاتورية النموذج الواحد، وهذا سيخلق مشكلة عويصة ومدروسة بنفس الوقت تنتجها هذه الصورة ، فمن يدفع الثمن؟ ومن السبب؟. تلك هي الثقافة التلفزيونية المصحوبة بوباء فكري ديني وسياسي وثقافي، وكثيرة هي التساؤلات أمام هذه الشاشة، وسنجد تشريحاً مهماً لمعظمها في كتاب الدكتور عبد الله الغذّامي { الثقافة التلفزيونية – سقوط النخبة وبروز الشعبي } من مطبوعات المركز الثقافي العربي – بيروت – المغرب.
    لقد عالج الباحث هذا الكائن العجيب ( الشاشة ) بصعود المهمش وسجال متعب مع حرّاس النسق الواحد المتجذّر الذين يراودهم شعور دائم بقيادة الجمهور إلى الذوق السليم والفن الأصيل، بينما الواقع هو سقوط مريع لنظرياتهم الجوفاء، وتمركز من كان مُبعداً عن الفعل الاجتماعي والثقافي والسياسي، وفي ظل هذه التغيرات نحتاج لدراسة معمقة حول تاريخية الصورة والاستقبال والمعرفة، فجاء كتاب الغذامي نقداً ثقافياً للصورة البصرية بعد أن أصبحت أداة مهيمنة وعلامة ذات دلالة مكونة للذهن البشري وعياً وتأويلاً. وقد ناقش الكاتب نظريات الاستقبال بدءاً من آرثر بيرجر الذي طرح دراسة الخطاب الإعلامي بوصفه فرعاً عن النقد الثقافي ، مثل نظرية الاستخدام ، ونظريات الإشباع، والاعتماد، والاستنبات ، ... وغيرها. وتناول الغذامي في الفصل الأول ثقافة الصورة كإحدى علامات النقد الثقافي بعد أن امتدت إلى كل البشر دون رقيب أو وسيط، وقد برزت قوة التأثير وتمظهر فيها صوت وصدى قوي يقاوم الخطاب الفحولي النسقي عبر بثّ قيم العنف والجنس والمال، وناقش في الفصل الثاني الثقافي والتفاهي، وهنا يبرز المضمر الثقافي وبروز المهمشين الذين وصفهم أرستوفانس بالأبناء الفاسقين، إذ كان هذا الأخير ممثلاً للثقافة النخبوية، ومع بروز هذه الشريحة الكبيرة من المبعدين تغيّرت شروط اللعبة وبدأ فعل التأثير على الرأي العام، وكمثال حي على ذلك هناك برنامج السوبر ستار الذي حظي بردود فعل كبيرة من مثقفين وسيايين وحزبيين ورجال دين وصلت حدّ تدخل الملوك والرؤساء، وهنا ظهرت خصائص اللعبة الثقافية الجديدة، وأياً كان لقد فرض هذا النص نفسه تماشياً مع تحريم العلماني والأصولي على حد سواء وإن عبّرا بلغة مختلفة، لكن الدور واحد لأنه ينبني على مضمر نسقي واحد.لقد احتشد الجمهور في ساحات عمّان ودمشق، وحرّك المشاعر الوطنية والعاطفة الشعبية الجياشة، وفي ظل هذه الظروف عاد النسق من جديد ليدافع عن مقدساته مع ثقافة الفوق وثقافة التحت من خلال مادار من انتقادات وتعليقات، وفيه أيضاً بدأ الانقلاب في لغة الاستقبال والتذوق بعد أن امتلكت فئات كثيرة وسائل التعبير عن نفسها عبر البث الحرّ بعدما كانت تلك أدوات النخبة لا غير. ومع صراع لأنساق سيبدو هذا المُنتج تافهاً في نظر النخبة التي تتحرك ضمن علامة نسقية وشرط نسقي، والغريب أننا لو قرأنا انتقاداتهم ( النخبويين من حزبيين وأصوليين ) سنرى من خلال كلامهم أنهم قد تابعوا برنامج السوبر ستار بحذافيره وبدقة متناهية ، تماماً كمن يسبّ ويحتقر فنانة متعرية أو عارضة أزياء أخذت لب الجماهير بمفاتنها وفحشها ،
    فيأتي ويسفّه فيها في العلن ويندد بهذا الفن الهابط، لكنه في السر ليس إلا واحداً من أولئك المفتونين المشاهدين بتأمل وتمايل يميناً ويساراً مع تمايل خصرها.
    لقد حدث تغير كبير سقطت معه فكرة أن المثقف ضمير الأمة وممثل الشعب، والواقع بيّن أن هذا المثقف لا يعرف اتجاهات الرأي العام وتوجهات الشعب بعدما كان يظن أنه الدم الذي يجري في عروقه، إذ إنه أعزى لنفسه دوراً قيادياً انتهى بالفشل ، فراح هذا المثقف ينعي نفسه بعد أن فقد رمزيته وسلطته، بعد أن أصبح هذا المثقف يقارن بين أرقام مبيعات كتابه بأرقام مبيع كاسيت غنائي وقرص استعراضي. لقد كانت ملايين البشر تمر على الحياة مروراً هامشياً غير مرصود، وكان أهل العلم والأدب وحدهم من يملك وسيلة التعبير والتوصيل، لذلك دوّنت الذهنية العربية ما أنتجوه من قول أو فعل لأن ماعداهم لا يملكون لغة بسبب فقدانهم وسيلة التعبير والتوصيل. لقد فقد المثقف دوره الريادي ولا مجال لأحد أن يدعي أنه يعبّر عن ضمير الناس بعدما امتلك الناس وسائل التعبير والتوصيل بدون قائد نخبوي يدعي أنه يترجم مشاعرهم وآمالهم.
    لعل الإشارة إلى فصل أو أربعة من الكتاب قد تبدو مبتورة مالم يعززها القاريء بدوره الأهم في عملية القراءة لكتاب تحدث عن المجاز المتوحش والتأويل المنحاز، والخوف من الصورة، ومتعة الرعب التي برز فيها الذكر أكثر من الأنثى، وستظهر الصورة والاستبداد من خلال رسم الوجه والملامح، وسيعرّج التشريح على اللباس بوصفه لغة وصورة ثقافية لها دلالتها كأي نص له أيديولوجيته، ومادة لصراع النظريات ، وقد تناول الكتاب التلفزيون والتأنيث عبر هذه الصدمة الثقافية ببروز المرأة على الشاشات بعدما كانت لاتتعدى الوجود في قصيدة شاعر أو لوحة فنّان، وسيظهر – عبر هذا المدّ النسائي – الشبان على هيئة الفتيات في اللباس والموضة، وفي نبرة الصوت، وستجري محاكاة هذا النموذج الأنثوي لدى شبان كثيرين بعد تأنيث الصورة التلفزيونية إلى درجة تصل إلى أن يقوم أحد الشبان بعملية تجميل للتشبّه بأنثى مميزة ومشهورة على الصورة ضمن قوانين ولعبة هذه الصورة، وتناول الكتاب أيديولوجية الصورة والإرهاب بوصفه صورة نسخت ماقبلها من صور، وبدت المصدر التأويلي لكل مابعدها خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث صارت تترجم كل عناصر الهيمنة الثقافية والبصرية تحديداً، وهكذا أراد لها أن تكون صانعو الصورة الناسخة بعد أن خططوا وأخرجوا وأنتجوا بطريقة تضاهي أقوى أنواع الإخراج السينمائي في هوليوود، ولا شك أن نظرية الثقافة البصرية والتأثير البصري من أهم عناصر هذا التخطيط الإرهابي، وستوظف أمريكا هذه الصورة توظيفاً أقوى في صورة أقوى وأكبر من السابقة عبر لعبة الإخراج والمونتاج من خلال تصوير البرجين اللذين سيصبحان حدثاً عالمياً وصورة كونية تنسخ ماقبلها من صور وتعيد كتابة التاريخ، ومعها تتبدل اللغة والمصطلحات، وكل ذلك عبر هذه الصورة المتوحشة، وأول مصطلح ستقذفه الصورة هو " الإرهاب " ، وبعد نسخ الصورة السابقة سيحيل إلى صورته الحالية، وبذلك نجح طرفا اللعبة ( الإرهابيين وأمريكا ) في حصر التفكير اللغوي ضمن حدود هذه الصورة، وفي حدودها انهزم العقل والتفكير وعجزا عن مضاهاتها، وكُتب سجل جديد وتفكير سياسي وإعلامي وثقافي، ومن خلال إدراك الإرهاب لقوة تأثير الصورة البصرية استغلّ خصمه نفس السلاح باستراتيجية أقوى وأشمل، ولم يبق على الناس إلا التسليم بشروط هذه اللعبة بعدما انهزم العقل والتفكير.
    لقد تحدث الكاتب عن منطق التأويل ونحو الصورة وحرب النجوم، ليختم الكتاب بالصورة بوصفها نسقاً ثقافياً عبر ثنائيات ، التورية الثقافية ، التأنيث والتفحيل ، التعري والتحجب ، الفتنة والعفة ، النخبوي والشعبي ، الغزو الفكري والغزو المضاد. وكل ذلك جاء عبر تشريح لثقافة الصورة التلفزيونية التي أكدت سقوط النخبة وبروز الشعبي المهمّش، وانطوت على ألاعيب ثقافية ونسقية تعيد النسق القديم المتجذّر.
    وإن كنا نختلف مع الكتاب قليلاً أو كثيراً إلا أنه جاء محاولة لرصد الصورة المندّسة في كل أرجاء المعمورة عبر فكر تأويلي، وتفكيك ثقافي، ووضع القاريء العربي أمام هذه اللعبة، وهذه الصدمة الثقافية التي غيّرت من أصول اللعبة والإخراج والمونتاج والسيناريو إلى البث التوصيلي الحي، متسلحة بأعتى وأشدّ أنواع السلاح .... ( الصورة التلفزيونية ).
    نُشرت هذه الدراسة في جريدة شرفات الشام الصادرة عن وزارة الثقافة السورية
    عدد 70 - 2010م.
    التعديل الأخير تم بواسطة أحمد أنيس الحسون; الساعة 03-04-2010, 22:22.
    sigpicأيها المارون عبر الكلمات العابرة ..

    اجمعوا أسماءكم وانصرفوا
    آن أن تنصرفوا
    آن أن تنصرفوا
  • محمد جابري
    أديب وكاتب
    • 30-10-2008
    • 1915

    #2
    الأستاذ أحمد أنيس؛

    شكر الله لك هذا الحس والوعي المزدوجين لمسار التغيير وكيف يسحب الظل البساط من تحت الأقدام؟

    قد كان بالأمس الأول من الطبيعي أن لا يلتفت للسياسة إلا بعض من تجرد لدينه، أو دفعته الدوافع إخلاصا ليد منّه.

    وكانت هناك عقبات تجلت في ذهنيات تكلست وشدها شدا عن خرق الحواجز:

    1-الذهنية الرعوية وهي ذهنية النفوس القاعدة والتي تنتظر أن تكون حطب التغيير، دون أن تحرك ساكنا، وأن يدبر غيرها لها وهي لا تقدر أن تدبر.

    2- الأنانية المستعلية أو المتمتعة، ويعوق أصحابها ما هم فيه من بدخ واستمتاع عن الحراك إلى تغيير ربما يحرمهم ما هم فيه من امتلاء وطلب المزيد.

    3- العادات الجارفة للمجتمعات المسلمة: (نظرية عدم الخروج على الإمام مراعاة لوحدة بيضة الإسلام) العادات والتقاليد في تقديم البيعة ومساندة الحاكم بأمره، أو أمر غيره وليس بأمر ربه...

    فقد حضرت مؤتمرات، وندوات، وأيام ثقافية، وطبعا لولا الدخول في بوتقة الجمعيات المرخص لها ما كان ليتم الحدث. ومعلوم أيضا، من هم منظرو ومؤطرو هذا الحدث الثقافي إلا رجالات الجامعات، بمعنى أصحاب الوعي السلوكي، والخبرة الميدانية، ولا يختم الحدث دون قراءة برقية أرسلت لسدة الحاكم بأمره.

    نتكلم ثقافيا، يكتب بعضنا قصائد ملتهبة، تزعج الحاكم، وتقض مضجعه، لكن الوسائل المرئية مهما حفزت، ودافعت، وبرهنت على الحق، وعرّت كشوفات الباطل، وصلت إلى أسماعنا أصوات ضغيفة تئن من التحت باسم ثلة من الأكاديميين والمثقفين يستنكرون كذا وكذا، وهذه الأصوات ولو طلت على استحياء، لا تثبت قدماها إذا ما جد الجد.

    نعم قد تخرج الجماهير، وتمتطي السلطة صهوة الحدث، وتتركهم يتنفسوا الغضب، ثم لا شيء يعقب الصيحات التي باتت في واد.؛ أو قد تتعاس معهم فيجد الطفل الحجر لرمي الجيش المنحاز للباطل.

    ولا شيء يرسخ النصر ويستدعيه بقوة مثل رسوخ القدم في مواطن القومة لله والشهادة على النفس والوالدين والأقربين.

    فثقافة التغيير قد تساهم فيها الصورة، بصفة إيجابية أو سلبية؛ لكن لا تعتبر لوحدها رمز التغيير، مهما ادعاه المدعون.

    ويا وساخة من يتعرض لنقد الصالحين، فهم إن حضروا الأمر لا يحضرونه إلا شهادة لله، وقد تجد أنفاسه مكظومة والغلايان ينبعث من أنفاسه بغضا في الله، كأن طنجرة الضغط تخنق أنفاسه، ولا يخبرك مثل خبير.

    فلقد حضرت ندوات، ومحاضرات، كأن جلوسي فيها كان فوق جمر ملتهب، ولا يفوت فيها المرء الفرصة لينقض على أعداء الله ليسمعهم نفس من أنفاس غضبه وليذكرهم بالله وما قد غفلوه، لا يلفت لا لمن حضر ولا لمن غاب، كما يفعل بعضهم...

    فأنى لهذا أن يتمايل طربا، أو تنشط أعضاؤه من عقالها، وقوة الضغط تكاد تفقده صوابه؟...

    هذه هي مرايا الواقع، فأين يتجلى التغيير الذي تحدثه الصورة، إن لم يتوطد العزم على الثبات على المبدأ لاسترخاص كل غال ونفيس تحقيقا للتغيير المنشود في ظل :

    {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }التوبة122

    وهي إعداد أولي العلم والحكمة التغييرية، التي تجرف الباطل؛ ليولي دبره ويفر فراره.
    http://www.mhammed-jabri.net/

    تعليق

    • أحمد أنيس الحسون
      أديب وكاتب
      • 14-04-2009
      • 477

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة محمد جابري مشاهدة المشاركة
      الأستاذ أحمد أنيس؛


      شكر الله لك هذا الحس والوعي المزدوجين لمسار التغيير وكيف يسحب الظل البساط من تحت الأقدام؟

      قد كان بالأمس الأول من الطبيعي أن لا يلتفت للسياسة إلا بعض من تجرد لدينه، أو دفعته الدوافع إخلاصا ليد منّه.

      وكانت هناك عقبات تجلت في ذهنيات تكلست وشدها شدا عن خرق الحواجز:

      1-الذهنية الرعوية وهي ذهنية النفوس القاعدة والتي تنتظر أن تكون حطب التغيير، دون أن تحرك ساكنا، وأن يدبر غيرها لها وهي لا تقدر أن تدبر.

      2- الأنانية المستعلية أو المتمتعة، ويعوق أصحابها ما هم فيه من بدخ واستمتاع عن الحراك إلى تغيير ربما يحرمهم ما هم فيه من امتلاء وطلب المزيد.

      3- العادات الجارفة للمجتمعات المسلمة: (نظرية عدم الخروج على الإمام مراعاة لوحدة بيضة الإسلام) العادات والتقاليد في تقديم البيعة ومساندة الحاكم بأمره، أو أمر غيره وليس بأمر ربه...

      فقد حضرت مؤتمرات، وندوات، وأيام ثقافية، وطبعا لولا الدخول في بوتقة الجمعيات المرخص لها ما كان ليتم الحدث. ومعلوم أيضا، من هم منظرو ومؤطرو هذا الحدث الثقافي إلا رجالات الجامعات، بمعنى أصحاب الوعي السلوكي، والخبرة الميدانية، ولا يختم الحدث دون قراءة برقية أرسلت لسدة الحاكم بأمره.

      نتكلم ثقافيا، يكتب بعضنا قصائد ملتهبة، تزعج الحاكم، وتقض مضجعه، لكن الوسائل المرئية مهما حفزت، ودافعت، وبرهنت على الحق، وعرّت كشوفات الباطل، وصلت إلى أسماعنا أصوات ضغيفة تئن من التحت باسم ثلة من الأكاديميين والمثقفين يستنكرون كذا وكذا، وهذه الأصوات ولو طلت على استحياء، لا تثبت قدماها إذا ما جد الجد.

      نعم قد تخرج الجماهير، وتمتطي السلطة صهوة الحدث، وتتركهم يتنفسوا الغضب، ثم لا شيء يعقب الصيحات التي باتت في واد.؛ أو قد تتعاس معهم فيجد الطفل الحجر لرمي الجيش المنحاز للباطل.

      ولا شيء يرسخ النصر ويستدعيه بقوة مثل رسوخ القدم في مواطن القومة لله والشهادة على النفس والوالدين والأقربين.

      فثقافة التغيير قد تساهم فيها الصورة، بصفة إيجابية أو سلبية؛ لكن لا تعتبر لوحدها رمز التغيير، مهما ادعاه المدعون.

      ويا وساخة من يتعرض لنقد الصالحين، فهم إن حضروا الأمر لا يحضرونه إلا شهادة لله، وقد تجد أنفاسه مكظومة والغلايان ينبعث من أنفاسه بغضا في الله، كأن طنجرة الضغط تخنق أنفاسه، ولا يخبرك مثل خبير.

      فلقد حضرت ندوات، ومحاضرات، كأن جلوسي فيها كان فوق جمر ملتهب، ولا يفوت فيها المرء الفرصة لينقض على أعداء الله ليسمعهم نفس من أنفاس غضبه وليذكرهم بالله وما قد غفلوه، لا يلفت لا لمن حضر ولا لمن غاب، كما يفعل بعضهم...

      فأنى لهذا أن يتمايل طربا، أو تنشط أعضاؤه من عقالها، وقوة الضغط تكاد تفقده صوابه؟...

      هذه هي مرايا الواقع، فأين يتجلى التغيير الذي تحدثه الصورة، إن لم يتوطد العزم على الثبات على المبدأ لاسترخاص كل غال ونفيس تحقيقا للتغيير المنشود في ظل :

      {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }التوبة122

      وهي إعداد أولي العلم والحكمة التغييرية، التي تجرف الباطل؛ ليولي دبره ويفر فراره.
      أستاذنا الفاضل محمد
      أولاً كل عام وأنتم بخير بحلول رمضان الخير، وعلى الأمة الإسلامية كلها.
      سائلين الله تعالى أن يعيده علينا بظروف أجمل، ونصر مبين.
      شكراً لمرورك هاهنا، وآسف على التأخير .
      يا أخي التغيير الذي أحدثته الثورة الرقمية مصحوبة بالصورة هو أمر واقع قبلنا أم رفضنا ، اقتنعنا أم لم نقتنع، بل إن دأبنا لا نرضى بالشيء ونقبله إلى بعد أن ينسفنا، فنكون تأخرنا عن التلقي الإيجابي بعدما نالت ما نالت منا ذاكرتنا المتمسكة برفض ونبذ القادم أياً كان، أنا معك في جل ما ذكرت، لكننا لا بد من تشريح الواقع بشكل موضوعي، متى نستفيق؟ متى ندرك أن العالم يتغير وعلينا تسخير التغير لخدمة قضايانا؟ متى .. متى .. متى ..؟؟؟.يكيفنا هرباً يرسخ الهزائم كل يوم بازدياد.
      لي عودة إن شاء الله تعالى، وأشكر مجدداً حضورك الغني دوماً والذي يغني الدرس ويفيض بالفكر النيّر.
      sigpicأيها المارون عبر الكلمات العابرة ..

      اجمعوا أسماءكم وانصرفوا
      آن أن تنصرفوا
      آن أن تنصرفوا

      تعليق

      • محمد جابري
        أديب وكاتب
        • 30-10-2008
        • 1915

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة أحمد أنيس الحسون مشاهدة المشاركة
        أستاذنا الفاضل محمد
        أولاً كل عام وأنتم بخير بحلول رمضان الخير، وعلى الأمة الإسلامية كلها.
        سائلين الله تعالى أن يعيده علينا بظروف أجمل، ونصر مبين.
        شكراً لمرورك هاهنا، وآسف على التأخير .
        يا أخي التغيير الذي أحدثته الثورة الرقمية مصحوبة بالصورة هو أمر واقع قبلنا أم رفضنا ، اقتنعنا أم لم نقتنع، بل إن دأبنا لا نرضى بالشيء ونقبله إلى بعد أن ينسفنا، فنكون تأخرنا عن التلقي الإيجابي بعدما نالت ما نالت منا ذاكرتنا المتمسكة برفض ونبذ القادم أياً كان، أنا معك في جل ما ذكرت، لكننا لا بد من تشريح الواقع بشكل موضوعي، متى نستفيق؟ متى ندرك أن العالم يتغير وعلينا تسخير التغير لخدمة قضايانا؟ متى .. متى .. متى ..؟؟؟.يكيفنا هرباً يرسخ الهزائم كل يوم بازدياد.
        لي عودة إن شاء الله تعالى، وأشكر مجدداً حضورك الغني دوماً والذي يغني الدرس ويفيض بالفكر النيّر.
        الأستاذ أنيس الحسون؛
        شكر الله لك ردك الكريم، وتقبل الله منا الصلاة والصيام، وجعلنا من عباده المخلَصين، آمين وصلى الله على محمد وعلى آله.

        ليس مقتضى الأمر أن ننكر أو نعترف بما قام به الإعلام المرئي من توعية، وما استطاع نشره مما كان محتكرا بين يدي السلطات وحدها، إنما تقاس الأمور بتأثر الطبقية الواعية المثقفة، فضلا عن تحملها لأعباء الواجب، فالوعي لا يعني السكون والركون في زاوية الجامعة مثلا والاقتصار على أداء رسالة الأستاذ، وإنما الوعي إقدام في قومة صادقة لله لا تأخذ المرء فيها لومة لائم.

        فإن لم تتحرك الطبقة الواعية المثقفة، فإن خروج الجماهيرالشعبية يكون له تأثير، لكن تسحب منه البساط في المفاوضات، والحوارات...ويضحى الأحرار خونة في أعين من فوضوا لهم التحاور باسمهم...

        هذا أبسط قانون في تحمل أعباء التغيير، فكيف إذا تطلب الأمر وقفات لله لها ثمنها الباهض؟

        من هنا نخلص بأن وسائل الإعلام وحدها، وإن ساهمت في تحريك ساكن، فلا بد لها من فلسفة واعية لشحذ همم الطبقة المثقفة، هذا إذا تجاوزنا ما تكبل خدمتها من قوانين، تحاصرها من جهات شتى.
        http://www.mhammed-jabri.net/

        تعليق

        • أحمد أنيس الحسون
          أديب وكاتب
          • 14-04-2009
          • 477

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد جابري مشاهدة المشاركة
          الأستاذ أنيس الحسون؛
          شكر الله لك ردك الكريم، وتقبل الله منا الصلاة والصيام، وجعلنا من عباده المخلَصين، آمين وصلى الله على محمد وعلى آله.

          ليس مقتضى الأمر أن ننكر أو نعترف بما قام به الإعلام المرئي من توعية، وما استطاع نشره مما كان محتكرا بين يدي السلطات وحدها، إنما تقاس الأمور بتأثر الطبقية الواعية المثقفة، فضلا عن تحملها لأعباء الواجب، فالوعي لا يعني السكون والركون في زاوية الجامعة مثلا والاقتصار على أداء رسالة الأستاذ، وإنما الوعي إقدام في قومة صادقة لله لا تأخذ المرء فيها لومة لائم.

          فإن لم تتحرك الطبقة الواعية المثقفة، فإن خروج الجماهيرالشعبية يكون له تأثير، لكن تسحب منه البساط في المفاوضات، والحوارات...ويضحى الأحرار خونة في أعين من فوضوا لهم التحاور باسمهم...

          هذا أبسط قانون في تحمل أعباء التغيير، فكيف إذا تطلب الأمر وقفات لله لها ثمنها الباهض؟

          من هنا نخلص بأن وسائل الإعلام وحدها، وإن ساهمت في تحريك ساكن، فلا بد لها من فلسفة واعية لشحذ همم الطبقة المثقفة، هذا إذا تجاوزنا ما تكبل خدمتها من قوانين، تحاصرها من جهات شتى.
          نعم يا أستاذ محمد
          هنا مربط الفرس؛ لا بد من طبقة واعية ترتقي بالمهمة
          ولكن إذا كانت الثورة الرقمية أظهرت حرّاس الثقافة ليسوا إلا ممثلي لأنفسهم، ولا يمثلون ضمير الشعب، وإذا كانت قد فضحت المؤسسات القائمة على رعاية الجماهير ، وإذا فعلت هذا وذاك وعرّت الأنساق الكامنة في التفكير العربي فمن هم الطبقة الواعية؟ نخشى أن تكون طبقة كسابقتها تدعي أنها صاحبة النهضة وإذا بها أكثر رجعية ممن ادعوا تقدمية سابقاً.
          المشكلة يا أخي أن جل الثقافة العربية هي ترسيخ أو تبرير أو تغيير أيدلوجيات، وما نحتاجه البحث في بنية الثقافة العربية قبل تبيين أيديولوجيتها، البحث عن نقاط الارتكاز قبل المضي على صهوة أي أيديولوجيا، فما نشهده أمام هذا الصخب الإعلامي تزاحم الأيديولوجيات بشكل يثير التشتت والريبة والانزواء أمام عدم وضع اليد على مكامن البنية الرئيسية والمرتكزات.
          الإعلام : ليبرالي - علماني - أصولي - ....
          كلها تدعي الحقيقة وتدعي أن زمام المبادرة والنهضة عندها، فمن على صواب؟
          لو دققنا جيداً لوجدنا المشاريع النهضوية العربية الإسلامية ( تبرير - أو ترسيخ ـ أو تقييم ) أيديولوجيات، وما دمنا في نطاق الجز وراء الأيديولوجيات فما من نهضة ترتجى أمام هذا التشتيت المسمى ( ثقافي ).
          إن الإعلام بيد سلطات مالكة له، ولا يوج إعلام حر مهما ادعى ذلك، أغلب الإعلام العربي امتهن مهمة المحامي عن الطاغوت، فأين هي الطبقة الواعية؟ ومن هي ؟ بعدما فقد الشعب الثقة بالعالم والتفت إلى الإعلام المسلي ، ومعه تزداد المشكلة، ويزداد التغييب والتسطيح.
          أرى : أنه لا بد من نبش بنية الثقافة العربية لا لإعادة ترميمها كما يدعي البعض بل لإعادة بنائها بعدما نكون تغلغلنا للعمق وتركنا الدوران حول السطح والادعاء بأننا منقذوا البشرية، وهذا الالتفاف هو محرض للتأخر عن الأمم التي نلعنها من الأسفل، فيكاد الصدى أو لا صدى يتبعثر هنا وهناك بازدياد الهزائم والانحلال والجهل الذي يكتسح أكثر من ثلثي العالم العربي الإسلامي.

          ودمت بخير أخي محمد.
          sigpicأيها المارون عبر الكلمات العابرة ..

          اجمعوا أسماءكم وانصرفوا
          آن أن تنصرفوا
          آن أن تنصرفوا

          تعليق

          • منجية بن صالح
            عضو الملتقى
            • 03-11-2009
            • 2119

            #6
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            لعل الإشارة إلى فصل أو أربعة من الكتاب قد تبدو مبتورة مالم يعززها القاريء بدوره الأهم في عملية القراءة لكتاب تحدث عن المجاز المتوحش والتأويل المنحاز، والخوف من الصورة، ومتعة الرعب التي برز فيها الذكر أكثر من الأنثى، وستظهر الصورة والاستبداد من خلال رسم الوجه والملامح، وسيعرّج التشريح على اللباس بوصفه لغة وصورة ثقافية لها دلالتها كأي نص له أيديولوجيته، ومادة لصراع النظريات ، وقد تناول الكتاب التلفزيون والتأنيث عبر هذه الصدمة الثقافية ببروز المرأة على الشاشات بعدما كانت لاتتعدى الوجود في قصيدة شاعر أو لوحة فنّان، وسيظهر – عبر هذا المدّ النسائي – الشبان على هيئة الفتيات في اللباس والموضة، وفي نبرة الصوت، وستجري محاكاة هذا النموذج الأنثوي لدى شبان كثيرين بعد تأنيث الصورة التلفزيونية إلى درجة تصل إلى أن يقوم أحد الشبان بعملية تجميل للتشبّه بأنثى مميزة ومشهورة على الصورة ضمن قوانين ولعبة هذه الصورة، وتناول الكتاب أيديولوجية الصورة والإرهاب بوصفه صورة نسخت ماقبلها من صور، وبدت المصدر التأويلي لكل مابعدها خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث صارت تترجم كل عناصر الهيمنة الثقافية والبصرية تحديداً، وهكذا أراد لها أن تكون صانعو الصورة الناسخة بعد أن خططوا وأخرجوا وأنتجوا بطريقة تضاهي أقوى أنواع الإخراج السينمائي في هوليوود، ولا شك أن نظرية الثقافة البصرية والتأثير البصري من أهم عناصر هذا التخطيط الإرهابي، وستوظف أمريكا هذه الصورة توظيفاً أقوى في صورة أقوى وأكبر من السابقة عبر لعبة الإخراج والمونتاج من خلال تصوير البرجين اللذين سيصبحان حدثاً عالمياً وصورة كونية تنسخ ماقبلها من صور وتعيد كتابة التاريخ، ومعها تتبدل اللغة والمصطلحات، وكل ذلك عبر هذه الصورة المتوحشة، وأول مصطلح ستقذفه الصورة هو " الإرهاب " ، وبعد نسخ الصورة السابقة سيحيل إلى صورته الحالية، وبذلك نجح طرفا اللعبة ( الإرهابيين وأمريكا ) في حصر التفكير اللغوي ضمن حدود هذه الصورة، وفي حدودها انهزم العقل والتفكير وعجزا عن مضاهاتها، وكُتب سجل جديد وتفكير سياسي وإعلامي وثقافي، ومن خلال إدراك الإرهاب لقوة تأثير الصورة البصرية استغلّ خصمه نفس السلاح باستراتيجية أقوى وأشمل، ولم يبق على الناس إلا التسليم بشروط هذه اللعبة بعدما انهزم العقل والتفكير.
            لقد تحدث الكاتب عن منطق التأويل ونحو الصورة وحرب النجوم، ليختم الكتاب بالصورة بوصفها نسقاً ثقافياً عبر ثنائيات ، التورية الثقافية ، التأنيث والتفحيل ، التعري والتحجب ، الفتنة والعفة ، النخبوي والشعبي ، الغزو الفكري والغزو المضاد. وكل ذلك جاء عبر تشريح لثقافة الصورة التلفزيونية التي أكدت سقوط النخبة وبروز الشعبي المهمّش، وانطوت على ألاعيب ثقافية ونسقية تعيد النسق القديم المتجذّر.
            وإن كنا نختلف مع الكتاب قليلاً أو كثيراً إلا أنه جاء محاولة لرصد الصورة المندّسة في كل أرجاء المعمورة عبر فكر تأويلي، وتفكيك ثقافي، ووضع القاريء العربي أمام هذه اللعبة، وهذه الصدمة الثقافية التي غيّرت من أصول اللعبة والإخراج والمونتاج والسيناريو إلى البث التوصيلي الحي، متسلحة بأعتى وأشدّ أنواع السلاح .... ( الصورة التلفزيونية ).


            الأديب القدير أحمد أنيس الحسون

            مقال ثري جدا فيه الكثير من النقاط التي يجب التوقف عندها و مناقشتها للتوصل إلى ما يمكن أن يكمن فيها من أهمية
            رصد الظاهرة و قراءتها شيء جميل جدا يضعنا على طريق الحل الذي لا يمكن أن نجده و نحن نقف عند نقطة الإنطلاق بل يجب أن نكمل المشوار حتى نتوصل إلى ما بعد الظاهرة و ما هو المطلوب لتجاوز الموجود بسلبياته المتواطئة مع فكر معين والذي ليس بصديق بل عدو شرس له أدواته الخفية و المعلنة
            أما النقطة الثانية و التي أردت إثارتها هو منطق الفكر الشعبي و النخبوي لماذا وصلنا إلى هذا التقسيم ؟ و الجواب التلقائي هو السياسي الذي أفرز هذا الوضع و أقول إذا كان هذا صحيح جزئيا فنحن كأفراد و كجماعات نتحمل القسط الأكبر من المسؤولية لأننا قبلنا ما فرضته علينا السياسة و كرسناه في معاملاتنا اليومية و في تفكيرنا الذي يحدد سلوكنا مع بعضنا البعض النخبة مع النخبة أو النخبة مع الشعب هناك قطيعة بين طبقات المثقفين و عدم تواصل من شأنه أن يلغي الآخر ولا يبني مجتمعا و لا مؤسسات و لا فكر و لا أمة بل يرسخ التفكك و التشرذم

            مع تحياتي و تقديري
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


            تعليق

            يعمل...
            X