عالم عربي و كَلب كندي في حوارعن الفِطرة التي فُطرَ الناسَ عليها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الباحث محمد عبيدالله
    عضو الملتقى
    • 22-03-2010
    • 121

    عالم عربي و كَلب كندي في حوارعن الفِطرة التي فُطرَ الناسَ عليها


    هذه قِصَه سَمِعتُها من عاِلم أمريكي عربي الأصل والعروق , يدافعُ عن قومه في الشرق , الجملة المشهورة عند العرب العاربة والمستعربة
    « أي ، والله »
    يدافع عن قومه في الشرق , وهو في الغرب , ويا للعجب
    اسمع الحكاية فقد حصلتْ لهُ في منطقة ريفية بين أمريكا وكندا يفصل بينها خط وهمّي
    أما بداية القصة فكانت في الشرق الأوسط ، وكانت عبارة عن خازوق بارع مانع ، دقَّه لهُ إمَّعة حسود جاهل حاقد ، ابن قوم دب الفساد في عروقهم ؛ كما يدب الربيع في عروق الشجر , على جمال الشجر وزهره , وبئس تلك العائلة التي تتناسل الجُهال الذين يتكاثرون ؛ كما يتكاثر الوغش
    ***
    بداية القصة :

    قال الرجل : لظروف مَّا نوَّعتُ ثقافتي من ديار شتّى ، ثم عدتُ إلى الشرق الأوسط ، أحمل علمًا نادرًا ، قمتُ بتعديلهِ وتقنينه ؛ كي يتلائم مع واقعنا المرير في الشرق الأوسط ، وصنفتُ منه علمًا بمقايس عربية ، يخدم البلاد والعباد ، ويسعد الناس ، فكنت أألِّف ، وأحاضر ، وأعمل مديرًا في نفس المصلحة ، وأُخرّج المدراء الجدد لهذه الصنعة النادرة ، وكنتُ أختارهم رجالاً من خيرة الناس ، أبناء حسب وكرم و أخلاق حميدة ، يحبون الناس ، ولا يبخلون في العطاء ، همهم خدمة العباد ورضى الله تعالى ، وكانت لي فراسة تساعدني على حُسن الاختيار ، فكانت سعادتي لا توصف . كلما لمعَ أحد المُدراء الجدد ، وأزداد سعادة ، إذا سمعتُ أنه نجحَ في اختيار مدير جديد رقعَ فتحة من فتحات الخراب التي لا تعد ولا تحصى في طول البلاد وعرضها، وكنتُ أعتبره نصرًا للعباد والبلاد ، يصب في مصلحة قومي إلى أن سلخني إمَّعة حسود حاقد " خازوق بارع مانع " من حُسن غزلهِ وشدة إفكه هبطتُ في أمريكا ، هناك بعد مرار قليل وسعي كثير سكنتُ في بيت مَليح ، وجار مُريح ، فحمدتُ الله تعالى على هذه النعمة بعد ذلك الشقاء والتعب وعَجَاجْ السِنين ؛ غير أن هذا الجار كان عندهُ كلباً ضخماً ، شكله كان مفزعًا مروعاً ، كنت أخشى على أولادي من كبر حجمه ، وضخامة رأسه ، وصرتُ أسأل نفسي : كيف يتعايش هذا الرجل مع هذا الكلب الغريب ؟ وماذا يطعمهُ حتى أصبح بهذا الحجم العظيم ؟ فأخذت أتمحك في هذا الجار ، إلى أن تجرأتُ وطلبتُ منه أن ينقل الكلب إلى جهة أخرى بعيده عن حديقة بيتي ، ومدخل داري . وكوني من أصل عربي ، فقد كنتُ أظن أن مقام الكلب بيني وبينه كان مقصودًا قصدًا ، خصوصًا أني غريب و من الماركة المسجلة والمعروفة عالميًّا ... عربي ... ولغتي الإنجليزية مكشوفة ؛ فهي ليست لغة أصلية ، بل لغة مرقعة أستعملها عند الحاجة زهدًا فيها ، فقد حمَلتُ معي مكتبة من الشرق الأوسط يعجزعن حملها أضخم بعير ، يجر خلفه عددًا من نفس الفصيل ... انهمكت فيها للبحث والتأليف ؛ لعل الله يرزقني حسنة بعد أن " سَحَلَتْ " عني البركة التي كنت أتلفعُ بها في بلادي ؛" فهي بلاد أرضها مباركة ، وأهلها لا يعلمون .."
    نعود إلى طلب العالم الذي أصبح جاهلاً بجرة قلم ، وطقة حنك عند ابي جهل موسوعة الخراب ..
    ***
    فقال الجار الطيب : لماذا ؟! وما السبب ؟! هل هو لسبب ديني في ملتكم ؟ فاكتشفتُ أنه يعلم أني مُسلم ، فقلت في نفسي : وا إسلاماه ! حتى مصلحة الكلاب همّها أمر ديننا . فقلتُ : لا ، ولكنه الرعب الذي حل بنا منذ أن سكنا في جوارك . فاعتذر لي عمّا أصابنا من جزع ، وأخذ يذكر لي محاسن الكلب ، وكم هو كلب ودوّدّ ! فقلتُ في نفسي : خيبكَ الله لم يبقَ عليك إلا أن تعتبرهُ واحدًا من أفراد أسرتِك ، وأيقنتُ أنه يدافع عن نفسهِ وعن كلبهِ ، ودخلتُ إلى منزلي ، وحدثتُ زوجتي ، فقالتْ : سوف نبقى على حذر إلى أن يفرجها الله تعالى ، ثم قالتْ : ألآ ترى أنه لا ينبح ؟ فقلتُ : لعله أخرس . وأدركتُ أنه جواب أبْلَه ، ثم قلتُ : ربما لأنه كبير في السن .

    وبعد أيام قليلة ذهبَ أولادي إلى المدرسة ، وخرجتْ زوجتي إلى السوق ، وأنا في عملي ؛ وإذ بالهاتف يرن في طلبي ، فسألت الطالب : من أنت ؟ فقال : أنا جاركَ ، فحييته ، فقال : إن باب بيتكَ مفتوح ، والريح شديدة ، وقد اتصلتُ على هاتف منزلكَ ؛ ولكن لا أحد يُجيب ، وطرقتُ الباب والجرس ، فلم يخرج أحدٌ من المنزل ، فهل تأذن لي بأن أغلق الباب ؟ هنا أصابني الرعب !، وقد أدرك هو ذلك من نبراتْ صوتي ، فقال لي : إن بلدتنا آمنة ، إنها الريح دفعتْ باب المنزل ، ويبدو أنه لم يكن محكم الإغلاق ، واليوم- كما تعلم- الريح شديدة ، وقد اقتلعتْ بعض أشجار البلدة ؛ كما سمعنا الناس يتحدثون بذلك ، ونشرة أخبار المقاطعة أيضاً ذكرتْ ذلك عن بلدتِنا ، والكلب قد قادني إلي باب بيتكَ ، وأنا الآن أمام الباب ، وأحدثك من التلفون النقال ، وقد أخذتُ رقم عملكَ من استعلامات البلدية ، فكانت أول مرة أشعر فيها أنه جار ودود حقًّا ،" وشعرت كأنه شيخ من أكابر قريتنا " ، وأنه ألطف مما كنت أتصور ؛ ولكن رغم كل ما قدمه لي من تطمينات وتأكيدات ، لم أطمئن ، وبسرعة البرق انطلقتُ بسيارتي إلى منزلي ، ومن السيارة هاتفتُ زوجتي ، وعلمتُ أنها ما زالت في السوق ، وسألتها عن الأولاد ، فقالت : إنهم جميعًا في المدرسة ، وشرحتُ لها خبر الباب ، فاعتذرتْ ، وقالت : يبدو أني لم أحكم إغلاقهُ ، فخففتُ من سرعة السيارة ، وحمدتُ الله تعالى على نعمة السلامة ، وأخذت أردد في نفسي الجملة التي ذكرها لي جاري :
    « الكلب قادني إلى باب منزلك »

    وأخذت أسأل نفسي : لماذا الكلب قاده إلى باب منزلي ؟ وهل جاري مريض ؟ بالفعل أنا لم أرهُ منذ أسابيع ، فالجو شديد البرودة ، ودرجة الحرارة تحت الصفر بكثير , ولم نعد نخرج إلى حديقة المنزل كالمعتاد ، حيثُ كنتُ أراهُ حول بيته يمرِّنُ أقدامهُ على السير ، ويمتع نفسه بشعاع الشمس ، ويداعبُ كلبه الودود ؛ فهو رجل في سِن التقاعد المريح ، والشيخوخة الجميلة ، وهو قليل الكلام إلآ ما ندر ، وقد تفرق أولادهُ في بِقاعٍ شتّى من البلاد ، كلٌّ حسب عمله ، وزوجته من النساء اللواتي يهوين الغزل والنسج ، فلا تكاد ترَى .
    ***
    وصلتُ البيت ، وقد زال عني بعض ما همّني وأقلقني ، وأفسدَ عليَّ نهاري ، فجلست على مكتبي ؛ ولكن عاد يرن في أذني قول جاري :
    « الكلب قادني إلى باب منزلك »
    ثم أخذت أتذكر أطرافًا من حديث الرسول عليه السلام : أحسن إلى جارِكَ ، وقد سبقني هو إلى ذلك ، فأحسن إليَّ .. فأدرت رقم الهاتف على منزله ، وشكرته على معروفه ، وسألته : أأنت مريض إلى درجة أن الكلب قادكَ إلى باب منزلي ؟ فقال : لا أنا بخير ؛ ولكني فتحتُ باب منزلي للكلب ؛ لكي يتمشى خارج المنزل كعادتهِ- وكان هذا برنامجه اليومي- فعندما خرجَ ، عاد بسرعة ، فعلمتُ أن هناك شيء مهم أعادهُ ، فقمتُ وتبعتهُ ؛ لكي أعرف السبب ، فقادني إلى باب منزلك ، فصعقتُ صعقةً مخرسة لجمتني عن الكلام من سلوك هذا الدابة الغريب ، وتذكرتُ الخازوق الذي نزل على رأسي ، وعلى قوت عيالي من الدابة الشرق الاوسط أبي جهل واعوانه ، َفلَمّلَمّتُ نفسي وشعثي وطرشي وخيبتي وكل ما تبعثر مني ، وذهبتُ إليه مشدوه اللبْ مخلوع الفؤاد مكسور الخاطر مقلوب الحال ، وكأنَ أبو جهل السرسري دابة الجهل موسوعة الخراب ، قد خلعني ذالك الخازوق في التَّوِّ والحال ، طرقت الباب ، فسمح لي بالدخول ، فدخلت ، وإذا بالكلب جالس بجوار العجوز على أجمل فراش ، فقلت في نفسي : يا سبحان الله ! هذا كلب برتبة ... باشا... ، فاجتمعنا نحن الثلاثة اجتماعاً مغلقًا : العجوز , والكلب , والعربي المشرد .. إي ، والله ! اجتماع العلماء ؛ ولكن كل حسب تخصصه . فالرجل العجوز هو الذي تابع تدريب الكلب . والكلب أحسن التطبيق . والعالم العربي احتوى الخازوق بحلمهِ وحكمتهِ وما تبقى له من عقل ... طبعًا هذا هو الخازوق الثاني... ، غير الخازوق الأول ، فقد جلس العالم هنا تلميذًا أمام الكلب وصاحبه ، وبَدَأَتْ الأسئلة ؛ وهي عبارة عن أسئلة غير مرتبة ،

    والسؤال الأول دائمًا ينمُّ عن الجهل والهَبل من وقع الصدمة ، ثم سرعان ما ينقشع الهَبَل ، وتَنّطَلقُ الأسئلة الذكية ،
    فكان السؤال الأول : كيف عَلِمَ الكلب أن الباب مخالف للمألوف ، مع أنه ليس باب منزلك ؟ قال العجوز : هذا يأتي مع التعليم والتدريب . وقد تدربَ الكلب على حراسة بيتكَ قبل أن تسكن فيه ، فالرجل الذي باعكَ البيت اشتراهُ من أخي الذي رحلَ إلى كندا ، وهذا الكلب في الأصل هو كلبهُ ، فنحن أصولنا كندية ، وقد رحلنا إلى هنا طلباً للعيش ، وقد سكنَ هنا قبلك الذي باعكُ البيت أربعة أعوام ، وأنتَ لك هنا أقل من عام ... ولم تكن هناك مناسبة للحديث في هذا الموضوع .
    والسؤال الثاني : لماذا الكلب لا ينبح ؟ ولا نسمع له صوتًاعلى ضخامته وكبر هامته ؟ قال : لأن أخي دربه على الود والحنيَّة . إي ، والله ! الود والحنيَّة . فقلت له : الوِدّ والحنيَّة . قال : نعم ! الوِدّ والحنيَّة . فقلت له : هل يحسن الكلب الوِدّ والحنيَّة ؟ فقال : نعم ! فقلت له : أنا من بلاد فيها الكثير من الكلاب ؛ ولكن أوصافها تختلف عن أوصاف كلب أخيك الذي أصبح كلبك ، فهي كلاب حقيقية ، العواءُ عندها مستمر دائم لا ينقطع ، والاقتراب منها موت محقق ، فإن نجوت من الموت ، فهي الكسور والجروح المُهلِكة .. قال : هو التعليم والتدريب ، هو دربهُ على الوِدّ والحِنيَّة ، والصداقة والمرح . قلت له : وينفع ذلك ؟ قال : ألآ تراه مجتمعًا معنا ، جالسًا بوقار على فراش جميل ؟ قلت : بلى ! قال لي : وهذا لا يكون إلا بالإحسان إليه ، مع التمرين والتدريب ، وهي الفِطرة التي جُبِلَ عليها . أما إذا أردته شَرِسًا ، فتدربهُ على الشراسة ، فالأمر يعود إليك . فتذكرتُ بلاهة قومي ، وامراة في قريتنا ، كان الناس يتحدثون عنها .. كانت تغسل وجوه أولادها من بولِهم ، وهم أطفال ، وعندما كان الناس يسألونها عن سبب ذلك ، كانت تقول- قبَّحها الله – كي يقهروا الناس ، ويتسلّطون عليهم ، ويرعبونهم ، ولا يخجلون !!!
    ======
    وقد عدَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم : حُسن الخلق من كمال الإيمان، فقال عليه الصلاة والسلام:{ أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً } [رواه أحمد وأبوداود].
    ========
    وإذا بحثتَ عن التُقي وجَدتَهُ /// رَجلاً يُصدِّق قولَهُ بفعالِ
    وإذا اتقى اللّهَ امرؤٌ وأطاعهُ /// فيداهُ بين مكارمٍ ومعالِ
    وعلى التقي إذا تَرَسَّخَ في التُقى/// تاجان: تاجُ سكينةٍ وجلالِ
    وإذا تناسَبَتْ الرِجالُ فما أرى //// نَسَبًا يكون كصالحِ الأعمالِ
    ======
    بقلم الباحث : محمد عبيد الله
    المحاضر سابقًا بكلية اللغات- جامعة وليم باترسن
    mohamad.obeidallah@yahoo.com

    نَص القصة مرة أخرى بعد تشكيله بخدمة جوجل الجديده " تشكيل جوجل "
    [align=justify]
    [align=center]

    عَالَم عَرَبِي وَكَلْب كِنِدِي فِي حِوَار عِلْمِي
    حَوْل الْفِطْرَة الَّتِي جُبِل الْنَّاس عَلَيْهَا
    ******
    قَال الْلَّه تَبَارَك وَتَعَالَى
    فَأَقِم وَجْهَك لِلْدِّيِن حَنِيْفا فِطْرَة الْلَّه الَّتِي فَطَر الْنَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيْل لِخَلْق الْلَّه ذَلِك الْدِّيْن الْقَيِّم وَلَكِن أَكْثَر الْنَّاس لَا يَعْلَمُوْن .


    هَذِه قِصَّه سَمِعْتُهَا مِن عَالَم أَمْرِيْكِي عَرَبِي الْأَصْل وَالْعَرُوْق , يُدَافِع عَن قَوْمِه فِي الْشَّرْق , الْجُمْلَة الْمَشْهُوْرَة عِنْد الْعَرَب الْعَارِبَة وَالْمُسْتَعَرْبة
    « أَي ، وَالْلَّه »
    يُدَافِع عَن قَوْمِه فِي الْشَّرْق , وَهُو فِي الْغَرْب , وَيَا لَلْعَجَب
    اسْمَع الْحِكَايَة فَقَد حَصَلَت لَه فِي مِنْطَقَة رِيْفِيَّة بَيْن أَمْرِيْكَا وَكَّنَدَا يَفْصِل بَيْنَهَا خَط وَهَمِّي
    أَمَّا بِدَايَّة الْقِصَّة فَكَانَت فِي الْشَّرْق الْأَوْسَط ، وَكَانَت عِبَارَة عَن خَازُوْق بِارِع مَانِع ، دِقَّه لَه إِمَّعَة حَسُوْد جَاهِل حَاقِد ، ابْن قَوْم دَب الْفَسَاد فِي عِرْوُقِهِم ؛ كَمَا يَدِب الْرُّبَيِّع فِي عُرُوْق الْشَّجَر , عَلَى جِمَال الْشَّجَر وَزَهْرُه , وَبِئْس تِلْك الْعَائِلَة الَّتِي تَتَنَاسَل الْجُهَّال الَّذِيْن يَتَكَاثَرُوْن ؛ كَمَا يَتَكَاثَر الْوَغش
    ***
    بِدَايَّة الْقِصَّة :
    [/align]


    قَال الْرَّجُل : لِظُرُوف مَّا نَوَّعْت ثَقَافَتَي مِن دِيَار شَتَّى ، ثُم عُدْت إِلَى الْشَّرْق الْأَوْسَط ، أَحْمِل عِلْما نَادِرا ، قُمْت بِتَعْدِيِلِه وتَقَنِينِه ؛ كَي يَتَلَائِم مَع وَاقَعْنَا الْمَرِير فِي الْشَّرْق الْأَوْسَط ، وَصَنَّفْت مِنْه عِلْما بِمُقَايُس عَرَبِيَّة ، يَخْدِم الْبِلَاد وَالْعِبَاد ، وَيَسْعَد الْنَّاس ، فَكُنْت أُأَلِّف ، وَأُحَاضِر ، وَأَعْمَل مُدَيْرا فِي نَفْس الْمَصْلَحَة ، وَأُخَرِّج الْمُدَرَاء الْجُدُد لِهَذِه الْصِّنْعَة الْنَّادِرَة ، وَكُنْت أَخْتَارَهُم رِجَالْا مِن خِيَرَة الْنَّاس ، أَبْنَاء حَسَب وَكَرُم و أَخْلَاق حَمِيْدَة ، يُحِبُّوْن الْنَّاس ، وَلَا يَبْخَلُوْن فِي الْعَطَاء ، هَمُّهُم خِدْمَة الْعِبَاد وَرِضَى الَلّه تَعَالَى ، وَكَانَت لِي فَرّاسَة تُسَاعِدَنِي عَلَى حُسْن الْاخْتِيَار ، فَكَانَت سَعَادَتِي لَا تُوْصَف . كُلَّمَا لَمَع أَحَد الْمُدَرَاء الْجُدُد ، وَأَزْدَاد سَعَادَة ، إِذَا سَمِعْت أَنَّه نَجَح فِي اخْتِيَار مُدِيْر جَدِيْد رَقَع فَتْحَة مِن فَتَحَات الْخَرَاب الَّتِي لَا تُعَد وَلَا تُحْصَى فِي طُول الْبِلَاد وَعَرْضِهَا، وَكُنْت أَعْتَبِرُه نَصْرا لِّلْعِبَاد وَالْبِلَاد ، يُصَب فِي مَصْلَحَة قَوْمِي إِلَى أَن سَلَخَنِي إِمَّعَة حَسُوْد حَاقِد " خَازُوْق بِارِع مَانِع " مِن حُسْن غَزَلِه وَشِدَّة إِفْكِه هَبَطْت فِي أَمْرِيْكَا ، هُنَاك بَعْد مَرَار قَلِيْل وُسْعِي كَثِيْر سَكَنَت فِي بَيْت مَلِيْح ، وَجَار مُرِيْح ، فَحَمَدْت الْلَّه تَعَالَى عَلَى هَذِه الْنِّعْمَة بَعْد ذَلِك الْشَّقَاء وَالْتَعَب وعَجَاج الْسِّنِيْن ؛ غَيْر أَن هَذَا الْجَار كَان عِنْدَه كَلْبَا ضَخْمَا ، شَكْلِه كَان مُفْزِعا مُرَوَّعَا ، كُنْت أَخْشَى عَلَى أَوْلَادِي مَن كَبَّر حَجَمَه ، وَضَخَامَة رَأْسِه ، وَصِرْت أَسْأَل نَفْسِي : كَيْف يَتَعَايَش هَذَا الْرَّجُل مَع هَذَا الْكَلْب الْغَرْيِب ؟ وَمَاذَا يَطْعَمُه حَتَّى أَصْبَح بِهَذَا الْحَجْم الْعَظِيْم ؟ فَأَخَذْت أتَمحُك فِي هَذَا الْجَار ، إِلَى أَن تَجَرَّأْت وَطُلِبْت مِنْه أَن يَنْقُل الْكَلَب إِلَى جِهَة أُخْرَى بَعِيْدَه عَن حَدِيْقَة بَيْتِي ، وَمَدْخَل دَارِي . وَكُوْنِّي مِن أَصْل عَرَبِي ، فَقَد كُنْت أَظُن أَن مَقَام الْكَلَب بَيْنِي وَبَيْنَه كَان مَقْصُوْدا قَصْدا ، خُصُوْصا أَنِّي غَرِيْب و مَن الْمَارْكَة الْمُسَجَّلَة وَالْمَعْرُوْفَة عَالَمِيا ... عَرَبِي ... وَلُغَتِي الْإِنْجِلِيْزِيَّة مَكْشُوْفَة ؛ فَهِي لَيْسَت لُغَة أَصْلِيَّة ، بَل لُغَة مُرَقَّعَة أَسْتَعْمِلُهَا عِنْد الْحَاجَة زُهْدا فِيْهَا ، فَقَد حَمَلْت مَعِي مَكْتَبَة مِن الْشَّرْق الْأَوْسَط يُعَجْزِعَن حَمْلَهَا أَضْخَم بَعِيْر ، يَجُر خَلْفِه عَدَدا مِن نَفْس الْفَصِيل ... انْهَمَكْت فِيْهَا لِلْبَحْث وَالتَّأْلِيْف ؛ لَعَل الْلَّه يَرْزُقَنِي حَسَنَة بَعْد أَن " سَّحَّلَت " عَنِّي الْبِرْكَة الَّتِي كُنْت أَتَلَفَّع بِهَا فِي بِلَادِي ؛" فَهِي بِلَاد أَرْضِهَا مُبَارَكَة ، وَأَهْلُهَا لَا يَعْلَمُوْن .."
    نَّعُوْد إِلَى طَلَب الْعَالَم الَّذِي أَصْبَح جَاهِلا بِجَرَّة قَلَم ، وَطَقَّة حَنَك عِنْد ابِي جَهْل مَوْسُوْعَة الْخَرَاب ..
    ***
    فَقَال الْجَار الْطَّيِّب : لِمَاذَا ؟! وَمَا الْسَّبَب ؟! هَل هُو لَسَّبَب دِيْنِي فِي مِلَّتِكُم ؟ فَاكْتَشَفْت أَنَّه يَعْلَم أَنِّي مُسْلِم ، فَقُلْت فِي نَفْسِي : وَا إِسْلَامَاه ! حَتَّى مَصْلَحَة الْكِلَاب هَمُّهُا أَمْر دِيْنِنَا . فَقُلْت : لَا ، وَلَكِنَّه الْرُّعْب الَّذِي حَل بِنَا مُنْذ أَن سَكَنا فِي جِوَارِك . فَاعْتَذِر لَي عَمَّا أَصَابَنَا مِن جَزْع ، وَأَخَذ يَذْكُر لِي مَحَاسِن الْكَلَب ، وَكَم هُو كَلْب وَدُوّد ! فَقُلْت فِي نَفْسِي : خِيْبِك الْلَّه لَم يَبْق عَلَيْك إِلَّا أَن تَعْتَبِرُه وَاحِدا مَن أَفْرَاد أُسْرَتِك ، وَأَيْقَنْت أَنَّه يُدَافِع عَن نَفْسِه وَعَن كَلْبِه ، وَدَخَلْت إِلَى مَنْزِلِي ، وَحُدِّثْت زَوْجَتَي ، فَقَالَت : سَوْف نَبْقَى عَلَى حَذَر إِلَى أَن يُفَرِّجُهَا الْلَّه تَعَالَى ، ثُم قَالَت : أَلَا تَرَى أَنَّه لَا يَنْبَح ؟ فَقُلْت : لَعَلَّه أَخْرَس . وَأَدْرَكْت أَنَّه جَوَاب أَبْلَه ، ثُم قُلْت : رُبَّمَا لِأَنَّه كَبِيْر فِي الْسِّن .


    وَبَعْد أَيَّام قَلِيْلَة ذَهَب أَوْلَادِي إِلَى الْمَدْرَسَة ، وَخَرَجَت زَوْجَتَي إِلَى الْسُّوْق ، وَأَنَا فِي عَمَلِي ؛ وَإِذ بِالْهَاتِف يَرِن فِي طَلَبِي ، فَسَأَلْت الْطَّالِب : مَن أَنْت ؟ فَقَال : أَنَا جَارِك ، فَحَيَّيْتُه ، فَقَال : إِن بَاب بَيْتِك مَفْتُوْح ، وَالْرِّيح شَدِيْدَة ، وَقَد اتَّصِلْت عَلَى هَاتِف مَنْزِلُك ؛ وَلَكِن لَا أَحَد يُجِيْب ، وَطَرَقْت الْبَاب وَالْجَرْس ، فَلَم يَخْرُج أَحَد مِن الْمَنْزِل ، فَهَل تَأْذِن لَي بَأْن أَغْلَق الْبَاب ؟ هُنَا أَصَابَنِي الْرُّعْب !، وَقَد أَدْرَك هُو ذَلِك مِن نَبْرَات صَوْتِي ، فَقَال لِي : إِن بَلْدَتَنَا آَمِنَة ، إِنَّهَا الرِّيَح دُفِعَت بَاب الْمَنْزِل ، وَيَبْدُو أَنَّه لَم يَكُن مُحْكَم الْإِغْلَاق ، وَالْيَوْم- كَمَا تَعْلَم- الرِّيَح شَدِيْدَة ، وَقَد اقْتُلِعَت بَعْض أَشْجَار الْبَلْدَة ؛ كَمَا سَمِعْنَا الْنَّاس يَتَحَدَّثُوْن بِذَلِك ، وَنَشَرَة أَخَبَار الْمُقَاطَعَة أَيْضا ذُكِرَت ذَلِك عَن بَلْدَتِنَا ، وَالْكَلْب قَد قَادَنِي إِلَي بَاب بَيْتِك ، وَأَنَا الْآَن أَمَام الْبَاب ، وَأُحَدِّثُك مِن الْتِّلِّفُوْن النَّقَّال ، وَقَد أَخَذْت رَقِم عَمَلُك مِن اسْتِعْلامَات الْبَلَدِيَّة ، فَكَانَت أَوَّل مَرَّة أَشْعُر فِيْهَا أَنَّه جَار وَدُوْد حَقا ،" وَشَعَرْت كَأَنَّه شَيْخ مِن أَكَابِر قَرْيَتِنَا " ، وَأَنَّه أَلْطَف مِمَّا كُنْت أَتَصَوَّر ؛ وَلَكِن رَغْم كُل مَا قَدَّمَه لِي مِن تَطْمِيْنَات وَتَّأْكِيدَات ، لَم أَطْمَئِن ، وَبِسُرْعَة الْبَرْق انْطَلَقْت بِسَيَّارَتِي إِلَى مَنْزِلِي ، وَمَن الْسَّيَّارَة هَاتَفْت زَوْجَتَي ، وَعَلِمْت أَنَّهَا مَا زَالَت فِي الْسُّوْق ، وَسَأَلْتُهَا عَن الْأَوْلَاد ، فَقَالَت : إِنَّهُم جَمِيْعا فِي الْمَدْرَسَة ، وَشَرَحْت لَهَا خَبَر الْبَاب ، فَاعْتَذَرَت ، وَقَالَت : يَبْدُو أَنِّي لَم أَحْكُم إِغْلَاقَه ، فَخَفَّفْت مِن سُرْعَة الْسَّيَّارَة ، وَحَمَدْت الْلَّه تَعَالَى عَلَى نِعْمَة الْسَّلامَة ، وَأَخَذَت أَرَدَّد فِي نَفْسِي الْجُمْلَة الَّتِي ذَكَرَهَا لِي جَارِي :
    « الْكَلَب قَادَنِي إِلَى بَاب مَنْزِلِك »


    وَأَخَذَت أَسْأَل نَفْسِي : لِمَاذَا الْكَلَب قَادَه إِلَى بَاب مَنْزِلِي ؟ وَهَل جَارِي مَرِيْض ؟ بِالْفِعْل أَنَا لَم أَرَه مِنْذ أَسَابِيْع ، فَالْجَو شَدِيْد الْبُرُوْدَة ، وَدَرَجَة الْحَرَارَة تَحْت الْصِّفْر بِكَثِيْر , وَلَم نَعُد نُخْرِج إِلَى حَدِيْقَة الْمَنْزِل كَالْمُعْتَاد ، حَيْث كُنْت أَرَاه حَوْل بَيْتِه يُمَرِّن أَقْدَامَه عَلَى الْسَّيْر ، وَيُمَتِّع نَفْسَه بِشُعَاع الْشَّمْس ، وَيُدَاعِب كَلْبَه الْوَدُوْد ؛ فَهُو رَجُل فِي سِن الْتَّقَاعُد الْمُرِيح ، وَالْشَّيْخُوْخَة الْجَمِيْلَة ، وَهُو قَلِيْل الْكَلَام إِلَّا مَا نَدَر ، وَقَد تَفَرَّق أَوْلَادَه فِي بِقَاع شَتَّى مِن الْبِلَاد ، كَل حَسَب عَمَلِه ، وَزَوْجَتُه مِن الْنَّسَاء الْلَّوَاتِي يَهْوِيْن الْغَزَل وَالْنَّسْج ، فَلَا تَكَاد تَرَى .
    ***
    وَصَلْت الْبَيْت ، وَقَد زَال عَنِّي بَعْض مَا هَمَّنِي وَأَقْلَقَنَي ، وَأَفْسَد عَلَي نَهَارِي ، فَجَلَسْت عَلَى مَكْتَبِي ؛ وَلَكِن عَاد يَرِن فِي أُذُنَي قَوْل جَارِي :
    « الْكَلَب قَادَنِي إِلَى بَاب مَنْزِلِك »
    ثُم أَخَذْت أَتَذَكَّر أَطْرَافا مِن حَدِيْث الْرَّسُوْل عَلَيْه الْسَّلَام : أَحْسَن إِلَى جَارِك ، وَقَد سَبَقَنِي هُو إِلَى ذَلِك ، فَأَحْسَن إِلَي .. فَأَدَرْت رَقِم الْهَاتِف عَلَى مَنْزِلِه ، وَشَكَرَتْه عَلَى مَعْرُوْفِه ، وَسَأَلْتُه : أَأَنْت مَرِيْض إِلَى دَرْجَة أَن الْكَلْب قَادَك إِلَى بَاب مَنْزِلِي ؟ فَقَال : لَا أَنَا بِخَيْر ؛ وَلَكِنِّي فَتَحْت بَاب مَنْزِلِي لِلْكَلْب ؛ لِكَي يَتَمَشَّى خَارِج الْمَنْزِل كَعَادَتِه- وَكَان هَذَا بَرْنَامِجَه الْيَوْمِي- فَعِنْدَمَا خَرَج ، عَاد بِسْرْعَة ، فَعَلِمْت أَن هُنَاك شَيْء مُهِم أَعَادَه ، فَقُمْت وَتَبِعْتُه ؛ لِكَي أَعْرِف الْسَّبَب ، فَقَادَنِي إِلَى بَاب مَنْزِلِك ، فِصُعِقْت صَعْقَة مُخْرِسة لجَمْتَنِي عَن الْكَلَام مِن سُلُوْك هَذَا الْدَّابَّة الْغَرْيِب ، وَتَذَكَّرْت الْخَازُوق الَّذِي نَزَّل عَلَى رَأْسِي ، وَعَلَى قُوْت عِيَالِي مِن الْدَّابَّة الْشَّرْق الْاوْسَط أَبِي جَهْل وَاعْوَانِه ، َفلَمّلَمّتُ نَفْسِي وشَعَثي وطُرَشّي وَخَيْبَتَي وَكُل مَا تَبْعَثَر مِنِّي ، وَذَهَبْت إِلَيْه مَشْدُوْه اللُّب مَخْلُوْع الْفُؤَاد مَكْسُوْر الْخَاطِر مَقْلُوْب الْحَال ، وَكَأَن أَبُو جَهْل الْسَرْسَرِي دَابَّة الْجَهْل مَوْسُوْعَة الْخَرَاب ، قَد خَلَعَنِي ذَالِك الْخَازُوق فِي الْتَّو وَالْحَال ، طَرَقْت الْبَاب ، فَسُمِح لِي بِالْدُّخُوْل ، فَدَخَلْت ، وَإِذَا بِالْكَلْب جَالِس بِجِوَار الْعَجُوز عَلَى أَجَمَل فِرَاش ، فَقُلْت فِي نَفْسِي : يَا سُبْحَان الْلَّه ! هَذَا كَلْب بِرُتْبَة ... بِاشَّا... ، فَاجْتَمَعْنَا نَحْن الْثَّلاثَة اجْتِمَاعَا مُغْلَقا : الْعَجُوز , وَالْكَلْب , وَالْعَرَبِي الْمُشَرَّد .. إِي ، وَالْلَّه ! اجْتِمَاع الْعُلَمَاء ؛ وَلَكِن كُل حَسَب تَخَصُّصِه . فَالَّرَّجُل الْعَجُوز هُو الَّذِي تَابِع تَدْرِيْب الْكَلَب . وَالْكَلْب أَحْسَن الْتَّطْبِيْق . وَالْعَالَم الْعَرَبِي احْتَوَى الْخَازُوق بِحِلْمِه وَحِكْمَتِه وَمَا تَبَقَّى لَه مِن عَقْل ... طَبْعا هَذَا هُو الْخَازُوق الْثَّانِي... ، غَيْر الْخَازُوق الْأَوَّل ، فَقَد جَلَس الْعَالَم هُنَا تِلْمِيْذا أَمَام الْكَلِب وَصَاحِبُه ، وَبَدَأَت الْأَسْئِلَة ؛ وَهِي عِبَارَة عَن أَسْئِلَة غَيْر مُرَتَّبَة ،


    وَالْسُّؤَال الْأَوَّل دَائِما يَنِم عَن الْجَهْل وَالْهَبَل مِّن وَقَع الْصَّدْمَة ، ثُم سُرّعَان مَا يَنْقَشِع الْهَبَل ، وتَنْطَلّق الْأَسْئِلَة الْذَّكِيَّة ،
    فَكَان الْسُّؤَال الْأَوَّل : كَيْف عَلِم الْكَلْب أَن الْبَاب مُخَالِف لِلْمَأْلُوْف ، مَع أَنَّه لَيْس بَاب مَنْزِلُك ؟ قَال الْعَجُوز : هَذَا يَأْتِي مَع الْتَّعْلِيْم وَالْتَّدْرِيب . وَقَد تَدَرَّب الْكَلَب عَلَى حِرَاسَة بَيْتِك قَبْل أَن تَسْكُن فِيْه ، فَالَّرَّجُل الَّذِي بَاعَك الْبَيْت اشْتَرَاه مِن أَخِي الَّذِي رَحَل إِلَى كَنَدَا ، وَهَذَا الْكَلَب فِي الْأَصْل هُو كَلْبَه ، فَنَحْن أُصُوْلِنَا كَنَدِيَّة ، وَقَد رَحَلْنَا إِلَى هُنَا طَلَبَا لِلْعَيْش ، وَقَد سَكَن هُنَا قَبْلِك الَّذِي باعَك الْبَيْت أَرْبَعَة أَعْوَام ، وَأَنْت لَّك هُنَا أَقُل مِن عَام ... وَلَم تَكُن هُنَاك مُنَاسَبَة لِلْحَدِيْث فِي هَذَا الْمَوْضُوْع .
    وَالْسُّؤَال الْثَّانِي : لِمَاذَا الْكَلَب لَا يَنَبْح ؟ وَلَا نَسْمَع لَه صَوَتَاعَلَى ضَخَامَتُه وَكَبَّر هَامَتِه ؟ قَال : لِأَن أَخِي دَرْبِه عَلَى الْوُد وَالْحَنِيَّة . إِي ، وَالْلَّه ! الْوُد وَالْحَنِيَّة . فَقُلْت لَه : الْوِد وَالْحَنِيَّة . قَال : نَعَم ! الْوِد وَالْحَنِيَّة . فَقُلْت لَه : هَل يَحْسُن الْكَلَب الْوِد وَالْحَنِيَّة ؟ فَقَال : نَعَم ! فَقُلْت لَه : أَنَا مِن بِلَاد فِيْهَا الْكَثِير مِن الْكِلاب ؛ وَلَكِن أَوْصَافِهَا تَخْتَلِف عَن أَوْصَاف كَلْب أَخِيْك الَّذِي أَصْبَح كَلْبَك ، فَهِي كِلَاب حَقِيْقِيَة ، الْعَوَّاء عِنْدَهَا مُسْتَمِر دَائِم لَا يَنْقَطِع ، وَالِاقْتِرَاب مِنْهَا مَوْت مُحَقَق ، فَإِن نَجَوْت مِن الْمَوْت ، فَهِي الْكُسُور وَالْجُرُوْح الْمُهْلِكَة .. قَال : هُو الْتَّعْلِيْم وَالْتَّدْرِيب ، هُو دَرْبَه عَلَى الْوِد وَالْحِنِّيَّة ، وَالْصَّدَاقَة وَالْمَرَح . قُلْت لَه : وَيَنْفَع ذَلِك ؟ قَال : أَلَا تَرَاه مُجْتَمِعا مَعَنَا ، جَالِسا بِوَقَار عَلَى فِرَاش جَمِيْل ؟ قُلْت : بَلَى ! قَال لِي : وَهَذَا لَا يَكُوْن إِلَّا بِالْإِحْسَان إِلَيْه ، مَع الْتَّمْرِيْن وَالْتَّدْرِيب ، وَهِي الْفِطْرَة الَّتِي جُبِل عَلَيْهَا . أَمَّا إِذَا أَرَدْتُه شَرِسا ، فَتُدربِه عَلَى الشَّرَاسَة ، فَالأَمْر يَعُوْد إِلَيْك . فَتَذَكَّرْت بَلَاهَة قَوْمِي ، وَامْرَاة فِي قَرْيَتِنَا ، كَان الْنَّاس يَتَحَدَّثُوْن عَنْهَا .. كَانَت تَغْسِل وُجُوْه أَوْلَادِهَا مِن بَوَلَهُم ، وَهُم أَطْفَال ، وَعِنْدَمَا كَان الْنَّاس يَسْأَلُوْنَهُا عَن سَبَب ذَلِك ، كَانَت تَقُوْل- قَبَّحَهَا الْلَّه – كَي يُقْهَرُوْا الْنَّاس ، وَيَتَسَلَّطُون عَلِيْهِم ، وَيُرْعِبُونَهُم ، وَلَا يَخْجَلُون !!!
    ======
    وَقَد عَد الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم : حُسْن الْخُلُق مِن كَمَال الْإِيْمَان، فَقَال عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام:{ أُكْمِل الْمُؤْمِنِيْن إِيْمَانَا أَحْسَنُهُم خُلُقَا } [رَوَاه أَحْمَد وَأَبُوْدَاوُد].
    ========
    وَإِذَا بَحْثْت عَن الْتُّقَي وَجَدْتَه /// رَجُلا يُصَدِّق قَوْلَه بِفَعَال
    وَإِذَا اتَّقَى الْلَّه امْرُؤ وَأَطَاعَه /// فَيَدَاه بَيْن مَكَارِم وَمَعَال
    وَعَلَى الْتَّقِي إِذَا تَرَسَّخ فِي الْتُّقَى/// تَاجَان: تَاج سَكِيْنَة وَجَلَال
    وَإِذَا تَنَاسَبَت الْرِجَال فَمَا أَرَى //// نَسَبا يَكُوْن كَصَالِح الْأَعْمَال
    ======
    بِقَلَم الْبَاحِث : مُحَمَّد عُبَيْد الْلَّه
    الْمَحَاضِر سَابِقا بِكُلِّيَّة الْلُّغَات- جَامِعَة وِلْيَم بَاتَرْسن
    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة الباحث محمد عبيدالله; الساعة 20-04-2010, 13:22. سبب آخر: تعديل العنوان
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    الباحث محمد عبيد الله
    قصة جميلة ومؤثرة وفيها حكمة ودرس
    صدقني كنت أقرا وأنا أتخيل الكلب وضخامته وصمته لكني خمنت أنه لاينبح لأنه مدرب جيدا لأني كنت أقتني كلب (( وولف دوج )) في بيتي وكان قليل النباح إلا في حالة وجود خلل كبير وكان يصعد معي بسيارتي ويخرج رأسه من النافذة ينظر للمارين دون أن ينبح وحين أنزل لشراء حاجة ما أجده في مكانه يجلس وكأنه يعرف ما عليه!
    الأغرب من هذا أنه كان يربض للضفادع وحين يحس بوجود إحداها ينقض عليها ويقتلها وأنا أكره الضفادع جدا هاهاهاها
    ومرة وجدته يضرب قنفذا على صدره والقنفذ مكور نفسه وأنه كرة ولم يتركه بالرغم من أنه تألم من أشواك القنفذ حتى لاحت له الفرصة فشق صدره بضربة قوية وتركه!!أي والله
    كنت أراقبه وأولادي معي فاغرين أفواههم الصغيرة متعجبين
    أطلت عليك بردي أعتذر
    تحياتي ومودتي لك
    وهلا وغلا بك بيننا
    نص جمي
    ل
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • الباحث محمد عبيدالله
      عضو الملتقى
      • 22-03-2010
      • 121

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
      الزميل القدير
      الباحث محمد عبيد الله
      قصة جميلة ومؤثرة وفيها حكمة ودرس
      صدقني كنت أقرا وأنا أتخيل الكلب وضخامته وصمته لكني خمنت أنه لاينبح لأنه مدرب جيدا لأني كنت أقتني كلب (( وولف دوج )) في بيتي وكان قليل النباح إلا في حالة وجود خلل كبير وكان يصعد معي بسيارتي ويخرج رأسه من النافذة ينظر للمارين دون أن ينبح وحين أنزل لشراء حاجة ما أجده في مكانه يجلس وكأنه يعرف ما عليه!
      الأغرب من هذا أنه كان يربض للضفادع وحين يحس بوجود إحداها ينقض عليها ويقتلها وأنا أكره الضفادع جدا هاهاهاها
      ومرة وجدته يضرب قنفذا على صدره والقنفذ مكور نفسه وأنه كرة ولم يتركه بالرغم من أنه تألم من أشواك القنفذ حتى لاحت له الفرصة فشق صدره بضربة قوية وتركه!!أي والله
      كنت أراقبه وأولادي معي فاغرين أفواههم الصغيرة متعجبين
      أطلت عليك بردي أعتذر
      تحياتي ومودتي لك
      وهلا وغلا بك بيننا
      نص جميل
      هذا كلب صيد ماهر الذي تقتنينهُ في بيتكِ فيا له من سعيد , وقد اسميتهُ بَخيّتْ , فقد دخل التاريخ
      تحياتي الى الاخت الكريمه
      " عائده "
      وهذه تفصل بينها وبين قريتنا قرية
      اخوكم
      ابوهاشم

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة الباحث محمد عبيدالله مشاهدة المشاركة
        هذا كلب صيد ماهر الذي تقتنينهُ في بيتكِ فيا له من سعيد , وقد اسميتهُ بَخيّتْ , فقد دخل التاريخ
        تحياتي الى الاخت الكريمه
        " عائده "
        وهذه تفصل بينها وبين قريتنا قرية
        اخوكم
        ابوهاشم

        الزميل القدير
        الباحث محمد عبيد الله
        لا زميلي لم يكن كلب صيد هو كلب حراسة مدرب تم بيعه لأنه فشل في امتحان الشم في كلية الشرطة فاشتريته لكنه كان ذكيا جدا فعرف أني أكره الضفاع أما القنفذ فأتصور بأنه ربما رآه مؤذيا أو شيئا من هذا القبيل وكان اسمه (( تايغر )) وكم كنت أحبه لأنه صيق وفي للإنسان فعلا
        أشكرك على التحيات سيدي الكريم
        لك تحيات مثلها وأكثر
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • الباحث محمد عبيدالله
          عضو الملتقى
          • 22-03-2010
          • 121

          #5
          [align=center] تقولين : تم استبعاد الكلب من الخدمة لأن انفهُ فشل في امتحان " الشم " وفي بلادنا العقول معطلة من المحيط الى الخليج , ويتفاخر القوم بغزارة الانتاج القومي من الذكور والاناث , فنحنُ نتعامل مع الانسان كوحدة واحده من غطاء رأسهِ الى اسفل نعلهِ , واهم ما في ذلك المخلوق كرشهُ !!! وفي الغرب يستغلون كل عضو في الانسان ويحقنوه بالعلم والمعرفة والمهارات اللازمة للميدان !!!

          فتحتي عليَّ باب الهم يا اخت عايده , شكرا لك على هذا البصمة العلمية ولعل قومي يفقهون
          .

          [/align]

          تعليق

          يعمل...
          X