عَاِلم عربي وكَلب كندي في حوار عِلمي
حول الفِطرَةَ التي جُبِلَ الناسَ عليها
******
قال الله تباركَ وتعالى
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
.
حول الفِطرَةَ التي جُبِلَ الناسَ عليها
******
قال الله تباركَ وتعالى


هذه قِصَه سَمِعتُها من عاِلم أمريكي عربي الأصل والعروق , يدافعُ عن قومه في الشرق , الجملة المشهورة عند العرب العاربة والمستعربة
« أي ، والله »
يدافع عن قومه في الشرق , وهو في الغرب , ويا للعجب
اسمع الحكاية فقد حصلتْ لهُ في منطقة ريفية بين أمريكا وكندا يفصل بينها خط وهمّي
أما بداية القصة فكانت في الشرق الأوسط ، وكانت عبارة عن خازوق بارع مانع ، دقَّه لهُ إمَّعة حسود جاهل حاقد ، ابن قوم دب الفساد في عروقهم ؛ كما يدب الربيع في عروق الشجر , على جمال الشجر وزهره , وبئس تلك العائلة التي تتناسل الجُهال الذين يتكاثرون ؛ كما يتكاثر الوغش
***
بداية القصة :
« أي ، والله »
يدافع عن قومه في الشرق , وهو في الغرب , ويا للعجب
اسمع الحكاية فقد حصلتْ لهُ في منطقة ريفية بين أمريكا وكندا يفصل بينها خط وهمّي
أما بداية القصة فكانت في الشرق الأوسط ، وكانت عبارة عن خازوق بارع مانع ، دقَّه لهُ إمَّعة حسود جاهل حاقد ، ابن قوم دب الفساد في عروقهم ؛ كما يدب الربيع في عروق الشجر , على جمال الشجر وزهره , وبئس تلك العائلة التي تتناسل الجُهال الذين يتكاثرون ؛ كما يتكاثر الوغش
***
بداية القصة :
قال الرجل : لظروف مَّا نوَّعتُ ثقافتي من ديار شتّى ، ثم عدتُ إلى الشرق الأوسط ، أحمل علمًا نادرًا ، قمتُ بتعديلهِ وتقنينه ؛ كي يتلائم مع واقعنا المرير في الشرق الأوسط ، وصنفتُ منه علمًا بمقايس عربية ، يخدم البلاد والعباد ، ويسعد الناس ، فكنت أألِّف ، وأحاضر ، وأعمل مديرًا في نفس المصلحة ، وأُخرّج المدراء الجدد لهذه الصنعة النادرة ، وكنتُ أختارهم رجالاً من خيرة الناس ، أبناء حسب وكرم و أخلاق حميدة ، يحبون الناس ، ولا يبخلون في العطاء ، همهم خدمة العباد ورضى الله تعالى ، وكانت لي فراسة تساعدني على حُسن الاختيار ، فكانت سعادتي لا توصف . كلما لمعَ أحد المُدراء الجدد ، وأزداد سعادة ، إذا سمعتُ أنه نجحَ في اختيار مدير جديد رقعَ فتحة من فتحات الخراب التي لا تعد ولا تحصى في طول البلاد وعرضها، وكنتُ أعتبره نصرًا للعباد والبلاد ، يصب في مصلحة قومي إلى أن سلخني إمَّعة حسود حاقد " خازوق بارع مانع " من حُسن غزلهِ وشدة إفكه هبطتُ في أمريكا ، هناك بعد مرار قليل وسعي كثير سكنتُ في بيت مَليح ، وجار مُريح ، فحمدتُ الله تعالى على هذه النعمة بعد ذلك الشقاء والتعب وعَجَاجْ السِنين ؛ غير أن هذا الجار كان عندهُ كلباً ضخماً ، شكله كان مفزعًا مروعاً ، كنت أخشى على أولادي من كبر حجمه ، وضخامة رأسه ، وصرتُ أسأل نفسي : كيف يتعايش هذا الرجل مع هذا الكلب الغريب ؟ وماذا يطعمهُ حتى أصبح بهذا الحجم العظيم ؟ فأخذت أتمحك في هذا الجار ، إلى أن تجرأتُ وطلبتُ منه أن ينقل الكلب إلى جهة أخرى بعيده عن حديقة بيتي ، ومدخل داري . وكوني من أصل عربي ، فقد كنتُ أظن أن مقام الكلب بيني وبينه كان مقصودًا قصدًا ، خصوصًا أني غريب و من الماركة المسجلة والمعروفة عالميًّا ... عربي ... ولغتي الإنجليزية مكشوفة ؛ فهي ليست لغة أصلية ، بل لغة مرقعة أستعملها عند الحاجة زهدًا فيها ، فقد حمَلتُ معي مكتبة من الشرق الأوسط يعجزعن حملها أضخم بعير ، يجر خلفه عددًا من نفس الفصيل ... انهمكت فيها للبحث والتأليف ؛ لعل الله يرزقني حسنة بعد أن " سَحَلَتْ " عني البركة التي كنت أتلفعُ بها في بلادي ؛" فهي بلاد أرضها مباركة ، وأهلها لا يعلمون .."
نعود إلى طلب العالم الذي أصبح جاهلاً بجرة قلم ، وطقة حنك عند ابي جهل موسوعة الخراب ..
***
فقال الجار الطيب : لماذا ؟! وما السبب ؟! هل هو لسبب ديني في ملتكم ؟ فاكتشفتُ أنه يعلم أني مُسلم ، فقلت في نفسي : وا إسلاماه ! حتى مصلحة الكلاب همّها أمر ديننا . فقلتُ : لا ، ولكنه الرعب الذي حل بنا منذ أن سكنا في جوارك . فاعتذر لي عمّا أصابنا من جزع ، وأخذ يذكر لي محاسن الكلب ، وكم هو كلب ودوّدّ ! فقلتُ في نفسي : خيبكَ الله لم يبقَ عليك إلا أن تعتبرهُ واحدًا من أفراد أسرتِك ، وأيقنتُ أنه يدافع عن نفسهِ وعن كلبهِ ، ودخلتُ إلى منزلي ، وحدثتُ زوجتي ، فقالتْ : سوف نبقى على حذر إلى أن يفرجها الله تعالى ، ثم قالتْ : ألآ ترى أنه لا ينبح ؟ فقلتُ : لعله أخرس . وأدركتُ أنه جواب أبْلَه ، ثم قلتُ : ربما لأنه كبير في السن .
نعود إلى طلب العالم الذي أصبح جاهلاً بجرة قلم ، وطقة حنك عند ابي جهل موسوعة الخراب ..
***
فقال الجار الطيب : لماذا ؟! وما السبب ؟! هل هو لسبب ديني في ملتكم ؟ فاكتشفتُ أنه يعلم أني مُسلم ، فقلت في نفسي : وا إسلاماه ! حتى مصلحة الكلاب همّها أمر ديننا . فقلتُ : لا ، ولكنه الرعب الذي حل بنا منذ أن سكنا في جوارك . فاعتذر لي عمّا أصابنا من جزع ، وأخذ يذكر لي محاسن الكلب ، وكم هو كلب ودوّدّ ! فقلتُ في نفسي : خيبكَ الله لم يبقَ عليك إلا أن تعتبرهُ واحدًا من أفراد أسرتِك ، وأيقنتُ أنه يدافع عن نفسهِ وعن كلبهِ ، ودخلتُ إلى منزلي ، وحدثتُ زوجتي ، فقالتْ : سوف نبقى على حذر إلى أن يفرجها الله تعالى ، ثم قالتْ : ألآ ترى أنه لا ينبح ؟ فقلتُ : لعله أخرس . وأدركتُ أنه جواب أبْلَه ، ثم قلتُ : ربما لأنه كبير في السن .
وبعد أيام قليلة ذهبَ أولادي إلى المدرسة ، وخرجتْ زوجتي إلى السوق ، وأنا في عملي ؛ وإذ بالهاتف يرن في طلبي ، فسألت الطالب : من أنت ؟ فقال : أنا جاركَ ، فحييته ، فقال : إن باب بيتكَ مفتوح ، والريح شديدة ، وقد اتصلتُ على هاتف منزلكَ ؛ ولكن لا أحد يُجيب ، وطرقتُ الباب والجرس ، فلم يخرج أحدٌ من المنزل ، فهل تأذن لي بأن أغلق الباب ؟ هنا أصابني الرعب !، وقد أدرك هو ذلك من نبراتْ صوتي ، فقال لي : إن بلدتنا آمنة ، إنها الريح دفعتْ باب المنزل ، ويبدو أنه لم يكن محكم الإغلاق ، واليوم- كما تعلم- الريح شديدة ، وقد اقتلعتْ بعض أشجار البلدة ؛ كما سمعنا الناس يتحدثون بذلك ، ونشرة أخبار المقاطعة أيضاً ذكرتْ ذلك عن بلدتِنا ، والكلب قد قادني إلي باب بيتكَ ، وأنا الآن أمام الباب ، وأحدثك من التلفون النقال ، وقد أخذتُ رقم عملكَ من استعلامات البلدية ، فكانت أول مرة أشعر فيها أنه جار ودود حقًّا ،" وشعرت كأنه شيخ من أكابر قريتنا " ، وأنه ألطف مما كنت أتصور ؛ ولكن رغم كل ما قدمه لي من تطمينات وتأكيدات ، لم أطمئن ، وبسرعة البرق انطلقتُ بسيارتي إلى منزلي ، ومن السيارة هاتفتُ زوجتي ، وعلمتُ أنها ما زالت في السوق ، وسألتها عن الأولاد ، فقالت : إنهم جميعًا في المدرسة ، وشرحتُ لها خبر الباب ، فاعتذرتْ ، وقالت : يبدو أني لم أحكم إغلاقهُ ، فخففتُ من سرعة السيارة ، وحمدتُ الله تعالى على نعمة السلامة ، وأخذت أردد في نفسي الجملة التي ذكرها لي جاري :
« الكلب قادني إلى باب منزلك »
« الكلب قادني إلى باب منزلك »
وأخذت أسأل نفسي : لماذا الكلب قاده إلى باب منزلي ؟ وهل جاري مريض ؟ بالفعل أنا لم أرهُ منذ أسابيع ، فالجو شديد البرودة ، ودرجة الحرارة تحت الصفر بكثير , ولم نعد نخرج إلى حديقة المنزل كالمعتاد ، حيثُ كنتُ أراهُ حول بيته يمرِّنُ أقدامهُ على السير ، ويمتع نفسه بشعاع الشمس ، ويداعبُ كلبه الودود ؛ فهو رجل في سِن التقاعد المريح ، والشيخوخة الجميلة ، وهو قليل الكلام إلآ ما ندر ، وقد تفرق أولادهُ في بِقاعٍ شتّى من البلاد ، كلٌّ حسب عمله ، وزوجته من النساء اللواتي يهوين الغزل والنسج ، فلا تكاد ترَى .
***
***
وصلتُ البيت ، وقد زال عني بعض ما همّني وأقلقني ، وأفسدَ عليَّ نهاري ، فجلست على مكتبي ؛ ولكن عاد يرن في أذني قول جاري :
« الكلب قادني إلى باب منزلك »
ثم أخذت أتذكر أطرافًا من حديث الرسول عليه السلام : أحسن إلى جارِكَ ، وقد سبقني هو إلى ذلك ، فأحسن إليَّ .. فأدرت رقم الهاتف على منزله ، وشكرته على معروفه ، وسألته : أأنت مريض إلى درجة أن الكلب قادكَ إلى باب منزلي ؟ فقال : لا أنا بخير ؛ ولكني فتحتُ باب منزلي للكلب ؛ لكي يتمشى خارج المنزل كعادتهِ- وكان هذا برنامجه اليومي- فعندما خرجَ ، عاد بسرعة ، فعلمتُ أن هناك شيء مهم أعادهُ ، فقمتُ وتبعتهُ ؛ لكي أعرف السبب ، فقادني إلى باب منزلك ، فصعقتُ صعقةً مخرسة لجمتني عن الكلام من سلوك هذا الدابة الغريب ، وتذكرتُ الخازوق الذي نزل على رأسي ، وعلى قوت عيالي من الدابة الشرق الاوسط أبي جهل واعوانه ، َفلَمّلَمّتُ نفسي وشعثي وطرشي وخيبتي وكل ما تبعثر مني ، وذهبتُ إليه مشدوه اللبْ مخلوع الفؤاد مكسور الخاطر مقلوب الحال ، وكأنَ أبو جهل السرسري دابة الجهل موسوعة الخراب ، قد خلعني ذالك الخازوق في التَّوِّ والحال ، طرقت الباب ، فسمح لي بالدخول ، فدخلت ، وإذا بالكلب جالس بجوار العجوز على أجمل فراش ، فقلت في نفسي : يا سبحان الله ! هذا كلب برتبة ... باشا... ، فاجتمعنا نحن الثلاثة اجتماعاً مغلقًا : العجوز , والكلب , والعربي المشرد .. إي ، والله ! اجتماع العلماء ؛ ولكن كل حسب تخصصه . فالرجل العجوز هو الذي تابع تدريب الكلب . والكلب أحسن التطبيق . والعالم العربي احتوى الخازوق بحلمهِ وحكمتهِ وما تبقى له من عقل ... طبعًا هذا هو الخازوق الثاني... ، غير الخازوق الأول ، فقد جلس العالم هنا تلميذًا أمام الكلب وصاحبه ، وبَدَأَتْ الأسئلة ؛ وهي عبارة عن أسئلة غير مرتبة ،
ثم أخذت أتذكر أطرافًا من حديث الرسول عليه السلام : أحسن إلى جارِكَ ، وقد سبقني هو إلى ذلك ، فأحسن إليَّ .. فأدرت رقم الهاتف على منزله ، وشكرته على معروفه ، وسألته : أأنت مريض إلى درجة أن الكلب قادكَ إلى باب منزلي ؟ فقال : لا أنا بخير ؛ ولكني فتحتُ باب منزلي للكلب ؛ لكي يتمشى خارج المنزل كعادتهِ- وكان هذا برنامجه اليومي- فعندما خرجَ ، عاد بسرعة ، فعلمتُ أن هناك شيء مهم أعادهُ ، فقمتُ وتبعتهُ ؛ لكي أعرف السبب ، فقادني إلى باب منزلك ، فصعقتُ صعقةً مخرسة لجمتني عن الكلام من سلوك هذا الدابة الغريب ، وتذكرتُ الخازوق الذي نزل على رأسي ، وعلى قوت عيالي من الدابة الشرق الاوسط أبي جهل واعوانه ، َفلَمّلَمّتُ نفسي وشعثي وطرشي وخيبتي وكل ما تبعثر مني ، وذهبتُ إليه مشدوه اللبْ مخلوع الفؤاد مكسور الخاطر مقلوب الحال ، وكأنَ أبو جهل السرسري دابة الجهل موسوعة الخراب ، قد خلعني ذالك الخازوق في التَّوِّ والحال ، طرقت الباب ، فسمح لي بالدخول ، فدخلت ، وإذا بالكلب جالس بجوار العجوز على أجمل فراش ، فقلت في نفسي : يا سبحان الله ! هذا كلب برتبة ... باشا... ، فاجتمعنا نحن الثلاثة اجتماعاً مغلقًا : العجوز , والكلب , والعربي المشرد .. إي ، والله ! اجتماع العلماء ؛ ولكن كل حسب تخصصه . فالرجل العجوز هو الذي تابع تدريب الكلب . والكلب أحسن التطبيق . والعالم العربي احتوى الخازوق بحلمهِ وحكمتهِ وما تبقى له من عقل ... طبعًا هذا هو الخازوق الثاني... ، غير الخازوق الأول ، فقد جلس العالم هنا تلميذًا أمام الكلب وصاحبه ، وبَدَأَتْ الأسئلة ؛ وهي عبارة عن أسئلة غير مرتبة ،
والسؤال الأول دائمًا ينمُّ عن الجهل والهَبل من وقع الصدمة ، ثم سرعان ما ينقشع الهَبَل ، وتَنّطَلقُ الأسئلة الذكية ،
فكان السؤال الأول : كيف عَلِمَ الكلب أن الباب مخالف للمألوف ، مع أنه ليس باب منزلك ؟ قال العجوز : هذا يأتي مع التعليم والتدريب . وقد تدربَ الكلب على حراسة بيتكَ قبل أن تسكن فيه ، فالرجل الذي باعكَ البيت اشتراهُ من أخي الذي رحلَ إلى كندا ، وهذا الكلب في الأصل هو كلبهُ ، فنحن أصولنا كندية ، وقد رحلنا إلى هنا طلباً للعيش ، وقد سكنَ هنا قبلك الذي باعكُ البيت أربعة أعوام ، وأنتَ لك هنا أقل من عام ... ولم تكن هناك مناسبة للحديث في هذا الموضوع .
والسؤال الثاني : لماذا الكلب لا ينبح ؟ ولا نسمع له صوتًاعلى ضخامته وكبر هامته ؟ قال : لأن أخي دربه على الود والحنيَّة . إي ، والله ! الود والحنيَّة . فقلت له : الوِدّ والحنيَّة . قال : نعم ! الوِدّ والحنيَّة . فقلت له : هل يحسن الكلب الوِدّ والحنيَّة ؟ فقال : نعم ! فقلت له : أنا من بلاد فيها الكثير من الكلاب ؛ ولكن أوصافها تختلف عن أوصاف كلب أخيك الذي أصبح كلبك ، فهي كلاب حقيقية ، العواءُ عندها مستمر دائم لا ينقطع ، والاقتراب منها موت محقق ، فإن نجوت من الموت ، فهي الكسور والجروح المُهلِكة .. قال : هو التعليم والتدريب ، هو دربهُ على الوِدّ والحِنيَّة ، والصداقة والمرح . قلت له : وينفع ذلك ؟ قال : ألآ تراه مجتمعًا معنا ، جالسًا بوقار على فراش جميل ؟ قلت : بلى ! قال لي : وهذا لا يكون إلا بالإحسان إليه ، مع التمرين والتدريب ، وهي الفِطرة التي جُبِلَ عليها . أما إذا أردته شَرِسًا ، فتدربهُ على الشراسة ، فالأمر يعود إليك . فتذكرتُ بلاهة قومي ، وامراة في قريتنا ، كان الناس يتحدثون عنها .. كانت تغسل وجوه أولادها من بولِهم ، وهم أطفال ، وعندما كان الناس يسألونها عن سبب ذلك ، كانت تقول- قبَّحها الله – كي يقهروا الناس ، ويتسلّطون عليهم ، ويرعبونهم ، ولا يخجلون !!!
======
وقد عدَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم : حُسن الخلق من كمال الإيمان، فقال عليه الصلاة والسلام:{ أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً } [رواه أحمد وأبوداود].
========
وإذا بحثتَ عن التُقي وجَدتَهُ /// رَجلاً يُصدِّق قولَهُ بفعالِ
وإذا اتقى اللّهَ امرؤٌ وأطاعهُ /// فيداهُ بين مكارمٍ ومعالِ
وعلى التقي إذا تَرَسَّخَ في التُقى/// تاجان: تاجُ سكينةٍ وجلالِ
وإذا تناسَبَتْ الرِجالُ فما أرى //// نَسَبًا يكون كصالحِ الأعمالِ
======
بقلم الباحث : محمد عبيد الله
المحاضر سابقًا بكلية اللغات- جامعة وليم باترسن
mohamad.obeidallah@yahoo.com
فكان السؤال الأول : كيف عَلِمَ الكلب أن الباب مخالف للمألوف ، مع أنه ليس باب منزلك ؟ قال العجوز : هذا يأتي مع التعليم والتدريب . وقد تدربَ الكلب على حراسة بيتكَ قبل أن تسكن فيه ، فالرجل الذي باعكَ البيت اشتراهُ من أخي الذي رحلَ إلى كندا ، وهذا الكلب في الأصل هو كلبهُ ، فنحن أصولنا كندية ، وقد رحلنا إلى هنا طلباً للعيش ، وقد سكنَ هنا قبلك الذي باعكُ البيت أربعة أعوام ، وأنتَ لك هنا أقل من عام ... ولم تكن هناك مناسبة للحديث في هذا الموضوع .
والسؤال الثاني : لماذا الكلب لا ينبح ؟ ولا نسمع له صوتًاعلى ضخامته وكبر هامته ؟ قال : لأن أخي دربه على الود والحنيَّة . إي ، والله ! الود والحنيَّة . فقلت له : الوِدّ والحنيَّة . قال : نعم ! الوِدّ والحنيَّة . فقلت له : هل يحسن الكلب الوِدّ والحنيَّة ؟ فقال : نعم ! فقلت له : أنا من بلاد فيها الكثير من الكلاب ؛ ولكن أوصافها تختلف عن أوصاف كلب أخيك الذي أصبح كلبك ، فهي كلاب حقيقية ، العواءُ عندها مستمر دائم لا ينقطع ، والاقتراب منها موت محقق ، فإن نجوت من الموت ، فهي الكسور والجروح المُهلِكة .. قال : هو التعليم والتدريب ، هو دربهُ على الوِدّ والحِنيَّة ، والصداقة والمرح . قلت له : وينفع ذلك ؟ قال : ألآ تراه مجتمعًا معنا ، جالسًا بوقار على فراش جميل ؟ قلت : بلى ! قال لي : وهذا لا يكون إلا بالإحسان إليه ، مع التمرين والتدريب ، وهي الفِطرة التي جُبِلَ عليها . أما إذا أردته شَرِسًا ، فتدربهُ على الشراسة ، فالأمر يعود إليك . فتذكرتُ بلاهة قومي ، وامراة في قريتنا ، كان الناس يتحدثون عنها .. كانت تغسل وجوه أولادها من بولِهم ، وهم أطفال ، وعندما كان الناس يسألونها عن سبب ذلك ، كانت تقول- قبَّحها الله – كي يقهروا الناس ، ويتسلّطون عليهم ، ويرعبونهم ، ولا يخجلون !!!
======
وقد عدَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم : حُسن الخلق من كمال الإيمان، فقال عليه الصلاة والسلام:{ أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً } [رواه أحمد وأبوداود].
========
وإذا بحثتَ عن التُقي وجَدتَهُ /// رَجلاً يُصدِّق قولَهُ بفعالِ
وإذا اتقى اللّهَ امرؤٌ وأطاعهُ /// فيداهُ بين مكارمٍ ومعالِ
وعلى التقي إذا تَرَسَّخَ في التُقى/// تاجان: تاجُ سكينةٍ وجلالِ
وإذا تناسَبَتْ الرِجالُ فما أرى //// نَسَبًا يكون كصالحِ الأعمالِ
======
بقلم الباحث : محمد عبيد الله
المحاضر سابقًا بكلية اللغات- جامعة وليم باترسن
mohamad.obeidallah@yahoo.com
نَص القصة مرة أخرى بعد تشكيله بخدمة جوجل الجديده " تشكيل جوجل "
[align=justify]
[align=center]
عَالَم عَرَبِي وَكَلْب كِنِدِي فِي حِوَار عِلْمِي
حَوْل الْفِطْرَة الَّتِي جُبِل الْنَّاس عَلَيْهَا
******
قَال الْلَّه تَبَارَك وَتَعَالَى
فَأَقِم وَجْهَك لِلْدِّيِن حَنِيْفا فِطْرَة الْلَّه الَّتِي فَطَر الْنَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيْل لِخَلْق الْلَّه ذَلِك الْدِّيْن الْقَيِّم وَلَكِن أَكْثَر الْنَّاس لَا يَعْلَمُوْن .
هَذِه قِصَّه سَمِعْتُهَا مِن عَالَم أَمْرِيْكِي عَرَبِي الْأَصْل وَالْعَرُوْق , يُدَافِع عَن قَوْمِه فِي الْشَّرْق , الْجُمْلَة الْمَشْهُوْرَة عِنْد الْعَرَب الْعَارِبَة وَالْمُسْتَعَرْبة
« أَي ، وَالْلَّه »
يُدَافِع عَن قَوْمِه فِي الْشَّرْق , وَهُو فِي الْغَرْب , وَيَا لَلْعَجَب
اسْمَع الْحِكَايَة فَقَد حَصَلَت لَه فِي مِنْطَقَة رِيْفِيَّة بَيْن أَمْرِيْكَا وَكَّنَدَا يَفْصِل بَيْنَهَا خَط وَهَمِّي
أَمَّا بِدَايَّة الْقِصَّة فَكَانَت فِي الْشَّرْق الْأَوْسَط ، وَكَانَت عِبَارَة عَن خَازُوْق بِارِع مَانِع ، دِقَّه لَه إِمَّعَة حَسُوْد جَاهِل حَاقِد ، ابْن قَوْم دَب الْفَسَاد فِي عِرْوُقِهِم ؛ كَمَا يَدِب الْرُّبَيِّع فِي عُرُوْق الْشَّجَر , عَلَى جِمَال الْشَّجَر وَزَهْرُه , وَبِئْس تِلْك الْعَائِلَة الَّتِي تَتَنَاسَل الْجُهَّال الَّذِيْن يَتَكَاثَرُوْن ؛ كَمَا يَتَكَاثَر الْوَغش
***
بِدَايَّة الْقِصَّة :
[/align]
قَال الْرَّجُل : لِظُرُوف مَّا نَوَّعْت ثَقَافَتَي مِن دِيَار شَتَّى ، ثُم عُدْت إِلَى الْشَّرْق الْأَوْسَط ، أَحْمِل عِلْما نَادِرا ، قُمْت بِتَعْدِيِلِه وتَقَنِينِه ؛ كَي يَتَلَائِم مَع وَاقَعْنَا الْمَرِير فِي الْشَّرْق الْأَوْسَط ، وَصَنَّفْت مِنْه عِلْما بِمُقَايُس عَرَبِيَّة ، يَخْدِم الْبِلَاد وَالْعِبَاد ، وَيَسْعَد الْنَّاس ، فَكُنْت أُأَلِّف ، وَأُحَاضِر ، وَأَعْمَل مُدَيْرا فِي نَفْس الْمَصْلَحَة ، وَأُخَرِّج الْمُدَرَاء الْجُدُد لِهَذِه الْصِّنْعَة الْنَّادِرَة ، وَكُنْت أَخْتَارَهُم رِجَالْا مِن خِيَرَة الْنَّاس ، أَبْنَاء حَسَب وَكَرُم و أَخْلَاق حَمِيْدَة ، يُحِبُّوْن الْنَّاس ، وَلَا يَبْخَلُوْن فِي الْعَطَاء ، هَمُّهُم خِدْمَة الْعِبَاد وَرِضَى الَلّه تَعَالَى ، وَكَانَت لِي فَرّاسَة تُسَاعِدَنِي عَلَى حُسْن الْاخْتِيَار ، فَكَانَت سَعَادَتِي لَا تُوْصَف . كُلَّمَا لَمَع أَحَد الْمُدَرَاء الْجُدُد ، وَأَزْدَاد سَعَادَة ، إِذَا سَمِعْت أَنَّه نَجَح فِي اخْتِيَار مُدِيْر جَدِيْد رَقَع فَتْحَة مِن فَتَحَات الْخَرَاب الَّتِي لَا تُعَد وَلَا تُحْصَى فِي طُول الْبِلَاد وَعَرْضِهَا، وَكُنْت أَعْتَبِرُه نَصْرا لِّلْعِبَاد وَالْبِلَاد ، يُصَب فِي مَصْلَحَة قَوْمِي إِلَى أَن سَلَخَنِي إِمَّعَة حَسُوْد حَاقِد " خَازُوْق بِارِع مَانِع " مِن حُسْن غَزَلِه وَشِدَّة إِفْكِه هَبَطْت فِي أَمْرِيْكَا ، هُنَاك بَعْد مَرَار قَلِيْل وُسْعِي كَثِيْر سَكَنَت فِي بَيْت مَلِيْح ، وَجَار مُرِيْح ، فَحَمَدْت الْلَّه تَعَالَى عَلَى هَذِه الْنِّعْمَة بَعْد ذَلِك الْشَّقَاء وَالْتَعَب وعَجَاج الْسِّنِيْن ؛ غَيْر أَن هَذَا الْجَار كَان عِنْدَه كَلْبَا ضَخْمَا ، شَكْلِه كَان مُفْزِعا مُرَوَّعَا ، كُنْت أَخْشَى عَلَى أَوْلَادِي مَن كَبَّر حَجَمَه ، وَضَخَامَة رَأْسِه ، وَصِرْت أَسْأَل نَفْسِي : كَيْف يَتَعَايَش هَذَا الْرَّجُل مَع هَذَا الْكَلْب الْغَرْيِب ؟ وَمَاذَا يَطْعَمُه حَتَّى أَصْبَح بِهَذَا الْحَجْم الْعَظِيْم ؟ فَأَخَذْت أتَمحُك فِي هَذَا الْجَار ، إِلَى أَن تَجَرَّأْت وَطُلِبْت مِنْه أَن يَنْقُل الْكَلَب إِلَى جِهَة أُخْرَى بَعِيْدَه عَن حَدِيْقَة بَيْتِي ، وَمَدْخَل دَارِي . وَكُوْنِّي مِن أَصْل عَرَبِي ، فَقَد كُنْت أَظُن أَن مَقَام الْكَلَب بَيْنِي وَبَيْنَه كَان مَقْصُوْدا قَصْدا ، خُصُوْصا أَنِّي غَرِيْب و مَن الْمَارْكَة الْمُسَجَّلَة وَالْمَعْرُوْفَة عَالَمِيا ... عَرَبِي ... وَلُغَتِي الْإِنْجِلِيْزِيَّة مَكْشُوْفَة ؛ فَهِي لَيْسَت لُغَة أَصْلِيَّة ، بَل لُغَة مُرَقَّعَة أَسْتَعْمِلُهَا عِنْد الْحَاجَة زُهْدا فِيْهَا ، فَقَد حَمَلْت مَعِي مَكْتَبَة مِن الْشَّرْق الْأَوْسَط يُعَجْزِعَن حَمْلَهَا أَضْخَم بَعِيْر ، يَجُر خَلْفِه عَدَدا مِن نَفْس الْفَصِيل ... انْهَمَكْت فِيْهَا لِلْبَحْث وَالتَّأْلِيْف ؛ لَعَل الْلَّه يَرْزُقَنِي حَسَنَة بَعْد أَن " سَّحَّلَت " عَنِّي الْبِرْكَة الَّتِي كُنْت أَتَلَفَّع بِهَا فِي بِلَادِي ؛" فَهِي بِلَاد أَرْضِهَا مُبَارَكَة ، وَأَهْلُهَا لَا يَعْلَمُوْن .."
نَّعُوْد إِلَى طَلَب الْعَالَم الَّذِي أَصْبَح جَاهِلا بِجَرَّة قَلَم ، وَطَقَّة حَنَك عِنْد ابِي جَهْل مَوْسُوْعَة الْخَرَاب ..
***
فَقَال الْجَار الْطَّيِّب : لِمَاذَا ؟! وَمَا الْسَّبَب ؟! هَل هُو لَسَّبَب دِيْنِي فِي مِلَّتِكُم ؟ فَاكْتَشَفْت أَنَّه يَعْلَم أَنِّي مُسْلِم ، فَقُلْت فِي نَفْسِي : وَا إِسْلَامَاه ! حَتَّى مَصْلَحَة الْكِلَاب هَمُّهُا أَمْر دِيْنِنَا . فَقُلْت : لَا ، وَلَكِنَّه الْرُّعْب الَّذِي حَل بِنَا مُنْذ أَن سَكَنا فِي جِوَارِك . فَاعْتَذِر لَي عَمَّا أَصَابَنَا مِن جَزْع ، وَأَخَذ يَذْكُر لِي مَحَاسِن الْكَلَب ، وَكَم هُو كَلْب وَدُوّد ! فَقُلْت فِي نَفْسِي : خِيْبِك الْلَّه لَم يَبْق عَلَيْك إِلَّا أَن تَعْتَبِرُه وَاحِدا مَن أَفْرَاد أُسْرَتِك ، وَأَيْقَنْت أَنَّه يُدَافِع عَن نَفْسِه وَعَن كَلْبِه ، وَدَخَلْت إِلَى مَنْزِلِي ، وَحُدِّثْت زَوْجَتَي ، فَقَالَت : سَوْف نَبْقَى عَلَى حَذَر إِلَى أَن يُفَرِّجُهَا الْلَّه تَعَالَى ، ثُم قَالَت : أَلَا تَرَى أَنَّه لَا يَنْبَح ؟ فَقُلْت : لَعَلَّه أَخْرَس . وَأَدْرَكْت أَنَّه جَوَاب أَبْلَه ، ثُم قُلْت : رُبَّمَا لِأَنَّه كَبِيْر فِي الْسِّن .
وَبَعْد أَيَّام قَلِيْلَة ذَهَب أَوْلَادِي إِلَى الْمَدْرَسَة ، وَخَرَجَت زَوْجَتَي إِلَى الْسُّوْق ، وَأَنَا فِي عَمَلِي ؛ وَإِذ بِالْهَاتِف يَرِن فِي طَلَبِي ، فَسَأَلْت الْطَّالِب : مَن أَنْت ؟ فَقَال : أَنَا جَارِك ، فَحَيَّيْتُه ، فَقَال : إِن بَاب بَيْتِك مَفْتُوْح ، وَالْرِّيح شَدِيْدَة ، وَقَد اتَّصِلْت عَلَى هَاتِف مَنْزِلُك ؛ وَلَكِن لَا أَحَد يُجِيْب ، وَطَرَقْت الْبَاب وَالْجَرْس ، فَلَم يَخْرُج أَحَد مِن الْمَنْزِل ، فَهَل تَأْذِن لَي بَأْن أَغْلَق الْبَاب ؟ هُنَا أَصَابَنِي الْرُّعْب !، وَقَد أَدْرَك هُو ذَلِك مِن نَبْرَات صَوْتِي ، فَقَال لِي : إِن بَلْدَتَنَا آَمِنَة ، إِنَّهَا الرِّيَح دُفِعَت بَاب الْمَنْزِل ، وَيَبْدُو أَنَّه لَم يَكُن مُحْكَم الْإِغْلَاق ، وَالْيَوْم- كَمَا تَعْلَم- الرِّيَح شَدِيْدَة ، وَقَد اقْتُلِعَت بَعْض أَشْجَار الْبَلْدَة ؛ كَمَا سَمِعْنَا الْنَّاس يَتَحَدَّثُوْن بِذَلِك ، وَنَشَرَة أَخَبَار الْمُقَاطَعَة أَيْضا ذُكِرَت ذَلِك عَن بَلْدَتِنَا ، وَالْكَلْب قَد قَادَنِي إِلَي بَاب بَيْتِك ، وَأَنَا الْآَن أَمَام الْبَاب ، وَأُحَدِّثُك مِن الْتِّلِّفُوْن النَّقَّال ، وَقَد أَخَذْت رَقِم عَمَلُك مِن اسْتِعْلامَات الْبَلَدِيَّة ، فَكَانَت أَوَّل مَرَّة أَشْعُر فِيْهَا أَنَّه جَار وَدُوْد حَقا ،" وَشَعَرْت كَأَنَّه شَيْخ مِن أَكَابِر قَرْيَتِنَا " ، وَأَنَّه أَلْطَف مِمَّا كُنْت أَتَصَوَّر ؛ وَلَكِن رَغْم كُل مَا قَدَّمَه لِي مِن تَطْمِيْنَات وَتَّأْكِيدَات ، لَم أَطْمَئِن ، وَبِسُرْعَة الْبَرْق انْطَلَقْت بِسَيَّارَتِي إِلَى مَنْزِلِي ، وَمَن الْسَّيَّارَة هَاتَفْت زَوْجَتَي ، وَعَلِمْت أَنَّهَا مَا زَالَت فِي الْسُّوْق ، وَسَأَلْتُهَا عَن الْأَوْلَاد ، فَقَالَت : إِنَّهُم جَمِيْعا فِي الْمَدْرَسَة ، وَشَرَحْت لَهَا خَبَر الْبَاب ، فَاعْتَذَرَت ، وَقَالَت : يَبْدُو أَنِّي لَم أَحْكُم إِغْلَاقَه ، فَخَفَّفْت مِن سُرْعَة الْسَّيَّارَة ، وَحَمَدْت الْلَّه تَعَالَى عَلَى نِعْمَة الْسَّلامَة ، وَأَخَذَت أَرَدَّد فِي نَفْسِي الْجُمْلَة الَّتِي ذَكَرَهَا لِي جَارِي :
« الْكَلَب قَادَنِي إِلَى بَاب مَنْزِلِك »
وَأَخَذَت أَسْأَل نَفْسِي : لِمَاذَا الْكَلَب قَادَه إِلَى بَاب مَنْزِلِي ؟ وَهَل جَارِي مَرِيْض ؟ بِالْفِعْل أَنَا لَم أَرَه مِنْذ أَسَابِيْع ، فَالْجَو شَدِيْد الْبُرُوْدَة ، وَدَرَجَة الْحَرَارَة تَحْت الْصِّفْر بِكَثِيْر , وَلَم نَعُد نُخْرِج إِلَى حَدِيْقَة الْمَنْزِل كَالْمُعْتَاد ، حَيْث كُنْت أَرَاه حَوْل بَيْتِه يُمَرِّن أَقْدَامَه عَلَى الْسَّيْر ، وَيُمَتِّع نَفْسَه بِشُعَاع الْشَّمْس ، وَيُدَاعِب كَلْبَه الْوَدُوْد ؛ فَهُو رَجُل فِي سِن الْتَّقَاعُد الْمُرِيح ، وَالْشَّيْخُوْخَة الْجَمِيْلَة ، وَهُو قَلِيْل الْكَلَام إِلَّا مَا نَدَر ، وَقَد تَفَرَّق أَوْلَادَه فِي بِقَاع شَتَّى مِن الْبِلَاد ، كَل حَسَب عَمَلِه ، وَزَوْجَتُه مِن الْنَّسَاء الْلَّوَاتِي يَهْوِيْن الْغَزَل وَالْنَّسْج ، فَلَا تَكَاد تَرَى .
***
وَصَلْت الْبَيْت ، وَقَد زَال عَنِّي بَعْض مَا هَمَّنِي وَأَقْلَقَنَي ، وَأَفْسَد عَلَي نَهَارِي ، فَجَلَسْت عَلَى مَكْتَبِي ؛ وَلَكِن عَاد يَرِن فِي أُذُنَي قَوْل جَارِي :
« الْكَلَب قَادَنِي إِلَى بَاب مَنْزِلِك »
ثُم أَخَذْت أَتَذَكَّر أَطْرَافا مِن حَدِيْث الْرَّسُوْل عَلَيْه الْسَّلَام : أَحْسَن إِلَى جَارِك ، وَقَد سَبَقَنِي هُو إِلَى ذَلِك ، فَأَحْسَن إِلَي .. فَأَدَرْت رَقِم الْهَاتِف عَلَى مَنْزِلِه ، وَشَكَرَتْه عَلَى مَعْرُوْفِه ، وَسَأَلْتُه : أَأَنْت مَرِيْض إِلَى دَرْجَة أَن الْكَلْب قَادَك إِلَى بَاب مَنْزِلِي ؟ فَقَال : لَا أَنَا بِخَيْر ؛ وَلَكِنِّي فَتَحْت بَاب مَنْزِلِي لِلْكَلْب ؛ لِكَي يَتَمَشَّى خَارِج الْمَنْزِل كَعَادَتِه- وَكَان هَذَا بَرْنَامِجَه الْيَوْمِي- فَعِنْدَمَا خَرَج ، عَاد بِسْرْعَة ، فَعَلِمْت أَن هُنَاك شَيْء مُهِم أَعَادَه ، فَقُمْت وَتَبِعْتُه ؛ لِكَي أَعْرِف الْسَّبَب ، فَقَادَنِي إِلَى بَاب مَنْزِلِك ، فِصُعِقْت صَعْقَة مُخْرِسة لجَمْتَنِي عَن الْكَلَام مِن سُلُوْك هَذَا الْدَّابَّة الْغَرْيِب ، وَتَذَكَّرْت الْخَازُوق الَّذِي نَزَّل عَلَى رَأْسِي ، وَعَلَى قُوْت عِيَالِي مِن الْدَّابَّة الْشَّرْق الْاوْسَط أَبِي جَهْل وَاعْوَانِه ، َفلَمّلَمّتُ نَفْسِي وشَعَثي وطُرَشّي وَخَيْبَتَي وَكُل مَا تَبْعَثَر مِنِّي ، وَذَهَبْت إِلَيْه مَشْدُوْه اللُّب مَخْلُوْع الْفُؤَاد مَكْسُوْر الْخَاطِر مَقْلُوْب الْحَال ، وَكَأَن أَبُو جَهْل الْسَرْسَرِي دَابَّة الْجَهْل مَوْسُوْعَة الْخَرَاب ، قَد خَلَعَنِي ذَالِك الْخَازُوق فِي الْتَّو وَالْحَال ، طَرَقْت الْبَاب ، فَسُمِح لِي بِالْدُّخُوْل ، فَدَخَلْت ، وَإِذَا بِالْكَلْب جَالِس بِجِوَار الْعَجُوز عَلَى أَجَمَل فِرَاش ، فَقُلْت فِي نَفْسِي : يَا سُبْحَان الْلَّه ! هَذَا كَلْب بِرُتْبَة ... بِاشَّا... ، فَاجْتَمَعْنَا نَحْن الْثَّلاثَة اجْتِمَاعَا مُغْلَقا : الْعَجُوز , وَالْكَلْب , وَالْعَرَبِي الْمُشَرَّد .. إِي ، وَالْلَّه ! اجْتِمَاع الْعُلَمَاء ؛ وَلَكِن كُل حَسَب تَخَصُّصِه . فَالَّرَّجُل الْعَجُوز هُو الَّذِي تَابِع تَدْرِيْب الْكَلَب . وَالْكَلْب أَحْسَن الْتَّطْبِيْق . وَالْعَالَم الْعَرَبِي احْتَوَى الْخَازُوق بِحِلْمِه وَحِكْمَتِه وَمَا تَبَقَّى لَه مِن عَقْل ... طَبْعا هَذَا هُو الْخَازُوق الْثَّانِي... ، غَيْر الْخَازُوق الْأَوَّل ، فَقَد جَلَس الْعَالَم هُنَا تِلْمِيْذا أَمَام الْكَلِب وَصَاحِبُه ، وَبَدَأَت الْأَسْئِلَة ؛ وَهِي عِبَارَة عَن أَسْئِلَة غَيْر مُرَتَّبَة ،
وَالْسُّؤَال الْأَوَّل دَائِما يَنِم عَن الْجَهْل وَالْهَبَل مِّن وَقَع الْصَّدْمَة ، ثُم سُرّعَان مَا يَنْقَشِع الْهَبَل ، وتَنْطَلّق الْأَسْئِلَة الْذَّكِيَّة ،
فَكَان الْسُّؤَال الْأَوَّل : كَيْف عَلِم الْكَلْب أَن الْبَاب مُخَالِف لِلْمَأْلُوْف ، مَع أَنَّه لَيْس بَاب مَنْزِلُك ؟ قَال الْعَجُوز : هَذَا يَأْتِي مَع الْتَّعْلِيْم وَالْتَّدْرِيب . وَقَد تَدَرَّب الْكَلَب عَلَى حِرَاسَة بَيْتِك قَبْل أَن تَسْكُن فِيْه ، فَالَّرَّجُل الَّذِي بَاعَك الْبَيْت اشْتَرَاه مِن أَخِي الَّذِي رَحَل إِلَى كَنَدَا ، وَهَذَا الْكَلَب فِي الْأَصْل هُو كَلْبَه ، فَنَحْن أُصُوْلِنَا كَنَدِيَّة ، وَقَد رَحَلْنَا إِلَى هُنَا طَلَبَا لِلْعَيْش ، وَقَد سَكَن هُنَا قَبْلِك الَّذِي باعَك الْبَيْت أَرْبَعَة أَعْوَام ، وَأَنْت لَّك هُنَا أَقُل مِن عَام ... وَلَم تَكُن هُنَاك مُنَاسَبَة لِلْحَدِيْث فِي هَذَا الْمَوْضُوْع .
وَالْسُّؤَال الْثَّانِي : لِمَاذَا الْكَلَب لَا يَنَبْح ؟ وَلَا نَسْمَع لَه صَوَتَاعَلَى ضَخَامَتُه وَكَبَّر هَامَتِه ؟ قَال : لِأَن أَخِي دَرْبِه عَلَى الْوُد وَالْحَنِيَّة . إِي ، وَالْلَّه ! الْوُد وَالْحَنِيَّة . فَقُلْت لَه : الْوِد وَالْحَنِيَّة . قَال : نَعَم ! الْوِد وَالْحَنِيَّة . فَقُلْت لَه : هَل يَحْسُن الْكَلَب الْوِد وَالْحَنِيَّة ؟ فَقَال : نَعَم ! فَقُلْت لَه : أَنَا مِن بِلَاد فِيْهَا الْكَثِير مِن الْكِلاب ؛ وَلَكِن أَوْصَافِهَا تَخْتَلِف عَن أَوْصَاف كَلْب أَخِيْك الَّذِي أَصْبَح كَلْبَك ، فَهِي كِلَاب حَقِيْقِيَة ، الْعَوَّاء عِنْدَهَا مُسْتَمِر دَائِم لَا يَنْقَطِع ، وَالِاقْتِرَاب مِنْهَا مَوْت مُحَقَق ، فَإِن نَجَوْت مِن الْمَوْت ، فَهِي الْكُسُور وَالْجُرُوْح الْمُهْلِكَة .. قَال : هُو الْتَّعْلِيْم وَالْتَّدْرِيب ، هُو دَرْبَه عَلَى الْوِد وَالْحِنِّيَّة ، وَالْصَّدَاقَة وَالْمَرَح . قُلْت لَه : وَيَنْفَع ذَلِك ؟ قَال : أَلَا تَرَاه مُجْتَمِعا مَعَنَا ، جَالِسا بِوَقَار عَلَى فِرَاش جَمِيْل ؟ قُلْت : بَلَى ! قَال لِي : وَهَذَا لَا يَكُوْن إِلَّا بِالْإِحْسَان إِلَيْه ، مَع الْتَّمْرِيْن وَالْتَّدْرِيب ، وَهِي الْفِطْرَة الَّتِي جُبِل عَلَيْهَا . أَمَّا إِذَا أَرَدْتُه شَرِسا ، فَتُدربِه عَلَى الشَّرَاسَة ، فَالأَمْر يَعُوْد إِلَيْك . فَتَذَكَّرْت بَلَاهَة قَوْمِي ، وَامْرَاة فِي قَرْيَتِنَا ، كَان الْنَّاس يَتَحَدَّثُوْن عَنْهَا .. كَانَت تَغْسِل وُجُوْه أَوْلَادِهَا مِن بَوَلَهُم ، وَهُم أَطْفَال ، وَعِنْدَمَا كَان الْنَّاس يَسْأَلُوْنَهُا عَن سَبَب ذَلِك ، كَانَت تَقُوْل- قَبَّحَهَا الْلَّه – كَي يُقْهَرُوْا الْنَّاس ، وَيَتَسَلَّطُون عَلِيْهِم ، وَيُرْعِبُونَهُم ، وَلَا يَخْجَلُون !!!
======
وَقَد عَد الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم : حُسْن الْخُلُق مِن كَمَال الْإِيْمَان، فَقَال عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام:{ أُكْمِل الْمُؤْمِنِيْن إِيْمَانَا أَحْسَنُهُم خُلُقَا } [رَوَاه أَحْمَد وَأَبُوْدَاوُد].
========
وَإِذَا بَحْثْت عَن الْتُّقَي وَجَدْتَه /// رَجُلا يُصَدِّق قَوْلَه بِفَعَال
وَإِذَا اتَّقَى الْلَّه امْرُؤ وَأَطَاعَه /// فَيَدَاه بَيْن مَكَارِم وَمَعَال
وَعَلَى الْتَّقِي إِذَا تَرَسَّخ فِي الْتُّقَى/// تَاجَان: تَاج سَكِيْنَة وَجَلَال
وَإِذَا تَنَاسَبَت الْرِجَال فَمَا أَرَى //// نَسَبا يَكُوْن كَصَالِح الْأَعْمَال
======
بِقَلَم الْبَاحِث : مُحَمَّد عُبَيْد الْلَّه
الْمَحَاضِر سَابِقا بِكُلِّيَّة الْلُّغَات- جَامِعَة وِلْيَم بَاتَرْسن
[/align]
وَقَد عَد الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم : حُسْن الْخُلُق مِن كَمَال الْإِيْمَان، فَقَال عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام:{ أُكْمِل الْمُؤْمِنِيْن إِيْمَانَا أَحْسَنُهُم خُلُقَا } [رَوَاه أَحْمَد وَأَبُوْدَاوُد].
========
وَإِذَا بَحْثْت عَن الْتُّقَي وَجَدْتَه /// رَجُلا يُصَدِّق قَوْلَه بِفَعَال
وَإِذَا اتَّقَى الْلَّه امْرُؤ وَأَطَاعَه /// فَيَدَاه بَيْن مَكَارِم وَمَعَال
وَعَلَى الْتَّقِي إِذَا تَرَسَّخ فِي الْتُّقَى/// تَاجَان: تَاج سَكِيْنَة وَجَلَال
وَإِذَا تَنَاسَبَت الْرِجَال فَمَا أَرَى //// نَسَبا يَكُوْن كَصَالِح الْأَعْمَال
======
بِقَلَم الْبَاحِث : مُحَمَّد عُبَيْد الْلَّه
الْمَحَاضِر سَابِقا بِكُلِّيَّة الْلُّغَات- جَامِعَة وِلْيَم بَاتَرْسن
تعليق