الدهشة الفلسفية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عزيز نجمي
    أديب وكاتب
    • 22-02-2010
    • 383

    الدهشة الفلسفية

    تعني الدهشةetonnementمفاجأة يسببها شيء خارق،غيرعادي،وغير منتظر،أمام العقل الإنساني.لأن الإنسان،وهو يملك قدرة التفكير،لا يكتفي بأن يعيش،في هذا العالم فقط،بل إنه يستخدم عقله،فيما تزخربه ذاته من أسرار،وأيضا،في كل ما يحيط به،سواء أشياء وأحياء العالم الخارجي،أو علاقاته بالآخرين،بما فيها علاقات وعيه بوعيهم.
    حينما يستعمل الإنسان،أسمى ما يتميز به عن الحيوان،يشعر باضطراب،وقلق معرفي،إزاء ما يظهرله من أسرار،وما هو غير واضح بالنسبة إليه.ومن هذا المنطلق،تدفع الدهشة أمام العالم وظواهره،الإنسان إلى الشروع في التفكير،أي التفلسف،في نفس السياق،قال الفيلسوف اليوناني القديم،أرسطو:إن الدهشة هي التي دفعت الناس إلى التفلسف.وقبله،صرح سقراط،في محاورة تيستاوس:ليس للفلسفة مصدرآخر غير الدهشة.
    الدهشة باليونانية،تسمى:تومازاين،وهذا اللفظ،هو الذي جعل الفلاسفة اليونانيين،عند النقطة التي انبثقت وتولدت عنها الفلسفة،لأنها تدل على التغيير الجذري،والإنتقال الأساسي،الذي عرفه تاريخ البشرية،والمتمثل في الإنتقال من الميتوس إلى اللوغوس،أي من التفكير الأسطوري،الذي يعتمد السرد والحكي،في تفسيره للظواهر،إلى التفكير الفلسفي،بما فيه من تحليل ومنطق وحجاج...
    في الأسطورة،تعني تومازاين،العجيب،وما يثيره من رعب،علامة على حضور الخوارق فيه،أما عند الفلاسفة اليونانيين،فإن غرابة ظاهرة من الظواهر،بدل أن تبعث على الإحساس،بقوى خارقة،كالأرواح الشريرة مثلا،لتفسير بعض الأمراض،أصبحت تطرح أمام الذهن الإنساني،في صيغة إشكال،فلم تعد الغرابة مصدرا للتعجب،وإنما أصبحت محركة للذهن،ودافعة إياه، إلى الإستفهام.
    إن انطلاق التفكير،بسبب اندهاش الإنسان،أمام أسرار الحياة،والوجود،لا يتوقف عند الإندهاش فقط،بل يشكل ذلك حافزا له،للمضي في الطريق،ويكشف حقيقة ما أدهشه.وبالطبع فهذه الدهشة،تزول مباشرة،بمجرد معرفة،أسباب تلك الظاهرة،وعللها،أي بمجرد ما تتحول من المجهول،إلى المعلوم،ولهذا يقال:إن عرف السبب بطل العجب.
    هكذا يمكن أن نستنتج،ونذهب إلى القول،مع الفيلسوف،الألماني شوبنهاور،في كتابه:العالم كإرادة وكتمثل:..كلما انحدرت مرتبة الإنسان من حيث العقل،كلما قلت غرابة الوجود بالنسبة إليه،فكل شيء يبدو له حينئذ حاملا في ذاته كيفية حدوثه وسببه...أما الدهشة الفلسفية فهي على العكس من ذلك...تفترض في الفرد درجة أعلى من العقل،رغم أن ذلك ليس هو شرط الدهشة الوحيد.
    Schopenhuer'le monde comme volonté et comme représentation'PUF'1956'tom2'pp294et s
    [fieldset=ما هو ملائم]نلتقي لنرتقي[/fieldset]
  • العربي الثابت
    أديب وكاتب
    • 19-09-2009
    • 815

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة عزيز نجمي مشاهدة المشاركة
    تعني الدهشةetonnementمفاجأة يسببها شيء خارق،غيرعادي،وغير منتظر،أمام العقل الإنساني.لأن الإنسان،وهو يملك قدرة التفكير،لا يكتفي بأن يعيش،في هذا العالم فقط،بل إنه يستخدم عقله،فيما تزخربه ذاته من أسرار،وأيضا،في كل ما يحيط به،سواء أشياء وأحياء العالم الخارجي،أو علاقاته بالآخرين،بما فيها علاقات وعيه بوعيهم.
    حينما يستعمل الإنسان،أسمى ما يتميز به عن الحيوان،يشعر باضطراب،وقلق معرفي،إزاء ما يظهرله من أسرار،وما هو غير واضح بالنسبة إليه.ومن هذا المنطلق،تدفع الدهشة أمام العالم وظواهره،الإنسان إلى الشروع في التفكير،أي التفلسف،في نفس السياق،قال الفيلسوف اليوناني القديم،أرسطو:إن الدهشة هي التي دفعت الناس إلى التفلسف.وقبله،صرح سقراط،في محاورة تيستاوس:ليس للفلسفة مصدرآخر غير الدهشة.
    الدهشة باليونانية،تسمى:تومازاين،وهذا اللفظ،هو الذي جعل الفلاسفة اليونانيين،عند النقطة التي انبثقت وتولدت عنها الفلسفة،لأنها تدل على التغيير الجذري،والإنتقال الأساسي،الذي عرفه تاريخ البشرية،والمتمثل في الإنتقال من الميتوس إلى اللوغوس،أي من التفكير الأسطوري،الذي يعتمد السرد والحكي،في تفسيره للظواهر،إلى التفكير الفلسفي،بما فيه من تحليل ومنطق وحجاج...
    في الأسطورة،تعني تومازاين،العجيب،وما يثيره من رعب،علامة على حضور الخوارق فيه،أما عند الفلاسفة اليونانيين،فإن غرابة ظاهرة من الظواهر،بدل أن تبعث على الإحساس،بقوى خارقة،كالأرواح الشريرة مثلا،لتفسير بعض الأمراض،أصبحت تطرح أمام الذهن الإنساني،في صيغة إشكال،فلم تعد الغرابة مصدرا للتعجب،وإنما أصبحت محركة للذهن،ودافعة إياه، إلى الإستفهام.
    إن انطلاق التفكير،بسبب اندهاش الإنسان،أمام أسرار الحياة،والوجود،لا يتوقف عند الإندهاش فقط،بل يشكل ذلك حافزا له،للمضي في الطريق،ويكشف حقيقة ما أدهشه.وبالطبع فهذه الدهشة،تزول مباشرة،بمجرد معرفة،أسباب تلك الظاهرة،وعللها،أي بمجرد ما تتحول من المجهول،إلى المعلوم،ولهذا يقال:إن عرف السبب بطل العجب.
    هكذا يمكن أن نستنتج،ونذهب إلى القول،مع الفيلسوف،الألماني شوبنهاور،في كتابه:العالم كإرادة وكتمثل:..كلما انحدرت مرتبة الإنسان من حيث العقل،كلما قلت غرابة الوجود بالنسبة إليه،فكل شيء يبدو له حينئذ حاملا في ذاته كيفية حدوثه وسببه...أما الدهشة الفلسفية فهي على العكس من ذلك...تفترض في الفرد درجة أعلى من العقل،رغم أن ذلك ليس هو شرط الدهشة الوحيد.
    Schopenhuer'le monde comme volonté et comme représentation'puf'1956'tom2'pp294et s
    قرأت واستمتعت واستفدت ...
    قربتنا مع مفاهيم فلسفية كانت تبدو لي غامضة ،مستخدما البساطة في القفز على مناطق غامضة في التعريف بالدهشة الفلسفية التي تستفز العقل ليرتقي نحو مدارك فلسفية عميقة.
    لك كل الحب والتقدير أستاذي الجليل عزيز نجمي
    اذا كان العبور الزاميا ....
    فمن الاجمل ان تعبر باسما....

    تعليق

    • مصطفى شرقاوي
      أديب وكاتب
      • 09-05-2009
      • 2499

      #3
      العزيز : عزيز

      الدهشة هي التي تدفع الذهن إلى المحاورة فتسأل نفسك وتجيب كأنك نظرت إلى عقلك بعقلك فاندهش العقل كيف تراني ؟

      تعليق

      • عزيز نجمي
        أديب وكاتب
        • 22-02-2010
        • 383

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى شرقاوي مشاهدة المشاركة
        العزيز : عزيز

        الدهشة هي التي تدفع الذهن إلى المحاورة فتسأل نفسك وتجيب كأنك نظرت إلى عقلك بعقلك فاندهش العقل كيف تراني ؟
        الأستاذ الكريم مصطفى الشرقاوي
        أراك حاملا لمشعل النور والهداية،
        نور العلم و الإيمان
        وما هذه إلا البداية.
        تحياتي
        [fieldset=ما هو ملائم]نلتقي لنرتقي[/fieldset]

        تعليق

        • عزيز نجمي
          أديب وكاتب
          • 22-02-2010
          • 383

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة العربي الثابت مشاهدة المشاركة
          قرأت واستمتعت واستفدت ...

          قربتنا مع مفاهيم فلسفية كانت تبدو لي غامضة ،مستخدما البساطة في القفز على مناطق غامضة في التعريف بالدهشة الفلسفية التي تستفز العقل ليرتقي نحو مدارك فلسفية عميقة.
          لك كل الحب والتقدير أستاذي الجليل عزيز نجمي
          الأديب المتميز العربي الثابت
          شرفتني بإطلالتك البهية
          وبتشجيعك الأخوي النبيل
          تحياتي
          [fieldset=ما هو ملائم]نلتقي لنرتقي[/fieldset]

          تعليق

          • عزيز نجمي
            أديب وكاتب
            • 22-02-2010
            • 383

            #6
            [align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]
            وتبقى الدهشة تلك العاطفة أو ذلك الإنفعال الذي يميز الفيلسوف الأصيل،إذ ليس للفلسفة من أصل سواه.وتبعا لذلك يصبح الإنتماء إلى محبة الحكمة هو بالأساس انتماء لمعاناة الدهشة التي تؤرق الفيلسوف وتجعله يعاني من جراء الإضطراب وقلق الوجود.وهذا هو حال الحكماء الأوائل أمثال طاليس وأنكسمندر وهيرقليط.حينما انشغلوا بالبحث عن أصل الوجود،أي ذلك الذي تصدر عنه الأشياء وتنبع منه،ويسيطر على كل ما يصدر ويتفرع عنه..إنه الوقوع في عشق الوجود الآسر،حيث توقظ نار حميمية بين المتناهي واللامتناهي.وتلك هي الإقامة المؤقتة في دهشة الوجود،التي يتم تتويجها بروعة السؤال الأنطولوجي عن ماهية الوجود،وكيف يتحدد الموجود في ضوء الوجود؟.
            [/align]
            [/cell][/table1][/align]
            [fieldset=ما هو ملائم]نلتقي لنرتقي[/fieldset]

            تعليق

            يعمل...
            X