أشرعة الحرية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أملي القضماني
    أديب وكاتب
    • 08-06-2007
    • 992

    أشرعة الحرية

    وتبقى أشرعة الحرية


    أمضت سنوات عمرها الاولى برغد العيش...كانت رائعة الجمال، كفراشة ملونة ،ترفرف بأجنحتها على قلوب أهلها، ومحبيها ودودة، لطيفة، قادها الزمن الى رجل في غير موطنها، سكن الحزن فؤادها، وسألت نفسها لماذا ، وكيف وافقت عليه؟؟
    ترى أهو النصيب والقدر كما يقولون؟ لم تكن واثقة من إمكانية الصمود والبقاء، لم تكن تتحمل الفراق، فكرت كثيرا بالعودة من حيث أتت، "فجأة" إشتعلت الحرب، وإنفصل القدر عن القدر
    شفّ قلبها حزنا على بلادها، نسيت نفسها، قويت نظرتها للحياة، ضجت حياتها بمعان مختلفة، رفض، مقاومة، تصدي لغريب أحتل أرضها.....
    كانت نائمة في أواخر الليل، خبط عنيف على الباب، صوتا هادرا يقول، "افتحوا" فتحت الباب، كانت بقميص النوم، كانوا مجموعة يحملون السلاح، يرطنون بلغة غريبة



    خاف الاطفال وإرتعبوا، وتلاصقوا ببعضهم، أعتقلوا زوجها، عصبوا عينيه، وكبلوه بالاغلال.....جلست غاضبة.
    ترى؟ ما هي فاعلة؟؟
    أطفالها لا زلوا صغارا، همست، غدا سابدأ حياة جديدة، سأشمر عن ساعد الكد، والجد، أختلست النظر لاطفالها الاربعة، إنهم ما زالوا صغار، راحت تذرع الغرفة جيئة وذهابا، أحست بشموخ، وكبرياء، هذا الوطن علينا حمايته والدفاع عنه، لن أضعف كلنا فداه...طلع الصباح، تراءت الانوار عبر زجاج النافذة لماعة براقة، لا زالت تحتضن أطفالها، ضربات خفيفة على الباب، أكيد انهم جيراني قالت في سرها ونهضت، ألباب لا زال مفتوحا،"دخلوا"كلمات، مجاملات، مصطلحات خاصة لهذه المناسبة، الله (بِيهوِنْها)، سنكون بجانبك،نحن أهلك، (لكنها كانت تقول في سرها سأشمر عن ساعد الكد، والجد )الرد بأدب ولطف من ضرورات اللياقة، لكن رصيدها الكلامي بتلك الليلة كان ضئيلا، كل الذي كان في رأسها هو، أنها ستكون على قدر المسؤولية، ولن تضعف.كل ما ترجوه هو تطهير هذه الارض من مغتصبيها، قالت مخاطبة ذاتها،(هناك على برج قيادة الحياة، تختبر القوة)....مضت حياتها متأرجحة كسفينة مشرفة على الغرق، تلعب بها الرياح العاتية، لم تعش من قبل عواصف، ولم تتنشق هواء ثقيلا مالحا..
    لم تمتلك ناصية اللغة بعد لتعبر عما يضطرب في أعماقها، فقط عرفت انها الان ذات مناعة ضد الضعف، هناك بعضُ من مشاعر متوحشة تلف قلبها، الذي يخفق متقلبا على هواء الرادارات المختلفة....أسرعت لاحتضان أطفالها من جديد، فهم لا زالوا صغارا،( ستحدثهم عندما يستيقظون عن أبيهم المناضل ورفاقه)وعن وطنهم السليب وواجب الدفاع عنه، وأنقضّت على رأسها المثقل كتلة هائلة، من شظايا أفكار متعددة، ( أكيد هناك عاصفة اّتية، ومواجهه صعبة مع قوات الاحتلال)....ظهرت الشمس وظهر معها قوس قزح، بعض الغيوم تتراقص، وتترنح، الفضاء بين السماء والارض أصبح صغيرا جدا، رفرف طائر أسود فوق رأسها، توترت أعصابها وانشدّت كاوتار الكمان...فتحت ( الراديو) فسمعت: في الساعة الثانية بعد منتصف الليل داهمت قوات العدو، المدججة بالسلاح العديد من بيوت البلدة واعتقلت أصحابها بتهمة مقاومة الاحتلال.
    الحياة، الوجود، الماضي، الحاضر، المستقبل، الوطن، الهزيمة، المقاومة، كل هذا دار برأسها الصغير..... زارها أصدقاؤها الطيبون، لديها أصحاب نادرون، يملكون كمية كبيرة من الطيبة، والاستعداد للمساعدة، هي تملك أيضا هذه الصفات، لكنها تخجل عندما يقدمها أحد لها، وتشعر بالارتباك الخفي بسببها.
    كا ن ضابط السجن ذو وجه مجعد، وجسم ممتليء، قصير القامة، ذو ضحكة ساخرة، الشيطان وحده كان يعرف بماذا يفكر، لماذا يصرعنا بهذه الضحكة القبيحة؟؟ حدثت نفسها، كانو هناك أمام باب السجن الحديدي ذوي المعتقلين ، كانوا يحملون ما تيسر من أمتعة، وما يسمح بدخوله، كان الشوق الكبير، والحنين المكتوم، للأحبة يلامس شغاف قلوبهم جميعا، حدقت هي بالارض وكأنها تراها لاول مرة، أنها تبدو أكثر جمالا وإشراقا، وخطوطها أكثر حدة، سألتها؟ أيتها الارض الطيبة، ماذا تريدين منا؟؟ وماذا تترقبي أن نعطيك؟؟؟ اجابتها : أنّ هذا الحب، والحنان، الذي يكبر ويتعاظم في قلوبكم لأبنائكم، وأزواجكم، هذا العطاء ذاته أنه لي وهو ما يزيدني، بهاء وجمال، بوركتم.
    أعادها من شرودها صوت الحارس ينادي بالاسماء، بصوته الحاد الذي يشبه قرقعة التنك، (فلان) إدخل، (فلانه) تعالي، وعندما يعبرون الباب الخارجي للسجن، تخفق القلوب وتغادر أماكنها،هؤلاء الاحبة يلوحون بايديهم ، من خلف قضبان زنا زينهم، ويرسمون شارة النصر، (يا لهم من صناديد،) لقد رأووهم، نعم اليوم يعرفون إنه يوم الزيارة،فتشوا أمتعتهم بدقة وإذلال، فتشوا أماكن حساسة من أجسادهم، مما زاد شعلة القهر في قلوبهم،
    وصلت ومن معها لغرفة الزيارة، هناك توقف الزمن، وباتت الأرواح ترقص تلك الرقصة الرهيبة التي تعكس الدرجة العليا من عدم تحديد المشاعر، وإنضباطها، ولا يمكن أن تقرأ النظرات، أو تفهم الهمسات، والتنهدات، المشتعلة في الصدور، نعم فخلف الغيوم العاصقة، يهدر الرعد، لكن الحنين للحرية، وأشراقة العشق للوطن تكبر مع المعاناة، وغنوا مع المعتقلين الابطال....


    أتعذب في
    زنزانتي
    أتقلب على جمر
    وحدتي
    أشتاق لبيتي
    وأسرتي
    لكنك يا
    وطني
    الغالي يا
    عشقي
    تضيء قمرا
    وتشع
    نجوما
    تتلألأ في ظلام
    سجني
    ودفئا في صقيع
    جدران زنزانتي

    أملي القضماني
    مجدل شمس / الهضبة السورية المحتلة
  • د. جمال مرسي
    شاعر و مؤسس قناديل الفكر و الأدب
    • 16-05-2007
    • 4938

    #2
    أيتها المناضلة بقلمك السيف أملي قضماني
    كنت أقرأ قصتك و أتخيل أحداثها بلل و أعيشها مع هؤلاء الأبطال الصناديد الذين ضحوا براحتهم و سعادتهم و دمائهم من أجل أوطانهم و على رأسهم بطلة القصة بصبرها و قوة تحديها و إصرارها أن تكون قدر المسئولية حفاظا و دفاعا عن الوطن الغالي الذي نذرت نفسها له .
    قصة جميلة و واقعية أخت أملي فقط كان يلزمك مراجعة بعض الأخطاء الكيبوردية التي عنت لي لتكتمل حلاوة القصة
    أهلا بك تنشرين عبير حرفك في كل مكان
    مودتي و تقديري
    أخوك أبو رامي
    sigpic

    تعليق

    • على جاسم
      أديب وكاتب
      • 05-06-2007
      • 3216

      #3
      السلام عليكم

      اختي الكريمة املي

      وانا اطالع هذه القصة تذكرت زنزانتي في المعتقل الامريكي

      وكيف كانت مشاعري
      نعم والله كانت تحمل نفس بصمات هذه المشاعر من الاشتياق واللهفة للبيت والاهل

      زادكِ الله بسطة في العلم والعمل اختي

      تشكرات
      عِشْ ما بَدَا لكَ سالماً ... في ظِلّ شاهقّةِ القُصور ِ
      يَسعى عَليك بِما اشتهْيتَ ... لَدى الرَّواح ِ أوِ البكور ِ
      فإذا النّفوس تَغرغَرتْ ... في ظلّ حَشرجَةِ الصدورِ
      فهُنالكَ تَعلَم مُوقِناَ .. ما كُنْتَ إلاََّ في غُرُور ِ​

      تعليق

      • عبلة محمد زقزوق
        أديب وكاتب
        • 16-05-2007
        • 1819

        #4
        أختي الأديبة أملي القضماني
        بارك الله في المداد الذي خط لنا تلك الصورة الحية بكل ما تحمله من معاناة أهلينا بأرض دنسها غشيم اليد والبصر وطهرتها دماء زكية وأرواح تتلألأ ليبعثان الدفء بين أوصال الوطن بحمية الدم والزود عن عرض وتاريخ هذا الوطن.
        وبارك الله في فكرك الطاهر الصامد أختاه

        تعليق

        يعمل...
        X