إصعـَـديْ إلى قـَـلـبي
د. نديم حسين
( مهداة إلى المُعْتاشينَ على غـِيابـِها )
( 1 )
هْـوَ لـنْ يُصَلـّي مُنـْذُ هذا اليومِ ... يَومًا
لنْ يُداري مُنذ ذاكَ الـَّلَومِ ... لـَوْمـًا
لنْ يُدَلـّي خَلفَ سُـوْرِ النَّومِ ... نَـوْمـًا
في وِجارٍ من كلامْ !
كُـلُّ الـَّذي أَحياهُ ثـَقـْبُ رَصـاصةٍ
هـذا الرصاصُ الـحَـيُّ يُـحـْيـي
ثـُمَّ يـُحـْيي ... أَو يـُميـتْ !!
بـَعـضُ الـّذي أَرداهُ شـَوقُ رُفاتـِهِ
لـِتـَسَـلـُّقِ الـحَيـّاتِ بـَعْـدَ وَفـاتـِهِ
جـُدرانَ قَـَلـْبٍ مـُسـْتـَميـتْ !!
يا أَيـُّهذا الوَرْدُ يـُولـَدُ مِنْ مَـصيـرْ !
هـِيَ بـُحـَّةٌ قـَدْ تـَعْـتَريْ هـذا الـزَئيرْ !
وَوِجـارُ هـذي الـذ ِئْبةِ الحَمْقاءَ جارُ وَريْدِكَ العاليْ
إذًا ،
سَيُثَرثِرُ الشُعراءُ بعضَ خَيالِهـِمْ
بَعْضُ الكلامِ كـَجـِلـْدِ أَجْسادِ الحَريرْ !
هـذا الكلامُ مُـرَفـَّهٌ أَو مُـتـْخـَمٌ ،
شَـحّـادُ تَصْـفيق ٍ نـَحِـيْل ٍ بَيْنَ جُدران ِ العَـواصـِم ِ ،
يُقـْنِـعُ الـْبـُلدانَ إلاّ غـَزَّة ً !!
رَفـَحٌ تُعِـدُّ لِطِـفـْلِها عُـرْسـًا وَبيـْتـًا
يَعْـتـَريْـهِ كـَسُـكـَّر ٍ طـَعْـمُ الـمـَبيـتْ !!
فـَوقَ الرُكام ِ وتحتهُ ، سـِيـّان ، أو جوْفَ الرُكامْ !
رَفـَحُ الحياةِ بعيدة ٌ ثـَغـْرَيْن ِ عن تـَرَف ِ الكلامْ !
شـُغِـفَ الألي شُغِـفوا بـِعـُرْي ِ غـِيابـِها
فإذا نأتْ عن طَـَبْع ِ ألـْف ِ قتيلة ٍ
وإذا أصابتـْها الحياة ُ ، أو القميصُ أصابها
حـَضَرتْ ليندثروا فـَرادَى في الزِحام ْ !
وتـَراهـُمو صَـلـُّوا لكاهـنةِ الظلام ِ
لكي تـَؤُؤبَ إلى المنام ْ !
يا سيـّديْ :
لـمْ تنتصرْ هذي البلادُ بِحَـدِّ حِـبـْرِكَ مـَرَّة ً
لـمْ تنتصرْ !
فقِلاعُ عسْـكـَرِكَ " النـَشامَى " اسـتـَسْـلمَتْ للعـنكَبوتِ ،
حُصُونهـمْ أمـْسَـتْ بيوتا ً للدَّعارهْ
ماذا ستـنفـَعـُها البلاغة ُ والإعارهْ ؟
لـمْ تنتصـِرْ بسِهام ِ فـَكـِّـكَ مَـرَّة ً
لـمْ تنتصِـرْ !
لـمْ تنتصـِرْ إلا ّ إذا نـَثـَرتْ شـُحوبَ شهيدِها وَرْدا ً
زُنود ٌ تـَحـْتـَضـِرْ !
لـمْ تنتصرْ هذي البلادُ صديقنا ،
إلا ّ بـِمـَن شَرِبوا الغـُبارَ عن الأزقـَّة ِ ، فارْتـَوتْ !
وتمرَّغوا في سـِرِّها البوّاح ِ إنْ نـَطـَقَ الشَهادة َ أو صـَمَتْ !
لـمْ تنتصِـرْ إذ ْ أطـْنـَبوا المَـطـّاطَ َ ،
والـَّـلغـْـوَ الكـَبيرَ مـَدائـِنـًا ،
وَمـَدائِنُ المـَوتى على المَوتى تـَعـيشُ وتـَخـْتـَصِـرْ !!
( 2 )
كَمْ تَبْعـُدُ الأفـْواهُ عن زنـْدِ الكلامْ ؟
كَمْ تَبْعـُدُ الأُمَمُ المُسِنَّةُ عن صِـبا هـذا الحُسامْ ؟
كَمْ يَبْعـُدُ اللَغط ُ الزَبيبيُّ المُحَـلـَّى ،
عن جَـسَدٍ حَـقـيقيٍّ وعن طِفـْل ٍ شَـقـيقِيٍّ
وعن زفراتِ أُمٍّ ثاكل ٍ :
يا راحِـليْ وبَـعِيْديْ !
أَبْلِغْ سَلامي أُمَّـة ً مَنـْفِـيَّة ً خَـلـْفَ الوِحامْ
سَلـِّمْ على أحْيائِـها
وعلى الذينَ تَـزاحَموا قـَبـْلَ الشَهادَةِ ،
في صُفوفِ صَلاتِـهـِمْ خَـلـْفَ الإمامْ !!
بَينَ الصَّفيح ِ ، من الصَّفيح ِ ،
قتيلة ٌ تـَنـْخو الذينَ تدافعوا يومَ المعاركِ ،
بينَ سِـلـْم ِ رصاصتين ِ تـَوازَتا ،
ليُعاشِروا نـَبـْضًا حليمًـا حاسِمًـا !
تَنْخوهُمو :
هذا " الأَمامُ " ، إلى الأَمام ِ ، إلى الأَمام ْ !!
قـُلْ ليْ إِذًا :
كَمْ تَبْعـُدُ الخَيماتُ عن قـَدَم ِ اللئامْ ؟!
كَمْ يَبْعـُدُ الفـِعـْل ُ المُضارِعُ عن أقاليم ِ الكلامْ ؟!!
وطنٌ بِخَط ِّ " الرُقعةِ " النـَظـَرِيِّ خَطـُّوا ظِلـَّهُ
ليُصيبَهُم مَجْـدُ القذى
وخُروجـُهُ من ظِلـِّهِ مِمْحاتُهُ !
هوَ " فِكْرَة ٌ" دَرَّتْ عليهمْ مَكْرَهـُمْ وَثرَاءَهُمْ
وهو الفـقيرْ !!
فـَلـَهُمْ سَجاجيدُ المنابر ِ طالما اعْتـَنـَقَ الحَصيرْ !!
كَمْ أَسْلَـَموهُ إلى غِـناءٍ مُقـْعَـدٍ
كَمْ ساوَموهُ على كِـيان ٍ مُبـْعَـدٍ
يا سادَتي ،
وطنيْ أنا من لـَحْم ِ شَعـْبٍ غاصَ في وَجَع ِ الدَم ِ !
أَلـَمٌ غـَفا في قلبهِ المُتألـِّم ِ !
هو بَسْمة ٌ وصُراخُ أطفال ٍ وأوْحال ٌ وأشجارٌ وأرضٌ ههنا !
قـُومُوا اعْمَلوا لأراكـُمو !
قالتْ لهمْ ،
لكنـَّهُمْ كـَسَروا الشَفاعَة َ عِندما أفـْشَتْ بأِسْراها الخِيامْ !!
( 3 )
بَعـْدَ السماءِ سماؤُهـُمْ !
قـَبْلَ الجحيم ِ جحيمُهُمْ !
وجزيْرة راحَتْ تُعادي البحرَ ، تَشْرَبُهُ
ليُغـْرِقـَها التَماديْ يَوْمَ جُنَّ حَـليمُهُمْ !
فـَلْتَنْقـُلي تَغـْريبَتي ومَحَبـَّتي لِحَليْمَةٍ !
لا بأسَ ،
زاداً ، راية ً اُخرى وثـَوْبًا ، قـُبْلة ً وشَطيْرَة ً !
وظِلالَ ماءٍ إنْ كبا غـَيْميْ
وأجنحة َ الملاكْ !
ولـْتَنْقـُلي تَسْبيحَتي ، بعضَ الحليبِ ،
رغيفَ غـَيْبيْ ،
أَو وُجوديْ _ دُونَ أنْ أدريْ _ هُـناكْ !!
( 4 )
إصْعَديْ إلى قلبيْ !
سَأنْزِلُ عِنْدَ رغبَتِكِ الأخيرَةِ بَيْتـًا فاغـِرَ البابَيْن ِ _
بابٌ نحْوَ الخَيْمةِ التي تَليْ ،
وآخَرٌ إلى بقايا مَنْزِليْ !
فمتى يذوبُ عـن الأزِقـَّةِ كُـلـِّها ثلـْجُ الغِـيَابْ ؟
&&&
إصعَديْ إلى قلبيْ لتبقـَي سَـيِّدَهْ !
حَنينُها في صِحَّةٍ طـَمُوحةٍ وجـَيِّدهْ !
جوعُ القلوبِ إلى الحنين ِ رغيفـُنا ،
والنبْضُ يُوْدِعُ كِسْرَة ً أطـْباعَهُ ،
وما تُغـِيْث ُ كِسْرَة ٌ
ولا تَسُـدُّ رَمَقَ الأرضِ الزُنودُ المُقـْعَدَهْ !!
إصْعَدي إلى قلبي لتَبْـقـَيْ سَـيِّدَهْ !
إصْعَدي إلى أيِّ شـَيء ٍ بَـعْـدَنا
لا قاعَ بَعْـدَ القاع ْ !
لا قاع َ تَحْتَ القاع ِ يا بـِنْتَ الوجودِ سِوى
" تـَرَف ِ" الضَياعْ !!
لا قاعَ بَعـْدَ القاع ِ إلا ّ ما تَبـَقـّى مِنْ كِلـَيْـنا !
قـَصِيْدة ٌ عادَتْ وأرْضٌ هاجَرَتْ
وَتَدافـُع ٌ صَوْبَ الشـِّراعْ !!
لا أَرْضَ تَـحْتَ القاعْ !
إلا ّ ظِلالُ فـَنارِكِ الأعْمى
وَحُطامُ ألـْفِ سفـينةٍ يَرْتَدُّ عنْ صَلـْبيْ إلى صَلـْبيْ !
قـُومِي اصْعَديْ قـَلـْبا ً إلى قلبيْ !!
ولـْتَسْقـُطيْ كنجمةٍ مَفـْقوءَةِ الضياءِ عنْ سَرْج ِ السَماء ِ !
ولـْتَمْسَحي الثلجَ المُسِنَّ والريحَ المُريبَةَ
عنْ وَجْـهِ الشـِتاء ِ !
وفـَصِّلي قـَدَما ً تـَليْقُ بِخَيـَّال ِ الحـِذاء ِ !
فأنا المُمَـزَّقُ بينَ زوجتين ِ، سَيـِّدَتيْ !
هلْ تمْسَحِينَ عنْ جَبينيْ مُستَحيلاتِ النساء ِ ؟!
بـَعْدَ أنْ يـَذوي الشَبابْ ؟
&&&
تَـكلـَّمي لأراك ِ عَنْ بُـعْـدٍ
واصمتيْ ليَموتَ مَوتـُك ِ في فـَميْ
وافـْرَحيْ وَتألـَّميْ
تُعـَذِّبينَ ليلتيْ
تُوَبـِّخينَ نـَخْلتيْ
وتأكـُلينَ " لامَ " تَمْرَها كالأحْرُفِ الشَمْسِيـَّهْ !
ثـَمِلٌ حَـيُّ العبيدِ ببُؤْسـِهِ !
وَأنا " أناكِ " ، كَـظِلِّ عُـصْفور ٍ عـِظاميْ
ناميْ ، إذًا ، على سَطـْح ِ السَّلام ِ لِـكي تَـناميْ
ما وَسَّـدَتْ تَعَبيْ شَعائِرُ " أَخْـبَـل ٍ" !
هلْ تأكُـلِينَ بَـعْدَ خُبْز الأبجَدِيـَّةِ أبْدانَ الكَلام ِ ؟
لا بـُدَّ لِلـَّهيبِ مِنْ حِفـْنـَةِ ريْح ٍ .. والطـَّقـْسُ بَخيل ْ !
اُوْبـِيْ إِذًا ، إلى صَحْويْ وَنامِـيْ !
فالمَوْتُ قِمَّـة ُ الإدْراك ِ .. آخـِرُ قِـمَّةٍ !!
قـُوميْ تَأنْـسَنِيْ ثـُم َّ اصْعَديْ !
لا قاعَ بَعْـدَ الـْقـِمَّةِ الدُنْيا .
قـُوْمي اصْعَديْ إلى قلبيْ
ليَقـُومَ مِنْ دَمـِهِ الإيابْ !!
&&&
قـُوْمي اصْعَديْ إلى قلبيْ
ليَصْعـَدَ الشُّعَراءُ والفـُقراءُ والحُكَماءُ ،
إلى مَقاماتِ التَعَفـُّر ِ في غُبارِكْ !
إلى اسْتِحْمام ِ ليْـل ٍ دامِس ِ الخَطايا في نَهارِكْ !
قـُوْمي اصْعـَديْ إلى قلبيْ وَصِيريْ مـِنْ لـَحْم ٍ
وخَيْماتٍ وَدَم ْ !!
في ظـِلِّ مِئْذنة ٍ حَرامٌ أنْ تناميْ !
في ظـِلِّ إشْراقيْ حَرامٌ أنْ تَغـِيبيْ في مَـناميْ !
وحِينَ يُشْرِقُ فـَوْقَ صَفـِيْحِك ِ الدافيْ " بـِلالْ " ،
يَنْضُج ُ التِينُ ويَغـْرُبُ الموتُ ويَـنْطـِقُ الحَجَرُ
ويَنْهَضُ " اليَقـْطِيْنُ " في شَغـَفِ المُصَلـِّي ،
فـَلا يَصِح ُّ سِوَى الحَلالْ !
هـُوَ ذا يُصَـلـِّي منذ ُ هذا اليَوْمِ يَوْمِيًّا .
قـُوْمـِي بـِنا نُصَلـِّي !
قـُوْمـِي بـِنا نُصَلـِّي !
أنْـتِ الـتي دَوْمـًا يَطولُ رَحيْلـُها
فمِنَ القـُلوبِ إلى التـُّرابْ .
ومنَ العُيون ِ إلى التُّـرابْ .
قـُوْمِي إذًا ،
قـُوْمِي .. بـِنا .. نُصَلـِّيْ !!!
د. نديم حسين
( مهداة إلى المُعْتاشينَ على غـِيابـِها )
( 1 )
هْـوَ لـنْ يُصَلـّي مُنـْذُ هذا اليومِ ... يَومًا
لنْ يُداري مُنذ ذاكَ الـَّلَومِ ... لـَوْمـًا
لنْ يُدَلـّي خَلفَ سُـوْرِ النَّومِ ... نَـوْمـًا
في وِجارٍ من كلامْ !
كُـلُّ الـَّذي أَحياهُ ثـَقـْبُ رَصـاصةٍ
هـذا الرصاصُ الـحَـيُّ يُـحـْيـي
ثـُمَّ يـُحـْيي ... أَو يـُميـتْ !!
بـَعـضُ الـّذي أَرداهُ شـَوقُ رُفاتـِهِ
لـِتـَسَـلـُّقِ الـحَيـّاتِ بـَعْـدَ وَفـاتـِهِ
جـُدرانَ قَـَلـْبٍ مـُسـْتـَميـتْ !!
يا أَيـُّهذا الوَرْدُ يـُولـَدُ مِنْ مَـصيـرْ !
هـِيَ بـُحـَّةٌ قـَدْ تـَعْـتَريْ هـذا الـزَئيرْ !
وَوِجـارُ هـذي الـذ ِئْبةِ الحَمْقاءَ جارُ وَريْدِكَ العاليْ
إذًا ،
سَيُثَرثِرُ الشُعراءُ بعضَ خَيالِهـِمْ
بَعْضُ الكلامِ كـَجـِلـْدِ أَجْسادِ الحَريرْ !
هـذا الكلامُ مُـرَفـَّهٌ أَو مُـتـْخـَمٌ ،
شَـحّـادُ تَصْـفيق ٍ نـَحِـيْل ٍ بَيْنَ جُدران ِ العَـواصـِم ِ ،
يُقـْنِـعُ الـْبـُلدانَ إلاّ غـَزَّة ً !!
رَفـَحٌ تُعِـدُّ لِطِـفـْلِها عُـرْسـًا وَبيـْتـًا
يَعْـتـَريْـهِ كـَسُـكـَّر ٍ طـَعْـمُ الـمـَبيـتْ !!
فـَوقَ الرُكام ِ وتحتهُ ، سـِيـّان ، أو جوْفَ الرُكامْ !
رَفـَحُ الحياةِ بعيدة ٌ ثـَغـْرَيْن ِ عن تـَرَف ِ الكلامْ !
شـُغِـفَ الألي شُغِـفوا بـِعـُرْي ِ غـِيابـِها
فإذا نأتْ عن طَـَبْع ِ ألـْف ِ قتيلة ٍ
وإذا أصابتـْها الحياة ُ ، أو القميصُ أصابها
حـَضَرتْ ليندثروا فـَرادَى في الزِحام ْ !
وتـَراهـُمو صَـلـُّوا لكاهـنةِ الظلام ِ
لكي تـَؤُؤبَ إلى المنام ْ !
يا سيـّديْ :
لـمْ تنتصرْ هذي البلادُ بِحَـدِّ حِـبـْرِكَ مـَرَّة ً
لـمْ تنتصرْ !
فقِلاعُ عسْـكـَرِكَ " النـَشامَى " اسـتـَسْـلمَتْ للعـنكَبوتِ ،
حُصُونهـمْ أمـْسَـتْ بيوتا ً للدَّعارهْ
ماذا ستـنفـَعـُها البلاغة ُ والإعارهْ ؟
لـمْ تنتصـِرْ بسِهام ِ فـَكـِّـكَ مَـرَّة ً
لـمْ تنتصِـرْ !
لـمْ تنتصـِرْ إلا ّ إذا نـَثـَرتْ شـُحوبَ شهيدِها وَرْدا ً
زُنود ٌ تـَحـْتـَضـِرْ !
لـمْ تنتصرْ هذي البلادُ صديقنا ،
إلا ّ بـِمـَن شَرِبوا الغـُبارَ عن الأزقـَّة ِ ، فارْتـَوتْ !
وتمرَّغوا في سـِرِّها البوّاح ِ إنْ نـَطـَقَ الشَهادة َ أو صـَمَتْ !
لـمْ تنتصِـرْ إذ ْ أطـْنـَبوا المَـطـّاطَ َ ،
والـَّـلغـْـوَ الكـَبيرَ مـَدائـِنـًا ،
وَمـَدائِنُ المـَوتى على المَوتى تـَعـيشُ وتـَخـْتـَصِـرْ !!
( 2 )
كَمْ تَبْعـُدُ الأفـْواهُ عن زنـْدِ الكلامْ ؟
كَمْ تَبْعـُدُ الأُمَمُ المُسِنَّةُ عن صِـبا هـذا الحُسامْ ؟
كَمْ يَبْعـُدُ اللَغط ُ الزَبيبيُّ المُحَـلـَّى ،
عن جَـسَدٍ حَـقـيقيٍّ وعن طِفـْل ٍ شَـقـيقِيٍّ
وعن زفراتِ أُمٍّ ثاكل ٍ :
يا راحِـليْ وبَـعِيْديْ !
أَبْلِغْ سَلامي أُمَّـة ً مَنـْفِـيَّة ً خَـلـْفَ الوِحامْ
سَلـِّمْ على أحْيائِـها
وعلى الذينَ تَـزاحَموا قـَبـْلَ الشَهادَةِ ،
في صُفوفِ صَلاتِـهـِمْ خَـلـْفَ الإمامْ !!
بَينَ الصَّفيح ِ ، من الصَّفيح ِ ،
قتيلة ٌ تـَنـْخو الذينَ تدافعوا يومَ المعاركِ ،
بينَ سِـلـْم ِ رصاصتين ِ تـَوازَتا ،
ليُعاشِروا نـَبـْضًا حليمًـا حاسِمًـا !
تَنْخوهُمو :
هذا " الأَمامُ " ، إلى الأَمام ِ ، إلى الأَمام ْ !!
قـُلْ ليْ إِذًا :
كَمْ تَبْعـُدُ الخَيماتُ عن قـَدَم ِ اللئامْ ؟!
كَمْ يَبْعـُدُ الفـِعـْل ُ المُضارِعُ عن أقاليم ِ الكلامْ ؟!!
وطنٌ بِخَط ِّ " الرُقعةِ " النـَظـَرِيِّ خَطـُّوا ظِلـَّهُ
ليُصيبَهُم مَجْـدُ القذى
وخُروجـُهُ من ظِلـِّهِ مِمْحاتُهُ !
هوَ " فِكْرَة ٌ" دَرَّتْ عليهمْ مَكْرَهـُمْ وَثرَاءَهُمْ
وهو الفـقيرْ !!
فـَلـَهُمْ سَجاجيدُ المنابر ِ طالما اعْتـَنـَقَ الحَصيرْ !!
كَمْ أَسْلَـَموهُ إلى غِـناءٍ مُقـْعَـدٍ
كَمْ ساوَموهُ على كِـيان ٍ مُبـْعَـدٍ
يا سادَتي ،
وطنيْ أنا من لـَحْم ِ شَعـْبٍ غاصَ في وَجَع ِ الدَم ِ !
أَلـَمٌ غـَفا في قلبهِ المُتألـِّم ِ !
هو بَسْمة ٌ وصُراخُ أطفال ٍ وأوْحال ٌ وأشجارٌ وأرضٌ ههنا !
قـُومُوا اعْمَلوا لأراكـُمو !
قالتْ لهمْ ،
لكنـَّهُمْ كـَسَروا الشَفاعَة َ عِندما أفـْشَتْ بأِسْراها الخِيامْ !!
( 3 )
بَعـْدَ السماءِ سماؤُهـُمْ !
قـَبْلَ الجحيم ِ جحيمُهُمْ !
وجزيْرة راحَتْ تُعادي البحرَ ، تَشْرَبُهُ
ليُغـْرِقـَها التَماديْ يَوْمَ جُنَّ حَـليمُهُمْ !
فـَلْتَنْقـُلي تَغـْريبَتي ومَحَبـَّتي لِحَليْمَةٍ !
لا بأسَ ،
زاداً ، راية ً اُخرى وثـَوْبًا ، قـُبْلة ً وشَطيْرَة ً !
وظِلالَ ماءٍ إنْ كبا غـَيْميْ
وأجنحة َ الملاكْ !
ولـْتَنْقـُلي تَسْبيحَتي ، بعضَ الحليبِ ،
رغيفَ غـَيْبيْ ،
أَو وُجوديْ _ دُونَ أنْ أدريْ _ هُـناكْ !!
( 4 )
إصْعَديْ إلى قلبيْ !
سَأنْزِلُ عِنْدَ رغبَتِكِ الأخيرَةِ بَيْتـًا فاغـِرَ البابَيْن ِ _
بابٌ نحْوَ الخَيْمةِ التي تَليْ ،
وآخَرٌ إلى بقايا مَنْزِليْ !
فمتى يذوبُ عـن الأزِقـَّةِ كُـلـِّها ثلـْجُ الغِـيَابْ ؟
&&&
إصعَديْ إلى قلبيْ لتبقـَي سَـيِّدَهْ !
حَنينُها في صِحَّةٍ طـَمُوحةٍ وجـَيِّدهْ !
جوعُ القلوبِ إلى الحنين ِ رغيفـُنا ،
والنبْضُ يُوْدِعُ كِسْرَة ً أطـْباعَهُ ،
وما تُغـِيْث ُ كِسْرَة ٌ
ولا تَسُـدُّ رَمَقَ الأرضِ الزُنودُ المُقـْعَدَهْ !!
إصْعَدي إلى قلبي لتَبْـقـَيْ سَـيِّدَهْ !
إصْعَدي إلى أيِّ شـَيء ٍ بَـعْـدَنا
لا قاعَ بَعْـدَ القاع ْ !
لا قاع َ تَحْتَ القاع ِ يا بـِنْتَ الوجودِ سِوى
" تـَرَف ِ" الضَياعْ !!
لا قاعَ بَعـْدَ القاع ِ إلا ّ ما تَبـَقـّى مِنْ كِلـَيْـنا !
قـَصِيْدة ٌ عادَتْ وأرْضٌ هاجَرَتْ
وَتَدافـُع ٌ صَوْبَ الشـِّراعْ !!
لا أَرْضَ تَـحْتَ القاعْ !
إلا ّ ظِلالُ فـَنارِكِ الأعْمى
وَحُطامُ ألـْفِ سفـينةٍ يَرْتَدُّ عنْ صَلـْبيْ إلى صَلـْبيْ !
قـُومِي اصْعَديْ قـَلـْبا ً إلى قلبيْ !!
ولـْتَسْقـُطيْ كنجمةٍ مَفـْقوءَةِ الضياءِ عنْ سَرْج ِ السَماء ِ !
ولـْتَمْسَحي الثلجَ المُسِنَّ والريحَ المُريبَةَ
عنْ وَجْـهِ الشـِتاء ِ !
وفـَصِّلي قـَدَما ً تـَليْقُ بِخَيـَّال ِ الحـِذاء ِ !
فأنا المُمَـزَّقُ بينَ زوجتين ِ، سَيـِّدَتيْ !
هلْ تمْسَحِينَ عنْ جَبينيْ مُستَحيلاتِ النساء ِ ؟!
بـَعْدَ أنْ يـَذوي الشَبابْ ؟
&&&
تَـكلـَّمي لأراك ِ عَنْ بُـعْـدٍ
واصمتيْ ليَموتَ مَوتـُك ِ في فـَميْ
وافـْرَحيْ وَتألـَّميْ
تُعـَذِّبينَ ليلتيْ
تُوَبـِّخينَ نـَخْلتيْ
وتأكـُلينَ " لامَ " تَمْرَها كالأحْرُفِ الشَمْسِيـَّهْ !
ثـَمِلٌ حَـيُّ العبيدِ ببُؤْسـِهِ !
وَأنا " أناكِ " ، كَـظِلِّ عُـصْفور ٍ عـِظاميْ
ناميْ ، إذًا ، على سَطـْح ِ السَّلام ِ لِـكي تَـناميْ
ما وَسَّـدَتْ تَعَبيْ شَعائِرُ " أَخْـبَـل ٍ" !
هلْ تأكُـلِينَ بَـعْدَ خُبْز الأبجَدِيـَّةِ أبْدانَ الكَلام ِ ؟
لا بـُدَّ لِلـَّهيبِ مِنْ حِفـْنـَةِ ريْح ٍ .. والطـَّقـْسُ بَخيل ْ !
اُوْبـِيْ إِذًا ، إلى صَحْويْ وَنامِـيْ !
فالمَوْتُ قِمَّـة ُ الإدْراك ِ .. آخـِرُ قِـمَّةٍ !!
قـُوميْ تَأنْـسَنِيْ ثـُم َّ اصْعَديْ !
لا قاعَ بَعْـدَ الـْقـِمَّةِ الدُنْيا .
قـُوْمي اصْعَديْ إلى قلبيْ
ليَقـُومَ مِنْ دَمـِهِ الإيابْ !!
&&&
قـُوْمي اصْعَديْ إلى قلبيْ
ليَصْعـَدَ الشُّعَراءُ والفـُقراءُ والحُكَماءُ ،
إلى مَقاماتِ التَعَفـُّر ِ في غُبارِكْ !
إلى اسْتِحْمام ِ ليْـل ٍ دامِس ِ الخَطايا في نَهارِكْ !
قـُوْمي اصْعـَديْ إلى قلبيْ وَصِيريْ مـِنْ لـَحْم ٍ
وخَيْماتٍ وَدَم ْ !!
في ظـِلِّ مِئْذنة ٍ حَرامٌ أنْ تناميْ !
في ظـِلِّ إشْراقيْ حَرامٌ أنْ تَغـِيبيْ في مَـناميْ !
وحِينَ يُشْرِقُ فـَوْقَ صَفـِيْحِك ِ الدافيْ " بـِلالْ " ،
يَنْضُج ُ التِينُ ويَغـْرُبُ الموتُ ويَـنْطـِقُ الحَجَرُ
ويَنْهَضُ " اليَقـْطِيْنُ " في شَغـَفِ المُصَلـِّي ،
فـَلا يَصِح ُّ سِوَى الحَلالْ !
هـُوَ ذا يُصَـلـِّي منذ ُ هذا اليَوْمِ يَوْمِيًّا .
قـُوْمـِي بـِنا نُصَلـِّي !
قـُوْمـِي بـِنا نُصَلـِّي !
أنْـتِ الـتي دَوْمـًا يَطولُ رَحيْلـُها
فمِنَ القـُلوبِ إلى التـُّرابْ .
ومنَ العُيون ِ إلى التُّـرابْ .
قـُوْمِي إذًا ،
قـُوْمِي .. بـِنا .. نُصَلـِّيْ !!!
تعليق